تصوف الامير عبدالقادر الجزائري - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجزائر > قسم الأمير عبد القادر الجزائري

قسم الأمير عبد القادر الجزائري منتدى خاص لرجل الدين و الدولة الأمير عبد القادر بن محيي الدين الحسني الجزائري، للتعريف به، للدفاع عنه، لكلُّ باحثٍ عن الحقيقة ومدافع ٍعنها، ولمن أراد أن يستقي من حياة الأمير ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

تصوف الامير عبدالقادر الجزائري

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2014-09-20, 15:03   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي تصوف الامير عبدالقادر الجزائري

البعد الأكبري في تصوف الأمير عبد القادر

الأستاذة/ مباركة حاجي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية
قسم الفلسفة جامعة الجزائر

يعد تصوف الأمير عبد القادر نموذجا حيا لتجربة روحية وفكرية ثرية فريدة من نوعها في العصر الحديث، ذلك أن هذا الرجل قد جمع بين السبق والفضل في تأسيس الدولة الجزائرية والتصدي للعدوان الاستدماري الغاشم بالجهاد الطويل والمرير، وبين البحث المضني عن اليقين والكمال، الذي يقربه من أهل العرفان، حيث يعد الأمير تلميذا للشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، بل ووارثا لمعارفه الكشفية وإشاراته العرفانية.
ولعل حضور بعض المصطلحات العرفانية في كتابه " المواقف كالإنسان الكامل مثلا وإجلاله الكبير لشيخه محي الدين كما يكنيه لدليل على ذلك

مقدمة:
إن الكتابة عن الأمير عبد القادر هي مغامرة تحتاج إلى الكثير من البحث والتأني في التحليل، ذلك لأنه شخصية متعددة الأبعاد فهو " رجل يختصر في كيانه أمة بكاملها،ويوجز في حياته عصرا بأكمله "1، فهو مثل الكثير من عظماء التاريخ لا يمكن أن تختزل حياته في رافد من روافد النشاط الإنساني، يمكن الإحاطة به، فهو الفارس والقائد والمجاهد ورجل الدولة السياسي الحصيف والشاعر الملتزم، والفقيه الملم بل والعارف المتصوف الذي خبر السهل والوعر في جميع ميادين التصوف السلوكي والعرفاني، مع شغف كبير بالمطالعة فتحت له المجال للإطلاع على كتب " العلم والفلسفة وأعمال أفلاطون وفيثاغورس وأرسطو،كما أشرب التصوف من خلال كتب الشيخ محي الدين بن عربي، ابن سينا وغيرهم" 2 بل واستوقفته تجربة أستاذه الشيخ الأكبر حتىعقد وارثا لتنجربته العرفانية.

1- الأمير عبد القادر تلميذ الشيخ الأكبر ووارثه:
لا شك أن الباحث في أدبيات الأمير الشعرية والصوفية العرفانية تستوقفه أقواله وثناؤه على شخص الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي حيث يصفه بالوارث المحمدي مرة بقوله:" إن الشيخ الأكبر على قدم محمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتمهم وليس بعده وارث محمدي" 3.
كما يكنيه أخرى بإمام الكاشفين حيث يقول:" قال لي إمام الكاشفين من الأولياء محي الدين الجسم الصقيل أحد الرموز التي تظهر صورة البرزخ المثال يجري العادة الإلهية ولهذا لا تتعلق الرؤية فيها بالأجسام، هذا إذا كانت المرأة على شكل مخصوص ومقدار جرم مخصوص، فإن لم تكن كذلك لم تصدق المرأة في كل ما تعطيه بل تصدق في البعض دون بعض" 4.
ويشير في مواقفه " أنه أحسن الناس فهما لـ " فصوص الحكم" إمدادا وفي الرؤى، كما تلقاها هو من النبي صلى الله عليه وسلم 5، يقول في هذا المعنى:" ولما كتبت هذا الموقف رأيت أنني أوتيت بكتاب، وقيل لي: هذا كتاب محي الدين بن العربي رضي الله عنه الذي ألفه في الروح فصفحته والحمد لله رب العالمين" 6.
كما نجده يتصدر لشرح أقوال الشيخ الأكبر كما فعل في "الموقف" رقم- 250- بل ويدافع عن صحة أقواله وبأنه لم يقل شيئا من عنده وإنما هو كما قال في "الفتوحات المكية" وما وضعت الكلمة إلا بإلقاء روحاني في قلب كياني" أو كما قال " فيجب الانقياد لكلامه والخضوع لمعارفه فإنه الوارث الكامل رضي الله عنه 7.
بل ويذهب إلى أبعد من هنا في الدفاع عنه ورد أقوال بعض المعترضين عليه من تلاميذه الروحيين كعبد الكريم الجيلي في فهم كل واحد منهم لعلم الله تعالى بالمخلوقات يقول:" وقد قال إمام العارفين قدوتنا محي الدين أن معلومات الحق تعالى أعطته العلم من نفسها"- وقد اعترض على هذا القول العارف الكبير عبد الكريم الجيلي بما نصه:" لما رأى الإمام محي الدين الحق حكم( أي الحق) للمعلومات بما اقتضته من نفسها ظن أن علم الحق مستفاد من اقتضاء المعلومات، وفاته أنها اقتضت ما علمها عليه بالعلم الأصلي الكلي النفسي، قبل خلقها وإيجادها فإنها ما تعينت في العلم الإلهي إلا بما علمها لا بما اقتضته ثم اقتضت ذواتها بعد نفسها أمورا هي عين ما علمها عليه أولا، فحكم بها ثانيا، بما اقتضته وما حكم لها إلا بما علمها عليه" ويعلن أنه لا خلاف بين الشيخين عند من يعلم، ويذكر أنه ألقى إليه في أثناء كتابته هذا "الموقف"قوله تعالى:"فما لهم لا يؤمنون، وإذا قرئ عليهم القرآن لا يسجدون" ( ) فألهم أن الوارد يشير إلى توبيخ من لا يصدق بكلام الإمام محي الدين" 8.
ولم يقتصر الأمير في إعجابه ودفاعه عن شيخه عند حدود الحديث عن مكانته بل ذهب بالاشارة إلى نفسه بـ" الحقير" والإشادة بشيخه بعبارة " سيدنا " يقول:" وهذا الذي ذكرناه في حل هذه الآيات هو من أنفاس سيدنا رضي الله عنه وإمداد لهذا الحقير بالإلقاء في الواقعة، وإن كان مرمى سيدنا رضي الله عنه جل أ، يصل إليه رام، وقد كنت رأيته، رضي الله عنه في مبشرة من المبشرات فذاكرته في مسائل من " فصوص الحكم" فقال لي: الشراح كلهم ما فهموا مراده ... فجعلت أتفكر في نفسي، ثم قال مراده بضمير الغائب؟ ثم ظهر لي في الحال أنه يريد بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءه بكتاب " نصوص الحكم" 9.
بهذا اليقين في تفسيره رؤاه الدالة على تشبعه بآراء الشيخ وتعلقه وقناعته بأنه الأقرب فهما وقدرة على شرح فصوص الحكم يقول معبرا لإحدى الرؤى:" عبرتها على أني قاربت المراد فيما كتبت" 10.
هذا ويمكن أن نجد في تحقق أمنية " الأمير" أن يدفن بجوار شيخه " محي الدين بن عربي" أكبر تقاطع بين الرجلين حيث تحقق له الجوار الأبدي لشيخه في سفح جبل قاسيون بسوريا، رغم إظهار رفاة " الأمير" سنة 1966 ليعود إلى الجزائر، ويبدو أن علاقته بشيخه هي علاقة برزخية، صوفية عرفانية.
ويمكن أن نجمل أبعاد هذا التقاطع والتقارب في ثلاث:
1- البعد التربوي: حيث نشأ الأمير في ظل زاوية تنتهج الطريقة القادرية، ثم رحلاته مع والده إلى المشرق والحجاز وهو صغير السن، وزيارته لضريح " الشيخ عبد القادر الجيلالي" ولا شك أنه قد اكتشف نصوص ابن عربي وعلى رأسها " الفصوص" في زاوية أبيه" التي تربى فيها إلى جانب مخطوطات وكتب كثيرة في التصوف الزهدي كموسوعة الإمام أبي حامد الغزالي، وهذا ما تلاحظه في كتابيه، المقراض الحاد" وتنبيه الغافل" وهي توجيهات في التصوف الزهدي.

2- الهجرة ومكابدة طريق الكشف والخلوة والمجاهدة: ورغبة الأمير في استظهار كتاب شيخه البرزخي ابن عربي " الفتوحات المكية" فكان أول من قام بنشر هذا الكتاب، حتى أن الدكتور " عثمان يحي" محقق هذا الكتاب أهدى عمله كما هو مدون في أول صفحة من كتاب " الفتوحات المكية " لـ " الأمير عبد القادر" بهذه العبارات القوية:" إلى رب السيف والقلم الأب الروحي الأول للثورة الجزائرية الخالدة الأمير عبد القادر الجزائري، تلميذ الشيخ الأكبر في القرن التاسع عشر وناشر الفتوحات المكية لأول مرة " 11.

3- اعتماد الرمز والإشارة: لقد وجد الرمز والإشارة كطريقة في التعبير عند المسلمين واعتمد في النثر والشعر تعبيرا عن مسائل وجدانية مختلفة مما يتيح للقارئ والسامع إمكانية التأويل وكذا وجد الرمز والإشارة في قصص القرآن الكريم وآياته المفتوحة على التأويل، وهذا ما أتاح للصوفية حيزا لتبرير اعتمادهم الإشارة والرمز، يقول أبو حامد الغزالي:" إن الصوفية في ترقيهم الروحي واقعون تحت حرج اللفظ الذي لا يفي بوصف ذرة من أحوالهم فهم ساترون من مشاهدة الصور والأمثال إلى درجات يضيق عنها نطق الناطق، فلا يحاول معبر أن يعبر عنها إلا إشتمل لفظه على خطأ صريخ لا يمكنه الاحتراز عنه " 12
هذا ويمكن إجمال أهم الأسباب التي دفعت الصوفية إلى انتهاج أسلوب الرمز والتعقيد في :
1- صون أسرارهم ودرر حقائقهم من أن تتفشي في غير أهلها.

2- عجز اللغة عن احتواء عظمة الحقائق التي يصل إليها العارف عن طريق الذوق من لذن ربه.
3- تقريب الفهم والمعنى فيما بينهم.
ويعد الأمير واحد من الذين اعتمدوا الإشارة والرمز في التعبير عن أفكارهم، ولعل مسألة الرمز والإشارة قد فتحت على الصوفية وحتى الفلاسفة لأهل الظاهر المجال للقدح والنيل من عقيدة هذا أو ذاك.
وحتى لا ندخل في دوائر اللغط الذي يؤدي إلى النيل من عقيدة الأمير أو شيخه ابن عربي، يمكن الإشارة سريعا إلى هذا الجدل الدائر حول رفض تصوف الأمير، والحيرة في نسبة كتابه " المواقف" وفي هذا يشير الدكتور عبد الله الركيبي رحمه الله بقوله: قلد الأمير عبد القادر شعراء التصوف الأقدمين، قلدهم في الموضوعات والأفكار والصيغ، وكان صدى لما ساد البيئة الصوفية من آراء تجنح إلى الإسراف والمبالغة والشطط في معالجة قضايا الفكر الصوفي حتى أنه يمكن القول بأن الأمير امتداد لابن عربي، في بعض آرائه وقصائده، وبالرغم من أن الأمير كان صوفيا سنيا، وكان يلح على ذلك في مناسبات كثيرة، ومن أن حياته النضالية تقوم على أنه كان يقرن القول بالعمل وأنه كان يؤمن بالجهاد في سبيل الله كما آمن بمجاهدة النفس ورياضتها على عبادة الله... وهذا ما يدفع إلى القول بأن ما نجده في شعره من آراء صوفية فيها شطط هي من تأثره بأفكار غيره وتقليده لهم في الشكل والمضمون معا " (13)وهذا النص يمكن اعتباره شهادة للأمير من وجهين : الأول هو الاعتراف دون موارية بصوفية الأمير، والثاني تصنيفه ضمن تلاميذ ابن عربي مع رفض ضمني للمسائل الإشارية الرمزية التي أشار إليها الدكتور الركبي بعبارة الشطط". ولعل الأمير كان حصيفا في دفاعه عن أهل الطريقة بقوله:" وأهل طريقتنا رضي الله عنهم ما ادعوا الإتيان في الدين بجديد، وإنما ادعوا الفهم الجديد في الدين التليد، وساعدهم الخبر المروي أنه لا يكمل فقه الرجل حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة "14.

وقد استهل كتابه المواقف بحديث طويل عن عقيدته الإسلامية الملتزمة بالكتاب والسنة حتى لا يرمى بالتكفير، ومع ذلك فإن كتابه المواقف وأشعاره التي جمعت في ديوان يعج بالرمز والإشارة تضاهي رمزية الشيخ الأكبر، والحلاج والنفري وابن سينا وغيرهم.
هذا وقد فصل محقق كتاب " المواقف" عبد الباقي مفتاح في مقدمة وافية حول حياة الأمير وتصوفه الذي لم يكن عارضا بل مر بمراحله المتدرجة: التعلق والتخلق ثم التحقق مؤكدا أنه كان من ورثة الطريقة الحاتمية... أو الأكبرية ... طريقة للشيخ الأكبر محي الدين محمد بن علي بن العربي الحاتمي الطائي، أجازه فيها المحدث الصوفي الشهير السيد محمد مرتضى الزبيدي 15.
بل ويذكر من شدة تعلق " الأمير" بكتب ابن عربي وتشربه لنهجه قوله في الموقف 358 عن كتاب " التجليات" لابن عربي:" لو كتب بماء العيون كان قليلا في حقه وهو أحق بقول القائل: هذا كتاب لو يباع بوزنه ذهبا لكان البائع مغبونا، ذكر فيه 97 تجليا أودع فيه من الحقائق والعلوم الإلهية مالا يصدر إلا منه، ولا أقول لا يصدر إلا من مثله، فأفهم" 16
ثم إن الأمير في إتباعه طريق الإشارة والرمز على خطى شيخه وفي محاولة لتجاوز رمزية أستاذه وهو يسرد قصة سفره نحو المطلق للتحقق بالإتصال بالله بطريقة رمزية على لسان جليسه في ناد من أندية العرفاء قال: " أحدثكم بحديث هو أغرب من حديث عنقاء مغرب فاشرأبوا لسماعه، ومدوا أعناقهم وفرغوا قلوبهم ..." 17 ثم يسرد " الأمير" بطريقة رمزية على لسان صاحبه حديثا عن الحقيقة المطلقة والطريق الموصل إليها، وعن عجز اللسان عن التعبير عنها، ثم عن تكذيب القوم لما يخبرهم به واتهامه بالجنون والسفه والعته" 18.

وما كانت هذه المعشوقة إلا رمزا للحقيقة المطلقة التي ينشدها العارفون عبر سلوك نهج التصفية والمكابدة بل هو سفر للبحث عن اليقين الذي يصل الطالب والمطلوب، وقد عبر عنها بقوله:" وبعد التعب والعناء، ومعاناة الضنا وجدت هذه المعشوقة: أنا وتبين لي أنني الطالب والمطلوب" ، وهذا ما يعبر عنه شعرا بقوله:
عن الحب مالي كلما رمت سلوانا أرى حشو أحشائي من الشوق نيرانا
لواعج لو أن البحار جميعـهــا صبين لكان الحر أضعاف ما كــانا
ومن عجب ما همت إلا بمهجتـي ولا عشقت نفسي سواها وما كانـا
أنا الحب والمحبوب والحب جملـة أنا العاشق والمعشوق سرا وإعلانا (19)

فما أقرب هذه الأبيات من قول ابن عربي في الحب الإلهي:

إن التي كان الوجود يكسوها ذات يقدس لفظها معناها
وإني لأهواها وأهوى قربهــا مني وأهوى كل من يهواها
ليلى ولبنى والرباب وزينب أتراب من حبي لها محباهـا
لو مت مات وجودها بمماتنا فوجودنا عين لها وسراهــا
عجبا لنا ولها فإن وجودنــا فرد فلا ثان فمن ثناهـا (20)

ويذهب في رمزية القصة مذهبا بعيدا ليرى نفسه النموذج القادر على تحمل مشاق السفر نحو المطلق والتنعم بمجاورته، بل والفناء فيه، حيث يقول: فلما تمت القصة ... وما كاد أن ينقضي إعجابنا منها، واستغرابنا لها، قلت لهم: يا قوم ألستم تعلمون أني طلاع الثنايا؟ وسياق الكتيبة إلى معترك المنايا؟ فإن آتيكم بحقيقتها ومجازها، وأفك لكم المعمي من ألغازها، أو أموت فأعذر، ولا على إن لم أقبر... فقال لي بعض المستبصرين، وكان ممن جرب هذا الأمر وفر عن تجربة الدهر: إن صدقت لهجتك وهانت عليك مهجتك وأردت الوصل إلى ذلك الجناب، وقطع تلك الجبال والبحار والهضاب، فاركب نسرا أو غرابا، وإنه لا ينال ما قصصت إلا من كان على الهمة قوي العزمة.

إذا هم ألقى بين عينيه عزمه ونكب عن طرق العواقب جانبا (21)

ومن شواهد الرمزية عند الأمير كذلك، انتهاجه للتفسير الإشاري للقرآن الكريم الذي يعرفه الشيرازي بأنه " علم الحق الذي لا نهاية له" (22) أو هو انشراح القلب عند تعهد القرآن بالتلاوة وتدبر معانيه بقوة الإيمان مع شرط المواظبة" (23)،وبتعبير عبد الحليم محمود " هو العلم الوهبي الذي يمنحه الله لبعض عباده" (24).
ولا شك أن الأمير قد وقف كما مر معنا مع قصة " المعشوقة" على التحقق بعلوم وهبية بعد تجربة ذوقية روحية شفافة، تلتقي مع تجربة شيخه ابن عربي العرفانية، فقد انتهج المنهج الباطني في كتابه" المواقف الروحية والفيوضات السبوحية" وهو أشهر كتبه وقد " فسر به بعض الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة تفسيرا مزجه بالفقه والتاريخ بأسلوب صوفي، وكان يلقي مواقفه في مجالسه الخاصة (25). كما جاء في" الموقف الأول" في تفسير قوله تعالى:" لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة "(26) يقول:" هذه الآية الكريمة تلقيتها تلقيا غيبيا روحانيا، فإن الله تعالى قد عودني، أنه مهما أراد أن يأمرني أو ينهاني، أو يبشرني أو يحذرني، أو يعلمني علما، أو يفتيني في أمر استفتيه فيه، إلا ويأخذني مني مع بقاء الرسم، ثم يلقي إلي ما أراد بإشارة آية كريمة من القرآن، ثم يردني إلي، فارجع بالآية قرير العين ملآن اليدين، ثم يلهمني ما أراد بالآية، وأتلقى الآية من غير حرف ولا صوت ولا جهة، وقد تلقيت والمنة لله تعالى، نحو النصف من القرآن بهذا الطريق، وأرجوا من كرم الله تعالى أن لا أموت حتى أستظهر القرآن كله (27).

وابن عربي يؤكد قبله مسألة النفث الروحاني حيث يقول:" فالعلم الإلهي هو الذي كان الله سبحانه وتعالى يقدمه بالإلهام والإلقاء، وبإنزال الروح الأمين على قلبه، وهذا الكتاب- الفتوحات – من ذلك النمط عندنا... ما كتبت منه حرفا إلا عن إملاء إلهي وإلقاء رباني أو نفث روحاني في روع كياني" (28).
وقد جاء في الموقف رقم (314) الذي جاء فيه تفسير سورة الفاتحة، قال تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم:" الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم...) قال سيدنا في باب الوصايا وهو الباب الأخير من الفتوحات المكية، وصية يقول فيها إذا قرأت فاتحة الكتاب فصل بسملتها معها في نفس واحدة من غير قطع فإن الله تعالى قال:" يا إسرافيل بعزتي وجلالي وجودي وكرمي من قرا بسم اله الرحمن الرحيم متصلة بفاتحة الكتاب مرة واحدة، اشهدوا على أني غفرت له وقبلت منه الحسنات وتجاوزت عن السيئات، ولا أحرق لسانه بالنار... وأجيره من عذاب القبر وعذاب النار، وعذاب القيامة" (29).
وللإشارة فإن المتصوفة لم يكونوا" بادئ الأمر يميلون إلى التأليف في التصوف مكتفين بإلقاء دروس في ذلك يحضرها الخاصة والعامة" (30) فقد كانت المرحلة الأولى في عصر التابعين، ومن جاء من بعهم كما ينقل الدكتور قاسم عني على لسان العارف أبو سعيد أبو الخير وهي تمزيق الدفاتر وتناسي العلوم" (33) فخاصية الإشارة والرموز لم تكن وقفا على التفسير بل كان شاملا لكل المؤلفات الصوفية، فمن أهم خصائص التفسير الإشاري هي مسألة الإيحاء أو الإيماء بحيث تصير الآيات توميء لبعضها البعض، فهم بحكم كونهم ينطقون من منطقة الإيمان العميق، وبحكم أن الآية الماثلة أمامهم أو التي تراءت لهم أثناء وجدهم ذكرتهم بل أشارت لهم في بصيرتهم إلى آية أخرى كانت وتدا لتلك الأنوار، فاستحضروها انطلاقا من الإشارة (32) من دلائل إشارتهم الدالة على فهم الأبعاد الباطنية لترتيب الآيات القرآنية والكلمات وضع مغاير لما هو موجود في المصحف الشريف، ففي تفسير قوله تعالى مثلا:" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصر ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير" (33).

يقول الشيخ محي الدين بن عربي في شأن المقتصد( ومنهم مقتصد) هو: الذي يسلك طريق اليمين، ويختار الصالحات من الأعمال، والحسنات، ويكتب الفضائل، والكمالات في مقام القلب( ومنهم سابق بالخيرات)، أي هي تجليات الصفات إلى الفناء في الذات" فهم لا يكتفون بذكر وجه واحد للآية أو للحديث وإنما يأتونك بشتات من الأوجه التفسيرية يرجحون لك وجها على آخر، وإنما يسلكون مسلك الجمع بينها، باعتبارها تتبع من الباطن الذي لا مجال للباطن فيه، وباعتبارها جميعا تنهل من منهل واحد وتهدف إلى هدف واحد، ألا وهو تعميق التوحيد بالله، فكل وجه له جانب من الحقيقة، وطريق إليها فأهل الإشارة بإتباعهم ذلك يريدون تمكينك من المعرفة الباطنية، والتوق بك إليها، والسعي إليها بذاتك" (34).

بهذه الطريقة الإشارية كما سبق جاء كتاب " المواقف" للأمير الذي لا تخرج عن تفسير لآيات الذكر الحكيم أين طغى على أغلب مواقف الجزء الأول إلى جانب شرح لبعض الأحاديث النبوية، كما نجد فيها شرحا وتعليقا وانتصارا لشيخه إمام العارفين كما يكنيه، يقول في الموقف الثالث والأربعون:" قال تعالى:" كلا إنهم عن ربهم يومئد لمحجوبون" (35). يقول:" كل من يسمع ذكر الحجاب من غير العارفين، يتوهم أن هناك حجابا ومحجوبا عنه، كما هو المتبادر من جوهر اللفظ، وهذا وهم باطل، لأنه ليس ثمة إلا الحق،- تعالى- والخلق، أعني مرتبة الوجوب والإمكان، ولا واسطة بينهما" (36).
وجاء كذلك في الموقف الأربعون قال تعالى:" وشهد شاهد" (37) يقول: سأل بعض الأصحاب عن الأفضلية بين الملك وخواص البشر، وذكر اختلاف أهل الظاهر والباطن، وما رد على كل دليل، بحيث ما سلم دليل من معارضة ونقض واحتمال... إلى أن يقول: وفي صبيحة تلك الليلة توجهت إلى الحق- تعالى- في كشف هذه المسألة فأخذني الحق عن العالم وعن نفسي، وألقى إلي قوله: " وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم"(38).
فلما رجعت إلى الحس فهمت من إشارة الآية الكريمة أن الشاهد الذي شهد في هذه المسألة هو الشيخ الأكبر، على مثله في البشرية والجنسية، يعني الكل من البشر، وشهادته عليهم للملائكة، بثبوت الأفضلية من جهة، واعتبار "فآمن " يعني الشيخ الأكبر، بما أشهده الحق من ثبوت الأفضلية للملك باعتباره" (39).


خاتمة :
لقد عمل الأمير على إحياء التصوف من خلال تجربته الروحية الذوقية والمعرفية، فمهما كثر الحديث عن ماهية هذه التجربة هل هي ذوقية عرفانية أم سلوكية أخلاقية فإن الأمير عبد القادر القائد العسكري المجاهد المقدام مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة هو تلميذ الشيخ الأكبر، الذي ساهم في بعث تراث الشيخ، بل وكان جسرا للكثير من الباحثين الغربيين لفهم ما استغلق من آرائه. كما ساهم بآرائه المتفتحة في استشراف دور المسلم في زمن العولمة، كما يرى الباحث أحمد بويردان في كتابه " الأمير عبد القادر تناغم الأضداد"
لئن كان هذا الرسم يعطيك ظاهري فليس بربك الرسم صورتنا العظمى
فثم وراء الرسم شخص محجب له همة تعلو بأخمصها النجـــما
وما المرء بالوجه الصبيح إفتخاره ولكن بالعقل والخلق الأسمـــى
وإن جمعت للمرء هاذي وهــذه، فذاك الذي لا يبتغي بعده نعمـى


الأستاذة/ مباركة حاجي
كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية
قسم الفلسفة جامعة الجزائر 2
. . ..


الهوامــــش:

1- عبد العزيز البابطين، مقدمة كتابك أ/ عبد الرزاق بن سبع، الأمير عبد القادر الجزائري وأدبه، مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البايطين للإيداع للإيداع الشعري، 2000،ص 03.
2- فؤاد صالح السيد، الأمير عبد القادر متصوفا وشاعرا، وزارة الثقافة، 2007،ص 43.
3- الأمير عبد القادر الجزائري: الموقف، دمشق، دار اليقظة العربية، 1967، ج2، ص 872.
4- المصدر السابق.
5- ابن عربي، فصوص الحكم، تحقيق أبو العلا عظيمي، ج1، ص 47.
6- الأمير عبد القادر، المواقف، ج2،ص 514
7- المصدر السابق، ج2، ص 270.
8- سورة الانشقاق آية 21.
9- الأمير، المواقف، دمشق ، دار اليقظة العربية 1967، ج1، ص 270.
10- الأمير، المواقف، ج2، ص 917.
11- الأمير، المواقف، ج2، ص 917.
12- الفتوحات المكية، ابن عربي، تحقيق عثمان يحي الإهداء.
13- أبو حامد الغزالي، المنقذ الضلال، تحقيق الدكتور عبد الحكيم محمود، ط3 دار المعارف، بمصر 1988، ص 378.
14- عبد الله الركيبيبي ، الشعر الديني الحديث الجزائري، دار السويدي للنشر والتوزيع 1972، ص 242.
15- الأمير، المواقف، ج1 (دمشق: دار اليقظة العربية).
16- الأمير عبد القادر، المواقف، ج1، ص 13(تحقيق عبد الباقي مفتاح).
17- المواقف، ج1، ص 18.
18- المواقف، ج1، ص 86.
19- " إن في الوجود معشوقة غير مرموقة، الأهوية إليها جانحة، والقلوب بحبها طافحة، والأبصار إلى رؤيتها طامحة، بصير الناس إليها كل مصار، ويرتكبون الأخطار، ويستخدمون دونها الأحمر، ويركبون لطلبها المكعب الأسمر، ولا يصل إليها إلا الواحد بعد الواحد في الزمان المتباعد، فإذا قدر لأحد مشارفة حماها ومقاربة مرماها، ألقت عليه إكسيرا له مادة ولا مدة، ولا هو عين معتدة، فيحصل إنقلاب عينه، الأعيان في عينه، إلى عين هذه المعشوقة، التي هي غير مرموقة المعلومة المجهولة، المستورة المسلولة، الباطنة، الظاهرة، المستورة.الساترة، الجامعة للتضاد بل ولجميع أنواع المنافاة والعناد، ولا يقدر أن يعبر عنها بعبرة ولا يشير إليها بإشارة أكثر من قوله: إني وصلتها وحصلتها، وبعد التعب والعناء ومعاناة وجدت هذه المعشوقة: أنا ويتبين لي أنني الطالب والمطلوب والعاشق والمعشوق، فما كان هجري للذاتي، إلا في طلب ذاتي، ولا كانت رحلتي إلا لنحلتي، ولا وصولي إلا إلي ولا تفتيشي إلا علي، ولا كان سفري إلا مني إلي:فيقال له: هل رأيت محياها، وشممت رياها، حتى قلت أنا إياها؟ فيقول: رأيت، وما رأيت وما رميت إذ رميت ويأتي بأوصافها بما تنبو عنه العقول، ولا تحتمله ظواهر النقول، ما طرق الأسماع، ولا طمعت في فهمه الأطماع، يرفع الضدين تارة وتارة بجمعهما ويجمع النقيضين ويضمهما فيقال له: هذا الذي تقول ثبت عندك بدليل أو برهان؟ فيقول لا دليل بعد عيان، وكيف يصح في الأدهان شيء إذا إحتاج النهار إلى دليل؟ فيراجع فلا يرجع ويغلط فلا يسمع، وحينئذ يحكم الناس عليه بالجنون والعته والسفه والبله، ويجهلونه ولو كان أعلمهم،ويسفهونه ولو كان أحلمهم ويستبيحون منه العرض في الطول والعرض ويجعلونه مرمى غمزهم ولمزهم ونبزهم ووكزهم، يهجره الحميم العاطف، ويقليه الصدق الملاط، وهو ما هو مع هذا ناعم البال بما لديه، قرير العين بما حصل بين يديه، لا يلتفت إلى قطعهم وهجرهم ولا يبالي بلوغهم فيه وهجرهم.
- الأمير : المواقف، ج1 ص 86.
20- الأمير عبد القادر ديوان الشاعر الأمير جمع وتحقيق الدكتور العربي دحو رجعه الدكتور رضوان الداية، مؤسسة عبد العزيز بن سعود البايطين للإيداع، 256-257.
21- ابن العربي: الفتوحات المكية، الجزء 3 ص 314.
22- المواقف، ج 1 ص 87.
23- الشيرازي: عرائس البيان، ج1 ، ط الهند 1301، ص 591.
24- محي بن عربي : تفسير القرين الكريم، ج1 (تحقيق د. مصطفى غالب)، بيروت، 1978، ص 14.
25- عبد الحليم محمود، ابراهيم أدهم شيخ الصوفية (د.ت) ص 21.
26- الأمير عبد القادر: بغية الطالب على ترتيب التجلي بكلية المراتب، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1 2004 م 1425هـ ص 21.
27- سورة الأحزاب، الآية 21-22.
28- الأمير، المواقف، الموقف الأول، ص 101.
29- ابن عربي: الفتوحات، ج3 مصر 1393هـ ، ص 504.
30- الأمير: المواقف ج2.
31- د/صالح الداسي : التفسير الإشاري عند أهل السنة ، منشورات دار علاء الدين ط 1 2010.ص 336.
32- د/ قائم غني: تاريخ التصوف في الإسلام، ترجمة صادق نشأت، مصر 1970، ص 80.
33- المصدر السابق، ص 340.
34- سورة فاطر، آية 32.
35- صالح الداسي: التفسير الإشاري عند أهل السنة، ص 350.
36- سورة المطففين، آية 83.
37- المواقف، ج1، ص 152.
38- سورة يوسف، آية 12.
39- سورة الأحقاف، الآية 45.
40- المواقف، الموقف الأربعون، ص 149-150.
_Ahmed Bouyrdene;Abdel-El-Kader (Larmonie des contreres-. preface par Eric Geoffrey ;Editions du Seuil p10






















قائمة المصادر والمراجع

القرآن الكريم:
- الأمير عبد القادر الجزائري وأدبه، عبد الرزاق بن سبع (مقدمة الكتاب)، مؤسسة جائزة عبد العزيز سعود البايطين للإيداع السعري 2005.
- الأمير عبد القادر متصوفا وشاعراـ فؤاد صالح السيد، وزارة الثقافة 2007.
- الأمير عبد القادر، المواقف، دمشق، دار اليقظة، العربية 1967.
- فصوص الحكم، ابن عربي، تحقيق أبو العلا عفيقي.
- الفتوحات المكية، ابن عربي، تحقيق عثمان يحي.
- المنقذ من الضلال، أبو حامد الغزالي، تحقيق الدكتور عبد الحليم محمود، ط3، دار المعارف، بمصر 1988.
- الشعر الديني الجزائري الحديث، عبد الله ركيبي، دار السويدي للنشر والتوزيع.
- ديوان الشاعر الأمير، الأمير عبد القادر، جمع وتحقيق الدكتور العربي دحو، راجعه الدكتور رضوان الداية، مؤسسة عبد العزيز بن سعود البابطين للإيداع.
- عرائس البيان، الشيرازي، ط الهند 1301.
- تفسير القرآن الكريم، محي الدين بن عربي، تحقيق مصطفى غالب، بيروت 1978.
- ابراهيم ابن أدهم شيخ الصوفية ، عبد الحليم محمود.د ت
- بغية الطالب على ترتيب التجلي بكليات المراتب، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1، 2004م 425هـ
- التفسير الإشاري عند أهل السنة، د/ صالح الداسي، منشورات دار علاء الدين ط1، 2010.
- تفسير القرآن الكريم، محي بن عربي،( تحقيق د. مصطفى غالب) بيروت، 1978.
ahmedBouyerdene;-Abdel_Kader(Larmonie des contraires; preface par Eric Geoffray ; editions du seuil.












 


رد مع اقتباس
قديم 2014-09-20, 15:20   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الرد على من أنكر نسبة كتاب االمواقف للأمير عبد القادر
عبد الباقي مفتاح

من المعلوم عند كل دارس لسيرة الأمير أن أهم تآليفه وأكثرها انتشارا وشهرة وترجمة وأعمقها أثرا هو كتابه الذي عنوانه الصحيح الكامل: "المواقف الروحية في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف والإلقاءات السبوحية"1، وجلّ من كتبوا سيرة الأمير ممن صحبوه طويلا وعرفوه عن قرب، أثبتوا نسبته إليه بكل وضوح، ولأهميته انتشر سريعا خلال حياة الأمير وبعده خصوصا في الأوساط الصوفية، والدليل على هذا، التنويه به أو الاستشهاد بنصوصه في العديد من الكتب التي ظهرت خلال بدايات القرن الرابع عشر خصوصا، وكمثال على هذا النصوص الكثيرة الطويلة التي نقلها منه الشيخ المغربي الشهير محمد بن جعفر الكتاني (1274- 1345هـ) في كتابه الضخم "جلاء الأصداء الغينية"2؛ وكمثال آخر ما نجده في كتاب "جامع كرامات الأولياء" لشيخ الشام الصوفي الشاعر قاضي المحكمة الشرعية ببيروت يوسف النبهاني (1265-1350 هـ) – الذي أخذ الطريقة الدرقاوية الشاذلية عن نفس الشيخ الذي أخذ عنه الأمير أي الشيخ محمد بن محمد بن مسعود الفاسي (توفي سنة 1289 هـ) – حيث خصص للأمير ترجمة ومما قال فيها: "وكان من أكابر العارفين بالله تعالى مع الأخلاق المحمدية والكمالات الدينية والشهرة التي ملأت الخافقين، ولم يقع في كونه من أفراد عصره خلاف بين اثنين، ومن أجل مناقبه وأعظم كراماته الكبرى المشتملة على كرامات كثيرة لا تعد ولا تحصى: مواقفه التي جمع فيها وارداته الإلهية، وعبر عنها بالمواقف، فقد اشتملت من العلوم والمعارف والأسرار على ما لا يدخل تحت حساب، ولا يمكن أن يستفاد من قراءة كتاب، وإنما ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء" ثم ذكر النبهاني نماذج من المواقف3.

4 "حاضر العالم الإسلامي"، ج2، ص 172
2وقريب من هذا التقييم ما نجده أيضا في كلام العلامة السياسي الأديب أمير البيان شكيب أرسلان (1871-1946م) في كتاب "حاضر العالم الإسلامي" وهو قوله: "وكان المرحوم عبد القادر متضلعا في العلم والأدب، سامي الفكر، راسخ القدم في التصوف، لا يكتفي به نظرا حتى يمارسه عملا، ولا يحن إليه شوقا حتى يعرفه ذوقا، وله في التصوف كتاب سماه المواقف، فهو في هذا المشرب من الأفراد الأفذاذ، ربما لا يوجد نظيره في المتأخرين"4.

5 أول من ترجم إلى الفرنسية قسما من المواقف هو المستشرق الفرنسي المسلم ميشال شودكيفيكس واسمه الإسلامي  (...)
6 كتاب (L’intérieur du Maghreb) فصل 14 ص512-513، من طبعة قاليمار بباريس 1978.
3وحتى الغربيون المستشرقون تفطنوا لأهمية الكتاب وترجموه5 وأكتفي بما ذكره العلامة جاك بيرك (1910-1995م) في كتابه "داخل المغرب" حيث يقول: "إن الروعة الأدبية للعديد من فقرات المواقف قد تقلب عدة مسلمات، وأن النهضة الحقيقية – بلا ريب – قد لا توجد حيث يبحث عنها عادة"6.

إنكار بدون أي أساس
7 حول تصوف الأمير تنظر مقدمة "المواقف"، تحقيق عبد الباقي مفتاح .
4لكن، رغم هذا كله، ظهر في السنوات الأخيرة مع الأسف من يشكك في صحة نسبة المواقف للأمير، بل حتى في تصوفه وأرادوا تعسفا تجريده من الطابع الأساسي لشخصيته و لما تميزت به أسرته، إذ أن أباه وجده وبعض إخوته وذريتهم كانوا من مشاهير الطريقة القادرية في الجزائر وفي الشام7. والعجيب أن هذا التشكيك الفاقد لكل سند ابتدع من طرف أشخاص يحبون الأمير ويدافعون عنه،ربما بالخصوص لأنهم من نسله، لكن تكوينهم العقيدي والثقافي جعلهم ينكرون على التصوف وأهله لا سيما الصوف العرفاني السامي المتمثل خصوصا في مشرب الشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي (560-638هـ). فكيف لهؤلاء المنكرين أن يوفقوا إذن بين حبهم لجدهم الأمير الصوفي الأكبري وإنكارهم على التصوف عموما و المشرب الأكبري خصوصا؟ الحل الذي لجؤوا إليه هو بكل بساطة إنكار كون الأمير كان صوفيا وإنكار نسبة المواقف إليه. لكن هذا الإنكار باطل جملة وتفصيلا لأنه مناقض للواقع مناقضة تامة، ورحم الله الإمام شرف الدين البوصيري القائل في بردته المباركة عن مثل هذه الحالة:

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم
5فإننا إذا تأملنا الحجج التي يوردونها تدعيما لإنكارهم، نجدها فارغة من كل محتوى ولا تستند إلا على تساؤلات وهمية، معرضين عن الحقائق الساطعة التي لم يرتب فيها أحد قبلهم.

6أول هذه الحقائق، والتي يقر بها حتى هؤلاء المنكرين، هو كما سبق قوله، أن الأمير بإجماع كل من عرفه و أرخ له هو أشهر مدافع عن المذهب الصوفي العرفاني للشيخ محيي الدين بن العربي، ومن المشهور أن الأمير كان في وقته أشهر متكلم باسم هذا المشرب في الشام، وهو الذي بعث عالمين من أصحابه إلى قونية لتحقيق أوسع موسوعة صوفية للشيخ محيي الدين أي كتابه "الفتوحات المكية" وهو أول من طبعه على نفقته؛ وكان يدرس كتبه وفي مقدمتها الفتوحات وفصوص الحكم في مجالس يحضرها ثلة من أكابر علماء دمشق، و هؤلاء أنفسهم الذين أكدوا أن كتاب المواقف بكل ما فيه هو حقا للأمير، وما هو إلا امتداد وشروح وتأكيد للمفاهيم المبثوثة في كتب الشيخ محيي الدين، وبالتالي فنسبة المواقف للأمير طبيعية جدا إذ لم يفعل فيها سوى تدوين وكتابة وإملاء ما كان يدرسه من تعاليم للشيخ محيي الدين.

الشهود المباشرون لتأليف المواقف
8 الشيخ محمد الطنطاوي كان من كبار علماء دمشق، يدرس العوم الشرعية في مدارسها ومساجدها، ولد بمصر سنة 12 (...)
9 الشيخ عبد الرزاق البيطار (1253-1335 هـ) عالم فقيه أديب صوفي مؤرخ من مشاهير علماء دمشق، أشهر تآليفه (...)
10"حلية البشر" ج2، ص 883-915.
11"فكر الأمير" ص 170-171.
12"حلية البشر"، ج2، ص904 و ص915.
7وأشد هؤلاء العلماء التزاما بتلك المجالس و مواظبة على حضورها أربعة، هم: الشيخ محمد الطنطاوي الذي أرسله الأمير قبل وفاته باثني عشر سنة مع الشيخ محمد الطيب المبارك الجزائري8 لتحقيق كتاب الفتوحات قبل طبعه؛ و الثاني هو علامة الشام الشيخ عبد الرزاق البيطار9 مؤلف كتاب "حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر" وخصص فيه تراجم مستفيضة للأمير خصوصا ولأبيه ولابنيه محمد باشا و محيي الدين ولأخيه أحمد. وقد أطنب في مدح الأمير و ذكر مناقبه فخصص له 32 صفحة10؛ وقد أنكرت السيدة بديعة الحسني هذه الحقيقة الناصعة، فكتبت في كتابها "فكر الأمير عبد القادر حقائق ووثائق" فقالت: "لاحظت أن اسم الأستاذ عبد الرزاق البيطار أقحم في كتاب المواقف، إذ لم أعثر على أي دليل؛ فكتابه "حلية البشر" في تاريخ القرن الثالث عشر الذي وجدته بخط يده في المكتبة الظاهرية تحت الأرقام التالية: 7940-7941-7942-8014، وهو من ثلاثة أجزاء، وعبارة عن تراجم للعشرات المشائخ والأدباء، ولم أجد اسم الأمير بينهم ولا ذكر كتاب" المواقف"، وإنما وجدت ترجمة لمحي الدين باشا نجل الأمير المذكور"11. فمن العجيب أن تجد ترجمة ابن الأمير ولا تجد ترجمة الأمير نفسه التي استغرقت 32 صفحة، وفيها يقول عنه: "وحضرت عليه مع من حضر كتاب فتوحات الشيخ الأكبر، ورسالة عقلة المستوفز، وكتاب المواقف للمترجم المرقوم، وهو كتاب كبير في الواردات التي وردت عليه ونسبت إليه، وكنا لا يرد علينا إشكال في آية أو حديث أو غير ذلك إلا و أجاب عليه بأحسن جواب من فتح الملك الوهاب... وله نظم بديع ونثر فائق رفيع، غير أن بعضها في الرقائق وأكثرها في الحقائق تدل على سمو معارفه وعلو عوارفه نفعنا الله به في الدارين بجاه سيد الكونين"12، وبهذه الجملة أنهى ترجمته. لكن السيد خلدون الدمشقي في تشبثه بأوهن الخيوط للتشكيك في مواقف الأمير، لا ينتقي في إحدى مداخلاته التلفزيونية في قناة المستقلة حول هذا الموضوع، من هذا الكلام الواضح للشيخ البيطار إلا كلمة "ونسبت إليه" ويعقب عليها بعدم تأكيده للنسبة، من دون أن يذكر السيد خلدون الكلام الذي قبلها والمؤكد بالفعل أن المواقف للأمير لا لأحد غيره بتاتا. فأين الموضوعية وأين الأمانة في النقل وأين النزاهة؟ وأما مقارنة كلام الشيخ البيطار وترجمته الحافلة للأمير مع دعوى السيدة بديعة بأنها لم تعثر على هذه الترجمة فلا يحتاج إلى تعليق.

13 تنظر ترجمته في "حلية البشر"، ج3 ص1215.
14 خصص الأمير نحو العشرة مواقف لوصف بعض وقائعه الروحية، وهي المواقف 1/29/30/74/76/84/112/199/256/372؛ (...)
15 كتاب "المواقف" للأمير عبد القادر طبعة الجزائر، 1996م، ج3، ص98-99.
16 هذا الكلام من الشيخ محمد الخاني نقله أيضا عنه ابنه عبد المجيد1263-1315 هـ) في كتابه "الحقائق الوردي (...)
17 ينظر"حلية البشر"، ج3، ص1218، نقلا عن جميل الشطي مؤلف كتاب "روض البشر".
18 ينظر ترجمة الشيخ أحمد أخو الأمير (ولد سنة 1249 في القيطنة مسقط رأس الأمير وتوفي سنة 1320هـ) في "حلي (...)
8أما ثالث الملازمين للأمير وأقربهم إليه، فهو شيخ دمشق إمام النقشبندية بها العلامة الصوفي محمد الخاني (1297-1316 هـ)13 وهو الذي كلفه الأمير بجمع وتبييض كتاب المواقف، لأنه مؤلف من نصوص كتبها الأمير تلقائيا ابتداء من نفسه ليسجل بعض وارداته العرفانية في القرآن والحديث أو وقائعه الروحية14، ومن نصوص أملاها إجابة عن أسئلة طرحت عليه خصوصا من طرف الشيخ محمد الخاني المذكور؛ وتعددت أزمنة وأمكنة تأليفه بحسب الواردات والأسئلة، وكانت تلك الواردات تارة في أمبواز بفرنسا، وطورا في مكة المشرفة، وأخرى في المدينة المنورة، وتارة في لندن، وأغلبها في الشام. وبالتالي فبعض المواقف كتبها الأمير بنفسه كما صرح بذلك في الموقفين 109 و123، و بعضها الآخر أملاها على الحاضرين لدروسه أو الطارحين لأسئلتهم و في مقدمتهم الشيخ محمد الخاني الذي صرح بهذا عند نسخه للموقف 363 حيث يقول15: "وكنت أراجعه كـثيرا في بعض المسائل وأساله حول إشكالات الفتوحات والفصوص وغيرهما، فلكثرة حبه للخير وبذله، مع كثرة أشغاله، كان يقيد ما ظهر له بالكشف ويوضحه ويعطيني إياه، وكنت حريصا عليه فأقيده في المواقف بإذنه، كما يشير إلى ذلك قوله في بعض الموقف "قد سألني بعض الإخوان"؛ والتصريح باسمي في شرح فص شعيب وفص إسماعيل وفص آدم عليهم الصلاة والسلام، وجزاه الله عني خير ما جازى به أحد عن أحد فإن تفضلاته على العبد لا تنضبط، وكنت طلبت منه شرح خطبة الفتوحات وشرح فص آدم، فابتدأهما ولم يتممهما، فوجدت ما كتبه في كناشه مع بعض فوائد أخرى ومبشرات له، من جملتها بعض ما قيدته هنا، فأحببت تقييدها كالذيل لمواقفه خوف ضياعها مستمدا ومستأذنا من روحانيته الشريفة، قدس الله وطهر روحه اللطيفة"16 ففي هذا الكلام بيان في غاية الوضوح أن المؤلف الحقيقي الأوحد لكل المواقف ليس سوى الأمير، وأن مبيضه هو الشيخ محمد الخاني الذي كلفه الأمير بذلك، ويراجع الأمير ما يبيضه لتلقى بعد ذلك في مجالسه. ومن هنا تدفع الحجة الواهية التي تشبث بها المنكرون لنسبة المواقف للأمير، وهي قولهم لا وجود للنص الذي كتبه الأمير بخط يده وبالتالي فهو منحول منسوب إليه زورا وبهتانا، حتى أن بعضهم تجرأ وأشار إلى أن الشيخ الجليل الثقة محمد الخاني هو الذي ألف المواقف أو على الأقل دس فيها ما ليس منها؛ لكن نقول لهم: البينة على من ادعى، وقد قال تعالى في التحذير من الاتهام بالباطل: "ستكتب شهادتهم و يسألون" (الآية 19 من سورة الزخرف)، فبأي حق و بأي دليل يتهم هذا الشيخ الجليل عالم دمشق المشهور بكل فضل، يتهم بالكذب أو الدس على الأمير فينسب إليه ما ليس له، وما الفائدة التي يجنيها من هذا العمل المشين؟ مع أن الذين ترجموا له كلهم شهدوا له بالأمانة وأنه كان أقرب المقربين للأمير وأحبهم إليه ولما توفي الأمير أقامه وصيا على أنجاله القاصرين فأحسن خدمتهم وحفظ أموالهم17، وهو الذي أم الجنازة على الأمير في جامع بني أمية وواراه بجانب ضريح الشيخ محيي الدين في صالحية دمشق . وأما رابع العلماء الذين أخذوا المواقف عن الأمير، فهو أخوه العلامة شيخ الطريقة القادرية الشيخ أحمد، وهو الذي يقول عنه الشيخ البيطار في ترجمته له: "... وسمع على أخيه الأمير صحيحي البخاري ومسلم في مدرسة الحديث الأشرفية، وحضره في مواقفه الشهيرة، وفي الفتوحات المكية في داره لما قرئت بحضوره بعد تصحيحها على نسخة مؤلفها18"؛ ويؤكد الشيخ أحمد هذا الكلام في كتابه "نثر الدر وبسطه في بيان كون العلم نقطة"، فيقول خلال كلامه عن سر الحقيقة المحمدية:

19 أول من طبع هذا الكتاب للشيخ أحمد هو محدث الشام الأشهر الشيخ بدر الدين الحسني، طبعها سنة1324 هـ، وآخ (...)
20 نفس المرجع الأخير ص18-19
9إن توضيح ذلك حسبما ذكره سيادة أخي العلامة العارف بالله تعالى، السيد عبد القادر بن محيي الدين في مواقفه المدهشة وبيّنه من الأسرار المنعشة... إلى آخر ما ذكره19. وفي كتابه هذا أطنب الشيخ أحمد في الدفاع عن مسألة وحدة الوجود، وكما فعل الأمير في العديد من المواقف بيّن مفهومها الإسلامي القرآني الصحيح الذي عليه أهل التصوف السني النقي و المناقض تماما لمفهومها الخاطئ كما هو عند بعض الفلاسفة وبعض أهل العقائد المنحرفة. ولا شك أن هذه المسألة بأبعادها الدقيقة العميقة هي قطب المسائل التي عليها مدار المواقف، وهي بالخصوص التي دفعت محبي الأمير إلى تبرئته منها في زعمهم، بسبب عدم فهمهم للحقيقة الشرعية والذوقية لهذه المسألة العويصة. وفي هذا المعنى يقول الشيخ أحمد في كتابه المذكور: "واعلم أن كل من فتح الحق تعالى عليه الفتح الكبير لابد له من القول بوحدة الوجود ذوقا وشهودا، خلافا لجميع العباد والزهاد وعلماء الرسوم، فإنهم لا يقولون بذلك، لكونهم لم يشموا من تلك الحقيقة رائحة ولا برقت لهم من بروقها لائحة، وهي توحيد الخواص وأهل الاختصاص الذين خصهم الله بعنايته، يقول قائلهم: ما رأيت شيئا إلا رأيت الله قبله أو معه أو بعده أو فيه، الأول لأبي بكر و الثاني لعمر والثالث لعثمان والرابع لعلي رضي الله عنه"20.

كتاب موجه لأهل المعرفة تخصيصا
10والأمير نفسه كان عليما بعلو المفاهيم التي فصلها في المواقف بحيث لا يمكن للكثير من علماء الرسوم فهمها، وبالتالي ينكرونها، فقال في بداية خطبة المواقف معرّفا بها: "هذه نفثات روحية، وإلقاءات سبوحية، بعلوم وهبية، وأسرار غيبية، من وراء العقول وظواهر النقول، خارجة عن الاكتساب والنظر في كتاب، قيدتها لإخواننا الذين يؤمنون بآياتنا (...) و ما قيدتها لمن يقول هذا إفك قديم، ويحجر على الله تعالى، من علماء الرسم، فإننا نتركهم وما قسم الله تعالى لهم، فإذا أظهروا ملاما وخصاما، تلونا: (وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما) ولا نجادلهم، بل نرحمهم ونستغفر لهم، ونقيم لهم العذر من أنفسنا في إنكارهم علينا، وطريقة توحيدنا ما هي طريقة المتكلم، ولا الحكيم المعلم، ولكن طريقة توحيد الكتب المنزلة وسنة الرسل المرسلة والصحابة والتابعين، وإن لم يصدق الجمهور و العموم فعند الله تجتمع الخصوم". ولهذا فرأيي في مطالعة المواقف هو رأي الإمام جلال الدين السيوطي (ت: 911 هـ) في كتب الشيخ محيي الدين، حيث يقول في رسالته "تنبيه الغبي في تبرئة ابن العربي": "و القول الأفضل عندي في ابن عربي هو اعتقاد ولايته وتحريم النظر في كتبه إلا الراسخون في العلم"، وهذا هو نفس موقف الأمير حيث يحذر من فهم مواقفه فهما يخرجها عن ظاهر الشريعة كما يحذر من مطالعة كتب العرفان لمن لا يفهم حقيقتها، فيقول في الموقف 358 مثلا:

21"المواقف"، ص1040- 1041
11"... فلا بد من الفرق: عبد ورب، آمر و مأمور (...)" وبعض الملاحدة يقول: "الحركة والسكون بيد الله، فهو الآمر والمأمور والسامع والمخاطب والمخاطب، فهذا على بصيرة تشقيه وتحول بينه وبين سعادته، وهذا لا يصدر من أحد له علم بالله عن ذوق (...) ولهذه العلة منع بعض أهل الله تلامذته من مطالعة كتب الحقائق لإشرافه على قصور ذلك المريد عن فهمها كهؤلاء الزنادقة. فإن قاصر الفهم لا يخلو إما أن يتناول كلامهم على خلاف ما أرادوه فيهلك مع الهالكين، أو يضيع العمر في النظر في الكتب من غير فائدة، فنهي مثل هذا عن مطالعة كتب الحقائق واجب"21.

22"فكر الأمير"، ص 170
23 نفس المرجع السابق.
12ورغم كل ما سبق ذكره، تزعم السيدة بديعة أن المواقف لم تعرف ولم تنشر إلا بعد وفاة الأمير، بل تذهب حتى إلى التشكيك في كتاب "تحفة الزائر "لمحمد باشا بن الأمير من دون أي دليل ملموس ولا حجة إلا مجرد التوهم وسوء الظن فقالت حرفيا: "وربما ما جاء في كتابه "تحفة الزائر" عن المواقف كان من دون علم منه، والأرجح أن ناشر الكتابين واحد، فأخذ من هنا ليضع هناك بذكاء كبير"22 ثم تناقض نفسها في موضع آخر من نفس الكتاب فتقول عن كتاب المواقف أنه ربما كان عبارة عن أوراق متناثرة23، لكن الشيخ البيطار الذي يعرفها حق المعرفة وحضر قراءتها عند الأمير يقول أنها كتاب كبير كما مر ذكره.

24 ينظر ذكر المواقف في المواقع التالية من " تحفة الزائر" ص218 سطر 6/ ص340 س21/ ص354 س19/ ص399 س19/ ص43 (...)
25 المصدر السابق، ج2، ص433
26 المصدر السابق، ج2، ص483
13وكلامها الغريب هذا قريب مما سمعته أيضا من السيد خلدون الدمشقي حين قال في إحدى مداخلاته التلفزيونية في قناة المستقلة أن كتاب المواقف لم يرد ذكره في كتاب "تحفة الزائر" إلا مرة واحدة تقريبا... وأنا شخصيا عددت المرات التي ذكر فيها كتاب المواقف في الجزء الثاني من "تحفة الزائر" فوجدتها لا تقل عن إحدى عشرة مرة24 منها قوله: "وله (أي الأمير عبد القادر) في فن التصوف المقام الشامخ والباع الطويل والقدم الراسخ، ومواقفه الكريمة أعدل شاهد بكمال ذوقه في تلك المواقف والمشاهد"25؛ وفي خاتمة الكتاب أورد خطبة المواقف بكاملها بعد أن قال: "وبرع في فنون علوم الشريعة والحقيقة وله تآليف عديدة، وحسبك منها كتاب المواقف في علم الحقيقة، وهو لعقد تآليفه واسطة النظام، ولمطلع مجده بيت القصيد وحسن الختام، ومن أمعن النظر في خطبته أدرك منها فضله وأقر بعلو مرتبته"26، وكذلك في مقدمة ديوان والده يذكر الأمير محمد كتاب المواقف فيقول: "ولم أتعرض لذكر ما له من النظم في الحقيقة واللطائف، حيث أنه قدس الله سره أثبتها في كتابه المسمى بالمواقف"؛ فتأمل قوله "أثبتها" أي والده الأمير عبد القادر لا غيره.

14وأما دعوى أن المواقف لم تعرف ولم تنشر إلا بعد وفاة الأمير بسنوات فهي أيضا دعوى باطلة، ويكفي في ردها النصوص التي سبق ذكرها، ثم إن جل القصائد التي رثى بها الشعراء الأمير بعد وفاته، كما هي في "تحفة الزائر"، تذكر اسم هذا الكتاب وأنه أعظم آثار الأمير المكتوبة؛ فمنها مثلا قول الأديب إسحاق أفندي الطرابلسي:

القانت الأواب من أحيت "مواقفه"
لنا العربي ذاك الطائي
15وقول العلامة عبد الرزاق البيطار:

و"مواقف" شهدت بفضل معارف
ضاءت على الأكوان كالنبراس
16وقول الشيخ الصالح العلامة محمد بن محمد المبارك الجزائري:

و"مواقف" كالمثاني ذكرها
أبدا على طول المدى لا يخلق
17وقول الأديب أحمد أفندي وهبي الحلبي:

من بالمواقف بعده يحيي الدجى
مستمنحا ذاك التجلي الأعظما
ما زال يقفو إثر محيي الدين حتى
حاز حسن جوار ذياك الحمى
18فهل ذلك الناشر "الماكر" في زعم السيدة بديعة بأنه دس اسم المواقف في "تحفة الزائر" قد دسه أيضا في كل هذه القصائد؟ أم أنها لم تقرأها؟

27 تنظر مرائي الأمير في الموقف372، وحكايته مع والده في شأن السحر في الموقف248، زيادة على وقائعه الروحي (...)
28"فكر الأمير"، ص160-161
29 المرجع السابق، ص289-292
19ثم إن الأمير ذكر في المواقف الكثير من أحواله ووقائعه الروحية يشكل مجموعها قسما من سيرته الذاتية، وذكر في موقف قولا لوالده واسم أخيه محمد السعيد27 فهل بلغ جموح الخيال عند الذين نسبوا المواقف للأمير زورا وبهتانا إلى اختلاق كل ذلك؟ هذا ما لا يصدقه الواقع ولا يقبله المنطق السليم. والغريب الذي لا يكاد يصدق في شأن هؤلاء المنكرين لأصالة المواقف، أنهم هم أنفسهم يستشهدون بنصوص من المواقف في ما يبدو لهم منسجما مع مفاهيمهم، فهم ينتقون منها ما يروق لهم ويرمون بالباقي لا لشيء إلا لأنهم لم يستوعبوه حسب أفقهم المعرفي... وهذا ما نجده في بعض مقالات السيد خلدون الدمشقي المنشورة في الانترنت وعند السيدة بديعة في كتابها المذكور سابقا، فهي مثلا في الصفحات التي تسبق مباشرة بحثها الذي ينفي نسبة المواقف للأمير تستشهد بنصوص منها على أنها حقا من كلام الأمير28، ومع إجهاد نفسها لنفي التصوف عنه تستفتح مختارات من شعره بأشهر وأطول قصائده الصوفية التي بعثها إثر خلوته بغار حراء لشيخه محمد بن محمد بن مسعود الفاسي29 فكيف نفسر هذا التناقض الغريب؟

30 كثيرا ما عبر الأمير عن اعتزازه بانتسابه للصوفية الذين يصفهم بأشرف الأوصاف، سواء في أشعاره أو مواقفه (...)
31"تحفة الزائر"، ج2، ص399
20وأخيرا:
إذا كان الشخص، ولو كان من أحفاد الأمير، لا يتفق معه في بعض مفاهيمه العرفانية الذوقية السامية، فهو طبعا حر تماما في ذلك، إذ لكل قناعاته ومفاهيمه التي يتسع أفقها أو يضيق، لكن لا يحق له بتاتا أن يتذرع بمزاعم وهمية لينفي عن الأمير ما كان معتزا بأن ينسب هو إليه30، وهو ما كان أبناؤه المباشرون أنفسهم معتزون به، حيث أنهم عند وفاة الأمير انتخبوا من بين آلاف برقيات ورسائل التعازي، أربعة أبيات فيها ذكر المواقف، وهي لصديقه الحميم كبير علماء دمشق الشيخ عبد المجيد الخاني31 ابن الشيخ محمد الخاني ناسخ المواقف السابق ذكره، فنقشت على شاهدة قبره للعبرة والتاريخ، وجعل الشطر الثاني من البيت الأخير يساوي بحساب الجمل عدد 1300 إشارة إلى سنة وفاة الأمير. وهكذا وكما اقترنت المواقف باسمه خلال حياته، اقترنت به أيضا بمماته معه في قبره، لكن الأهم هو انتشارها بعد وفاته شرقا وغربا، ينتشق منها أهل الذوق والعرفان الروح والريحان سائلين لمؤلفها أوسع الرحمة وأكبر الرضوان. و الأبيات هي:

لله أفق صارمشرق دارتي
قمرين هلا من ديار المغرب
الشيخ محيي الدين ختم الأولياء
قمر (الفتوحات) الفريد المشرب
والفرد عبد القادر الحسني الأمير
قمر (المواقف) ذا الولي ابن النبي
من نال من أعلى رفيق أرخوا
أزكى مقامات الشهود الأقرب
21والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

BIBLIOGRAPHIE
رموز المراجع المتكررة:
- المواقف: كتاب المواقف للأمير عبد القادر، تحقيق عبد الباقي مفتاح، طبعة دار الهدى، ميلة الجزائر، 2007.
- حلية: كتاب حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر للشيخ عبد الرزاق البيطار، تحقيق محمد بهجة البيطار، الطبعة الثانية، دار صادر بيروت، 1413هـ / 1993م.
- فكر الأمير: كتاب فكر الأمير عبد القادر حقائق ووثائق، للأميرة بديعة الحسني الجزائري، طبعة أولى، دار الفكر، 1424هـ / 2000م.
- تحفة: "تحفة الزائر" لمحمد ابن عبد القادر الجزائري، منشورات ثالة، الأبيار، الجزائر، 2007، الجزء الثاني
NOTES
1 ذكر الأمير هذا العنوان لكتابه في بداية الموقف 360.

2 أتم المؤلف كتابته عام1338 هـ، و طبع هذا الكتاب هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء كبيرة، بالقاهرة سنة 1425 هـ2004 - م، ثم في بيروت بمطبعة الكتب العلمية.

3 ينظر"حاضر العالم الإسلامي" ليوسف النبهاني، دار الكتب العلمية ببيروت، طبعة أولى،1998 م-1417هـ، الجزء الثاني،ص179-182.

4 "حاضر العالم الإسلامي"، ج2، ص 172

5 أول من ترجم إلى الفرنسية قسما من المواقف هو المستشرق الفرنسي المسلم ميشال شودكيفيكس واسمه الإسلامي : علي عبد الله، ترجم ترجمة ممتازة 38 موقفا مع مقدمة وتعليقات في غاية الجودة، وذلك في كتاب بعنوان "مكتوبات روحي(Ecrits spirituels) "، ونشرته دار ساي(Seuil) ، سنة 1982 في 225 صفحة؛ ثم في سنة 1983، ترجم مستشرق فرنسي مسلم آخر وهو شارل أندري جليس واسمه الإسلامي : عبد الرزاق يحي) القصائد التسعة عشر الواردة في بداية المواقف، وذلك تحت عنوان : "قصائد ميتافيزيقية"؛ وفي سنة 1996 واصل الأستاذ الفرنسي المسلم عبد الله بونو عمل شودكيفيكس فترجم 51 موقفا غير المواقف التي ترجمها هذا الأخير؛ ثم أعاد نشرها مرة أخرى مع زيادات في التعقيبات و الإحالات سنة2008 ؛ وفي عام2000 ، بذل القسيس الفرنسي ميشال لاغارد مجهودا كبيرا فترجم جميع المواقف في ثلاثة مجلدات ضخمة، مع فهارس شاملة كاملة في غاية الدقة، لكن هذه الترجمة بالخصوص في حاجة ملحة لمراجعتها بدقة وجدية لاشتمالها على العديد من الأخطاء المتنوعة، وقد نشرت في ليدن بهولندا وفي بوسطن وكولونيا.

6 كتاب (L’intérieur du Maghreb) فصل 14 ص512-513، من طبعة قاليمار بباريس 1978.

7 حول تصوف الأمير تنظر مقدمة "المواقف"، تحقيق عبد الباقي مفتاح .

8 الشيخ محمد الطنطاوي كان من كبار علماء دمشق، يدرس العوم الشرعية في مدارسها ومساجدها، ولد بمصر سنة 1240هـ، واستقر بدمشق بعد دراسته في الأزهر بالقاهرة، وممن أخذ عنه الشيخ أحمد أخو الأمير عبد القادر، قرأ عليه النحو والكلام والبيان والمنطق والوضع والأصول ؛ وقد كلفه الأمير بتعليم أبنائه فقام بذلك أحسن قيام، وكان من شيوخ الطريقة النقشبندية، وتوفي سنة 1306هـ، (ينظر "حلية البشر"، ج3،ص : 1284-1288). وأما محمد الطيب المبارك الذي كان شاعرا أديبا صوفيا، فقد هاجر مع والده من بلده دلس بالجزائر حيث ولد عام 1250هـ، واستقر في دمشق عام 1263، ومات ودفن بالمزة عام 1313هـ، ينظر حوله كتاب  تاريخ "الجزائر الثقافي" لسعد الله بلقاسم طبعة دار الغرب الاسلامي، ببيروت 1998، ج5، ص521-522. وقد ورد ذكره في "حلية البشر"  ج3، ص1371-1375، في ترجمة والده محمد المبارك (1223-1269هـ) وفي ترجمة أخيه العلامة محمد (1263-1330 هـ، ج3،ص345-1368).

9 الشيخ عبد الرزاق البيطار (1253-1335 هـ) عالم فقيه أديب صوفي مؤرخ من مشاهير علماء دمشق، أشهر تآليفه "حلية البشر في تاريخ القرن الثالث عشر" في ثلاثة أجزاء، وفيه وصف دقيق لفتنة المسلمين التي شهدها هو بنفسه في دمشق عام 1860هـ، ودور الأمير في إطفائها، ومن كتبه الأخرى "المنة في العمل بالكتاب والسنة" وكتاب "المباحث الغرر في حكم الصور"، وكان صديقا حميما للأمير ولابنه محيي الدين.

10 "حلية البشر" ج2، ص 883-915.

11 "فكر الأمير" ص 170-171.

12 "حلية البشر"، ج2، ص904 و ص915.

13 تنظر ترجمته في "حلية البشر"، ج3 ص1215.

14 خصص الأمير نحو العشرة مواقف لوصف بعض وقائعه الروحية، وهي المواقف 1/29/30/74/76/84/112/199/256/372؛ أما المواقف الأخرى التي أورد فيها لمحة عن تلك الوقائع فكثيرة جدا تفوق المائة، وتنظر مواقعها في كتاب "المواقف" تحقيق عبد الباقي مفتاح، مطبعة دار الهدى بعين مليلة، الجزائر، 2007م، ج3، ص1309-1312.

15 كتاب "المواقف" للأمير عبد القادر طبعة الجزائر، 1996م، ج3، ص98-99.

16 هذا الكلام من الشيخ محمد الخاني نقله أيضا عنه ابنه عبد المجيد1263-1315 هـ) في كتابه "الحقائق الوردية في حقائق أجلاء النقشبندية" وقد كان هو أيضا من أصحاب الأمير، وبعد ذكره لكلام والده، أتبعه بنص الموقف 365 كما هو في طبعة الجزائر (ص281)، وفي كتابه هذا وصف الأمير بأنه "وارث العلوم الأكبرية".

17 ينظر"حلية البشر"، ج3، ص1218، نقلا عن جميل الشطي مؤلف كتاب "روض البشر".

18 ينظر ترجمة الشيخ أحمد أخو الأمير (ولد سنة 1249 في القيطنة مسقط رأس الأمير وتوفي سنة 1320هـ) في "حلية البشر" للبيطار (ج1، ص304-305) و"تعريف الخلف" للحفناوي (ج2، ص92-95) و "معجم المؤلفين" لكحالة (ج1، ص305) ، ومن تآليفه كتاب في سيرة أخيه الأمير، ورسائل صوفية وفقهية.

19 أول من طبع هذا الكتاب للشيخ أحمد هو محدث الشام الأشهر الشيخ بدر الدين الحسني، طبعها سنة1324 هـ، وآخر طبعة لها بدار الكتب العلمية (ببيروت سنة1425 هـ 2004م)، والنص الذي أوردناه من هذه الطبعة الأخير ينظر في الصفحة 11

20 نفس المرجع الأخير ص18-19

21 "المواقف"، ص1040- 1041

22 "فكر الأمير"، ص 170

23 نفس المرجع السابق.

24 ينظر ذكر المواقف في المواقع التالية من " تحفة الزائر" ص218 سطر 6/ ص340 س21/ ص354 س19/ ص399 س19/ ص433 س14-15/ ص435 س17/ ص437 س14/ ص449 س4/ ص465 س8/ ص483 س10/ خطبة المواقف بكاملها ص483-489

25 المصدر السابق، ج2، ص433

26 المصدر السابق، ج2، ص483

27 تنظر مرائي الأمير في الموقف372، وحكايته مع والده في شأن السحر في الموقف248، زيادة على وقائعه الروحية المشار إليها في التعقيب 14 السابق.

28 "فكر الأمير"، ص160-161

29 المرجع السابق، ص289-292

30 كثيرا ما عبر الأمير عن اعتزازه بانتسابه للصوفية الذين يصفهم بأشرف الأوصاف، سواء في أشعاره أو مواقفه وقد ذكر في الموقف 265 أن أكثر الناس يأبون عليه ما خوله الله من النعم الدنيوية والأخروية، ثم يقول عن نفسه :..."وأما انتسابك إلى الطائفة العلية والفرقة الناجية فذلك عندهم أبعد وأبعد"ويعني بالطائفة العلية السادة الصوفية حسب وصفه لهم في مواقف أخرى.

31 "تحفة الزائر"، ج2، ص399











رد مع اقتباس
قديم 2014-09-20, 15:56   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

كتاب المواقف مشهور النسبة للأمير، فقد نسبه له تلميذه عبد الرزاق البيطار في ترجمته وذكر أنه حضر عليه فيه، وذكره ابن ظافر في اليواقيت الثمينة وذكر المواقف من تآليفه، وابن مخلوف في شجرة النور كذلك، وصاحب هداية العارفين كذلك، وقد مدحه تلميذه عبد المجيد أفندي الخاني بهذه الأبيات وضمنها أن لابن عربي الفتوحات وللأمير المواقف فقال:

لله أفق صار مشرق دارتي ... قمرين هلا من ديار المغرب
الشيخ محيي الدين ختم الأوليا ... قمر الفتوحات الفريد المشرب
والفرد عبد القادر الحسني الأمير ... قمر المواقف ذا الولي ابن النبي
من نال مع أعلى رفيق أرخوا ... أزكى مقامات الشهود الأقرب

وترجم له العلامة يوسف النبهاني في جامع كرامات الأولياء وعد تأليفه المواقف من كراماته ونقل منها.

ومدحه تلميذه الشيخ محمد بن الشيخ محمد المبارك المغربي الجزائري بمقامة فيها قصيدة قال فيها يذكر المواقف:

فانظر مواقفه وحسبك أنها ... تروي حديث صحيحه المتواتر
الله أكبر كم بها من آية ... شهدت له بفضائل ومآثر

وقد زاره ووصفه العلامة الأديب الرحلة محمد السنوسي صاحب الرحلة الحجازية وذكر أن له أجوبة ارتجالية في أذواق التصوف تدل على علو مرتبته .. ثم ذكر أنه وقف له على نحو الثلاثين كراسا في تفسير آيات بطريق باطني عالي المشرب من تحريرات هذا الأمير تدل على صدق اعتقاد أهل دمشق فيه بأنه على قدم الشيخ الأكبر سيدي محي الدين بن عربي ..

ونسبه له كذلك الزركلي في الأعلام وكحالة في معجم المؤلفين وكل من ترجم له.

وأخبر السيد محمد العربي العزوزي عن شيخه محمد بن علي بن أبي طالب الحسني أنه قرأ على ابن عم أبيه الأمير عبد القادر الجزائري رسالة المستوفز للمحي ابن عربي.










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-20, 16:01   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الدكتور أبو القاسم سعد الله في موسوعته تاريخ الجزائر الثقافي الجزء السابع

قال -حفظه الله وأطال عمره :" ومن أشهر مؤلفات الأمير كتاب ( المواقف ) الذي يقع في ثلاثة مجلدات , وكان الأمير قد استغرق في التصوف منذ حجّه , وقد اختلى في غار حراء أثناء مجاورته . وفي دمشق كانت له خلوة يتعبد فيها . وفي آخر سنواته ازداد تعمقاً في هذا الباب , وكان يطالع أمهات كتب التصوف ومنها الفتوحات المكية وفصوص الحكم لابن العربي , الذي يعده شيخه الأكبر . ويبدو أنه قد تأثر به كثيراً في ( المواقف ) إذ بناها على نظريات شيخه , حسب العارفين بهذا الفن . , , , وكتاب ( المواقف ) يضم 372 موقفاً , وقد طبع مرتين أولاهما كانت في عهد ابنه محمد , اي سنة 1911 . وقد قدم الأمير كتابه بعبارات صوفية مغرقة ووشح ذلك بمقامة أدبية -خيالية عن معشوقة تشبه معشوقة ابن الفارض . وكل موقف من مواقفه تقريباً يبدأ بآية ذات معنى توحيدي أو صوفي , ثم يأخذ في شرح الآية شرحاً صوفياً يتغلب عليه الفكر الباطني الذي يعبر عنه بالأسرار والغيبة عن الشهود , وطالما عرّ ض الأمير بأهل الرسوم وعلماء الظاهر الذين لا يدركون أسرار الوجود ولا الحقيقة الإلهية . , , , وقد أورد عدداً من المرايا التي حدثت له , وجاء بأخبار و ( مواقف ) حدثت له , يقظة أو مناماً منذ كان في الجزائر , ولا سيما منذ حج ثانية . يقول الأمير في المقدمة : " هذه نفثات روحية , وإلقاءات سبوحية , بعلوم وهبية , وأسرار غيبية , من وراء طول العقول , وظواهر النقول , خارج عن أنواع الاكتساب , والنظر في كتاب , قيدتها لإخواننا الذين يؤمنون بآياتنا , , ," . ومن الواضح أنه كتب المواقف "لإخوانه" الصوفية أو الذين لهم استعدادات صوفية , مؤمنين بمبادئ أهل الباطن ذوي اللقاءات السبوحية , , , .
آمن الأمير بوحدة الوجود تبعاً لشيخه ابن عربي . وهو يتمنى أن يكون إيمانه كإيمان العجائز .
ومما يذكر أن الناشر للمواقف اعتمد على عدة نسخ . منها نسخة الأمير بخط يده . وقوبلت على نسخة جمال الدين القاسمي التي كانت بدار الكتب الظاهرية , ثم نسخة عبد الرزاق البيطار ( وهو صديق الأمير وتلميذه ) وكانت على هذه النسخة تعاليق بخط الأمير نفسه ...أهـــ
فانظر لهذا النقل الهام الذي يهدم كل قول سفيه...
وفيه إثبات لتعليق الأمير على الكتاب بخلاف ما زعمه فلان من النّاس ...
وانظر أيضا الأعلام للزركلي ....
والشيخ البيطار حجة أيضا...
ولتلعم أن الشيخ سعد الله في التاريخ الجزائري متخصص وله مؤلفات عدّة يذكر في رحلته التي لم يشمّها هذا ...:
:" وقد استمر بحثي عنها في كل المظان الممكنة : دمشق والاسكندرية واسطانبول وباريس , وهي البلدان التي تردد عليها المؤلف والتي يوجد فيها منم يهمه موضوع الكتاب , وكانت النتائج دائماً مخيبة للأمل , ولكن اليأس لم يتطرق إلى البال , وزاد حماسي للبحث أن الطبعة الثانية للكتاب التي صدرت بعناية الدكتور ممدوح حقي لم تقدم نقداً ما لقضية النسخة المسروقة , , , وفي زيارتي إلى اسطانبول بتاريخ أغسطس 1970 , تمكنت من الاطلاع على نسخة مخطوطة من كتاب ( تحفة الزائر . . .) في احدى مكتبات اسطانبول .:" إننا نرجح أن" عودة" الأمير إلى التصوف بتلك الصفة التي تدعو للدهشة كانت هروباً من محاولات استعماله في أدوار لم ير الفرصة سانحة للقيام بها , وقد كانت له همة قعساء ومروءة شماء أيضاً . فرأى أن خير ما يبتعد به هو اللجوء إلى الفتوحات المكية وفصوص الحكم لابن عربي , وغيرها من كتب الحقيقة الصوفية , , , وكثيراً ما وجدناه في ( المواقف ) يردد عبارة معينة , وهي أنه كان في حالة مشاهدة فصعق فكلمه الله وقال له : إنني أنا الله لا إله إلا أنا , وكان يحصل له , كما أخبر , بعد الرجوع إلى الحس , فرح وبشارة .
وجاء في( المواقف) الأول قوله : " إن الله قد عودني أنه مهما أراد أن يأمرني أو ينهاني أو يبشرني أو يحذرني أو يعلمني علماً . . . إلا ويأخذني مني مع بقاء الرسم , ثم يلقي إليّ ما أراد بإشارة آية كريمة من القرآن , ثم يردني إليّ فأرجع بالآية قرير العين ملآن اليدين , ثم يلهمني ما أراد بالآية ". ...أهـ










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-20, 16:23   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

وصية الامير عبدالقادر بدفنه الى جانب ضريح الشيخ الاكبر ابن عربي



وافاه الأجل بدمشق في منتصف ليلة 19 رجب 1300 هـ / 23 مايو 1883 عن عمر يناهز 76 عاما، وقد دفن بجوار الشيخ ابن عربي بالصالحية بدمشق لوصية تركها اذ توارثت عائلة الأمير حكاية أن الأمير عبد القادر، قال إنه شاهد في منامه محي الدين بن عربي يحدثه قائلا: ”لقد بنيت لك بيتا جنبي” وهو ما فسّره الأمير عبد القادر بوصية دفنه إلى جانب الشيخ بن عربي”

جميع أهل الشام يعرفون جيدا الطريق إلى حي "الشيخ محيي الدين"، فلا يكاد يمر أسبوع على أحدهم حتى يشد الرحال إلى مسجد شيخ الطرق الصوفية العلامة "محيي الدين بن عربي" حيث يوجد ضريحه، وعلى بعد مترين وفي نفس الغرفة التي تحوي رفات بن عربي وأبناءه، يوجد قبر الأمير عبد القادر الجزائري، الذي دفن في هذا المكان تحديدا بناء على وصيته، ويقول المشرف على المكان الشيخ "سعيد يحياوي": "لم يوصي الأمير بهذا الأمر طمعا في شهرة أو خلود بعد الممات، مثلما فعل الكثير من السياسيين والقادة الشاميين الذين حرصوا على تشييد قبورهم على مقربة من قبور الصحابة والعلماء، وإنما بدافع الحب الكبير الذي حمله الأمير في قلبه طيلة حياته للشيخ الجليل محيي الدين بن عربي، حب أبى ألا يقتصر على الحياة الدنيا، فطالما اقتدى الأمير ببن عربي، وطالما تمنى استكمال حياة ما بعد الموت برفقته"، ويضيف الشيخ "سعيد": "من هذا المكان جدد الأمير عبد القادر الفكر الصوفي، وعلى منبر هذا المسجد حمل شعلة الجهاد والعلم حتى استحق أن يكون خليفة الشيخ محيي الدين بن عربي، فرحمة الله على علماء الأمة المخلصين"
الجثمان غائب لكن الروح حاضرة
يقع مسجد الشيخ محيي الدين بن عربي في أحد أحياء دمشق القديمة الواقعة في سفح جبل قاسيون، وبين الأزقة الضيقة والمباني القديمة والأسواق العتيقة، تتحرك أقدام الزائرين ببطء وسط الزحام لتصل إلى هذا المسجد القديم، وعبر سلم رخامي يؤدي إلى غرفة أسفل هذا المسجد، تتدافع الوفود الصوفية القادمة من كل أنحاء العالم الإسلامي، وبالأخص من باكستان ودول شرق آسيا يرافقها الكثير من أبناء طوائف الإسلام الأخرى، باحثة عن المكان الذي رقد فيه الأمير عبد القادر، في تلك الأثناء انتابتني مشاعر متضاربة، وتساءلت في حيرة: كيف عرفت هذه الشعوب الأمير الجزائري المجاهد؟، وأي سيرة تركها الرجل في نفوس هؤلاء؟، ولماذا الإصرار على زيارة القبر رغم خلوه من جثمان صاحبه؟، فقالت مواطنة سورية انتهت لتوها من قراءة فاتحة الكتاب: "أعلم أن الجثمان غائب.. لكن الروح حاضرة"، إجابة لم تضع حدا لحيرتي، بل فجرتها أكثر، فهي تحمل أكثر من معنى، لكنها تؤكد عشق وإخلاص أهل الشام للأمير، الذي أحب الشام ودافع عن أهلها وعن مستقبلهم مثلما دافع عن الجزائر وتاريخها، ففي عام 1964 تم نبش هذا القبر، لتنقل طائرة جزائرية رفات الأمير عبد القادر إلى مقبرة الشهداء بالجزائر العاصمة، حقيقة يعرفها الجميع، لكن فرط الحب للأمير الذي أثر أيما تأثير في حياة السوريين يدفعهم لعدم نسيانه، حتى وإن استقر به المقام في الجزائر، لدرجة أن السلطات السورية تعتني بالقبر عناية خاصة لمكانة صاحبه الكبيرة في التاريخ السوري، لكن ثمة حكايات أخرى يتداولها أهل المشرق حول الفترة التي قضاها الأمير هناك










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-20, 16:26   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
احمد الطيباوي
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

كتاب "المواقِف الرُوحية والفُيوضَات السّبُوحيَة"
للامير عبدالقادر الجزائري



تعريف بالكتاب:

من أبرز التعاريف التي حضي بها هذا الكتاب الشهير و النادر ما أورده المؤرخ الجزائري الدكتور أبو القاسم سعد الله في موسوعته تاريخ الجزائر الثقافي الجزء السابع

قال حفظه الله تعالى وأطال عمره :" ومن أشهر مؤلفات الأمير كتاب ( المواقف ) الذي يقع في ثلاثة مجلدات ، وكان الأمير قد استغرق في التصوف منذ حجّه ، وقد اختلى في غار حِراء أثناء مجاورته.
- وفي دمشق كانت له خلوة يتعبد فيها. وفي آخر سنواته ازداد تعمقاً في هذا الباب ، وكان يطالع أمهات كتب التصوف ومنها الفتوحات المكية وفصوص الحكم لابن العربي ، الذي يعده شيخه الأكبر.

- ويبدو أنه قد تأثر به كثيراً في ( المواقف ) إذ بناها على نظريات شيخه، حسب العارفين بهذا الفن،،، وكتاب ( المواقف ) يضم 372 موقفاً ، وقد طبع مرتين أولاهما كانت في عهد ابنه محمد ، أي سنة 1911.

- وقد قدم الأمير كتابه بعبارات صوفية مغرقة ووشح ذلك بمقامة أدبية -خيالية عن معشوقة تشبه معشوقة ابن الفارض ، وكل موقف من مواقفه تقريباً يبدأ بآية ذات معنى توحيدي أو صوفي ، ثم يأخذ في شرح الآية شرحاً صوفياً يتغلب عليه الفكر الباطني الذي يعبر عنه بالأسرار والغيبة عن الشهود ، وطالما عرّ ض الأمير بأهل الرسوم وعلماء الظاهر الذين لا يدركون أسرار الوجود ولا الحقيقة الإلهية.


- وقد أورد عدداً من المرايا التي حدثت له ، وجاء بأخبار و ( مواقف ) حدثت له ، يقظة أو مناماً منذ كان في الجزائر ، ولا سيما منذ حج ثانية . يقول الأمير في المقدمة : " هذه نفثات روحية ، وإلقاءات سبوحية ، بعلوم وهبية ، وأسرار غيبية ، من وراء طول العقول ، وظواهر النقول ، خارج عن أنواع الاكتساب ، والنظر في كتاب ، قيدتها لإخواننا الذين يؤمنون بآياتنا ".

- ومن الواضح أنه كتب المواقف "لإخوانه" الصوفية أو الذين لهم استعدادات صوفية ، مؤمنين بمبادئ أهل الباطن ذوي اللقاءات السبوحية...


آمن الأمير بوحدة الوجود تبعاً لشيخه ابن عربي . وهو يتمنى أن يكون إيمانه كإيمان العجائز.
ومما يذكر أن الناشر للمواقف اعتمد على عدة نسخ . منها نسخة الأمير بخط يده.
وقوبلت على نسخة جمال الدين القاسمي التي كانت بدار الكتب الظاهرية ، ثم نسخة عبد الرزاق البيطار ( وهو صديق الأمير وتلميذه ) وكانت على هذه النسخة تعاليق بخط الأمير نفسه.

المصدر:

تاريخ الجزائر الثقافي للدكتور أبو القاسم سعد الله الجزء السابع.

بيانات الكتاب:

- كتاب: المواقف الروحية والفيوضات السبوحية.
- تصنيف: الأمير عبد القادر الجزائري الحسني.
- تحقيق: الشيخ الدكتور عاصم إبراهيم الكيالي الحُسيني الشاذلي الدرقاوي.
- رقم الطبعة: الأولى.
- تاريخ الإصدار: 1425هـ/ 2004م.
- طباعة ونشر: دار الكتب العلمية - بيروت - لبنان.
- منشورات: محمد علي بيضون.
- عدد الأجزاء: 2 تم دمجهم للتسلسل.
- الحجم بالميجا: 30,2

تحميل الكتـاب
الجزء الأول والثاني معا على هذا الرابط
https://archive.org/details/Almawaqif.Alruhiyah


Mo.










رد مع اقتباس
قديم 2014-09-24, 11:22   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
anise2011
عضو برونزي
 
الأوسمة
العضو المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم أخي









رد مع اقتباس
قديم 2014-10-09, 12:45   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
djmokhtar
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا على الموضوع










رد مع اقتباس
قديم 2018-11-26, 14:12   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
mimi milo2
محظور
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-23, 14:51   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
zafer h
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بعد شكر السيد أحمد الطيباوي أنوه أن والدة عبد المجيد هي ابنة الأمير عبد القادر فالدكتور خلدون من ذرية الأمير عبد القادر فيرجى التحقق من أي معلومة قبل ذكرها










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-23, 21:53   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
أبوإبراهيــم
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

الله سبحانه وتعالى بعث الأنبياء والمرسلين وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم من أجل عبادته وحده وطهر النبي صلى الله عليه وسلم كل العقائد الشركية والوثنية والتعلق بالأنبياء والأولياء والملائكة وغيرهم

وللأسف عادت الوثنية إلى أمة محمد صلى الله عليه وسلم بقوة وهناك من يروج لها بدون حياء ولا خجل










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-24, 20:21   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
zafer h
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الأخ أبو ابراهيم الأثري الأساس بالتصوف هو الزيادة بذكر الله والقيام بالنوافل والتفكر الذي أمرنا به الله سبحانه وتعالى ولو درست الحركات التي جاهدت ضد الاحتلالات الاستدمارية للأراضي الاسلامية لوجدنا أن قادتها هم المتصوفة لذلك أنشأ أعداء الأمة حركات تدعي التصوف وما هي من التصوف بشيء فذكر الله لا يتم مع الهز كالراقصات والقفذ كالقرود وبعض هذه المجموعات حاربت إلى جانب فرنسا ضد الأمير عبد القادر










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-26, 14:37   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
أبوإبراهيــم
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zafer h مشاهدة المشاركة
الأخ أبو ابراهيم الأثري الأساس بالتصوف هو الزيادة بذكر الله والقيام بالنوافل والتفكر الذي أمرنا به الله سبحانه وتعالى ولو درست الحركات التي جاهدت ضد الاحتلالات الاستدمارية للأراضي الاسلامية لوجدنا أن قادتها هم المتصوفة لذلك أنشأ أعداء الأمة حركات تدعي التصوف وما هي من التصوف بشيء فذكر الله لا يتم مع الهز كالراقصات والقفذ كالقرود وبعض هذه المجموعات حاربت إلى جانب فرنسا ضد الأمير عبد القادر
أخي الكريم ، يجب أن نتقيد بالمصطلحات عند شيوعها ، فمعلوم الآن ماذا تعني الصوفية

فالصوفية أصلا درجات ، فهناك من يبتدعون في الدين والأدعية والأذكار ، وهؤلاء لا يصلون إلى حد الشرك ولكنهم ابتدعوا في دين الله

وهناك من يعبد شيخ طريقتهم ويطيعه في تحليل الحرام وتحريم الحلال مثلما عبد النصارى رهبانهم

وهناك من يدعو الأموات ويستغيث بهم من دون الله ويدعو الأنبياء والملائكة وغيرهم وهذا هو عين الشرك الذي حاربه الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

وهناك من يعتقد أن التكليف سقط عن بعض الدجاجلة الذين يقدسونهم وهذا كفر دين الله سبحانه

فكما ترى يا أخي أن الصوفية كلها شر وأدنى أحوالها أن تكون في دائرة البدعة وإن كانت قد سلمت من الشرك

ناهيك عن عقيدة الإتحاد ووحدة الوجود ، نسأل الله العافية

أما مسألة مقاومة الإستعمار فلا تعني شيئا أخي الكريم ، فمن الطبيعي أن أي شخص مسلم أو كافر أو ملحد إذا تعرضت أرضه للإحتلال سيقوم ليدافع عنها









رد مع اقتباس
قديم 2019-01-27, 07:21   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
zafer h
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

الأخ الكريم التعميم بأي مسألة هو من أكبر الأخطاء التي نرتكبها فقد وجدت إنحرافات لمن يدعي السلفية فهل تقبل تعميم الأمر على أي سلفي وأنا أتكلم كمسلم لا يتبع أي فئة ولكن أقول لمن انحرف بأمر ما لقد جانبت الصواب بهذا الأمر ومن أكبر الأخطاء التي نرتكبها التسرع بالتكفير أو الاتهام بالردة ولقد فرقت بكتابتي بين فئتين المنحرفة وغير المنحرفة ونبهت لتأمر أعداء الأمة على هذه الأمة ولقد ذكرت بكتابتك وحدة الوجود فمن يريد أن يقرأ لفئة عليه أن يقرأ من خلال مصطلحاتها وليس من خلال مفاهيمه فقد قرأت منذ مدة الجزء الأول من كتاب المواقف بتحقيق الدكتور بكري علاء الدين فوجدت بالموقف الثالث ذكر لوحدة الوجود وفسر بالحديث الصحيح لرسول الله صل الله عليه وسلم ما تقرَّبَ إليَّ عبدٌ بمثلِ أداءِ ما افترضتُه عليه ، ولا يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافلِ حتى أحبَّه ، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به ، وبصرَه الذي يُبصِرُ به ، ويدَه التي يَبطِشُ بها ، ورجلَه التي يمشي بها ، فبيَّ يسمعُ ، وبي يُبصرُ ، وبي يَبطشُ ، وبي يمشي ، ولئن سألني لأعطينَّه ، ولئن استعاذني لأعيذنَّه ، وما ترددتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه ترددي عن قبضِ نفسِ عبدي المؤمنِ ، يكرُه الموتَ ، وأكرُه مساءتَه ، ولا بدَّ له منه وقد ذكر بأكثر من موقع عندما يلتبس على القارئ الفهم عدم الاتهام بالزندقة والحلول وقد قرأت شعر لجمال الدين القاسمي بنهاية الجزء الأول من كتاب المواقف والتي نسخها بخط يده يمتدح بها التصوف الحقيقي وهو أول من دعى للسلفية ببلاد الشام بذلك الوقت وعلينا اتباع قول رسول الله صل الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده










رد مع اقتباس
قديم 2019-01-30, 20:26   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
أبوإبراهيــم
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة zafer h مشاهدة المشاركة
الأخ الكريم التعميم بأي مسألة هو من أكبر الأخطاء التي نرتكبها فقد وجدت إنحرافات لمن يدعي السلفية فهل تقبل تعميم الأمر على أي سلفي وأنا أتكلم كمسلم لا يتبع أي فئة ولكن أقول لمن انحرف بأمر ما لقد جانبت الصواب بهذا الأمر ومن أكبر الأخطاء التي نرتكبها التسرع بالتكفير أو الاتهام بالردة ولقد فرقت بكتابتي بين فئتين المنحرفة وغير المنحرفة ونبهت لتأمر أعداء الأمة على هذه الأمة ولقد ذكرت بكتابتك وحدة الوجود فمن يريد أن يقرأ لفئة عليه أن يقرأ من خلال مصطلحاتها وليس من خلال مفاهيمه فقد قرأت منذ مدة الجزء الأول من كتاب المواقف بتحقيق الدكتور بكري علاء الدين فوجدت بالموقف الثالث ذكر لوحدة الوجود وفسر بالحديث الصحيح لرسول الله صل الله عليه وسلم ما تقرَّبَ إليَّ عبدٌ بمثلِ أداءِ ما افترضتُه عليه ، ولا يزالُ عبدي يتقرَّبُ إليَّ بالنوافلِ حتى أحبَّه ، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمعُ به ، وبصرَه الذي يُبصِرُ به ، ويدَه التي يَبطِشُ بها ، ورجلَه التي يمشي بها ، فبيَّ يسمعُ ، وبي يُبصرُ ، وبي يَبطشُ ، وبي يمشي ، ولئن سألني لأعطينَّه ، ولئن استعاذني لأعيذنَّه ، وما ترددتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه ترددي عن قبضِ نفسِ عبدي المؤمنِ ، يكرُه الموتَ ، وأكرُه مساءتَه ، ولا بدَّ له منه وقد ذكر بأكثر من موقع عندما يلتبس على القارئ الفهم عدم الاتهام بالزندقة والحلول وقد قرأت شعر لجمال الدين القاسمي بنهاية الجزء الأول من كتاب المواقف والتي نسخها بخط يده يمتدح بها التصوف الحقيقي وهو أول من دعى للسلفية ببلاد الشام بذلك الوقت وعلينا اتباع قول رسول الله صل الله عليه وسلم المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده
أولا : أعوذ بالله من التكفير أو التسرع فيه ، فأنا لم أعين أشخاصا ولا جماعات ، أنا قلت من يقول بوحدة الوجود أو يعبد الصالحين و يذبح لهم ويدعوهم من دون الله أو من يعتقد أن لشيخه الحق في التشريع في التحليل والتحريم فهذا من الكفر الواضح المستبين

ثانيا : نحن مأمورين بإتباع الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ولفظ السلفية انما أطلق نسبة إلى السلف الصالح فهو ليس جماعة وليس فرقة وليس بينهم إختلاف ، فإما أن تكون سلفيا أو لا تكون

والآن أقول لك ضع عقائد الصوفية بكل انواعها في ميزان الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح وأنظر بعدل وصدق









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الامير, الجزائري, تشوف, عبدالقادر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:12

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc