من هم ( الزواف ) ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الكلام في التاريخ والملل والنحل والجماعات والمناهج يفتقر إلى علم وخبرة وعدل ، وإلا فصاحبه سوف ينحرف عن الحقائق والصدق والتقوى ، ويقع في الجور والظلم والجهل .
وهذا الذي وقع فيه بعض الكُتاب المجاهيل ممن انتشرت كتاباتهم في مواقع التواصل ، ووجدوها متنفسا لجهلهم واغتر بهم العوام .
هؤلاء المجاهيل الجهلة نشروا معلومة خاطئة مفادها : أن شعوب الزواوة زواف !
أقول ( بن سلة ) : هذه جريمة في حق شعوب الجزائر ، وطعن في تاريخها وأصالتها ووطنيتها وثوابتها .
هذه الفرية صنعتها فرنسا ، لتطعن في شعوب الجزائر ، وفي تاريخها ونضالها ، ولتحدث الفرقة بين الجزائريين .
- الزواف لما رجعنا إلى حقيقتها كما تريد هذه الكتابات الحادثة أن تلقنه للشعب الجزائري وجدنا صفتهم ، أنهم لا يخرجون على من يطلق عليهم ( المرتزقة ) ، وهم أعداء سلطان الجزائر الأمير عبد القادر والذين استعملتهم فرنسا ضد دولته ، والذين يحق أن يلقبوا بـ( المرتزقة ) أو ( الزواف ) كما أطلق عليهم هؤلاء الكُتاب :
هؤلاء المرتزقة ذكرهم مؤرخو الجزائر ، وذكروا صفاتهم وقبائلهم وأعمالهم التي كانوا يباشرونها في الفترة العثمانية ، فهم أخلاط من العرب والبربر والأعلاج والعبيد وممن كان حديث العهد بالإسلام .
قال المؤرخ محمد باشا ابن الأمير عبد القادر في تحفة الزائر : ( أصل هؤلاء الدوائر والزمالة اخلاط من العرب والبربر كانوا يلوذون بالباي محمد حاكم معسكر وفاتح وهران من يد دولة إسبانيا ، فلما حدث الطاعون الجارف في المغرب الأوسط في أوائل القرن الثالث عشر من الهجرة خيم الباي في ظاهر البلد وخرج الناس لخروجه ، فعين من هؤلاء الخدم جماعة للنزول في دائرة خيامه ، فسموا دوائر، وعين آخرين لحمل أثقاله وأثقال عسكره فسموا بالزمالة ) ا.هـ
قلت ( بن سلة ) : خيمة الباي كانت تسمى ( الخيمة الحمراء ) وهؤلاء أيضا ذكرهم صاحب كتاب ( دليل الحيران في أخبار وهران ) .
وقال المؤرخ سعيدوني في كتابه ( ورقات جزائرية ) : ( إن أغلب هؤلاء القياد المكلفين بخدمة الداي غالبا ما يختارون من بين المسلمين الذين اعتنقوا الإسلام حديثا ( الأعلاج) ويخولون الحصول على ترضيات وهدايا موسمية مقابل القيام بمهامهم حتى تكون تعويضا لهم عن أجورهم ..) ا.هـ
قلت : هؤلاء هم من كان سببا في حدوث الثورات في الجزائر في العهد العثماني ، وهم من ظهر منهم العداوة لسلطان الجزائر الأمير عبد القادر ، والخروج على دولته وانضمامهم إلى فرنسا والقتال معها وفي صفها ، وهؤلاء هم من يوجه إليهم أصابع الاتهام بالمرتزقة والزواف ، وبهذا يتبين أنهم أخلاط من الشعوب ، ومن أراذل الشعوب ، والجهلة ، وممن لم يرسخ الإيمان فيهم ، ولم تتكون فيهم الوطنية الجزائرية .
وهؤلاء ( الزواف ) هم من أطلق المؤرخ محمد العربي الزبيري وأشار إليهم بقوله : ( الموظفون التنفيذيون في أجهزة القمع الذين يتولون بدافع الجشع والنذالة ، وهم من مختلف الأجناس ، ومن ذوي السوابق العدلية الهاربين من سلطان القانون )
وذكر أن فرنسا لما الثورة الجزائرية تغلبت عليها وأضرت بجيوشها كونت جيشا جديدا من اللفيف الأجنبي والطوابير المغربية ، وتبنت فكرة الجيوش الإفريقية التي كان " بيجو" قد استعملها ضد الأمير عبد القادر .
قلت ( بن سلة ) : لقد أشار الإمام الخطيب أبو يعلى الزواوي في تاريخه إلى هذه الفئة .
فئة الزواف المتأخرة ، هي صنيعة فرنسا وممن تربت في جمعية ( الآباء البيض المسيحية ) ، وتكونت في ( الحزب الشيوعي الفرنسي الجزائري ) ، وهذه الشرذمة لا تمت بصلة إلى الزواوة وأصالتها وتاريخها .
إننا لما نرجع إلى الزواوة نجدهم هم جيش الأمير عبد القادر في الجزائر والشام .
وهم من استجاب لنداء الشريف بو بغلة والتحق بصفوف جهاده .
وهم من قام مع المقراني .
وهم طاهر الجزائري السمعوني وأبو يعلى الزواوي وكريم بلقاسم .
هؤلاء هم من يمثل الزواوة ، وهم من كتب تاريخ الإسلام والعروبة والوطنية الجزائرية وقهر فرنسا ، ودعا إلى الوحدة الوطنية الجزائرية .
أما الإنفصالية ( الماك ) ، و( ثامزغا ) فهذه شرذمة صنيعة فرنسا تريد الفتنة في الجزائر ، حملت شعار النزعة البربرية لكي تجر معها بعض الجهلة والعوام ، وهي تستعمل الصبيان في مخططها الفاشل ، وتدفع بهم للطعن في تاريخ أجدادهم وإحداث الفتنة في أرضهم ، ومواجهة مؤسساتهم الجزائرية وعلى رأسها المؤسسة العسكرية .
ولكن نقول لهم : خابت مساعيكم ، بلاد الزواوة الكبرى تستمسك بعروة الإسلام الوثقى ، وهي معقل من معاقل الإسلام والعروبة ، ومازالت على ذلك ، كذا قال الإمام البشير الإبراهيمي - رحمه الله -
بلاد الزواوة هي حصن الثورة وقوتها ، ومن أرضها تمكنت على يد البطل الإسلامي كريم بلقاسم ، ومن ترابها قهر الخونة والحزب الشيوعي الجزائري ، ولله الحمد والمنة .
كتبه : بشير بن سلة الجزائري