استمتع بحياتك .....بقلم د.محمد بن عبد الرّحمن العريفي - الصفحة 7 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

استمتع بحياتك .....بقلم د.محمد بن عبد الرّحمن العريفي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-20, 10:47   رقم المشاركة : 91
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اللسان .. ملك !!

تأملت فيما يحدث التباغض والشقاق بين الناس .. ويجعل بعضهم أثقل من الجبل على الآخرين .. فلا يحبون رؤيته ولا مجالسته .. ولا السفر معه .. ولا حضور وليمة هو مدعو إليها ..
وجدت أن أكثر ما يوصل الشخص إلى هذا المستوى البغيض هو اللسان ..
فكم من خصومات وقعت بين إخوان .. وأزواج .. و .. بسبب مسبة أو غيبة أو شتم ..!!
لسان الفتى نصف ونصف فؤاده .. فلم يبق إلا صورة اللحم والدم
ذُكر أن ملكاً معظماً رأى في منامه أن أسنانه تساقطت ..
فاستدعى أحد المعبرين .. وقص عليه الرؤيا وسأله عن تعبيرها ؟!
فتغير المعبر لما سمعها .. وجعل يردد : أعوذ بالله .. أعوذ بالله .. تمضي عليك السنين .. ويموت أولادك وأهلك جميعاً .. وتبقى في ملكك وحدك ..
فصاح الملك .. وغضب .. وسب ولعن .. وأمر بالمعبر أن يسحب ويجلد ..
ثم دعا بمعبر آخر .. وقص عليه الرؤيا .. وسأله عن تعبيرها ..
فاستهل ذاك المعبر .. وتبسم .. وأظهر البشاشة .. وقال : أبشر .. خير .. خير .. أيها الملك ..
هذا معناه أنك سيطول عمرك جداً .. حتى تكون آخر أهلك موتاً .. وتبقى طول عمرك ملكاً ..
فاستبشر الملك وأمر له بالأعطيات .. وبقي راضياً عليه .. ساخطاً على الآخر !!
مع أنك لو تأملت لوجدت أن التعبيرين متماثلان متطابقان .. لكن الأول عبر بأسلوب والآخر عبر بأسلوب آخر .. نأ

نعم .. اللسان سيد الأعضاء ..
وفي الحديث .. قال عليه الصلاة و السلام :
إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان .. فتقول :
اتق الله فينا .. فإنما نحن بك .. فإن استقمت استقمنا .. وإن اعوججت اعوججنا .. ([1]) ..
نعم .. والله إنه لسيد ..
سيد في خطبة الجمعة .. وسيد في الإصلاح بين الناس .. وسيد في التسويق .. وسيد في المحاماة ..
ولا يعني هذا أنه إذا فقده الإنسان .. انتهت حياته .. كلا بل صاحب الهمة يبقى بطلاً ..
لم يكن أبو عبد الله يختلف كثيراًُ عن بقية أصدقائي .. لكنه – والله يشهد – من أحرصهم على الخير ..
له عدة نشاطات دعوية من أبرزها ما يقوم به أثناء عمله .. فهو يعمل مترجما في معهد الصم البكم .
اتصل بي يوما وقال : ما رأيك أن أحضر إلى مسجدك اثنين من منسوبي معهد الصم لإلقاء كلمة على المصلين ..
تعجبت !! وقلت : صم يلقون كلمة على ناطقين ؟
قال : نعم .. وليكن مجيئنا يوم الأحد ..
انتظرت يوم الأحد بفارغ الصبر ..
وجاء الموعد ..
وقفت عند باب المسجد أنتظر ..
فإذا بأبي عبد الله يقبل بسيارته ..
وقف قريباً من الباب .. نزل ومعه رجلان ..
أحدهما كان يمشي بجانبه ..
والثاني قد أمسكه أبو عبد الله يقوده بيده ..
نظرت إلى الأول فإذا هو أصم أبكم .. لا يسمع ولا يتكلم .. لكنه يرى ..
والثاني أصم .. أبكم .. أعمى .. لا يسمع ولا يتكلم ولا يرى ..
مددت يدي وصافحت أبا عبد الله ..
كان الذي عن يمينه – وعلمت بعدها أن اسمه أحمد - ينظر إليّ مبتسماً .. فمددت يدي إليه مصافحاً ..
فقال لي أبو عبد الله - وأشار إلى الأعمى - :
سلم أيضاً على فايز .. قلت : السلام عليكم .. فايز ..
فقال أبو عبد الله : أمسك يده .. هو لا يسمعك ولا يراك ..
جعلت يدي في يده .. فشدني وهز يدي ..
دخل الجميع المسجد .. وبعد الصلاة جلس أبو عبد الله على الكرسي وعن يمينه أحمد .. وعن يساره فايز ..
كان الناس ينظرون مندهشين .. لم يتعودوا أن يجلس على كرسي المحاضرات أصم ..
التفت أبو عبد الله إلى أحمد وأشار إليه ..
فبدأ أحمد يشير بيديه .. والناس ينظرون .. لم يفهموا شيئاً ..
فأشرت إلى أبي عبد الله .. فاقترب إلى مكبر الصوت وقال :
أحمد يحكي لكم قصة هدايته .. ويقول لكم .. ولدت أصم .. ونشأت في جدة .. وكان أهلي يهملونني .. لا يلتفتون إليّ .. كنت أرى الناس يذهبون إلى المسجد .. ولا أدري لماذا ! أرى أبي أحياناً يفرش سجادته ويركع ويسجد .. ولا أدري ماذا يفعل ..

وإذا سألت أهلي عن شيء .. احتقروني ولم يجيبوني ..
ثم سكت أبو عبد الله والتفت إلى أحمد وأشار له ..
فواصل أحمد حديثه .. وأخذ يشير بيديه .. ثم تغير وجهه .. وكأنه تأثر ..
خفض أبو عبد الله رأسه ..
ثم بكى أحمد .. وأجهش بالبكاء ..
تأثر كثير من الناس .. لا يدرون لماذا يبكي ..
واصل حديثه وإشاراته بتأثر .. ثم توقف ..
فقال أبو عبد الله : أحمد يحكي لكم الآن فترة التحول في حياته .. وكيف أنه عرف الله والصلاة بسبب شخص في الشارع عطف عليه وعلمه .. وكيف أنه لما بدأ يصلي شعر بقدر قربه من الله .. وتخيل الأجر العظيم لبلائه .. وكيف أنه ذاق حلاوة الإيمان ..
ومضى أبو عبد الله يحكي لنا بقية قصة أحمد ..
كان أكثر الناس مشدوداً متأثراً ..
لكني كنت منشغلاً .. أنظر إلى أحمد تارة .. وإلى فايز تارة أخرى .. وأقول في نفسي .. هاهو أحمد يرى ويعرف لغة الإشارة .. وأبو عبد الله يتفاهم معه بالإشارة .. ترى كيف سيتفاهم مع فايز .. وهو لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم ..!!
انتهى أحمد من كلمته .. ومضى يمسح بقايا دموعه ..
التفت أبو عبد الله إلى فايز ..
قلت في نفسي : هه ؟؟ ماذا سيفعل ؟!!

ضرب أبو عبد الله بأصابعه على ركبة فايز ..
فانطلق فايز كالسهم .. وألقى كلمة مؤثرة ..
تدري كيف ألقاها ؟
بالكلام ؟ كلا .. فهو أبكم .. لا يتكلم ..
بالإشارة ؟ كلا .. فهو أعمى .. لم يتعلم لغة الإشارة ..
ألقى الكلمة بـ ( اللمس ) .. نعم باللمس .. يجعل أبو عبد الله ( المترجم ) يده بين يدي فايز .. فيلمسه فايز لمسات معينة .. يفهم منها المترجم مراده .. ثم يمضي يحكي لنا ما فهمه من فايز .. وقد يستغرق ذلك ربع ساعة ..
وفايز ساكن هادئ لا يدري هل انتهى المترجم أم لا .. لأنه لا يسمع ولا يرى ..
فإذا انتهى المترجم من كلامه .. ضرب ركبة فايز .. فيمد فايز يديه ..
فيضع المترجم يده بين يديه .. ثم يلمسه فايز للمسات أخر ..
ظل الناس يتنقلون بأعينهم بين فايز والمترجم .. بين عجب تارة .. وإعجاب أخرى ..
وجعل فايز يحث الناس على التوبة .. كان أحياناً يمسك أذنيه .. وأحياناً لسانه .. وأحياناً يضع كفيه على عينيه ..
فإذا هو يأمر الناس بحفظ الأسماع والأبصار عن الحرام ..
كنت أنظر إلى الناس .. فأرى بعضهم يتمتم : سبحان الله .. وبعضهم يهمس إلى الذي بجانبه .. وبعضهم يتابع بشغف .. وبعضهم يبكي ..
أما أنا فقد ذهبت بعيييييداً ..
أخذت أقارن بين قدراته وقدراتهم .. ثم أقارن بين خدمته للدين وخدمتهم ..
الهم الذي يحمله رجل أعمى أصم أبكم .. لعله يعدل الهم الذي يحمله هؤلاء جميعاً ..
والناس ألف منهم كواحد ** وواحد كالألف إن أمر عنا
رجل محدود القدرات .. لكنه يحترق في سبيل خدمة هذا الدين .. يشعر أنه جندي من جنود الإسلام .. مسئول عن كل عاص ومقصر ..
كان يحرك يديه بحرقة .. وكأنه يقول يا تارك الصلاة إلى متى ..؟ يا مطلق البصر في الحرام إلى متى ..؟ يا واقعاً في الفواحش ؟ يا آكلاً للحرام ؟ بل يا واقعاً في الشرك ؟
كلكم إلى متى .. أما يكفي حرب الأعداء لديننا .. فتحاربونه أنتم أيضاً !!
كان المسكين يتلون وجهه ويعتصر ليستطيع إخراج ما في صدره ..
تأثر الناس كثيراً .. لم ألتفت إليهم .. لكني سمعت بكاء وتسبيحات ..
انتهى فايز من كلمته .. وقام .. يمسك ابو عبد الله بيده .. تزاحم الناس عليه يسلمون ..
كنت أراه يسلم على الناس .. وأحس أنه يشعر أن الناس عنده سواسيه ..
يسلم على الجميع .. لا يفرق بين ملك ومملوك .. ورئيس ومرؤوس ..وأمير ومأمور ..
يسلم عليه الأغنياء والفقراء .. والشرفاء والوضعاء .. والجميع عنده سواء ..
كنت أقول في نفسي ليت بعض النفعيين مثلك يا فايز ..
أخذ أبو عبد الله بيد فايز .. ومضى به خارجاً من المسجد ..
أخذت أمشي بجانبهما .. وهما متوجهان للسيارة ..
والمترجم وفايز يتمازحان في سعادة غامرة ..
آآآه ما أحقر الدنيا ..
كم من أحد لم يصب بربع مصابك يا فايز ولم يستطع أن ينتصر على الضيق والحزن ..
أين أصحاب الأمراض المزمنة .. فشل كلوي .. شلل .. جلطات .. سكري .. إعاقات ..
لماذا لا يستمتعون بحياتهم..ويتكيفون مع واقعهم ..
ما أجمل أن يبتلي الله عبده ثم ينظر إلى قلبه فيراه شاكراً راضياً محتسباً ..
مرت الأيام .. ولا تزال صورة فايز مرسومة أمام ناظري ..


حقيقة ..
الإنسان لا لحمه يؤكل .. ولا جلده يلبس .. فماذا فيه غير حلاوة اللسان !!


( [1] ) رواه أحمد والترمذي









 


قديم 2011-02-20, 10:48   رقم المشاركة : 92
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اضبط لسانك ..

إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه ..
هكذا حذر النبي صلى الله عليه و سلم الناس من إطلاق الكلام على عواهنه .. دون النظر في العواقب ..
عدم ضبط اللسان قد يؤدي إلى المهالك ..
احفظ لسانك أيها الإنسان
لا يلدغنك إنـه ثـعبان
كم في المقابر من قتيل لسانه
كانت تهاب لقاءه الشجعان
كم من امرأة طلقها زوجها بسبب اللسان .. يختلف معها .. فتردد قائلة له : طلقني .. أتحداك تطلقني .. إن كنت رجلاً طلقني .. فيأمرها بالسكوت .. يصرخ بها .. ينهرها .. يشتد الأمر بينهما .. فينهدم البناء .. ويطلقها ..
لذا أمر صلى الله عليه و سلم الشخص إذا غضب أن يسكت .. نعم يسكت ..
لأنه إن لم يضبط لسانه .. أرداه في المهالك ..
يموت الفتى من زلة بلسانه
وليس يموت المرء من زلة الرجل


أذكر أني دخلت قبل فترة في مشكلة بين عائلتين للإصلاح بينهما ..
وقصة الخلاف : أن رجلاً عاقلاً كبيراً في السن أظنه قد تجاوز الستين من عمره .. خرج في نزهة صيد مع مجموعة من أصدقائه .. وسنهم جميعاً متقارب ..
دارت بينهم الأحاديث وذكريات الصبا .. ثم تكلموا عن أراض لأجدادهم بالقرية .. فثار خلاف بين اثنين منهم حول أحد الأراضي يملكها أحدهما وادعى الآخر أنها لجده ..
اشتد بينهما النقاش حتى قال مالك الأرض لصاحبه : والله لإن رأيتك قريباً من أرضي لأفرغن هذا في رأسك ..
ثم تناول بندقية الصيد التي بجانبه ووجهها أعلى من رأس صاحبه بمترين أو ثلاثة ثم أطلق منها رصاصة ..
ثار الرجلان وكادا أن يقتتلا .. لكن أصحابهما هدؤوهما وتفرقوا إلى بيوتهم ..
لم يستطع الرجل الذي أطلق عليه الرصاص أن ينام من شدة الغيظ .. فما كاد أن يصبح حتى كان قد أجمع أن يشفي غيظه من صاحبه .. فحمل سلاحاً من نوع " كلاشينكوف " ومضى يبحث عن صاحبه .. حتى رآه في سيارته عند مدرسة بنات ..
كان صاحبه متقاعداً من وظيفته ويعمل سائقا لسيارة خاصة لنقل المدرسات .. وقد أوقف سيارته عند باب المدرسة وجلس داخلها ينتظر خروجهن .. وبجانبه مجموعة من السيارات تشبه سيارته كلها مخصصة لنقل المدرسات أو الطالبات ..
اختبأ الرجل خلف شجرة بعيدة لئلا ينتبه إليه .. وكان ضعيف البصر .. ووجه سلاحه إلى السائق .. وحاول جاهداً أن يسدد الطلقة إلى رأسه .. ثم ضغط على الزناد .. ودوى صوت الرصاص وانطلقت ثلاث رصاصات واستقرت في رأس السائق .. ثار الناس واضطربوا .. وفزعت الطالبات .. وارتفع الصراخ ..
واجتمع الشرطة .. وأحاطوا بالمنطقة .. والرجل قد هشمت الطلقات جمجمته .. ومات ..
أما القاتل فقد توجه بكل هدووووء إلى مخفر الشرطة وأخبرهم بالقصة .. وقال : أنا قتلت فلاناً .. والآن قد شفيت صدري فاقتلوني أو أحرقوني أو اسجنوني .. افعلوا ماشئتم ..
أدخلوه إلى غرفة التوقيف .. وخرج الضابط لمعاينة مكان الحادث .. فلما اطلع على بطاقة المقتول فإذا المفاجأة الكبرى !! إذا بالقتيل ليس هو صاحبه الذي أراد أن يشفي صدره منه وإنما هو شخص آخر ليس له دخل بالقضية ..
فأقبل الضابط يمشي بسرعة ، والرجل المسن المقصود بالقتل يمشي بجانبه .. حتى أدخله مخفر الشرطة وأوقفه أمام الزنزانة .. وقال : يا فلان ! أتدعي أنك قتلت هذا ؟! الرصاص أصاب شخصاً آخر !!
فصرخ المسكين وأصابه حالة هستيرية .. ثم أغمي عليه ومكث في غيبوبة أياماً .. ثم شفي وأدخل السجن وحكم عليه القاضي الشرعي بإقامة حد القتل عليه ..



وصدق أبو بكر لما قال : ما شيء أحوج إلى طول سجن من لسان ..
لا أنس خبر ذلك الخليفة الذي جلس يوماً مع نديمه .. يضاحكه ويمازحه .. فلعب الشيطان برؤوسهما فشربا خمراً .. فلما غابت العقول .. وسيطرت أم الخبائث .. وصار الواحد منهما أضل من الحمار ..
التفت الخليفة إلى حاجبه وأشار له إلى النديم وقال : اقتلوه ..
وكان الخليفة إذا أمر أمراً لم يراجَع فيه ..
فانطلق الحاجب إلى النديم وتله برجليه .. وهو يصرخ .. ويستغيث بالخليفة .. والخليفة يضحك ويردد : اقتلوه .. اقتلوه ..
فقتلوه .. وألقوه في بئر مهجورة ..
فلما أصبح الخليفة .. اشتاق إلى من يؤانسه .. فقال : ادعوا لي نديمي فلان ..
قالوا : قتلناه !! قال : قتلتموه ؟!! من قتله ؟! ولماذا ؟ ومن أمركم ؟! وجعل يدافع عبراته ..
فقالوا : أنت أمرتنا البارحة .. وأخبروه بالقصة ..
فسكت .. وخفض رأسه متندماً ثم قال : رب كلمة قالت لصاحبها دعني ..


أعود وأقول : كم من شخص نفر الناس عن شخصه .. وبغضهم في نفسه .. وجر إلى نفسه الويلات بسبب عدم ضبطه للسانه ..
قال ابن الجوزي :
ومن العجب أن من الناس من يقوى على التحرز من أكل الحرام .. ومن الزنا .. والسرقة .. لكنه لا يقوى على أن يتحرز من حركة لسانه .. فيتكلم في أعراض الناس .. ولا يقدر على منع نفسه من ذلك ..



عجيبة ..
الحيوان لسانه طويل ولا ينطق .. والإنسان لسانه قصير ولا يصمت !!









قديم 2011-02-20, 10:49   رقم المشاركة : 93
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

المفتاح ..

المدح .. هو مفتاح القلوب ..
نعم .. من أجمل مهارات الكلام أن تكون مبدعاً في تعويد نفسك على اكتشاف صواب الآخرين .. ومدحهم والثناء عليهم به .. قبل الانتباه إلى خطئهم ..
ويتأكد ذلك عندما تريد أن تنبه شخصاً إلى خطأ ما ..
كثير من الناس يرد النصيحة لا لأجل تكبره عنها .. أو عدم اقتناعه بخطئه .. وإنما لأن الناصح لم يسلك الطريق الصحيح لتقديم النصيحة ..
هب أنك ذهبت إلى مستشفى حكومي لعلاج ..
فلما أقبلت إلى موظف الاستقبال فإذا وراء الزجاج شاب مراهق يقلب جريدة بين يديه .. وبيده سيجاره .. غير مبال بما حوله ..
وإذا شيخ كبير أعمى يقف متعباً في يده اليمنى طفل صغير .. وفي الأخرى ورقة مراجعة ينتظر أن يحوله الموظف إلى الطبيب ..
وإذا بجانبه عجوز كبيرة بيدها طفلة تبكي وقد تمكنت الحمى من جسدها .. وتنتظر أيضاً الموظف أن يفرغ من قراءة أخبار ناديه المفضل ليحولها لطبيب الأطفال ..
لما رأيت هذا المنظر ثارت أعصابك – ولا نلومك على ذلك – فصرخت بالموظف : هيه !! أنت جالس في مستشفى أو في ... ما تخاف الله ؟!! المرضى يئنون من الألم وأنت تقرأ جريدة !! لا وتدخن أيضاً !! والله عجب .. مثلك ما يربيه إلا شكوى لمدير المستشفى .. أو المفروض أن تفصل من عملك ..
وبدأت تهيل هذه العبارات كالبرق عليه ..
هب أنه .. لم يرد عليك .. ولم يقابل صراخك بصراخ ..
هب فعلاً أنه ألقى جريدته .. وأنهى تحويل المرضى إلى الأطباء ..
هل تعتبر نفسك نجحت في حل المشكلة .. كلا .. أنت هنا عالجت الموقف لكنك لم تعالج المشكلة .. لأنه وإن استجاب إليك الآن إلا أنه سيعود إلى تصرفه المشين غداً وبعد غدٍ ..
إذن كيف أتصرف ؟!!
تعال إليه واكظم غيظك .. تعامل مع الموقف بعقل لا بعاطفة .. لا تدع المناظر المؤذية تؤثر في تصرفاتك .. ابتسم – وإن كنت مغضباً ، وإن كانت الابتسامة صفراء لا مشكلة ، ابتسم – وقل : السلام عليكم ..
سيقول وهو ينظر إلى لاعبه المفضل : عليكم السلام .. انتظر لحظة ..
قل أي كلمة تجعله يلتفت إليك .. كأن تقول : كيف الحال ؟ .. مساك الله بالخير ..
سيرفع رأسه - حتماً – إليك ويقول : الحمد لله بخير ..
في هذه المرحلة تكون قد قطعت نصف المشوار ..
تلطف إليه بأي عبارة تمدحه بها .. قل له مثلاً : تصدق ! المفروض مثلك ما يعمل في استقبال مستشفى ..
سيتغير ويقول : لماذا ؟
قل : لأن هذا الوجه المنير إذا رآه المريض زال مرضه فلا يحتاج إلى طبيب ..
سيبتسم متعجباً من جرأتك – يا بطل - .. وتنبلج أساريره ..
وقد صار الآن مهيئاً لقبول لنصيحة .. ويقول : ماذا عندك ؟
عندها قل : يا أخي الحبيب ترى هذا الشيخ الكبير .. وهذه العجوز المسكينة .. ليتك تنهي لهما إجراءات الدخول على الطبيب ..
سيتناول أوراقهما .. ويحولهما للطبيب .. ثم يتناول ورقتك .. فإذا انتهى منك وسلمك الورقة ..
فقل له : سبحان الله .. هذه أول مرة أراك ومع ذلك فقد دخلت إلى قلبي .. لا أدري كيف !! والله إنك أحب إليَّ من آلاف الناس .. ( وفعلاً أنت صادق فهو مسلم أحب إليك حتماً من ملايين غير المسلمين ) ..
سيفرح ويشكر لك لطفك ..
فقل : وعندي كلمات أود أن تسمعها لكني أخاف أن تغضبك ..
سيقول : لا .. لا .. تفضل ..
عندها قدم له النصيحة .. أنت قد منّ الله عليك بهذه الوظيفة .. وفي واجهة المستشفى .. وأنت قدوة لغيرك .. فليتك تتلطف قليلاً مع المراجعين .. وتهتم بهم .. لعل دعوة صالحة ترفع لك في ظلمة الليل من فم عجوز عابدة .. أو شيخ زاهد ..
أجزم أنه سيخفض رأسه وأنت تتكلم .. ويردد : أشكرك .. جزاك الله خيراً ..
وكذلك استعمل هذه الأساليب مع كل شخص تعالج سلوكه ..
مثل شخص يتهاون بالصلاة .. أو أب يهمل بناته فيتكشفن .. ويتساهلن بالحجاب ..
أو شاب عاق لوالديه ..
لأجل أن يقبلوا منك لا بد أن تمارس المهارات المناسبة .. نعم .. استخدم العبارات اللطيفة في إصلاح خطأ الآخر .. كن مؤدباً .. محترماً لرأيه ..
قل له : أنا ما أنصحك إلا لأني أعلم .. أنك تقبل النصح ..
وفي التنزيل العزيز يقول الله : ( إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) ..


وقد كان المربي الحكيم صلى الله عليه و سلم يستعمل طرقاً ومهارات تجعل من يعدل سلوكهم لا يملكون إلا أن يقبلوا منه ..
أراد يوماً أن يعلم معاذ بن جبل ذكراً يقوله بعد الصلاة ..
فأقبل إلى معاذ وقال : يا معاذ .. والله إني أحبك .. فلا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ..
بالله عليك .. ما علاقة المقطع الأول من الكلام "والله إني أحبك " بالمقطع الثاني " لا تدعن أن تقول اللهم أعني على ذكرك "..
قد يكون الأنسب لقوله إني أحبك أن يقول بعدها وأريد أن أزوجك ابنتي – مثلاً – أو أعطيك مالاً .. أو أدعوك إلى طعام ..
ولكن أن يتبع خبر المحبة تعليمه ذكراً من أذكار الصلاة ..!! فهذا يحتاج إلى تأمل ..
أتدري ما موقع قوله : " والله إني أحبك " ؟ إنه التهيئة لقبول النصيحة .. فإذا ارتاحت نفس معاذ واستبشر ، أعطاه النصيحة ..


وفي موقف آخر .. قبض صلى الله عليه و سلم يد عبد الله بن مسعود بيده اليمنى ، ثم وضع يده اليسرى فوقها ، كنوع من العطف والتهيئة ، ثم قال : يا عبد الله .. إذا جلست في التشهد فقل : التحيات لله والصلوات والطيبات ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ..
ومضت السنين ومات رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فكان عبد الله يفخر بذلك ويقول : علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم التشهد وكفي بين كفيه ..
وفي يوم آخر لاحظ صلى الله عليه و سلم أن عمر رضي الله عنه إذا طاف بالكعبة وحاذى الحجر الأسود .. زاحم الناس وقبله .. وكان صلباً قوي البدن .. وربما زاحم الضعفاء ..
فأراد صلى الله عليه و سلم أن يعدل سلوكه .. فقال – على سبيل التهيئة لقبول النصيحة - : يا عمر إنك رجل قوي ..
فرح عمر بهذا الثناء .. فقال صلى الله عليه و سلم : فلا تزاحمن عند الحجر ..
ومرة أراد أن ينصح ابن عمر بقيام الليل .. فقال :
نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل .. وفي رواية قال : يا عبد الله لا تكن مثل فلان .. كان يقوم الليل ..
لا تكن مثل فلان .. كان يقوم الليل .. فترك قيام الليل ..


نعم .. كان صلى الله عليه و سلم يستعمل هذا الأسلوب الرائع مع جميع الناس .. ومع الوجهاء خاصة ..
في بداية بعثة النبي صلى الله عليه و سلم .. كان الناس ما بين مقبل ومدبر ..
وكان رجل في المدينة اسمه سويد بن الصامت وكان رجلاً شريفاً في قومه .. عاقلاً شاعراً .. يحفظ كلام الحكماء .. حتى قيل إنه كان يحفظ كل ما روي عن لقمان الحكيم ..
حتى بلغ من إعجاب الناس به أنهم كانوا يسمونه : الكامل .. لجلده وشعره .. وشرفه ونسبه .. وهو الذي يقول :
ألا رب من تدعو صديقاً ولو ترى
مقالته بالغيب ساءك ما يفري
مقالته كالشهد ما كان شاهداً
وبالغيب مأثور على ثغرة النحر
يسرك باديه وتحت أديمه
نميمة غش تبتري عقب الظهر
تبين لك العينان ما هو كاتم
من الغل والبغضاء بالنظر الشزر


قدم سويد بن الصامت يوماً إلى مكة حاجاً .. أو معتمراً ..
فتحدث الناس بدخوله مكة .. وأقبلوا لرؤيته .. فسمع النبي صلى الله عليه و سلم به فأقبل عليه .. فدعاه إلى الله .. وإلى الإسلام .. وجعل يحدثه بالتوحيد والرسالة وأنه نبي يوحى إليه قرآن .. وأن هذا القرآن هو كلام الله تعالى .. فيه عبر وأحكام ..
فقال له سويد : فلعل الذي معك مثل الذي معي ؟
فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما الذي معك ؟
قال : معي مجلة لقمان - يعني حكمة لقمان - ..
فلم يعنفه صلى الله عليه و سلم أو يحقره .. - مع أنه يضاهي كلام الله بكلام البشر - .. وإنما تلطف معه .. وقال صلى الله عليه و سلم : اعرضها علي ..
فشرع سويد يقرأ ما يحفظ من كلام لقمان وحِكَمِه .. ورسول الله صلى الله عليه و سلم يستمع إليه بكل هدوووء ..
فلما انتهى سويد .. قال صلى الله عليه و سلم له : إن هذا لكلام حسن ..
ثم قال - مشوقاً لسويد - : والذي معي أفضل من هذا .. قرآن أنزله الله تعالى علي .. هو هدى ونور ..
ثم تلا عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم القرآن .. ودعاه إلى الإسلام .. وسويد يستمع منصتاً .. فلما فرغ صلى الله عليه و سلم من كلامه .. ظهر على سويد التأثر .. وقال : إن هذا لقول حسن ..
ثم انصرف سويد عن النبي صلى الله عليه و سلم .. ولا يزال متأثراً بما سمع ..
فقدم المدينة على قومه .. فلم يلبث أن وقع قتال بين قبيلتي الأوس والخزرج .. وكان من قبيلة الأوس فقتلته الخزرج ..
وذلك قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة .. ولا يدرى هل أسلم أم لا ؟ وإن كان رجل من قومه ليقولون : إنا لنراه قد قتل وهو مسلم ..

باختصار ..

أسرف في المديح .. واقتصد في النقد ..










قديم 2011-02-20, 10:51   رقم المشاركة : 94
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الرصيد العاطفي

تصورات الناس عنا نحن الذين نصنعها ..
فلو لقيك شخص في السوق فعبس في وجهك ..
ثم لقيك في بقالة .. فعبس في وجهك أيضاً ..
ثم صادفته في عرس .. فلقيك عابساً .. لرسمت عنه صورة قاتمة في مخيلتك .. فإذا رأيت صورته أو سمعت اسمه في مكان تبادر إلى ذهنك ذاك الوجه العابس ..
ولو لقيك شخص بابتسامة في موقف .. ثم ابتسم في لقاء آخر .. وثالث .. لانطبع في ذهنك عنه صورة مشرقة ..
هذا فيمن لا يكون بينك وبينه علاقة دائمة وإنما هي لقاءات عابرة ..
أما الأشخاص الذي نلقاهم دائماً كزوجة وأولاد .. وزملاء في مكتب .. وجيران في حارة .. فإن تعاملنا معهم لن يكون بأسلوب واحد دائماً .. نعم هم سيروننا ضاحكين لطيفين .. لكنهم حتماً سيروننا تارة غاضبين .. وتارة عابسين .. أو مخاصمين .. أو شاتمين .. لأننا بشر ..
وبالتالي فإن محبتهم لنا تتحدد على حسب طغيان حسناتنا عندهم أو سيئاتنا .. أو قل بعبارة أخرى : تتحدد محبتهم لنا بحسب مقدار الرصيد العاطفي الذي في حسابنا عندهم ..


كيف ؟!
عندما يقع لك موقف جميل مع إنسان فإنك تضيف إلى سجل ذكرياته ذكرى جميلة عنك .. أو بعبارة أخرى تفتح لك في قلبه حساباً تودع فيه محبة لك واحتراماً .. ثم تتولى بعد ذلك زيادة رصيدك العاطفي أو السحب منه ..
فكل ابتسامة تقابله بها .. تزيد من رصيدك العاطفي عنده ..
وكل هدية .. تزيد رصيدك العاطفي ..
وكل مجاملة .. تزيد رصيدك العاطفي ..
وكل إهانة تقع منك له .. أو مسبة .. أو شتم .. فإنك تسحب من رصيدك العاطفي ..
وبالتالي إذا كان رصيدك العاطفي عنده كثيراً .. ووقعت يوماً ما في موقف أغاظه فسحبت من رصيدك العاطفي مقداراً معيناً .. فإن هذا لن يؤثر كثيراً لأن رصيدك العاطفي عنده كثير ..


وإذا الحبيب أتى بذنب واحد
جاءت محاسنه بألف شفيع



أما إن لم يكن عنده لك رصيد عاطفي وجعلت تسحب من الرصيد وليس فيه شيء أصلاً .. فإن حسابك عنده سيكون بالناقص !! وبالتالي قد يقع في قلبه لك كره .. أو استثقال .. لأنك تسحب من رصيدك العاطفي ولا تودع ..
ألم تسمع يوماً عن زوجة طلقها زوجها .. فإذا سئلت عن سبب الطلاق قالت : السبب تافه .. طلب مني الذهاب معه لزيارة أخته فرفضت .. فغضب وجعل يسبني ويشتمني ثم طلقني !!
ولو تأملت بذكاء في سبب الطلاق .. لما وجدت السبب هو هذا الموقف التافه .. وإنما هذا الموقف هو القشة التي قصمت ظهر البعير ..
فقد ذُكر أن رجلاً كان له جمل جلد قوي .. فأراد سفراً .. فجعل يحمل متاعه عليه .. ويربطه على ظهره .. والجمل متماسك .. حتى كوم على ظهره ما يحمله أربعة جمال .. فبدأ البعير يهتز من ثقل الحمل والناس يصيحون بالرجل : يكفي ما حملت عليه .. فأخذ حزمة من تبن وقال : هذه خفيفة وهي آخر المتاع .. فلما طرحها على ظهره سقط البعير على الأرض .. فقيل : قشة قصمت ظهر بعير !!
ولو تفكرت لرأيت أن القشة مظلومة فليست هي التي قصمت ظهر البعير وإنما انقصم ظهر البعير بسبب تراكمات كبار صبر البعير على أولها .. وصبر .. وصبر .. حتى لم يطق صبراً .. فانقصم ظهره بشيء صغير ..
وهكذا المرأة التي طلقها زوجها .. أجزم أن السبب ليس هو تركها زيارة أخته فحسب .. وإنما تراكمات قبله .. من عصيان لطلباته .. عدم تحقيق لرغباته .. عدم تحببها إليه .. تكبرها عليه .. عدم احترام رأيه .. فهي تسحب دوماً من رصيدها العاطفي عنده دون أن تودع فيه شيئاً .. وتجرح ولا تداوي ..
وهو يحتمل ويحتمل .. حتى جاء هذا الموقف فقصم ظهر البعير ..
ولو أنها اعتنت بكثرة الإيداع في رصيدها العاطفي .. من حسن لقاء له .. وتغنج ودلال .. وتحبب إليه .. وممازحة وخفة ظل .. وعناية بطعامه ولباسه .. واحترام لرأيه .. لصار رصيدها العاطفي كبيراً .. وملكت مليارات في قلبه .. وبالتالي لن يضر لو وقع موقف سحبت به من رصيدها العاطفي ..


وقل مثل ذلك في الطالب المشاكس الذي يقع منه موقف صغير فيغضب المدرس غضباً شديداً .. وقد يضربه ويطرده من الفصل .. و .. ثم يقول الطالب أنا ما فعلت شيئاً هي مجرد نكتة أطلقتها من غير استئذان .. ولا ينتبه إلى أن هذه النكتة هي القشة التي قصمت ظهر البعير ..
قل مثله في زملاء تخاصموا .. أو جيران تنازعوا ..
إذن .. نحن نحتاج دائماً إلى ان نودع في قلب كل واحد نلقاه رصيداً عاطفياً ..
الزوج يتحين الفرص ليودع في قلب زوجته .. ويسجل نقاطاً أكثر وأكثر ..
والزوجة تحتاج أيضاً ..
والولد يحتاج أن يودع في قلب والده ..
والمدرس مع طلابه .. والأخ مع أخيه ..
بل حتى المدير مع من هم تحت إدارته .. يحتاج إلى ذلك ..

باختصار ..

وإذا الحبيب أتى بذنب واحد
جاءت محاسنه بألف شفيع











قديم 2011-02-20, 10:52   رقم المشاركة : 95
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الساحر ..

الكلام ببلاش .. يا أخي سَمِّعنا كلمة حلوة ..
هكذا بدأت المسكينة تعاتب زوجها ..
صحيح هو ما قصر معها في طعام ولا لباس .. ولكنه لم يكن يسحرها بمعسول الكلام .. !!
يجمع العقلاء أن أهم صفات البائع الماهر أن يكون ساحراً في كلامه .. فيردد : من عيوني .. تفضل .. خل الحساب علينا .. تعبك راحة ..
وتزيد قيمة البائع كلما زادت عباراته جمالاً .. فإن أضاف إلى حسن العبارة جودة في وصف السلعة .. وقدرة على إقناع الزبون بالشراء .. صار قد اكتسب نوراً على نور ..
ويجمع المجربون أن من أهم صفات السكرتير أن يكون لسانه عذباً .. وعباراته حلوة .. فيطرب الأسماع بقوله : سَمْ .. أبشر .. نحن ( خدّامينك ) ..
وربما شغفت زوجة بزوجها حباً .. وهو كثير البخل قليل الجمال .. لكنه يسحرها بعباراته ..
أذكر أن شاباً مراهقاً كان مغرماً بمغازلة الفتيات .. وكان له قدرة عجيبة على الإيقاع بهن .. وكم من مسكينة صارت متيمة بحبه .. عالقة بشراكه .. ومن العجب أنه لم يكن يملك سيارة فارهة يغريهن بركوبها .. ولم تكن جيبه مليئة بالمال ليغدق عليهن الهدايا ..
ولا تظنن أنه أوتي وسامة أو جمالاً .. كلا .. فإني أسأل الله لك أن لا تبتلى بالنظر إلى وجهه !!
لكنه كان يغلق فمه على لسان .. لو تكلم مع حجر لفلقه .. ولو سمعه نهر لدفّقه ..
فكان يصطاد الفتيات بلسانه اصطياداً .. بل يسحرهن سحراً ..


وحديثها السحر الحلال لو أنه
لم يجن قتل المسلم المتحرز
إن طال لم يملل وإن هي أوجزت
ود المحدث أنها لم توجز


أقبل يوماً إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثةُ رجال سادة في قومهم ..
قيس بن عاصم .. والزبرقان بن بدر .. وعمرو بن الأهتم ..
وكلهم من قبيلة تميم ..
فبدؤوا يتفاخرون ..
فقال الزبرقان : يا رسول الله .. أنا سيد تميم .. والمطاع فيهم .. والمجاب فيهم .. أمنعهم من الظلم .. فآخذ لهم بحقوقهم ..
ثم أشار إلى السيد الآخر عمرو بن الأهتم .. وقال : وهذا يعلم ذاك ..
فأثنى عمرو عليه وقال : والله يا رسول الله .. إنه لشديد العارضة .. مانع لجانبه .. مطاع في ناديه ..
ثم سكت عمرو ..
فغضب الزبرقان .. وودَّ لو لأن عمرواً زاد في الثناء .. وظن أنه حسده على سيادته ..
فقال الزبرقان : والله يا رسول الله .. لقد علم ما قال .. وما منعه أن يتكلم به إلا الحسد ..
فغضب عمرو .. وقال : أنا أحسدك ؟!! فوالله إنك لئيم الخال .. حديث المال .. أحمق الموالد .. مضيع في العشيرة .. والله يا رسول الله لقد صدقت فيما قلت أولاً .. وما كذبت فيما قلت آخراً .. لكني رجل رضيت فقلت أحسنَ ما علمت .. وغضبت فقلتُ أقبحَ ما وجدت .. ووالله لقد صدقت في الأمرين جميعاً ..
فعجب صلى الله عليه و سلم من سرعة حجته .. وقوة بيانه .. ومهارات لسانه ..
فقال : إن من البيان لسحراً .. إن من البيان لسحراً ([1]) ..
فكن مبدعاً في مهارات لسانك .. فلو قال لك : ناولني القلم .. قل : من عيوني .. تفضل ..
ولو قال .. لكن يا فلان عندي طلب : اطلب عيوني .. سَمْ ..
أريد منك خدمة : تفضل .. خدمنا أناساً ما يساوون أثر رجليك ..
مارس هذا الأسلوب الذي يدغدغ المشاعر .. مع أمك .. نعم أسمعها كلمات رقيقة لينة ..
مع أبيك .. زوجتك .. أولادك .. زملائك ..
فهذا الأسلوب لا يخسرك شيئاً .. وتسحر به الآخرين .. وتزيل ما في نفوسهم ..


وانظر إلى حال الأنصار رضي الله عنهم بعد معركة حنين ..
الأنصار الذين قاتلوا مع النبي صلى الله عليه و سلم في بدر ثم قتلوا في أحد .. وحوصروا في الخندق .. ولا زالوا معه يقاتلون ويُقتَلون .. حتى فتحوا معه مكة .. ثم مضوا إلى معركة حنين ..
ففي الصحيحين ..
أن القتال اشتد أول المعركة .. وانكشف الناس عن رسول الله .. فإذا الهزيمة تلوح أمام المسلمين ..
فالتفت عليه الصلاة و السلام إلى أصحابه .. فإذا هم يفرون من بين يديه ..
فصاح بالأنصار ..

يا معشر الأنصار .. فقالوا : لبيك يا رسول الله ..
وعادوا إليه .. وصفوا بين يديه ..
ولا زالوا يدفعون العدو بسيوفهم .. ويفدون رسول الله صلى الله عليه و سلم بنحورهم .. حتى فر الكفار وانتصر المسلمون ..
وبعدما انتهت المعركة.. وجمعت الغنائم بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم .. أخذوا ينظرون إليها ..
وأحدهم يتذكر أولاده الجوعى .. وأهلَه الفقراء .. ويرجو أن يناله من هذه الغنائم شيء يوسع به عليهم ..
فبينما هم على ذلك ..
فإذا برسول الله صلى الله عليه و سلم .. يدعو الأقرع بن حابس - ما أسلم إلا قبل أيام في فتح مكة .. فيعطيه مائة من الإبل .. ثم يدعو أبا سفيان ويعطيه مائة من الإبل ..
ولا يزال يقسم النعم .. بين أقوام .. ما بذلوا بذل الأنصار .. ولا جاهدوا جهادهم .. ولا ضحوا تضحيتهم ..
فلما رأى الأنصار ذلك ..
قال بعضهم لبعض : يغفر الله لرسول الله .. يعطي قريشاً ويتركنا .. وسيوفنا تقطر من دمائهم ..
فلما رأى سيدهم سعد بن عبادة رضي الله عنه ذلك .. دخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فقال :
يا رسول الله .. إن أصحابك من الأنصار وجدوا عليك في أنفسهم .. قال : وما ذاك ؟!!
قال : لما صنعت في هذا الفئ الذي أصبت .. قسمت في قومك .. وأعطيت عطاياً عظاماً .. في قبائل العرب ..
ولم يكن في الأنصار منه شئ ..
فقال صلى الله عليه و سلم : فأين أنت من ذلك يا سعد ؟
قال : يا رسول الله .. ما أنا إلا امرؤ من قومي ..
فقال : فاجمع لي قومك.. فلما اجتمعوا .. أتاهم رسول الله ..
فحمد الله وأثنى عليه .. ثم قال : يا معشر الأنصار .. ما قالة بلغتني عنكم ؟
قالوا : أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر الله لرسول الله يعطي قريش ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم ..
فقال صلى الله عليه و سلم : يا معشر الأنصار .. ألم تكونوا ضلالاً فهداكم الله بي ..
قالوا : بلى ولله ورسوله .. المنة الفضل ..
قال : ألم تكونوا عالة فأغناكم الله .. وأعداءً فألف بين قلوبكم ..
قالوا : بلى ولله ورسوله .. المنة الفضل ..
ثم سكت رسول الله صلى الله عليه و سلم .. وسكتوا .. وانتظرَ .. وانتظروا ..
فقال : ألا تجيبوني يا معشر الأنصار ..
قالوا : وبماذا نجيبك يا رسول الله .. ولله ولرسوله المنة والفضل ..
قال : أما والله لو شئتم لقلتم .. فلصَدَقتم ولصُدِّقتم ..
لو شئتم لقلتم : أتيتنا مكذباً فصدقناك .. ومخذولاً فنصرناك .. وطريداً فآويناك .. وعائلاً فواسيناك ..
ثم قال : يا معشر الأنصار .. أوجدتم على رسول الله في أنفسكم .. في لعاعة من الدنيا .. تألفت بها قوماً ليسلموا .. ووكلتم الى إسلامكم ..
إن قريشاً حديثوا عهد بجاهلية ومصيبة .. وإني أردت أن أجبرهم .. وأتألفهم ..
ألا ترضون يا معشر الأنصار .. أن يذهب الناس بالشاة والبعير .. وترجعون برسول الله صلى الله عليه و سلم إلى بيوتكم ..
لو سلك الناس وادياً أو شعباً .. وسلكت الأنصار وادياً أو شعباً .. لسلكت وادي الأنصار .. أو شعب الأنصار ..
فوالذي نفس محمد بيده .. إنه لولا الهجرة .. لكنت امرءاً من الأنصار .. اللهم ارحم الأنصار .. وأبناء الأنصار .. وأبناء أبناء الأنصار ..

فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم .. وقالوا : رضينا برسول الله قَسْماً وحظاً.. ثم انصرف رسول الله وتفرقوا ..


بل إنك بالعبارات الجميلة تستطيع أن تخدر الناس أحياناً ..
ذكر أنه كان في صعيد مصر رجل غني متسلط يسمونه " الباشا " كان يملك فدادين من المزارع .. كان متغطرساً يمارس أصناف الإذلال على المزارعين الصغار ..
دارت الزمان دورته فأصاب أرضه ما أتلفها .. فأصبح فقيراً بعد غنى .. كسيراً
جاع أولاده وهو ليس عنده مصدر يتكسب منه .. ولا يعرف صنعة غير الزراعة .. لكن أرضه تالفة ..
فخرج يبحث عن عمل .. أي عمل ..
أقبل على مزرعة لأحد الفلاحين الضعفاء الذين ذاقوا من إذلاله قديماً .. دخل عليه .. وقال بكل مذلة : هل أجد عندك عملاً .. أقطف الثمر .. أو أنقي الحبوب .. أو أقلم الأشجار .. أو ..
فثار المزارع في وجهه وقال : أنت تعمل عندي !! أنت المتكبر المتغطرس .. الحمد لله أن استجاب دعاءنا عليك وأذلك .. ثم طرده من بستانه ..
مضى يجر قدمي خيبته .. حتى دخل بستاناً آخر .. فإذا بفلاح له معه ذكريات أليمة .. فطرده كما طرده الأول ..
مضى الباشا ( !! ) المسكين لا يلوي على شيء .. ولا يريد أن يرجع إلى أولاده خالياً ..
مر على مزرعة لفلاح ثالث .. فدخل ليجرب حظه معه ..
رآه الفلاح فانبهر .. وقد ذاق أيضاً من إذلاله من قبل .. قال الباشا : أنا أبحث عن عمل .. أولادي جوعى ..
فأراد الفلاح أن يذله .. وأن ينتقم منه بأسلوب ذكي ..
فقال له : أهلاً أيها الباشا !! نورت بستاني !! من مثلي اليوم الباشا الكبير يدخل أرضي !! أنت الباشا الكبير .. أنت الباشا الوجيه !! أنت ..
وجعل يخدّره بهذه العبارات .. حتى صار الباشا منوماً تنويماً مغناطيسياً !!
ثم قال الفلاح : مرحباً وأهلاً .. عندي عمل .. لكني لا أدري هل يناسبك أم لا ؟
قال الباشا : وما هو ؟
قال : اليوم سوف أحرث الأرض .. وعندي محراث يجره ثوران .. ثور أبيض وثور أسود .. والثور الأسود اليوم مريض ولا يستطيع أن يعمل .. والثور الأبيض لا يطيق جر الحراثة وحده .. فأريدك أن تقوم اليوم بوظيفة الثور الأسود .. فأنت قوي أيها الباشا .. أنت قائد .. أنت رئيس .. تسير في الأمام دائماً ..
توجه الباشا بكل كبرياء إلى الحراثة .. ووقف بجانب الثور الأبيض .. أقبل المزارع إليه وبدأ بالثور الأبيض وربطه بالحبال ليجر المحراث .. ثم توجه إلى الباشا وهو يردد قائلاً : يا أحسن باشا في العالم .. يا قوي .. يا بطل .. والباشا يتلفت في زهو .. ثم ربط الحبال في كتفي الباشا .. وركب هو على الحراثة معه السوط !! وصاح : امش .. وضرب ظهر الثور فتحرك .. وتحرك الباشا يجر المحراث .. والفلاح يردد : جميل يا باشا .. ممتاز يا ملك .. ويضرب ظهر الثور .. ويصيح أقوى يا باشا .. أحسن يا باشا ..
والباشا المسكين لم يتعود على ذلك .. لكنه كان يجر بكل قوته .. من الصباح حتى غابت الشمس .. وكأنه غائب العقل ..
فلما انتهى فك الفلاح عنه الحبال .. وهو يقول : والله شغلك جميل يا باشا .. هذا أحسن يوم مر علي يا باشا ..
ثم بضع جنيهات .. ومضى الباشا إلى بيته ..
دخل على أولاده .. وقد تقرحت كتفاه .. وسالت الدماء من أسفل قدميه .. والعرق يغرق ثيابه .. و .. لكنه لا يزال منتشياً مخدراً ..
سأله أولاده : هاه .. هل وجدت عملاً ..
فقال - بكل فخر - : نعم .. أنا الباشا .. كيف لا أجد عملاً ..
فقالوا : فماذا اشتغلت ؟!
فقال : اشتغلت .. هاه !! اشتغلت !!
وبدأ يصحو من تخديره .. ويدرك ما أصابه ..
قال : اشتغلت ثوراً !!!

قرار ..
اختر أطيب الكلام كما تختار أطيب الثمر ..


( [1] ) رواه الحاكم في المستدرك ، وأصله في الصحيحين









قديم 2011-02-20, 10:54   رقم المشاركة : 96
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

فليسعد النطق إن لم تسعد الحال !!

من أحرج المواقف أن يقصدك صاحب حاجة .. ثم يرجع خائباً غير مقضية حاجته ..
نعم قضاء حاجات الناس طاعة عظيمة .. ولو لم يكن فيها إلا قوله عليه الصلاة و السلام : لئن أمشي مع أخي في حاجة حتى أثبتها له ، أحب إلي من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً " ([1]) لكفى في فضلها ..
لكن بعض الحاجات يصعب قضاؤها .. فليس كل من طلب منك أن تسلفه مالاً قدرت على إعطائه ..
ولا كل من طلب منك مرافقته في سفر قدرت على تلبية طلبه ..
ولا كل من طلب حاجة معك كقلم أو ساعة أو غيرها .. استطعت إعطاءها له ..
والمشكلة أن أكثر الناس إذا لم تلبِّ حاجاتهم وجدوا عليك في أنفسهم .. وقد يذمونك في المجالس .. ويتهمونك تارة بالبخل .. وتارة بالأنانية .. وتارة ..
إذن ما العمل ؟!
كن ماهراً في الخروج من الموقف .. فإذا طلب منك أحد شيئاً ولم تستطع قضاءه فعلى الأقل رده بعبارات جميلة .. كما قال :



لا خيل عندك تهديها ولا مال *** فليسعد النطق إن لم تسعد الحال


فلو علم شخص بأنك ستسافر إلى مدينة معينة .. فجاءك وقال : أريدك أن تشتري لي حاجة من المدينة التي أنت مسافر إليها .. وأنت لا رغبة لك في قضاء حاجته لأي سبب .. فكيف تجيب ؟
فليسعد النطق إن لم تسعد الحال .. قل له : والله يا فلان أخدمك بعيوني .. وأنت أحب إليّ من أناس كثير .. لكني أخشى أن يضيق وقتي .. وعندي بعض الظروف تمنعني من إحضارها .. و ..
ولو دعاك إلى وليمة وأردت أن تعتذر وخشيت أن يجد في نفسه عليك .. فقدم مقدمات .. قل – مثلاً – أنا ما أعتبرك إلا كواحد من إخواني .. وأنت من أغلى الناس إلى قلبي .. لكني مشغول الليلة ..
وأنت لم تكذب فقد يكون شغلك هذا جلسة مع أولادك .. أو قراءة في كتاب .. أو نوم !! فهي كلها أشغال ..
وقد كان محمد صلى الله عليه و سلم يملك الناس بأخلاق يأسر بها قلوبهم ..


انظر إليه عليه السلام .. وقد جلس مع أصحابه الكرام ..
فحدثهم عن البيتِ الحرام .. وفضلِ العمرة والإحرام ..
فطارت أفئدتهم شوقاً إلى ذاك المقام ..
فأمرهم بالتجهز للرحيل إليه .. وحثهم على التسابق عليه ..
فما لبثوا أن تجهزوا .. وحملوا سلاحهم وتحرزوا ..
فخرج صلى الله عليه و سلم مع ألف وأربعمائة من أصحابه .. مهلين بالعمرة ملبين .. يتسابقون إلى البلد الأمين ..
فلما اقتربوا من جبال مكة ..
بركت القصواء - ناقة النبي عليه السلام - .. فحاول أن يبعثها لتسير .. فأبت عليه ..
فقال الناس : خلأت القصواء .. ( أي عصت ) فقال صلى الله عليه و سلم :
ما خلأت القصواء .. وما ذاك لها بخلق .. ولكن حبسها حابس الفيل ( يعني فيل أبرهة لما أقبل به مع جيش من اليمن يريد هدم الكعبة فحبسهم الله عن ذلك ) ..
ثم قال صلى الله عليه و سلم : والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله .. إلا أعطيتهم إياها ..
ثم زجرها فوثبت .. فتوجه إلى مكة .. حتى نزل بالحديبية قريباً من مكة .. فتسامع به كفار قريش .. فخرج إليه كبارهم ليردوه عن مكة .. فأبى إلا أن يدخلها معتمراً ..
فما زالت البعوث بينه وبين قريش..حتى أقبل عليه سهيل بن عمرو ..
فصالح النبي صلى الله عليه و سلم على أن يعودوا إلى المدينة..ويعتمروا في العام القادم..
ثم كتبوا بينهم صلحاً عاماً .. وفيه :
اشترط سهيل : أنه لا يخرج من مكة مسلم مستضعف يريد المدينة .. إلا رُدَّ إلى مكة .. أما من خرج من المدينة وجاء إلى مكة مرتداً إلى الكفر .. فيُقبل في مكة ..
فقال المسلمون : سبحان الله !! من جاءنا مسلماً نرده إلى الكافرين !! كيف نرده إلى المشركين وقد جاء مسلماً .. فبينما هم كذلك إذ أقبل عليهم .. شاب يسير على الرمضاء .. يرفل في قيوده .. وهو يصيح : يا رسول الله .. فنظروا إليه .. فإذا هو أبو جندل ولد سهيل بن عمرو .. وكان قد أسلم فعذبه أبوه وحبسه .. فلما سمع بالمسلمين .. تفلت من الحبس وأقبل يجر قيوده .. تسيل جراحه دماً .. وتفيض عيونه دمعاً ..
ثم رمى بجسده المتهالك بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم ..والمسلمون ينظرون إليه ..
فلما رآه سهيل .. غضب !! كيف تفلت هذا الفتى من حبسه .. ثم صاح بأعلى صوته : هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إلي ..
فقال صلى الله عليه و سلم : إنا لم نقض الكتاب بعد ..
قال : فوالله إذاً لا أصالحك على شيء أبداً ..
فقال صلى الله عليه و سلم : فأجزه لي .. قال : ما أنا بمجيزه لك .. قال : بلى فافعل .. قال : ما أنا بفاعل .. فسكت النبي صلى الله عليه و سلم .. وقام سهيل سريعاً إلى ولده يجره بقيوده .. وأبو جندل يصيح ويستغيث بالمسلمين .. يقول :
أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً .. ألا ترون ما قد لقيت من العذاب .. ولا زال يستغيث بهم حتى غاب عنهم ..
والمسلمون تذوب أفئدتهم حزناً عليه .. فتى في ريعان الشباب .. يُشدد عليه العذاب ..
وينقل من العيش الرغيد .. إلى البلاء الشديد ..
وهو ابن سيد من السادات..طالما تنعم بالملذات..وتلذذ بالشهوات ..
ثم يجر أمام المسلمين بقيوده .. ليعاد إلى سجنه وحديده ..
وهم لا يملكون له شيئاً .. مضى أبو جندل إلى مكة وحيداً .. يسأل ربع الثبات على الدين .. والعصمة واليقين .. أما المسلمون فقد رجعوا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة .. وهم في حنق شديد على الكافرين .. وحزن على المسلمين المستضعفين .. ثم اشتد العذاب على الضعفاء في مكة .. حتى لم يطيقوا له احتمالاً ..
فبدأ أبو جندل .. وصاحبه أبو بصير .. والمستضعفون في مكة .. يحاولون التفلت من قيودهم ..
حتى استطاع أبو بصير رضي الله عنه أن يهرب من حبسه .. فمضى من ساعته إلى المدينة .. يحمله الشوق .. ويحدوه الأمل .. في صحبة النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه .. مضى يطوي قفار الصحراء .. تحترق قدماه على الرمضاء ..
حتى وصل المدينة .. فتوجه إلى مسجدها .. فبينما النبي صلى الله عليه و سلم في المسجد مع أصحابه .. إذ دخل عليهم أبو بصير .. عليه أثرُ العذاب .. ووعثاءُ السفر .. وهو أشعث أغبر ..
فما كاد يلتقط أنفاسه .. حتى أقبل رجلان من كفار قريش فدخلا المسجد .. فلما رآهما أبو بصير .. فزع واضطرب .. وعادت إليه صورة العذاب .. فإذا هما يصيحان .. يا محمد .. رده إلينا .. العهدُ الذي جعلت لنا .. فتذكر النبي صلى الله عليه و سلم عهده لقريش أن يرد إليهم من يأتيه من مكة .. فأشار إلى أبي بصير .. أن يخرج من المدينة .. فخرج معهما أبو بصير .. فلما جاوزا المدينة .. نزلا لطعام .. وجلس أحدهما عند أبي بصير ..
وغاب الآخر ليقضي حاجته ..
فأخرج القاعد عند أبي بصير سيفه .. ثم أخذ يهزه .. ويقول مستهزءاً بأبي بصير : لأضربن بسيفي هذا في الأوس والخزرج يوماً إلى الليل ..
فقال له أبو بصير : والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيداً .. فقال : أجل والله إنه لجيد لقد جربت به .. ثم جربت .. فقال أبو بصير : أرني أنظر إليه .. فناوله إياه .. فما كاد السيف يستقر في يده .. حتى رفعه ثم هوى به على رقبة الرجل فأطار رأسه .. فلما رجع الآخر من حاجته ..
رأى جسد صاحبه ممزقاً .. مجندلاً ممزقاً .. ففزع .. وفرَّ حتى أتى المدينة .. فدخل المسجد يعدو ..
فلما رآه صلى الله عليه و سلم مقبلاً .. فزعاً .. قال : لقد رأى هذا ذعراً ..
فلما وقف بين يديه صلى الله عليه و سلم صاح من شدة الفزع .. قال : قُتِل والله صاحبي .. وإني لمقتول ..
فلم يلبث أن دخل عليهم أبو بصير .. تلتمع عيناه شرراً .. والسيف في يده يقطر دماً .. فقال :
يا نبي الله .. قد أوفى الله ذمتك .. قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم .. فضمني إليكم .. قال : لا ..
فصاح أبو بصير بأعلى صوته .. قال : أو .. يا رسول الله .. أعطني رجالاً أفتح لك مكة ..
فأعجب النبي صلى الله عليه و سلم بشجاعته .. لكنه لا يستطيع أن ينفذ له طلبه فبينه وبين أهل مكة عهد ..
لكنه صلى الله عليه و سلم أراد أن يرده بلطف .. فليسعد النطق إن لم يسعد الحال ..
التفت عليه الصلاة و السلام إلى أصحابه وقال مادحاً لأبي بصير : ويل أمه !! مسعِّر حرب لو كان معه رجال ..
فكانت هذه الكلمات بمثابة التخفيف والاعتذار من أبي بصير ..
وظل أبو بصير واقفاً عند باب المسجد ينتظر إذن النبي صلى الله عليه و سلم له بالمكوث في المدينة ..
لكنه صلى الله عليه و سلم تذكر عهده مع قريش فأمر أبا بصير بالخروج من المدينة .. فسمع أبو بصير وأطاع ..
نعم .. وما حمل في نفسه على الدين .. ولا انقلب عدواً للمسلمين ..
فهو يرجو ما عند الحليم الكريم .. من الثواب العظيم .. الذي من أجله ترك أهله .. وفارق ولده .. وأتعب نفسه .. وعذب جسده ..
خرج أبو بصير من المدينة .. فاحتار أين يذهب .. ففي مكة عذاب وقيود .. وفي المدينة مواثيق وعهود ..
فمضى إلى سيف البحر قريباً من جدة .. فنزل هناك .. في صحراء قاحلة .. لا أنيس فيها ولا جليس ..
فتسامع به المسلمون المستضعفون بمكة .. فعلموا أنه باب فرج انفتح لهم .. فالمسلمون في المدينة لا يقبلونهم .. والكفار في مكة يعذبونهم ..
فتفلت أبو جندل من قيوده .. فلحق بأبي بصير .. ثم جعل المسلمون يتوافدون إليه في مكانه .. حتى كثر عددهم .. واشتدت قوتهم ..
فجعلت لا تمر بهم قافلة تجارة لقريش .. إلا اعترضوا لها ..
فلما كثر ذلك على قريش .. أرسلوا إلى النبي صلى الله عليه و سلم ناشدونه بالله أن يضمهم إليه .. فأرسل النبي صلى الله عليه و سلم إليهم أن يأتوا المدينة ؟ فلما وصل إليهم الكتاب .. استبشروا وفرحوا ..
لكن أ
با بصير كان قد ألم به مرض الموت .. وهو يردد قائلاً : ربي العلي الأكبر من ينصر الله فسوف ينصر ..
فلما دخلوا عليه وأخبروه أن النبي صلى الله عليه و سلم أذن لهم بسكنى المدينة .. وأن غربتهم انتهت .. وحاجتهم قضيت .. ونفوسهم أمنت ..
فاستبشر أبو بصير .. ثم قال وهو يصارع الموت : أروني كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فناولوه إياه ..
فأخذه فقبله .. ثم جعله على صدره .. وقال : أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمداً رسول الله .. أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمداً رسول الله .. ثم شهق ومات ..
فرحم الله أبا بصير .. وصلى على نبي الرحمة وسلم تسليماً كثيراً ..
ومن الإسعاد بالنطق والسحر بالكلام .. أن تراعي من معك إذا جاملك .. وتتلطف معه ..


ذكر أن امرأة فقيرة اضطجعت بجانب زوجها على فراش عتيق .. في كوخ قديم .. جدرانه مرقعة .. وسقفه من جذوع النخل ..
فجالت ببصرها تنظر إلى جدران بيتها .. ثم ركّزت بصرها إلى السقف .. وسرحت بفكرها بعيداً .. ثم قالت :
تدري ماذا أتمنى ؟
قال : هاه !! ماذا تتمنين ؟
قالت : أتمنى أن نملك بيتاً كبيراً تسعد فيه مع أولادك .. وتدعو إليه أصدقاءك .. ونملك سيارة فارهة .. ترتاح إذا سقتها .. ويزيد راتبك ضعفين حتى تسدد ديونك .. و .. ومضت المسكينة تسرد له بحماس أسباب السعادة التي تتمناها له ..
والرجل غارق في أحلام خيبته .. يائس من صلاح حاله .. لا يملك أية مهارة من مهارات الكلام ..
فلما تعبت قالت له : وأنت ماذا تتمنى ؟!
فنظر إلى السقف طويلاً ثم قال : أتمنى أن ينطلق جذع من هذا السقف ويقع على رأسك فيقسمه نصفين ..

حديث ..

سألوه صلى الله عليه و سلم : ما أكثر ما يدخل الناس النار ؟ فقال : هذا وهذا .. يعني الفرج واللسان


( [1] )









قديم 2011-02-20, 10:58   رقم المشاركة : 97
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الدعاء ..

لا أعني هنا الكلام عن فضل الدعاء .. وآدابه وشروط إجابته ..
فهذا ليس له علاقة مباشرة بما نناقشه هنا وهو مهارات التعامل مع الناس ..
وإنما أعني : كيف تجعل الدعاء مهارة في كسب الناس ؟
ومن ذلك أن تدعو الله أيضاً أن يهديك إلى أحسن الأخلاق .. كما كان الحبيب صلى الله عليه و سلم يدعو قائلاً :
(اللهم لك الحمد .. لا إله إلا أنت .. سبحانك وبحمدك .. ظلمت نفسي .. واعترفت بذنبي ..
فاغفر لي ذنوبي .. لا يغفر الذنوب إلا أنت ..
اهدني لأحسن الأخلاق .. لا يهدي لأحسنها إلا أنت ..
واصرف عني سيئها .. إنه لا يصرف سيئها إلا أنت ..
لبيك وسعديك والخير بيديك .. ) .. ([1])
نعود إلى أصل كلامنا .. كيف تجعل الدعاء مهارة في كسب قلوب الناس ..؟
الناس عموماً يحبون الدعاء لهم .. حتى عند السلام عليهم ولقائهم يفرحون إن دعوت لهم ..
فمع قولك : كيف الحال وما الأخبار ؟ أضف إليها : الله يحرسك .. الله يجعلك مباركاً .. الله يثبت قلبك ..
ولا تكن عبارات دعائك مستهلكة أو اعتيادية مثل : الله يوفقك .. الله يحفظك .. نعم هي دعاء حسن لكن السامع اعتاد عليه حتى لم يعد يرن في أذنه عند سماعه ..
وإن قابلت أحداً معه أولاده .. فادع لهم وهو يسمع .. الله يقر بهم عينك .. الله يجمع شملكم .. الله يرزقك برهم .. ونحو ذلك ..
أنا أحكي هذا عن تجربة .. لقد جربته كثيراً كثيراً .. فرأيته يسلب قلوب الناس سلباً ..


دعيت في ليلة من ليالي شهر رمضان قبل سنتين إلى لقاء مباشر في إحدى القنوات الفضائية ..
كان اللقاء حول أحوال العبادة في رمضان .. وكان انعقاد اللقاء في مكة المكرمة في غرفة بأحد الفنادق مطلة على الحرم .. كنا نتحدث عن رمضان .. والمشاهدون يرون من خلال النافذة التي خلفنا المعتمرين والطائفين خلفنا على الهواء مباشرة ..
كان المنظر مهيباً .. والكلام مؤثراً .. حتى إن مقدم البرنامج رق قلبه وبكى أثناء الحلقة ..
كان الجو إيمانياً .. ما أفسده علينا إلا أحد المصورين !! كان يمسك كاميرا التصوير بيد .. واليد الثانية فيها سيجارة .. وكأنه يريد أن لا تضيع عليه لحظة من ليل رمضان إلا وقد أشبع رئتيه سيجاراً !!
أزعجني هذا كثيراً .. وخنقني وصاحبي الدخان .. لكن لم يكن بد من الصبر .. فاللقاء مباشر .. وما حيلة المضطر إلا ركوبها !!
مضت ساعة كاملة .. وانتهى اللقاء بسلام ..
أقبل إليّ المصور - والسيجارة في يده - شاكراً مثنياً .. فشددت على يده وقلت .. وأنت أيضاً أشكرك على مشاركتك في تصوير البرامج الدينية .. ولي إليك كلمة لعلك تقبلها .. قال : تفضل .. تفضل ..
قلت : الدخان والسجا .. فقاطعني : لا تنصحني .. والله ما فيه فائدة يا شيخ ..
قلت : طيب اسمع مني .. أنت تعلم أن السجاير حرام وأن الله يقول .. فقاطعني مرة أخرى : يا شيخ لا تضع وقتك .. أنا مضى لي أكثر من أربعين سنة وأنا أدخن .. الدخان يجري في عروقي .. ما فيه فااائدة .. كان غيرك أشطر !!
قلت : يعني ما فيه فائدة ؟!!
فأحرج مني وقال : ادع لي .. ادع لي ..
فأمسكت يده وقلت : تعال معي ..
قلت تعال ننظر إلى الكعبة ..
فوقفنا عند النافذة المطلة على الحرم .. فإذا كل شبر فيه مليء بالناس .. ما بين راكع وساجد .. ومعتمر وباك .. كان المنظر فعلاً مؤثراً ..
قلت : هل ترى هؤلاء ؟
قال : نعم ..
قلت : جاؤوا من كل مكان .. بيض وسود .. عرب وأعاجم .. أغنياء وفقراء ..كلهم يدعون الله أن يتقبل منهم ويغفر لهم ..
قال : صحيح .. صحيح ..
قلت أفلا تتمنى أن يعطيك الله ما يعطيهم ؟ قال : بلى ..
قلت : ارفع يديك .. وسأدعو لك و أمن على دعائي ..
رفعت يدي وقلت : اللهم اغفر له .. قال : آمين .. قلت : اللهم ارفع درجته واجمعه مع أحبابه في الجنة .. اللهم ..
ولا زلت أدعو حتى رق قلبه وبكى .. وأخذ يردد : آمين .. آمين ..
فلما أردت أن أختم الدعاء .. قلت : اللهم إن ترك التدخين فاستجب هذا الدعاء وإن لم يتركه فاحرمه منه ..
فانفجر الرجل باكياً .. وغطى وجهه بيديه وخرج من الغرفة ..
مضت عدة شهور .. فدعيت إلى مقر تلك القناة للقاء مباشر ..
فلما دخلت المبنى فإذا برجل بدين يقبل عليَّ ثم .. يسلم علي بحرارة .. ويقبل رأسي .. وينحني على يدي ليقبلها .. وهو متأثر جداً ..
فقلت له : شكر الله لطفك .. وأدبك .. وأقدر لك محبتك .. لكن اسمح لي فأنا لم أعرفك ..
فقال : هل تذكر المصور الذي نصحته قبل سنتين ليترك التدخين ؟!
قلت : نعم ..
قال : أنا هو .. والله يا شيخ إني لم اضع سيجارة في فمي منذ تلك اللحظة ..
ما أجمل الذكريات إذا كانت سارة ..


في موسم الحج قبل ثلاث سنوات .. ذهبت لإلقاء كلمة في إحدى حملات الحج الكبرى في صلاة العصر ..
بعد الكلمة ازدحم الناس يسألون ويسلمون .. حاولت التخلص السريع لارتباطي بمحاضرة بعدهم فوراً في حملة أخرى ..
لاحظت من بينهم شاب يقدم رجلاً ويؤخر أخرى .. مستحٍ أن يزاحم الناس ..
التفت إليه .. ومددت يدي نحوه فصافحني .. ثم سألته في وسط الزحام .. : عندك سؤال ؟
قال : نعم ..
فجررته إليَّ والناس مزدحمون .. حتى اقترب ..
قلت : ما سؤالك ؟
فقال وهو مستعجل : ذهبت لرمي الجمرات .. معي جدتي وأختي .. وكان زحاماً شديداً .. و ..
انتهى من سؤاله .. فأجبته عليه ..
شممت منه خلال ذلك رائحة دخان .. فتبسمت وسألته : تدخن ؟
قال : نعم ..
قلت : أسأل الله أن يغفر لك .. ويتقبل حجك .. إن تركت التدخين من هذه اللحظة ..
سكت الشاب .. كان واضحاً من وجهه أنه تأثر بالكلام ..
مضت ثمانية أشهر ..
فذهبت لإلقاء محاضرة في إحدى المدن ..
أقبلت إلى المسجد .. فإذا شاب وقور ينتظرني عند بابه .. تفاجأت به لما رآني .. يقبل عليّ متحمساً ويسلم بحرارة ..
لم أعرفه .. لكني بادلته السلام والترحيب ..
قال : هل عرفتني ..
قلت : أشكر لك لطفك .. ومحبتك .. لكني لم أعرفك ..
قال : هل تذكر الشاب المدخن الذي قابلته في الحج .. ونصحته بترك التدخين ؟
قلت : نعم .. نعم ..
قال : أنا هو .. أبشرك ولله الحمد أني ما وضعت السيجارة في فمي منذ تلك اللحظة .. تركت التدخين .. فصلحت كثير من أمور حياتي ..
هززت يده مشجعاً .. ومضيت .. وقد أيقنت أن الدعاء للناس في وجوههم .. وهم يسمعون .. ربما يكون أكثر تأثيراً من النصح المباشر ..
ومثله لو رأيت شاباً باراً بأبيه .. فقلت له : جزاك الله .. الله يوفقك .. الله يجعل أولادك بارين بك ..
بلا شك أن هذا الدعاء سيكون دافعاً له أكثر ..


كان النبي الكريم .. عليه أفضل الصلاة والتسليم .. مبدعاً في استعمال الدعاء لدعوة الناس وكسبهم والتأثير فيهم لتقريبهم للدين ..
كان الطفيل بن عمرو سيداً مطاعاً في قبيلته دوس ..
قدم مكة يوماً في حاجة .. فلما دخلها .. رآه أشراف قريش .. فأقبلوا عليه .. وقالوا : من أنت ؟ قال : أنا الطفيل بن عمرو .. سيد دوس ..
فقالوا : إن ههنا رجل في مكة يزعم أنه نبي .. فاحذر أن تجلس معه أو تسمع كلامه .. فإنه ساحر .. إن استمعت إليه ذهب بعقلك ..
قال الطفيل : فو الله ما زالوا بي يخوفونني منه .. حتى أجمعت ألا أسمع منه شيئاً .. ولا أكلمه .. بل حشوت في أذنيَّ كرسفا - وهو القطن – خوفاً من أن يبلغني شيء من قوله .. وأنا مارّ به ..
قال الطفيل : فغدوت إلى المسجد .. فإذا رسول الله صلى الله عليه و سلم قائم يصلي عند الكعبة ..
فقمت منه قريباً .. فأبى الله إلا أن يسمعني بعض قوله ..
فسمعت كلاماً حسناً .. فقلت في نفسي : واثكل أمي ! والله إني لرجل لبيب .. ما يخفى عليَّ الحسنُ من القبيح .. فما يمنعني أن أسمع من هذا الرجل ما يقول .. فإن كان الذي به حسناً قبلته .. وإن كان قبيحاً تركته .. فمكثت حتى قضى صلاته .. فلما قام منصرفاً إلى بيته تبعته ..
حتى إذا دخل بيته دخلت عليه .. فقلت : يا محمد .. إن قومك قالوا لي كذا وكذا ..
ووالله ما برحوا يخوفونني منك حتى سددت أذني بكرسف لئلا أسمع قولك .. وقد سمعت منك قولاً حسناً .. فاعرض عليَّ أمرك ..
فابتهج النبي عليه الصلاة والسلام .. وفرح ..وعرض الإسلام على الطفيل .. وتلا عليه القرآن .. فتفكر الطفيل في حاله .. فإذا كل يوم يعيشه يزيده من الله بعداً ..
وإذا هو يعبد حجراً .. لا يسمع دعاءه إذا دعاه .. ولا يجيب نداءه إذا ناداه .. وهذا الحق قد تبين له ..
ثم بدأ الطفيل يتفكر في عاقبة إسلامه ..
كيف يغير دينه ودين آبائه !!.. ماذا سيقول الناس عنه ؟!
حياته التي عاشها .. أمواله التي جمعها .. أهله .. ولده .. جيرانه .. خلانه .. كل هذا سيضطرب ..
سكت الطفيل .. يفكر .. يوازن بين دنياه وآخرته ..
وفجأة إذا به يضرب بدنياه عرض الحائط ..
نعم سوف يستقيم على الدين .. وليرض من يرضى .. وليسخط من يسخط .. وماذا يكون أهل الأرض .. إذا رضي أهل السماء ..
ماله ورزقه بيد من في السماء .. صحته وسقمه بيد من في السماء .. منصبه وجاهه بيد من في السماء .. بل حياته وموته بيد من في السماء ..
فإذا رضي أهل السماء .. فلا عليه ما فاته من الدنيا ..
إذا أحبه الله .. فلبيغضه بعدها من شاء .. وليتنكر له من شاء .. وليستهزئ به من شاء ..


فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر
وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذي فوق التراب تراب



نعم .. أسلم الطفيل في مكانه .. وشهد شهادة الحق ..
ثم ارتفعت همته .. فقال : يا نبي الله .. إني امرؤ مطاع في قومي .. وإني راجع إليهم وداعيهم إلى الإسلام ..
ثم خرج الطفيل من مكة .. مسرعاً إلى قومه .. حاملاً همَّ هذا الدين ..
يصعد به جبل .. وينزل به واد ..
حتى وصل ديار قومه .. فلما دخلها .. أقبل إليه أبوه .. وكان شيخاً كبيراً ..
فقال الطفيل : إليك عني يا أبت .. فلست منك ولست مني ..
قال : ولم يا بني ؟ قال : أسلمت وتابعت دين محمد صلى الله عليه و سلم ..
قال : أي بني ديني دينك ..
قال : فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك .. ثم ائتني حتى أعلمك مما علمت ..
فذهب أبوه واغتسل وطهر ثيابه .. ثم جاء فعرض عليه الإسلام فأسلم ..
ثم مشى الطفيل إلى بيته .. فأتته زوجته مرحبة ..
فقال : إليك عني .. فلست منك ولست مني ..
قالت : ولم ؟ بأبي أنت وأمي ..
قال : فرَّق بيني وبينك الإسلام .. وتابعت دين محمد صلى الله عليه و سلم ..
قالت : فديني دينك ..
قال : فقلت فاذهبي فتطهري .. ثم ارجعي إليَّ .. فواّته ظهرها ذاهبة ..
ثم خافت من صنمهم أن يعاقبها في أولادها إن تركت عبادته ..
فرجعت إليه وقالت : بأبي أنت وأمي .. أما تخشى على الصبية من ذي الشرى .. ؟
وذو الشرى صنم عندهم يعبدونه .. وكانوا يرون أن من ترك عبادته أصابه أو أصاب ولده بأذى ..
فقال الطفيل : اذهبي .. أنا ضامن لك أن لا يضرهم ذو الشرى ..
فذهبت فاغتسلت .. ثم عرض عليها الإسلام فأسلمت ..
ثم جعل الطفيل يطوف في قومه .. يدعوهم إلى الإسلام بيتاً بيتاً .. ويقبل عليهم في نواديهم .. ويقف عليهم في طرقاتهم ..
لكنهم أَبَوْا إلا عبادة الأصنام .. فغضب الطفيل .. وذهب إلى مكة ..
فأقبل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله .. إن دوساً قد عصت وأبت .. يا رسول الله .. فادع الله عليهم ..
فتغير وجه النبي عليه الصلاة والسلام .. ورفع يديه إلى السماء ..
فقال الطفيل في نفسه .. هلكت دوْس ..
فإذا بالرحيم الشفيق صلى الله عليه و سلم .. يقول : " اللهم اهد دوساً .. اللهم اهد دوساً ..
ثم التفت إلى الطفيل وقال : ارجع إلى قومك .. فادعُهم .. وارفق بهم ..
فرجع إليهم .. فلم يزل بهم .. حتى أسلموا ..
نعم .. ما أحسن قرع أبواب السماء ..
ليس الطفيل وقومه فقط .. وإنما غيرهم كثير ..


كان المسلمون في بداية الدعوة النبوية قلة .. لم يتعدوا ثمانية وثلاثين رجلا ..
فألـحَّ أبو بكر يوماً على رسول الله صلى الله عليه و سلم في الظهور أمام الناس بالدعوة والجهر بالإسلام ..
فقال صلى الله عليه و سلم : يا أبا بكر .. إنا قليل ..
كان أبو بكر رضي الله عنه متحمساً .. فلم يزل يلحّ على رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى اجتمعوا فخرجوا .. يتقدمهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
توجهوا إلى المسجد ..
تفرقوا في نواحي المسجد .. كل رجل في عشيرته ..
وقام أبو بكر في الناس خطيباً .. يدعو إلى الإسلام .. ويذم آلهتهم ..
وثار المشركون على المسلمين .. فضربوهم في نواحي المسجد ضرباً شديداً ..
كان المشركون كثير .. فتفرق المسلمون ..
أقبل جمع منهم إلى أبي بكر .. وضربوه ضرباً شديداً ..
فوقع على الأرض في شدة الرمضاء ..
فدنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة .. فجعل يضربه بنعلين مخصوفين .. ويفركهما على وجهه ..
ثم قام على بطن أبي بكر .. حتى سالت الدماء من وجه أبي بكر .. وتمزق لحم وجهه .. حتى ما يعرف فمه من أنفه ..
وجاء بنو تيم قبيلة أبي بكر .. يتعادون ..
وأبعدوا الناس عن أبي بكر .. وحملوه في ثوب حتى أدخلوه منزله ..
وهم لا يشكون أنه ميت ..
ثم رجع قومه بنو تيم .. فدخلوا المسجد .. وجعلوا يصرخون في المشركين .. يقولون :
والله لئن مات أبو بكر لنقتلن عتبة بن ربيعة ..
ثم رجعوا الى أبي بكر .. وهو مغمى عليه .. لايدرون .. حي أو ميت !!
ظل أبو قحافة والد أبي بكر .. مع قومه .. واقفين عند أبي بكر .. يكلمونه .. فلا يجيبهم ..
وأمه تبكي عند رأسه ..
فلما كان آخر النهار .. فتح عينيه .. فكان أول كلمة قالها :
ما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم .. ؟!
رضي الله عن أبي بكر .. كان يهيم برسول الله صلى الله عليه و سلم حباً .. يخاف عليه أكثر مما يخاف على نفسه ..
كان كل من حوله .. أبوه أمه .. قومه .. مشركين ..
فغضبوا .. وجعلوا يسبون رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
ثم قاموا .. وقالوا لأم أبي بكر : أطعميه شيئاً أو اسقيه ..
فجعلت أمه تلح عليه ..
وهو يردد قائلاً : ما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ..؟
فقالت : والله مالي علم بصاحبك ..
فقال : اذهبي إلى أم جميل بنت الخطاب .. فسليها عنه ..
وكانت أم جميل مسلمة تكتم إسلامها ..
خرجت أمه حتى جاءت أم جميل .. فقالت : إن أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله ..
فقالت : ما أعرف أبا بكر .. ولا محمد بن عبد الله .. لكن أتحبين أن أمضي معك إلى ابنك ؟
قالت : نعم ..
فمضت معها .. حتى دخلت على أبي بكر .. فوجدته صريعاً دنفاً .. ممزق الوجه .. مرهق الجسد ..
فلما رأته أم جميل صاحت .. وقالت :
والله إن قوماً نالوا هذا منك لأهل فسق وكفر .. وإني لأرجو أن ينتقم الله لك منهم ..
قال : فما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
وكانت أم أبي بكر بجانبها .. فخافت أم جميل أن يفضح أمر إسلامها .. فيؤذونها ..
فقالت : يا أبا بكر .. هذه أمك تسمع ..
قال : فلا شيء عليك فيها ..
قالت : أبشر .. فرسول الله صلى الله عليه و سلم .. سالم صالح ..
قال : فأين هو ؟
قالت : في دار أبي الأرقم ..
فقالت أمه : قد علمت خبر صاحبك .. فقم فأكل طعاماً .. أو اشرب ..
قال : فإن لله عليَّ أن لا أذوق طعاماً أو شراباً .. حتى أرى رسول الله صلى الله عليه و سلم بعيني ..
فانتظرتا .. حتى إذا هدأ الناس .. خرجتا به يتكيء عليهما . فذهبتا به إلى بيت أبي الأرقم ..
حتى أدخلتاه على رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فلما دخل فإذا وجه جريح .. ودماء تسيل .. وثياب ممزقة ..
فرآه رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فأكب عليه النبي صلى الله عليه و سلم يقبله ..
وأكب عليه المسلمون يقبلونه ..
ورقَّ له رسول الله صلى الله عليه و سلم رقة شديدة .. حتى ظهر التأثر على وجهه الشريف صلى الله عليه و سلم ..
فأراد أبو بكر أن يخفف عليه .. فقال : بأبي وأمي يا رسول الله .. ليس من بأس .. إلا ما نال الفاسق من وجهي ..
ثم قال أبو بكر .. البطل الذي يحمل هم الدعوة .. ويحسن استثمار المواقف ..
كان جريحاً .. جائعاً عطشاناً .. ومع ذلك .. قال : يا رسول الله .. هذه أمي برة بوالديها .. وأنت مبارك .. فادعها الى الله عز وجل .. وادع الله لها .. عسى الله أن يستنقذها بك من النار ..
فدعا لها رسول الله صلى الله عليه و سلم .. ثم دعاها الى الله عز وجل .. فأسلمت فوراً في مكانها ..
كان الدعاء أصلاً من الأصول التي يتعاملون بها ..



أسلم أبو هريرة رضي الله عنه ..
وبقيت أمه كافرة ..
كان يدعوها إلى الإسلام فتأبى ..
فدعاها يوماً .. وألـحَّ فأسمعته في رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يكره ..
فضاق صدر أبي هريرة بذلك .. وذهب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يبكي .. فقال :
يا رسول الله .. إني كنت أدعو أمي إلى الإسلام فتأبى علي .. وإني دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره .. فادع الله يا رسول الله أن يهدي أم أبي هريرة إلى الإسلام ..
فدعا لها رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فرجع أبو هريرة إلى أمه ..
فلما كان على الباب .. فإذا هو مغلق .. فحركه ليدخل ..
فإذا بأمه تفتح له الباب .. وتقول : أشهد أن لا إله إلا الله .. وأن محمداً رسول الله ..
فرجع أبو هريرة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يبكي من الفرح ..
وجعل يقول : أبشر يا رسول الله .. قد استجاب الله دعوتك .. وهدى الله أم أبي هريرة إلى الإسلام ..
ثم قال أبو هريرة : يا رسول الله .. أدع الله أن يحببني وأمي إلى عباده المؤمنين .. ويحببهم إلينا ..
فقال صلى الله عليه و سلم : اللهم حبب عبيدك هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين .. وحببهم إليهما ..
قال أبو هريرة : فما على الأرض مؤمن ولا مؤمنة .. إلا وهو يحبني وأحبه .. ([2])



إضاءة ..

( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم )


( [1] ) أخرجه أبو عوانة

( [2] ) رواه مسلم









قديم 2011-02-20, 11:02   رقم المشاركة : 98
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الترقيع !!

أحياناً عند ممارستنا لبعض المهارات مع الآخرين نكتشف بأننا أخطأنا تقدير المهارة المناسبة للشخص .. أو قد نكون وضعناها في غير موضعها ..
مثل من رأى شاباً وسيماً .. فأراد أن يمارس معه مهارة " كن لماحاً " فقال له : ما شاء الله ما هذه الثياب الجميلة والرونق البهي والوجه المسفر .. ثم بدل أن يقول : ما أسعد زوجتك بك.. قال : يا ليتك بنتاً حتى أتزوجك !!!
مزحة ثقييييلة جداً .. أليس كذلك ؟!
قال أحد الزملاء :
في الجامعة كان لدي طالب بليد لكن الله تعالى عوضه عن بلادته بشيء من الوسامة .. وكان يجلس في آخر القاعة دائماً .. ويسرح بفكره بعييييداً ..
كنت أطلب منه دائماً أن يجلس في الأمام ليتابع .. وهو يتغافل عن ذلك .. كنت أتجنب إحراجه أو إحراج غيره من الطلاب فهم كبار في المرحلة الجامعية ..
دخلت يوماً فإذا هو منشغل آخر القاعة كعادته .. فلما جلست على الكرسي قلت له : يا عبد المحسن .. تعال في الأمام .. فقال : يا دكتور مكاني مناسب وسأنتبه معك ..
فقلت : " يا أخي اقترب قليلاً خلنا نشوف خدودك الحلوة " .. التفت بعض الطلاب إليه معلقين .. فانقلب وجهه أحمر ..
شعرت أني وقعت في حفرة .. فقلت - مرقعاً - : " الله يا هي بتنبسط البنت اللي بتتزوجك .. أما هؤلاء فسيتعبون ليجدوا من توافق على الزواج بهم !!"..
ثم بدأت في شرح الدرس فوراً دون أن أترك فرصة لأحد ليفكر في الموقف أصلاً .. تبسم الطالب وانبلجت أساريره وجلس في المقدمة ..
وإن كانت هذه الأخطاء قد تقع في بداية التدرب على ممارسة المهارات لكنها سرعان ما تزول ..
وأحياناً يكون تصرفك المحرج للآخرين أو المحزن لهم ليس خاطئاً .. لكن الموقف يفرضه علينا ..
مثل أن يختلف اثنان من زملائك .. فترى أن الحق مع أحدهما فتقف معه ..وقد تعاتب الآخر ..
أو قد يقع ذلك بين اثنين من أولادك أو طلابك أو جيرانك .. أو غيرهم ..
فما الحل ؟ هل نسمح لهذه المواقف أن تفقدنا الناس واحداً تلو الآخر .. ونحن نتعب في استقطابهم والتحبب إليهم ..
كلا ..
إذن ما التصرف الصحيح ؟
الجواب : أنك إذا أحسست أن أحداً ضاق صدره من كلمة منك .. أو تضايق من تصرف معين فسارع فوراً إلى مداواة الجرح قبل أن يلتهب .. باستعمال أي مهارة أخرى مناسبة ..
كيف ؟!
خذ مثالاً ..


كانت مكة قبل أن يفتحها المسلمون تحت قبضة كفار قريش ..
وكانوا قد ضيقوا على المسلمين المستضعفين فيها .. وسيطروا على أبناء المسلمين الذين هاجروا ولم يستطيعوا أخذ أبنائهم معهم ..
فعلاً كانت حال المسلمين عصيبة ..
أقبل النبي صلى الله عليه و سلم إلى مكة معتمراً فردته قريش .. وكان ما كان من قصة الحديبية .. وكتب صلى الله عليه و سلم بينه وبين قريش صلحاً .. واتفق نعهم أن يرجع إلى المدينة من غير عمرة على أن يأتي في العام القادم ويعتمر ..
ومضى صلى الله عليه و سلم إلى المدينة ..
وبعد سنة أقبل صلى الله عليه و سلم مع الصحابة محرمين ملبين .. ودخلوا مكة .. واعتمروا ..
لبث عليه الصلاة و السلام فيها أربعة أيام .. فلما توجه خارجاً منها إلى المدينة تبعته طفلة صغيرة هي ابنة حمزة رضي الله عنه .. وكان قد قتل في معركة أحد .. وبقيت ابنته يتيمة في مكة ..
أخذت الصغيرة تنادي رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
تقول : يا عم يا عم ..
وكان علي يسير بجانب النبي صلى الله عليه و سلم مع زوجته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فتناولها علي رضي الله عنه فأخذ بيدها وناولها لفاطمة وقال : دونك ابنة عمك ..
فحملتها فاطمة ..
فلما رآها زيد رضي الله عنه .. تذكر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد آخى بينه وبين حمزة لما هاجر إلى المدينة .. فأقبل زيد إليها ليأخذها وهو يقول : بنت أخي .. أنا أحق بها ..
فأقبل جعفر وقال : ابنة عمي وخالتها تحتي .. يعني أسماء بنت عميس زوجته .. وأنا أحق بها ..
فقال علي : أنا أخذتها وهي ابنة عمي ..
فلما رأى صلى الله عليه و سلم اختلافهم .. قضى بها لخالتها ودفعها إلى جعفر ليكفلها .. وقال : " الخالة بمنزلة الأم " ..
ثم خشي صلى الله عليه و سلم أن يجد علي أو زيد في نفسيهما .. لما نزعها منهما ..
فقال مواسياً لعلي : " أنت مني و أنا منك " ..
وقال لزيد : " أنت أخونا و مولانا " ..
ثم التفت إلى جعفر وقال : " أشبهت خلقي وخلقي " ..
فانظر كيف كان صلى الله عليه و سلم حكيماً ماهراً في غسل قلوب الآخرين وكسب محبتهم ..


طيب ما رأيك أن نعود إلى قصة صاحبنا الذي قال : يا ليتك بنتاً حتى أتزوجك !! كيف يرقع ما خرّق ؟!!
بين يديه عدة أبواب للهرب ..
منها أن يدخل في موضوع آخر مباشرة –لئلا يترك للسامع فرصة ليفكر في الجملة الجارحة التي سمعها منه – فيقول مثلاً : الله يرزقك حورية أجمل منك .. قل : آمين ..
أو يطرح موضوعاً بعيداً تماماً .. كأن يسأله عن أخيه المسافر .. أو سيارته الجديدة .. أو نحوها .. لئلا يترك له أو لغيره من السامعين حوله أي فرصة للوقوع في الحرج ..

تجربة ..

ليس العيب أن تخطئ إنما الخطأ أن تصر عليه









قديم 2011-02-20, 11:10   رقم المشاركة : 99
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

انظر بعينين ..

نحن نبدع في أحيان كثيرة في رؤية أخطاء الناس وملاحظتها .. وربما في تنبيههم عليها ..
ولكننا قلما نبدع في رؤية الخير الذي عندهم .. والانتباه إلى الصواب الذي يمارسونه .. لنمدحهم به ..
قل ذلك في المدرس مع طلابه .. فكل المدرسين يذمون الطالب البليد المهمل في واجباته .. الكسول المتأخر في الحضور دائماً .. لكن قليلاً منهم من يمدح الطالب المجد .. الذي يحضر مبكراً وخطه حسن وكلامه جيد ..
كثيراً ما ننبه أولادنا إلى أخطائهم .. لكنهم يحسنون ولا ننتبه إلا قليلاً ..
مما يجعلنا أحياناً نفوت فرصاً كثيرة كنا من خلالها نستطيع أن ننفذ إلى قلوب الناس ..
فمن أبدع مهارات الكلام .. أن تمتدح الخير الذي عند الناس ..


كان قوم أبي موسى الأشعري رضي الله عنه لهم اهتمام بتلاوة القرآن وحفظه .. وربما فاقوا كثيراً من الصحابة في كثرة تلاوته وتحسين الصوت به ..
فرافقوا النبي صلى الله عليه و سلم يوماً في سفر ..
فلما أصبح الناس .. واجتمعوا قال عليه الصلاة والسلام :
إني لأعرف أصوات رفقة الأشعريين بالقرآن حين يدخلون بالليل .. وأعرف منازلهم .. من أصواتهم بالقرآن بالليل .. وإن كنت لم أر منازلهم حين نزلوا بالنهار ..([1]) ..
فكأنك بألشعريين وهم يستمعون هذا الثناء أمام الناس يتوقدون حرصاً بعدها على الخير ..
وفي ذات صباح .. لقي النبي صلى الله عليه و سلم أبا موسى .. فقال له :
لو رأيتني البارحة وأنا أستمع لقراءتك .. لقد أوتيت من مزامير آل داود ..
فقال أبو موسى : لو علمت أنك تستمع لقراءتي .. لحبرتها لك تحبيراً ([2]) ..
وكان عمرو بن تغلب رضي الله عنه رجلاً من عامة الصحابة .. لم يتميز بعلم كما تميز أبو بكر .. ولا بشجاعة كما تميز عمر .. ولا بقوة حفظ كأبي هريرة .. لكن قلبه كان مملوءاً إيماناً .. وكان صلى الله عليه و سلم يلحظ ذلك فيه ..
فبينما النبي صلى الله عليه و سلم جالساً يوماً ..
إذ جيء إليه بمال فجعل يقسمه بين بعض أصحابه ..
فأعطى رجالاً .. وترك رجالاً ..
فكأن الذين تركهم وجدوا في أنفسهم .. وعتبوا .. لماذا لم يعطنا ..
فلما علم صلى الله عليه و سلم بذلك .. قام أمام الناس .. فحمد الله تعالى ثم أثنى عليه .. ثم قال :
أما بعد .. فوالله إني لأعطي الرجل .. وأدع الرجل .. والذي أدع أحبُّ إليَّ من الذي أُعطي ..
ولكني أعطي أقواماً لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع ..
وأَكِلُ أقواماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الخير .. منهم : عمرو بن تغلب ..
فلما سمع عمرو بن تغلب هذا الثناء على الملأ .. طار فرحاً ..
وكان يحدث بهذا الحديث بعدها .. ويقول : فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه و سلم حمر النعم ([3]) ..
وفي يوم آخر ..
أقبل أبو هريرة رضي الله عنه .. فسأل النبي صلى الله عليه و سلم .. قائلاً : من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ..
فقال صلى الله عليه و سلم - مشجعاً – : لقد كنت أظن أن لا أحد يسأل عن هذا قبلك .. لما رأيت من حرصك على العلم ..
أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة .. من قال : لا إله إلا الله خالصاً من قلبه ..



وسلمان الفارسي .. كان من خيار الصحابة ..
لم يكن من العرب .. بل كان ابناً لأحد كبار فارس .. وكان أبوه يحبه ويقربه .. لدرجة أنه كان يحبسه في البيت خوفاً عليه ..
أدخل الله الإيمان في قلب سلمان رضي الله عنه ..
خرج من بيت أبيه ..
سافر إلى الشام باحثاً عن الحق .. احتال بعض الناس عليه وباعوه إلى يهودي على أنه عبد مملوك ..
وحصلت له قصة طوييييلة .. حتى وصل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فكان النبي صلى الله عليه و سلم يقدر له ذلك ..
فبينما كان صلى الله عليه و سلم جالساً بين أصحابه يوماً .. إذا أنزلت عليه سورة الجمعة ..
فجعل صلى الله عليه و سلم يقرؤها على أصحابه .. وهم يستمعون ..
وهو يقرأ : " هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ "
فلما قرأ : "وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ " ..
قال رجل من الصحابة : من هؤلاء يا رسول الله ؟
فسكت النبي صلى الله عليه و سلم ..
فأعاد الرجل السؤال .. من هؤلاء يا رسول الله ؟
فلم يرد عليه ..
فأعاد .. من هؤلاء يا رسول الله ؟
فلتفت النبي صلى الله عليه و سلم إلى سلمان ..
ثم وضع يده عليه وقال : لو كان الإيمان عند الثريا .. لناله رجال من هؤلاء ([4]) ..

وجهة نظر ..
تفاءل وأحسن الظن بالناس ..وشجعهم ..لينطلقوا أكثر



( [1] ) متفق عليه

( [2] ) رواه مسلم

( [3] ) رواه البخاري

( [4] ) رواه مسلم











قديم 2011-02-20, 11:13   رقم المشاركة : 100
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


فن الاستماع ..

مهارات جذب الناس وكسب قلوبهم .. بعضها يكون بفعل الشيء .. وبعضها يكون بتركه ..
فالابتسامة تجذب .. كما أن ترك العبوس يجذبهم ..
والأحاديث الجميلة والنكات واللطائف تجذب الناس .. كما أن الاستماع إليهم والتفاعل مع أحاديثهم .. يجذبهم ..
فما رأيك أن أتكلم معك هنا عن : الهدووووء الجذاب !!
نعم .. بعض الناس لا يتكلم كثيراً .. ولا تكاد تسمع صوته في المجالس والمتجمعات ..
بل لو راقبته في جلسة أو نزهة .. لرأيته لا يتحرك منه إلا رأسه وعيناه .. نعم قد يتحرك فمه أحياناً بالتبسم .. لا بالكلام !!
ومع ذلك يحبه الناس .. ويأنسون بمجالسته ..
تدري لماذا ؟!
لأنه يمارس الهدووووء الجذااااب ..
فن الاستماع له مهارات متعددة .. بل حدثني أحد المهتمين أنه حضر أكثر من خمس عشرة دورة تدريبية في مهارات الاستماع ..!!
قارن بين اثنين :
رجل إذا تكلمت بين يديه بقصة وقعت لك .. قاطعك في أولها وقال : وأنا أيضاً وقع لي شيء مشابه ..
فتقول : له اصبر حتى أكمل ..
فيسكت قليلاً .. فإذا انسجمت في قصتك .. قاطعك قائلاً : صحيح .. صحيح .. نفس القصة التي وقعت لي وهو أنني ذات مرة ذهبت ..
فتقول له : أخي انتظر .. فيسكت .. ثم ما يصبر فيقاطعك قائلاً : عجل .. عجل ..
هذا الأول ..
الثاني ..
كان وأنت تتحدث معه أو معهم .. يتلفت يميناً ويساراً .. وقد يخرج جهاز هاتفه من جيبه .. ويكتب رسالة أو يقرأ شيئاً من الرسائل .. أو من يدري لعله يلعب بالألعاب الالكترونية الموجودة فيه !!
أما الثالث .. فيملك مهارات الاستماع .. تجد أنك تتحدث وقد ركز عينيه برفق ينظر إليك .. وتشعر بمتابعته .. فهو تارة يهز رأسه موافقاً .. وتارة يتبسم .. وتارة يضمّ شفتيه متعجباً .. وربما ردد : عجيب .. سبحان الله ..
أي هؤلاء ستكون راغباً دائماً في مجالسته .. وتفرح بزيارته .. وتنبلج أساريرك في الحديث معه ..؟ لا أشك أنه الأخير ..
إذن جذب قلوب الناس .. لا يكون فقط بإسماعهم ما يحبون .. بل وبالاستماع منهم لما يحبون !!
أذكر أن أحد الدعاة البارزين ممن أوتي منطقاً ولساناً .. كان يتنقل متحدثاً دائماً .. ما بين منبر جمعة .. وكرسي فتوى .. ومحاضرة في جامعة .. فهو دائماً يتكلم .. ويتكلم .. ويتكلم ..
وكان الناس يرونه على المنابر والقنوات الفضائية ويحبونه ويرغبون في استماع حديثه .. إلا زوجته .. فهو معها في البيت دائماً .. ولا يكاد يستمع منها حديثاً أو قصة .. بل على عادته يتكلم .. ويتكلم ..
كانت كثيرة التذمر منه دون أن ينتبه إلى سبب ذلك ..
كان كل الناس يكرمونه ويمدحونه إلا هي .. فقرر أن يصطحبها معه يوماً إلى إحدى محاضراته لترى ما لم تر ..
قال لها يوماً : ترافقيني ؟
قالت : إلى أين ؟
قال : محاضرة لأحد الدعاة .. نستفيد منها ..
ركبت معه في سيارته .. مشيا .. وقفا عند المسجد .. كانت الجماهير غفيرة .. كلهم جاؤوا يستمعون إلى هذا المحاضر الفذ ..
دخلت هي إلى قسم النساء .. ودخل هو وسط جمهرة الناس واعتلى الكرسي وبدأ محاضرته ..
كان الناس ينصتون معجبين .. حتى زوجته يبدو أنها كانت معجبة ..!
انتهت المحاضرة .. خرج إلى سيارته وسط نشوة النجاح .. وأقبلت زوجته وركبت السيارة بجانبه ..
لم يدع لها فرصة .. بدأ يتكلم فوراً عن زحمة الناس .. وجمال المسجد .. و .. ثم سألها : ما رأيك في المحاضرة ؟
فقالت : كانت جميلة ومؤثرة .. ولكن من المحاضر ؟
قال : عجباً لم تعرفي صوته .. قالت : مع زحمة الناس .. وضعف سماعات الصوت لم أنتبه كثيراً ..
فقال – منتشياً - : أنا .. أنا المحاضر ..
فقالت : آآآ .. وأنا أقول في نفسي طوال جلوسي : ما أكثر كلامه ..
إذن .. الاستماع إلى الناس فن ومهارة ..
بعض الناس ينسى أن الله جعل لك فماً واحداً وأذنين .. ليستمع أكثر مما تكلم ..
وأظنه لو استطاع لقلب المعادلة .. من شدة محبته للحديث ..
فعود نفسك على الإنصات .. حتى لو كان لك على الكلام ملاحظة ..


في أوائل بعثة النبي صلى الله عليه و سلم .. كان عدد المسلمين قليلاً .. وكان الكفار يكذبونه وينفرون الناس عنه .. ويشيعون أنه صلى الله عليه و سلم كاهن وكذاب .. وربما أشاعوا أنه مجنون أو ساحر ..
في يوم من الأيام قدم إلى مكة رجل اسمه ضماد .. وهو حكيم له علم بالطب والعلاج .. يعالج المجنون والمسحور ..
فلما خالط الناس سمع سفهاء الكفار يقولون عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : جاء المجنون .. ورأينا المجنون ..
فقال ضماد : أين هذا الرجل ؟ لعل الله أن يشفيه على يدي ؟
فدله الناس على رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فلما لقيه .. قال ضماد : يا محمد .. إني أرقى من هذه الرياح .. وإن الله يشفي على يدي من شاء .. فهلم أعالجك .. وجعل يتكلم عن علاجه وقدراته ..
والنبي صلى الله عليه و سلم ينصت إليه .. وذاك يتكلم .. والنبي عليه الصلاة و السلام ينصت .. أتدري ينصت إلى ماذا ؟ ينصت إلى كلام رجل كافر جاء ليعالجه من مرض الجنون !!
آآآه ما أحكمه صلى الله عليه و سلم ..
حتى إذا انتهى ضماد من كلامه ..
قال صلى الله عليه و سلم بكل هدوووء : إن الحمد لله .. نحمده ونستعينه .. من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ..
فانتفض ضماد وقال : أعد علي كلماتك هؤلاء ..
فأعادها صلى الله عليه و سلم عليه ..
فقال ضماد : والله لقد سمعت قول الكهنة ، وقول السحرة ، وقول الشعراء ، فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات .. فلقد بلغن ناعوس البحر ..
فهلم يدك أبايعك على الإسلام ..
فبسط النبي صلى الله عليه و سلم يده .. وأخذ ضماد يخلع ثوب الكفر ويردد : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
فعلم صلى الله عليه و سلم أن له عند قومه شرفاً .. فقال له : وعلى قومك ؟ أي تدعوهم إلى الإسلام ؟
فقال ضماد : وعلى قومي .. ثم ذهب إلى قومه هادياً داعياً ..
إذن لتكون مستمعاً ماهراً ..:
أنصت .. هز رأسك متابعاً ..
تفاعل بتعابير وجهك كتقطيب الجبين حيناً .. ورفع الحاجبين حيناً آخر ..
والتبسم .. وتحريك الشفتين بتعجب ..
وانظر إلى أثر ذلك فيمن يتكلم معك .. سواء كان صغيراً أو كبيراً ..
ستجد أنه يركز نظره عليك .. ويقبل بقلبه إليك ..

نتيجة ..

براعتنا في الاستماع إلى الآخرين .. تجعلهم بارعين في محبتنا والاستئناس بنا ..










قديم 2011-02-20, 11:14   رقم المشاركة : 101
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


فن الحوار ..

ألا تذكر يوماً من الدهر أنك جلست في مكان فاحتد الحوار بينك وبين شخص ما .. فبقي في نفسك عليه بغض أو غضب أياماً ..
أو لعلك تذكر جدالاً حصل بين اثنين – وقد يكون في قضية تافهة – وأنت تنظر إليهما وقد ارتفعت الأصوات واحمرت العيون .. ثم تفرقا .. واسثقل كل منهما صاحبه بعدها ..
إذن نحن نتعب في جذب بعض الناس إلينا بممارسة مهارات متنوعة .. ثم نفرقهم عنا بموقف لا نحسن التصرف فيه ..
ومن ذلك عدم إتقان فن الحوار ..
المحاور كالذي يصعد جبلاً وعراً .. ينبغي أن يعتني بموضع يده وموضع رجله .. فتجد صاعد الجبل ينظر إلى الصخرة التي يريد أن يتعلق بها .. ويفحصها بنظره ويتأمل في قوة ثباتها قبل أن يضع عليها قبضته .. وكذلك في الصخرة التي يثبت عليها قدمه .. ثم إذا أراد أن يرفع قدمه عن صخرة نظر إلى الصخرة قبل أن يغادرها خشية أن لا يحسن رفع رجله من عليها فتهوي به ..
لن أطيل عليك الكلام .. فخيره ما قل ودل ..


الدخول في حوار أو جدال أمر غير محمود .. ولعلك توافقني أن أكثر من 90% من الحوارات والمجادلات غير مفيدة ..
فحاول تجنب الجدال قدر المستطاع .. ولا تغضب إذا اعترض عليك أحد أو جادلك .. خذ الأمر بأريحية قدر المستطاع ولا تعذب نفسك بالتفكير في نية المعترض .. وماذا يقصد .. ولماذا أحرجني أمامهم .. لا تقتل نفسك بالهم .. وتعامل مع الموقف بهدووووء .. فالرياح لا تهز إلا الصخور الصغيرة .. فكن جبلاً ..


لما قدم النبي صلى الله عليه و سلم إلى مكة فاتحاً .. بعدما نقضت قريش العهد ..
كان صلى الله عليه و سلم .. قد دعا الله أن يعمي عنه قريش .. ليبغتهم .. قبل أن يستعدوا للقتال ..
فلما أقبل النبي عليه الصلاة والسلام .. إلى مكة نزل قريباً منها ..
ولم تعلم قريش بشيء ..
ولكنهم كانوا يتوجسون ويترقبون ..
فخرج في تلك الليلة التي نزل فيها النبي عليه الصلاة والسلام .. أبو سفيان في نفر معه يتجسسون الأخبار .. وينظرون هل يجدون خبراً .. أو يسمعون به ..
وجعل النبي عليه الصلاة والسلام .. يترقب الصبح ليغير على قريش ..
فلما رأى العباس رضي الله عنه .. ذلك ..
قال : واصباح قريش ! والله لئن دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة عنوة أي بالقوة .. قبل أن يأتوه فيستأمنوه .. إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر ..
فقام العباس .. فاستأذن النبي عليه الصلاة والسلام ..
فأذن له .. فركب على بغلة رسول الله صلى الله عليه و سلم البيضاء ..
ومضى يمشي بها ..
وأبو سفيان في أصحابه .. يقترب وينظر إلى نيران المسلمين .. ويقول :
ما رأيت كالليلة نيراناً قط ولا عسكراً .. ما أعظم هذا .. من ترى هؤلاء ..؟
فقال صاحبه : هذه والله خزاعة حمشتها الحرب ..
قال : خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها ..
فبينما العباس يسير على البغلة ..
إذا بأبي سفيان وأصحابه .. قد قبضت عليهم خيل المؤمنين ..
فأقبل أبو سفيان فزعاً .. فركب خلف العباس ..
وجعل أصحابه يتبعونه فزعين .. والمؤمنون خلفهم ..
فجعل العباس يسرع بأبي سفيان .. إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
وكلما مر بنار من نيران المسلمين .. قالوا : من هذا ؟
فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه و سلم .. ورأوا العباس عليها ..
قالوا : عم رسول الله صلى الله عليه و سلم .. على بغلة رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
والعباس يسرع بها .. يخاف أن يفطنوا لأبي سفيان .. فيقتله أحد قبل أن يؤمنه النبي عليه الصلاة والسلام ..
حتى مر بنار عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : من هذا ؟
وقام إليهم .. فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة ..
صاح بالناس قال : أبو سفيان عدو الله ! .. الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ..
فمنعه العباس ..
ثم ذهب عمر يشتد .. نحو رسول الله صلى الله عليه و سلم .. والعباس يسرع بالدابة .. حتى سبقه .. فلما وصل إلى موضع النبي صلى الله عليه و سلم .. اقتحم العباس عن البغلة سريعاً ..
فدخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فدخل عليه عمر ..
وجعل يقول : يا رسول الله .. هذا أبو سفيان .. قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد .. فدعني فلأضرب عنقه ؟ ..
فقال العباس : يا رسول الله .. إني قد أجرته ..
ثم جلس إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فأخذ برأسه .. وجعل يناجيه في أذنه ..
وعمر يردد يا رسول الله .. اضرب عنقه ..
فلما أكثر عمر في شأنه ..
التفت إليه العباس وقال :
مهلاً يا عمر ! فوالله أن لو كان من رجال بني عدي بن كعب .. ما قلت هذا .. أي لو كان من قرابتك .. ما قلت هذا .. ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبد مناف ..
فشعر عمر أنه سيدخل في جدال لا يتناسب مع الحال الذي هم فيه .. ثم ما الفائدة المرجوة من النقاش في مسألة لو كان من بني كعب رغب في إسلامه أما من غيرهم فلا يهمه !!
قال عمر بكل هدووووء : مهلاً يا عباس .. مهلاً ..
فوالله لإسلامك يوم أسلمت .. كان أحب إلي من إسلام أبي الخطاب لو أسلم !
لأني قد عرفت أن إسلامك .. كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من إسلام الخطاب ..
فلما سمع العباس رضي الله عنه ذلك سكت ..


انتهى الحوار .. مع أنه كان في إمكان عمر أن يطيله ويزيده .. فيقول : ماذا تقصد ؟!! هل تتهم نيتي ؟! هل تعلم ما في قلبي ؟! لماذا تثير النعرة القبلية ؟!
كلا لم يقل ذلك .. فهم جميعاً كانوا أرفع من أن ينزغ الشيطان بينهم ..
سكت عمر والعباس .. وأبو سفيان واقف ينتظر أن يأمر النبي صلى الله عليه و سلم فيه بشيء ..
فقال صلى الله عليه و سلم : اذهب به يا عباس إلى رحلك فإذا أصبحت فأتني به ..
فذهب به العباس .. إلى خيمته ..
فبات عنده .. فلما أصبح أبو سفيان صبيحة تلك الليلة ..
ورأى الناس يجنحون للصلاة .. وينتشرون في استعمال الطهارة .. خاف .. وقال للعباس : ما بالهم ؟
قال : إنهم قد سمعوا النداء فهم ينتشرون للصلاة ..
فلما حضرت الصلاة .. ورآهم يركعون بركوعه .. ويسجدون بسجوده ..
أقبل عليه العباس بعدما صلى .. ليمضي به إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فقال : يا عباس ما يأمرهم بشيء إلا فعلوه ؟
قال : نعم .. والله لو أمرهم بترك الطعام والشراب لأطاعوه ..
فقال أبو سفيان : يا عباس .. ما رأيت كالليلة .. ولا ملك كسرى وقيصر !
فلما انقضت الصلاة .. غدا به إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فلما رآه صلى الله عليه و سلم قال :
" ويحك يا أبا سفيان .. ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله ؟
فقال : بأبي أنت وأمي ! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك !
والله لقد ظننت أن لو كان لي مع الله إلهٌ غيره لأغنى عني شيئاً!
فقال صلى الله عليه و سلم : ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟
فقال أبو سفيان : بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك !
أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئاً !
فقال له العباس : ويحك أسلم واشهد أن لا إله إلا الله .. وأن محمد رسول الله قبل أن تضرب عنقك ؟
فسكت قليلاً ثم قال : أشهد ..
فسر النبي عليه الصلاة والسلام .. سروراً عظيماً ..
فقال العباس : يا رسول الله .. إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً ..
فقال صلى الله عليه و سلم : " نعم .. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن " ..
فقال أبو سفيان :
فأنشد أبو سفيان رضي الله عنه بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم .. أبياتاً .. يعتذر إليه مما كان مضى منه ..


لعمرك إني يوم أحمل راية
لتغلب خيل اللات خيل محمد
لكالمدلج الحيران أظلم ليله
فهذا أواني حين أهدي و أهتدي
هداني هاد غير نفسي و نالني
مع الله من طردت كل مطرد
أصد و أنأى جاهداً عن محمد
وأدعى و إن لم أنتسب من محمد
فقيل إنه حين قال : ونالني .. مع الله من طردت كل مطرد .. ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم بيده في صدره وقال : " أنت طردتني كل مطرد " ..

فكرة ..

ليس الذكاء أن تنتصر عند الجدال .. وإنما الذكاء أن لا تدخل في الجدال أصلاً ..










قديم 2011-02-20, 11:17   رقم المشاركة : 102
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي




اقطع الطريق على المعترضين ..

من أكثر ما يوغر صدور بعض الناس على بعض ما يجنيه اللسان من مفاسد ..
ومن ذلك استعجال بعض الناس بالاعتراض على الحديث ومقاطعة المتكلم دون تروٍّ ونظر .. فيثور عند ذلك جدال عقيم يوغر الصدور ويفسد النفوس ..
لن تستطيع إصلاح جميع الناس وتأديبهم بالآداب الشرعية .. أو تدريبهم على مهارات متميزة ..
ودعنا نتجاوز مرحلة التنظير التي تحلو لبعض الناس أن يدندن عليها دائماً بقوله : المفروض الناس يفعلون كذا .. والمفروض يتعودون على كذا .. دعك من هذا .. وأدِّ الصلاة على الميت الحاضر – كما يقال - ..
أعني أننا ينبغي عند تعاملنا مع الأخطاء أن لا ننشغل ببحث ما يجب على الآخرين أن يفعلوه بل ماذا يجب علينا نحن أن نفعله ..
عندما تريد أن تتكلم بشيء غريب قد يستعجل الآخرون الاعتراض عليه .. ينبغي عليك أن تغلق عليهم أبواب الاعتراض بمقدمات تجيبهم فيها عن أسئلتهم قبل أن يطرحوها .. بل وتزيل بها استغرابهم قبل أن يتكلموا به ..
وبعض الناس يحسن فعلاً أن يغلق الأبواب على المعترض قبل أن يشعره باعتراضه ..
أذكر أن شيخاً كبير السن جلس في مجلس فتكلم عن حادثة خصومة رآها بين اثنين في محطة وقود .. وكيف أن شجارهما زاد واشتد حتى حملا إلى مخفر الشرطة ..
فقفز أحد الجالسين – من الثرثارين – مشاركاً في القصة فقال : نعم صحيح .. وحصل بينهما كذا .. وفلان هو المخطئ .. وبدأ يذكر تفاصيل لم تحدث ..
فالتفت إليه الشيخ وكأني به يكاد ينفجر .. لكنه تماسك وقال بكل هدووووء :
أنت هل حضرت الحادثة ؟ قال : لا
قال : فهل حدثك أحد ممن حضروها ؟ قال : لا
قال : فهل اطلعت على محاضر التحقيق ؟ قال : لا
عندها صاح الشيخ وقال : طيب يا ... كيف تكذبني وأنت لا تدري عن شيء !!
فأعجبتني مقدماته قبل اعتراضه ..
ولو أنه اعترض دون أن يذكر مقدمات يغلق بها الأبواب على صاحبه .. لكان لصاحبه مجال واسع للخروج من الموقف ولو بالكذب ..
فنحن أحياناً نحتاج عندما نريد أن نقرر أشياء أن نقدم بمقدمات نقنع بها المخالفين قبل أن يعترضوا ..


لما خرجت قريش لقتال النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه في بدر .. كان بعض العقلاء فيها لا يريدون الخروج .. لكن قومهم أكرهوهم عليه ..
فعلم النبي صلى الله عليه و سلم بهم .. وتأكد أنهم وإن حضروا المعركة فلن يقع منهم قتال للمسلمين ..
فلما اقترب صلى الله عليه و سلم من ميدان المعركة .. أراد أن ينبه أصحابه لذلك .. وأن ينهاهم عن قتلهم .. لكنه يعلم أنه سيقع في قلوب بعض الناس سؤال : كيف لا نقتلهم وهم خرجوا لحربنا !! لماذا استثنى هؤلاء بالذات ؟!
فقدم مقدمة أزال بها الاعتراضات ثم ذكر التوجيه .. قام صلى الله عليه و سلم في أصحابه وقال : إني قد عرفت أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالنا ..
انتهى هذه مقدمة ..
ثم قال : فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله ..
ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله ..
ومن لقي العباس بن عبد المطلب .. عم رسول الله صلى الله عليه و سلم فلا يقتله ..
فإنه إنما خرج مستكرها ..
فمضى الصحابة على ذلك .. وبدؤوا يتحدثون في مجالسهم بذلك ..
فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة : أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس ..
والله لئن لقيته لألحمنه بالسيف ..
فبلغت الكلمة رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فالتفت إلى عمر فقال : " يا أبا حفص " ..
قال عمر : والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم بأبي حفص ..
قال صلى الله عليه و سلم يا أبا حفص : ( أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ! ) ..
فاستبشع ذلك .. وانتفض .. كيف يرد أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم .. أليس مسلماً .. فصاح قال :
يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف .. فوالله لقد نافق ..
فندم أبو حذيفة رضي الله عنه .. على ما تكلم به .. وقال :
ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ .. و لا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهادة ..
فقتل يوم اليمامة شهيداً رضي الله عنه ..

نصيحة ..

كن ذكياً وتغدَّ بهم قبل أن يتعشوا بك !










قديم 2011-02-20, 11:19   رقم المشاركة : 103
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


انتظر .. لا تعترض ..!!

أذكر أن محاضراً كان يتكلم عن فن الحوار ..
فعرض شيئاً من قصة يوسف عليه السلام ..
فلما وصل إلى قوله تعالى ( ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه ) ..
جعل يتأمل في الحاضرين ثم سألهم :
ودخل معه السجن فتيان ؟! أيهما دخل قبل الآخر .. يوسف أم الفتيان ؟
فصاح أحدهم : يوسف ..
فصاح آخر : لا .. لا .. الفتيان ..
فانطلق ثالث : لا .. لا .. بل يوسف .. يوسف ..
فاستذكى رابع وقال : دخلوا مع بعض !!
وتكلم خامس .. وارتفع اللغط .. حتى ضاع الموضوع الأساسي ..
ويبدو أن المحاضر قصد ذلك ..
فجعل يتأمل وجوههم .. والوقت يمضي ..
ثم ابتسم ابتسامة عريضة .. وأشار لهم بخفض الأصوات وقال :
وما المشكلة !! دخل قبلهم أو دخلوا قبله !! هل تستحق المسألة كل هذا الخلاف ؟!
فعلاً .. لو تأملت واقعنا لوجدت أننا في أحيان كثيرة نكون ثقلاء على الآخرين بكثرة اعتراضنا على ما يقولون فيكون أحدهم متحمساً في قصة يحكيها .. ثم يفاجأ بمن يعترض ويفسد عليه متعة الحديث بالاعتراض على أشياء لا تؤثر في القصة شيئاً ..


نعم .. لا تكن ثقيلاً تعترض على كل شيء ..
أذكر أن أخي الأصغر سعود لما كان طفلاً في السابعة .. دخل المسجد لصلاة العشاء .. ويبدو أنه كان مستعجلاً وتأخر الإمام في المجيء لإقامة الصلاة .. فلما ضاق بذلك ذرعاً توجه نحو المؤذن وكان شيخاً كبيراً ضعيف السمع ووقف خلفه .. ثم قال محاولاً تغيير صوته : أقم الصلاة .. وكان قد قبض على طرف أنفه بيده ..
ثم ولى هارباً ..
أما المؤذن فما كاد يسمع ذلك حتى تحرك ناهضاً ليقيم الصلاة .. فنبهه بعض المأمومين .. فجلس ..
كان موقفاً طريفاً .. لكني لم أورده لطرافته ..
وإنما لأني جلست بعدها في مجلس فذكر أحد الجالسين القصة وقال في أثنائها : وكان سعود مستعجلاً لأنه سيذهب إلى البحر مع أبيه _ مع العلم بأن الرياض في صحراء ولا تقع على ساحل بحر - .. فتحيرت هل أفسد عليه قصته وأعترض .. أم أن المعلومة غير مؤثرة في القصة فلا داعٍ للاعتراض واكتساب العداوات .. فآثرت الثاني وسكت ..
وأحياناً قد تعترض على شيء أنت غير فاهمه أصلاً ..
لعل له عذراً وأنت تلوم ..


كان زياد لطيفاً حريصاً على نصح الناس ..
وقف يوماً عند إشارة مرور فإذا به يسمع صوتاً عالياً لأغاني غربية .. تحير من أين هذا الصوت .. وأخذ يتلفت يبحث عن مصدره .. فإذا هو من السيارة المجاورة له ..
وإذا صاحبها قد زاد صوت المذياع إلى أعلى درجاته .. حتى أسمع البعيد والقريب ..
جعل صاحبي يضرب على منبه سيارته ويحاول أن ينبه ذاك الرجل إلى خفض صوت مذياعه .. لكن الرجل لا يلتفت ولا يرد .. يبدوا أنه لشدة انسجامه مع ما يسمع صار لا يدري عما حوله ..
حاول زياد أن يتبين وجه السائق الذي أسدل غترته على جانبي وجهه .. وبعد جهد رآه فإذا لحيته تملأ وجهه !!
ازداد العجب .. شخص بهذه الهيئة بدل أن يستمع إلى القرآن يستمع الأغاني !! لا وبصوت عالٍ أيضاً !!
أضاءت الإشارة خضراء .. ومشى الجميع ..
أصرّ زياد على مناصحة الرجل فجعل يمشي وراءه .. وقف الرجل عند دكان .. ونزل ليشتري منه حاجة ..
أوقف زياد سيارته وراءه وصار يتأمله وهو يمشي فإذا الثوب قصير .. واللحية تملأ عارضيه ..
تسابقت إلى قلبه الوساوس .. أظنه نزل ليخرج الآن بعلبة سجائر !!
خرج الرجل فإذا في يده مجلة إسلامية !!
لم يصبر زياد .. وأخذ ينادي بلطف : يا أخي .. لو سمحت .. هيه ..
لم يرد عليه الرجل ولم يلتفت ..
رفع صوته : هيه .. هيه .. لو سمحت .. يا أخي .. اسمع ..
وصل الرجل سيارته وركبها .. ولم يلتفت ..
نزل زياد وقد غضب وأقبل إليه .. وقال : يا أخي .. الله يهديك .. ما تسمع ..
نظر الرجل إليه وابتسم وشغل سيارته .. فاشتغل المذياع مباشرة بصوت مزعج جداً ..
فثار زياد .. وقال : يا أخي حرام عليك .. أزعجت الناس .. تريد تسمع الأغاني اسمعها لوحدك .. بدل ما تسمع قرآن تسمع أغانٍ ؟!
فجعل الرجل يزيد ابتسامته .. والأغاني بأعلى صوت ..
ثار زياد أكثر .. وجعل وجهه يحمرّ .. وصار يرفع صوته ليسمعه ..
فلما رأى الرجل أن الأمر وصل إلى هذا الحد .. جعل يشير بيديه إلى أذنيه وينفضهما ..
ثم أخرج دفتراً صغيراً من جيبه ومكتوب على أول ورقة منه :
أنا رجل أصم لا أسمع .. فضلاً اكتب ما تريد !!

لمحة ..

قال الله تعالى : "وكان الإنسان عجولاً " فانتبه لا تغلب عجلتك تؤدتك ..










قديم 2011-02-20, 11:21   رقم المشاركة : 104
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


قبل نجواكم .. صدقة ..

الطلبات الكبيرة تحتاج إلى تهيئة المطلوب منه قبل طلبها .. لئلا يسارع إلى الرفض ..
وهذا عام في الطلبات الشفهية والمكتوبة ..
فلو أردت أن تكتب إلى غني تطلب منه حاجة .. لناسب أن تكتب قبل حاجتك شيئاً من الثناء على جوده وكرمه ومحبته للخير .. ثم بعد ذلك تكتب حاجتك ..
ومثله لو أردت حاجة من أبيك أو أخيك أو – من يدري ربما – زوجتك .. يناسب أن تقدم قبلها بمقدمة ..
فلو دعوت نفراً من أصدقائك إلى مأدبة غداء .. وأردت أن تخبر زوجتك لتعد الطعام وتهيئ البيت .. لناسب أن تقول قبل ذلك .. بصراحة طعامك لذيذ .. جميع أصدقائي يفرحون إذا دعوتهم لأجل أن يأكلوا من عمل يدك .. تصدقين !! لقد أكلت في أرقى المطاعم .. وما ذقت لذة كلذة طعامك أبداً .. وبصراحة رأيت البارحة صديقاً لي جاء من سفر .. ومن باب المجاملة قلت له تغد معي غداً .. فتفاجأت به أن وافق ..!! فدعوت معه بعض الأصدقاء .. فليتك تعملين لنا طعاماً ..
هذا الأسلوب أحسن من صراخك إذا دخلت بيتك : يا فلانة .. فلانة ..
فتجيبك : لبيك .. أنا قادمة .. وهي تظن أنك ستدعوها إلى نزهة ..
فتقول : بسرعة .. بسرعة .. المطبخ .. المطبخ .. عندي رجال سيأتون .. لا تتأخري بالغداء .. وانتبهي أثناء إعداده .. و ..
ومثله لو أردت أن تطلب إجازة من مديرك ..
أو تخبر أمك أو أباك بخبر ..


وقد قرأت في سيرة النبي الأكرم عليه الصلاة و السلام .. ما يدل على ذلك ..
كان النبي صلى الله عليه و سلم قد رضع في صغره قريباً من ديار هوازن .. وكان يرجو أن يسلموا ..
فبلغه .. أن هوازن قد جمعت جموعها .. فخرج إليهم .. وقاتلهم ..
فنصر الله نبيه صلى الله عليه و سلم عليهم .. فساق الغنائم ..
فأقبل بعضهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .. وهو نازل بالجعرانة ..
وقد قتل من قتل من رجالهم .. وجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم النساء والأطفال في مكان ..
فقام منهم خطيبهم زهير بن صرد فقال :
يا رسول الله إنما في الحظائر من السبايا خالاتك .. وحواضنك .. اللاتي كن يكفلنك ..
ولو أنا ملحنا لابن أبي شمر .. أو النعمان بن المنذر ..
ثم أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك .. رجونا عائدتهم وعطفهم ..
وأنت رسول الله خير المكفولين .. ثم أنشأ يقول :
امنن علينا رسول الله في كرم
فإنك المرء نرجوه و ننتظر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها
إذ فوك تملؤه من محضها الدرر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته
و استبق منا فإنا معشر زهر
إنا لنشكر آلاء و إن كفرت
وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
وقد أدب الله المؤمنين .. فقال :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً" ([1]) ..
وكانت العرب .. إذا أرادت أن تستنجد بأحد .. أو تطلب عونه .. أول ما تلجأ إلى الكلام والأشعار .. فتحدث في النفوس مالا تفعله السيوف ..


لما أقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم .. يريد العمرة .. خافت قريش ..
وكاد النبي صلى الله عليه و سلم أن يقاتلهم .. لولا أنهم .. ألحوا عليه حتى كتب بينه وبينهم .. هدنة لمدة عشر سنوات .. وقف للقتال ..
وكان في صلح الحديبية .. لما كتب .. أنه من شاء من القبائل أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل ..
فتواثبت خزاعة وقالوا : نحن ندخل في عقد محمد وعهده ..
وتواثبت بنو بكر وقالوا : نحن ندخل في عقد قريش وعهدهم ..
وكان بين هذين الحيين دماء وقتال ..
واشتدت ضغينة قريش على خزاعة .. لكنهم خافوا أن يصيبوهم بشيء فينتصر لهم النبي صلى الله عليه و سلم ..
فلما مضى من هدنة الحديبية .. نحو السبعة أو الثمانية عشر شهراً ..
وثب بنو بكر على خزاعة .. ليلاً بماء يقال له الوتير .. وهو قريب من مكة .. وطلبوا الإعانة من قريش ..
فقالت قريش : ما يعلم بنا محمد وهذا الليل وما يرانا من أحد ..
فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح .. وقاتلوهم معهم ..
ففزعت خزاعة ..
وقتل من قتل من رجالهم ونسائهم وذراريهم ..
فلما رأى رجل منهم وهو عمرو بن سالم .. ما حل بقومه .. ركب بعيره .. وهرب من يد قريش ..
حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه و سلم في المدينة ..
فدخلها فزعاً .. مصاباً مكروباً ..
ثم أقبل إلى المسجد .. عليه أثر الطريق ووعثاء السفر ..
ووقف بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فقال :
يا رب إني ناشد محمداً
حلف أبيه وأبينا الأتلدا
قد كنتم وِلْداً وكنا والداً
ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا
فانصر رسول الله نصراً أبدا
وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا
إن سيما خسفاً وجهه تربدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا
إن قريشاً أخلفوك الموعدا
ونقّضوا ميثاقك المؤكدا
وجعلوا لي في كداء رصداً
وزعموا أن لست أدعوأحدا
فهم أذل وأقل عدداً
هم بيتونا بالوتير هجدا
وقتلونا ركعاً وسجدا

فلما سمع النبي صلى الله عليه و سلم هذا الكلام .. والشعر .. والنداء .. انتفض .. وغضب ..
وقال : " نصرت يا عمرو بن سالم " ..
ثم قام .. مسرعاً .. وأمر الناس بالتجهز للخروج للقتال ..
ففزع الناس يتجهزون .. وهم لا يعلمون أين سيكون القتال ..
وقد خشي صلى الله عليه و سلم أن يخبر بوجهته .. فيصل الخبر إلى قريش .. وسأل الله أن يعمي على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم ..
ورسول الله صلى الله عليه و سلم.. قد اشتد غضبه على قريش لخيانتهم .. فكان يتجهز ويقول : كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم يشد في العقد ويزيد في المدة " .
ثم أقبل نفر من خزاعة آخرين إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فيهم بديل بن ورقاء .. حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فأخبروه بما أصيب منهم .. ومظاهرة قريش بني بكر عليهم ..
فوعدهم النبي صلى الله عليه و سلم بالنصر .. وقال لهم : " ارجعوا فتفرقوا في البلدان " .. وخشي أن تعلم قريش بخبرهم معه .. فتقاتلهم .. قبل وصوله إليهم ..
فانصرفوا راجعين إلى ديارهم ..
فلقوا أبا سفيان بعسفان .. قد بعثته قريش إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
يشد العقد ويزيد في المدة .. وقد رهبوا أن يكون بلغه ما فعلوا ..
فلما لقي أبو سفيان بديلاً .. خشي أن يكون أقبل من عند رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فقال : من أين أقبلت يا بديل ؟
فقال بديل : سرت في خزاعة في هذا الساحل في بطن هذا الوادي ..
فسكت أبو سفيان ..
فلما جاوزه بديل ..أقبل أبو سفيان إلى مبرك ناقة بديل .. فأخذ من بعرها ففته بيده .. فرأى فيه نوى التمر .. فعلم أن الناقة كانت بالمدينة .. فهم الذين يطعمون دوابهم نوى التمر .. فقال أبو سفيان : أحلف بالله لقد جاء بديل محمداً ..
ثم مضى أبو سفيان ..
حتى وصل المدينة .. فتوجه إلى بيت ابنته أم حبيبة زوج رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فلما دخل أقبل ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فطوته من تحته ..
فقال : يا بنية ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش .. أو رغبت به عني ؟
فقالت : بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنت مشرك نجس .. فلم أحب أن تجلس على فراشه ..
فعجب منها .. وقال : يا بنية والله لقد أصابك بعدي شر !
ثم مضى أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فقال : يا محمد اشدد العقد وزدنا في المدة ..
فقال صلى الله عليه و سلم : ولذلك قدمت ؟ هل كان من حدث قبلكم ؟!
قال : معاذ الله ! نحن على عهدنا وصلحنا يوم الحديبية لا نغير ولا نبدل ..
فسكت عنه النبي صلى الله عليه و سلم .. فكرر عليه أبو سفيان .. ورسول الله صلى الله عليه و سلم لا يجيبه ..
فخرج من عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
وأتى أبا بكر فقال : اشفع لي عند محمد .. أن يجدد العقد .. ويزيد في المدة .. أو امنعني وقومي ..
فقال أبو بكر : جواري في جوار رسول الله صلى الله عليه و سلم .. ولا أمنع أحداً منه .. وأما أنا فوالله لو وجدت الذر تقاتلكم لأعنتها عليكم ..
فخرج أبو سفيان .. فأتى عمر بن الخطاب فكلمه .. فقال عمر بن الخطاب : أنا أشفع لكم عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟
بل ما كان من حلفنا جديداً فأخلقه الله ..
وما كان منه مثبتاً فقطعه الله ..
وما كان منه مقطوعاً فلا وصله الله !
فلما سمع أبو سفيان ذلك .. تغير .. فكأنما لُطِم ..
فخرج أبو سفيان وهو يقول : جزيت من ذي رحم شراً ..
فلما يئس مما عندهم دخل على علي .. فقال له :
يا علي أنت أقربهم بي نسباً .. فاشفع لي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فقال له علي : يا أبا سفيان .. إنه ليس أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يفتات على رسول الله صلى الله عليه و سلم بجوار .. أي لا يستطيع أحد منعه عن أحد إن أراده .. فهو لا ينطق عن الهوى ..
وأنت سيد قريش .. وأكبرها .. وأمنعها .. فأجر بين عشيرتك .. وامنع نفسك .. يعني : صح بالناس إني قد منعت نفسي ..ثم الحق بأرضك ..
قال أبو سفيان : أو ترى ذلك يغني عني شيئاً ..
قال : لا .. ولكن هو رأي أراه ..
فخرج أبو سفيان إلى الناس في المدينة ثم صاح ..
ألا إني قد أجرت بين الناس .. ولا والله ما أظن أن يخفرني أحد ..
فقام أبو سفيان في المسجد فقال : أيها الناس إني قد أجرت بين الناس ..
ثم ركب بعيره فانطلق إلى مكة ..
فلما أن قدم على قريش قالوا : ما وراءك ؟
هل جئت بكتاب من محمد أو عهد ؟
قال : لا والله لقد أبى علي ..
وقد تتبعت أصحابه فما رأيت قوماً لملك عليهم أطوع منهم له ..
ولقد جئت محمداً فكلمته .. فوالله ما رد علي شيئاً ..
ثم جئت ابن أبي قحافة فوالله ما وجدت فيه خيراً ..
ثم جئت عمر فوجدته أعدى عدو..
ثم جئت علياً فوجدته ألين القوم ..
وقد أشار علي بأمر صنعته .. فوالله ما أدري هل يغني عنا شيئاً أم لا ؟
قالوا : بماذا أمرك ؟
قال : أمرني أن أجير بين الناس ففعلت ..
قالوا : هل أجاز ذلك محمد ؟
قال : لا ..
قالوا : ويحك ما زادك الرجل على أن لعب بك .. فما يغني عنا ما قلت ..
فقال : لا والله ما وجدت غير ذلك ..
فاغتم أبو سفيان .. ودخل على امرأته فحدثها الحديث فقالت :
قبحك الله من وافد قوم ! فما جئت بخير ..
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم .. إلى مكة فاتحاً ..

.. بالإشارة يفهمُ ..

اللقمة الكبيرة تحتاج لمضغ جيد قبل ابتلاعها


( [1] ) سورة المجادلة ( 12 ) ..










قديم 2011-02-20, 11:22   رقم المشاركة : 105
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ليس مهماً أن تنجح دائماً ..

كان فهد يمشي مع صاحبه - العنيد المكابر - في صحراء فرأيا سواداً رابضاً على التراب .. تخفيه الريح تارة وتظهره تارة ..
التفت فهد إلى صاحبه وسأله : تتوقع .. ما هذا ؟!
فقال صاحبه : هذه عنز !!
قال فهد : بل غراب ..
قال صاحبه : أقول لك : عنز .. يعني عنز ..
قال فهد : طيب نقترب ونتأكد ..
اقتربا .. وجعلا يركزان النظر أكثر وأكثر ..
كان واضحاً أن الذي أمامهما غراب !!
قال فهد : يا أخي .. والله غراب ..
هز صاحبه رأسه بكل حزام وقال : عنـززززز
سكت فهد .. واقتربا أكثر .. فشعر الغراب باقترابهما فطااار ..
فصاح فهد : الله أكبر .. غراب .. أرأيت غراب .. طار ..فقال صاحبه : عننننـز .. لو طار !!
لماذا أوردت هذه القصة ؟
أوردتها لأجل أن أبين : أن هذه المهارات التي تقدمت فيما مضى من صفحات .. تصلح مع الناس عموماً ..
لكن مع ذلك يبقى أن بعض الناس مهما مارست معه مهارات لا يتفاعل معك ..
فلو مارست معه مهارة اللمح .. فقلت : ما شاء الله ما أجمل ثيابك .. كأنك عريس .. وأنت تتوقع منه أن يتبسم ويشكرك على لطفك .. فإنه لا يفعل ذلك .. وإنما ينظر إليك شزراً .. ويقول : طيب .. طيب .. لا تجامل .. لا تستخف دمك .. ونحو ذلك من العبارات السامجة التي تدل على عدم خبرته في التعامل مع الناس ..
ومثله المرأة التي قد تمارس مع زوجها مهارات .. كمهارة التفاعل مثلاً .. فيحكي نكتة باردة .. فتتفاعل معه ضاحكة .. فيقول : طيب .. لا تغصبي نفسك على الضحك ؟!!


إذا واجهت هذه النوعيات من الناس فاعلم أنهم لا يمثلون المجتمع ..
ولقد جربت هذه المهارات بنفسي .. نعم والله جربتها بنفسي فرأيت آثارها في الناس .. كباراً وصغاراً .. بسطاء وأذكياء .. وأصحاب مناصب عليا .. وطلاب عندي في الكلية .. ومع أولادي .. فرأيت لها أعاجيب ..
بل جربتها مع مختلف الأجناس والجنسيات .. فرأيت آثارها ..
والله إني لك ناصح ..
باختصار ..

هل أنت جاد في التغيير ؟









 

الكلمات الدلالية (Tags)
استمتع بحياتك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 08:14

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc