معني اسم الله تعالى العظيم
صفةٌ ذاتيةٌ ثابتةٌ لله عزَّ وجلَّ بالكتاب والسنة
و (العظيم) اسم من أسمائه تعالى.
· الدليل من الكتاب:
1- قولـه تعالى: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [البقرة: 255].
2- وقولـه: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة: 96، الحاقة: 52]
3- وقولـه: إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ [الحاقة: 33].
· الدليل من السنة:
1- حديث أنس رضي الله عنه في الشفاعة، وفيه: ((فيقال لي: يا محمد! ارفع رأسك، وقل يسمع لك، واشفع تشفع. فأقول: يا رب! فيمن قال: لا إله إلا الله والله أكبر.
فيقول: وعزتي وجلالي وعظمتي؛ لأخرجن منها من قال: لا إله إلا الله))
رواه البخاري (7510)، ومسلم (326).
2- حديث ابن عباس رضي الله عنه في دعاء الكرب: ((لا إله إلا الله العظيم الحليم...))
رواه البخاري (7431)، ومسلم (2730).
قال قوَّام السُّنَّة الأصبهاني
: (ومن أسمائه تعالى العظيم: العَظَمَة صفة من صفات الله، لا يقوم لها خلق، والله تعالى خلق بين الخلق عظمة يعظم بها بعضهم بعضاً، فمن الناس من يُعَظَّمُ لمال، ومنهم من يُعَظَّمُ لفضل
ومنهم من يُعَظَّمُ لعلم، ومنهم من يُعَظَّمُ لسلطان، ومنهم من يُعَظَّمُ لجاه، وكل واحد من الخلق إنما يُعَظَّمُ لمعنى دون معنى، والله عزَّ وجلَّ يُعَظَّمُ في الأحوال كلها)
((الحجة في بيان المحجة)) (1/130).
وقال الأزهري:
(ومن صفات الله عزَّ وجلَّ: العلي العظيم... وعظمة الله لا تُكيَّف ولا تُحدُّ ولا تُمثَّل بشيء، ويجب على العباد أن يعلموا أنه عظيم كما وصف نفسه، وفوق ذلك؛ بلا كيفية ولا تحديد)
((تهذيب اللغة)) (2/303).
قال تعالى: لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [الشورى: 4].
قال السعدي رحمه الله:
العظيم: الجامع لجميع صفات العظمة والكبرياء والمجد والبهاء الذي تحبه القلوب، وتعظمه الأرواح، ويعرف العارفون أن عظمة كل شيء، وإن جلت في الصفة، فإنها مضمحلة في جانب عظمة العلي العظيم
:تيسير الكريم الرحمن
لعبد الرحمن السعدي – ص 954
وقال أيضاً:
إنَّ الله تعالى عظيم، له كل وصف ومعنى يوجب التعظيم فلا يقدر مخلوق أن يثني عليه كما ينبغي له ولا يحصي ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه وفوق ما يثني عليه عباده.
واعلم أن معاني التعظيم الثابتة لله وحده نوعان: أحدهما: أنه موصوف بكل صفة كمال، وله من ذلك الكمال أكمله، وأعظمه وأوسعه، فله العلم المحيط، والقدرة النافذة، والكبرياء، والعظمة
ومن عظمته أن السماوات والأرض في كف الرحمن أصغر من الخردلة كما قال ذلك ابن عباس وغيره
وقال تعالى وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [الزمر: 67]
. وقال: إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ أَن تَزُولا وَلَئِن زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ [فاطر: 41]
وقال تعالى وهو العلي العظيم: تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ [الشورى: 5]
وفي الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يقول الكبرياء ردائي والعظمة إزاري، فمن نازعني واحداً منهما عذبته))
رواه مسلم (2620).
فلله تعالى الكبرياء والعظمة
والوصفان اللذان لا يقدر قدرهما ولا يبلغ كنههما. النوع الثاني: من معاني عظمته تعالى أنه لا يستحق أحد من الخلق أن يعظم كما يعظم الله فيستحق جل جلاله من عباده أن يعظموه بقلوبهم
وألسنتهم، وجوارحهم وذلك ببذل الجهد في معرفته، ومحبته، والذل له، والانكسار له، والخضوع لكبريائه، والخوف منه وإعمال اللسان بالثناء عليه، وقيام الجوارح بشكره وعبوديته
ومن تعظيمه أن يتقى حق تقاته فيطاع فلا يعصى، ويذكر فلا ينسى، ويشكر فلا يكفر
ومن تعظيمه تعظيم ما حرمه وشرعه من زمان ومكان وأعمال ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج: 32]
وذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ [الحج: 30]
ومن تعظيمه أن لايعترض على شيء مما خلقه أو شرعه
الحق الواضح المبين
لعبد الرحمن السعدي- ص 27-28