ما أشبه الليلة بالبارحة للشيخ رضا بوشامة حفظه الله - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم النوازل و المناسبات الاسلامية .. > قسم التحذير من التطرف و الخروج عن منهج أهل السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

ما أشبه الليلة بالبارحة للشيخ رضا بوشامة حفظه الله

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2016-08-08, 11:45   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
أبو أنس ياسين
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي ما أشبه الليلة بالبارحة للشيخ رضا بوشامة حفظه الله

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين, وبعد:

فإن الله تعالى بحكمته وقدره شاء أن يرسل الرسل كما جعل لهم أنصارا شاءت حكمته أن يجعل لهم أعداء , يصدون الناس عن دعوتهم, وقد ذكر ذلك الله لنبيه تسلية له لما كذبه قومه وخالفوه , فقال تعالى : (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون) , وقال تعالى : (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا) , وقال تعالى: (فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك), وقال تعالى: ( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون أتواصوا به بل هم قوم طاغون) , بل أخبره تعالى أنه سيقال لك ما قد قيل للرسل من قبلك من التكذيب والافتراء والاستهزاء , فلا يزيدك ذلك إلا صبرا وعزما على تبليغ الرسالة وأداء الأمانة , فقال عز من قائل: (ما يقال لك إلا ما قد قيل للرسل من قبلك إن ربك لذو مغفرة وذو عقاب أليم) , وقال تعالى: (ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا) , وهذه الآيات الكريمات هي نبراس للمؤمن وبيان للطريق السوي الذي ينبغي أن يسلكه في هذه الحياة, مقتديا بسيد الخلق صلى الله عليه وسلم في حمل الأمانة والصبر على ما سيلاقيه من تكذيب الناس له والافتراء على دعوته والنيل من شخصه, فليس بأول من كذب, فهي تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم, وتسلية لمن يأتي من بعده ممن ينتهج نهجه ويقتدي به في دعوته.

وقد أوذي صلى الله عليه وسلم وما يؤذى أحد, وقابله قومه بالتكذيب والاستهزاء والتنقيص وتأليب الناس عليه, والتحذير منه, فوصفوه بأشنع الأوصاف, فقالوا: إنه كاهن, وقالوا: مجنون, وقالوا: ساحر, وكانوا من أعلم الناس به وبصدقه وأمانته, إلا أن الحسد والكبر حملهم على الكذب والبهتان, قال تعالى: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا . استكبارا في الأرض ومكر السيء ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله).

وروى البيهقي بسنده عن المغيرة بن شعبة قال: «إن أول يوم عرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أمشي أنا وأبو جهل بن هشام في بعض أزقة مكة إذ لقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي جهل : يا أبا الحكم هلم إلى الله وإلى رسوله أدعوك إلى الله . فقال أبو جهل: يا محمد هل أنت منته عن سب آلهتنا? هل تريد إلا أن نشهد أنك قد بلغت? فنحن نشهد أن قد بلغت, فوالله لو أني أعلم أن ما تقول حق لاتبعتك . فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل علي فقال : والله إني لأعلم أن ما يقول حق, ولكن يمنعني شيء; إن بني قصي قالوا: فينا الحجابة; فقلنا: نعم, ثم قالوا: فينا السقاية; فقلنا: نعم, ثم قالوا: فينا الندوة ; فقلنا: نعم, ثم قالوا: فينا اللواء; فقلنا: نعم, ثم أطعموا وأطعمنا حتى إذا تحاكت الركب قالوا: منا نبي; والله لا أفعل »[صحيح السيرة النبوية للألباني ص 82].

فداء الحسد والكبر أدّى بالمشركين إلى تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم والكلام فيه ووصفه بشتى الأوصاف الدنيئة.

وأتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ورثوا عنه دعوة الناس إلى الإيمان بالله والتمسك بدينه, فنالهم من الأذى وتكذيب الناس لهم ورميهم بالشنائع, بدءا بصحابته الكرام وانتهاء بأئمة الدعوة من المجددين أهل العلم والفضل والدعوة والخطباء وغيرهم ممن له يد في تبليغ هذا الدين الحنيف.

فكما أنهم ورثوا عن الرسول الجهر بالحق ونفع الناس والدعوة إلى الله, ورث رذالة من مخالفيهم عن المشركين الافتراء والتكذيب والاستهزاء بأهل الحق ودعوة الحق, وهذا كله مصداق لما جاء في كتاب الله من أن دعوة الحق لا بد لها من أعداء يكذبون بها, ويصدون الناس عنها بشتى الوسائل والطرق; ولا شك أن ذلك من امتحانه لأوليائه; وهو أدق ميزان يوزن به هؤلاء الورثة ليتبين الأصيل من الدخيل.

يقول الشيخ محمد البشير الإبراهيمي رحمه الله: «لسنا نجهل هذا من سنن الله, فلم نشك لحظة منذ وضعنا قدمنا في طريق الإصلاح الديني ورفعنا الصوت بالدعوة إليه في أن الله سيديل للحق من الباطل, وأنه يبتلي أولياءه بالأذى والمحنة ليمحصهم ويكمل إعدادهم للعظائم, ولم نزل على يقين تتجدد شواهده أن في المصائب التي تصيبنا في سبيل الإصلاح شحذا لهممنا وإرهافا لعزائمنا وتثبيتا لأقدامنا, وإلفاتا للغافلين عنا إلى موقعنا من الأمة وموقفنا من أعدائها, وقد ألفنا هذه المكائد التي تنصب لنا حتى ما نبالي بها, وأصبح حظنا من (الكشف) أن نعلم من أوائلها أواخرها, ومن مقدماتها نتائجها, وإننا لنبتهج بالمصيبة تصيبنا في سبيل الإصلاح أضعاف ما يبتهج غيرنا بالطيبات والمسار, ونعد كبيرها مهما أعضل وآذى صغيرا هينا, وخفيها مهما أفظع وبغت ظاهرا جليا, ونأسى لإغبابها عنا كما يأس الممحل للجدب, ونرتقب إلمامها بساحتنا كما يرتقب غيرنا النعم والخيرات, لعلمنا أن المعاني التي تتركها في نفوسنا هي المعاني التي نصبو إليها, وأن تمرسنا بها باب من أبواب الرجولة وسبيل من سبله »اه.

وهكذا كان سلف الأمة رضوان الله عليهم يبتهجون بالمصيبة تصيبهم في سبيل الإصلاح, لعلمهم عين اليقين أن الله ناصر جنده, ومعل كلمته.

وقد اتخذ أعداء الدعوة الصحيحة شتى السبل في سبيل صد الناس عنها وإضعافها, بتشويه ما تدعو إليه تارة, والافتراء على دعاتها تارة ورميهم بشتى أنواع السب والبهتان, ونبزهم بمختلف الألقاب, فتارة يسمونهم بالحشوية, وتارة بالوهابية; وما ذاك إلا لتنفير الناس عنهم, بل يفترون عليهم ما هم برآء منه براءة الذئب من دم يوسف, كقولهم إن الداعي الفلاني يحرم الطيبات, أو يدعي النبوة, كبرت كلمة تخرج من أفواههم, وهم يعلمون أنهم من دعاة الحق, يريدون الخير لأمتهم, لكن داء الحسد والكبر والجهل دفعهم للكذب والبهتان والقول على الله بغير علم.

قال الإمام أبو حاتم الرازي رحمه الله: «علامة أهل البدع الوقيعة في أهل الأثر, وعلامة الزنادقة تسميتهم أهل السنة حشوية, يريدون إبطال الآثار». [شرح أصول الاعتقاد للالكائي 1/179].

ويقول الشيخ أبو عثمان إسماعيل الصابوني الشافعي رحمه الله: «علامات أهل البدع على أهلها بادية ظاهرة, وأظهر آياتهم وعلاماتهم: شدة معاداتهم لحملة أخبار النبي صلى الله عليه وسلم, واحتقارهم لهم, وتسميتهم إياهم حشوية, وجهلة, وظاهرية, ومشبهة, اعتقادا منهم في أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها بمعزل عن العلم, وأن العلم ما يلقيه الشيطان إليهم من نتائج عقولهم الفاسدة, ووساوس صدورهم المظلمة ... »[عقيدة السلف أصحاب الحديث].

ورحم الله الشيخ الإبراهيمي إذ يقول: «إلا أنهم يقولون عنا بغير فهم: إنهم وهابيون وكذا وكذا, ولسنا نستغرب صدور ذلك عنهم, فإن من لا يستحيي أن يقول على الله بغير علم لا يعز عليه أن يقول على المخلوق بغير فهم». [آثار البشير الإبراهيمي (1/121)].

وقال أيضا: «ويقولون عنا إننا وهابيون, كلمة كثر تردادها في هذه الأيام الأخيرة حتى أنست ما قبلها من كلمات: عبداويين وإباضيين وخوارج, فنحن بحمد الله ثابتون في مكان واحد وهو مستقر الحق, ولكن القوم يصبغوننا في كل يوم بصبغة ويسموننا في كل لحظة بسمة , وهم يتخذون من هذه الأسماء المختلفة أدوات لتنفير العامة منا وإبعادها عنا, وأسلحة يقاتلوننا بها, وكلما كلت أداة جاؤوا بأداة, ومن طبيعة هذه الأسلحة الكلال وعدم الغناء, وقد كان آخر طراز من هذه الأسلحة المفلولة التي عرضوها في هذه الأيام كلمة (وهابي) ولعلهم حشدوا لها ما لم يحشدوا لغيرها, وحفلوا بها ما لم يحفلوا بسواها, ولعلهم كافأوا مبتدعها بلقب (مبدع كبير).

إن العامة لا تعرف من مدلول كلمة (وهابي) إلا ما يعرفها به هؤلاء الكاذبون, وما يعرف منها هؤلاء إلا الاسم, وأشهر خاصة لهذا الاسم وهي أنه يذيب البدع كما تذيب النار الحديد, وإن العاقل لا يدري مما يعجب: أمن تنفيرهم باسم لا يعرف حقيقته المخاطب منهم ولا المخاطب, أم من تعمدهم تكفير المسلم الذي لا يعرفونه نكاية في المسلم الذي يعرفونه , فقد وجهت أسئلة من العامة إلى هؤلاء المفترين من علماء (السنة) عن معنى الوهابي, فقالوا: هو الكافر بالله وبرسوله, )كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا(.

أما نحن فلا يعسر علينا فهم هذه العقدة من أصحابنا بعد أن فهمنا جميع عقدهم, وإذ قد عرفنا مبلغ فهمهم للأشياء وعلمهم بالأشياء, فإننا لا نرد ما يصدر منهم إلى ما يعلمون منه, ولكننا نرده إلى ما يقصدون به وما يقصدون بهذه الكلمات إلا تنفير الناس من دعاة الحق, ولا دافع لهم إلى الحشد في هذا إلا أنهم موتورون لهذه الوهابية التي هدمت أنصابهم ومحت بدعهم فيما وقع تحت سلطانها من أرض الله, وقد ضج مبتدعة الحجاز فضج هؤلاء لضجيجهم, والبدعة رحم ماسة, فليس ما نسمعه هنا من ترديد كلمة وهابي تقذف في وجه كل داع إلى الحق إلا نواحا مرددا على البدع التي ذهبت صرعى هذه الوهابية, وتحرقا على هذه الوهابية التي جرفت البدع, فما أبغض الوهابية إلى نفوس أصحابنا, وما أثقل هذا الاسم على أسماعهم, ولكن ما أخفه على ألسنتهم حين يتوسلون به إلى التنفير من المصلحين , وما أقسى هذه الوهابية التي فجعت المبتدعة في بدعهم وهي أعز عزيز لديهم, ولم ترحم النفوس الولهانة بحبها ولم ترث للعبرات المراقة من أجلها.

وإذا لم يفهم أصحابنا من معنى الوهابية إلا أنه محو البدع, فقد استقام لهم هذا المنطق الغريب على هذا النحو الغريب, وهو أنه ما دامت الوهابية هي محو البدع, وما دامت وصفا لا رجلا, وما دام كل وصف ككل كسوة عسكرية كل من يلبسها فهو عسكري يعرف بها ولا تعرف به, وما دام المصلحون ينكرون البدع فهم وهابيون, وإن لم يؤمنوا للحجاج سبيلا, ولم يأتوا بابن سعود وقومه قبيلا اه من كتاب ابن قشوط. ........

إلى أن قال: يا قوم! إن الحق فوق الأشخاص, وإن السنة لا تسمى باسم من أحياها, وإن الوهابيين قوم مسلمون يشاركونكم في الانتساب إلى الإسلام, ويفوقونكم في إقامة شعائره وحدوده, ويفوقون جميع المسلمين في هذا العصر بواحدة, وهي أنهم لا يقرون البدعة, وما ذنبهم إذا أنكروا ما أنكره كتاب الله وسنة رسوله, وتيسر لهم من وسائل الاستطاعة ما قدروا به على تغيير المنكر?

أإذا وافقنا طائفة من المسلمين في شيء معلوم من الدين بالضرورة وفي تغيير المنكرات الفاشية عندنا وعندهم والمنكر لا يختلف حكمه بحكم الأوطان تنسبوننا إليهم تحقيرا لنا ولهم, وازدراء بنا وبهم, وإن فرقت بيننا وبينهم الاعتبارات, فنحن مالكيون برغم أنوفكم, وهم حنبليون برغم أنوفكم , ونحن في الجزائر وهم في الجزيرة, ونحن نعمل في طريق الإصلاح الأقلام وهم يعملون فيها الأقدام, وهم يعملون في الأضرحة المعاول, ونحن نعمل في بانيها المقاول.

وما رأيكم في أوروباوي لم يفارق أورباه إلا مرة واحدة طار فيها بطيارة فوقعت به في الهند, فرأى هنديا يصلي, ثم طار بها أو طارت به فوقعت به في مراكش فرأى مراكشيا يصلي, فقال له: أنت هندي لأنك تصلي, ألا تعدون هذا القياس منه سخيفا ? إلا لا تعدوه كذلك فقد جئتم بأسخف منه في نسبتنا إلى الوهابية.

إننا نجتمع مع الوهابيين في الطريق الجامعة من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وننكر عليهم غلوهم في الحق (1), كما أنكرنا عليكم غلوكم في الباطل, فقعوا أو طيروا, فما ذلك بضائرنا, وما هو بنافعكم
»اه [آثار البشير (1 / 123 125)].

«ولو كان لهؤلاء عقول لعلموا أن التلقيب بهذه الألقاب ليس لهم وإنما هو لمن جاء بهذه النصوص وتكلم بها ودعا الأمة إلى الإيمان بها ومعرفتها ونهاهم عن تحريفها وتبديلها فدعوا التشنيع بما تعلمون أنتم وكل عاقل منصف أنه كذب ظاهر وإفك مفترى» من كلام ابن القيم رحمه الله .

بل إن الكثير ممن يشنع على الدعوة السلفية السليمة والقائمين عليها تجدهم ممن ليس لهم في العلم إلا التدليس والتلبيس على الجهلة والعوام, ويدّعون الفقه في الدين, وهم أبعد الناس عن الفقه والأخلاق.

فنصيحتنا لمثل هؤلاء ولمن وقع في مثل هذه الافتراءات من الكتاب والإعلاميين والجرائد ومن صدقها ونفقها, ولكل من كان حربا على الإصلاح والمصلحين, أن يرجع إلى الله ويتوب إليه, ويدع عنه الكذب والبهتان, وليعلم أن الأمر كله لله, وسيقف كل منا بين يدي ربه, ويحاسب على ما نطق به لسانه, وخطته يداه, ولا ينفع يومئذ نفسا إلا ما قدمت من خير وصلاح, لا ما اجترحت من كذب وبهتان وخداع.

ونذكرهم بما قال الشيخ محمد البشير الإبراهيمي عليه رحمة الله مخاطبا المتحاملين على الجمعية: «إذا كنتم ترمون الأشخاص لذواتهم كما يظهر من كلامكم لأنهم مصلحون وليسوا بصلحاء كما يبدو لأفهامكم, فطالما ظهرتم بمظهر الناصح بما لم ينتصح فيه, والواعظ بما لم يتعظ به, والمعلم لما هو أجهل الجاهلين له والكاذب على الله ورسوله وصالح المؤمنين, فلم يبق لكم محمل تحملون عليه في هذه إلا الغش لأمة محمد, والغش لها مدرجة الخروج منها وأخسر بها صفقة, ثم أية نتيجة تظفر بها أيديكم من وراء رمينا بالتهم والشناعات؟ إن كنتم تريدون بذلك تنقيص حظنا من الاعتبار الدنيوي والجاه الكاذب, فقد بعنا حظنا منه بخردلة إلا ما كان في حق الله حتى يقضى, أو في نصر دينه حتى يرضى, وإن كنتم ترمون الفكرة فكرة الإصلاح, فقد طاش سهمكم, فإن فكرة الإصلاح حق, ومغالب الحق مغلوب ومحاربه محروب, نعم الإصلاح حق, وما وراء الإصلاح إلا الإفساد وأنتم أهله, وهل بعد الحق إلا الضلال وأنتم خيله الموجفة ورجله, ولكن الحق لا يغلب, وإن كنتم ترمون المصلحين ليموت الإصلاح بموتهم فهذا محل الضعف من إدراككم, فإن الإصلاح لا يموت بموت المصلحين الذين تعرفونهم, وإن الإصلاح أمانة إلهية تنتقل من صدر إلى صدر, ولا تدخل مع الميت إلى القبر, فلم يبق لكم محمل تحملون عليه في هذه إلا محادة الحق, وقد حقت عليكم الكلمة, ويوشك أن يأخذكم الله بعدله ... »اه. [الآثار (1/128)].

ونُذكّر المصلحين بأن طريق الإصلاح محفوف بالمكاره, ودواؤه الصبر واليقين بأن ما عند الله خير وأبقى, يقول العلامة الإبراهيمي: «وأما تشعُّبُ السبل فقد أعددنا له من أول يوم دليلا لا يضل وهو الحق, وجانبا لا يزل وهو الصبر, وسيفا لا يكل وهو الحجة, ونصيرا لا يذل وهو العقل, وميزانا لا يختل وهو الرأي, فلا تتشعب علينا السبل إلا رميناها بهذه الأدوات مجموعة فتنزوي وتتجمع كقضبان الحديد في محطة القطار, مآلها بحكم الهندسة إلى خطين متزاويين ». [الآثار (2/142)].

وليعلم كل منا أن الله ناصر عباده الصالحين, ومعل كلمته, وفاضح أعداء دينه ولو بعد حين, ولنا في سلفنا أسوة, فهذا الإمام المحدث بقي بن مخلد رحمه الله لما رجع من المشرق بموروث النبوة, أنكر ذلك عليه المقلدة وأصحاب الرأي نصره الله بصدقه ويقينه في الحق, قال أبو بكر الحميدي رحمه الله: «لما دخل أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد بكتاب مصنف أبي بكر بن أبي شيبة, وقرئ عليه أنكر جماعة من أهل الرأي ما فيه من الخلاف واستشنعوه, وبسطوا العامة عليه, ومنعوه من قراءته إلى أن اتصل ذلك بالأمير محمد (أي ابن عبد الرحمن) فاستحضره وإياهم, واستحضر الكتاب كله, وجعل يتصفحه جزءا جزءا, إلى أن أتى على آخره, وقد ظنوا أنه يوافقهم في الإنكار عليه, ثم قال لخازن الكتب: هذا كتاب لا تستغني خزانتنا عنه, فانظر في نسخه لنا , ثم قال لبقي بن مخلد: انشر علمك, وارو ما عندك من الحديث, واجلس للناس حتى ينتفعوا بك, أو كما قال, ونهاهم أن يتعرضوا له »[جذوة المقتبس (ص: 12)].

فاللهم انصر دينك وأعل كلمتك واهد ضال المسلمين لما تحبه وترضاه, واقصم دعاة الباطل والبدع, واخذلهم واكسر شوكتهم, إنك على شيء قدير, وبالإجابة جدير, والحمد لله رب العالمين.

(1) يقول الأستاذ الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل حفظه الله: «ومع ذلك فيجب أن نعترف أنه من الطبيعي أن تحدث من بعض المنتسبين للدعوة بعض الأخطاء والتجاوزات والزلات كما ذكرت أكثر من مرة التي لا تسلم منها أعمال البشر, وليس معصوم إلا النبي صلى الله عليه وسلم, والكمال لله وحده سبحانه, لكن هذه الأخطاء ليست هي المنهج الذي تسير عليه الدعوة; لأنها تنطلق في الإسلام نفسه, وتسير على السنة, والإسلام والسنة هما دين الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
ومعلوم أن كل أمة وكل مبدأ وكل نظام إنما يكون الحكم له أو عليه من خلال أصوله وقواعده ومناهجه ونظمه وجملة الواقع الذي يعيشه أتباعه, لا بما ند عن ذلك من أقوال أو أفعال أو أحكام تخرج عن الأصل ». [إسلامية لا وهابية ص 165].

كتبه الشيخ د. رضا بوشامة حفظه الله
نقلا من موقع راية الإصلاح








 


رد مع اقتباس
قديم 2016-08-09, 11:43   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
إيزابيل
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية إيزابيل
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2016-10-30, 16:16   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أبو أنس ياسين
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

وفيكم بارك الله









رد مع اقتباس
قديم 2018-11-19, 23:28   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
badr.hk
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

صح مولودكم










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الدفاع عن السنة،


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc