إننا والله – كما قال الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى – في زمن الرويبضات – لقد آن لك أن تنطقي أيتها الرويبضة الشمطاء ،فمن ذا الذي يمنعك ، لقد خال لك الجو فبيضي واصفري .
لقد صدق الشاعر حين قال :
من يثني الأصاغر عن مرادٍ *** وقد جلس الأكابر في الزوايا
وإن ترفع الوضعاء يوماً *** على الرفعاء من إحدى الرزايا
إذا استوت الأسافل والأعالي *** فقد طابت منادمة المنايا
عجبي من أشخاص يبصرون القذى في أعين غيرهم والعود يملأ أعينهم ..عجبي من أناس يرفعون عقائرهم مجاهرين بمقت الفساد ،وهم مرتعون فيه ومنغمسون ، حالهم أشبه بذلك الطبيب الذي يصف الدواء لذي الضنى وهو عليل .
في زمن الردة والفتن لا تعجب إن أطلت علينا مومسة من المومسات أو محترفة من محترفات الخنا لتبدي لنا رأيها السياسي أو حتى الديني والأعجب أن ترى هؤلاء الذين تسموا بالصحافيين يبتدرون كلامها أيهم يكون له شرف وسبق نشره.
لما لا نعجب ونحن نرى كاتبة متضلعة في الشذوذ الأدبي تتحامل على أصحاب الشذوذ السياسي ، صاحبة عابر السرير تنقد الذين خلدوا في عروشهم وتشبثوا بكراسيِّهم و أبوا أن يعبورها عبورا .
صاحبة ذاكرة الجسد تقدح في عباد الجسد الذين يتحكمون في الرقاب ،وتنعتهم بلصوص وعصابات وعديمي الكرامة .
ترسم لوحة سوداوية قاتمة عن حياة الجزائرين وهي التي رغبتهم في الظلام ودعتهم إلى العيش في ضلاله عندما قالت لهم : الأسود يليق بكم.
صاحبة رواية فوضى الحواس يبدو من خلال خاطرتها المشئومة التي تناقلتها وسائل الإعلام البغيضة وباركتها أنها من دعاة الحلول الفوضوية والثورية وليس السلمية المشروعة.
أحلام مستغانمي من الإثارة الجنسية الطافحة في جل رواياتها إلى الإثارة السياسية .
تتباكى على المعوزين و المعدمين وهي التي تحيا حياة المترفين خارج وطنها بعيدا عن معاناة شعبها المعدم ،أحيانا في بيروت ومرة في دبي وأخرى في أروبا..
متى سمعتم عن هذه الكاتبة تبرعت مرة في حياتها بحقوق كتاب من كتبها لأجل هؤلاء المعدمين الذين تتباكى عنهم اليوم.
دلوني عن كتاب لهذه المرأة تدعو فيه الناس إلى الفضيلة والاستقامة على منهج الله الذي فيه سعادة الدينا والآخرة..
أليست كتبها كلها دعوى إلى المجون و الرذيلة في مشاهد تسميها هي ومن هم على شاكلتها بالأدب والفن الروائي..
بعد أن مل يراعها من الدعوة إلى المجون والابتذال ها هي تسلك بالقاريء سبيلا آخر ،أكثر خطورة وجناية على عقل و ضمير وعقيدة وأخلاق المواطن ألا وهو سبيل العنف والتحريض ..
بعد أن أفنت عقودا من عمرها في إفساد المجتمع العربي عامة والجزائري خاصة بما أملته عليها قريحتها المريضة من أدب وضيع ، تريد أن تكمل ما تبقى من حياتها في أدب آخر لا يقل وضاعة ونذالة وهو الأدب السياسي التحريضي.
وكأن هذه المرأة لا تملك إلا عاطفة واحدة في كتاباتها وهي عاطفة الإثارة..من إثارة جنسية إلى إثارة سياسية.
ولكن إن كان عجبي من هذه المرأة كبيرا فعجي من أولئك الذين يباركون كتاباتها و يهللون لها أكبر ، فها هي الأديبة التي طالما نعتت بالنجمة المتلألئة في سماء الأدب الجزائري ،ومفخرة الأدب الجزائري تعتصر قريحتها بعصارة نتنة وعفنة ،فمهما كان الوضع الذي تعيشه البلد ،لا يحق لها أن تسطر ذلك الكلام الأشبه بالزعاف .
فهي كاتبة معروفة ،كل كلمة يخطها يمينها يتلقفها المتلقفون و تسري في الناس سريان النار في الهشيم..
و الناس مجبولون على الانجذاب إلى الكلام الجميل و الشعارات الرنانة ، والكلام له وقع في القلب كوقع السيف
والكاتب المتبصر هو الذي يهمه قراءه ،ويحرص على أن تقع كل كلمة يخطها بيده وقعا حميدا في قلوبهم لا وقعا شديد يستثير عواطفهم ويهيج غرائزهم .
و لكن كما قيل إذا عرف السبب بطل العجب ،فحين نعلم بأن الكاتبة أحلام مستغانمي لها رواية باسم الكتابة في لحظة عري يزول عجبنا ، ولن نستبعد حينئذ أن تكون كلماتها تلك سطرت في لحظة عري ، اللحظة التي طاش فيها عقل الكاتبة وهيمن عليها سلطان العواطف المحمومة .