يوميات شاعر متهالك - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتدى الحياة اليومية > أرشيف منتدى الحياة اليومية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

يوميات شاعر متهالك

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2015-01-08, 18:40   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










Post يوميات شاعر متهالك


(1)
أقف الآن عند نقطةٍ وحيدةٍ تحاولُ الالتصاقَ بإرهاصاتِ بوح ٍ مغامر ٍ في ظلِّ لوعةٍ خرافيةٍ باختصارِ المسافةِ المائلةِ عن ، والى الحلم .
هاأنذا أحمل مُهمَلَ أشيائي المبعثرةِ ما بيني وبين بوابةٍ للحلمِ الصاعدِ الى أسفل منازلٍ للقمر المتثائب خلف نافذتي المفتوحة ، وقد أضمرتُ في داخلي أن أتدحرج على صدره كبرتقالةٍ راشدة ، وأن أرصد بريق عينيه في مرآةٍ مقعرة ومجوفة لأرى من خلالها أحلامه الناعسة وهي تستدفئ بشهي لحظةٍ مختالةٍ فاتنة .
هاأنذا الآن أتقوقعُ وأنفرجُ في داخل بوصلةٍ غامضة ، يشير عقربها المتسكع على ظهرها كغجريةٍ راقصةٍ الى خاصرتي الموبوءة بالحلم العابث في داخلي كالأرملة المجنونة .
هاأنذا إذاً أبدأ رحلة ً لشهقةٍ صاخبةٍ تعتمل أصداءها في فؤادي كالحمى القاتلة ، ترتجف لها أطرافُ أحلامي المتآكلة ، وترتعش أوردة اللحظة الهاربةِ من عنفوان بوحها المغامر .
هي نقطة ٌ ليست وحيدة ، وقد ضمت الى صدرها أفنان ظلي ، وأزاهير وجعي ، فباتت مفتونة بالخطو المتسارع أسفل نافذتي المشرعة .
يتبع...









 


قديم 2015-01-08, 18:42   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(2)
لم تمهلني بواباتُ الريح لأرتدي معطف الشتاء القارس ، وبدوتُ بثوب نومي كمهرج ٍ بليدٍ لا يجيدُ تسلية جمهورهِ المتعطشِ لابتسامةٍ واحدة .
كنتُ شقياً كطفل ، عبثياً كطفل ، مغامراً كطفل ، وكنت أجمع ألعاب الأطفال التي أصادفها وأخبئها تحت سريري ، وأظلُّ أنظر اليها بين الحين والآخر ، كان دم الطفولة مواصلاً جريانه في أوردتي رغم ثلاثينيتي البائسة .
وتحرجني ساره ذات التسع سنين وهي تبحث عن لعبتها ، وتكتشف طفولتي المتأخرة .
رويداً يا ابنتي ، يوماً ما سأحدثكِ عن بوابات الريح ، والقمر المتثائب خلف نافذتي ولوعتي المجنونة . سأحدثكِ عن ليلٍ يربض على صدري وهاجسٍ يعشقُ ظلي من الوريد الى الوريد .
سأخبرك عن خيامي التي نصبتها على الماء ، وعن شجر البرتقال الذي يتسلق قامتي كل مساء .
يوماً ما سأحدثكِ عن أحلام الليمون ، وعن السنبلة العرجاء ، فلا تعجبي يا ابنتي
خذي لعبتكِ الآن وانصرفي .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 18:44   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(3)
كنتُ أشعلُ الصمت ميمماً بوحي لقيثارةٍ قديمة تتكئ على الجدار . ويخذلني صوتي وهو يهربُ أمامي وخلفي كرجلٍ معتوه .
شعرت بالحزن الشديد ، وأنا أرى كل الكونِ وكأنه بدأ يتخلقُ من جديدٍ متجاوزاً معالم صورتي وهويتي ، مما أجبرني على الدخولِ في تحدياتٍ هلاميةٍ وميتافيزيقيائيةٍ لأصل الى وجهٍ يشبه وجهي ولو من بعيد .
غامرتُ بنشر أشرعتي رغم الضباب الذي يخفي محيط عيني وكامل قامتي ، ووزعت ارصفتي وخرائط مدني على نجماتٍ تضيء في سماء أحلامي المتعثرة .
لم تمهلني بواباتُ الريح لأصعد على صدر موجةٍ عاتيةٍ تخترق القلبَ من أقصاه الى أقصاه . لم تمهلني لأغني .
بدأتُ في رسم ظلي ، متفائلاً بصديقتي الشمس ، ومتوجساً من غيمةٍ ترقب خشوع انتظاري ، رأيتها وهي تقلبُ تقويم جسدي ، وتتربصُ لفراغات عيني متحينةً لوقتٍ تخبو فيه ظلالي ، فتقرئني .
لم تمهلني الريح ، لأغني ، وأغني .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 18:45   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(4)
لن أعود أدراج بوحي ، وسأظلّ قابعاً خلف صورتي المعلقة حتى أختنقُ أو يختنق الجدار . سأمارسُ عليه همجيتي المهذبة حتى يذوب .
أجل ، يوماً ما ، سيذوبُ الجدار ، وعندها سأحمله في آنية حزني ، وأصبه في المحيط . أو أفرغه في جوف صهيوني ٍ لعين .
أحمل الآن حطب مهجتي لأعتقه بنور الشمس ، وبذكرى لحظةٍ هزّت القلب ، سيكون رائعاً هذا الحطب المعتق . سأهديه لأبي ليزرعه أشجاراً تقاومُ مواسم الغبار . أو أهديه لصديقي ليملأ به مزهريته الفارغة .
لن أحتار في حطب مهجتي المعتق ، حتى لو وضعته سلـَّماً لعاشق ٍوعشيقة . وربما سأبيعه في مزادٍ علني في سوق الأفئدة الحزينة .
لن أحتار فيه ، ومليونُ مكلوم ٍسيشتريه . لن أحتار ، حتى لو طرزته على شال قصيدةٍ مجروحة ، أو وضعته بصمة ًعاشرة على شماغ ِشاعر ٍمطاردٍ منبوذ .
لن أحتار ، فالريح لن تمهلني ، حتى يذوبَ الجدار .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 18:57   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(5)
أتدحرجُ من أسفل الى أعلى غير مبالٍ بتلك الجاذبية وكأني بذلك استسلم لغوغائيةٍ بليدة ٍتجوس في داخلي كالكرة الزئبقية ، تلك المتنافرةُ المتماسكة .
أجل ربما أنا كذلك ، متنافرٌ متماسك ، متوحدٌ متهالك ، أهربُ من ظلي الى الشمس وأهرب من الشمس الى غيمةٍ مغامرة تهوى جنون الريح وعبث العاصفة .
أقفُ على بُعد أنملةٍ من نجمة ، وأستدير ، مُشغلاً روحي بليل القصيدة البهيم ، وأهيمُ في سماءٍ من ورق ، بحثاً عن صفحةٍ بيضاء ، أرسم عليها ما علق في ذاكرتي لوجهي القديم .
ما كنت أصدقُ أنني أنسى وجهي ، حتى رأيته مرةً في المرآة لا يشبهني ، كان مختلفاً ، اختفت منه أشياءٌ كثيرة ، وظهرتْ عليه تقاسيمٌ جديدة ، حدثتني يومها نفسي ، لربما سرق أحدٌ ما وجهي ، وتخيلتُ عصابة ًهمجية تقوم بسرقة الوجوه وتخبئها في مكان ٍ ما أو ربما ترتديها كالأقنعة .
قضيتُ وقتاً طويلاً أبحثُ فيه عن وجهي ، متوقعاً أن أصادفه يوماً ، مرمياً تحت نافذة ، أو معلقاً بغصن شجرة ، أو أن أجد أحداً ما يرتديه ، مدعياً ملكيته ، فأحاربه وأنتزعه منه بالقوة .
اقتنعتُ أخيراً وبعد طول بحث ، أنني أنسى وجهي أو أتناساه ، وربما أهرب منه أحياناً لأجده مختبئاً خلف قصيدة ، أو لوحةٍ جديدة ، وأحياناً لا أجده .
هل رأى أحدٌ منكم وجهي ؟؟ .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 18:59   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(6)
يحيطُ بي القلق ، كإحاطة السوار بالمعصم ، وشيءٌ ما لا أدريه ولا أعرفُ كنهه يمور في داخلي كالأمواج المضطربة ، شيءٌ ما يجول في أعماقي كالرهبة الجائرة كاللحظة المحمومة ، كالصخب العارم حتى الغثيان .
أجهل هذا الشعور المتهالك حتى الفناء . أجهل هذا الوقت المتصاعد في داخلي كالفيروس القاتل . ربما أنا خائف ، تتملكني خشية الانتظار من مجهول ٍأشعر بتربصه الدائم . ربما ، ربما ، هناك أشياءٌ كثيرة .
تلك عقدة ٌ قديمة ، قد لازمتني أمد الدهر ، تبدَّل الكونُ ولم تتبدل ، بقيتْ تربض على صدري وتنمو على وجعي كالجرح الذي يتسع ، والعمر الذي يزيد .
لن آبه الآن بها ، فلي موعدٌ مع قصيدةٍ غاضبة لا تهوى الانتظار . سأفقأ بها عين خوفي وقلقي حتى أشعر بالانتصار ، ولو للحظةٍ يتيمة .
هي القصيدة ، وليست سواها تلك اللحظة المحمومة ، وذلك الصخب العارم حتى الغثيان ، وحتى حدود الجنون .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:02   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(7)
غفوتُ على بارق ٍمن هجير ، بعد أن أجهدني ظمأ أحلامي ، وأتعبتني لوعة تجتاحني كالشهب المحرقة . حدقتُ في السماء القريبة ، كأني أراها للمرة الأولى
وبدأتُ أتشكلُ بالغيم متخيلاً قصصاً عديدة ، فتارةً أكون سحابة ً غاضبة ، ومرة ً باسمة ، وأخرى كفارس ٍشجاع ، وهو يحلم بالحبيبة البعيدة .
يومها كنتُ أصدقُ أحلام الغيم ، متشبثاً بسحابةٍ تحملني هنا وهناك ، لأوزع ملامح صورتي على المرابع السحيقة في الكون الشاسع . كنتُ أتجاوز أحلامي برسم تقاسيم وجهي في سقف السماء . تلك كانت هواية ًقديمة ، عدتُ بعدها لرسم أحلامي على الرمل ، ومن يومها لم يفارقني السؤال – هل أخطأتُ بتصديقي أحلام الغيم القديمة ؟ .
كثيراً ما أكتشف غوايتي ، وأنا أتهالك في حزني وهزائمي . وأفتقد الغيم في كل مرة ٍأفقد فيها ملامح وجهي وصورتي ، لكنّ الغيم ماعاد صديقي ، أو أنني فقدتُ مقدرتي في تشكيل أحلامي بسقف السماء .
اذاً أصبح الرمل موطن أحلامي الوحيد ، بعد أن تخلت السماء عني . هاأنذا الآن أرضٌ جدباء مجهولة ، يحتويها الفراغ الرهيبُ من كل صوبٍ واتجاه .
هاأنذا الآن فارغٌ حتى من ظلي ، أبحث عني في الفراغ بلا جدوى . رباه ، عادت الدنيا فراغ ٌ في فراغ .
كم أفتقدكَ أيها الغيم .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:05   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(8)
ما كنتُ لأعبر خطاً ضئيلاً بين الواقع والمجهول ، وليس في الحسبان تجاوز الحلم الى مدارات التحقق والوجود ، وغير ممكن ٍأبداً أن أختصر المسافة بيني وبين القادم البعيد أو القريب . هكذا كنت ، وهكذا سأكون .
بحثتُ عنه كي يبحث عني ، ونلتقي على بوح الطين في لحظات الجلاء النادر في عمق أرواحنا . أخذ بيدي بعد أن أسرج خيل خياله ، موجهاً بصري وبصيرتي لأفق ٍيتدلى من خيوط الشمس ، ليعلن لي سرّ الوهج المتلألئ في عينيه ، ويقول لي بلكنة حلمه الغريب ، سنحفر خندقاً تحت أفق الشمس المتدلي .
كنتُ غريباً أصدقُ غرابة أحلامه ، وأتجاهلُ وجعَ غربتي بيني وبينه . حاولت الاختصار بكل ما أمكنني لأعبر له واليه في نقطة اكتمال ٍفريدة ، نقطة الدهشة الممكنة والمستحيلة . تلك النقطة الهادئة حتى صخب الصمت ، والمجلجلة حتى الانفجار . إنها الدهشة الغير ، والغير الدهشة .
حملتهُ أو حملني على قوالبَ متعامدة على مهجة القلب ، وأفرغنا من فراغ أحلامنا بعض البوح المغامر والمقامر حتى الانتحار البليد ، لتحفنا لحظتها المأمولة ، وتفاجئنا شهقتها المجنونة ، ونمضي في غمار انفلاتها المضيء كنجمة ٍوحيدة تعبر في سماء التعب المتشظي في أعماقنا ، كالوهلة المجيدة .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:08   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(9)
هي لحظة ٌأعود اليها لأتنفس عبير أيامٍ مضتْ . أعود اليها كالهارب من الصقيع ليحتمي بجذوة نار الذاكرة . ما غيرها الذاكرة ، تحتلني من الوريد الى الوريد كلما أرهقتني صورتي المتعبة .
أقفُ أمامها متهالكاً حتى أخمص وجهي الشاحب ، وقد أخذته رمادية ظلي ، وأخفته في عرين حزنه الصاخب ، وطوته كالجريدة الفاشلة المهملة .
أقف أمامها كاليتيم ، أسألها هجعة ًللوجع المترب بالمسافة الخانقة . أسألها خبز أحلامي المتعثرة ، وحلوى أيامي المتناثرة على رصيف هواجسي المتآكلة .
كنتُ أرصد بوحها الرحيم ، المنتشر على سقف حزني كأوراق الخريف . وأدخل في طقس أوهامها كالصحاري المقفرة ، أحلم بمزن انهمارها واشتعالها لأعود من جديد ، وتهتز أغصانُ مهجتي المتفحمة .
ما سواها الذاكرة ، رغم ثقبها العنيد ، تقفل أبوابَ غربتي ، لأنهض كالعنقاء من رماد التعب المتشبث بأجنحتي ، وأحلق في سماوات انعتاقي وحريتي .
رغم ثقبها المائل على مرايا انكساراتي ، تميل عليّ بأثداء البقايا من بوح وجهي القديم ، لأعود ..... لأعود ...... .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:14   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(10)
أفتح بوابة ًللشمس ، ونافذة ًللعصافير ، وأقفلُ المساحات المتبقية لاتساع الجرح .
أعلنُ هدنة ًمفتوحة بين المد والجزر ، وأستبيح موجة ًمراهقة ًتشغلُ مهجة القلب وأبدأ الترقب والعد ، من فاتحة الأسئلة الى رحم العجز الموبوء في الرد .
أنهض من سبات الحلم ، معلقاً بأوردة الشوارع المنسية في مدن الأمس . وأخطفُ لحظة ًهاربة من وطن المجهول المرتقب ، لأمارس فيها عبثيتي المتأخرة .
أفعل أشياء كثيرة لأتفادى ليل المسافة ، وأمنح ظلي فرصة ًتلو أخرى ليقترب منيَ أكثرَ وأكثر .
هكذا أفعلُ ولا أفعل ، كلما بادر السؤال بنشر أجنحة الغربة والحيرة . وكلما برقتْ في عين أيامي لهفتهُ المريرة ، لاقتناص اللحظة الحالمة الأخيرة .
هكذا أفتتح أزمنة ً أخرى لمواسم السنابل ، وأمكنة ًجديدة ًلاشتعالات المساء .
ليس بعد ، مازال في القادم وقته الأجمل ، لأبدأ الغناء ، رغم الغبار المتطفل على نافذتي ، ورغم الهجير الصاخب ، وويلات الريح المجنونة .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:17   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي


(11)
أغرق في بحر قطرةٍ من ألم ، وأتمدد في ظلّ نخلةٍ من جرح ، وأعلو حتى أمتزج بغيم لوعتي ، وأسقط حتى يعلق قشر البرتقال بقامتي ، وأتحلل الى أسئلةٍ رمادية تراودني على فراغات مهجتي . الآن وحدي ، وكلُّ شيءٍ يلتصق بي .
كل شيءٍ أقرب لي من جسدي ، محنطٌ أنا في انفعالاتي وثوراتي الهادئة حتى هدوء الموت .
المح ظلي في سراب المرايا ، يعاكس نجمة ً تغزل ضوئها المثقوب بلحن نشيدي ، وابتهالات شوقي العارم حتى الجنون . ( هكذا أكونُ أو لا أكون ) .
ليس لي من غفوة صبري على عين ٍتحاكي ثورتي الشاحبة الا انفعالات الدموع ، والحزن يدفعها كالطفلة التائهة ، أو الشاعر المهزوم .
لستُ أخفي شعوري بقسوة الهزيمة ، عند آخر بوح ٍتصبب له جبيني ، وانثنت قامتي كغصن زيتون ٍ، ووردة ٍطائفية . لستُ أخفيه ، وقد تصاعد كالدخان الكثيف ليملأ سماء أحلامي المخملية ، ويحجبَ أفق انتصاراتي الهلامية .
آهٍ ، أيتها القصيدة الغجرية ، أقفُ الآن بين يديك ، وأنا مجرد شاعر ٍ هلامي ٍ قد عصفتْ به مليونُ هزيمة . فافتحي ذراعيك ِلعاشق ٍمهزوم ٍمحنط .










قديم 2015-01-08, 19:24   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

12)
على حدود النظر ، وقفتْ صورة ٌأخرى للحلم القديم ، صورة ٌمزيفة ، تكتنفها الثقوب ، وترتعُ على جسدها الهش المتآكل ديدانُ الهزائم ، وفيروسات الخذلان والغربة والهروب .
حدقتُ في تقاسيمها وتجاويف الزمن العابث في خلجاتها ، وتأملتُ أطياف الخيبة التي تكسو قامتها ، والندب الطاغية على ملامح هيئتها ، واعترتني قشعريرة الاكتشاف المذهل المبكي ، وهي تشبهني الى حد التطابق الرهيب .
كانت صورة الحلم القديم ، وجهه المزيف ، وأحلامه المثقوبة من الوريد الى الوريد . لم تخدعني تلك الصورة أكثر من خداعي لها ، ومكري عليها وأنا أستدير لها ، متنكراً ، متجاهلاً وقفتها البليدة ، وأقول في داخلي هامساً وصارخاً لها – يا أنا ، أنا لستُ أنا .
تركتُها وحيدة ، كليلها الطويل . تركتها خلفي تنادي ، بزيفها تنادي ، بثقوبها بتآكلها ، بهزائمها ، بغربتها وخيبتها ، تنادي ، تنادي ، تنادي .
وعندما زادت بيننا مسافات الهروب ، نظرت خلفي ، ولم أراها ، صرختُ بأعلى صوتي ، مردداً مقولتي لها – يا أنا ، أنا لست أنا .
سمعتها تردد من داخلي ، ( أنا لستُ أنا – أنا لست أنا ) ، واعترتني للمرة الأخرى قشعريرة الاكتشاف المذهل المبكي ، أجل ، كنتُ أنا ، وكانت صورتي ، صورة الحلم القديم .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:27   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(13)

أتجاسرُ على خطوي المائل قليلاً عن قرص الشمس ، لأبث فيه صدى لوعتي ، وأقرأ عليه بعضاً من نهج الروح ، معتصماً ببريق مهجتي ، ووميض أحلامي .
أخلد برهة ًتحت فيء مغامرتي لهذا البوح ، التقط شيئاً من أنفاس جنوني ، أتنشقها عميقاً كالخارج من تحت الماء ، أو كالداخل فيه .
أهدأ حتى أعتاد السطح أو يعتادني ، لأبدأ رحلة ًأخرى بنفس الخطو المائل قليلاً عن قرص الشمس ، محاولاً أن لا يسبقني تمرد ظلي لثورتي البيضاء غير المعلنة
فينشرُ فيها صخبه العارم ، وظلاله المضطربة .
من فرط بوحي قد أجدني فجأة ًملتحفاً بجنون الريح ، وغيمة ٌصغيرة تنامُ على ساعدي . وقد أجدني معلقاً بساق دوار الشمس ، وقد بدا متثائباً ، مللاً من طول هذا البوح . فأهربُ الى نجمةٍ تشبه الوطن ، أخبئ فيها بعض أحلامي وأنام .
هناك ، خلف قمرٍ لم يصعد بعد على ظهر الدنيا ، أقف وحيداً ، حتى من ظلي ، حتى من جسدي ، حتى من هذا البوح المتهالك .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:30   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(14)

أيّ واحدٍ منهم أنت يا قلبي ؟ . أراك تبدو أكبرَ من حجمك ، وأصغر من حجمي .
لماذا أنت أكثرُ عمراً مني ، هل لأن أشياءكَ تشيبُ قبلي ، وتتركني للشوق الهرمِ يعبث بما تبقى من مهجتي ؟ .
لماذا أنت مختلفٌ عني ، لا تشبهني ، هل لأنك دوماً تعصاني وتقهرني ؟ .
مسكينٌ أيها القلبُ الشقي ، تعيش عمرك خالياً مني ، كأنك لستَ لي ، وكل ما فيك يخصني وحدي . وحيداً ، تعاني بكور انطفاءاتك ، ووحشة عزلتك ، ومرارة جرحك . أواه عليك ، مكسورٌ حتى آخرك ، حتى أخمص نبضك .
مسكينٌ أيها الشقي ، أدمنتَ ليل أحزانك وغربتك ، ماذا عساني أقولُ لك ، وقد تناسيتني حتى نسيتك ، وهجرتني حتى تنكرتُ لك ، وعبثتَ بي حتى قتلتُك .
مسكينٌ أنت ، لم تعرف الا هزائمَ شوقي ، وانتحارات غيابي ، ومسكينٌ أنا ، لم أعرف سوى نزف جراحك ، وموت أحلامك .
ماذا عساني أقول لك ؟
لن أقول شيئاً ، سأصمت ، وقد ودعتني ، لتحيا بدوني ، وأموتُ بدونك .
لن أقول شيئاً ، سأصمت ، وأصمت ، وأصمت .
يتبع...










قديم 2015-01-08, 19:32   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية ڪَآتِبةْ إآلَيْڪَِ
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

(15)

أقبعُ الآن خلف بوصلتي العتيقة ، أنفض الغبار المتراكم على كل الجهات الأصلية والفرعية ، محاولاً إيجادَ جهةٍ أخرى لهذا البوح المتهالك .
جهة أخرى تبقى في معزل ٍعن تطفّل الغبار ، وبعيدة عن انقسام الجهات عليها ومن حولها . جهة ٌ تتمرد على بوصلتي ، وتفصحُ عن رمادية وجهي .
أريدها مستقيمةً الى الجرح ، عمودية ًالى الانكسار ، مصوبة ًالى عين النزف .
أريدها ملتوية ًالى القلب ، متعرجة ًالى الروح ، متثنية ًالى ردهة البوح .
جهة ٌأخرى متعامدة ٌعلى نبض الحلم ، لتختصر نحوه انفلات المسافة العمياء ، وتوقفَ التأرجحَ العنيد في وميضه المتقطع ، وبريقه المتنقل بين الجهات .
أريدها كالسهم ، تخترق ليل الغربة البهيم ، وتجرح الظلام المنتشر في مرايا الألم.
أريدها عيناً ، تقرأ سرمدية التعب المتشظي ، وتفكُّ طلاسم الوجع المتخفي في دهاليز الروح .
جهة ٌ تحتلني ، من بحر هواجسي الى نهر انفعالاتي الخامدة ، ومن أرض غيابي الى سماء مهجتي الثائرة .
يتبع...










 

الكلمات الدلالية (Tags)
متهالك, حوليات, شاغر


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:01

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc