السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اولا شكرا على هذ ا الطرح الجيد الذي يعالج أحدى العادات التي قد تعصف بالأسر
إن مما لا يخفى على أحد من ذكر وأنثي أن إبليس عدو للبشر ويتسلل من أبواب و مداخل عدة ليوقع الإنسان في الشرك ، ويحدث السوء والخلاف ويدعو إلى الفحشاء والمنكر
وهذا الذي طُرح في موضوعك هو من بين تلك الأبواب التي يمكن لإبليس الدخول منه .
فالمرأة التي تخرج لتبيت في غير بيت أهلها أو بيت زوجها فقد عرضت نفسها لتهمة أو للريب والظن أو لحدوث معصية أو انها فتحت الباب لإبليس
حتى لو كان الولي متساهلا أو متسامحا أو كما يقال (متفهما ومتفتحا )؟؟
يجب ان نضع الأمور في موضعها ونسمي الأشياء بمسمياتها ،كأن تسمع فتاة تقول أنا أعتبر تلك العائلة كعائلتي ، أو أعتبر ذلك الفتى كأخي وهكذا ...أنت تعتبرين ذلك وحدك ،أما الدين فهو ثابت ولا يعتبر أهلك سوى من هم أهلك حقا ،ولا أخوك سوى إبن أمك وأباك وأخوة الرضاع.
ومن ها هنا فإني لأظن الأمر واضح وجلي إلى أبعد مدى ،فالمرأة الصادق إيمانها ،والصحيح حياؤها ،والشديد حذرها ،والحريصة على شرفها ،هي التي تعرف مداخل إبليس فتسعى وتجتهد في غلقها مهما كلف ذلك من ثمن وفرصة وعمل وفخر وقوة وصحة
ذكر الإمام ابن القيم رحمه الله, سبعة مداخل يدخل بها الشيطان على الإنسان ليضله, وليغويه, وهذه المداخل هي كما يلي إن شاء الله
المدخل الأول: الكفر بالله: في هذا المدخل يأتي الشيطان للإنسان الجاهل الذي لا يعلم من دينه إلا قليلا, لو كان يعلم القليل أصلا, ويقول له: لماذا لا يكون غير المسلمين على الحق؟! ليصرفه عن القراءة في دينه إلى الشك فيه, ولا عجب في أن تكون هذه هي أول مدخل من مداخل الشيطان, كيف لا, وأمنية حياته أن نكون مخلدين معه في النار, ولا يوجد حل لهذا المدخل إلا العلم الجيد بالعقيدة الإسلامية
المدخل الثاني: أن يوقعك في البدعة: إذا فشل الشيطان في محاولته لإيقاعك في الكفر, فإنه يدخل عليك من الباب الثاني, وهو أن يحاول أن يوقعك في البدعة, وهي أن تعبد الله بأسلوب لم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية المطهرة, فتظن أنك تتقرب من الله, في حين أنك تعصيه وتحصد السيئات, بل وقد يتجاوز بك الأمر من وقوعك في البدعة إلى الوقوع في الكفر أو بعض مظاهره والعياذ بالله, ولا حل لهذا المدخل إلا بالعلم بسنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم , فالسنة ضد البدعة
المدخل الثالث: أنه يحاول أن يوقعك في كبائر الذنوب: فإذا فشل الشيطان في إيقاعك في البدعة, فإنه يسعى إلى إيقاعك في الكبائر حتى تنكسر حدة إيمانك, فإذا إنكسرت حدة إيمانك أصبح سهلا عليه أن يوقعك فيما شاء من الضلالات
وعندما سقط سيدنا عبدالله بن حذافة السهمي في أسر قيصر الروم وعرضوا عليه الرغائب والرهائب حتى يجندوه لهم وهو رافض وثابت على الحق , قال كبير القساوسة لقيصر: أدخل عليه إمرأة جميلة في سجنه واجعلهما بمفردهما, فإنه إن زنى بها إنكسرت حدة إيمانه فيسهل علينا أخذ ما نريد منه, فلما فعل قيصر بوصية القسيس, ما كان من سيدنا عبدالله إلا أن أغمض عينيه وأعرض عنها حتى الصباح, فلما فتحوا عليهما الزنزانة, وجدوا المرأة تقول شعرا من عجب ما رأت, فقالت: أأدخلتموني على بشر ؟ أم أدخلتموني على حجر؟ والله منذ دخلت عليه ما رفع في البصر .. وما أظنه يدري أنثى أنا أم ذكر
فلا حل لهذا الباب إلا بالتمسك بالإيمانيات المرتفعة والتقرب من أهل الصلاح والتقوى, حتى يزيد إيمان العبد, فالإيمان يزيد وينقص, يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
المدخل الرابع: أنه يحاول أن يوقعك في صغائر الذنوب: إذا فشل الشيطان في إيقاعك في الكبيرة, فإنه يسعى إلى إيقاعك في الصغائر , حتى إذا تعود قلبك على الصغائر, فإنك تتعامل معها وكأنها ليست معصية من الأساس, ومثال ذلك: الذي تعود على شرب السجائر ويتعامل معها وكأنها حلال, والذي تعود على عدم غض البصر لا يرى غضاضة في مشاهدة المناظر السيئة في الأفلام أو على النت .. إلخ, وهكذا يتعامل مع بعض المحرمات وكأنها مباحات, فتصبح الصغيرة في حقه كبيرة والعياذ بالله, فيسهل على الشيطان أن يستدرجه إلى الكبائر, حتى يصل به إلى بقية المداخل والعياذ بالله .. ولا حل لهذا الباب إلا بالتمسك بالإيمانيات المرتفعة والتقرب من أهل الصلاح والتقوى أيضا, حتى يزيد إيمان العبد, فالإيمان يزيد وينقص, يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية
المدخل الخامس: التوسع في المباحات: وهذه من أخطر النقاط , لأن الإنسان يتعامل مع المباح على أنه مباح , في حين أن الشيطان قد يجعلك تضيع الفرائض بفعل المباحات, ومثال ذلك: ما روي على لسان يحيى عليه السلام حين سأل الشيطان فقال له: يا لعين! ماذا أعددت لي لتضلني؟ فقال الشيطان: لا يوجد ما أضلك به إلا أن أجعلك تكثر من الأكل (والأكل مباح) فتكثر من النوم (والنوم مباح) فتنام عن الصلاة المكتوبة (وترك الفرائض كبائر) فقال يحيى عليه السلام: لله علي عهد ألا أشبع من طعام أبدا. فقال الشيطان: ولله علي عهد ألا أنصح موحدا أبدا
ومثال ذلك أيضا: كثرة إهتمام الشباب بالحب حتى يصبح شغلهم الشاغل وكأن الحب ليس إلا الدائرة الضيقة بين شاب وفتاة مهملين أو متساهلين في المعنى الأعلى للحب وهو حب الله وحب الرسول وحب الدين وحب الوالدين, متناسين الحب الحقيقي الذي يؤجر عليه الإنسان بالحسنات ويكفر الله به عنه من السيئات, ويضيعون فيه الوقت لقد ضحك عليهم الشيطان فجعلهم يتوسوعون في المباحات حتى نسوا ما هو أهم منه .. وفس على هذا الكثير من المباحات التي نتوسع فيها فيسقطنا الشيطان من خلال هذا التوسع في المحرمات دون أن نشعر, وانظر إلى أسلوب الحوار بين بعض الشباب وبعض الفتيات على النت على سبيل المثال لترى عجبا .. ولا حل لهذا المدخل إلا بالإتزان, فلا إفراط ولا تفريط .. ونطررها مرة أخرى: لابد من الإتزان, فلا إفراط ولا تفريط
المدخل السادس: أنه يشغلك بالأقل أفضلية عن الأعلى أفضلية: إذا فشل الشيطان في إيقاعك في التوسع في المباحات فإنه يسعى إلى تقليل أجرك ما إستطاع إلى ذلك سبيلا, فيسمح لك بفعل الطاعات, ولكن يجعلك تهتم بالأقل أفضلية عن الأعلى أفضلية, فتقوم الليل دون أن تصلي الوتر مثلا, ومن المعلوم أن الوتر سنة مؤكدة بينما القيام سنة, والسنة المؤكدة أجرها أعلى من السنة, أو يجعلك تقوم الليل وتوتر ثم تنام عن صلاة الفجر مثلا .. وهكذا فهو يرضى بأقل القليل, المهم أن يقل أجرك .. ولا حل لهذا الباب إلا بالعلم والمجاهدة والمثابرة
المدخل السابع : هو تسليط الناس: فإذا فشل الشيطان في أن يجعلك تهتم بالأقل أفضلية عن الأعلى أفضلية, فإنه يسعى إلى تسليط الناس عليك, فتسمع هذا يقول عنك غريب الفكر, وذاك يقول عنك متشدد, وذلك يقول عنك إرهابي, وبعضهم يقولون عنك متحجر الفكر, وآخرون يستهزئون, فمنهم من يقول : خدنا على اجناحك يا عم الشيخ, ومنهم من يدخل السجون ويعذب من أجل دعوته .. ولا حل لهذا الباب إلا بالتمسك بالحق والصبر واستشعار الأجر من الله
فإذا أغلق هذا الباب على الشيطان فإن الشيطان يرفع يده عنه ولا يقترب منه, لأنك بهذا تصبح من عباد الله المخلصين الذين استخلصهم الله لنفسه سبحانه .. نسأل الله أن نكون منهم