أتم محمود عامه السابع.. انتظر حفلاً ليوم ميلاده ككل عام، لكن الأمر اختلف، أخبرته أمه أنه لن يكون هناك حفلاً من اليوم ليوم الميلاد، لكنها أقامت له حفلاً أخيراً، حضر إليه كل الأهل والأقارب والأصدقاء، وصنعت كعكة لذيذة رسمت عليها طفلاً يصلي، أخبرت الجميع أن ابنها أتم السبع سنوات وسوف يبدأ في المواظبة على الخمس صلوات، وأخبرت الأصدقاء - الذين أتموا سبع سنوات - أن سباقاً سيبدأ بينهم، بأن يروا خلال هذا العام من سيحرز التزاما أكبر في الصلاة، ليكون هو نجم الحفل العام القادم.
التعود على الصلاة بداية الالتزام
قال عز وجل: "وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا"، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مُرُوا أولادَكم بالصلاة وهم أَبناءُ سبع، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشْر، وفرِّقُوا بينهم في المضاجع".
فتعويد الطفل على الصلاة له شأن كبير في مستقبله الإيماني، والطفولة هي مرحلة إعداد وتعويد، وصولاً إلى مرحلة التكليف بعد البلوغ لتصبح الصلاة جزءاً من كيانه.
منذ أن يتم الطفل سبع سنوات يجب التركيز الشديد معه على الالتزام بالخمس صلوات، وتكرار حثه ومتابعته يومياً، وفي هذا الفترة نستطيع غرس حب الله في قلب الطفل من خلال النعم الموجودة، وقد تكون من خلال القصص فهي أسلوب تربوي رائع.
ولا يجب ضرب الطفل وهو دون العاشرة أبداً حتى لا يكره الصلاة، أو يسرق فيها! فالطفل إذا لم يتعود على الصلاة والانتظام عليها في سن العاشرة سيكون من الصعب تعويده عليها بعد ذلك، فإما أن يكرمه الله بصحبة صالحة يفعل ما فشل والديه في تعويده عليه، أو أن يظل بدون العماد الأساسي للإسلام.
ودائما ارتبطت الصلاة بالصبر في القرآن الكريم، فالفترة من عمر 7 - 10 سنوات فيها 5700 أمر بالصلاة، لذلك يجب الصبر مع الطفل خلال سنوات التعود، ويجب أن تكون المتابعة بدون عصبية، لأننا في مرحلة تحبيب الطفل في الصلاة، وغرس أنها عبادة أساسية فيها من المتعة والراحة ما لا يجدها في غيرها، وهذا لن يغرس إذا أمر الطفل بعنف أو اجبر عليها، كما يجب تعاون الأب والأم بهذا الشأن، ومراعاة الأب والأم عدم تأخرهم عن الصلاة.
الرابط بين الصلاة والأخلاق
ويجب أن يرى الطفل تأثير الصلاة على سلوكيات وأخلاقيات الوالدين، حتى يقتنع بأهمية الصلاة في تهذيب السلوك والراحة والسعادة وغيرها من الأمور التي يجب أن يلاحظها على أبويه نتيجة صلاتهم، فلا تكون الأم أو الأب في صراخ وشجار ويقولون ألفاظ سيئة طوال اليوم، ويحاولون إقناعه أن الصلاة تهذب النفس، فأين أثر صلاتهم عليهم إذاً!!
قلوب الأطفال نقيه بيضاء كالأرض الخصبة، فإذا زرعت به شوك سينبت شوك، وإذا زرعت به ورد سينبت ورد، ولذلك كثير من الأبناء يكون الحاجز الرئيسي في استمرارهم في الصلاة وقربهم من الله عز وجل وتكيفهم على الصلاة هو الشخص الذي كان يعلمه الصلاة، ذلك الشخص الذي كان ينبغي عليه أن يحببه في الصلاة لكن لم يكن على المستوى المطلوب فأصبح حائل بينه وبين الصلاة، ولذلك عليك مراقبة نفسك وتصرفاتك وأخلاقياتك وأصلح منها.
وللتدرج أهمية كبيرة حيث لا يجب معاملة الطفل بقسوة، أو تذكيره دائماً بالنار والعذاب لتارك الصلاة، فهذه الأمور نحدثه فيها في سن التكليف عند البلوغ، كما يجب تتسم الوسائل والقوانين والأساليب المتخذة لتحبيب الطفل في الصلاة بالثبات، ولا يجب أن تتغير، حتى لا يشعر الطفل أن للصلاة مواسم وأوقات في السنة، ولهذا نجد من يقدسون صلاة الجمعة مثلاً ولا يصلي الصلوات الخمس! أو من يصلي أربع صلوات في اليوم، ولا يعتبر صلاة الفجر قائمة.
وسائل للتشجيع
ومن الوسائل التي تعين على تثبيت الصلوات الخمس، ربط كل وجبة بما قبلها من صلوات، فلا يجلس الطفل لتناول الفطور قبل أن يصلى الفجر، وإن فاته فيصلي صلاة الصبح لتعويضها، ولا يجلس لتناول الغداء قبل أن يصلى صلاة الظهر، ولا يتناول الشاي مع الحلوى قبل صلاة العصر، ولا يتناول العشاء قبل صلاة المغرب والعشاء.
كذلك يمكن أن نشجع الطفل على الصلاة بأن يكون له هدية في نهاية الأسبوع، لا يأخذها إلا عند إتمام الصلوات كاملة طوال الأسبوع من خلال المتابعة اليومية في شجرة الصلاة التي تستطيع الأم أن ترسمها مع الطفل سوياً، أو أن تطبعها من على الإنترنت، كما يرتبط عقاب ترك الصلاة بأن لا يشاهد التلفاز، أو يلعب على الحاسب إلا بعد أداء الصلاة وهكذا، وليس مهم التركيز على صلاته بشكل متقن، وليس مهم أيضاً توصيل الجانب الروحاني من الصلاة في هذا السن ويكون ذلك عند سن العاشرة.
كما يمكن شراء سجادة صلاة خاصة للطفل، وجعل الطفل أماماً في بعض الصلوات، وبعد ذلك يعيد من صلى خلفه صلاته، وشراء منبه هديه للطفل لتذكيره بمواعيد الصلاة، وإعطاء الطفل مهمة تذكير أهل البيت بالصلاة وغيرها من الأمور المبتكرة. منقول