استمتع بحياتك .....بقلم د.محمد بن عبد الرّحمن العريفي - الصفحة 5 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام > أرشيف القسم الاسلامي العام

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

استمتع بحياتك .....بقلم د.محمد بن عبد الرّحمن العريفي

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-02-19, 11:13   رقم المشاركة : 61
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


نختلف ونحن إخوان !

ذُكر أن الشافعي رحمه الله تناظر يوماً مع أحد العلماء حول مسألة فقهية عويصة ..
فاختلفا .. وطال الحوار .. حتى علت أصواتهما ..
ولم يستطع أحدهما أن يقنع صاحبه ..
وكأن الرجل تغير وغضب .. ووجد في نفسه ..
فلما انتهى المجلس وتوجها للخروج .. التفت الشافعي إلى صاحبه .. وأخذ بيده وقال :
ألا يصح أن نختلف ونبقى إخواناً ..!
وجلس بعض علماء الحديث يوماً .. عند الخليفة ..
فتكلم رجل في المجلس بحديث ..
فاستغرب العالم منه .. وقال : ما هذا الحديث !! من أين جئت به ؟ تكذب على رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟
فقال الرجل : بل هذا حديث .. ثابت ..
قال العالم : لا .. هذا حديث لم نسمع به .. ولم نحفظه ..
وكان في المجلس وزير عاقل ..
فالتفت إلى العالم وقال بهدوء : يا شيخ .. هل حفظت جمييييع أحاديث النبي صلى الله عليه و سلم ..؟
قال : لا ..
قال : فهل حفظت نصفها ؟
قال : ربما ..
فقال : فاعتبر هذا الحديث من النصف الذي لم تحفظه ..
وانتهت المشكلة ..


كان الفضيل بن عياض وعبد الله بن المبارك صاحبين لا يفترقان ..
وكانا عالمين زاهدين ..
عنَّ لعبد الله بن المبارك فخرج للقتال والرباط في الثغور ..
وبقي الفضيل بن عياض في الحرم يصلي ويتعبد ..
وفي يوم رق فيه القلب .. وأسبلت الدمعة ..
كتب الفضيل إلى ابن المبارك كتاباً يدعوه فيه إلى المجيء والتعبد في الحرم .. والاشتغال بالذكر وقراءة القرآن ..
فلما قرأ ابن المبارك الكتاب ..
أخذ رقعة وكتب إلى الفضيل :
يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ***
لعلمت أنك في العبادة تلعب
من كان يخضب خده بدموعه ***
فنحورنا بدمائنا تتخضب
أو كان يتعب خيله في باطل ***
فخيولنا يوم الصبيحة تتعب
ريح العبير لكم ونحن عبيرنا ***
رهج السنابك والغبار الأطيب
ولقد أتانا من مقال نبينا ***
قول صحيح صادق لا يكذب
لا يستوي وغبار خيل الله في ***
أنف امريء ودخان نار تلهب
هذا كتاب الله ينطق بيننا ***
ليس الشهيد بميت لا يكذب
ثم قال :
إن من عباد من فتح الله في الصيام .. فيصوم ما لا يصومه غيره .. ومنهم من فتح له في قراءة القرآن .. ومنهم من فتح له في طلب العلم .. ومنهم من فتح في الجهاد .. ومنهم من فتح له في قيام الليل ..
وليس ما أنت عليه بأفضل مما أنا عليه ..
وما أنا عليه .. ليس بأفضل مما أنت عليه ..
وكلانا على خير ..
وهكذا كان منهج الصحابة ..



اجتمع الكفار وتألبوا لحرب المسلمين في المدينة .. وجاؤوا في جيش لم تشهد العرب مثله كثرة وعتاداً ..
فحفر المسلمون خندقاً لم يستطع الكفار أن يتجاوزوه لدخول المدينة ..
فعسكر الكفار وراء الخندق ..
وكان في المدينة قبيلة بني قريظة .. وهم يهود يتربصون بالمؤمنين ..
فأقبلوا إلى الكفار يمدونهم .. ويعيثون في المدينة فساداً ونهباً ..
وقد انشغل المسلمون عنهم بالرباط عند الخندق ..
ومضت الأيام عصيبة .. حتى أرسل الله على الكفار ريحاً وجنوداً .. من عنده فتمزق جيشهم .. وانقلبوا خائبين .. يجرون أذيال هزيمتهم في ظلمة الليل ..
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه و سلم .. انصرف عن الخندق راجعاً إلى المدينة ..
ووضع المسلمون السلاح .. ورجعوا إلى بيوتهم ..
ودخل رسول الله صلى الله عليه و سلم بيته .. ووضع السلاح واغتسل ..
فلما كانت الظهر .. جاءه جبريل ..
فنادى رسول الله صلى الله عليه و سلم .. من خارج البيت ..
فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فزعاً ..
فقال له جبريل عليه السلام : أوقد وضعت السلاح يا رسول الله ؟
قال : نعم ..
قال جبريل : ما وضعت الملائكة السلاح بعد .. وما رجعت الآن إلا من طلب القوم .. طلبناهم حتى بلغنا حمراء الأسد ..
إن الله يأمرك بالمسير إلى بني قريظة .. فإني عامد إليهم فمزلزل بهم ..
فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم مؤذناً فأذن في الناس :
" من كان سامعاً مطيعاً .. فلا يصلين العصر إلا في بني قريظة " ..
فتسابق الناس إلى سلاحهم .. وسمعوا وأطاعوا .. ومضوا إلى ديار بني قريظة ..
فدخل عليهم وقت العصر وهم في الطريق ..
فقال بعضهم لا نصلي العصر إلا في بني قريظة ..
وقال بعضهم : بل نصلي لم يرد منا ذلك .. يعني إنما أراد الإسراع إليهم ..
فصلوا العصر وأكملوا مسيرهم ..
وأخرها الآخرون .. حتى وصلوا بني قريظة .. فصلوها ..
فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فلم يعنف واحداً من الفريقين ..
فحاصرهم النبي صلى الله عليه و سلم .. حتى نصره الله عليهم ..



وجهة نظر ..


ليست الغاية أن نتفق .. لكن الغاية أن لا نختلف ..








 


قديم 2011-02-19, 11:15   رقم المشاركة : 62
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي




الرفق .. إلا زانه ..

يتكرر على ألسنتنا كثيراً عندما نعجب بشخص ما .. أن نصفه قائلين :
فلان رزين .. فلان ثقيل .. فلان راكد ..
وإذا أردنا مذمة شخص قلنا : فلان عجول .. فلان خفيّف ..
أما رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقول : ما كان الرفق في شيء إلا زانه .. وما نزع من شيء إلا شانه .. ([1])
هل تستطيع تحريك طن الحديد بأصبع ؟
نعم : إذا أحضرت رافعة .. ثم ربطته برفق .. وأحكمت ربطه ..
ثم رفعته .. فإذا تعلق في الهواء .. حركه بأصغر أصابعك ..


اتفق صديقان على أن يتقدما لرجل لخطبة ابنتيه .. كانت إحداهما أكبر من الأخرى ..
قال أحدهما للآخر : أنا آخذ الصغيرة .. وأنت تأخذ الكبيرة ..
فصاح صاحبه : لااااا .. بل أنت خذ الكبيرة .. وأنا آخذ الصغيرة ..
فقال الأول : طيب .. أنت تأخذ الصغيرة .. وأنا آخذ التي أصغر منها ..
قال : موافق ..!!
ولم يدرك أن صاحبه ما غير قراره .. سوى أنه غير أسلوب الكلام برفق ..
وفي الحديث : إذا أراد الله بأهل بيت خيراً أدخل عليهم الرفق .. وإذا أراد الله بأهل بيت شراً .. نزع منهم الرفق .. ([2])
وفيه : إن الله رفيق يحب الرفق .. ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف .. وما لا يعطي على ما سواه .. ([3])


الرفيق .. الهين اللين .. محبوب عند الناس .. تطمئن إليه النفوس .. وتثق فيه ..
خاصة إذا صاحب ذلك وزن للكلام .. وقدرة على التعامل الرائع ..
من أشهر طلاب علماء الحنفية الإمام أبو يوسف القاضي ..
هو أشهر طلاب أبي حنيفة ..
كان أبو يوسف في صغره فقيراً .. وكان أبوه يمنعه من حضور درس أبي حنيفة .. ويأمره بالذهاب للسوق لتكسب ..
كان أبو حنيفة حريصاً عليه .. وإذا غاب عاتبه ..
فاشتكى أبو يوسف يوماً إلى أبي حنيفة حاله مع والده .. فاستدعى أبو حنيفة والد أبي يوسف وسألأه : كم يكسب الولد كل يوم ؟
قال : درهمان ..
قال : أنا أعطيك الدرهمين .. ودعه يطلب العلم ..
فلازم أبو يوسف شيخه سنين ..
فلما بلغ أبو يوسف سن الشباب .. ونبغ على أقرانه .. أصابه مرض أقعده ..
فزاره أبو حنيفة .. وكان المرض شديداً متمكناً منه .. فلما رآه أبو حنيفة حزن .. وخاف عليه الهلاك ..
وخرج وهو يكلم نفسه قائلاً : آآآه يا أبا يوسف .. لقد كنت أرجوك للناس من بعدي !!
ومضى أبو حنيفة يجر خطاه حزيناً إلى حلقته وطلابه ..
ومضت يومان .. فشفي أبو يوسف .. واغتسل ولبس ثيابه ليذهب لدرس شيخه ..
فسأله من حوله : إلى أين تذهب ؟
قال : إلى درس الشيخ ..
قالوا : إلى الآن تطلب العلم ؟ أنت قد اكتفيت .. أما بلغك ما قال فيك الشيخ ؟
قال : وما قال ؟!
قالوا : قد قال : كنت أرجوك للناس من بعدي .. أي أنك قد حصلت كل علم أبي حنيفة .. فلو مات الشيخ اليوم جلست مكانه ..
فأعجب أبو يوسف بنفسه ..
ومضى إلى المسجد ورأى حلقة أبي حنيفة في ناحية .. فجلس في الناحية الأخرى .. وبدأ يدرس ويفتي ..
التفت أبو حنيفة إلى الحلقة الجديدة .. فسأل : حلقة من هذه ؟
قالوا : هذا أبو يوسف ..
قال : شُفي من مرضه ؟!
قالوا : نعم ..
قال : فلم لم يأت إلى درسنا ؟!
قالوا : حدثوه بما قلت .. فجلس يدرس الناس واستغنى عنك ..
ففكر أبو حنيفة كيف يتعامل مع الموقف برفق .. وجعل يفكر ثم قال :
يأبى أبو يوسف إلا أن نقشِّر له العصا!!
ثم التفت إلى أحد طلابه الجالسين وقال :
يا فلان .. اذهب إلى الشيخ الجالس هناك .. يعني أبا يوسف .. فقل له : يا شيخ .. عندي مسألة ..
فسيفرح بك ويسألك عن مسألتك .. فما جلس إلا ليسأل !!
فقل له : رجل دفع ثوباً له إلى خياط ليقصره .. فلما جاءه بعد أيام يريد ثوبه جحده الخياط .. وأنكر أنه أخذ منه ثوباً .. فذهب الرجل إلى الشرطة فاشتكاه فأقبلوا واستخرجوا الثوب من الدكان ..
والسؤال : هل يستحق الخياط أجرة تقصير الثوب أم لا يستحق ؟
فإن أجابك وقال : يستحق .. فقل له : أخطأت ..
وإن قال : لا يستحق .. فقل له : أخطأت ..
فرح الطالب بهذه المسألة المشكلة .. ومضى على أبي يوسف وقال : يا شيخ .. مسألة ..
قال : ما مسألتك ؟
قال : رجل دفع ثوباً إلى خياط ..
فأجاب أبو يوسف على الفور قائلاً : نعم يستحق الأجرة .. ما دام أتم العمل ..
فقال السائل : أخطأتَ ..
فعجب أبو يوسف .. وتأمل في المسألة أكثر .. ثم قال : لا .. لا يستحق الأجرة ..
فقال السائل : أخطأت ..
فنظر أبو يوسف إليه .. ثم سأله : بالله من أرسلك ..
فأشار إلى أبي حنيفة .. وقال : أرسلني الشيخ ..
فقام أبو يوسف من مجلسه .. ومضى حتى وقف على حلقة أبي حنيفة وقال : يا شيخ .. مسألة ..
فلم يلتفت أبو حنيفة إليه ..
فأقبل أبو يوسف حتى جثى على ركبتيه بين يدي الشيخ .. وقال بكل أدب : يا شيخ .. مسألة ..
قال : ما مسألتك ؟
قال : تعرفها ..
قال : مسألة الخياط والثوب ؟
قال : نعم ..
قال : اذهب وأجب . ألست شيخاً ..
قال : الشيخ أنت ..
فقال ابو حنيفة : ننظر في مقدار تقصير الخياط للثوب .. فإن كان قصره على مقاس الرجل .. فمعنى ذلك أنه قام بالعمل كاملاً .. ثم بدا له أن يجحد الثوب .. فيكون قام بالعمل لأجل الرجل .. فيستحق عليه الأجرة ..
وإن كان قصره على مقاس نفسه .. فمعنى ذلك أنه قام بالعمل لأجل نفسه .. فلا يستحق على ذلك أجرة ..
فقبل أبو يوسف رأس أبي حنيفة .. ولازمه حتى مات أبو حنيفة .. ثم قعد أبو يوسف للناس من بعده ..


فلو استعمل الزوجان الرفق مع بعضهما ..
وكذلك الأبوان ..
والمدراء .. والمدرسون ..
نستعمل الرفق دائماً .. في سواقة السيارة .. في التدريس .. في البيع والشراء ..
وإن كان المرء قد يحتاج الشدة أحياناً .. حتى في النصح .. وهذا هو الحكمة في النصيحة .. وهي وضع الأمور في مواضعها ..


وقد كان غضبه صلى الله عليه و سلم دائماً – إن غضب – في الأمور الدينية ..
فما غضب رسول الله صلى الله عليه و سلم لنفسه قط .. إلا أن تنتهك حرمة من محارم الله ..
قابل عمر بن الخطاب رضي الله عنه يوماً رجلاً من اليهود ..
فأطلعه على كلام في التوراة .. فأعجبه .. فأمره فنسخه له ..
ثم جاء عمر بهذه الصحيفة من التوراة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فقرأها عليه ..
فلاحظ النبي صلى الله عليه و سلم أن عمر معجب بما معه .. وأن التلقي عن الديانات السابقة .. إن فُتح المجال له .. اختلط ذلك بالقرآن .. والتبس الأمر على الناس ..
وكيف يفعل عمر ذلك .. وينسخ .. ويكتب .. دون استئذان النبي صلى الله عليه و سلم

فغضب عليه الصلاة و السلام .. وقال : أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب ؟! أي شاكّون في شريعتي ..
والذي نفسي بيده لقد جئتكم بها بيضاء نقية .. لا تسألوهم عن شيء .. فيخبروكم بحق فتكذبوا به .. أو بباطل فتصدقوا به .. والذي نفسي بيده لو أن موسى حياً ما وسعه إلا أن يتبعني .. ([4]) ..
والله يا معشر قريش لقد جئتكم بالذبح ..
في أوائل بعثة النبي صلى الله عليه و سلم .. كان عليه الصلاة و السلام يأتي عند الكعبة وقريش في مجالسهم .. ويصلي .. ولا يلتفت إليهم ..
وكانوا يؤذونه بأنواع الأذى .. وهو صابر ..
وفي يوم ..
اجتمع أشرافهم في الحجر .. فذكروا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا :
ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط .. سفّهَ أحلامنا .. وشتم آباءنا .. وعاب ديننا .. وفرق جماعتنا .. وسب آلهتنا .. وصرنا منه على أمر عظيم ..
فبينما هم في ذلك .. إذ طلع رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فأقبل يمشي حتى استلم الركن ..
ثم مر بهم طائفاً بالبيت ..
فغمزوه ببعض القول ..
فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فرفق بهم .. وسكت عنهم .. ومضى ..
فلما مر بهم الثانية .. غمزوه بمثلها ..
فتغير وجهه أيضاً .. فسكت عنهم .. ومضى في طوافه ..
فمر بهم الثالثة .. فغمزوه بمثلها ..
فرأى أن الرفق لا يصلح مع أمثال هؤلاء .. فوقف عليهم وقال :
أتسمعون يا معشر قريش !! أما والذي نفسي بيده لقد جئتكم بالذبح .. ووقف أمامهم ..
فلما سمع القوم هذا التهديد .. الذبح .. وهو الصادق الأمين ..
انتفضوا .. حتى ما منهم من رجل إلا وكأنما على رأسه طائر وقع .. حتى أن أشدهم عليه ليتلطف معه .. وصاروا يقولون : انصرف أبا القاسم راشدا .. فما كنت جهولاً ..
فانصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم عنهم ..
نعم ..
إذا قيل : حلم ، قل : فللحلم موضع **
وحلم الفتى في غير موضعه جهل
وإن كان المتتبع لسيرة النبي صلى الله عليه و سلم يجد أنه كان يغلب الرفق دائماً ..
انتبه !! ليس الضعف والجبن .. وإنما الرفق ..


ومن مواقف الرفق :
أنه بعد وقعة بدر بشهر .. أراد أبو العاص زوج زينب بنت النبي صلى الله عليه و سلم

فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم زيد بن حارثة .. ورجلاً من الأنصار ..
فقال :كونا ببطن يأجح حتى تمر بكما زينب فتصحباها فتأتياني بها ..
فخرجا مكانهما ..
فأمرها أبو العاص بالتجهز .. فبدأت في جمع متاعها ..
فبينا هي تتجهز .. لقيتها هند بنت عتبة .. زوجة أبي سفيان ..
فقالت : يا ابنة محمد .. ألم يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك ؟
قالت : ما أردت ذلك ..
فقالت : أي ابنة عم .. أن أردت أن تفعلي ..
فإن كان لك حاجة بمتاع مما يرفق بك في سفرك .. أو بمال تتبلغين به إلى أبيك ..
فإن عندي حاجتك فلا تضطني مني .. أي لا تخجلي ..
فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال ..
قالت زينب : والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل .. ولكني خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلك ..
فلما أتمت جهازها .. قدّم إليها أخو زوجها كنانة بن الربيع بعيراً ..
فركبته و أخذ قوسه و كنانته ..
ثم خرج بها نهاراً يقود بها و هي في هودج لها ..
فرآها الناس .. و تحدث بذلك رجال من قريش .. كيف تخرج إليه ابنته وقد فعل بنا ما فعل في بدر ..
فخرجوا في طلبها حتى أدركوها بذي طوى ..
وكان أول من سبق إليها هبار بن الأسود .. فروعها بالرمح و هي في الهودج ..
فقيل : إنها كانت حاملاً ففزعت .. وطرحت ولدها ..
وأقبل الكفار يتسابقون إليها .. وعهم السلاح ..
وهي ليس معها إلا أخو زوجها كنانة ..
فلما رأى ذلك ..
وبرك على الأرض .. ثم نثر كنانته وصف رماحه بين يديه .. ثم قال :
و الله لا يدنو مني رجل إلا وضعت فيه سهما .. وكان رامياً .. فتكركر الناس عنه وتراجعوا ..
وأخذوا ينظرون إليه من بعيد .. لا هو يقدر على الذهاب .. ولا هم يجترئون على الاقتراب منه ..
حتى بلغ أبا سفيان أن زينب خرجت إلى أبيها ..
فأقبل في جلة جمع من قريش .. فلما رأى كنانة قد تجهز بنبله .. ورأى القوم قد استوفزوا لقتاله ..
صاح به وقال :
يا أيها الرجل .. كف عنا نبلك حتى نكلمك ..
فكف نبله .. فأقبل أبو سفيان حتى وقف عليه .. فقال :
إنك لم تصب .. خرجت بالمرأة على رؤوس الناس علانية ..
وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا في بدر .. و ما دخل علينا من محمد .. قتل أشرافنا .. ورمل نساءنا ..
فإذا رآك الناس وتسامعت القبائل .. أنك خرجت بابنته علانية .. على رؤوس الناس من بين أظهرنا ..
أن ذلك عن ذل أصابنا .. وأن ذلك ضعف منا ووهن ..
ولعمري مالنا بحبسها من أبيها من حاجة .. ومالنا من ثأر عليها ..
ولكن ارجع بالمرأة .. حتى إذا هدأت الأصوات .. وتحدث الناس أن قد رددناها ..
فسُلّها سراً .. وألحقها بأبيها ..
فلما سمع كنانة ذلك .. اقتنع به .. وعاد بها ..
فأقامت ليالي في مكة ..
حتى إذا هدأت الأصوات .. خرج بها ليلة من الليالي .. فمشى بها ..
حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه ..
فقدما بها ليلاً على رسول الله صلى الله عليه و سلم ..

وحي ..


ما كان الرفق في شيء إلا زانه .. وما نزع من شيء إلا شانه ..
( [1] )

( [2] ) رواه البخاري

( [3] ) رواه البخاري

( [4] ) رواه أحمد وأبو يعلى والبزار










قديم 2011-02-19, 11:17   رقم المشاركة : 63
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بين الحي .. والميت ..

كان ثقيلاً على الناس .. على زملائه .. جيرانه .. إخوانه .. حتى على أولاده ..
نعم .. كان ثقيل الدم ..
طالما سمعهم مراراً يقولون : يا أخي ما عندك مشاعر !!
لم يكن يتفاعل معهم أبداً ..
أتاه ولده يوماً فرحاً مستبشراً .. يلوّح بدفتر الواجب وقد وقع المدرس فيه كلمة " ممتاز " .. لم يلتفت الأب إليه .. وإنما قال : طيب .. عادي .. والله لو أنك جايب شهادة الدكتوراه !!
كان المنتظر غير ذلك ..
طالب عنده في الفصل .. كان خفيف الدم .. لاحظ ثقل الدرس ( والمدرس !!) فلطف الجوَّ بنكتة أطلقها .. فلم تتحرك تعابير وجه المدرس وإنما قال : تستخف دمك ؟!
كنت أتمنى أن يكون تصرفه غير ذلك ..
دخل إلى البقالة .. فقال له العامل البسيط : الحمد لله .. جاءتني رسالة من أهلي .. لم يتفاعل ..
هلا سأل نفسه لماذا أخبره أصلاً .. ليشاركه فرحته ..
زار أحد زملائه .. فوضع له القهوة والشاي .. ثم دخل البيت وجاء بطفله الأول حديث لاولاده .. قد لفه في مهاده .. ولو استطاع أن يلفه بجفون عينيه لفعل .. ثم وقف به بين يديه وقال : ما رأيك في هذا البطل ؟
فنظر إليه ببرود .. وقال .. ما شاء الله .. الله يخلي لك إياه .. ثم رفع فنجال الشاي ليشرب ..
كان المنتظر أن يتفاعل أكثر .. يأخذ الغلام بين يديه .. يقبله .. يمدح جماله .. وصحته ..
لكن صاحبنا كان ( غبياً ) ..
عندما تتعامل مع الناس .. قس الأمور بأهميتها عندهم .. لا عندك أنت ..
فكلمة "ممتاز" بالنسبة لولدك أغلى عنده من شهادة الدكتوراه عند الدكتور ..
وهذا المولود عند صاحبك أغلى عنده من الدنيا .. كلما رآه ودَّ أن يشق قلبه ويسكنه فيه .. أفلا يستحق منك حبك لصاحبك أن تشاركه ولو بعض شعوره ..
أحياناً يكون بعض الناس متحمساً لشيء معين ..
لذلك تجد الذين لا يتفاعلون مع الناس يشتكي أحدهم دائماً ..
لماذا أولادي لا يحبون ( السوالف ) معي .. فنقول : لأنهم يحكون لك النكتة فلا تتفاعل .. ويروون قصصهم في مدارسهم .. وكأنهم يكلمون جداراً ..
حتى ذكر لك شخص قصة .. أنت تعرفها .. فلا مانع من التفاعل معه ..
قال عبد الله ابن المبارك : والله إن الرجل ليحدثني بالحديث وأنا أعرفه من قبل أن تلده أمه فأسمعه منه .. وكأني أول مرة أسمعه ..
ما أجمل هذه المهارة ..


قبيل معركة الخندق ..
عمل المسلمون في حفر الخندق حتى أحكموه ..
وكان من بينهم رجل اسمه جعيل .. فغيره النبي صلى الله عليه و سلم إلى عمرو ..
فكان الصحابة يشتغلون .. ويعملون ..
ويرددون قائلين :
سماه من بعد جعيل عمراً ***
وكان للبائس يوماً ظهراً
فكانوا إذا قالوا : عمرواً .. قال معهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : عمرواً ..
وإذا قالوا : ظهراً .. قال لهم : ظهراً ..
فيتحمسون أكثر .. ويشعرون أنه معهم ..
والله لولا الله ما اهتدينا ..
ولما أقبل الليل عليهم اشتد البرد ..
واستمروا يحفرون ..
فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
فرآهم يحفرون بأيديهم راضين مستبشرين ..
فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا :
نحن الذين بايعوا محمداً *** على الجهاد ما بقينا أبدا
فقال مجيباً لهم :
اللهم إن العيش عيش الآخرة ، فاغفر للأنصار والمهاجرة ..
ويستمر تفاعله معهم .. طوال الأيام ..
فسمعهم وقد علاهم الغبار .. وهم يرددون :
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا
فكان يرفع صوته متفاعلاً معهم قائلاً : أبينا .. أبينا .
وكان صلى الله عليه و سلم إذا مازحه أحد تفاعل معه .. وضحك وتبسم ..
دخل عليه عمر وهو عليه الصلاة و السلام غضبان على نسائه .. لما أكثرن عليه مطالبته بالنفقة .. فقال عمر : يَا رَسُولَ اللَّهِ .. لَوْ رَأَيْتَنا وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ .. نَغْلِبُ النِّسَاءَ ..
فكنا إذا سألت أحدَنا امرأتُه نفقةً قام إليها فوجأ عنقها ..
فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ .. فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم ..
فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه و سلم .. ثم زاد عمر الكلام .. فازداد تبسم النبي صلى الله عليه و سلم ..
وتقرأ في أحاديث أنه تبسم حتى بدت نواجذه ..
وكان صلى الله عليه و سلم يتعامل مع أنواع من الناس لا يقدرون التعامل الراقي .. ولا يتفاعلون معه .. بل ينغلقون ويتعجلون ..
ومع ذلك كان يصبر عليهم ..



كان عليه الصلاة و السلام .. يوماً نازلاً بموضع يقال له "الجعرانة " بين مكة والمدينة ..
ومعه بلال .. فجاءه صلى الله عليه و سلم أعرابي يبدو أنه كان قد طلب من النبي صلى الله عليه و سلم حاجة فوعده بها ولم تتيسر بعد .. وكان الأعرابي مستعجلاً .. فقال :
يا محمد .. ألا تنجز لي ما وعدتني ؟
فقال له صلى الله عليه و سلم متلطفاً : أبشر ..
وهل هناك كلمة أرق منها ..!!
فقال الأعرابي بكل صلافة : قد أكثرت علي من أبشر !
فغضب النبي صلى الله عليه و سلم من عبارته .. لكنه كتم غيظه .. والتفت إلى أبي موسى وبلال وكانا جالسين بجانبه .. فقال :
رد البشرى فاقبلا أنتما ..
فاستبشرا ..
ثم دعا صلى الله عليه و سلم بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومجَّ فيه ..
ثم قال : اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا .. أي ببركة هذا الماء ..
فأخذا القدح ففعلا ..
وكانت أم سلمة رضي الله عنها قريبة منهم .. جالسة وراء ستار .. فأرادت أن لا تفوتها البركة .. فنادت من وراء الستر : أفضلا لأمكما .. أي أبقيا لها منه ..
فأفضلا لها منه طائفة .. ([1]) ..
إذن كان لطيف المعشر .. أنيس المجلس .. متحملاً .. لا يعمل قضية وخلافاً من كل شيء ..


جلس صلى الله عليه و سلم يوماً مع عائشة ..
فأخذت تحدثه بأحاديث نساء .. وهو يتفاعل معها ..
وهي تفصل الكلام وتطيل .. وهو على كثرة مشاغله يستمع ويتفاعل ويعلق ..
حتى قضت حديثها ..
فحدثته أنه جلست إحدى عشرة امرأة – في أيام الجاهلية - فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئاً ..
فجعلن يتذاكرن أزواجهن بما فيهم ولا يكذبن !!
قالت الأولى :
زوجي لحم جمل غث على رأس جبل ..
لا سهل فيرتقى ولا سمين فينتقل ..
( تشبه زوجها بالجبل الوعر الذي وضعوا فوقه لحم جمل كبير غير جيد .. فلا يحرص أحد للوصول إليه لصعوبة الوصول إليه .. وهو لا يستحق التعب لأجله .. أي : لسوء خلقة .. وأنه يتكبر .. مع أنه ليس عنده ما يتكبر بسببه فهو بخيل فقير ) ..
قالت الثانية :
زوجي لا أبث خبره ..
إني أخاف أن لا أذره ..
إن أذكره أذكر عجره وبجره ..
( أي : زوجها كثير العيوب .. وتخشى إذا ذكرت ما فيه أن يبلغه ذلك فيطلقها .. وهي متعلقة به بسبب أولادها ..
لكنها لم تمدحه فإن له عُجَر وبُجَر !! والعجر : أن تنعقد العروق في الجسد حتى تصير منتفخة .. فتؤلم ..
والبُجَر انتفاخ عروق في البطن .. !!)
قالت الثالثة :
زوجي العَشَنَّق ..
إن أنطق أطلق ..
وإن أسكت أُعلَّق ..
وهو على حد السِّنان الـمُذَلَّق ..
( أي : زوجها طويل قبيح .. سيء الخلق .. ولا يتسامح معها بل على مثل حد السيف !! فهي مهددة بالطلاق كل لحظة .. لا يحتمل كلامها .. ومتى اشتكت إليه شيئاً طلقها .. ولا يعاملها معاملة الأزواج .. فهي عنده كالمعلقة ) ..
قالت الرابعة :
زوجي كـ لَـيْـلِ تِهامة ..
لا حَرٌ ولا قَرٌ ..
ولا مخافة ولا سآمة ..
( ليل تهامة لا رياح فيه فيطيب لأهله .. فوصفت زوجها بجميل العشرة .. واعتدال الأخلاق .. فلا أذى عنده ) ..
قالت الخامسة :
زوجي إن دخل فَـهِد ..
وإن خرج أَسِد ..
ولا يسأل عما عَـهِد ..
( أي : إذا دخل بيته صار كالفهد وهو الحيوان المعروف وهو كريم نشيط .. وإذا خرج من البيت وخالط الناس فهو أسد لشجاعته .. وهو أيضاً سمحٌ لا يدقق في السؤال عن ما يأخذه أهله أو يصرفونه ..)
قالت السادسة :
زوجي إن أكل لفَّ ..
وإن شرب اشتفَّ ..
وإن اضطجع التفَّ ..
ولا يُولِج الكفَّ .. ليعلم البثَّ ..
(أي : إن زوجها يكثر الأكل حتى يلفه لفاً فلا يبقي لهم شيئاً .. والشراف يشفّه شفاً .. يشربه كله .. وإذا نام التفَّ باللحاف ولم يدع لزوجته شيئاً .. وإذا حزنت لم يقرب كفه إليها أو يلاطفها ليعلم سبب حزنها .. ) ..
قالت السابعة :
زوجي غياياء أو عياياء ( أي غبي !! )
طباقاء ( أحمق !)
كل داء له داء ( جميع العيوب فيه !)
إن حدثته سبك .. ( لا يقبل حديثاً ولا مؤانسة . بل يسب ويلعن دوماً ) ..
وإن مازحته : شجًك ( ضرب رأسك فجرحه !) ..
أو فلًك ( ضرب الجلد فجرحه ) ..
أو جمع كلاًّ لكِ .. ( يضرب كل المواضع الرأس والجسد ! ) ..
قالت الثامنة :
زوجي .. المس مس أرنب .. ( أي ناعم رقيق ) ..
والريح ريح زرنب .. ( وهو نبات طيب الرائحة ) ..
وأنا اغلبه والناس يغلب .. ( أي سهل معها ينصاع لما تريد .. لكنه بطل يغلب الناس وشخصيته أمامهم قوية ) ..
قالت التاسعة :
زوجي رفيع النجاد .. ( بيته واسع مفتوح للضيوف ) ..
عظيم الرماد .. ( كثير إشعال النار استقبالاً للضيوف وطبخاً لهم ) ..
قريب البيت من الناد .. ( المجلس الذي يجلس فيه مع أصحابه وهو النادي قريب من بيته لحرصه على أهله ) ..
لا يشبع ليله يضاف .. ( لا يأكل كثيراً عند الناس ) ..
ولا ينام ليلة يُخَاف .. ( إذا كان هناك خطر بالليل من عدو أو غيره .. يظل مستيقظاً يحرس ويراقب ) ..
قالت العاشرة :
زوجي مالك ..
وما مالك ؟! ..
مالك خير من ذلك ..
له إبل كثيرات المبارك ..
قليلات المسارح ..
وإذا سمعن المزهر .. أيقنَّ أنهن هوالك ..
( زوجها اسمه مالك .. مهما وصفته لن تحيط بأوصافه الجميلة .. إبله دائماً قريبة منه وقل ما تسرح أي تذهب للرعي ..لتكون جاهة للحلب منها ونحرها للضيوف .. وإذا سمعت اقبل صوت المزهر السكين تُحَدّ وتجهّز .. علمت أنه سيهلك بعضهن ذبحاً للضيوف ) ..
قالت الحادية عشرة :
زوجي أبو زرع ؟! ( اسمه أبو زرع ) ..
فما أبو زرع ..
أناس من حلي أذني .. ( ألبسها الحلي والذهب ) ..
وملأ من شحم عضدي .. ( سمنت عنده ) ..
وبجحني فبجحت إلى نفسي .. ( مدحني حتى أعجبت بنفسي ) ..
وجدني في أهل غنيمة بشِقٍّ .. ( كان اهلها فقراء لا يملكون إلا غنيمات ) ..
فجعلني في أهل صهيل وأطيط ( نقلها إلى بيت فيه خيل وإبل ) ..
ودائس ومنق ( أي دواب كثيرة ) ..
فعنده أقول فلا أقبح .. ( تتكلم بما شاءت ولا ينتقد كلامها ) ..
وأرقد فأتصبح .. ( تشبع نوماً إلى الصباح .. لكثرة الخدم ) ..
وأشرب فأتقنح .. ( جميع الأشربة عندها .. تروى منها ) ..
أم أبي زرع ؟! فما أم أبي زرع !!
عكومها رداح .. ( سمينة جميلة ) ..
وبيتها فساح .. ( بيتها واسع ) ..
ابن أبي زرع ؟! فما بن أبي زرع !!
مضجعه كمسل شطبة .. ( ينام نوماً رفيقاً بأدب ) ..
ويشبعه ذراع الجفرة .. ( لا يأكل كثيراً ) ..
بنت أبي زرع ؟! فما بنت أبي زرع !!
طوع أبيها وطوع أمها ..
وملء كسائها .. ( متسترة ) ..
وغيظ جارتها .. ( تغار جاراتها من جمالها ولذة عيشها ) ..
جارية أبي زرع ؟! فما جارية أبي زرع !! ( الخادمة !! )
لا تبث حديثنا تبثيثاً .. ( لا تنشر أسرار البيت ) ..
ولا تنفث ميرتنا تنفيثاً .. ( لا تبدد طعام البيت وتعبث به ) ..
ولا تملأ بيتنا تعشيشاً .. ( لا تهمل البيت فيمتلأ بالأوساخ ) ..
ثم قالت :
خرج أبو زرع والأوطاب تمخض .. ( خرج من بيته يوماً في وقت ربيع ) ..
فلقى امرأة معها ولدان لها كالفهدين .. ( رأى امرأة جالسة حولها طفلان جميلان قويا البنية ) ..
يلعبان من تحت خصرها برمانتين .. ( يلعبان بثدييها ) ..
فطلقني ونكحها .. ( أعجبته .. فطلق أم زرع وتزوجها !! ) ..
فنكحت بعده رجلا سرياً .. ( تزوجت ام زرع رجلاً كريماً ) ..
ركب شرياً .. ( ركب خيلاً سابقاً ) ..
وأخذ خطياً ..
وأراح علي نعماً ثرياً .. ( أكرمها وأهداها لأنه ثري ) ..
وأعطاني من كل رائحة زوجاً .. ( أكثر لها من الأطياب ويعطيها اثنين من كل شيء لتستعمل وتهدي إن شاءت ) ..
وقال : كلي أم زرع ..
وميري أهلك .. ( أهدي لأهلك وأعطيهم ) ..
ثم قالت :
فلو جمعت كل شيء أعطانيه ..
ما بلغ أصغر آنية أبي زرع .. ( لا يزال قلبها معلقاً بأبي زرع ..!! ما الحب إلا للحبيب الأول )


كان صلى الله عليه و سلم يستمع بكل إنصات إلى عائشة وهي تحدثه .. ولم يظهر لها ضجراً ولا مللاً .. مع تعبه وكثرة مشاغله .. وتراكم همومه ..
حتى إذا انتهت عائشة من حديثها :
قال صلى الله عليه و سلم : كنت لك كأبي زرع لأم زرع ..
إذن .. اتفقنا .. على أهمية إظهار اللطف والاهتمام بالناس ..
فإذا جاءك ولدك متزيناً بثوب جميل .. ما رأيك يا أبي ؟ .. تفاعل ..
ابنتك .. زوجتك ..
زوجك .. ولدك .. زميلتك ..
كل من تخالطهم كن حياً متفاعلاً ..
أحياناً تكون ناسياً الموضوع .. قال لك – مثلاً - : أبشرك الوالد شُفي من مرضه .. فلا تقل : أصلاً .. متى مرض ؟!!
أو : أخي خرج من السجن .. لا تقل : والله ما دريت أصلاً أنه دخل السجن ..



وأخيراً .. يا جماعة ..
التشجيع والتفاعل ينفع حتى مع الحيوانات ..
قال أبو بكر الرقي :
كنت بالبادية ..
فوافيت قبيلة من قبائل العرب .. فأضافني رجل منهم وأدخلني خباءه ..
فرأيت في الخباء عبدا أسود مقيداً بقيد .. ورأيت جِمالا قد ماتت بين يدي البيت ..
وقد بقى منها جمل وهو ناحل ذابل كأنه ينزع روحه ..
فقال لي الغلام : أنت ضيف .. ولك حق .. فتشفع فيَّ إلى مولاي .. فإنه مكرم لضيفه .. فلا يرد شفاعتك في هذا القدر .. فعساه يحل القيد عني ..
فسكت عنه .. ولم أدر ما جرمه ..
فلما أحضروا الطعام .. امتنعت .. وقلت :
لا آكل .. ما لم أشفع في هذا العبد ..
فقال السيد : إن هذا العبد قد أفقرني .. وأهلَكَ جميعَ مالي ..
فقلت : ماذا فعل ؟!
فقال : إن له صوتاًً طيباً .. وإني كنت أعيش من ظهور هذه الجمال .. فحمَّلها أحمالاً ثقالاً ..
وكان ينشد الأشعار ويحدو بها .. حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في ليلة واحدة من طيب نغمته ..
فلما حطت أحمالها .. ماتت كلها .. إلا هذا الجمل الواحد ..
ولكن أنت ضيفي .. فلكرامتك قد وهبته لك .. وأطلق الغلام من قيده ..
فاشتقت إلى سماع هذا الصوت ..
فلما أصبحنا أمره أن يحدو على جمل يستقى الماء من بئر هناك .. لينشط الجمل للعمل ..
فانطلق الغلام بصوت حسن .. فلما رفع صوته ..
سمعه الجمل فهام وهاج ونسي نفسه .. حتى قطع حباله ..
ووقعت أنا على وجهي من حسن الصوت .. فما أظن أني سمعت قط صوتاً أطيب منه .. ([2])




طور نفسك بالتدريب ..

كن حياً لا ميتاً .. تفاعل بكلامك .. بتعبيرات وجهك .. حتى يأنس الآخرون بك ..


( [1] )


( [2] ) إحياء علوم الدين 2/275









قديم 2011-02-19, 11:19   رقم المشاركة : 64
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي




اجعل لسانك عذباً ..

لا تخلو حياتنا من مواقف نحتاج فيها إلى تقديم توجيهات ونصائح للآخرين ..
الولد .. الزوج .. الصديق .. الجار .. الأبوين ..
تختلف نهايات النصائح .. باختلاف بداياتها ..
أعني : إن كانت البداية بأسلوب مناسب .. ومدخل لطيف ..
انتهت كذلك ..
وإن كانت بأسلوب جاف .. ومدخل عنيف .. انتهت كذلك ..
عندما ننصح الناس .. فنحن في الواقع نتعامل مع قلوبهم .. لا أجسادهم ..
لذلك تجد بعض الأبناء يتقبل من أمه ولا يتقبل من أبيه .. أو العكس ..
والطلاب يتقبلون من مدرس .. دون الآخر ..
وأول البراعة في النصيحة ..
أن لا تكثر منها وتدقق على كل صغير وكبير .. حتى لا يشعر الآخرون أنك مراقب لحركاتهم وسكناتهم .. فتثقل عليهم ..
ليس الغبي بسيد في قومه *** لكن سيد قومه المتغابي
وإن استطعت أن تقدم نصيحة على شكل اقتراح .. فافعل ..

لو قللت الملح في الطعام .. لكان أحسن ..
لو تغير ملابسك بثياب أجمل ..
لو ما تتأخر عن مدرستك مرة أخرى .. أفضل ..
ما رأيك لو فعلت كذا .. أقترح عليك كذا وكذا ..
أحسن من قولك ..
يا قليل الأدب .. كم مرة قلت لك .. أنت ما تفهم .. إلى متى أعلمك ؟!!
اجعله يحتفظ بماء وجهه .. ويشعر بقيمته حتى وهو مخطئ ..
لأن المقصود علاج أخطائه لا الانتقام منه أوإهانته ..


يعني يا جماعة .. بالعبارة الصريحة :
لا أحد يحب أن يتلقى الأوامر ..


أراد عليه الصلاة و السلام يوماً أن يوجه عبد الله بن عمر للتعبد بصلاة الليل ..
فما دعاه وقال : يا عبد الله قم الليل ..
وإنما قدم النصيحة على شكل اقتراح .. وقال : نعم الرجل عبد الله لو كان يقوم الليل ..
وفي رواية قال : يا عبد الله لا تكن مثل فلان .. كان يقوم الليل ..
بل إن استطعت أن تلفت نظره إلى الأخطاء من حيث لا يشعر فهو أولى ..
عطس رجل عند عبد الله بن المبارك .. فلم يقل الحمد لله .. فقال عبد الله : ماذا يقول العاطس إذا عطس ؟ قال : الحمد لله .. فقال : عبد الله : يرحمك الله ..
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم كذلك ..
كان إذا انصرف من صلاة العصر .. دخل على نسائه واحدة واحدة ..
فيدنو من إحداهن .. ويتحدث معها ..
فدخل على زينب بنت جحش .. فوجد عندها عسلاً .. وكان عليه الصلاة و السلام يحب العسل والحلواء ..
فاحتبس عندها أكثر ما كان يحتبس عند غيرها ..
فغارت عائشة وحفصة .. وتواصتا من دخل عليها تقول له :
أجد منك ريح مغافير .. وهو شراب حلو يشبه العسل .. ولكن له رائحة سيئة ..
وكان صلى الله عليه و سلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح من بدنه أو فمه .. لأنه يناجي جبريل .. ويناجي الناس ..
فلما دخل على حفصة .. سألته ماذا أكل ؟
فقال : شربت عسلاً عند زينب ..
فقالت : إني أجد منك ريح مغافير ..
فقال : لا بل شربت عسلاً .. ولن أعود له ..
ثم قام ودخل على عائشة .. فقالت له عائشة مثل ذلك ..
ومضت الأيام .. وكشف الله له القضية كلها ..
وبعد أيام .. أسر إلى حفصة رضي الله عنها حديثاً .. فأظهرته ..
فدخل عليها يوماً .. وعندها الشفاء بنت عبد الله .. وكانت صحابية تتعلم الطب .. وتعالج الناس ..
فقال صلى الله عليه و سلم للشفاء : ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتيها الكتابة ..
ورقية النملة كلام كانت نساء العرب تقوله .. يعلم كل من سمعه أنه كلام لا يضر ولا ينفع ..
ورقية النملة التي كانت تعرف بينهن أن يقال :
العروس تحتفل .. وتختضب وتكتحل .. وكل شيء تفتعل .. غير أن لا تعصي الرجل ..
فأراد صلى الله عليه و سلم بهذا المقال تأنيب حفصة والتأديب لها تعريضاً .. بأن تردد جملة : غير أن لا تعصي الرجل ..


أحد السلف استلف منه رجل كتاباً .. فرده إليه بعد أيام وعليه آثار طعام .. كأنه حمل عليه خبزاً أو عنباً .. فسكت صاحب الكتاب ..
وبعد أيام جاءه صاحبه يستعير منه كتاباً آخر .. فأعطاه الكتاب في طبق ..!!
فقال الرجل : إنما أريد الكتاب .. فما بال الطبق ؟!
فقال : الكتاب لتقرأ فيه .. والطبق لتحمل عليه طعامك !!
فأخذ الكتاب .. ومضى .. فقد وصلت الرسالة ..



وأذكر أن أحدهم كان يعود إلى بيته ليلاً .. وينزع ثوبه .. يعلقه على الشماعة .. وينام ..
فتأتي زوجته .. وتفتح محفظة النقود .. ثم تأخذ الصرف الموجود .. من فئة الريال .. والخمسة ..
فإذا استيقظ صباحاً وذهب إلى عمله .. واحتاج أن يحاسب في بقالة ونحوها .. لم يجد صرفاً ..
فراقبها .. حتى فهم القضية ..
فرجع إلى بيته يوماً .. وقد جعل في جيبه ضفدعاً ..
ونزع ثوبه كالعادة .. واضطجع كهيئة النائم .. وأخذ يشخر .. وهو يراقب الثوب ..
فأقبلت زوجته لتأخذ ما يتيسر ..كالعادة !!
أقبلت إلى الثوب تمشي رويداً .. أدخلت يدها بهدوووء ..
فلمست الضفدع .. فتحرك فجأة .. فصرخت : آآآآه.. يدي ..
ففتح الزوج عينيه .. وقال : وأنا .. آآآه .. جيبي ..
ليتنا نستعمل هذا الأسلوب .. مع جميع الناس ..
أولادنا إذا وقعوا في أخطاء .. ومع طلابنا ..


نايف أحد الأصدقاء .. كان له أم صالحة .. لا ترضى أن يبقى في البيت صور أبداً .. لأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه كلب ولا صورة ..
كان عندها طفلة صغيرة .. عندها ألعاب متنوعة .. إلا الدُّمى .. العرائس ..
أهدت إليها خالتها دُمية .. عروسة .. وقالت لها : العبي بها في غرفتك .. واحذري أن تراها أمك ..
وبعد يومين .. علمت الأم ..
فأرادت أن تقدم النصيحة بأسلوب مناسب ..
جلسوا على الطعام .. فقالت أم نايف : يا أولاد ..!! من يومين .. وأنا أشعر أن البيت ليس فيه ملائكة !! لا أدري لماذا خرجت .. لا حول ولا قوة إلا بالله ..
والبنت الصغيرة تسمع وهي ساكته ..
وبعد الغداء رجعت الصغيرة إلى غرفتها .. فإذا بين يديها ألعاب كثيرة .. والعروسة من بينها .. فالتقطتها .. وجاءت بها إلى الأم وقالت : ماما .. هذه التي طردت الملائكة .. افعلي بها ماشئت !!
يعني دع المنصوح يحتفظ بماء وجهه .. ويمكن أن تأكل العسل من غير أن تحطم الخلية ..
لا تنصحه كأنه قد كفر بفعله ..
بل وأحسن الظن به .. واعتبر أنه وقع في الخطأ من غير قصد .. أو من غير أن يعلم ..


كانت الخمر في أول الإسلام لم تحرم بعد ..
وفي يوم أقبل عامر بن ربيعة .. الصحابي الجليل ..
من سفر .. فأهدى لرسول الله صلى الله عليه و سلم راوية خمر .. جرة كاملة مملوءة خمراً ..
نظر النبي صلى الله عليه و سلم إلى الخمر مستغرباً .. والتفت إلى عامر بن ربيعة .. وقال : أما علمت أنها قد حرمت ..؟
قال : حرمت ؟! لا .. ما علمت يا رسول الله ..
قال : فإنها قد حرمت ..
فحملها عامر .. فأسرَّ إليه بعضهم بأن يبيعها ..
فسمعه النبي صلى الله عليه و سلم فقال : لا .. إن الله إذا حرم شيئاً .. حرم ثمنه ..
فأخذها رضي الله عنه فاهراقها على التراب .. ([1])
وانتبه أن تمدح نفسك وأنت تنصح .. فترفع نفسك وتسحب المنصوح إلى القاع .. لا أحد يرضى بذلك ..
بعض الآباء – مثلاً- .. إذا نصح ولده بدأ يذكر أمجاده ..أنا كنت وكنت .. ولعل الولد يعلم تاريخ والده ..!!

باختصار ..


الكلمة الطيبة .. صدقة ..
( [1] ) رواه الطبراني









قديم 2011-02-19, 11:20   رقم المشاركة : 65
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


اختصر .. ولا تجادل ..

يقولون : إن الناصح كالجلاد ..
وبقدر مهارة الجلاد في الجلد .. يبقى الألم ..
أقول : مهارة الجلد .. لا قوة الجلد !!
فالجلاد العنيف الذي يضرب بقوة .. يتألم المضروب وقت وقوع السياط .. ثم ما يلبث حتى ينساها ..
أما الجلاد الأستاذ في صنعته ..فقد لا يضرب بقوة .. لكنه يعلم أن يوقع السوط ..
كذلك الناصح .. ليست العبرة بكثرة الكلام .. ولا طول النصيحة ..
وإنما بأسلوب الناصح ..
فاختصر قدر المستطاع .. إذا أردت أن تنصحه فلا تلق عليه محاضرة ..!!
خاصة إذا كان الأمر متفقاً عليه .. كمن تنصحه عن الغضب .. أو شرب الخمر .. أو ترك الصلاة .. أو عقوق الوالدين .. الخ ..


تأملت النصائح النبوية الشخصية المباشرة .. فوجدتها لا تزيد الواحدة منها عن سطر واحد .. أو سطرين ..
اسمع : يا علي .. لا تتبع النظرة النظرة .. فإن لك الأولى وليست لك الثانية ..
انتهى .. نصيحة باختصار ..
يا عبد الله بن عمر .. كن في الدنيا كأنك غريب .. أو عابر سبيل ..
انتهى ..
يا معاذ .. والله إني أحبك .. فلا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول : اللهم أعني على ذكرك .. وشكرك .. وحسن عبادتك ..
يا عمر .. إنك رجل قوي .. فلا تزاحمن عند الحجر ..
وكذلك كان العقلاء بعده ..


لقي أبو هريرة رضي الله عنه الفرزدق الشاعر فقال :
يا ابن أخي إني أرى قدميك صغيرتين .. ولن تعدم لهما موضعا في الجنة ..
يعني فاعمل لها .. ودع عنك قذف المحصنات في شعرك ..
وعمر رضي الله عنه .. كان على فراش الموت .. فجعلوا الناس يثنون عليه ..
وجاء شاب فقال : أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله صلى الله عليه و سلم .. وقدم في الإسلام ما قد علمت .. ثم وَلِيت فعدلت .. ثم شهادة ..
فقال عمر : وددت أن ذلك كفاف لا علي ولا لي ..
فلما أدبر الشاب .. فإذا إزاره يمس الأرض .. مسبل ..
فأراد عمر رضي الله عنه أن يقدم النصيحة للشاب ..
فقال : ردوا علي الغلام ..
فلما وقف الشاب بين يديه .. قال : يا بن أخي .. ارفع ثوبك .. فإنه أنقى لثوبك .. وأتقى لربك ([1]) ..
انتهى .. باختصار .. الرسالة وصلت ..


واترك الجدال قدر المستطاع ..
خاصة إذا شعرت أن الذي أمامك يكابر .. فالمقصود إيصال النصيحة إليه ..
وقد ذم الله الجدال : ( ما ضربوه لك إلا جدلاً ) ..
وقال صلى الله عليه و سلم : ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه .. إلا أوتوا الجدل ..
وقال : أنا زعيم لبيت في ربض الجنة لمن ترك الجدال وإن كان محقاً ..
أحياناً يقتنع الشخص بالفكرة .. لكن أكثر النفوس فيها أنفة وكبر ..
( وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلماً وعلواً ) ..
فالغاية عندك أنت أصلاً أن يعرف الخطأ ليتجنبه في المرة القادمة .. وليس الغاية أن تنتصر أنت عليه .. فلستما في حلبة مصارعة ..


دخل النبي صلى الله عليه و سلم على علي وفاطمة رضي الله عنهما .. ليلاً ..
فقال لهما : ألا تصليان .. أي ألا تقوما الليل ..
فقال علي : أنفسنا بيد الله .. متى شاء أن يبعثنا .. بعثنا ..
فولاهما النبي صلى الله عليه و سلم ظهره .. ومضى وهو يضرب بيده على فخذه ويقول : وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً .. ([2]) ..
وأحياناً قد يذكر المنصوح .. كلاماً يعتذر به .. وهو ليس عذراً مقنعاً لكنه يقوله ..ليحفظ ماء وجهه ..
فكن سمحاً ..
ولا تغلق عليه الأبواب بل أبقها مفتوحة أمامه وأنت تنصح ..
وحتى لو تكلم بكلام خاطئ .. فيمكن أن تعالج خطأه من حيث لا يشعر ..
كأن تقول : صحيح .. وأنا معك أن الإنسان يفقد أعصابه غصباً عنه ..
وأثن عليه .. ثم قل : ولكن .. ثم انسف كلامه إن كان خاطئاً ..



وجهة نظر ..

نبه على الخطأ .. ولا تلق محاضرة ..



( [1] ) البخاري

( [2] )










قديم 2011-02-19, 11:22   رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


لا تبال بكلام الخلق ..

أعجبتني عبارة رددها ابني عبد الرحمن يوماً .. وأظنه في ذلك السن لم يكن يفقه معناها..
كان يقول : طنِّش تعِش تَـنْـتَـعِش ..!!
تأملت في هذه العبارة وأنا ألاحظ حولي انتقادات الناس .. وآراءهم .. وأحاديثهم ..
فوجدت أن الناس في كلامهم وذمهم لنا يتنوعون ..
فيهم الناصح الصادق الذي لا يتقن فن النصيحة .. وبالتالي يحزنك بأسلوب نصحه أكثر مما يفرحك ..
وفيهم الحاسد .. الذي يقصد حزنك وهمك ..
وفيهم قليل الخبرة .. الذي يهذي بما لا يدري .. ولو سكت لكان خيراً له ..
وفيهم من طبيعته الانتقاد أصلاً .. فهو ينظر للحياة بنظارة سوداء ..
وقديماً قيل : لو اتحدت الأذواق لبارت السلع ..


ذكروا أن جحا ركب على حمار .. وولده يمشي بجانبه ..
فمروا بناس .. فقال الناس : انظروا لهذا الأب الغليظ يركب مرتاحاً .. ويدع ولده يمشي في الشمس ..
سمعهم جحا .. فأوقف الحمار .. ونزل .. وأركب ولده ..
ثم مشيا .. وجحا يشعر بنوع من الزهو ..
فمرا بقوم آخرين .. فقال أحدهم : انظروا إلى هذا الابن العاق .. يركب ويدع أباه يمشي في الشمس ..
سمعهم جحا ..
فأوق الحمار .. ثم ركب مع ولده .. ليتقو كلام الناس وانتقاداتهم ..
فمرا بقوم .. فقالوا : انظروا إلى هذين الغليظين .. لا يرحمون الحيوان ..
فنزل جحا .. وقال : يا ولدي .. انزل ..
فنزل الولد وجعل يمشي بجانب أبيه .. والحمار ليس فوقه أحد ..
فمرا بقوم .. فقالوا : انظروا إلى هذين السفيهين .. يمشيان والحمار فارغ .. وهل خلق الحمار إلا ليُركب ..
فصرخ جحا وجرّ ولده معه .. ودخلا تحت الحمار .. وحملاه ..!!
ولو رأيت جحا وقتها لقلت له : يا حبيب القلب .. افعل ما تشاء .. ولا تبال بكلام الخلق .. فرضا الناس غاية لا تدرك ..
ومن الذي ينجو من الناس سالماً
ولو غاب عنهم بين خافيتي نسر ..

بعض الناس .. لا يفكر في رأيه قبل أن يطرحه ..
يأتيك بعدما تتزوج .. ويقول .. ليش تخطب فلانة ؟
وكأني بك .. تتمنى أن تصرخ في وجهه وتقول : يا أخي تزوجت .. خلاص .. انتهى الموضوع .. ما أحد طلب منك اقتراحات ..
أو يأتيك وقد بعت سيارتك .. فيقول .. ليتك أخبرتني .. فلان كان سيعطيك أكثر ..
يا أخي .. بس !! الرجال باع سيارته .. خلاص وانتهى .. لا تشغله بالالتفات وراءه !!
وعموماً ..
ليس يخلو المرء من ضد ولو **
طلب العزلة في رأس جبل ..!!
فلا تعذب نفسك ..



تجربة ..

قال أحد السلف : من جعل دينه عرضة للخصومات .. أكثر التنقل !!









قديم 2011-02-19, 11:23   رقم المشاركة : 67
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


ابتسم .. ثم ابتسم .. ثم ابتسـ .. ثم أبتـ ..

أعرفه منذ سنين .. فهو أحد زملائي في عملي .. على كل حال ..
لكن هل تصدق أنني إلى الآن لا أدري هل نبتت له أسنان أم لا !!
دائم التجهم .. والعبوس .. وكأنه إذا ابتسم نقص عمره .. أو قلَّ ماله !!
قال جرير بن عبد الله البجلي : ما رآني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا تبسم في وجهي ..


الابتسامة أنواع .. ومراتب ..
فمنها البشاشة الدائمة .. أن يكون وجهك صبوحاً مبتهجاً دائماً ..
فلو كنت مدرساً ودخلت الفصل على طلابك .. فالقهم بوجه بشوش ..
ركبت طائرة .. ومشيت في الممر والناس ينظرون إليك .. كن بشوشاً ..
دخلت بقالة .. أو محطة وقود .. مددت له الحساب .. ابتسم ..
في المجلس .. ودخل شخص وسلم بصوت عال .. ومر بنظره على الجالسين .. ابتسم ..
دخلت على مجموعة .. وصافحتهم .. ابتسم ..
وعموماً : الابتسامة لها من التأثير الكبير في امتصاص الغضب والشك والتردد .. ما لا يشاركها غيرها ..
البطل هو الذي يستطيع التغلب على عواطفه .. والتبسم ..



كان أنس بن مالك رضي الله عنه يمشي مع النبي صلى الله عليه و سلم يوماً.. والنبي صلى الله عليه و سلم عليه بُرد نجراني غليظ الحاشية ..
فلحقهما أعرابي ..
أقبل هذا الأعرابي يجري وراء النبي صلى الله عليه و سلم يريد أن يلحق به .. حتى إذا اقترب منه ..
جبذه بردائه جبذة شديدة .. فتحرك الرداء بعنف على رقبة النبي صلى الله عليه و سلم ..
قال أنس : حتى نظرت إلى صفحة عاتق رسول الله صلى الله عليه و سلم .. قد أثرت بها حاشية البُرد من شدة جبذته ..
فماذا يريد هذا الرجل ؟! لعل بيته يحترق وأقبل يريد معونة .. أو أحاطت بهم غارة من المشركين ..
اسمع ماذا يريد .. قال : يا محمد .. ( لاحظ لم يقل : يا رسول الله ) ..
قال : يا محمد .. مُر لي من مال الله الذي عندك .. فالتفت رسول الله صلى الله عليه و سلم .. ثم ضحك .. ثم أمر له بعطاء ..
نعم .. كان عليه الصلاة و السلام بطلاً لا تستفزه مثل هذه التصرفات .. ولا يعاقب أو تثور أعصابه على التافهات ..
كان واسع البطان .. قوياً يضبط أعصابه .. دائم الابتسامة حتى في أحلك الظروف .. يفكر في عواقب الأمور قبل أن يفعلها ..
وماذا يفيد لو أنه صرخ بالرجل أو طرده ‍‍!
هل سيشفى جرح عنقه ! أو يصلح أدب الرجل ! كلا ..
إذن ليس مثل الصبر والتحمل ..


نعم بعض الأمور نثور لها ونغضب .. وعلاجها شيء آخر تماماً ..
وصدق عليه الصلاة و السلام لما قال : ليس الشديد بالصرعة .. إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ..
كان النبي الكريم صلى الله عليه و سلم .. يجذب الناس بالتبسم والبشاشة ..
خرجو إلى غزوة خيبر .. وفي أثناء القتال ..
وقع من حصن اليهود جراب فيه شحم .. قربة كاملة مملوءة سمناً ..
حمله عبد الله بن مغفل رضي الله عنه على عاتقه فرحاً ومضى به إلى رحله وأصحابه ..
فلقيه الرجل المسئول عن جمع الغنائم وترتيبها .. فجذب الجراب إليه .. وقال :
هاتِ هذا نقسمه بين المسلمين ..
فتعلق به عبد الله : لا والله .. لا أعطيكه .. أنا أصبته ..
قال : بلى .. وجعلا يتجاذبا الجراب ..
فمر بهما رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فرآهما .. وهما يتجاذبان الجراب ..
فتبسم صلى الله عليه و سلم ضاحكاً .. ثم قال لصاحب المغانم :
لا أبالك .. خل بينه وبينه ..
فتركه .. فانطلق به عبد الله إلى رحله وأصحابه .. فأكلوه ..
وأخيراً .. تبسمك في وجه أخيك صدقة ..


قال لي :

فلان سحرني بأخلاقه .. حتى تعلقت به نفسي .. قلت : لم ؟! قال : دائماً بشوش .. وما رآني إلا تبسم !!









قديم 2011-02-19, 17:40   رقم المشاركة : 68
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


الخطوط الحمر ..


كان من طلابي في الجامعة..
كان واسع الثقافة .. حريصاً على تكوين علاقات مع الناس .. لكنه كان ثقيل الدم عليهم ..جاءني يوماً .. وقال :
يا دكتور .. زملائي يغضبون مني دائماً .. لا يتحملون مزحي ..
قلت في نفسي : أنا لا أحتملك ساكتاً .. فكيف أحتملك متكلماً ..؟! خاصة إذا كنت تستخف دمك وتمزح ..!
سألته : لماذا لا يحتملون مزحك ؟! أعطني مثالاً ..

قال : عطس أحدهم فقلت : الله يلعنك .. ( ثم سكتُّ ) .. فلما غضب .. أكملت قائلاً : يا إبليس .. ويرحمك يا فلان ..!!
مسكين كان يظن نفسه بذلك .. خفيف الدم!!
الناس مهما قبلوا مزاحك ومداعباتك .. إلا أنه تبقى هناك خطوط حمراء لا يحبون أن تتعداها ..
خاصة إذا كان ذلك أمام الآخرين ..
بعض الناس لا يراعي ذلك ..
فتجد أنه يعتدي على حاجاتهم ..
فمثلاً من باب ( الميانة ) يأخذ هاتفك الجوال ويتصل به كما يريد .. أو ربما أرسل رسائل إلى أشخاص أنت لا ترغب أن يظهر رقم هاتفك عندهم ..
أو يأخذ سيارتك بغير إذنك .. أو يحرجك بطلبها حتى تأذن على مضض ..
أو تجد مجموعة طلاب يسكنون في شقة واحدة .. يستيقظ أحدهم ليذهب إلى جامعته .. فيجد أن معطفه لبسه فلان .. وحذاءه في رجل فلان ..
ومن تعدي الخطوط الحمراء أنك .. تجد بعض الناس يحرج صاحبه بمزحة ثقيلة أو سؤال محرج في مجلس عام ..
والشخص مهما بلغ من المحبة لك .. إلا أنه يبقى بشراً يرضى ويغضب .. ويفرح ويسخط ..

لما أقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة راجعاً من تبوك ..
قدم عليه في ذلك الشهر عروة بن مسعود الثقفي .. وكان سيداً جليل القدر .. رفيع المكانة عند قومه ثقيف ..
فأدرك النبي صلى الله عليه و سلم قبل أن يصل إلى المدينة .. فأسلم ..
وسأله أن يرجع إلى قومه فيدعوهم إلى الإسلام ..
فخاف عليه .. وقال له : إنهم قاتلوك ..
وعرف عليه الصلاة و السلام أن قبيلة ثقيف فيهم نخوة الامتناع .. والصرامة في التعامل .. حتى لو كان مع رئيسهم ..
فقال عروة : يا رسول الله .. أنا أحب إليهم من أبكارهم .. وأبصارهم ..
وكان محبباً مطاعاً فيهم ..
فخرج يدعو قومه إلى الإسلام رجاء أن لا يخالفوه .. لعظم منزلته فيهم ..
فلما وصل إلى ديار قومه .. رقى على مرتفع وصاح بهم حتى اجتمعوا .. وهو سيدهم ..
فدعاهم إلى الإسلام .. وأظهر لهم أنه أسلم .. وجعل يردد : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله ..
فلما سمعوا منه ذلك .. صاحوا .. وثاروا أن يتركوا آلهتهم ..
ورموه بالنبل من كل جهة ..
حتى وقع صريعاً رضي الله عنه ..
فأقبل إليه أبناء عمه .. وهو ينازع الموت ..
وقال : يا عروة : ما ترى في دمك ؟
فقال : كرامة أكرمني الله بها .. وشهادة ساقها الله إلي ..
فليس فيَّ إلا ما في الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فلا تقتتلوا لأجلي .. ولا تأخذوا بثأري من أحد ..
فقيل إن النبي صلى الله عليه و سلم .. لما بلغه خبر مقتله ..
قال فيه : إن مثله في قومه .. كمثل صاحب ياسين في قومه .. رضي الله عنه ..

فانتبه ! الناس لهم أحاسيس مهما بلغت في القرب منهم .. وإن كانوا في منزلة الأخ والولد ..
لذا نبه النبي صلى الله عليه و سلم على ذلك .. فنهى عن ترويع المؤمن ..
كان عليه الصلاة و السلام يوماً يسير مع أصحابه ..
وكان كل واحد منهم معه متاعه .. سلاحه .. فراشه .. طعامه ..
نزلوا منزلاً .. فنام رجل منهم ..
فأقبل صاحبه إلى حبل معه فأخذه .. مازحاً ..
فاستيقظ الرجل .. فوجد متاعه ناقصاً .. ففزع .. وأخذ يبحث عن حبله ..
فقال صلى الله عليه و سلم : لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً ([1]) ..
وفي يوم آخر ..
كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه و سلم في مسير ..
فنعس رجل وهو على راحلته ..
فغافله صاحبه وانتزع سهماً من كنانته ..
فشعر الرجل بمن يعبث بسلاحه .. فانتبه فزعاً مذعوراً ..
فقال صلى الله عليه و سلم : لا يحل لرجل أن يروع مسلماً .. ([2])
ومثله الذي يمزح فيراك أوقفت سيارتك عند بقالة – مثلاً - وهي تشتغل فيأتي ويقودها .. ويوهمك أنها سرقت .. مازحاً..
قد يجاملك صاحبك ويضحك أحياناً على مزحة مروعة .. لكنه متألم ..
ولربما صبر الحليم على الأذى
وفؤاده من حره يتأوه
ولربما شكل الحليم لسانه
حذر الكلام وإنه لمفوه

وجهة نظر ..

كل ما زاد عن حده .. انقلب ضده .. وكم مزحة انتهت شجاراً !!


( [1] ) رواه أبو داود

( [2] ) رواه الطبراني وغيره










قديم 2011-02-19, 17:43   رقم المشاركة : 69
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حفظ السر ..

اشتهر قديماً : كل سرٍ جاوز الإثنين .. شاع ..
ومن اللطائف أن أحدهم سئل : من الإثنين ؟ فأشار إلى شفتيه .. وقال : هذان !!
لا أذكر أني همست في أذن أحد من الناس بسرّ .. واستأمنته إياه .. ثم فاجأني قائلاً : يا محمد .. اسمح لي لا أستطيع أن أكتمه ..
بل كل شخص يضرب بيده صدره .. ويقول : والله لو وضعوا الشمس في يميني .. والقمر في شمالي .. أو السيف على رقبتي .. على أن أخبر بسرك .. ما أخبرت !!
ثم إذا اطمأننت ووثقت .. وكشفت له أسرارك .. تصبّر شهرين أو ثلاثة .. ثم حدث به .. فلا يزال يُتناقل حتى يصلك ..
فوجدت أن سرك لا ينبغي أن يجاوز شفتيك .. فلا تكلف الناس ما لا يطيقون ..
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه
فصدر الذي يستودع السر أضيق


جربت كثيراً من الناس .. فوجدتهم كذلك ..
والمشكلة أنك تأتيهم على سبيل الاستشارة .. فيشيرون عليك .. ثم يفضحون سرك ..
فيسقطون من عينك .. ويصبحون من أبغض الناس إليك ..
ومن أعجب ما في التاريخ ..


أنه قبل معركة بدر ..
لما سمع النبي عليه الصلاة و السلام .. بقافلة قريش مقبلة وأراد قتالها ..
خرج صلى الله عليه و سلم إليها مع أصحابه .. فلما شعر بهم أبو سفيان .. استأجر رجلاً اسمه ضمضم بن عمرو الغفاري .. وقال اذهب وأخبر قريشاً بالخبر ..
فمضى ضمضم .. مسرعاً إلى مكة .. كان وصوله مكة يحتاج أن يسير أياماً ..
وأهل مكة لا يدرون عن شيء من ذلك ..
وفي ليلة من الليالي رأت عاتكة بنت عبد المطلب .. رؤيا أفزعتها .. فلما أصبحت بعثت إلى أخيها العباس بن عبد المطلب .. فقالت له :
يا أخي .. والله لقد رأيت الليلة رؤيا أفظعتني .. وتخوفت أن يدخل على قومك منها شر ومصيبة .. فاكتم عليَّ ما أحدثك .. ولا تحدث به أحداً ..
قال لها : نعم .. وما رأيت ؟
قالت : رأيت راكباً أقبل على بعير .. حتى وقف بوادي "الأبطح" .. ثم صرخ بأعلى صوته : ألا انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاث ..!
فأرى الناس قد اجتمعوا إليه .. ثم مضى فدخل المسجد والناس يتبعونه ..
فبينما هم حوله .. إذ صعد به بعيره فوق الكعبة .. ثم صرخ بمثلها : انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاث ..
ثم صعد به بعيره على رأس جبل أبي قبيس .. فصرخ بمثلها :
انفروا يا آل غدر إلى مصارعكم في ثلاث ..
ثم أخذ صخرة فقذفها من أعلى الجبل .. فأقبلت تهوي من فوق الجبل .. حتى إذا كانت بأسفل الجبل تكسرت ..
فما بقي بيت من بيوت مكة إلا دخلته كسرة من الصخرة .. فاضطرب العباس وقال : والله إن هذه لرؤيا !
ثم خشي أن تنتشر فيصيبه أذى .. فقال لها محذراً : وأنت فاكتميها لا تذكريها لأحد ..
ثم خرج العباس منشغل البال بأمر هذه الرؤيا .. فلقي الوليد بن عتبة وسط الطريق .. وكان له صديقاً ..
فحدثه بالرؤيا .. وقال له : اكتمها .. فلا تخبر بها أحداً ..
فمضى الوليد ..
فلقي ابنه عتبة فحدثه بها ..
ثم لم يمض سويعات ..
حتى حدث بها عتبة .. ثم تناقلها الناس .. وفشا الحديث بها في أهل مكة .. حتى تحدثت بها قريش في مجالسها ..
وفي الضحى ذهب العباس ليطوف بالكعبة ..
فإذا أبو جهل جالس في رَهْط من قريش .. في ظل الكعبة .. يتحدثون برؤيا عاتكة !!
فلما رأى أبو جهل العباسَ قال :
يا أبا الفضل .. إذا فرغت من طوافك فأقبل إلينا ..
فلما أقبل إليه العباس وجلس معهم ..
قال له أبو جهل : يا بني عبد المطلب .. متى حدثت فيكم هذه النبية ؟
قال : وما ذاك ؟
قال : تلك الرؤيا التي رأت عاتكة ..
قال العباس : وما رأت ؟
قال : يا بني عبد المطلب .. أما رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى تتنبأ نساؤكم ؟
قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه قال : انفروا في ثلاث .. فسننتظر بكم ثلاثة أيام ..
فإن يك حقاً ما تقول .. فسيكون ..
وإن تمض الثلاث ولم يكن من ذلك شئ نكتب عليكم كتاباً أنكم أكذب أهل بيت العرب ..
فاضطرب العباس .. وما رد عليه شيئاً .. وجحد الرؤيا .. وأنكر أن تكون رأت شيئاً ..
ثم تفرقوا ..
فلما أقبل العباس إلى بيته ..
لم تبق امرأة من بني عبد المطلب .. إلا جاءت إليه غاضبة .. تقول : أقررتم لهذا الفاسق الخبيث أن يقع في رجالكم .. ثم قد تناول النساء وأنت تسمع .. أما فيكم حمية ..
فاحتمى العباس .. وثار .. وقال : والله .. لئن عاد أبو جهل إلى مثل كلامه .. لأفعلن وأفعلن ..
فلما كان اليوم الثالث .. من رؤيا عاتكة ..
ذهب العباس إلى المسجد .. وهو مغضب ..
فلما دخل المسجد رأى أبا جهل .. فمشي نحوه يتعرضه ليعود لبعض ما قال فيقع به ..
فإذا بأبي جهل يخرج من باب المسجد يشتد مسرعاً ..
فعجب العباس من سرعته ..!! فقد كان مستعداً لخصومة وعراك .. فقال العباس في نفسه : ماله لعنه الله ؟! أكلّ هذاخوفٌ مني أن أشاتمه ؟!
وإذا أبو جهل قد سمع صوت ضمضم بن عمرو الغفاري الذي أرسله أبو سفيان ليستعين بأهل مكة ..
وإذا ضمضم يصرخ في الوادي واقفاً على بعيره ..
قد جدع أنف بعيره .. والدم يسيل على وجه البعير ..
وقد شق ضمضم قميصه وهو يقول : يا معشر قريش اللطيمة .. اللطيمة ..
أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمد في أصحابه لا أرى أن تدركوها ..
ثم صاح بأعلى صوته : الغوث .. الغوث ..
عندها تجهزت قريش وخرجت .. وكان من أمرها في معركة بدر ما كان ..
فتأمل كيف انتشر السر في لمحة عين .. مع قوة الحرص وشدة الاستئمان ..!!


ومن نشر السر أيضاً ..
أن عمر رضي الله عنه لما أسلم .. أراد أن ينشر الخبر ..
فأقبل إلى رجل منهم .. هو أعظمهم نشراً للإشاعة ..
فقال : يا فلان .. إني محدثك بسرٍ .. فاكتم عني ..!
قال : ما سرك ؟
قال : أشعرت أني قد أسلمت .. فانتبه .. لا تخبر أحداً ..
ثم تولى عنه عمر ..
فما كاد يغيب عنه .. حتى جعل الرجل يطوف بالناس ويردد : أعلمتَ أن عمر أسلم ..!! أعلمتَ أن عمر أسلم ..!!
عجباً !! وكالة أنباء متنقلة ..


وفي يوم من الأيام بعث النبي صلى الله عليه و سلم أنساً رضي الله عنه في حاجة ..
فمرَّ بأمه .. فسألته .. إلى ماذا أرسلك النبي صلى الله عليه و سلم ؟
فقال : والله .. ما كنت لأفشي سرّ رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
هكذا كان أنس وهو صغير .. في شدة حفظه للسر ..
وأنى لك اليوم أن تجد مثل أنس ..


قالت عائشة رضي الله عنها ..
أقبلت فاطمة تمشي .. كأن مشيتها مشية النبي صلى الله عليه و سلم ..
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : مرحباً بابنتي .. ثم أجلسها عن يمينه - أو عن شماله - ..
ثم أسرَّ إليها حديثاً .. فبكت ..
فقلت لها : لم تبكين ..
ثم أسرَّ إليها حديثاً .. فضحكت فقلت :
ما رأيت كاليوم .. فرحاً أقرب من حزن ..
فسألت فاطمة عما قال لها النبي صلى الله عليه و سلم ؟
فقالت : ما كنت لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
حتى قبض النبي صلى الله عليه و سلم ..
فسألتها ؟
فقالت : أسر إليَّ : إن جبريل كان يعارضني ([1]) القرآن كل سنة مرة وإنه عارضني العام مرتين .. ولا أراه إلا حضر أجلي .. وإنك أول أهل بيتي لحاقاً بي .. فبكيت ..
فقال : أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة .. أو نساء المؤمنين .. فضحكت لذلك ..



قالوا ..
من عرف سرك أسرك ..



( [1] ) يعارضه القرآن : يراجع القرآن معه .









قديم 2011-02-19, 17:48   رقم المشاركة : 70
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


قضاء الحاجات ..


لما بدأتُ في دراسة الماجستير .. اطلعت على عدد أوسع من كتب الفرق والطوائف ..

من بين هذه المذاهب .. المذهب البراجماتي .. bragmatizem

وترجمته بالعربية : المذهب النفعي ..

لما تبحرت في دراسة هذا المذهب أدركت لماذا كنا نسمع في أوروبا وأمريكا .. أنه في كثير من الأحيان يهجر الابن أباه .. وإذا قابله في مطعم فكل واحد منهما يحاسب عن نفسه ..

فعلاً .. مادام أني لن أستفيد منك فلماذا أخدمك ؟!

لماذا أنفق مالي ؟! واصرف وقتي ؟! وأبذل جهدي ؟! دون مردود مادي يعود علي ..

الإسلام قلب هذا الميزان ..

فقال الله ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) .

وقال عليه الصلاة و السلام : ( لئن امشي مع اخي في حاجة حتى أثبتها له .. أحب إليَّ من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً ) ..

ومن كان في حاجة أخيه .. كان الله في حاجته ..



وكان عليه الصلاة و السلام يمشي في الطريق فتوقفه الجارية وتقول : لي إليك حاجة .. فيقف معها حتى يسمع حاجة .. وقد يمضي معها إلى بيت سيدها ليقضيها لها ..

بل كان صلى الله عليه و سلم يخالط الناس ويصبر على أذاهم ..

كان يعاملهم بنفس رحيمة .. وعين دامعة .. ولسان داع .. وقلب عطوف ..

كان يشعر أنه هو وهم .. جسد واحد .. يشعر بفقر الفقير .. وحزن الحزين .. ومرض المريض .. وحاجة المحتاج ..



انظر إليه عليه الصلاة و السلام .. وقد جلس في مسجده يحدث أصحابه ..

فإذا به يرى سواداً مقبلاً عليه من بعيد ..

نظر إليهم .. فإذا هم قوم فقراء أقبلوا عليه من مضر .. من قبل نجد ..

ومن شدة فقرهم قد اجتابوا النمار ..

يعني يملك أحدهم قطعة قماش فلا يجد ثمن الإبرة والخيط .. فيخرق القماش من وسطه ثم يخرج رأسه ويسدل باقيه على جسده ..

أقبلوا قد اجتابوا النمار .. وتقلدوا السيوف .. وليس عليهم أزر ولا شيء غيرُها .. لا عمامة ولا سراويل ولا رداء ..

فلما رأى رسول الله عليه الصلاة و السلام الذي بهم من الجهد والعري والجوع .. تغير وجهه ..

ثم قام .. فدخل بيته .. فلم يجد شيئاً يتصدق به عليهم ..

فخرج .. ودخل بيته الآخر .. وخرج .. يبحث .. يلتمس شيئاً لهم .. فلم يجد ..

ثم راح إلى المسجد .. فصلى الظهر .. ثم صعد منبره ..

فحمد الله وأثنى عليه .. ثم قال :

أما بعد .. فإن الله عز وجل .. أنزل في كتابه : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ) ..

ثم قرأ ..

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) ..

وجعل يتلوا الآيات والمواعظ .. ثم صاح بهم .. وقال :

تصدقوا قبل أن لا تصدقوا .. تصدقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة ..

تصدق امرؤ من ديناره .. من درهمه .. من بره .. من شعيره .. ولا يحقرن أحدكم شيئاً من الصدقة .. وجعل يعدد أنواع الصدقات حتى قال :

ولو بشق تمرة ..

فقام رجل من الأنصار بصرة في كفه .. فناولها رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو على منبره ..

فقبضها رسول الله صلى الله عليه و سلم يعرف السرور في وجهه ..

وقال : من سن سنة حسنة .. فعمل بها كان له أجرها .. ومثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيء ..

ومن سن سنة سيئة .. فعمل بها .. كان عليه وزرها .. ومثل وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيء ..

فقام الناس .. فتفرقوا إلى بيوتهم .. وجاءوا بصدقات .. فمن ذي دينار .. ومن ذي درهم ..

ومن ذي تمر .. ومن ذي ثياب ..

حتى اجتمع بين يديه صلى الله عليه و سلم كومان .. كوم من طعام .. وكوم من ثياب ..

فلما رأى عليه الصلاة و السلام ذلك تهلل وجهه حتى كأنه فلقة من قمر ..

ثم قسمه بين الفقراء .. رواه مسلم ..


ولما سئلت عائشة عن حاله صلى الله عليه و سلم في بيته .. قالت :

كان يكون في حاجة أهله .. أو في مهنة أهله ..

أفلا تجعل من طرق دخولك إلى قلوب الناس .. قضاء حاجاتهم ..

احتاج شخص إلى مستشفى .. فأوصلته إليه ..

استعان بك في مشكلة فأعنته عليها ..

يراك تقضي حاجته .. وتقف معه في كربته .. وهو يعلم أنك لا ترجو من ذلك جزاء ولا شكوراً ..


أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم

فطالما استعبد الإنسان إحسان


رؤية ..

من عاش لغيره فسيعيش متعباً .. لكنه سيحيا كبيراً .. ويموت كبيراً

..









قديم 2011-02-19, 17:49   رقم المشاركة : 71
معلومات العضو
شـ أسماءــروق
عضو محترف
 
الصورة الرمزية شـ أسماءــروق
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


لا تتكلف ما لا تطيق !!

كان صاحبي من خيار الناس .. خلقاً .. وديناً .. وعقلاً ..
كان إمام مسجد بجانب بيته ..
لكني كنت أسمع ذمه على ألسنة أناس كثيرين ..
كنت أتعجب من ذلك .. ولا أجد له جواباً ..
حتى جاءني يوماً جاره .. قال : يا شيخ .. صاحبك .. لا يصلي بنا .. ولا معنا !!
قلت : لم ؟!!
قال : لا أدري .. لكنه هو الإمام .. ومع ذلك يغيب كثييييراً عن المسجد ..
فجعلت ألتمس له الأعذار .. فقلت : لعله مشغول بأمر ضروري .. لعله غير موجود بالبيت ..
قال : يا شييييخ .. سيارته واقفة عند الباب .. وأنا متأكد أنه في بيته ..
جعلت أتقصى السبب لنصح صاحبي ..
حتى وجدت السبب ..
الرجل بحكم إمامته للمسجد ..
يأتي إليه الناس ويلتمسون منه الإعانة في حاجاتهم ..
هذا عليه دين يريد أن يبحث له عمن يسدده ..
وهذا متخرج من الثانوية ويريد شفاعة لدخول الجامعة ..
وهذا مريض يريد إعانته على دخول المستشفى الفلاني ..
وهذا عنده بنات كبار ويريد لهن أزواج ..
وهذا عليه أيجار لبيته لم يسدده ..
وهذا أعطاه ورقة استفتاء في طلاق ليذهب بها للمفتي العام ..
وهذا ..
وهو رجل عادي ليس له قدرات كبيرة ولا علاقات الواسعة .. ولا وجاهة متميّزة ..
وكان المسكين يغلبه الحياء والخجل من كل أحد .. فلا يقدر أن يعتذر من أحد أبداً ..
بل يأخذ معروض هذا ويعده بسداد دينه ..
ويكتب رقم هاتف الثاني .. ويعده أن يقبل في الجامعة ..
ويقول للثالث : تعال بعد يومين وتجد ورقة دخول المستشفى جاهزة ..
وهكذا دواليك ..
فيأتونه على الموعد .. ويعتذر .. ويعطيهم مواعيد أخرى ..
حتى صار يتهرب منهم .. ولا يرد على هاتفه .. بل وأحياناً لا يخرج من بيته ..!!
وصار من يلقاه منهم .. إن وجده .. يسبه ويصرخ به .. ويردد : طيب لماذا تعدني .. لماذا تجعلني أبني الآمال عليك ..
والثاني يقول : لم أكلم إلا أنت .. وتركت غيرك لما وعدتني ..
لما عرفت حاله .. أيقنت أنه حفر لنفسه حفرة .. ثم تردى فيها ..
سمعته مرة يعتذر من أحدهم .. ويقول :
آسف .. لم أستطع أن أفعل شيئاً في موضوعك ..
وذاك يقول بكل قوة : طيب أنت ضيعت الوقت عليَّ .. ليتك أخبرتني من قبل ..
تذكرت عندها قول الحكيم : الاعتذار في البداية خير من الاعتذار في النهاية ..
ما أجمل أن يعرف المرء قدراته .. ويتحرك في حدود الدائرة المرسومة حوله ..
ولقد جربت ذلك بنفسي ..


أذكر أني ألقيت محاضرة في أحد المجمعات العسكرية بالرياض ..
وبعدها جاءني أحدهم وقال : يا شيخ أريدك في موضوع ضروري جداً ..
قلت : تفضل .. ما هو ؟
قال : لا .. ما يصلح أن أذكره الآن .. لا بدّ أن أقابلك في وقت واسع ..
جعل يُعَظّم حجم الموضوع وأنا أستمع له بلطف .. لكني قد علمتني الحياة أن أكثر الناس يعطون الأمور أكبر من حجمها .. وصاحب الحاجة مجنون بها حتى تقضى ..
قال لي : أظن لك محاضرة غداً في مدينة كذا .. وهي مدينة على بعد 200كم من الرياض ..
قلت : صحيح ..
قال : سآتي إليك هناك .. وأقابلك بعد المحاضرة ..
تعجبت من حرصه ..
وفعلاً .. خرجت بعد المحاضرة فخرج الرجل وراءي مسعاً حافي القدمين .. يحمل ورقة صغيرة في يده ..
وقفت معه جانباً .. قلت : تفضل .. شكر الله حرصك .. ما حاجتك ؟
قال : يا شيخ .. عندي أخ يحمل الشهادة الابتدائية .. وأريدك أن تدبر له وظيفة ..
قلت : بس ؟!!
قال : بس ؟!!
كان الرجل متحمساً .. ومنظره يثير الشفقة .. ويبدو أن أخاه يمر بظروف صعبة فعلاً ..
أيقنت أني لو وعدته سأخلف .. فنحن في زمن لا يكاد حامل البكالوريوس أن يجد وظيفة .. فضلاً عن حامل الابتدائية .. وأنا أعرف حدود قدراتي ..
قلت : يا أخي .. والله أتمنى أن أساعدك .. وأخوك أخي .. وأنا أتألم له كما تتألم ..
لكني لا أستطيع مساعدتك أبداً .. أتمنى أن تتكرم عليَّ وتعفيني ..
قال : يا شيخ .. حاول ..
قلت : لاااا أقدر ..
فناولني الورقة التي في يده .. وقال : طيب .. يا شيخ خذ هذه الورقة فيها أرقام هواتفنا .. إذا وجدت له وظيفة فاتصل بنا ..
أدركت أنه يريد أن يربطني بحبل أمل .. وسيظل ينتظر الاتصال ..
فقلت : بل دع الورقة معك .. وخذ رقمي أنت .. وإن وجدت له وظيفة فاتصل بي .. لعلي أن أكتب لك شفاعة للمسئول فيها ..
سكت الرجل قليلاً .. انتظرت أن يودعني ..
لكني تفاجأت أنه قال لي : بيض الله وجهك .. والله يا شيخ .. سبق أن كلمت الأمير فلان في موضوع أخي منذ سنة .. فأخذ الورقة .. ولم يتصل بي إلى الآن ..
ومرة كلمت اللواء فلان .. فأخذ الورقة أيضاً .. ولم يتصل ولم يهتم .. هؤلاء أناس ما يهتمون بالضعفاء .. الله ينتقم منهم .. الله .. وبدأ يدعو عليهم ..
فقلت في نفسي .. الحمد لله .. لو أخذت الورقة لصرت ثالثهم ..
نعم .. الاعتذار في البداية خير من إخلاف الوعد ..
ما أجمل أن نكون صرحاء مع الآخرين .. عارفين لحدود قدراتنا ..
أحياناً عند خروجك من البيت .. تصرخ بك زوجتك ..
أحضر معك حليباً .. وسكراً .. وحفائظ .. وعشاء ..
فانتبه .. لا تردد : طيب .. طيب .. وإنما اصرخ بها أنت أيضاً وقل :
مااااااا أقدر .. !! فهي خير من الاعتذار عند العودة .. ضاق وقتي .. أقفلت المحلات .. نسيت ..
وكذلك مع زملائك .. وإخوانك ..
أرجو أن تكون الفكرة وصلت ..

تجربة ..

الاعتذار في البداية .. خير من الاعتذار في النهاية ..











قديم 2011-02-19, 19:35   رقم المشاركة : 72
معلومات العضو
al7jaze
عضو جديد
 
الصورة الرمزية al7jaze
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله في ونفع بك مجهووووووود جبار الله لايحرمك الاجر










قديم 2011-02-19, 21:09   رقم المشاركة : 73
معلومات العضو
adoul79
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك على النقل الطيب لا حرمك الله اجره دنيا واخرة










قديم 2011-02-19, 21:34   رقم المشاركة : 74
معلومات العضو
نور نسمة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نور نسمة
 

 

 
إحصائية العضو










Icon24

جعله الله في ميزان حسناتك اختي
ولكي لا ترهقي نفسك وتحمليها اكثرمن طاقتها
اليك رابط من يريد تحميل كتاب الشيخ محمد العريفي...استمتع بحياتك
استمتع بحياتك
https://www.4shared.com/get/-uUZ3nvw/__online.html









قديم 2011-02-19, 21:37   رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
نور نسمة
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية نور نسمة
 

 

 
إحصائية العضو










Icon24

وللمزيد من كتب الشيخ محمد العريفي
اليك رابط
https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=516053

اتمنى لك ولكم الاستفادة










 

الكلمات الدلالية (Tags)
استمتع بحياتك


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc