السلام عليكم
فحبُّ الوطن ليس نشيدًا تستعذبه الألحانُ، وليس لافتة تَزْيين تعلَّق على الجدران، ولا وقفة تخشع لها الصُّور والأبدان، فالحبُّ رخيصٌ حين يكون زعمًا وكلامًا، ولكنَّه غالٍ وثقيلٌ حين يكون عملا وتضحيةً وإقدامًا.
وإنَّما حبُّ الوطن المفعم بالإيمان والمشبَع بالتَّفاخر به والاعتزاز به ـ حقًّا وصدقًا ـ إنَّما يكون بالحفاظ على أَمْنِه وسلامته، والابتعاد عن ترويع أهله وإشاعة القتل والنَّهب والفوضى وجميع صور الإفساد في رُبُوعِه تحت أيِّ غطاء كان، ويكون بنبذ العصبيَّات والنَّعَرَات والتَّحزُّبات الَّتي تسعى إلى تَفْرِقَتِه وتشتيته، وتَحُول دون اجتماعه ووحدته، ويكون بلزوم جماعة المسلمين المنتظمة تحت لواء وليِّ الأمر، والانضمام في سِلْكِها والاجتماع على كلمتها وعدم التَّشجيع على مفارقتها وشقِّ عصاها ومخالفة سبيلها والافْتِيَاتِ عليها، ويكون بطاعة من أوكل له تسيير شؤون الأمَّة وإعانته على ما حمل القيام به وجمع الكلمة عليه، وردِّ القلوب النَّافرة إليه، والدُّعاء له ولأعوانه بالصَّلاح والتَّوفيق والسَّداد، كما يكون حبُّ الوطن باستغلال خيراته وثرواته وصيانتها من عبث المفسدين وخدمة أرضه ومن عليها من العباد والممتلكات والمكاسب والإنجازات؛ ليستغني عن غيره، ويعظم في عين أعدائه الطَّامعين فيه، والسَّعي به نحو الأكمل والعيش الأفضل، إذ ليس من شرط الوطن أن يكون كاملا لا نقصَ فيه، هذا أمر مستحيل، لكن حسبنا القرب من الكمال والتَّقدُّم نحو الأحسن.
فهذه وطنيَّة أهل الإسلام، ليس فيها تدليس ولا إيهام، بل هي وطنيَّة تحفظ الثَّوابت وتقوِّي الارتباط بشرع الله تعالى، إذ هو المخرج من جميع الفتن والمصائب الَّتي تحلُّ بالأمَّة.
واللهَ نسأل أن يحفظ أوطان المسلمين عامَّة ووطننا خاصَّة من كيد الكائدين وتربُّص المعتدين، وأن يعين ولاة أمورنا على استتباب الأمن وإقامة العدل ونشر الخير، وأن يهدي من ضلَّ عن سواء السَّبيل ويوفِّقه للتَّوبة والرُّجوع إلى الله، وصلَّى الله وسلَّم وبارك على نبيِّنا محمَّد وعلى آله وصحبه أجمعين
منقول من الشروق أون لاين..... حقيقة حب الوطن .. بقلم الشيخ عز الدين رمضاني