تمرُّ الأيّام مرَّ السّحاب وتمضي السّنون سريعًا ، ونحن غافلون عن التدبّر والتذكّر قال تعالى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا عباد الله شرع الله الصيام ليكون تذكرة للعبد وعظة له وسبباً لإقباله على طاعة الله ، وانقاذه من غفلته وسنته وليكون هذا الصوم تهذيب للنفوس، وتزكية للأخلاق، وكفارةً لما مضى من الذنوب بتوفيق رب العالمين ، قال الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، مُكَفِّرَاتٌ لمَا بَيْنَهُنَّ ما اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ رواه مسلم إنه وقايةٌ وحاجز بين العبد وبين معصية الله وقايةٌ من الوقوع فيما حرم الله ، فما الصيام لأجل ترك الطعام والشراب والنساء ، ولكنه لتهذيب الأخلاق وتقويم السلوك ، لإعداد المرء الإعداد الصحيح، ليسير في حياته على منهج قويم وخلق فاضل، ويصبح من المتقين الأخيار ومن الصالحين الأبرار.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمْ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ).
سأل أميرُ المؤمنين عمرُ رضي الله عنه الصحابيَّ الجليل أبيَّ بن كعب رضي الله عنه عن معنى التقوى ومفهومها فقال: يا أمير المؤمنين: أما سلكت طريقًا ذا شوك؟ قال: بلى قال: فما صنعت؟ قال:شمرتُ واجتهدت ، أي اجتهدتُ في توقي الشوك والابتعاد عنه ، قال أُبي: فذلك التقوى .
رمضان عباد الله مدرسة تربوية، يتدرب بها المسلم المؤمن على ضبط جوارحه وأحاسيسه وتقوية إرادته في الوقوف عند حدود ربه، والتسليم لحكمه وتنفيذ أوامره وشريعته ، فيتحصل بذلك على تقوى الله ويخرج ظافرًا من جهاده لنفسه، فينال بذلك الثواب الذي لا عَدّ له ولا حَصْر ، فقد صح عنه أنه قال كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلاَّ الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِى وَأَنَا أَجْزِى بِهِ يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِى لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ . في هذا الحديث عباد الله دلالة على عظمة هذه العبادة.