موضوع مميز o.O(«« عبقات وقطوف رمضانية <<اليوم السابع >>*** <<بنت الجزائرية >>»»)O.o° - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

o.O(«« عبقات وقطوف رمضانية <<اليوم السابع >>*** <<بنت الجزائرية >>»»)O.o°

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-06-23, 22:10   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
بنت الجزائرية
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي o.O(«« عبقات وقطوف رمضانية <<اليوم السابع >>*** <<بنت الجزائرية >>»»)O.o°

]

بسم الله الرحمان الرحيم

بعد الصلاة والسلام على نبي الله اتقدم بعبقاتي الرمضانية راجية من المولى ان تعم الفائدة على كل الاخوة

دعاء اليوم
للّهُمَّ اَعِنّي فيهِ عَلى صِيامِهِ وقيامه وَ جَنِّبني فيهِ مِن هَفَواتِهِ وَاثامِهِ وَ ارْزُقني فيهِ ذِكْرَكَ بِدَوامِهِ ِتَوْفيقِكَ يا هادِيَ المُضِّلينَ
عبقة الاولى هل أنت منهم ؟!
هكذا تنصرَّم أيام شَهرِنا ولَيَالِيه، وقد تفاوت الناس في استثمارها.

فمن الناس من يسابق وينافس في أنواع القربات، كلٌّ بما فتح الله عليه، ومنهم من لم يراوح سيئاته، واستمر على عصيانه، نسأل الله أن يهدينا جميعًا.

غير أن هناك مِنَحًا إلهية، التفريط فيها أقبح وأقبح، فهو خسارة غير مجبورة، فلنتأمل مثلاً في الحديث التالي:

عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله r: "وللهِ عُتَقَاءُ مِنَ النار، وذلك كلَّ ليلة". رواه الترمذي وابن ماجه.

وروى ابن ماجه عن جابر t قال: قال رسول الله r: "إنَّ للهِ عندَ كُلِّ فِطْرٍ عُتَقَاءَ، وذلك في كلِّ ليلة". ورواه أحمد من حديث أبي أمامة t.

يا أخي، ويا أختي، لو سأل كلٌّ منا نفسه: هل أنا ممن فاز بهذه المنحة الربانية، ولو لليلةٍ واحدةٍ من الليالي المنصرمة؟!

بالتأكيد أنَّ أحدًا منا لا يدري عن ذلك.

ولكن مطلوب من المسلم والمسلمة أن يبذل الأسباب التي تجعله مهيأً لهذه المنحة الكبرى، ويكون ذلك بالأعمال الصالحة، ومجاهدة النفس في الكف عن السيئات.

إنَّ كلَّ واحدٍ مِنَّا أدرى بنفسه، وأعلم بتقصيره، فما عليه إلا أن ينظر في موضع الخلل ويبادر بإصلاحه، سواءٌ أكان تفريطًا في حقوق الله، أو تضييعًا لحقوق الناس، وليحسن فيما بقي؛ فإنَّ الأعمال بالخواتيم، فإن كان الختام سيئًا فذلك علامةُ الرد، ولا حول ولا قوة إلا بالله. وإن كان ختام الشهر طيبًا، كان كلُّ العمل طيبًا، نسأل الله التوفيق والقبول.

ونسأله تعالى أن يَهَبَ لنا من لَدُنه رحمةَ، إنه هو الوهاب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

عبقة الثانية وقفة مع النفس
بعد رحيل العشر الاوائل من رمضان ها هي العشر الأول من رمضان رحلت أو أوشكت على الرحيل، وثمة حديث يخالج النفس في ثنايا هذا الوداع.. تُرى ماذا حفظت لنا؟ وماذا حفظت علينا؟ إن ثمة تساؤلات عريضة تبعثها النفس في غمار هذا الوداع.

- أول هذه التساؤلات كم تبلغ مساحة هذا الدين من اهتماماتنا؟ هل نعيش له؟ أم نعيش لأنفسنا وذواتنا؟ كم نجهد من أجله؟ كم يبلغ من مساحة همومنا؟ إن العيش في حد ذاته يشترك فيه الإنسان مع غيره من المخلوقات، ولا ينشأ الفرق إلا عندما تسمو الهمم، وتكبر الأهداف.

وعلى أعتاب العشر الثانية آمل ألا يكون نصيبي ونصيبك قول الله عز وجل: {رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ} [التوبة: 87]. فالسابقون مضوا، والسير حفظت لنا قول بكر بن عبد الله: "من سره ينظر إلى أعلم رجل أدركناه في زمانه فلينظر إلى الحسن فما أدركنا أعلم منه، ومن سره أن ينظر إلى أورع رجل أدركناه في زمانه فلينظر إلى ابن سيرين إنه ليدع بعض الحلال تأثمًا، ومن سره أن ينظر إلى أعبد رجل أدركناه فلينظر إلى ثابت البناني فما أدركنا أعبد منه، ومن سره أن ينظر إلى أحفظ رجل أدركناه في زمانه وأجدر أن يؤدي الحديث كما سمع فلينظر إلى قتادة". وليت شعري أن نكون وإياك أحد هؤلاء.

- سؤال آخر يتردد: حرارة الفرحة التي عشناها في مقدم رمضان تسائلنا: هل ما زالت قلوبنا تجل الشهر؟ وتدرك ربيع أيامه؟ أم أن عواطفنا عادت كأول وهلة باردة في زمن الخيرات، ضعيفة في أوقات الطاعات؟

ورحم الله سلفنا الصالح فلكأنما تقص سيرهم علينا عالمًا من الخيال حينما تقول: قال الأوزاعي: كانت لسعيد بن المسيب فضيلة لا نعلمها كانت لأحد من التابعين، لم تفته الصلاة في جماعة أربعين سنة، عشرين منها لم ينظر إلى أقفية الناس. وكانت امرأة مسروق تقول: والله ما كان مسروق يصبح ليلة من الليالي إلا وساقاه منتفختان من طول القيام، وكنت أجلس خلفه فأبكي رحمةً له، إذا طال عليه الليل وتعب صلى جالسًا ولا يترك الصلاة، وكان إذا فرغ من صلاته يزحف كما يزحف البعير من الضعف.

قال أبو مسلم: لو رأيت الجنة عيانًا أو النار عيانًا ما كان عندي مستزاد، ولو قيل لي: إن جهنم تسعّر، ما استطعت أن أزيد في عملي. وكان يقول: أيظن أصحاب محمد r أن يسبقونا عليه، والله لأزاحمهم عليه؛ حتى يعلموا أنهم خلّفوا بعدهم رجالاً.

وفي ظل هذه الأخبار تُرى كم من صلاة في الجماعة ضاعت؟ وكم نافلة في صراع الأعمال تاهت؟ تُرى كم من لحوم إخواننا هتكناها بأنيابنا؟ تُرى كم هي الخيانة التي عاثتها أعيننا في رحاب الحرمات؟ كم خطت أقدامنا من خطو آثم؟ كم، وكم من عالم الحرمات هتّكت فيه الأسوار بيننا وبين الخالق؟ والمعصية أيًّا كانت، حتى لو عاقرناها في ليالي رمضان فلا تبقى خندقًا تحاصركم..

وهي كما قال بعض العلماء: "أي خلال المعصية لا تزهدك فيها: الوقت الذي تقطعه من نفيس عمرك حين تواقعها، وليس يضيع سدى، بل يصبح شؤمًا عليك؟ أم الأخدود الذي تحفره في قلبك وعقلك ثم تحشوه برذائل الاعتياد والإلف السيئ والإدمان الخبيث، والذكريات الغابرة التي يحليها لك الشيطان ليدعوك إلى مثلها، ويشوقك إليها؟ أم استثقال الطاعة والعبادة والملل منها وفقد لذتها وغبطتها، أم إعراض الله عنك وتخليته بينك وبين نفسك حتى وقعت فيما وقعت، أم الوسم الذي تميزك به حين جعلتك في عداد الأشرار والفجار والعصاة، أم الخوف من تحول قلبك عن الإسلام حين تجد حشرجة الموت وكرباته وغصصه، فيا ويلك إن مت على غير ملة الإسلام".

- سؤال ثالث يتردد معاشر الدعاة والمصلحين والمربين، عُدّوا لي -بارك الله فيكم- في شهر رمضان فقط: ماذا قدمتم لمجتمعاتكم من خير؟ دينكم الذي تتعبدون به هل نجحتم في طريقة عرضه؟ فالبائع ينجح بقدر ما يحسن في طريقة العرض، وأنتم أولى هؤلاء بحسن الطريقة، ونوعية التقديم. مجتمعاتكم بكل من فيها، ماذا قدمتم لها؟ مسجد الحي، وجيران البيت، وأقارب الأسرة، أولى الناس بمعروفك فأين هم من مساحة اهتماماتك؟

أسئلة تتردد على الشفاه، أوَليس رمضان فرصة سانحة للإجابة عنها؟ أملي أن يكون ذلك. وكل ما أرجوه أن لا تخرج نفسك -أخي الفاضل- من قطار الدعاة والمصلحين والمربين أيًّا كنت، وفي ظل أي ظروف تعيش؛ فالمسئولية فردية. وعندما نحسن فن التهرب من المسئولية نكون أحوج ما نكون إلى من يأخذ بأيدينا، ويحاول إخراجنا من التيه الكبير. يقول أبو إسحاق الفزاري: "ما رأيت مثل الأوزاعي والثوري، فأما الأوزاعي فكان رجل عامة، وأما الثوري فكان رجل خاصة، ولو خيِّرت لهذه الأمة، لاخترت لها الأوزاعي".

وأخيرًا، رحلت العشر الأول ولئن كنا فرطنا فلا ينفع ذواتنا بكاء ولا عويل، وما بقي أكثر مما فات، فلنُري الله من أنفسنا خيرًا، فالله الله أن يتكرر شريط التهاون، وأن تستمر دواعي الكسل، فلُقْيَا الشهر غير مؤكدة، ورحيل الإنسان مُنتظر، والخسارة مهما كانت بسيطة ضعيفة، فهي في ميزان الرجال قبيحة كبيرة.

فوداعًا يا عشر رمضان الأُوَل، سائلاً الله تعالى أن يكتب لك النجاة، وأن يجعلك في عداد الفائزين، وأن يعينك على ما بقي من شهر الخير. والله يتولاك

كن ولا تكن في رمضان
1- كُنْ ممَّن يدخل بابَ الرَّيَّان:
عن سَهْلٍ رضي الله تعالى عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم، قال: "إنَّ في الجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ له الرَّيَّانُ، يدخل منه الصَّائمونَ يَوْمَ القيامة، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، يُقَالُ: أين الصَّائمونَ؟ فيقومون، لا يدخل منه أحدٌ غيرهم، فإذا دخلوا أُغْلِقَ؛ فلم يدخل منه أحدٌ" [1].

2- كُنْ ممَّن يُغْفَر له ما تقدَّم من ذنبه:
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صام رمضانَ إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذنبه، ومَنْ قام ليلة القَدْرِ إيمانًا واحتسابًا؛ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ من ذنبه" [2].

3- كُنْ ممَّن يُصلِّي الله والملائكة عليه:
عن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "السَّحُورُ أَكْلُهُ بَرَكَةٌ؛ فلا تَدَعُوهُ، ولو أن يَجْرَعَ أحدكم جُرْعَةً من ماءٍ؛ فإنَّ اللَّه عزَّ وجَلَّ وملائكته يصلُّون على المُتَسَحِّرينَ" [3].

4- كُنْ ممَّن صام الدَّهر على الطريقة الصحيحة:
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه قال: سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "شهر الصَّبر، وثلاثة أيامٍ من كلِّ شهرٍ؛ صَوْمُ الدَّهر" [4].

عن أبي أيوب الأنصاريِّ رضي الله تعالى عنه قال: إنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ صام رمضان، ثمَّ أَتْبَعَهُ ستًّا من شَوَّالٍ؛ كان كصيام الدَّهر" [5].

5- كُنْ ممَّن يُضاعَف صيامه:
عن زيد بن خالدٍ الجُهَنِيِّ رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ فَطَّرَ صائمًا؛ كان له مثل أَجْرِهِ، غير أنَّه لا يَنْقُصُ من أَجْرِ الصَّائم شيئًا" [6].

6- كُنْ ممَّن يعمل عملاً لا مِثْل له:
عن أبي أُمامةَ رضي الله تعالى عنه أنَّه سأل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أيُّ العمل أفضلُ؟ قال: "عليكَ بالصَّوْم؛ فإنَّه لا عِدْلَ له" [7].

7- كُنْ ممَّن يفرح مرَّتَيْن لا مرَّة واحدة:
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم: "قال اللَّه: كلُّ عمل ابن آدم له، إلاَّ الصِّيام؛ فإنَّه لي، وأنا أجْزِي به، والصِّيام جُنَّةٌ، وإذا كان يوم صَوْم أحدكم فلا يَرْفُثْ ولا يَصْخَبْ؛ فإن سابَّه أحدٌ أو قاتلَه؛ فليقل: إنِّي امْرُؤٌ صائمٌ، والذي نَفْسُ محمَّدٍ بيده؛ لخُلُوفُ فم الصَّائم أطيب عند اللَّه من ريح المِسْك. للصَّائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقيَ ربَّه فرح بصوْمه" [8].

8- كُنْ ممَّن لا يظمأ أبدًا:
عن سَهْل بن سعدٍ رضي الله تعالى عنهعن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "للصَّائمين بابٌ في الجنَّة، يُقال له الرَّيَّان، لا يدخل فيه أحدٌ غيرهم، فإذا دخل آخِرهم أُغْلِقَ. مَنْ دخل فيه شرب، ومَنْ شرب لم يظمأ أبدًا" [9].

9- كُنْ ممَّن يَجعل له وقايةً منَ النَّار:
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنهعن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "الصِّيام جُنَّةٌ، وحِصْنٌ حصينٌ منَ النَّار" [10].

10- كُنْ ممَّن يتخلَّق بأخلاق النبوَّة:
عن أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثٌ مِنَ النُّبُوَّةِ: تعجِيل الإِفطارِ، وتأخِير السُّحورِ، ووَضْعُ اليمين على الشِّمال في الصَّلاة" [11].

11- كُنْ ممَّن يُظهِر الدِّين:
عن أبي هُرَيْرَةَ، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "لا يزال الدِّينُ ظاهرًا ما عَجَّلَ النَّاسُ الْفِطْرَ؛ لأنَّ اليهود والنَّصارى يؤخِّرون" [12].

12- كُنْ ممَّن يأكل منَ الغداء المبارك:
عن المِقْدام بن مَعْدِي كَرِب، عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "عليكم بغداء السُّحور؛ فإنه هو الغداء المبارك" [13].

13- كُنْ ممَّن يعمل عملاً لا يعلم جزاءه إلا الله:
عن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "كلُّ عمل ابن آدم له، إلا الصِّيام؛ فإنه لي، وأنا أجزي به" [14].

14- لا يكن صيامك كصيام أهل الكتاب:
عن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهأنَّ رسول اللَّه صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "فَصْلُ ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب: أَكْلَةُ السَّحَر" [15].

15- لا تكُنْ ممَّن يٌحْرَم العتق من النار ويُحْرَم الدعوة المستجابة:
عن أبي هُرَيْرَةَ أَو عن أبي سعيدٍ شَكٌ منَ الأعمش قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنَّ للَّه عُتَقَاءَ في كلِّ يومٍ وليلةٍ، لكلِّ عَبْدٍ منهم دعوةٌ مستجابةٌ" [16].

16- لا تكُنْ ممَّن يترك مكفِّرات الذُّنوب:
عن أبي هُرَيْرَةَ، أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقول: "الصَّلَوَات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضانَ - مكفِّراتٌ ما بينهنَّ؛ إذا اجْتَنَبَ الكبائر" [17].

عن حُذَيْفَةَ قال: قال عمر رضيَ اللَّه عنه: "مَنْ يحفظُ حديثًا عن النبي صلى الله عليه وسلم في الفتنة؟ قال حُذَيْفَةُ: أنا سمعته يقول: "فتنة الرَّجل في أهله وماله وجاره تكفِّرها الصَّلاة والصِّيام والصَّدقة" [18].

17- لا تكُنْ ممَّن يُبْعِده الله فيدخل النار:
عن جابر بن سَمُرَةَ رضي الله تعالى عنه قال: صعد النبيُّ صلى الله تعالى عليه وسلَّم المِنْبَرَ فقال: "آمين، آمين، آمين". فقال: "أتاني جبرائيل عليه الصلاة والسلام، فقال: يا محمَّد، مَنْ أدرك أحد أبوَيه، فمات، فدخل النَّار؛ فأبعده الله تعالى، فقُلْ: آمين. فقلتُ: آمين. فقال: يا محمَّد، مَنْ أدرك شهر رمضان، فمات، فلم يُغْفَر له، فأُدخل النَّار؛ فأبعده الله. فقُلْ: آمين. فقلتُ: آمين. فقال: ومَنْ ذُكِرْتُ عنده ولم يصلِّ عليك، فمات، فدخل النَّار؛ فأبعده الله. فقُلْ: آمين. فقلتُ: آمين" [19].

18- لا تكن ممَّن يُحْرَم الحج مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم:
عن ابن عبَّاسٍ، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لامرأةٍ منَ الأنصار، يقال لها أمُّ سِنانٍ: "ما منعكِ أن تكوني حججت معنا؟". قالت: ناضحان كانا لأبي فلانٍ زوجها حجَّ هو وابنه على أحدهما، وكان الآخر يسقي عليه غلامنا. قال: "فعُمْرَةٌ في رمضان تقضي حجَّةً" أو "حجَّةً معي" [20].

19- لا تكن ممّن يُحْرَمِ البركة:
عن أنس بن مالكٍ رضيَ الله عنه قال: قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: "تَسَحَّروا؛ فإنَّ في السَّحور بَرَكَةٌ" [21].

20- لا تكن ممّن يعلَّق بعراقيبه، وتشقَّق أشداقُه:
عن أبي أُمامَة رضيَ الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: "بينما أنا نائمٌ؛ أتاني رجلان، فأخذا بضبعيَّ؛ فأتيا بي جبلاً وعرًا، فقالا: اصعد؛ فقلتُ: إنّي لا أُطيقُهُ، فقالا: إنَّا سنسهِّله لكَ، فصعدتُ، حتَّى إذا كنتُ في سواء الجبل؛ إذا بأصواتٍ شديدةٍ، فقلتُ: ما هذه الأصوات؟ قالوا: هذه عواءُ أهل النَّار. ثمَّ انطلق بي، فإذا أنا بقومٍ معلَّقين بعراقيبهم، مشقِّقةً أشداقُهم دمًا، قلتُ: مَنْ هؤلاء؟ قال: الذين يُفْطِرون قبل تَحِلَّّة صومهم" [22


احبتي في الله احذرو من لصوص رمضان

يتربَّص بالصائمين المخلِصين وشهرِهم المتميِّز لصوص، لا يستهدفون اختلاسَ الأموال؛ وإنَّما سرقة روحانيَّة الشهر لإفراغِه من مقاصده وإهدار الطاقات الكبيرة التي يُفرغها في قلوبِ المؤمنين؛ وذلك بفَتح أبواب الوِزْر بدل الأجر من خلال تحويله إلى مَوسم للَّهو والمادِّيات وأنواع الانحراف، ويقف على رأس هؤلاء اللصوص أصحابُ معظم الفضائيات ومن يحتكرون الثقافةَ والتوجيه الجماهيري، وكأنهم يعلنون الحربَ على التديُّن عبر الإعلام الفاسد و"السهرات الرمضانية" وحفلاتِ الغناء والرَّقص واللغو، التي تستغرق في أكثر البلاد العربية ليالي الشهر الفضيل كلَّها، حتى يذهب لغوُ الليل بثواب النَّهار ويفقد رمضان محتواه الروحي وبُعده الربَّاني، وللعلمانيَّة العربية المتطرِّفة دور بارز في هذا المسعى، وكأنَّ فيها نزل قول الله تعالى {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء: 27]، وهي التي تروج بفعل تحكُّمها في القطاع الإعلامي البرامجَ التي تُفسد البيوت والأخلاق والأذواق.

والجدير بالذكر أن ما يُسمى المسلسلات الدينية والتاريخية التي تُبثُّ في هذا الشهر لا تخدم لا الدين ولا الأخلاق؛ لأنَّ معظم من يمثِّلون فيها معروفون بأدوارهم المنحرِفة الفاجرة في أعمالهم الفنِّية المعتادة، فأي مصداقيَّة لهم إذا مثَّلوا الصحابَة والفاتِحين والرموز الإسلامية الكبيرة؟! بل هم يُلقون ظلال الرِّيبة على هؤلاء العظماء من غير شكٍّ.

لا بدَّ إذًا من إنقاذ شهر رمضان من هذا العدوان العلماني السافر المغلَّف بدعاوى الثقافة والترفيه، حتى يبقى كما كان مدرسة متميِّزة متفرِّدة تحفظ الدين والقِيَم والأخلاق.
همسات رمضانية
اخي اضع بين يديك هذه الهمسات لعلها تجدي نفعا هذه همسات محبة.. وعبارات ناصحة.. وكلمات مشفقة.. علها تجد في قلبك موضعًا، وفي جنبات صدرك قبولاً..

الهمسة الأولى:
احمد الله I أن بلغك رمضان؛ فكثير ممن كانوا معنا في رمضان الماضي قد غيبهم الموت.. فاحمد الله واشكره أن منَّ عليك لتكون ممن يتقرب إليه بفعل الطاعات، وجمع الحسنات، في هذا الشهر المبارك.

الهمسة الثانية:
ليكن رمضان فرصة لك، ودورة تدريبية في الابتعاد عن المعاصي، وعن ما يغضب الله جل وعلا.. وأعلنها صراحة، واصرخ بها في وجه الشيطان.. وداعًا للمعاصي والسيئات.. وداعًا لكل ما يُبعِد عن الله جل وعلا.. وأبشر بتوفيق الله لك، وتسديده إياك، عسى ربي أن يهديني وإياك سواء السبيل.

الهمسة الثالثة:
رمضان شهر القرآن.. فأوصيك بتدبر معانيه.. وفهم آياته.. واحرص على قراءته والتلذذ بتلاوته.. وليكن لك ورد يومي تقرؤه بتمعن وتدبر.. وأوصيك بكتاب (زبدة التفاسير)؛ فإنه خير معين لك -بعد الله- على ذلك.

الهمسة الرابعة:
إياك أن تكون ممن جعل نهار رمضان نومًا وغفلة، وليله سهرًا على معصية الله I.. واحرص على أن تملأ نهارك بالذكر وتلاوة القرآن، وليلك بالصلاة والقيام.

الهمسة الخامسة:
أوصيك بكثرة الإنفاق في رمضان، وخصوصًا إذا كنت ممن منَّ الله عليه بكثرة المال.. فلا تنسَ إخوتك الذين يعانون الفقر والجوع، فليس لهم بعد الله إلا المتصدقون أمثالك؛ فلا تبخل عليهم.. وأدعو الله أن يبارك في مالك ورزقك.

الهمسة السادسة:
إياك أن تكون ممن يفطر على سخط الله وغضبه، وذلك بشرب الدخان أو متابعة ما يعرض في القنوات من برامج ساقطة تستهزئ بالله وبرسوله.. ولا يخفى على أمثالك جرم ذلك، قال الله تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام : 68].

الهمسة السابعة:
أوصيك بالإكثار من الدعاء، واحرص على ذلك وأنت صائم؛ فقد أخبرنا الحبيب r أن للصائم دعوة لا ترد.. فلا تنسَ نفسك، ولا تنس إخوانك المسلمين في المشارق والمغارب، وما يدريك؟! لعل دعوة صادقة تخرج من قلبك المنكسِر، ينصر الله بها الدين وأهله.. فلا تتردد.

الهمسة الثامنة:
ليكن من أهدافك في رمضان زيارة بيت الله الحرام، وأداء العمرة، وزيارة مسجد رسول الله r؛ فعمرة في رمضان تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وسلم. فلا تفرط في هذه المكرمة العظيمة، وبادر على ذلك، وأتمنى لك التوفيق.

الهمسة التاسعة:
أذكّرك بأن لله I في كل ليلة عتقاء من النار لمن أتم الصيام، وأدى القيام، وأكثر من الحسنات، وتزود من الطاعات، فلا تغفل عن ذلك، واحرص على أن تكون ممن منحه الله هذه الجائزة العظيمة.. جعلني الله وإياك من عتقائه من النار.

الهمسة العاشرة:
أوصيك بكثرة حضور مجالس الذكر؛ فإنها مراتع المؤمنين، ومحطُّ الصالحين، يكفيك أن الله -جل وعلا- يذكرك ويثني عليك في الملأ الأعلى.. ثم تقوم وقد غُفِرت ذنوبك بإذن الله.. فأكثر من الحضور، وداوم على ذلك.

ليكن في علمك اخي الحبيب الصوم درجااااااااااااااااات
“اعلم أن الصوم ثلاث درجات : صوم العموم ، وصوم الخصوص ، وصوم خصوص الخصوص . وأما صوم العموم : فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة كما سبق تفصيله . وأما صوم الخصوص : فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام . وأما صوم خصوص الخصوص : فصوم القلب عن الهضم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية ، ويحصل الفطر في هذا الصوم بالفكر فيما سوى الله عز وجل واليوم الآخر وبالفكر في الدنيا إلا دنيا تراد للدين ، فإن ذلك من زاد الآخرة وليس من الدنيا حتى قال أرباب القلوب : من تحركت همته بالتصرف في نهاره لتدبير ما يفطر عليه كتبت عليه خطيئة ، فإن ذلك من قلة الوثوق بفضل الله عز وجل وقلة اليقين برزقه الموعود ، وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين”

ما اجمل الانكسار في رمضان
عجيب أمرك يا رمضان! تأتي معك أجمل المواهب، وألطف الهبات، ولعل "الانكسار" من أروعها.

نعم.. إنه حال القلب التقي النقي الخفي الغني، الذي يدخل إلى الرب الكريم الوهاب عبر بوابة "الانكسار"، فيصل وصولاً سريعًا، ويمنح عند وصوله تاج العبودية.

إن الذل والخضوع والافتقار والانكسار صفات لقلب ذلك الرجل أو لتلك المرأة، وهذه الصفة هي صفة العبودية الكاملة للرب I.

إن الانكسار بين يدي الله يعني "الافتقار"، والبراءة من كل حول وقوة، والاعتصام بحول الله وقوته {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إلى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [فاطر: 15].

وهذا الافتقار هو شعور العبد بأنه محتاج إلى الله تعالى في كل طرفة عين.

وبالافتقار والانكسار وصل أهل التقوى لأشرف المنازل، ووجدوا عند وصولهم "أجمل المواهب".

إن رمضان يشعرك بحقيقة نفسك، وأنك فقير إلى ربك محتاج إليه، ويرسل إلى قلبك نسائم الإيمان لتضع عليه أنوار الإحسان.

فما أجمل الذل إذا كان لله! وما أحلى الانكسار إذا كان لله! وما ألطف الافتقار إذا كان للعزيز الغفار!

فهيا نسجد سجدة "الافتقار"، ونلبس ثياب "الانكسار"؛ لعل الله أن يرحمنا ويكتبنا مع السابقين الأبرار.


باب التوبة مفتوح تفضل اخي
(.. ولله عتقاء من النار.. وذلك كل ليلة)

يا مؤخِّراً توبته بمطل التسويف، لأيّ يوم أجّلتَ توبتك وأخَّرت توبتك؟!

لقد كنت تقول: إذا صمتُ تبت، وإذا دخل رمضان أنبت، فهذه أيام رمضان عناقِد تناقصت، لقد كنتَ في كل يوم تضع قاعدة الإنابة لنفسك، ولكن على شفا جرف هار.

ويحك أيها المقصّر، فلا تقنع في توبتك إلا بمكابدة حزن يعقوب عن البين، أو بعبرة داود ومناداة أيوب لربه في ظلمات ثلاث: {لاَّ اله إِلاَّ أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنّى كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء:87].

نعم أيها المذنب المقصر، لا تخجل من التوبة، ولا تستح من الإنابة، فلقد فعلها قبلك آدم وحواء حين قالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف:23]، وفعلها قبلك إبراهيم حين قال: {وَالَّذِى أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِى خَطِيئَتِى يَوْمَ الدِينِ} [الشعراء:82]، وفعلها موسى حين قال: {رَبّ إِنّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ} [القصص:16]،

فلا إله إلا الله، من يمنع المذنب من التوبة؟! ولا إله إلا الله، من يقنط من رحمة ربه إلا الضالون؟!

يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "دعا الله إلى مغفرته من زعم أن عزيراً ابن الله، ومن زعم أن الله فقير، ومن زعم أن يد الله مغلولة، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة، يقول لهؤلاء جميعا: {أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة:74][1].

ألا فإن التوبة للمرء كالماء للسمك، فما ظنكم بالسمك إذا فارق الماء؟!

جاءت امرأة إلى النبي فقالت: يا رسول الله، إني قد زنيتُ فطهرني، فردها النبي ، فلما كان الغد قالت: يا رسول الله، لمَ تردّني؟ فلعلك أن تردّني كما رددت ماعزاً، فوالله إني لَحبلى، قال: "فاذهبي حتى تلدي"، فلما ولدت أتته بالصبي في خرقة قالت: هذا قد ولدته، قال: "اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه"، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، حرصًا منها على التوبة وإقامة الحدّ، فقالت: هذا -يا رسول الله- قد فطمتُه، وقد أكل الطعام، فدفع الصبي إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها فحفر لها إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فأقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها، فتنضّخ الدم على وجه خالد فسبّها، فسمع نبي الله سبَّه إياها فقال: "مهلاً يا خالد، فوالذي نفسي بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحبُ مكس لغُفر له"، وصاحب المكس هو الذي يأخذ الضريبة من الناس[2].

وفي رواية: "لقد تابت توبة لو قُسمت بين سبعين من أهل المدينة وسعتهم، وهل وجدت شيئاً أفضل من أن جادت بنفسها لله عز وجل؟!"[3].

إن صاحب الذنب مهما غفل عن التوبة أو تناءى عنه الوصول إليها فسيظل أسير النفس، قلقاً لا قرار له، متلفّتا لا يصل إلى مبتغاه ما لم يُفتح له باب التوبة ليطهّر نفسه من كلكلها، ويخفّف من أحمالها.

إلهنا، إلهنا، يا من ترى مدَّ البعوض جناحها في ظلمة الليل البهيم الأليل، ويا من ترى نياط عروقها في نحرها والمخّ في تلك العظام النُحَّل، امنُن علينا بتوبة تمحو بها ما كان منا في الزمان الأول.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، إنه كان غفاراً.

في الاخير الدروس المستفادة من مدرسة الصوم

لا ينبغي لعاقل أن يمر عليه شهر رمضان دون أن يستفيد منه ويتعلم ويتقدم نحو الخير والصلاح، فهذا الشهر ليس كغيره من شهور السنة يمر مرورًا دون أن ندري أو نعقل أو نفهم، ويصعب في هذه العجالة أن نلم بجميع ما في هذا الشهر الكريم من دروس وعبر وعظات، وإنما سأركز على أهم تلك الدروس في هذه المدرسة العريقة، وبخاصة منها التي لها الأثر الأكبر في حياة الفرد والجماعة.

إن أمتنا اليوم بأمس الحاجة إلى وصلها بأصل نشأتها، بتلك المدرسة التي ربَّى عليها رسول الله r صحابته وأمته، وسار على هذه الأسس سلف هذه الأمة من بعده.

إن هذه الدروس والميادين التربوية التي سأذكرها حَرِيَّةٌ بأن نتدبرها ونتأملها، ونعمل بما فيها، لننقل أمتنا من واقعها المرير إلى الواقع التي هي جديرة به، خير أمة أخرجت للناس.

فإلى تلك الأسس والدروس والعبر:

- تحقيق معنى التقوى:

لأن التقوى هي المقصد الأسمى والبغية العظمى من وراء فرضية الصوم، حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. سأل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أُبَيَّ بن كعب رضي الله عنه: ما هي التقوى؟ قال أبيّ: يا أمير المؤمنين، أمَا سلكت طريقًا ذات شوك؟ قال: بلى. قال: فماذا صنعت؟ قال: شمرت واجتهدت. قال: فذلك التقوى.

فإذا كان أمير المؤمنين، الفاروق، المشهود له بالجنة رضي الله عنه، يسأل عن معنى التقوى[1] ويحرص على تحقيقها، فما بالنا تقاعسنا وتناسينا أو انشغلنا بصغار المسائل ولم نحقق بعد كبارها وأهمها وأعظمها!!

إذن فالأمر يتطلب منا أن نتداركه ونقف أمام أنفسنا وقفات؛ لنرى أين نحن من هذا الدرس العظيم.. تقوى الله عز وجل، بفعل ما يحب ويرضى وتجنب سخطه. وقد سُئل علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- عن معنى التقوى، فقال: هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل.

وصدق القائل:

خـلِّ الذنـوب صغيرها *** وكبيرهـا هذا التقى

واصنع كماش فوق أرض *** الشوك يحذر ما يرى

لا تحـقـرن صغيـرة *** إن الجبال من الحصى


ولو وقفنا عند مَعْلَمٍ واحد من المَعَالِم التي فسر بها علي بن أبي طالب معنى التقوى، ألا وهو القناعة بالقليل، ونسأل أنفسنا: هل نحن نقنع بالكثير فضلاً عن القليل؟ ومتى نقنع بالقليل ونحقق بعض معالم التقوى الهدف الأسمى من أهداف الصيام؟

ثبت أن بعض البيوت تنفق في شهر رمضان على الأطعمة والأشربة ما تنفقه في أربعة أشهر، فتحول شهر الصيام والإمساك إلى شهر التبذير والإسراف والجري وراء شهوات النفس وملذاتها، وأصبحنا أمة مستهلكة متخمة، ثم بعد ذلك نرى بعض الناس يسعون لإزالة التخمة والسمنة عن أجسادهم وأطفال المسلمين ونسائهم وشيوخهم يموتون جوعًا، وما حال الصومال منا ببعيد!

فهل نحن صمنا الصيام الشرعي الذي أراده الله؛ ليتحقق وعد الله تبارك وتعالى: {لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183]. فليس المقصود من الصيام الإمساك عن الطعام والشراب والجماع فقط.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله r: "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه، ومن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"[2].

إذن التقوى تتمثل في القيام بين يدي الله متذللاً خاشعًا متبتلاً إيمانًا واحتسابًا، وكذلك الصيام إيمانًا واحتسابًا يؤدي إلى بلوغ منازل المتقين.

وقد قال رسول الله r: "من لم يدع قول الزور والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"[3].

وقال r: "رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش"[4].

إذن الصيام الشرعي غير مقتصر على تجنب الطعامِ والشرابِ والجماع، بل لا بد من إمساك الجوارح عن اقتراف الآثام والذنوب والمعاصي، ولا بد من الإيمان والاحتساب، اللذين هما من أهم علامات التقوى.

وقال رسول الله r: "الصيام جُنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم"[5].

وقال جابر بن عبد الله رضي الله عنه: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمآثم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم فطرك ويوم صومك سواء.

وهناك جملة من الأسئلة تفرض نفسها:

- هل الذي ينام النهار -ويفوّت بعض الصلوات- يحقق معنى التقوى؟

- هل الذي يسهر الليل على ما حرّم الله، يبحث عن التقوى؟

- الذي جعل رمضان موسمًا للتبذير والإسراف، هل يريد أن يصل إلى التقوى؟

- هل الذي لا يعرف عن رمضان إلا الإمساك الحسي عن الأكل والشرب من أول النهار إلى آخره مع إفطاره على غيره قد عرف معنى التقوى؟

- هل الذي حسنت حاله وعبادته في رمضان، ثم عاد في شوال إلى ما كان عليه في شعبان قد حقق معنى التقوى؟


إن التقوى ليست مجرد دعوى، أو أمنية مجردة عن الواقع، وإنما هي حقيقة لا بد أن تظهر آثارها على الجوارح، بعد رسوخها في القلب، كما كان إمام المتقين r الذي قال: "التقوى ها هنا"[6]. وكما قال تعالى: {قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: 111].

نسأل الله أن يرزقنا من الخشية ما يحول بيننا وبين معاصيه، ومن العمل ما يبلغنا به جنته، والحمد لله رب العالمين.








 


آخر تعديل ابو اكرام فتحون 2015-06-24 في 00:05.
رد مع اقتباس
قديم 2015-06-24, 00:56   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ابو اكرام فتحون
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية ابو اكرام فتحون
 

 

 
الأوسمة
أحسن مشرف العضو المميز 1 
إحصائية العضو










افتراضي

نسأل الله أن يرزقنا من الخشية ما يحول بيننا وبين معاصيه، ومن العمل ما يبلغنا به جنته، والحمد لله رب العالمين.
موفقون بإذن الله









رد مع اقتباس
قديم 2015-06-24, 06:28   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أبو همام الجزائري
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أبو همام الجزائري
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم

بالتوفيق









رد مع اقتباس
قديم 2015-06-24, 08:19   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
عبد القادر الطالب
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

جازاك الله خير الجزاء على هذا المجهود الطيب

موضوع مفيد وموفق إن شاء الله

أحسنت أحسن الله إليك

اللهم تقبل









رد مع اقتباس
قديم 2015-06-24, 10:09   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
موح دادي
مراقب الأخبار، التكوين ..
 
الأوسمة
المشرف المميز لسنة 2013 وسام التميز سنة 2012 المرتبة الأولى وسام افضل موضوع 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكِ على هذا الموضوع الطيب والجميل









آخر تعديل موح دادي 2015-06-24 في 10:09.
رد مع اقتباس
قديم 2015-06-24, 10:20   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
تاييد
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية تاييد
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا وبارك الله فيك










رد مع اقتباس
قديم 2015-06-24, 11:01   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
السَّحابة البيضاءْ
مشرف سابق
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

السّلام عليكم

جزاكِ الله خيراً على العبقات الطيّبة .









رد مع اقتباس
قديم 2015-06-24, 12:28   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
سائلة عفو ربها
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية سائلة عفو ربها
 

 

 
الأوسمة
العضو المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا ...موفقة










رد مع اقتباس
قديم 2015-06-24, 13:19   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ف.خليل
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية ف.خليل
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم على العبقات الرمضانية

الإنسان منا في غفلة فالتذكير يعد من أكبر الأسباب التي تقوده لتغيير جذري في نفسه

جزاكم الله خيرا









رد مع اقتباس
قديم 2015-06-24, 13:38   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
أم أمة الله الجزائرية
✧معلّمة القرآن الكريم✧
 
الصورة الرمزية أم أمة الله الجزائرية
 

 

 
الأوسمة
وسام الحفظ 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك على ما قدمته أختي وجزاك خيرا









رد مع اقتباس
قديم 2015-06-24, 14:56   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
عثمان الجزائري.
مؤهّل منتدى الأسرة والمجتمع
 
الصورة الرمزية عثمان الجزائري.
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال أبو مسلم: لو رأيت الجنة عيانًا أو النار عيانًا ما كان عندي مستزاد، ولو قيل لي: إن جهنم تسعّر، ما استطعت أن أزيد في عملي. وكان يقول: أيظن أصحاب محمد أن يسبقونا عليه، والله لأزاحمهم عليه؛ حتى يعلموا أنهم خلّفوا بعدهم رجالاً.
كلما سمعتها تذكرت من أنشد قائلا:
دعني أنوح على نفسي وأندبها * * * وأقطع الدهر بالتذكار والحزن
دعني أسح دموعا لا انقطاع منظرحا * * * على الفراش وأيديهم تقلبني
هم يتنافسون ليسبقوا أصحاب رسول الله و نحن بالترهات و التفاهات مهتمون لا همة و لا عزيمة
اللهم إجمعنا في الفردوس الأعلى من الجنة









رد مع اقتباس
قديم 2015-06-24, 16:33   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
شمــوس
مشرفة قسمي الثقافة واللغة العربيّة
 
الصورة الرمزية شمــوس
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز المشرف المميز لسنة 2013 
إحصائية العضو










افتراضي


السلام عليكم ~
بارك الله في جهودك أختنا الكريمة وجزاك خير ،،
وأعاننا وإياك على الصيام والقيام وصالح الاعمال ،، آمين ~










رد مع اقتباس
قديم 2015-06-25, 10:34   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
موسى عبد الله
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية موسى عبد الله
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شأن التقوى عظيم لذا أوصى الله بها عباده فعم وخص أمر الناس كلهم بالتقوى فقال (يا أيها الناس اتقوا ربكم) وأمر المؤمنين بالتقوى فقال (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله) وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بتقواه فقال (يا أيها النبي اتق الله) وهي وصية الله لنا ولمن قبلنا كما قال سبحانه (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله)
بها كان يوصي أئمتنا إخوانهم وطلابهم ومن يتصل بهم والشواهد كثيرة ومنها ما جاء عن علي بن المديني (ت234هـ) أنه قال: ودعت أحمد بن حنبل (ت 241هـ) فقلت له توصيني بشيء؟ قال نعم: اجعل التقوى زادك، وانصب الآخرة أمامك. [مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي ص200]
نفع الله بعملكم هذا و جعله في موازين حسناتكم










رد مع اقتباس
قديم 2015-06-26, 14:23   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
oum salim
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية oum salim
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اللَّهُمَّ اهدنا لأحسن الأخلاق فانه لا يهدي لأحسنها إلا أنت

بارك الله فيك و احسن اليك و جزاك خيرا

تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال










رد مع اقتباس
قديم 2015-06-26, 14:43   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
صَمْـتْــــ~
فريق إدارة المنتدى ✩ مسؤولة الإعلام والتنظيم
 
الصورة الرمزية صَمْـتْــــ~
 

 

 
الأوسمة
المشرف المميز المشرف المميز 2014 وسام التقدير لسنة 2013 وسام المشرف المميّز لسنة 2011 وسام أفضل مشرف وسام القلم الذهبي لقسم القصة 
إحصائية العضو










افتراضي

السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيرا على طيبِ المسعى وجعلنا وإيّاكم ممن يستمعون القول فيتّبعون أحسنَه.









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الدول, السابع, رمضانية, عبقات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:44

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc