معنى اسم الله تعالى الحكم و الحكيم - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

معنى اسم الله تعالى الحكم و الحكيم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-12-13, 17:10   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










B18 معنى اسم الله تعالى الحكم و الحكيم

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

يا صفوة الطيبين
جعلكم ربي من المكرمين
ونظر إليكم نظرة رضا يوم الدين

.



روى الإمامان البُخاريّ ومسلم من حديث أبي هُرَيرة - رضِي الله عنْه -

أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -

قال: ((إنَّ لله تسعةً وتسعين اسمًا، مائةً إلاَّ واحدًا، مَنْ أحصاها دخل الجنَّة))

ص 526 برقم 2736

وصحيح مسلم 1076 برقم 2677.


اخوة الاسلام

تقدم شرح الاسماء التالية


معنى اسم الله : العزيز

معنى اسم الله تعالى. الحكيم

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأحد"

كيف نعمل بمقتضى اسم الله تعالى : "الأكرم"

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأول

كيف نعمل بمقتضى اسم الله الأعلى

معنى اسم الله عز وجل المقيت

معنى اسم الله عز وجل القدوس

معنى اسم الله عز وجل الواسع

معنى اسم الله عز وجل الوكيل

معنى اسم الله عز وجل الشهيد

معنى اسم الله عز وجل الملك

معنى اسم الله تعالى الجبار

معنى اسم الله تعالى السلام

معنى اسم الله عز وجل المؤمن

معنى اسم الله تعالى المهيمن

معنى اسم الله تعالى المتكبر والكبير

معنى اسم الله عز وجل الخالق

معني اسم الله تعالي البارئ

معني اسم الله عز وجل المصور

معنى اسم الله عز وجل الغفار

معني اسم الله تعالي القهار

معني اسم الله عز وجل الوهاب

معنى اسم الله تعالي الرزاق

معنى اسم الله تعالي الفتاح

معني اسم الله عز وجل العليم

معنى اسم الله تعالي الخافض و الرافع

معني اسم الله تعالي القابض و الباسط

اسم الله تعالي المعز و المذل

معني اسم الله تعالي الرحمن و الرحيم

معني اسم الله عز وجل السميع

معني اسم الله عز وجل البصير




.








 


رد مع اقتباس
قديم 2019-12-13, 17:11   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة


معني اسم الله تعالي الحكم و الحكيم

قال تعالى: أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا [الأنعام: 114].

وقوله: وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة: 228، 240].

قال ابن جرير

في تفسير قوله تعالى: أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا [الأنعام: 114]:

قل فليس لي أن أتعدى حكمه وأتجاوزه

لأنه لا حكم أعدل منه ولا قائل أصدق منه

((جامع البيان)) (8/7).

قال القرطبي:

والمعنى أفغير الله أطلب لكم حاكماً

((الجامع لأحكام القرآن)) (7/70).

وقال الخطابي:

الحكم الحاكم ومنه المثل (في بيته يؤتى الحكم)

وحقيقته هو الذي سلم له الحكم ورد إليه فيه الأمر

كقوله تعالى: لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص: 88]

وقوله: أَنتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ [الزمر: 46]

((شأن الدعاء)) (ص: 61).

قال ابن كثير:

وقوله تعالى: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ [التين: 8]

أي أما هو أحكم الحاكمين الذي لا يجور ولا يظلم أحداً

((تفسير ابن كثير)) (4/527).

وقال الحليمي معنى (الحكم):

وهو الذي إليه الحكم وأصل الحكم منع الفساد

وشرائع الله تعالى كلها استصلاح العباد

((المنهاج)) (207)

وذكره في الأسماء التي تتبع إثبات التدبير له دون ما سواه

وتبعه البيهقي في ((الأسماء)) (ص: 80).


المصدر:

::النهج الأسمى

في شرح أسماء الله الحسنى

لمحمد بن حمد الحمود – 1/ 226


وأما عن معنى الحكيم:

فقد قال الزجاج:

الحكيم من الرجال يجوز أن يكون فعيلاً في معنى فاعل

ويجوز أن يكون في معنى مفعل

والله حاكم وحكيم.

والأشبه أن تحمل كل واحد منهما على معنى غير معنى الآخر

ليكون أكثر فائدة، فحكيم بمعنى محكم والله تعالى محكم للأشياء

متقن لها كما قال تعالى صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [النمل: 88]. اهـ

((تفسير الأسماء)) (ص: 52)

وانظر: ((شأن الدعاء)) (ص: 73).

وقال ابن جرير:

الحكيم الذي لا يدخل تدبيره خلل ولا زلل.

وقال في موضع: حكيم

فيما قضى بين عباده من قضاياه

((جامع البيان)) (1/436) و(2/363).

قال ابن كثير:

الحكيم في أفعاله وأقواله فيضع الأشياء في محالها بحكمته وعدله

((تفسير القرآن)) (1/184، 315، 459)

وانظر: ((روح المعاني)) (7/117)

و((الاعتقاد)) (ص: 60).

وقال الحليمي:

(الحكيم) ومعناه الذي لا يقول ولا يفعل إلا الصواب

وإنما ينبغي أن يوصف بذلك

لأن أفعاله سديدة

وصنعه متقن، ولا يظهر الفعل المتقن السديد إلا من حكيم

كما لا يظهر الفعل على وجه الاختيار إلا من وحي عالم قدير

((المنهاج)) (1/191)

وذكره في الأسماء التي تتبع إثبات الابتداع والاختراع له

وتبعه البيهقي في ((الأسماء)) (ص: 22).


المصدر:


::النهج الأسمى

في شرح أسماء الله الحسنى

لمحمد بن حمد الحمود – 1/ 228









رد مع اقتباس
قديم 2019-12-13, 17:12   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة

ثَمَرَاتُ الإِيمَانِ بهَذَيْنِ الاِسْمَيْنِ:

1- الحُكْمُ للهِ وَحْدَهُ:

أَنَّ الحُكْمَ للهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي حُكْمِهِ، كَمَا لَا شَرِيكَ لَهُ فِي عِبَادَتِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 26].

وَقَالَ: ﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 110].

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ ﴾ [الأنعام: 57]، [يوسف: 40] [يوسف: 67].

وَقَالَ جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 70].

وَقَالَ: ﴿ أَلَا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ [الأنعام: 62].

وَقَالَ: ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ ﴾ [الشورى: 10].

وَقَالَ ابْنُ الحَصَّارِ:

"وَقَدْ تَضَمَّنَ هَذَا الاسْمُ - يَعْنِي: (الحَكَمُ) - جَمِيعَ الصِّفَاتِ العُلَى وَالأَسْمَاءِ الحُسْنَى

إِذْ لَا يَكُونُ حَكَمًا إِلَّا سَمِيعًا بَصِيرًا عَالِمًا خَبِيرًا إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ الحَكَمُ بَيْنَ العِبَادِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فِي الظَّاهِرِ وَالبَاطِنِ، وَفِيمَا شَرَعَ مِنْ شَرْعِهِ، وَحَكَمَ مِنْ حُكْمِهِ وَقَضَايَاهُ عَلَى خَلْقِهِ قَوْلًا وَفِعْلًا،

وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِ اللهِ تَعَالَى

وَلِذَلِكَ قَالَ وَقَوْلُهُ الحَقُّ: ﴿ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص: 70].

وَقَالَ: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1]

فَلَمْ يَزَلْ حَكِيمًا قَبْلَ أَنْ يَحْكُمَ، وَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ لِغَيْرِهِ"

الكتاب الأسنى (ورقة: 389أ).

قَالَ الشِّنْقِيطِيُّ رحمه الله تَعَالَى:

"وَبِذَلِكَ تَعْلَمُ أَنَّ الحَلَالَ هُوَ مَا أَحَلَّهُ اللهُ، وَالحَرَامَ هُوَ مَا حَرَّمَهُ اللهُ، وَالدِّينَ هُوَ مَا شَرَعَهُ اللهُ، فَكُلُّ تَشْرِيعٍ مِنْ غَيْرِهِ بَاطِلٌ، وَالعَمَلُ بِهِ بَدَلُ تَشْرِيعِ اللهِ عِنْدَ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مِثْلُهُ أَوْ خَيْرٌ مِنْهُ، كُفْرٌ بَوَاحٌ لَا نِزَاعَ فِيهِ"اهـ.

أضواء البيان (7/ 162).

ثُمَّ بَيَّنَ رحمه الله أَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ بِصِفَاتِهِ العَظِيمَةِ يَسْتَحِقُّ أَنَّ يَكُونَ لَهُ الحُكْمُ، فَهَلْ يُوجَدُ فِي البَشَرِ مَنْ لَهُ مِثْلُ صِفَاتِ خَالِقِهِ لِيُشَارِكَ رَبَّهُ فِي الحُكْمِ، تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

فَتَعَالَ مَعِي أَخِي القَارِئَ لِنَطَّلِعَ عَلَى مَا سَطَّرَهُ فِي هَذِهِ المَسْأَلَةِ فِي كِتَابِهِ القّيِّمِ أَضْوَاءِ البَيَانِ

قَالَ رحمه الله:

مَسْأَلَةٌ...

اعْلَمْ أَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا بَيَّنَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ صِفَاتِ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يَكُونَ الحُكْمُ لَهُ، فَعَلَى كُلِّ عَاقِلٍ أَنْ يَتَأَمَّلَ الصِّفَاتِ المَذْكُورَةَ التِي سَنُوَضِّحُهَا الآنَ - إِنْ شَاءَ اللهُ -

وَيُقَابِلُهَا مَعَ صِفَاتِ البَشَرِ المُشَرِّعِينَ لِلْقَوَانِينِ الوَضْعِيَّةِ، فَيَنْظُرُ هَلْ تَنْطَبِقُ عَلَيْهِم صِفَاتُ مَنْ لَهُ التَّشْرِيعُ.

سُبْحَانَ اللهِ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ، فَإِنْ كَانَتْ تَنْطَبِقُ عَلَيْهِم وَلَنْ تَكُونَ لِيَتَّبِعَ تَشْرِيعَهُمْ.

وَإِنْ ظَهَرَ يَقِينًا أَنَّهُم أَحَقَرُ وَأَخَسُّ وَأَذَلُّ وَأَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ، فَلْيَقِفْ بِهِم عِنْدَ حَدِّهِم، وَلَا يُجَاوِزُهُ بِهِم إِلَى مَقَامِ الرُّبُوبِيَّةِ.

سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ فِي عِبَادَتِهِ، أَوْ حُكْمِهِ أَوْ مُلْكِهِ.

فَمِنَ الآيَاتِ القُرْآَنِيَّةِ التِي أَوْضَحَ بِهَا تَعَالَى صِفَاتِ مَنْ لَهُ الحُكْمُ وَالتَّشْرِيعُ قَوْلُهُ هُنَا: ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ [الشورى: 10]،

ثُمَّ قَالَ مُبَيِّنًا صِفَاتِ مَنْ لَهُ الحُكْمُ: ﴿ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ

* فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ * لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الشورى: 11، 12].


فَهَلْ فِي الكَفَرَةِ الفَجَرَةِ المُشَرِّعِينَ لِلنُّظُمِ الشَّيْطَانِيَّةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ الرَّبُّ الذِي تُفَوَّضُ إِلَيْهِ الأُمُورُ، وَيُتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ

أَيْ: خَالِقُهُمَا وَمُخْتَرِعُهُمَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَابِقٍ، وَأَنَّهُ هُوَ الذِي خَلَقَ لِلْبَشَرِ أَزْوَاجًا، وَخَلَقَ لَهُمْ أَزْوَاجَ الأَنْعَامِ الثَّمَانِيَةَ المَذْكُورَةَ

فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ ﴾ [الأنعام: 143] الآيَةَ

وَأَنَّهُ ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾، وَأَنَّهُ ﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

وَأَنَّهُ هُوَ الذِي: ﴿ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ ﴾؛ أَيْ: يُضَيِّقُهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ: ﴿ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.

فَعَلَيْكُمْ أَيُّهَا المُسْلِمُونَ أَنْ تَتَفَهَّمُوا صِفَاتِ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُشَرِّعَ وَيُحَلِلََّ وَيُحُرِّمَ، وَلَا تَقْبَلُوا تَشْرِيعًا مِنْ كَافِرٍ خَسِيسٍ حَقِيرٍ جَاهِلٍ.

وَنَظِيرُ هَذِهِ الآيَةِ الكَرِيمَةِ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ﴾ [النساء: 59]

فَقَوْلُهُ فِيهَا: ﴿ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ ﴾ كَقَوْلِهِ فِي هَذِهِ: ﴿ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ﴾.

وَمِنَ الآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ قوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف: 26].

فَهَلْ فِي الكَفَرَةِ الفَجَرَةِ المُشَرِّعِينَ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّ لَهُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ؟

وَأَنْ يُبَالِغَ فِي سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ لإِحَاطَةِ سَمْعِهِ بِكُلِّ المَسْمُوعَاتِ وَبَصَرِهِ بِكُلِّ المُبْصَرَاتِ؟ وَأَنَّهُ لَيْسَ لِأَحَدٍ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ؟ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

وَمِنَ الآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ [القصص: 88].

فَهَلْ فِي الكَفَرَةِ الفَجَرَةِ المُشَرِّعِينَ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ الإَلَهُ الوَاحِدُ؟ وَأَنَّ كُلَّ شَيءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ؟

وَأَنَّ الخَلاَئِقَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ؟ تَبَارَكَ رَبُّنَا وَتَعَاظَمَ وَتَقدَّسَ أَنْ يُوصَفَ أَخَسُّ خَلْقِهِ بِصِفَاتِهِ

المقصود بأخسِّ خلْقه هم الكفَرة الفجَرة المشرِّعون للقوانين الوضعية، لا الإنسان عمومًا.

وَمِنَ الآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴾ [غافر: 12].

فَهَلْ فِي الكَفَرَةِ الفَجَرَةِ المُشَرِّعِينَ لِلنُّظُمِ الشَّيْطَانِيَّةِ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ فِي أَعْظَمِ كِتَابٍ سَمَاوِيٍّ بَأَنَّهُ العَلِيُّ الكَبِيرُ؟

سُبْحَانَكَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ عَنْ كُلِّ مَالَا يَلِيقُ بَكَمَالِكَ وَجَلاَلِكَ.

وَمِنَ الآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ

* قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [القصص: 70 - 73].

فَهَلْ فِي مُشَرِّعِي القَوَانِينَ الوَضْعِيَّةَ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّ لَهُ الحَمْدَ فِي الأُوُلَى وَالآخِرَةِ، وَأَنَّهُ هُوَ الذِي يُصَرِّفُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ مُبَيَّنًا بِذَلِكَ كَمَالَ قُدْرَتِهِ، وَعَظَمَةَ إِنْعَامِهِ عَلَى خَلْقِهِ.

سُبْحَانَ خَالِقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، جَلَّ وَعَلا أَنْ يَكُونَ لَهُ شَرِيكٌ فِي حُكْمِهِ أَوْ عِبَادَتِهِ أَوْ مُلْكِهِ.

وَمِنَ الآيَاتِ الدَّالَّةِ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 40].

فَهَلْ فِي أُولَئِكَ مَنْ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُوصَفَ بِأَنَّهُ هُوَ الإَلَهُ المَعْبُودُ وَحْدَهُ وَأَنَّ عِبَادَتَهُ وَحْدَهُ هِي الدِّينُ القَيِّمُ" اهـ باختصار.

راجع: أضواء البيان (7/ 163 - 173).

2- اللهُ سُبْحَانَهُ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ وَمَا يَشَاءُ هُوَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ:

قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ ﴾ [المائدة: 1].

فَاللهُ سُبْحَانَهُ يَقْضِي فِي خَلْقِهِ مَا يَشَاءُ مِنْ تَحْلِيلِ مَا أَرَادَ تَحْلِيلَهُ وَتَحْرِيمِ مَا أَرَادَ تَحْرِيمَهُ، وَإِيجَابِ مَا شَاءَ إِيجَابَهُ عَلَيْهِم، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ وَقَضَايَاهُ. وَلَهُ الحِكْمَةُ البَالِغَةُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.

وَلَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يُرَاجِعَ اللهَ فِي حُكْمِهِ، كَمَا يُرَاجِعُ النَّاسُ بَعْضَهُم البَعْضَ فِي أَحْكَامِهِم

قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد: 41]، فَحُكْمُهُ فِي الخَلْقِ نَافِذٌ، لَيْسَ لأَِحَدٍ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ يُبْطِلَهُ.

3- كَلاَمُ اللهِ حَكِيمٌ وَمُحْكَمٌ:

وَكَيْفَ لَا يَكُونُ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَهُوَ كَلَامُ أَحْكَمِ الحَاكِمِينَ وَرَبِّ العَالَمِينَ.

وَقَدْ وَصَفَ اللهُ القُرْآنَ العَظِيمَ - وَهُوَ كَلاَمُهُ المَنَزَّلُ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ حَكِيمٌ وَمُحْكَمٌ فِي ثَمَانِ آيَاتٍ مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾ [هود: 1].

وَقَوْلُهُ: ﴿ الم * تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ ﴾ [لقمان: 1، 2].

وَقَوْلُهُ: ﴿ يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ﴾ [يس: 1، 2].

وَقَوْلُهُ: ﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ... ﴾ [محمد: 20].

وَحِكْمَةُ اللهِ تَقْتَضِي ذَلِكَ، تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ القُرْآنُ حَكِيمًا وَمُحْكَمًا؛ لِأَنَّهُ الكِتَابُ الذِي لَيْسَ بَعْدَهُ كِتَابٌ، وَلِأَنَّهُ الكِتَابُ الذِي أًَنْزَلَهُ اللهُ لِيَكُونَ تَشْرِيعًا عَامًّا لِكُلِّ مُجْتَمَعٍ بَشَرِيٍّ وَلِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ، حَتَّى يَرِثَ اللهُ الأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا.

فَالقُرْآنُ حَكِيمٌ فِي أُسْلُوبِهِ الرَّائِعِ الجَذَّابِ، وَحَكِيمٌ فِي هِدَايَتِهِ وَرَحْمَتِهِ، وَحَكِيمٌ فِي إِيضاحِهِ وَبَيَانِهِ، وَحَكِيمٌ فِي تَشْرِيعَاتِهِ وَحَكِيمٌ فِي كُلِّ أَحْكَامِهِ، وَحَكِيمٌ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَحَكِيمٌ فِي تَرْغِيبِهِ وَتَرْهِيبِهِ

وَحَكِيمٌ فِي وَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَحَكِيمٌ فِي أَقَاصِيصِهِ وَأَخْبَارِهِ، وَحَكِيمٌ فِي إِقْسَامِهِ وَأَمْثَالِهِ، وَحَكِيمٌ فِي كُلِّ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ، بَلْ هُوَ فَوْقَ ذَلِكَ وَأَعْظَمَ مِنْ ذَلِكَ.

وَالقُرْآنُ أَيْضًا مُحْكَمٌ فَلَا حَشْوَ فِيهِ، وَلَا نَقْصَ وَلَا عَيْبَ كَمَا يَكُونُ فِي كَلاَمِ البَشَرِ، اللهُ أَكْبَرُ مَا أَعْظَمَ هَذَا القُرْآنَ، لَقَدْ بَلَغَ الغَايَةَ فِي البَهَاءِ وَالجَمَالِ وَالكَمَالِ

باختصار من كتاب الهدى والبيان في أسماء القرآن للشيخ صالح بن إبراهيم البليهي (ص: 212).

4- الإِيمَانُ يَقْتَضِي تَحْكِيمَ كِتَابِ اللهِ بَيْننَا:

وَالإِيمَانُ بِمَا سَبَقَ يَقْتَضِي تَحْكِيمَ كِتَابِ اللهِ جَلَّ شَأَْنُهُ بَيْنَنَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ كِتَابٌ مِثْلَ القُرْآنِ حَكِيمًا فِي كُلِّ شَيءٍ.

لِأَنَّ مَا شَرَعَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ لِعِبَادِهِ مِنَ الأَحْكَامِ وَالمُعَامَلَاتِ وَالقِصَاصِ وَالحُدُودِ وَتَقْسِيمِ المَوَارِيثِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالأَحْوَالِ الشَّخْصِيَّةِ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ هِيَ فِي مُنْتَهَى الحِكْمَةِ

لِأَنَّهَا تَشْرِيعُ الحَكِيمِ العَلِيمِ سُبْحَانَهُ، الذِي لَا يَدْخُلُ حُكْمَهُ خَلَلٌ وَلَا زَلَلٌ، وَلِأَنَّهَا قَضَاءُ مَنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مَوَاضِعُ المَصْلَحَةِ فِي البَدْءِ وَالعَاقِبَةِ.

وَقَدْ نَبَّهَ اللهُ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ لِهَذَا بِقَوْلِهِ: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة: 50]

وقَوْلِهِ: ﴿ ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [الممتحنة: 10]، وقَوْلِهِ: ﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ ﴾ [التين: 8].

وَلِذَا فَإِنَّكَ تَجِدُ آيَاتِ الأَحْكَامِ كَثِيرًا مَا تَشْتَمِلُ خَوَاتِيمُهَا عَلَى اسْمِهِ (الحَكِيمِ)، وَمِنَ الأَمْثِلَةِ عَلَى ذَلِكَ:

قَوْلُهُ: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾

إِلِى قَوْلِهِ: ﴿ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 11].

وقَوْلُهُ: ﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 24].

وقَوْلُهُ فِي القَتْلِ الخَطَأِ: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلَّا خَطَأً ﴾ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 92].

وَقَوْلُهُ: ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 130].

وَقَوْلُهُ: ﴿ قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴾ [التحريم: 2]، وَغَيْرُهَا مِنَ الآيَاتِ.

5- الإِيْمَانُ يَقْتَضِي تَحْكِيمَ الرَّسُولِ بَيْننَا:

وَقَدْ أَمَرَ اللهُ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أُنْزَلَ إِلَيْهِ مِنَ الأَحْكَامِ الرَّبَّانِيَّةِ، وَأَنْ يَتْرُكَ مَا سِوَاهَا مِنَ الآرَاءِ وَالأَهْوَاءِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ [المائدة: 48].

قَالَ سبحانه وتعالى: ﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [المائدة: 49].

وَلَمْ يَكُنْ هَذَا الأَمْرُ لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم خَاصَّةً، وَإِنَّمَا هُوَ مَا أُمِرَتْ بِهِ جَمِيعُ الرُّسُلِ مِنْ قَبْلِهِ

يُبَيِّنُ هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ ﴾ [البقرة: 213].

وَقَوْلُهُ: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا ﴾ [المائدة: 44].

وَالمُؤْمِنُونَ يَرْضُونَ بِحُكْمِ اللهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ﴾ [النور: 51].

أَمَّا مَنْ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ وَتَرَكَ تَشْرِيعَ الحَكِيمِ العَلِيمِ، وَأَخَذَ بِآرَائِهِ وَمَا يُمْلِيهِ عَلَيْهِ عَقْلُهُ مِنْ أَفْكَارٍ، أَوِ اتَّبَعَ أَهْوَاءَهُ وَمَا تَشْتَهِيهُ نَفْسُهُ، فَقَدْ وَقَعَ فِي هَاوِيَةِ الكُفْرِ أَوِ الفِسْقِ التِي حَكَمَ اللهُ بِهَا عَلَيْهِ.

وَقَالَ سبحانه: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة: 44]

وَقَالَ: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة: 45]، وَقَالَ: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة: 47].

6- اللهُ سُبْحَانَهُ يُؤْتِي حِكْمَتَهُ مَنْ يَشَاءُ:

كَمَا قَالَ عَنْ نَفْسِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [البقرة: 269].

وَقَدْ تَنَوَّعَتْ عِبَارَاتُ المُفَسِّرِينَ

فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ ﴾؛ فَمِنْهُم مَنْ قَالَ: هِيَ الإِصَابَةُ فِي القَوْلِ وَالفِعْلِ، وَقِيلَ: هِيَ الفِقْهُ فِي القُرْآنِ وَالفَهْمِ فِيهِ، وَقَالَ بَعْضُهُم: هِيَ الفَهْمُ وَالعَقْلُ فِي الدِّينِ وَالاتِّبَاعِ لَهُ

وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ النُّبُوَّةُ، وَقِيلَ هِيَ: الخَشْيَةُ للهِ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ جَامِعًا بَيْنَ الأَقَوْالِ السَّابِقَةِ: "وَقَدْ بَيَّنَا فِيمَا مَضَى مَعْنَى الحِكْمَةِ وَأَنَّهَا مَأْخُوذَةٌ مِنَ الحُكْمِ وَفَصْلِ القَضَاءِ، وَأَنَّهَا الإِصَابَةُ بِمَا دَلَّ عَلَى صِحَّتِهِ، فَأَغْنَى عَنْ تَكْرِيرِهِ فِي هَذَا المَوْضِعِ.

فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ مَعْنَاهُ، كَانَ جَمِيعُ الأقْوَالِ التِي قَالَهَا القَائِلُونَ الذِينَ ذَكَرْنَا قَوْلَهُم فِي ذَلِكَ، دَاخِلًا فِيمَا قُلْنَا مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الإِصَابَةَ فِي الأُمُورِ، إِنَّمَا تَكُونُ عَنْ فَهْمٍ بِهَا وَعِلْمٍ وَمَعْرِفَةٍ

وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، كَانَ المُصِيبُ عَنْ فَهْمٍ مِنْهُ بِمَوَاضِعِ الصَّوَابِ فِي أُمُورِهِ فَهِمًا خَاشِيًا لله فَقِيهًا عَالِمًا، وَكَانَتِ النُّبُوَّةُ مِنْ أَقْسَامِهِ؛ لِأَنَّ الأَنْبِيَاءَ مُسَدَّدُونَ مُفَهَّموُنَ وَمُوَفَّقُونَ لِإِصَابَةِ الصَّوَابِ فِي الأُمُورِ، وَالنُّبُوَّةُ بَعْضُ مَعَانِي الحِكْمَةِ.

فَتَأْوِيلُ الكَلاَمِ: يُؤْتِي اللهُ إِصَابَةَ الصَّوَابِ فِي القَوْلِ وَالفِعْلِ مَنْ يَشَاءُ، وَمَنْ يُؤْتِهِ اللهُ ذَلِكَ فَقَدْ آَتَاهُ خَيْرًا كَثِيرًا" اهـ.

جامع البيان (3/ 60 - 61)

وانظر: تفسير ابن كثير (1/ 322).

7- جَوَازُ غِبْطَةِ مَنْ أُوتِىَ الحِكْمَةَ:

وَقَدْ جَاءَ فِي الحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْ أُوتِيَ الحِكْمَةَ يَنْبَغِي أَنْ يُغْبَطَ لِعِظَمِ هَذِهِ النِّعْمَةِ عَلَيْهِ.

وَهُوَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: "لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ: رَجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِهِ فِي الحَقِّ، وَآخَرُ آتَاهُ اللهُ حِكْمَةً فَهُوَ يَقْضِي بِهَا وَيُعَلِّمُهَا"

رواه البخاري (1409، 7141، 7316)، ومسلم (816) عن عبد الله بن مسعود.

وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ فِي كِتَابِهِ بَعْضَ الذَّينَ آَتَاهُم الحِكْمَةَ وَأَكْثَرُهُمْ مِنَ الأَنْبِيَاءِ.

فَامْتَنَّ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم بَذَلِكَ فِي قَوْلِهِ: ﴿ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا ﴾ [النساء: 113].

وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ صَلَوَاتُ اللهُ عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ: ﴿ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 54].

وَعَلَى عِيسَى: ﴿ وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ ﴾ [المائدة: 110].

وَعَلَى داود؛: ﴿ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ ﴾ [البقرة: 251].

وَعَلَى لُقْمَانَ العَبْدِ الصَّالِحِ: ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ ﴾ [لقمان: 12].

وَاللهُ سُبْحَانَهُ أَعَلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ حِكْمَتَهُ.

8- خَلْقُ اللهِ سُبْحَانَهُ مُحْكَمٌ لَا خَلَلَ فِيهِ وَلَا قُصُورَ:

قَالَ تَعَالَى: ﴿ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ﴾ [النمل: 88].

وَقَالَ: ﴿ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ﴾ [الملك: 3].

أَيْ: خَلَقَهُنَّ طَبَقَةً بَعْدَ طَبَقَةٍ مُسْتَوِيَاتٍ لَيْسَ فِيهَا اخْتِلَافٌ وَلَا تَنَافُرُ وَلَا نَقْصٌ وَلَا عَيْبٌ.

وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ ﴾؛ انْظُرْ إِلَى السَّمَاءِ فَتَأَمَّلْهَا هَلْ تَرَى فِيهَا عَيْبًا أَوْ نَقْصًا أَوْ خَلَلًا أَوْ فُطُورًا وَشُقُوقًا

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: ﴿ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ [الملك: 4]

أَيْ: مَهْمَا كَرَّرْتَ البَصَرَ مَرَّتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ لَرَجَعَ إِلَيْكَ البَصَرُ خَاسِئًا عَنْ أَنْ يَرَى عَيْبًا أَوْ خَلَلًا، وَهُوَ حَسِيرٌ أَيْ: كَلِيلٌ قَدِ انْقَطَعَ مِنَ الإِعْيَاءِ مِنْ كَثْرَةِ التَّكَرُّرِ وَلَا يَرَى نَقْصًا

انظر: تفسير ابن كثير (4/ 396).

قَالَ الخَطَّابِيُّ:

"وَمَعْنَى الإِحْكَامِ لِخَلْقِ الأَشْيَاءِ، إِنَّمَا يَنْصَرِفُ إِلَى اتْقَانِ التَّدْبِيرِ فِيهَا، وَحُسْنِ التَّقْدِيرِ لَهَا، إِذْ لَيْسَ كُلُّ الخَلِيقَةِ مَوْصُوفًا بِوَثَاقَةِ البِنْيَةِ

وَشَدَّةِ الأَسْرِ كَالبَقَّةِ، وَالنَّمْلَةِ، وَمَا أَشْبَهَهُمَا مِنْ ضِعَافِ الخَلْقِ، إِلَّا أَنَّ التَّدْبِيرَ فِيهِمَا، وَالدِّلَالَةَ بِهِمَ عَلَى كَوْنِ الصَّانِعِ وَإِثْبَاتِهِ لَيْسَ بِدُونِ الدِّلَالَةِ عَلَيْهِ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالجِبَالِ وَسَائِرِ مَعَاظِمِ الخَلِيقَةِ.

وَكَذَلِكَ هَذَا فِي قَوْلِهِ عز وجل: ﴿ الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ﴾ [السجدة: 7]

لَمْ تَقَعِ الإشَارَةُ بِهِ إِلَى الحُسْنِ الرَّائِقِ فِي المَنْظَرِ، فَإِنَّ هَذَا المَعْنَى مَعْدُومٌ فِيالْقِرْدِ وَالخِنْزِيرِ وَالدُّبِّ، وَأَشْكَالِها مِنَ الحَيَوَانِ. وَإنَّما يَنْصَرِفُ المَعْنَى فِيهِ إِلَى حُسْنِ التَّدْبِيرِ

فِي إِنْشَاءِ كُلِّ شَيءٍ مِنْ خَلْقِهِ عَلَى مَا أَحبَّ أَنْ يُنْشِئَهُ عَلَيْهِ وَإِبْرَازِهِ عَلَى الهَيْئَةِ الَّتِي أَرَادَ أَنْ يُهَيِّئَهُ عَلَيْهَا

كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾ [الفرقان: 2] اهـ.

شأن الدعاء (ص: 73 - 74)

9- الحِكْمَةُ مِنْ خَلْقِ الخَلْقِ:

إِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ الخَلْقَ لِحِكْمَةٍ عَظِيمَةٍ، وَغَايَةٍ جَلِيلَةٍ وَهِيَ عِبَادَتُهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى

حَيْثُ قَالَ: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 56 - 58]

وَلَمْ يَخْلُقْهُمْ عَبَثًا وَبَاطِلًا كَمَا يَظُنُّ الكُفَّارُ وَالمَلَاحِدَةُ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ ﴾ [ص: 27].

وَقَالَ سُبْحَانَهُ: ﴿ مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى ﴾ [الأحقاف: 3].

وَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ ﴾ [المؤمنون: 115، 116].

وَجَعَل يَوْمَ القِيَامَةِ مَوْعِدًا لَهُمْ، وَيُرْجَعُونَ إِلَيْهِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالحُسْنَى.

10- كَرَاهِيَةُ التَّكَنِّي بِأَبِي الحَكَمِ:

فَعَنْ هَانئِ بْنِ يَزِيدٍ أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ قَوْمِهِ سَمْعَهُم يُكَنُّونَهُ بِأَبِي الحَكَمِ؛ فَدَعَاهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "إِنَّ اللهَ هُوَ الحَكَمُ وَإِلَيْهِ الحُكْمُ، فَلِمَ تُكْنَى أَبَا الحَكَمِ؟"

فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيءٍ أَتَوْنِي فَحَكَمْتُ بَيْنَهُم فَرَضِيَ كِلَا الفِرِيقَيْنِ

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الوَلَدِ؟" قَالَ: لِيَ شُرَيُحٌ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ اللهِ، قَالَ: "فَمَنْ أَكْبَرُهُم؟" قُلْتُ: شُرَيْحٌ، قَالَ: "فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ"

إسناده صحيح: أخرجه أبو داود (4955)، والبيهقي عنه (10/ 145)، والنسائي (8/ 226)

عن يزيد ابن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جدِّه شريح، عن أبيه هانئٍ به. وهذا إسناد حسَن، يزيد بن المقدام صدوق، وبقية رجاله رجال مسلم.

وقد أخرج الحاكم (4/ 279) الحديث مختصرًا - دُون ذكْره سببَ التسمية وقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهُ هُوَ الحَكَمُ " - عن قيس بن الربيع، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن جدِّه به.

قال الحاكم: تفرَّد به قيس بن الربيع، وليس مِن شرْط الكتاب. قلتُ: قيس بن الربيع صدوق تغيَّر لما كبر أدخل عليه ابنُه ما ليس من حديثه فحدَّث به.

ملاحظة:

وقع في إسناد النسائي حذف المقدام بن شريح، وقد عزاه الحافظ المزي في التحفة للنسائي دون حذف، فالظاهر أنه خطأ مطبعي.


فَتَغْيِيرُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِكُنْيَةِ الصَّحَابِيِّ دَلِيلٌ عَلَى كَرَاهَتِهِ التَّكَنِّي بِهَذَا الاِسْمِ أَوِ التَّسَمِّي بِهِ.

قَالَ ابْنُ الأَثِيرِ:

"وَإِنَّمَا كُرِهَ لَهُ ذَلِكَ لِئَلَّا يُشَارِكَ اللهَ تَعَالَى فِي صِفَتِهِ"

النهاية (1/ 419).









رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:03

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc