التعويض في القانون الدولي الانساني - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التعويض في القانون الدولي الانساني

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-12-28, 10:55   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 التعويض في القانون الدولي الانساني

المقدمـــة:

لقد رافقت الحروب الدامية البشرية منذ فجرها، حيث أخذت بأرواح الملايين من الناس ودمرت المدن والقرى وأهلكت القيم المادية والروحية. كما أن معدلات الآثار المترتبة عن الحروب لازالت تتفاقم استنادا وارتباطا بالتطور التقني والتكنولوجي والعسكري.
من هنا بدا النظر إلى الحرب باعتبارها عملا يهدد الكيان الإنساني والبشرية في مجموعها يلزم التخفيف من شرورها. وقد تمحور هذا التوجه في ضرورة مراعاة الاعتبارات الإنسانية عند وقوع الحرب.
إذن وبسبب ما أصاب البشرية خلال الحروب الدولية و الداخلية من أهوال ومآس فقد اتجه المفكرون والفقهاء والساسة والهيئات الدولية والوطنية والعديد من الدول إلى المطالبة بالعمل على الحد من آثار الحرب وعدم تجاوزها للضرورة العسكرية، وهو ما توج بإٍرساء الكثير من القواعد العرفية والاتفاقية لحماية ضحايا النزاع المسلح و الأموال الضرورية لهم. و تنطوي هذه القواعد على نقل الأفكار والقيم الأخلاقية، وعلى الأخص الإنسانية إلى مجال القانون الدولي العام، حيث أطلق على القواعد التي تحمي حقوق الإنسان أثناء النزاعات المسلحة اصطلاح القانون الدولي الإنساني.
وفي هذا الإطار يعرف القانون الدولي الإنساني بأنه مجموعة القواعد التي تحمي في حالات النزاع المسلح الأشخاص الذين لا يشاركون في القتال أو لم يعودوا قادرين على المشاركة فيه، وفي إطار واسع حماية الممتلكات ( الأعيان ) التي ليس لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية. ووفقا للجنة الدولية للصليب الأحمر فهو مجموعة القواعد الدولية المستمدة من الاتفاقيات أو العرف والرامية إلى حل المشكلات الإنسانية الناشئة بصورة مباشرة من المنازعات المسلحة الدولية وغير الدولية، والتي تقيد لأسباب إنسانية حق أطراف النزاع في استخدام طرق وأساليب الحرب التي تروق لها، أو تحمي الأعيان و الأشخاص الذين تضرروا أو قد يتضررون بسبب المنازعات المسلحة.
إن هذا القانون يضم فرعين اثنين؛ هما قانوني لاهاي وجنيف، لكن ومع اعتماد البروتوكولين الإضافيين لعام 1977 واللذين يجمعان بين كلا الفرعين، لم يعد لهذا التمييز الآن سوى قيمة تاريخية و تعليمية.
وفي إطار التعريف بالقانون الدولي الإنساني فلا بد أن نميزه عن قانون حقوق الإنسان، وهذا لوجود تقارب كبير بينهما، حيث يسعى كلاهما إلى حماية أرواح البشر وصحتهم وكرامتهم، وإن كان ذلك من زاوية مختلفة. إلاّ أن القانون الدولي الإنساني ينطبق في أوضاع النزاع المسلح، في حين تحمي قواعد حقوق الإنسان أو على الأقل بعضها الفرد في جميع الأوقات ( الحرب والسلم )، غير أن بعض قواعد حقوق الإنسان تجيز للحكومات أن تنقض بعض الحقوق في حالات الطوارئ العامة، بينما لا يسمح القانون الدولي الإنساني بأي نقض لأنه صمم أصلا لينطبق في حالات الطوارئ؛ وهي النزاعات المسلحة.
و فيما يخص احترام قواعد هذا القانون، فإن قاعدة الالتزام باحترامه والعمل على احترامه من طرف الآخرين هي قاعدة عامة تضمنتها المادة الأولى المشتركة من الاتفاقيات الأربع لجنيف، وكذلك المادة الأولى من البروتوكول الأول.
لكن ورغم وجود هذه القاعدة، فإن معظم النزاعات كانت تحمل معها أخبارا عن انتهاكات منظمة لقواعد هذا القانون، وهو ما كان قد تنبأ له موقعي اتفاقيات لاهاي وجنيف، لذا لجؤوا إلى إدراج مواد تتعلق بالتعويض نتيجة هذا الخرق، وهذا من خلال المادة 3 من اتفاقية لاهاي الخاصة باحترام قوانين وأعراف الحرب البرية لسنة 1907، وكذا المادة 91 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لسنة 1977.
وفي هذا الصدد فنحن نرى بأن لموضوع التعويض أهميته في وقتنا الراهن، وهذا بسبب كثرة النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، والتي كثيرا ما يحصل خلالها خرق أحكام القانون الدولي الإنساني (قتل المدنيين، تعذيب الأسرى، تدمير الممتلكات المدنية،...)، هذا مع عدم تمكن الضحايا من تحصيل أي تعويض يكون كجبر للأضرار التي لحقتهم، وهذا يكون عادة نتيجة عدم معرفتهم للشخص المفوض للقيام بالمطالبة، وكذا لوسيلة هذه المطالبة، وأخيرا الجهة التي تقدم إليها هذه المطالبة.
إذن ونتيجة أهمية هذا الموضوع من وجهة نظرنا، فإننا نعتقد أنه يستحق الدراسة كغيره من المواضيع القانونية الأخرى. ولتعقده فهو يطرح العديد من الإشكاليات القانونية:
- ما هي الطبيعة القانونية للتعويض؟
- ما هي الأشكال المختلفة للتعويض، وكيف يتم تقديره؟
- من هو الشخص المفوض للقيام بالمطالبة، وما هي الوسائل التي يتبعها لذلك؟
- هل أن التطبيقات العملية لفكرة التعويض جاءت مسايرة للقواعد النظرية لهذا الموضوع؟
من أجل الإجابة على كل هذه الأسئلة، فإني اخترت الخطة التالية:
الفصل الأول : العناصر القانونية للتعويض .
المبحث الأول : مضمون التعويض .
المبحث الثاني : الأشكال المختلفة للتعويض .
الفصل الثاني : التعويض من خلال العمل الدولي .
المبحث الأول : تعويضات الحربين العالميتين الأولى و الثانية .
المبحث الثاني : تعويضات حرب الخليج الثانية (حرب العراق-الكويت).









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-12-28, 10:58   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل الأول

الفصل الأول : العناصر القانونية للتعويض
من خلال هذا الفصل الأول سنقوم بدراسة موضوع التعويض، وهذا من خلال تبيان جوانبه القانونية، حيث سنحاول في المبحث الأول تعريف التعويض وكذا تبيان طبيعته القانونية، وبالتالي معرفة مدى وجوبه عند خرق إحدى قواعد القانون الدولي الإنساني، وكذا معرفة صفته فهل هي إرضائية أم جزائية. بعد ذلك سنحاول تسليط الضوء على الأشكال المختلفة للتعويض، وهذا من خلال دراسة التعويض العيني وكذا التعويض المالي (بمقابل)، وأخيرا التعويض الإرضائي.
ثم بعد ذلك ومن خلال مبحث ثان سنقوم بدراسة أشخاص التعويض، محاولين معرفة مدى إمكانية قيام الفرد والمنظمة بالمطالبة، وهذا بالنظر إلى أن الدولة هي الشخص الأصيل للقانون الدولي. بعدها نعرج إلى مسألة الوسائل المتاحة للمطالبة بالتعويض، فنتطرق للوسائل السياسية منها والقانونية.

المبحث الأول : مفهوم التعويض
من خلال هذا المبحث الأول سنقوم بدراسة موضوع التعويض من عدة جوانب، حيث نتطرق في المطلب الأول لتعريف التعويض لغة واصطلاحا ، وكذا لطبيعته القانونية، ثم نتطرق في مطلب ثان إلى الأشكال المختلفة للتعويض.
المطلب الأول : مضمون التعويض
الفرع الأول : تعريف التعويض لغة واصطلاحا
إن لفظ التعويض مأخوذ من الفعل عوَّض، حيث يقال عوَّض الشيء عن فلان معناه أعطاه عوضا أي بدلا أو خلفا، ويقال أيضا تعوَّض منه أي أخذ العِوَض، واعتاض فلانا أي سأله العِوَض، واعتاض منه أي أخذ العوض . وعوض عليه أي أعطاه بدل الضرر، وجمع عوض هو أعواض . والتعويض هو البدل والخلف في الاستقبال.
أما في الاصطلاح فيعرف التعويض على أنه المال الذي يحكم به على من أوقع ضررا على غيره في نفس أو مال أو شرف . كما يقصد به جبر الضرر الذي لحق المصاب، وهو في ذلك يختلف عن العقوبة التي يقصد بها مجازاة
الجاني على تصرفاته وردع غيره. ولهذه التفرقة أهميتها، حيث يترتب عنها أن التعويض يقدر بقدر الضرر، بينما العقوبة تقدر بخطأ الجاني ودرجة خطورته .
ويقصد به كذلك مضمون التزام يلقى على عاتق دولة في أعقاب حرب بتقديم تعويضات كافية عن الأضرار التي أصابت دولة أخرى أو رعاياها بسبب الحرب، وقد استخدم اللفظ بهذا المعنى في معاهدة فرساي لعام 1919.
كما يقصد بتعويضات الحرب، المبالغ المالية التي يراد بها بالضرورة تعويض الخسائر الناجمة عن الحرب، أو التي حدثت أثناءها والتي يفرضها المنتصر على المهزوم كشرط للعودة إلى حالة السلم.
أما التعويض المرتبط بحق العودة فهو لا يعني ثمن البيت أو المصنع أو الحقل، فالأوطان لا تباع ولا تقدر بثمن، ولا تملَّك بالتقادم مهما طال الزمن، بل هو ما لحق الشعب من خسارة عدم استغلال الموارد ومصادر الحياة طيلة سنوات الشتات، كما أن هذا التعويض لا يضيع بالموت، بل يبقى حقا لنسله من بعده .

الفرع الثاني : الطبيعة القانونية للتعويض في القانون الدولي الإنساني
تنشأ المسؤولية الدولية عند الإخلال بأحد الالتزامات المتواجدة في اتفاقيات جنيف المؤرخة في 12 أوت 1949، أو في أحد بروتوكولاتها، وهو ما يرتب التزاما بالتعويض أو الإصلاح أو الجبر، وهذا ما أكدت عليه محكمة العدل الدولية الدائمة في قضية Chorzow factory case سنة 1927، وقد جاء حكمها كالآتي: "إنه من مبادئ القانون الدولي أن انتهاك الدولة لأحد تعهداتها يتضمن التزاما بإصلاح الضرر بطريقة كافية، وأن الالتزام بإصلاح الضرر هو المكمل الضروري للإخلال بتطبيق اتفاقية ما، وذلك دون حاجة للنص عليه في نفس الاتفاقية".وفي قرارها الصادر بتاريخ 13 أيلول 1928 قالت :"إن المحكمة تؤكد وفقا لمبادئ القانون الدولي، لا بل للمفهوم العام للقانون، أن أي خرق للتعهدات يستوجب التعويض". وقد أكد على هذا الالتزام القرار التحكيمي الذي أصدره السيد ماكس هوبر (M.Max Huber)بتاريخ الأول من أيار 1925 في قضية المطالب البريطانية بصدد الأضرار التي حصلت في المنطقة الإسبانية من مراكش، وقد جاء القرار كالآتي: "إن النتيجة التي تؤدي إليها المسؤولية هي الالتزام بمنح تعويض، إذا لم يكن هذا الموجب قد نفذ" .
وفي نفس الإطار، فقد أجمع الفقه الدولي على أن عدم وفاء الدولة بالتزاماتها الدولية يلقي على عاتقها التزاما جديدا يتمثل في إصلاح الضرر الذي حدث .
كما تضمنت جميع المشروعات التأكيد على التزام الدولة بإصلاح الضرر عند إخلالها بالتزاماتها الدولية، ففي هذا الصدد نصت المادة الثالثة من مشروع المسؤولية الدولية الذي قدمته اللجنة الثالثة إلى مؤتمر لاهاي للتقنين سنة 1930 على ما يلي: "المسؤولية الدولية لدولة ما تفرض عليها التزاما بإصلاح الضرر الناتج عن عدم وفائها بالتزامها الدولي"
وقد نصت اتفاقيات جنيف الأربع على المسؤولية الدولية عند مخالفة أحكامها ، وهو نفس الأمر بالنسبة للمادة الأولى من مواد مسؤولية الدول عن الأعمال غير الشرعية دوليا، والتي اعتمدتها لجنة القانون الدولي سنة2001 .
نفس الشيء نجده في المبدأ الثالث و العشرون (23) من مشروع عام 2000، والمتعلق بالمبادئ الأساسية والخطوط المرشدة حول الحق في الانتصاف، وجبر الأضرار لضحايا انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني،حيث تم

النص على وجوب منح تعويض عند حدوث أي ضرر يمكن تقديره اقتصاديا .
إلى جانب تلك النصوص والأحكام، فإن نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية المعتمد في 17 جويلية 1998 ، وضع هو الآخر مبادئ فيما يتعلق بتعويض ضحايا انتهاكات القانون الدولي الإنساني، ففي هذا الصدد تنص المادة 75 من هذا النظام على الآتي:"...للمحكمة أن تصدر أمرا مباشرا ضد شخص مدان تحدد فيه أشكالا ملائمة من أشكال جبر أضرار المجني عليهم، أو فيما يخصهم، بما في ذلك رد الحقوق والتعويض ورد الاعتبار، وللمحكمة أن تأمر حيثما كان مناسبا بتنفيذ قرار الجبر عن طريق الصندوق الإستئماني المنصوص عليه في المادة 79..."
إذن ومن جميع النصوص و الأحكام المشار إليها سالفا يمكن القول بأن التعويض عن الضرر الناتج عن انتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني هو واجب تلتزم به الدولة المنتهكة، وهو نفس الأمر بالنسبة للفرد الذي يأتي فعلا يعد خرقا لإحدى قواعد هذا القانون.
إلى جانب الطبيعة الملزمة للتعويض عن الضرر، تجب الملاحظة أن ثمة خلافا عنيفا قد ثار في الفقه الدولي حول مدى الصفة الجزائية أو العقابية لهذا التعويض، فذهب بعض الشراح للقول أن التعويض يعد جزاء تأسيسا على أن فكرة الجزاء لا تقف فقط عند حدود الردع أو القسر أو الألم، وإنما أيضا لها جانب إصلاحي، وذهب فريق آخر للقول بعدم الصفة العقابية لإصلاح الضرر" التعويض"، تأسيسا على أن التعويض هو ذو طابع إصلاحي، وهو الأمر الذي يبعده عن جوهر العقاب وهو الألم . وفي نفس الإطار، فإن القضاء الدولي قد أجمع على أن للتعويض صفة إرضائية(تعويضية)،وليست عقابية ، ومن ذلك قرار محكمة التحكيم الدائمة الصادر بتاريخ 6 أيار 1913 في قضية قرطاجة،وقرار لجنة المطالب الألمانية- الأمريكية المختلطة الصادر في أول تشرين الثاني 1923 حول قضية لوزيتانيا (Lusitania) .
المطلب الثاني: الأشكال المختلفة للتعويض
إن التعويض الذي يكون هدفه جبر الضرر الذي ينشأ نتيجة خرق قواعد القانون الدولي الإنساني ليس واحدا، بل هو متعدد، فيمكن أن يأخذ شكل التعويض العيني، أي إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل ارتكاب العمل غير المشروع ، و هي الصورة الأصلية لإصلاح الضرر ، و عند استحالة الأخذ بهذه الصورة يتم اللجوء للتعويض بمقابل أو التعويض المالي ، أما الصورة الأخيرة للتعويض فهي تتمثل في التعويض الإرضائي ( الترضية المناسبة ) .
إنّ الصورة المختلفة للتعويض يمكن استخلاصها من الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية الدائمة في قضية CHorzow factory سنة 1927 ، حيث قضت بأن التعويض يجب أن يتم بشكل عادل ، و أنّ إعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل وقوع الفعل غير المشروع يمكن أن تمثل التعويض العادل في هذه الحالة ، و إن كان ذلك غير ممكن فيمكن اللجوء إلى طريقة بديلة تتمثل في دفع بدل نقدي كتعويض عن الخسائر و الأضرار التي حدثت ، يكون معادلا و مساويا أو أن يتم اللجوء إلى الترضية .
الفرع الأول : التعويض العيني
يقصد بالتعويض العيني إصلاح الضرر برد الدولة المسؤولة الحقوق لأصحابها بموجب التزاماتها الدولية وفقا لقواعد
القانون الدولي ، بحيث يجب أن يمحو بقدر الإمكان كافة الآثار المترتبة عن العمل غير المشروع كما لو لم يرتكب.
وفي هذا الصدد تجب الإشارة إلى وجود اتجاهين دوليين، الاتجاه الأول يتبنى المعنى الفني الدقيق لمصطلح التعويض العيني، حيث يعتبر أن رد الحق عينا يتمثل في إعادة الوضع القائم من قبل، أو الحالة التي كانت موجودة قبل وقوع الفعل غير المشروع،وذلك كي يتسنى إعادة علاقة الطرفين إلى حالتها الأصلية.أما الاتجاه الثاني فيتبنى معنى أكثر اتساعا، حيث يعتبر أنه عبارة عن إقرار أو إعادة إقرار الحالة الموجودة أو التي كانت ستوجد إذا لم يرتكب الفعل غير المشروع.
إذن فالمقصود بالتعويض العيني هو أن تعيد الدولة المسببة للأضرار الأشياء أو الأموال أو المراكز القانونية و الواقعية إلى ما كانت عليه قبل حدوث الضرر والناتج عن انتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني.
إن إعادة الحال على ما كان عليه إما أن يكون ماديا أو قانونيا، حيث يقصد برد الحق المادي التزام الدولة المخالفة برد شيء مادي ملموس له وجود حقيقي وكيان ظاهر، ومن صور هذا الرد استرداد أشياء، الإفراج عن أشخاص اعتقلوا بصورة غير قانونية، الانسحاب من أراضي احتلت بطريقة غير مشروعة . أما رد الحق القانوني فيكون عن طريق إلغاء الدولة لجميع القرارات الإدارية والأحكام القضائية التي تشكل مخالفة لأحكام القانون الدولي، وكذلك إلغاء أي نص في اتفاقية يتعارض تنفيذه مع أية معاهدة دولية أبرمتها الدولة، ومثال هذه الصورة إلغاء قرارات ضم الأقاليم التي استولت عليها الدولة خلال فترة الحرب . فقد قام العراق مثلا بإرسال رسالتين إلى كل من رئيس مجلس الأمن الدولي وكذا الأمين العام للأمم المتحدة، تضمنتا قرار مجلس قيادة الثورة رقم 55 المؤرخ في 5 مارس 1991، والذي جاء فيه:"...1- اعتبار كل قرارات مجلس قيادة الثورة الصادرة منذ 2 أوت 1990 التي لها صلة بالكويت لاغية.
2- تلغى جميع القوانين والقرارات والأنظمة والتعليمات والتوجيهات والإجراءات الصادرة بموجب قرارات المجلس المشار إليها في الفقرة الأولى أعلاه، وتلغى الآثار المترتبة عليها كافة.
3- لا يعمل بأي نص يتعارض مع أحكام هذا القرار......"
وفي هذا الإطار، يعتقد الدكتور الدراجي إبراهيم بأن الرد القانوني هو أقرب ما يكون إلى الترضية الأدبية والمعنوية منه إلى الرد العيني . وذلك لأن إلغاء القوانين والقرارات المخالفة لقواعد القانون الدولي لا ترتب أي أثر، وبالتالي فإن إلغاءها إنما هو ذو أثر أدبي ومعنوي أكثر منه أثر مادي ملموس.
إن الرد العيني هو الأصل، لكن قد يتعذر أحيانا تطبيق هذه الصورة لوجود نوع من الاستحالة، والتي قد تكون مادية أو قانونية، فالاستحالة المادية تنشأ من طبيعة الحدث أو محله و تجعل من رد الحق مستحيلا و تتوافر هذه الحالة إما لكون الشيء المراد رده قد تلف أو لكون الأمور ذات الصلة قد حدث فيها تغيير واقعي يجعل الرد المادي لها مستحيلا ، و مثال ذلك تدمير الطائرات المدنية و كذا منازل السكان المدنيين و قتل السكان العزل . أما الاستحالة القانونية فتتحقق عندما يترتب على إعادة الحال إلى ما هو عليه صعوبات قانونية داخلية بالنسبة للدولة المسؤولة ، ففي هذه الحالة يتم إصلاح الضرر بوسيلة أخرى من وسائل إصلاح الضرر . لكن لا يجوز للدولة أن تحتج بتشريعها الوطني لانتهاك أحكام القانون الدولي ، فهذا لا يعتبر من قبيل الاستحالة القانونية .
وفي هذا الإطار نجد أن لجنة القانون الدولي قد تطرقت للرد العيني بموجب المادة 43 ، و وضعت له شروطا تتمثل فيما يلي :
1. أن لا يكون مستحيلا ماديا .
2. أن لا ينطوي على إخلال بالتزام ناشئ عن قاعدة قطعية من قواعد القانون الدولي العام .
3. أن لا يشكل عبئا لا يتناسب البتة مع الفائدة التي ستعود على الدولة المضرورة من اقتضاء الرد عينا بدلا من التعويض المالي.
4. أن لا يهدد بشكل خطير الاستقرار السياسي أو الاستقرار الاقتصادي للدولة التي أتت الفعل غير المشروع دوليا ، على أن لا تتعرض الدولة المضرورة لأخطار مماثلة إذا لم تستوف الرد عينا .
لكن المادة 52 من مشروع قانون مسؤولية الدول أتت باستثناء على الفقرتين 3 و 4 ، فعندما يشكل الفعل غير المشروع دوليا جناية دولية فإن حق الدولة المضرورة في الحصول على الرد العيني لا يخضع للقيود المبينة في الفقرتين الفرعيتين 3 و 4 .
الفرع الثاني: التعويض المالي
و يقصد به قيام الدولة المسؤولة بدفع مبلغ من المال كتعويض عن الأضرار التي نجمت عن أفعالها غير المشروعة و التي ألحقت أضرار بالغير .
إلى جانب هذه الصورة الشائعة و المتمثلة في تقديم التعويض نقدا مقابل الأضرار الحاصلة ، توجد صورة أخرى تتمثل في التعويض غير النقدي ، و مثالها تقديم بضائع أو خدمات.....
إن التعويض النقدي أو المالي قد يكون الصورة الوحيدة للتعويض، وقد يكون تعويضا إضافيا أو مكملا للتعويض العيني الذي تلتزم به الدولة المخالفة لأحكام القانون الدولي الإنساني، وهذا في حالة عدم كفاية الصورة الأخيرة من أجل إصلاح الضرر القائم.
بهذا المفهوم فإن التعويض بمقابل يحقق نفس غرض التعويض العيني ألا وهو جبر الضرر، لكن الاختلاف يكمن في أن التعويض العيني يقتصر أثره فقط على إعادة الحال إلى ما كانت عليه، أما التعويض بمقابل فيهدف إلى إزالة كافة الآثار الناتجة عن الفعل الضار بما في ذلك ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب.
إن التعويض المالي يجب أن يكون كاملا، بمعنى أن المبلغ الذي تدفعه الدولة المسؤولة يجب أن يكون مساويا في القيمة للإعادة العينية، سواء كان التعويض المالي بديلا عن الإعادة العينية أو مكملا لها.
بالنسبة لتقدير قيمة التعويض المالي، فقد أشار الأستاذ Eagleton إلى أن القانون الدولي لا يتضمن قواعد دقيقة لتحديد مقدار التعويض المالي. غير أن القاعدة الواجب إتباعها في هذا الصدد هي إعادة الشيء الذي أصابه ضرر إلى ما كان عليه قبل وقوع هذا الضرر أو دفع قيمته، وفي كلتا الحالتين فإن قيمة التعويض ومقداره يتوقف على الحقائق، وهذا بالنسبة لكل حالة على حدا، مع ضرورة أن يكون التعويض مساويا لقيمة الضرر، حيث لا يحكم بأقل من التعويض المطلوب حتى لا يترتب على ذلك إفقار المضرور، ولا يحكم بأزيد منه حتى لا يترتب على ذلك إثراء المضرور دون سبب مشروع. أما بالنسبة للقواعد القانونية التي تحكم تحديد التعويض فهي قواعد القانون الدولي وليست قواعد القانون الذي يحكم العلاقة بين الدولة التي أحدثت الضرر وبين الفرد الذي أصابه الضرر، وهو ما أوضحته محكمة العدل الدولية الدائمة في قضية Chorzow factory case. .
ويؤخذ في الاعتبار عند تحديد مقدار التعويض الذي تستحقه الدولة، قيمة الممتلكات والحقوق والمصالح التي يمتلكها مواطنوها والتي أصابها الضرر، وذلك على اعتبار أن الأضرار التي أصابت الرعايا تعتبر كأنها أصابت الدولة التي يحملون جنسيتها.
كما يدخل في التقدير كذلك ما قد يكون قد أصاب الدولة وأمنها من أضرار، وكذلك ما قد تكبدته من نفقات في سبيل الدفاع عن مصالح رعاياها المضارين أو ما ضاع منها من ربح كانت ستحصل عليه.
أما فيما يخص الأضرار التي يغطيها التعويض المالي فهي تشمل الأضرار المادية والمعنوية، سواء كانت هذه الأضرار مباشرة أو غير مباشرة متى كانت قريبة ونتيجة طبيعية للفعل غير المشروع.
ويشمل التعويض المالي الفوائد والكسب الفائت عند الاقتضاء ، ويراد بالكسب الفائت الربح الذي كان سيجنيه المضرور في المستقبل لولا وقوع الفعل الضار، وليس المقصود هنا الخسارة الفعلية التي حدثت بالفعل و لكن الخسارة التي ستحدث مستقبلا نتيجة العمل غير المشروع ، وفي هذا الإطار أكدت المحكمة الدائمة للعدل الدولي في قضية Chorzow factoryعلى إمكانية التعويض عن الكسب الفائت.
كما ينبغي أن يأخذ بعين الاعتبار كذلك الفائدة والتي يراعى في تحديدها الوضع المالي العام الساري و السائد في العالم ، و هو ما أكدته المحكمة الدائمة للعدل الدولي في قضية و يمبلدون .
و تجب الإشارة إلى أنه قد يحدد مقدار التعويض عن طريق الاتفاق بين أطراف النزاع أو بمقتضى معاهدة أو بواسطة التحكيم ومثال ذلك إلزام فرنسا بمقتضى معاهدة فرانكفورت سنة 1871بدفع مبلغ قدره خمسة آلاف مليون فرنك فرنسي لبروسيا في أعقاب الحرب البروسية- الفرنسية.
الفرع الثالث: الترضية (التعويض الإرضائي)
يقصد بها قيام الدولة المسؤولة بعدم إقرار التصرفات الصادرة من موظفيها وسلطاتها، ومن صورها تقديم اعتذار دبلوماسي أو فصل الموظف المسؤول أو تقديمه للمحاكمة......
إن اللجوء للترضية يتم سواء نجم عن الفعل المخالف أضرار مادية أم لا ، حيث لا يجب الربط بين الترضية وعدم تحقق أضرار مادية، لأن الترضية لا تقل أهمية عن الصور الأخرى للتعويض، إن لم تكن تفوقها في بعض الأحيان، فإعلان العراق مثلا عدم مشروعية قرار الضم وإلغائه، و الاعتراف مجددا بوجود وسيادة دولة الكويت يوازي إن لم يكن يفوق في الأهمية سائر التعويضات الأخرى العينية والمالية.
ولابد من الإشارة إلى أن إصلاح الضرر عن طريق الترضية قد يتضمن عدة إجراءات مجتمعة، كأن يتم إلزام الدولة المخالفة بتقديم الاعتذار ومعاقبة مرتكب الفعل الضار، إضافة لتقديم ترضية مالية، ومثال ذلك ما قررته محكمة العدل الدولية الدائمة في قضيةBorchrave بين بلجيكا واسبانيا، حيث رأت أن الطلبات التي تقدمت بها بلجيكا تتماشى مع مبادئ القانون الدولي المتعلقة بالمسؤولية الدولية .
وقد نص مشروع قانون مسؤولية الدول على الترضية في المادة 45 منه، وقد جاءت كالآتي:
1- يحق للدولة المتضررة أن تحصل من الدولة التي أتت فعلا غير مشروع دوليا على ترضية عن الضرر، لا سيما الضرر الناجم عن ذلك الفعل، إذا كان ذلك ضروريا لتوفير الجبر الكامل، وبقدر هذه الضرورة.
2- يجوز أن تتخذ الترضية واحدة أو أكثر من الصور التالية:
أ- الاعتذار.
ب- التعويض الرمزي.
ج- في حالات الإنتهاك الجسيم لحقوق الدولة المضرورة التعويض المعبر عن جسامة الإنتهاك.
د- في الحالات التي ينجم فيها الفعل غير المشروع دوليا عن انحراف خطير في سلوك موظفين أو عن سلوك إجرامي من قبل موظفين أو أطراف خاصة، مجازاة المسؤولين عن ذلك تأديبيا أو معاقبتهم.
3- لا يبرر حق الدولة المضرورة في الحصول على ترضية التقدم بأي طلبات تنال من كرامة الدولة التي أتت الفعل غير المشروع دوليا.
لكن تجب الإشارة إلى أنه في الجرائم الدولية عموما، وفي جريمة الحرب على التحديد قد تتجنب الدولة المخالفة وترفض تقديم الترضية المناسبة بحجة أن هذا قد يمس بهيبتها وكرامتها، وتعتبر أن الخضوع للجزاءات الدولية هو أهون من تقديم الترضية والمتمثلة في الاعتذار عما فعلت و الإقرار بعدم مشروعيته وتقديم المتسببين به للمحاكمة و المسائلة القانونية .
إذن ومع توقع تمسك الدول بنص الفقرة الثالثة من المادة 45 من مشروع قانون مسؤولية الدولة، جاءت المادة 52 من المشروع وأغلقت هذا الباب، حيث نصت على ما يلي:
عندما يشكل الفعل غير المشروع دوليا الصادر من إحدى الدول جناية دولية... لا يخضع حق الدولة المضرورة في الحصول على الترضية للقيد الوارد في الفقرة الثالثة من المادة 45 .
ومن تطبيقات صورة التعويض الإرضائي، نذكر اعتذار الولايات المتحدة الأمريكية لإيران سنة 1934، وهذا نتيجة لتصرف الشرطة الأمريكية اتجاه أحد موظفي السلك الدبلوماسي الإيراني، أما قضائيا فنذكر قضية كورفو، حيث أصدرت المحكمة حكما لصالح ألبانيا ضد بريطانيا، اعتبرت فيه الدولة الأولى ذلك الحكم ترضية كافية لها، وتنازلت عن التعويض المادي .
وفي الأخير تجب الإشارة أن الالتزام بالتعويض علي شكل من الأشكال السابقة أو بشكلين اثنين أو بجميعها، يكون حسب حالات النزاع وجسامة الأضرار الحاصلة و أنواعها، فقد يكون التعويض عينيا و ماليا، أو عينيا وماليا وإرضائيا... .
المبحث الثاني: أشخاص التعويض ووسائل المطالبة به
من خلال هذا المبحث والذي قسمناه إلى مطلبين، سنقوم بدراسة مسألة الأشخاص التي يمكنها المطالبة بالتعويض، فنتساءل هل يقتصر الأمر على الدولة أم أن للأفراد و المنظمات دور كذلك، ثم ندرس موضوع وسائل المطالبة بالتعويض، و هذا من خلال التطرق للوسائل السياسية و كذا القانونية.
المطلب الأول: أشخاص التعويض
إن الالتزام بجبر الأضرار الناتجة عن انتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني، قد ترسخ بموجب الاتفاقيات الدولية الإنسانية، لكن السؤال يبقى مطروحا حول الشخص المؤهل للمطالبة بالتعويض، فهل يقتصر الأمر على الدول فقط أم يمتد هذا الحق ليشمل كيانات أخره؟
إن طرح مثل هاذ السؤال جاء نتيجة الموقف التقليدي للقانون الدولي،والذي كان يرى بأن للدول فقط الشخصية القانونية الدولية لهذا سنرى من خلال هذا المطلب إذا كان لا يزال لهذا الموقف التقليدي تأثير كبير، أم أن الأمر قد تغير، وبالتالي أصبح بإمكان الفرد و المنظمات المطالبة بالتعويض بمفردها.
الفرع الأول: الدول
بالنسبة للأضرار التي تصيب الدول فلا توجد أية مشكلة بالنسبة للمطالبة بالتعويض عنها ذلك أن الدولة هي الشخص الأصيل للقانون الدولي و تستطيع إثارة دعوى المسؤولية أو سلوك أي طريق آخر سواء كان دبلوماسيا، قانونيا أو سياسيا للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي لحقت بها، سواء كانت هذه الأضرار مادية أو معنوية.
أما بالنسبة للأشخاص الطبيعية أو المعنوية فإن القانون الدولي يقر للدول التي يحمل الشخص جنسيتها الحق في تبني مطالب رعاياها دوليا، و يطلق على هذا التصرف مصطلح الحماية الدبلوماسية و التي يقصد بها قيام الشخص الدولي بحماية رعاياه اتجاه شخص دولي آخر و ذلك لإصلاح ما تعرضوا له من أضرار و بالوسيلة التي يراها مناسبة وفق قواعد القانون الدولي العام.
و في هذا المجال فإن المدعي و المدعى عليه في دعوى المسؤولية الدولية هما الدولة التي يحمل المتضرر جنسيتها باعتبارها مدعية، و الدولة التي ارتكبت الفعل الضار باعتبارها مدعى عليها، أما الفرد فهو موضوع هذه الدعوة، و هذا ما استقر عليه الفقهاء .
و الحماية الدبلوماسية تتناول مختلف الإجراءات التي يقوم بها الشخص الدولي لحماية حقوق رعاياه والحفاظ على مصالحهم، وتنظيم المطالبة بالتعويض إذا ما أصابت هذه الحقوق أية أضرار بسبب تصرف منسوب إلى شخص دولي آخر.
وعادة ما تقوم الدول بإنشاء هيئات أو لجان خاصة تتولى صلاحية حصر الأضرار المختلفة التي أصابت الدولة ورعاياها، وتقوم من ثمة بتبني وتنظيم المطالبة الدولية للتعويض عن هذه الأضرار، ومثال ذلك المرسوم رقم 6 لسنة 1991 الصادر عن أمير دولة الكويت والذي أنشأ الهيئة العامة لتقدير التعويضات.
و السؤال الذي يطرح نفسه في مجال الحماية الدبلوماسية، هو مدى التزام الدولة بتبني مطالبات مواطنيها للتعويض عن الأضرار التي أصابتهم نتيجة خرق قواعد القانون الدولي الإنساني؟.
يذهب الرأي السائد للقول بأن الدولة عندما تمارس الحماية الدبلوماسية فإنها تمارس حقا خاصا بها وخالصا لها، وهو الحق الذي كفله القانون الدولي وأكدته العديد من المحاكم الدولية.
ففي قضية Mavrommatisسنة 1924 بين بريطانيا و اليونان بخصوص عقود الامتياز الممنوحة لـ Mavrommatis في فلسطين قالت محكمة العدل الدولية الدائمة بأنه من المبادئ الرئيسية في القانون الدولي أن كل دولة لها الحق في حماية رعاياها عندما يصابون بأضرار نتيجة لما ترتكبه الدول الأخرى من أعمال تخالف القانون الدولي... و الدولة عندما تتبنى قضية أحد رعاياها، فإنما هي تؤكد في الواقع حقها في أن تضمن في شخص رعاياها الاحترام اللازم لقاعدة القانون الدولي... و إذا حدث أن تقدمت إحدى الدول نيابة عن أحد رعاياها لقضية ما إلى محكمة دولية فإن هذه الدولة تعتبر في نظر المحكمة هي المدعي الوحيد والجهة الوحيدة المطالبة بالتعويض....، وهو ما أكدته أيضا محكمة العدل الدولية في قضية Nottebon سنة 1955، وقضية Barcalona traction سنة 1970.
ونتيجة لما سبق فإن الدولة عندما تتبنى مطالبات رعاياها للتعويض عما أصابهم من ضرر فإنها تمارس حقا لها، وبالتالي تتمتع بسلطة مطلقة في تقدير متى ومدى إمكانية ممارسة هذا الحق، أو حتى عدم ممارسته على الإطلاق وهذا إذا قدرت أن مصلحتها العامة تقتضي ذلك مرجحة إياها على المصلحة الخاصة للأفراد المتضررين .
و السؤال الذي يمكن أن يطرح في مثل هذا المقام هو ما هو الحل إذا رفضت الدولة للاعتبارات السابقة تبني مطالبات رعاياها للتعويض عن الأضرار الواقعة؟
لقد ذهب رأي من الفقه إلى المطالبة بتجاوز النظرة التقليدية في الحماية الدبلوماسية و الدعوة لإلزام الدولة بممارسة الحماية لصالح رعاياها المضرورين ، وهو ما يعرف بنظرية الحماية الواجبة، لأنه لم يعد من المنطقي منح الدولة سلطة تقديرية مطلقة مع ما يترتب على ذلك من احتمال حرمان الأفراد من حقوقهم لا سيما وأن الضرر الذي يصيب الدولة من خلال الضرر الذي أصاب رعاياها يظل ضررا ثانويا مقارنة بما أصاب الأفراد.
وبين هذين الرأيين يوجد رأي ثالث يؤيد منح الدولة سلطة تقديرية في ممارسة حق الحماية بالنسبة لرعاياها المتضررين، حيث أن الحفاظ على مصالح الدولة التي تمثل عموم المواطنين هو أمر يسمو ويفضل على حماية مصلحة الأقلية من المواطنين الذين تضرروا، لكن في الوقت ذاته ولكي لا نهدر مصالح من تضرروا لا بد أن نأخذ بأحد الحلين:
الحل الأول: وجود إمكانية لأن يمارس الإفراد مطالبتهم على الصعيد الدولي بصورة فردية وبمعزل عن تدخل دولتهم وحمايتها، ففي مثل هذه الحالة لن نكون بصدد حالة إنكار للعدالة، وعلى الأفراد مباشرة مطالباتهم بصورة طبيعية.
الحل الثاني: في حال عدم وجود إمكانية لأن يمارس الأفراد مطالباتهم على الصعيد الدولي بصورة فردية فإنه يتعين على دولتهم أن تلزم بتعويضهم عما أصابهم من ضرر بسبب خرق أحكام قواعد القانون الدولي الإنساني، وذلك استنادا إلى قاعدة الغنم بالغرم، حيث أنها قدرت بأن الغنم الذي ستحصل عليه في حالة عدم تبنيها لمطالبات رعاياها هو أكبر من الغرم الذي سيتحقق وسيصيب هؤلاء الرعايا .










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-28, 10:59   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 تابع للفصل الاول

الفرع الثاني: الأفراد
هناك اتجاه يذهب إلى إنكار إمكانية تمتع الفرد بالشخصية الدولية بأي حال من الأحوال، وفي أي ظرف من الظروف، ويطلق على هذا الاتجاه المدرسة الوضعية، والذي تزعمه عند نشأته كل من الفقيه النمساوي تربيل (Tripel)، والفقيه الإيطالي أنزيلوتي (Anzilotti).
كما يوجد اتجاه ثان يرى أن الفرد هو المخاطب الحقيقي الوحيد بكل قواعد القانون داخليا كان أو دوليا، وإلى أنه في الواقع الشخص القانوني الوحيد المتصور وجوده في أي نظام قانوني. ويطلق على هذا الاتجاه المدرسة الواقعية، ويرجع الفضل الأول في إبرازه والدفاع عنه إلى كل من الفقيهين الفرنسيين ليون دوجي (Léon Duguit) وجورج سل (georges Scelle)، والفقيه اليوناني بوليتيس (Politis) .
وفي هذا الإطار يوجد اتجاه ثالث يرى أن الفرد هو موضوع من موضوعات القانون الدولي، وهذا لأن للأخير عدة موضوعات ينظمها .
نتيجة لهذه الاختلافات الفقهية، فإن موقف الأفراد ضحايا إنتهاكات القانون الدولي الإنساني يكون أكثر تعقيدا، فبينما يوجد اتفاق عام على عدم وجود سبب للحد من الحق في التعويض الذي تشير إليه اتفاقية لاهاي الرابعة (المادة 03)، والبروتوكول الإضافي الأول (المادة 91)، فإن عدة مشكلات قد نشأت عندما حاول هؤلاء الأشخاص إنفاذ الحق في جبر الأضرار أمام المحاكم الوطنية مباشرة.
لقد نظرت محاكم عديد من الدول في دعاوى الأفراد ضحايا انتهاكات قواعد القانون الدولي الإنساني، وقد كانت نتائج تلك القضايا غير متماثلة إلى حد بعيد، حيث نجح القليل منها، مع فشل أغلبها نتيجة لسبب أو أكثر من الأسباب التالية:إعاقة دعاوى الأفراد نتيجة إبرام تسوية سليمة، أو بدعوى الحصانة السيادية، أو الطبيعة غير الذاتية لتنفيذ الحق في جبر الضرر بموجب القانون الدولي.
فعلى سبيل المثال كانت الدعاوى المرفوعة من جانب الأفراد للحصول على تعويض من اليابان نتيجة لانتهاكها قواعد القانون الدولي الإنساني مرفوضة من محاكم اليابان على أساس أن المبلغ الإجمالي المدفوع بموجب معاهدة السلام لعام 1951 قد أحلت اليابان من أية مسؤولية إضافية.
وبالمثل رفضت اليابان والولايات المتحدة الأمريكية هذه الدعاوى، إما على أساس أن الحصانة السيادية تحمي الدولة المدعى عليها من فحص المحاكم الوطنية، أو على أساس أن الأحكام ذات الصلة بمواثيق القانون الدولي الإنساني لا تمنح الأفراد المكانة الضرورية لرفع الدعاوى أمام المحاكم الوطنية مباشرة، فهي ليست ذاتية التنفيذ .
وفي هذا الصدد نشير إلى القرار الصادر عام 1963 من محكمة طوكيو المحلية في قضية شيمودا وآخرين ضد الدولة، حيث قالت بأنه على الرغم من وجود انتهاك للقانون الدولي الإنساني، فإن الأفراد لا يعتبرون موضوعا للحقوق بموجب القانون الدولي إلاّ بقدر الاعتراف بهم على هذا النحو في حالات بعينها – قضايا محاكم التحكيم المختلطة -، وعلى ضوء ذلك قالت المحكمة أنه لم يكن يوجد طريق مفتوح أمام أي فرد عانى من الأذى نتيجة عمل عدائي مضاد للقانون الدولي، وذلك من أجل إدعاء الأضرار على مستوى القانون الدولي. وقد رأت المحكمة أيضا أن اعتبارات الحصانة السيادية منعت المدعين من السعي إلى التعويض أمام المحاكم البلدية في الولايات المتحدة أو اليابان.
لكن وفي نفس الإطار تجب الإشارة إلى أن جميع المحاكم لم تنكر الحق الأساسي للأفراد في التعويض، رغم رفضها لدعاويهم لأسباب مختلفة.
إن هذا القيد نحو التنفيذ المباشر لحق التعويض أمام المحاكم الوطنية، يقابله ما اعتمدته محكمة الاستئناف في ألمانيا سنة 1952، ومحاكم اليونان في قضية ضد ألمانيا سنة 2000، حيث تم تأييد الولاية القضائية، وتم النظر في دعاوى الأفراد.
إذن فرغم هذا القبول لحق الأفراد في طلب التعويض ، فهناك صعوبات أخرى قد يصادفها ضحايا الانتهاكات، وهو الأمر بالنسبة للقضية المرفوعة ضد ألمانيا سنة 2000، فرغم أن المحكمة العليا في اليونان أصدرت حكما غيابيا ضد ألمانيا وقضت بوقوع الأضرار، ولأن القانون اليوناني يوجب وجود إقرار من الحكومة لتنفيذ مثل هذا الحكم عن طريق مصادرة أرصدة دولة أجنبية، فإن الحكومة اليونانية رفضت إعطاء الإقرار الضروري.
بعد ذلك وحينما حاول المدعون تنفيذ هذا الحكم أمام المحاكم الألمانية على أساس وجود اتفاق ثنائي لتنفيذ الأحكام وإقرارها، رفضت المحكمة العليا في ألمانيا الاعتراف بالحكم الصادر في اليونان على أساس أن المحاكم اليونانية ليست ذات اختصاص، وهذا لأن الفعل المرتكب – الاقتصاص من المدنيين أثناء الاحتلال النازي لليونان – كان من الأفعال السيادية، وبالتالي كانت تغطيه الحصانة السيادية.
لقد نظرت المحكمة العليا الألمانية في اتفاق تم إبرامه بين اليونان وألمانيا سنة 1990، والذي يشكل تسوية نهائية لدعاوى جبر الأضرار الناشئة عن الحرب العالمية الثانية، وقد أصدرت حكما لا يمنع الدعاوى القانونية من جانب المواطنين الأفراد، لكنها قررت بأن النظر في هذه الدعاوى يكون طبقا للقانون الدولي كما كان عام 1944، وقد خلصت بأنه ليس للمدعين سبب للدعوى بشأن الأضرار الناتجة عن انتهاك قوانين الحرب من طرف ألمانيا، وهذا لأن القانون الدولي لعام 1944 لم يكن يمد الأفراد بأسباب للدعوى وإنما كان يمنحها للدول على وجه الحصر، وهذا من خلال الحق في الحماية الدبلوماسية .
إلى جانب هذه المحاولات لإنفاذ الحق في التعويض على المستوى الداخلي، لا بد من القول بأن الأفراد قد حققوا نجاحا كبيرا في تأكيد حقوقهم وتنفيذها في مواجهة الدول أمام المنابر الدولية وهذا بالنسبة لانتهاكات القانون الدولي، ولقد كانت هذه المنابر تتخذ عموما شكل لجان مختلطة للدعاوى، وهي عبارة عن محاكم تحكيم خاصة تأسست عن طريق معاهدة، يتاح من خلالها للأفراد والمؤسسات فرصة لإقامة دعوى، وتعتبر محكمة إيران –الولايات المتحدة الأمريكية للدعاوى إحدى الأمثلة على لجان الدعاوى المختلطة، وقد كانت ذات اختصاص في دعاوى رعايا الولايات المتحدة ضد إيران، ودعاوى الرعايا الإيرانيين ضد الولايات المتحدة، كما كانت ذات اختصاص في دعاوى الحكومتين ضد بعضهما البعض.
إن لجان الدعاوى المختلطة لم تشر صراحة إلى انتهاكات القانون الدولي الإنساني، لكنها كانت ذات صلة بتعويض الأفراد ضحايا تلك الانتهاكات، ومثال ذلك الدعاوى المتعلقة بالأذى الشخصي والأضرار المترتبة عليه، كالموت عير الشرعي والحرمان من الحرية بما ينتهك القانون الدولي الإنساني، وكذا الدعاوى من أجل الخسائر في الممتلكات، والناجمة عن السلب والنهب أو التدمير غير القانوني للأعيان المدنية.
إن الشيء الجديد هو منح الأفراد وفي بعض الحالات المؤسسات حقوقا إجرائية واسعة أمام هذه الهيئات، حيث يمكن أن يرفع الأفراد الدعاوى مباشرة، وكذا المشاركة بدرجات مختلفة في عملية النظر فيها، فضلا عن الحصول على التعويض مباشرة.
ويختلف الأساس المعتمد عليه من طرف هذه الهيئات في منح التعويض، فعلى لجنة إريتيريا – أثيوبيا أن تتوصل إلى نتيجة بشأن انتهاك القانون الدولي الإنساني، في حين تعتمد بعض الهيئات اختيارا أكثر مرونة، ومثالها لجنة الأمم المتحدة لتعويضات حرب الخليج الثانية ، والتي قامت بمنح تعويضات عن الخسائر الناتجة مباشرة عن الغزو العراقي للكويت، وهذا دون النظر في خرق أحكام القانون الدولي الإنساني.
لقد تم إنشاء لجنة الأمم المتحدة للتعويضات سنة 1991 من طرف مجلس الأمن، وهي هيئة شبه قضائية مكلفة بأن تفصل قضائيا في الدعاوى المرفوعة ضد العراق، وهذا بسبب أية خسارة أو ضرر مباشرين، بما في ذلك الضرر البيئي واستنفاذ الموارد الطبيعية.
أما بالنسبة للمطالبات، فبالإضافة إلى الحكومات والمنظمات الدولية، يحق للأفراد والمؤسسات إقامة دعاوى مباشرة والحصول على تعويض دون إتباع طريق الحماية الدبلوماسية من جانب دولة الجنسية. لكن إذا تحدثنا بشكل أكثر دقة فإن الأفراد لا يتقدمون بدعاويهم مباشرة إلى لجنة الأمم المتحدة للتعويضات، بل يقدمون مطالباتهم إلى دولهم، والتي تقدمها عندئذ إلى اللجنة. ومع ذلك وعلى خلاف ما يحدث في قضايا الحماية الدبلوماسية، فإن الدول لا تناصر دعاوى رعاياها، ولكن تضطلع بدور إداري محض .
على الرغم من أن لجنة التعويضات لا تنظر إذا كانت الخسارة ناتجة عن انتهاك قواعد القانون الدولي الإنساني، فإن كثيرا من الدعاوى التي أسفرت عن منح تعويضات كانت ترتكز بالفعل على انتهاك أحكام هذا القانون، حيث تم التعويض عن الوفاة، التعذيب، الأذى الشخصي، الإضرار بالممتلكات المدنية،...، وهي كلها موضوعات محمية من طرف قواعد القانون الدولي الإنساني.
أما بالنسبة للجنة إريتيريا – إثيوبيا للتظلمات، والتي تأسست بموجب معاهدة السلام لسنة 2000، فقد كانت مختصة بمنح تعويضات عن تظلمات الأفراد والمؤسسات والحكومات في كل من الدولتين والمؤسسة على وقوع ضرر بين الحكومتين، وكذا بين الكيانات الخاصة المرتبطة بالنزاع، والناتجة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني أو غيرها من انتهاكات القانوني الدولي.
إذن ومما سبق يمكن القول أن الأفراد قد نجحوا في تأكيد حقوقهم وتنفيذها أمام المنابر الدولية، وهذا بشأن انتهاكات القانون الدولي الإنساني، رغم الصعوبات التي كانت تظهر في كل حالة من حالات المطالبة.
إذن وبعدما تبين أن حق الأفراد في المطالبة بالتعويض أصبح معترفا به رغم وجود عدة صعوبات، فيمكننا أن نتساءل الآن حول إمكانية تعويض الضحايا من طرف منتهكي قواعد القانون الدولي الإنساني شخصيا.
لقد ترسخ منذ زمن طويل مبدأ المسؤولية الجنائية الفردية عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني، لكن الدول وحدها كانت من الناحية التقليدية المكلفة بجبر الأضرار، ومع ذلك فقد شهدت السنوات الأخيرة حالات قام فيها الجناة بجبر الأضرار أيضا.
في هذا الإطار يمكن القول بعدم وجود أية وثيقة من مواثيق القانون الدولي الإنساني تتحدث عن مسؤولية الأفراد لتعويض ضحاياهم،لكن يمكن الاستدلال عن هذا الالتزام من الأحكام المتعلقة بمسؤولية الدولة عن انتهاكات القانون الدولي بشكل عام. كما لا يوجد في إطار المحاكمات الوطنية أي شيء يمنع تطبيق حقوق الإنسان، وإجراءات القانون الوطني العادية، مثل مفهوم الطرف المدين.
إن واجب الأفراد في مجال جبر الأضرار قد تناوله النظام الأساسي لثلاث محاكم دولية،وهذا على الرغم من أن أحكام النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة لا يشير إلا لرد الحقوق، في نص المادة 24 :"...بالإضافة إلى عقوبة السجن يجوز لدوائر المحاكمة أن تصدر أمرا بإعادة أية ممتلكات أو أموال يكون قد جرى الاستيلاء عليها بواسطة سلوك جنائي بما في ذلك وسائل الإكراه إلى مالكيها الحقيقيين." وأن قواعد الإجراءات تتناول مسألة جبر الأضرار بصورة أكثر عمومية.
إن المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة لا توصي بتقديم تعويض، ووجود مثل هذا الانتصاف لا يزال يعتمد بشكل كامل على أحكام القوانين الوطنية ذات الصلة.
أما بالنسبة للمحكمة الجنائية الدولية لروندا فإن نظامها الأساسي، وكذا لائحة الإجراءات والأدلة تعكس نفس الأحكام في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة، كما نجد نفس الشيء بالنسبة للمحكمة الخاصة لسيبراليون،حيث يجوز أن تأمر المحكمة بمصادرة أية ممتلكات أو أموال أو أصول يكون قد جرى اكتسابها بصورة غير قانونية وأن تصدر أمرا بإعادتها إلى مالكها الحقيقي أو إلى دولة سيراليون.
وبالرجوع إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية نجده اعتمد نهجا مغايرا من حيث الأساس، إذ يمنح المحكمة نفسها سلطة إصدار حكم بالتعويض .
وتتناول قواعد الإجراءات والأدلة في المحكمة الجنائية الدولية موضوع جبر الأضرار بالتفصيل، فإلى جانب أشياء أخرى تنص القواعد على أن المجني عليهم من جراء الانتهاكات يمكن أن يتقدموا بطلبات التعويض إلى المحكمة مباشرة، كما تمنح المحكمة سلطة مباشرة إجراءاتها فيما يتعلق بالتعويض بمبادرة منها، وللمحكمة أن تقدر جبر الأضرار فرديا أو جماعيا، آخذة في الحسبان نطاق ومدى أي ضرر أو خسارة أو إصابة .
أما على الصعيد الوطني فتوجد طريقتين يمكن من خلالهما أن يحصل الضحية على تعويض، حيث تتمثل الطريقة الأولى في تأسس الضحية كطرف مدني، وفي هذه الحالة يتوقف منح التعويض على إدانة منتهك قواعد القانون الدولي الإنساني. وتتمثل الطريقة الثانية في تبني تشريعات ملائمة، حيث يمكن أن يرفع الضحايا دعوى مدنية للتعويض ارتكازا على انتهاكات الأعراف ذات الصلة بالقانون الدولي، ومثال ذلك"مرسوم دعاوى الإضرار بالأجانب" لعام 1789، وكذا" مرسوم حماية ضحايا التعذيب" الصادر عام 1991.
إن مرسوم دعاوى الإضرار بالأجانب لعام 1789 يمنح محاكم الولايات المتحدة الأمريكية اختصاصا بالدعاوى المدنية المقامة من جانب رعايا غير رعايا الولايات المتحدة، وهذا بالنسبة للأضرار المرتكبة بما ينتهك القانون الدولي أو المعاهدات المنظمة إليها الولايات المتحدة، كما تمنحهم حق الحكم بالتعويض عن الخسائر التي عانوا منها. أما مرسوم عام 1991 والمتعلق بحماية ضحايا التعذيب فهو يعد أكثر تحديدا ويقتصر على دعاوى التعذيب أو القتل خارج الاختصاص القضائي. ولقد كان هذين المرسومين أساس العديد من القضايا المرتبطة بالنزاعات المسلحة.
لقد تم استحضار المرسومين في الدعوى القضائية المقامة من جانب مجموعة من الرعايا البوسنيين ضد رادوفان كارادزيك من أجل التعويض، وهذا لارتكاب عدة انتهاكات أثناء النزاع في يوغسلافيا السابقة (قتل المدنيين العزل، اغتصاب النساء، تدمير الأعيان المدنية،...). وفي قرار صادر عام 1995 عن محكمة الاستئناف بالولايات المتحدة – كانت تحكم فقط في مسألة الاختصاص القضائي – خلصت إلى أن مرسوم 1789 بشأن دعاوى الإضرار بالأجانب قد منح محاكم الولايات المتحدة اختصاصا قضائيا بالنسبة للدعاوى المرتكزة على الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب، وفي شهر أوت من عام 2001 أمرت المحكمة كارادزيك بأن يدفع مبلغ 745 مليون دولار إلى ضحايا الفظائع التي ارتكبها بوصفها أضرار تستحق التعويض والعقاب.
الفرع الثالث: المنظمات الدولية
لقد ثارت مسألة المطالبة بالتعويض بمناسبة مقتل الكونت برنادوت، وسيط الأمم المتحدة أثناء تأديته لوظيفته في فلسطين، وهذا فيما إذا كانت الهيئة تستطيع أن تطالب بالتعويض حكومة إسرائيل إذا ما ثبتت مسؤولية الأخيرة عن ارتكاب الحادث. وفي هذا الصدد فقد أصدرت محكمة العدل الدولي فتواها في هذه المسألة بتاريخ 11 أفريل 1949، وقد جاء فيها:"رغم أن هيئة الأمم المتحدة ليست دولة أو دولة فوق الدول إلاّ أنها شخص دولي، ولها بهذا الوصف الأهلية اللازمة لحفظ حقوقها برفع الدعاوى الدولية على الدول الأعضاء وغير الأعضاء في الهيئة، وذلك للحصول على تعويض عن الأضرار التي تلحق بها أو تلحق بموظفيها، وأن هيئة الأمم المتحدة حين ترفع هذه الدعاوى لا تستطيع القيام بذلك إلاّ إذا كان أساس دعواها المساس بحق ثابت لها" .
إن هذا الرأي يقرر مبدأ صلاحية المنظمة الدولية لأن تكون طرفا في علاقة المسؤولية الدولية سواء بصفتها مدعية أو مدعى عليها.
إذن ومن خلال هذه السابقة، فإنه يمكننا القول بأن للمنظمة الدولية حق المطالبة بالتعويض في حال وقوع ضرر عليها أو على أحد موظفيها نتيجة خرق إحدى قواعد القانون الدولي الإنساني.
المطلب الثاني: وسائل المطالبة بالتعويض
إن الدول وفي سبيل المطالبة بالتعويض عن الضرر، قد تلجأ إلى الوسائل التي نص عليها القانون الدولي لتسوية المنازعات بالطرق السلمية. وفي هذا الإطار فإن القانون الدولي قد حرم استخدام القوة من أجل تسوية المنازعات.
إذن وبما أن حل المنازعات الدولية يستوجب اللجوء للطرق السلمية لا غير، فإن المطالبة يجب أن تكون بإحدى هذه الطرق أيضا. ونحن نرى هنا وجود وسيلتين للمطالبة بالتعويض؛ الأولى سياسية والثانية قانونية، وللدولة أن تختار الوسيلة التي تراها أجدى من أجل الحصول على التعويض، ما دامت لا تخالف قواعد القانون الدولي. وفي هذا الصدد قد تلجأ الدولة في بادئ الأمر للوسيلة السياسية، ثم تعقبها بالوسيلة القانونية إذا لم تنجح في تحصيل التعويض سياسيا، لكن لها المرور مباشرة للوسيلة القانونية، كما يمكنها استخدام أكثر من وسيلة في وقت واحد.

الفرع الأول: الوسائل السياسية
وهي التي تتم خارج القضاء الدولي، حيث تتسم هذه الوسيلة بالسرعة في حسم النزاع، مع مراعاة مصالح الأطراف. إلى جانب ذلك فإن الحلول المتوصل إليها نابعة من إرادة الأطراف، مما يساعد على تنفيذ القرارات الصادرة عنها.
أولا: المفاوضات
وهو أسلوب قديم يستعمله الطرفان المتنازعان لتسوية خلافاتهما بأنفسهما دون إتاحة الفرصة لتدخل طرف ثالث بينهما، وهي تتسم بالمرونة مع ارتكازها على إرادات الدول، ومثالها المفاوضات بين ألمانيا وفرنسا بعد الحرب العالمية الأولى، والتي انتهت بتوقيع اتفاقية 1922، والمتعلقة بدفع حصة فرنسا من التعويضات في شكل عيني.
ثانيا: الاحتجاج الدبلوماسي
وهو تقدم الدولة المتضررة بطلب رسمي عن طريق مبعوثها الدبلوماسي إلى الدولة المسؤولة، حيث تحتج فيه على تصرفها المخالف لقواعد القانون الدولي.
ثالثا: المساعي الحميدة
في حال فشل المفاوضات أو الاحتجاج الدبلوماسي في تسوية النزاع بين الأطراف، يتم اللجوء إلى هذه الوسيلة، ومثالها اللجوء إلى لجنة تقصي الحقائق، والتي تكمن مهامها في العمل على إعادة احترام أحكام الاتفاقيات والبروتوكول، حيث تعمل على التقريب بين الأطراف المتنازعة حتى يمكن تسوية النزاع بطريقة ودية.
رابعا: الوساطة
وهي الجهود التي يبذلها طرف ثالث بقصد تسوية الخلاف بين الدولتين المتنازعتين، وقد يكون هذا الطرف الثالث إما دولة أو منظمة دولية، حيث بلعب دورا كبيرا من خلال اشتراكه الفعلي في التسوية، وهذا باقتراحه الحلول الملائمة لحل النزاع. ومع ذلك فالدولة المتنازعة تبقى حرة في قبول الوساطة أو رفضها.
ومثال هذه الوسيلة، اتفاقية الإطار العام للسلام في البوسنة والهرسك (اتفاقية دايتون للسلام)، والتي أبرمت بين كرواتيا والبوسنة والهرسك وجمهورية يوغسلافيا الاتحادية في دايتون في نوفمبر 1995، والتي كان هولبورك هو الوسيط الرئيسي فيها. وقد تناولت هذه الاتفاقية صراحة مأزق المدنيين الذين عانوا نتيجة الأعمال العدائية وتشريعات فترة الحرب، من خسائر واسعة النطاق في حقوق الملكية، وفي هذا الإطار تنص المادة 1 من الملحق السابع للاتفاقية على مايلي: "يحق لجميع اللاجئين والأشخاص النازحين العودة بحرية إلى أوطانهم الأصلية، كما يحق لهم استعادة الممتلكات التي حرموا منها في مجرى العمليات العدائية منذ عام 1991، وتعويضهم عن أي ممتلكات يكون من المستحيل استعادتها"
لقد أنشأ الاتفاق آلية مبتكرة لإعادة الممتلكات العينية، وتتسم هذه الآلية باتساع مداها، وتركز على الخسائر بدلا من التركيز فقط على الممتلكات المأخوذة بما ينتهك القانون الدولي الإنساني.
خامسا: التوفيق
وهو وسيلة من الوسائل السلمية لحل الخلافات، يمارس من قبل لجنة مؤلفة من 3 إلى 5 أعضاء معنيين من قبل الأطراف في النزاع كما هو الحال في لجان التحقيق. وتجب الإشارة إلى أن تقارير اللجنة ليست ملزمة، وقد تتضمن اقتراح حل معين للنزاع، وهنا تبرز الصفة السياسية للجان المصالحة، وعادة ما تنص المعاهدات الدولية على ضرورة اللجوء إلى التوفيق لتصفية المنازعات بطريقة ودية.
والتوفيق وسيلة تمهد الطريق لإجراء قانوني آخر وهو التحكيم. وفي هذا الإطار نذكر أن الأمم المتحدة أرسلت لجان توفيق إلى فلسطين و الكونغو.
سادسا: التحقيق
إن سبب الخلاف القائم بين الدول قد يكون نتيجة عدم وضوح الحقائق، فإذا انكشفت أمكن بسهولة التوصل إلى تسوية النزاع.
وتمارس التحقيق لجنة محايدة بهدف تقصي حقائق النزاع، والتي تعرض فيما بعد على الطرفين المتنازعين أو التحكيم الدولي أو محكمة دولية، مع إمكانية تقديم اقتراحات.
والتحقيق أسلوب اختياري بداية ونهاية، اللّهم إلاّ في حالة النص على وجوب اللجوء إليه في معاهدة دولية. وقد جرى العرف الدولي أن تتكون لجنة التحقيق من خمسة أعضاء، اثنان من كل دولة متنازعة،وعضو واحد من دولة محايدة.
لقد لجأت الأمم المتحدة عدة مرات إلى تكوين لجان محايدة لجمع معلومات حول نزاعات دولية معينة، وهو ما تم مثلا في قضية فلسطين سنة 1947، وكذلك قضية الصحراء الغربية سنة 1975 حين تم تشكيل لجنة تحقيق من ثلاث دول هي: إيران، كوبا، ساحل العاج، حيث كلفت بدراسة الوضعية العامة في إقليم الصحراء الغربية وجمع المعلومات اللازمة.
سابعا: التسوية عن طريق المنظمات الدولية
في القانون الدولي الإنساني وعلى سبيل المثال، تنص المادة 4 من الأحكام الداخلية للمنظمة الدولية للصليب الأحمر،على تلقي هذه الأخيرة الشكاوى المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني، ولها أن تلجأ إلى تحريك التحقيق بطلب من أطراف النزاع، كما يمكنها أن تلاحظ بعض الانتهاكات عن طريق المندوبين، ولها أيضا أن ترسل وفدا من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بشرط أن يتلقى ضمانات على عدم استغلال مهامه استغلالا سياسيا.
الفرع الثاني: الوسائل القانونية
تتجسد التسوية هنا في رفع المطالبة إلى محكمة مؤقتة أو دائمة، وهذا لكي تصدر حكما ملزما، والأمر يشمل في القانون الدولي التحكيم والقضاء.
أولا: التحكيم
وهو طريق لفض المنازعات عن طريق هيئة ثالثة من اختيار الدول، وهو أسلوب قديم جدا، فالدول المسيحية كانت تلجأ في فض منازعاتها إلى البابا، وفي عام 1907 كرست هذه الوسيلة في اتفاقية لاهاي.
ومن الأمثلة على اللجوء للتحكيم قضية طابا بين إسرائيل (فلسطين المحتلة ) ومصر، والتي انتصرت فيها الأخيرة بعدما استمر التحكيم لمدة 14 عاما.
ومن أمثلة محاكم التحكيم نذكر"اللجان المختلطة للدعاوى "، والتي تتأسس عن طريق المعاهدات، التي عادة ما تكون ثنائية، حيث يتاح من خلالها للأفراد والمؤسسات فرصة استثنائية لإقامة دعاوى ضد الحكومات.
ولقد تأسست منذ نهاية القرن التاسع عشر،عديد من لجان الدعاوى المختلطة، وعادة ما كانت ننشأ بعد الثورات وحالات الاضطراب في النظام العام، التي تتسم بالتدمير وسلب الملكية الخاصة، بما في ذلك نزع الملكية. وقد كانت لتلك اللجان أسس مختلفة للولاية القضائية والتعويض. ورغم عدم إشارة أي منها صراحة إلى انتهاكات القانون الدولي الإنساني، فإنها كانت ذات صلة بمسألة تعويض الأفراد ضحايا تلك الانتهاكات. وفي هذا الإطار وصلت بعض الحالات التي نظرت فيها إلى النزاعات المسلحة غير الدولية، والتي حدث فيها انتهاك القانون الدولي الإنساني.
وفي هذا السياق تعتبر محكمة إيران – الولايات المتحدة للدعاوى إحدى الأمثلة الأخيرة بشأن لجان الدعاوى المختلطة، وقد تأسست بموجب سلسلة من المعاهدات تحت ما يسمى اتفاقيات الجزائر، والتي أبرمت بين إيران والولايات المتحدة سنة 1981. ولقد كانت مختصة بدعاوى رعايا الدولتين، والتي تتعلق بنزع الملكية أو غيرها من التدابير التي تؤثر في حقوق الملكية.
ثانيا: القضاء
نظرا لأن جميع الدول متساوية في السيادة، فإن المحاكم الداخلية للدول لا يمكنها أن تحكم على أفعال دول أخرى. ولقد كانت المحاكم الوطنية كارهة تقليديا للانحراف عن هذا المبدأ، حتى في الحالات المرتبطة بالانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني.
إن هذا النهج التقييدي نحو التنفيذ المباشر لحق التعويض أمام المحاكم الوطنية يجب أن يقابل مع ذلك النهج الذي اعتمدته محكمة الاستئناف في ألمانيا سنة 1952، ومحاكم اليونان سنة 2000، حيث تأيدت الولاية القضائية، وتم النظر في دعاوى الأفراد.
أما بالنسبة للقضاء الدولي،فإن الأمر قد تطور بشكل ملحوظ ابتداء من إنشاء المحاكم الجنائية الدولية المؤقتة و انتهاء بإنشاء المحكمة الجنائي الدولية الدائمة، وفي هذا الصدد فإن المادة 75 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الدائمة تنص على ما يلي:
1- تضع المحكمة مبادئ فيما يتعلق بجبر الأضرار التي تلحق بالمجني عليهم أو فيما يخصهم،بما في ذلك رد الحقوق والتعويض ورد الاعتبار. وعلى هذا الأساس يجوز للمحكمة أن تحدد في حكمها، عند الطلب أو بمبادرة منها في الظروف الاستثنائية، نطاق ومدى أي ضرر أو خسارة أو أذى يلحق بالمجني عليهم أو فيما يخصهم، وأن تبين المبادئ التي تصرفت على أساسها.
2- للمحكمة أن تصدر أمرا مباشرا ضد شخص مدان تحدد فيه أشكالا ملائمة من أشكال جبر أضرار المجني عليهم، أو فيما يخصهم، بما في ذلك رد الحقوق والتعويض ورد الاعتبار. وللمحكمة أن تأمر حيثما كان مناسبا، بتنفيذ قرار الجبر عن طريق الصندوق الإستئماني المنصوص عليه في المادة 79...."
من هذه المادة يمكن القول بأن نظام روما الأساسي قد تضمن أسس تعويض المجني عليهم من الناحية المالية و القانونية والمعنوية.
والمجني عليهم هم الأشخاص الطبيعيون الذين أصابهم ضرر نتيجة لارتكاب الجريمة، والمنظمات أو المؤسسات المخصّصة للتعليم أو الدين أو الفن أو العلم أو الأعمال الخيرية التي يصيب الضرر ممتلكاتها بما فيها من آثار تاريخية، ومستشفيات، وغيرها من الأماكن والأشياء ذات الأغراض الإنسانية.
لكن لا يمكن تصور تطبيق هذه المادة من طرف المحكمة دون وجود مطالبة، سواءً من الدولة التي تضرر رعاياها تطبيقا لمبدأ الحماية الدبلوماسية ، أو من الأفراد المتضررين أنفسهم ، حيث عن طريق المطالبة يمكن تنوير المحكمة بالنسبة لقيمة التعويض التي بإمكانها جبر الضرر ، وكذا الأشياء التي تم سلبها و نهبها و المطالب بردها . وفي هذا الصدد تنص قواعد الإجراءات والأدلة في المحكمة الجنائية الدولية على إمكانية تقدم المجني عليهم بطلبات التعويض إلى المحكمة مباشرة.
إذن ومما سبق ذكره يمكننا القول بان نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، قد أسس لإمكانية المطالبة
بالتعويض عن طريق القضاء الدولي.
وفي هذا الصدد، فإن النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة قد أشار إلى إمكانية المطالبة بالتعويض قضائيا،وهذا ما يمكن أن نستشفه من نص المادة 24(3) من هذا النظام، والتي تعطي للمحكمة إصدار أمر بإعادة أية ممتلكات أو أموال يكون جرى الاستيلاء عليها بواسطة سلوك جنائي، بما في ذلك وسائل الإكراه إلى مالكيها الحقيقيين.
إن وضع هذه المادة موضع التنفيذ يتطلب تحديد الممتلكات و الأموال التي تم الاستيلاء عليها، وهذا لا يمكن تحقيقه دون وجود مطالبة قضائية.
إن نفس النتيجة يمكن التوصل إليها بالنسبة للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية لروندا، وهذا لتشابه هذا النظام مع نظام يوغسلافيا.
في نهاية هذا الفصل الأول يمكننا أن نتوصل إلى نتيجة مفادها أن للتعويض صفة إلزامية وليس اختيارية، وكذا إرضائية وليس عقابية. وأن هذا الالتزام بالتعويض يمكن أن يأخذ شكلا واحدا من الأشكال المختلفة للتعويض أو يأخذ شكلين اثنين أو الأشكال جميعها، وهذا حسب حالات النزاع وكذا جسامة الأضرار الحاصلة وأنواعها.
أما بالنسبة لأشخاص التعويض، فإننا توصلنا إلى أن للدولة كل الحق في المطالبة باعتبارها الشخص الأصيل للقانون الدولي، أما الفرد فإننا لم نجد سببا للحد من حقه في طلب التعويض والذي تشير إليه اتفاقية لاهاي الرابعة ( المادة 3 )، وكذا البروتوكول الإضافي الأول (المادة 91 ). وهو نفس الأمر بالنسبة للمنظمات الدولية، حيث توصلنا إلى أن لها الحق في المطالبة بالتعويض في حال وقوع ضرر عليها أو على أحد موظفيها.
وأخيرا وبالنسبة لوسائل المطالبة بالتعويض فإننا توصلنا للقول بوجود وسيلتين اثنتين هما الوسيلة السياسية والوسيلة القانونية.










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-28, 11:01   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 الفصل الثاني

الفصل الثاني : التعويض من خلال العمل الدولي
بعد تطرقنا في الفصل الأول من هذا البحث للجانب القانوني لمسألة التعويض ، وهذا من خلال اعتمادنا بالخصوص على آراء الفقهاء وكذا المواثيق الإنسانية الدولية، فإننا سنتطرق في الفصل الثاني لمسألة التعويض من جانبها العملي، وهذا من خلال دراسة تعويضات الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكذا تعويضات حرب الخليج الثانية (حرب العراق-الكويت)، حيث سنحاول هنا فهم ميكانيزمات التعويض المعتمدة في كل مرحلة.



















المبحث الأول: تعويضات الحربين العالميتين الأولى والثانية
تشكل معاهدات السلام التي تم إبرامها عقب نهاية الحربين العالميتين أساسا مهما لدراسة التعويضات، حيث انطوت على عديد من المبادئ التي تحكم هذا الموضوع.
وفي هذا الصدد نلاحظ أن معاهدات السلام هذه قد استخدمت مصطلح "Reparation"، والذي يفيد معنى إصلاح الضرر الناجم عن الحرب، وبالتالي تخليها عن المصطلحات التي كانت تستخدم من قبل، "Contributions"، والتي كانت تفيد معنى الغرامة وطابع العقوبة والجزاء أكثر مما تفيد التعويض. وفي سبيل دراسة موضوعنا هذا آثرنا تقسيم مبحثنا إلى مطلبين، ندرس في الأول مسألة التعويض بعد الحرب العالمية الأولى، وندرس في الثاني مسألة التعويض بعد الحرب العالمية الثانية.
المطلب الأول: تعويضات الحرب العالمية الأولى
لقد كانت الحرب العالمية الأولى نتيجة الصراعات الأوروبية على المستعمرات، حيث بدأت نيرانها تشتعل في 28 جويلية 1914 وهذا بإعلان النمسا الحرب ضد الصرب، ثم أخذت الدول الأخرى تدخل الحرب الواحدة تلو الأخرى.
وبعد انتصار الحلفاء وهزيمة ألمانيا، وقَّعت هذه الأخيرة اتفاقية الهدنة في 11 نوفمبر 1918، والتي تضمنت المادةXIX، التي جاءت تحت عنوان "الشروط المالية"، حيث كان نصها كالآتي:" تحت تحفظ على أية مطالبة أو احتجاج لاحق من طرف الحلفاء والولايات المتحدة يتعلق بالتعويض عن الأضرار.
خلال فترة الهدنة، فإن أي إغفال من طرف عدو القيم العامة يعطي للحلفاء استخدام الرهن من أجل تحصيل التعويضات.
الرد الفوري لمال صندوق البنك البلجيكي، وعلى العموم التسليم الفوري لكل الوثائق، النقود، القيم (المنقولات والأوراق المالية مع آلات الإصدار) الماسة بالمصلحة العامة والخاصة في الدول المحتلة.
رد الذهب الروسي والروماني المستولى عليه من طرف الألمان أو المسلم لهم.
سيتم التكفل بهذا الذهب من طرف الحلفاء حتى توقيع اتفاقية السلام."
إن تضمين اتفاقية هدنة شرطا حول تعويضات الأضرار يعتبر شيئا غير مألوف في القانون الدولي العام.
بعد ذلك تم النص على الإلتزام بالتعويض المفروض على ألمانيا في اتفاقية فرساي الموقع عليها في 28 جوان 1919، والتي دخلت حيز النفاذ في 10 جانفي 1920، حيث احتوت على 440مادة إلى جانب عدة ملاحق، وبهذا تكون قد شكلت أطول معاهدة في ذلك الوقت.
و في هذا الصدد فقد تم تخصيص الجزء الثامن من المعاهدة لمسألة التعويضات، وقد كانت الشروط المتعلقة بهذه المسألة أهم ما ورد في هذا القسم، حيث دارت بشأنها مداولات طويلة بين الخبراء وبين رؤساء الحكومات. وفي هذا الإطار نسجل قيام وزير الخارجية الأمريكي بتوجيه مذكرة إلى الحكومة الألمانية سنة 1918 تضمنت وجوب التعويض عن جميع الأضرار التي لحقت بالمواطنين المدنيين للأمم الحليفة وبممتلكاتهم بفعل القوات العسكرية الألمانية.
أما بالنسبة لسند الالتزام بالتعويض في اتفاقية فرساي فهو نص المادة 231، والتي نصت على ما يلي: "تصرح حكومات الحلفاء والشركاء وتعترف ألمانيا بأنها وحلفاءها مسؤولون عن جميع الخسائر والأضرار التي لحقت بالحكومات الحليفة والشريكة و بمواطنيها..."
ولاقتناع الحلفاء بعدم قدرة ألمانيا المادية لتعويض كل الأضرار، فقد تم النص في المادة 232 من معاهدة فرساي على حصر وجوب التعويض في الأضرار التي أصابت الأفراد المدنيين لكل دولة من الدول الحليفة والشريكة، وكذا ممتلكاتهم، وهذا خلال الفترة التي تكون فيها الدولة في حالة حرب مع ألمانيا.
إلى جانب هذين النصين توجد نصوص أخرى في المعاهدة تتعلق بموضوع التعويضات، منها المادة 257 والتي أشارت إلى حجز الممتلكات الخاصة للألمان المقيمين في الدول الحليفة، وقد استهدف هذا الإجراء تأمين التعويض عن الممتلكات الخاصة التي حجزت في ألمانيا خلال الحرب.
لكن وبالرجوع للنصوص المتضمنة مسألة التعويض نجدها لم تحدد بصورة واضحة مضمون الأضرار التي سوف يتم الالتزام بتعويضها ومقدار هذا الأخير، وكذا آلية الدفع، وكيفية توزيعه بين الدول المتضررة.
الفرع الأول: الأضرار المُعوَّض عنها
لقد اختلفت دول الحلفاء حول تحديد الأضرار التي يتعين على ألمانيا الالتزام بتعويضها، واكتفت بإلزام ألمانيا وحلفائها على إصلاح الأضرار التي أصابت الدول ورعاياها.
وفي هذا الإطار وبما أن الأراضي الفرنسية قد تعرضت للتخريب، وبالتالي تضرر الممتلكات الموجودة عليها، بالإضافة إلى قيام ألمانيا بالاستيلاء على معاملها في الشمال والشرق، وعلى مخزونها من المواد الأولية والآلات، إلى جانب ذلك فإن فرنسا قد تكبدت أكبر الخسائر في الأرواح نسبة إلى عدد سكانها. لذلك فإن الرأي العام الفرنسي قد اعتبر مسألة الالتزام بالتعويض بديهة أخلاقية.
أما بالنسبة لبريطانيا فهي لم تتضرر إلا في جزء من أسطولها التجاري، حيث لم تتعرض أقاليمها للتخريب خلال فترة الحرب، لكنها رتبت على نفسها دينا خارجيا ثقيلا، لذلك رأت أن تشمل التعويضات خسائر الأفراد، وذلك بإلزام ألمانيا دفع مجموع قيمة المعاشات والمساعدات التي ستمنح لضحايا الحرب ولعائلات المجندين.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد رأت بادئ الأمر أن من واجب ألمانيا التعويض عن الخسائر التي أصابت القطاع العام، بحيث تلتزم بدفع كلفة إعادة بناء المناطق التي اكتسحتها، لكن بعد ذلك عادت ورضخت للضغوط البريطانية والفرنسية، وهذا من حيث شمول التعويض لمعاشات الحرب.
أما إيطاليا فقد طالبت بجزء من التعويضات الألمانية، وهذا بسبب ما لحقها من أضرار غير مباشرة، حيث أن انهيار الإمبراطورية النمساوية-الهنغارية قد جعل إيطاليا في مواجهة مدين واحد هو الجمهورية النمساوية العاجزة عن الدفع.
بعد هذا الجدل الذي دار حول الأضرار الواجب تعويضها، تم الاتفاق على أن يشمل التعويض إلى جانب جملة من التعويضات الأخرى، ما أصاب السكان المدنيين من ضرر، سواء كان هذا الضرر قد مس شخصهم أو أموالهم، وهذا بغض النظر عن مكان وقوعه، سواءً في البر أو البحر أو الجو.
الفرع الثاني: توزيع قيمة التعويض على الدول المتضررة
نتيجة اختلاف وجهات نظر الدول المتحالفة حول كيفية توزيع قيمة التعويض، فقد تم الاتفاق على تشكيل لجنة خاصة عرفت بلجنة التعويضات، وهذا بموجب المادة 233 من معاهدة فرساي.
إن مهمة اللجنة تتمثل في تحديد المبلغ الدقيق للأضرار التي سيتم إصلاحها من طرف ألمانيا، وكذلك القروض البلجيكية التي سترد، إلى جانب تحديد إجمالي التزامات التعويض، وعلى اللجنة إنشاء أشكال تبرئة دين ألمانيا خلال فترة ثلاثين سنة.وعند تحضيرها لقراراتها فاللجنة غير مقيدة بأي تشريع أو قانون خاص، لكنها موجهة فقط بقواعد العدل والإنصاف، وكذا حسن النية .
لقد عقدت لجنة التعويضات اجتماعها الأول في مدينة Spa في الفترة ما بين 5 إلى 16 تموز من سنة 1920، حيث أقرت فيه توزيع التعويضات على الدول المتضررة بالنسب التالية:
فرنسا 54.45%، يوغوسلافيا 5.00%، بريطانيا 23.05%، البرتغال 0.75%، إيطاليا 10%، رومانيا 1.10%، بلجيكا 4.50%، اليونان 0.40%، اليابان 4.50%.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد رفض مجلس شيوخها الموافقة على معاهدة فرساي، لذا لم تدخل في مفاوضات الحلفاء لتوزيع الحصص، ثم قامت بعقد صلح منفرد مع ألمانيا بموجب معاهدة برلين لسنة 1921، والتي قررت لها نفس الحق في التعويضات كبقية الحلفاء.
أما بالنسبة لدفع مبالغ التعويض، فقد تم منح بلجيكا امتياز قبض مبلغ مليوني فرنك من أول دفعة ألمانية، وعندما طالبت فرنسا بامتياز مماثل قوبل طلبها بالرفض، وفي هذا الإطار فإن الوفد البريطاني قد استنكر تعويض ثمن مداخن المصانع الفرنسية قبل تعويض الخسائر في الأرواح البشرية البريطانية.
الفرع الثالث: المبلغ الواجب دفعه كتعويض
لقد اختلف المنتصرون حول تحديد المبلغ الذي يتعين على ألمانيا أن تدفعه تعويضا عن الأضرار التي سببتها، وكان الاعتقاد السائد آنذاك أنه ليس بالإمكان إلزام ألمانيا دفع كل ما عليها، وبالتالي يتعين إلزامها بتقديم كل ما تستطيع دفعه، أي تم الأخذ بعين الاعتبار عند تقدير الأضرار إمكانية الدفع، ومدى القدرة المالية للدولة المهزومة.
لقد كان الخبراء يرون بأن إمكانية ألمانيا في الدفع لا يستهان بها، وهذا لعدم تضرر وسائل إنتاجها، حيث كانت التقديرات الأولية ضخمة، ففي هذا الإطار أكد البريطانيون قدرتها على دفع 480 مليار مارك ذهبي خلال خمسين عاما ورأى الفرنسيون أنها قادرة على دفع 800مليار، لكن الخبراء الأمريكيين لم تتجاوز تقديراتهم 120 مليار مارك تدفع خلال خمس وثلاثين عاما.
بعد ذلك تم حسم الأمر في اجتماع عقدته لجنة التعويضات سنة 1921، حيث تم الاتفاق على مبلغ تعويضات قدره 132مليار مارك ذهبي.
أما الحكومة الألمانية فقد حاولت التهرب من دفع هذا المبلغ بحجة أنها ليست المعتدية على الدول الأخرى، ثم أرادت التخفيف من قيمة التعويضات متذرعة بوضعها المالي والاقتصادي الذي لا يسمح لها بدفع كل هذا المبلغ، وفي هذا الصدد تساءل أستاذ القانون الدولي الفقيه الألماني –walter Shucking- عن مدى منطقية أن يعهد بتقرير قدرة ألمانيا على الدفع إلى لجنة لا تمثل فيها ألمانيا. لهذا فقد اقترحت ألمانيا تخفيض المبلغ إلى 30 مليار مارك ذهبي، وبعد تهديد الحلفاء لها باحتلال منطقة الرور، تراجعت ورضخت لتقديرات لجنة التعويضات، على أن تدفع سنويا ملياري مارك من الماركات الذهبية بالإضافة إلى ربع قيمة الصادرات الألمانية.
لقد بدأت ألمانيا بالفعل بدفع التعويضات كما أقرتها لجنة التعويضات، حيث قامت بدفع مبلغ مليار مارك ذهبي كدفعة أولى من تعويضات عام 1921، لكنها توقفت عن الدفع بعد ذلك بحجة ضعف وضعها المالي، خاصة وأن الجزء الغني بالمواد الأولية من سيليزيا العليا قد ضم إلى بولونيا. وخلال فترة دفع التعويضات، تم توقيع اتفاقية بين فرنسا وألمانيا عام 1922وتم الاتفاق فيها على دفع حصة فرنسا من التعويضات في شكل عيني، أي سلعا ومواد أولية عوضا عن الماركات الذهبية، لكن وبعد فترة توقفت ألمانيا عن تنفيذ هذا الاتفاق، مما دفع بالقوات الفرنسية والبلجيكية لاحتلال حوض الرور في 11جانفي1923، حيث بقيت هناك إلى غاية أوت 1925.وقد تم تبرير هذا التصرف بحجة ضمان دفع التعويضات عن طريق الحجز لجزء من الإنتاج المنجمي والصناعي الألماني .
بعد كل الجهد المبذول من طرف الحلفاء لإلزام ألمانيا بالتعويض عن أضرار الحرب العالمية الأولى، جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية سنة 1929(1348هـ) ، والتي بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية وانتقلت منها إلى جميع دول العالم ومن بينها ألمانيا، حيث توقفت أغلب مصانعها وزاد عدد العاطلين عن العمل عن ستة ملايين عامل. ونتيجة لذلك فقد تم حسم مسألة التعويضات بصورة نهائية بموجب مقررات مؤتمر لوزان المنعقد عام 1932، حيث اتفق المجتمعون على أن تدفع ألمانيا ثلاثة مليارات مارك ذهبي إلى بنك تسوية الديون الدولية ليستعملها في المشاريع الإعمارية الأوروبية بشكل عام، إضافة إلى تقديم مواد أولية للمشاريع الإعمارية الفرنسية بما قيمته 82مليون مارك، وذلك مقابل تعهد الدول صاحبة الشأن بالتخلي نهائيا عن التعويضات.
وتجب الملاحظة في هذا الشأن أن تقديرات المبالغ المدفوعة، والمقدمة من طرف ألمانيا تارة ومن طرف دائنيها تارة أخرى جدُّ متباعدة، فبالنسبة إلى 132مليار مارك ذهبي أُلزمت بها ألمانيا في أفريل 1921بعنوان تنفيذ أحكام اتفاقية فرساي، كان مجموع الذي تم دفعه من وجهة النظر الألمانية هو67.673مليار مارك ذهبي، أي حوالي 53% من مجمل الدين. أما لجنة التعويضات وكذا بنك التسويات الدولية فقدرا المبلغ المدفوع بحوالي 21.807 مليار مارك ذهبي، أي حوالي 17% من قيمة الدين .
إذن ومما سبق ذكره، وبالرغم من إنهاء الأزمة المالية الاقتصادية العالمية لمسألة التعويضات، فإنه قد تم إرساء عدة قواعد قانونية تجاوزت ما كان سائدا من قبل، وهذا عن طريق تحديد الأضرار المستحقة للتعويض، وكذا مراعاة المقدرة المالية للملتزم بالدفع، مع إمكانية التنازل عن قيمة التعويض أو تخفيضه فيما بعد.
لكن وبالرغم من ذلك فإنه لم يتم التعاطي مع مسألة التعويضات بشكل كامل من الحياد والقانونية، حيث لاحظنا أن سلطة المنتصرين في تقدير التعويضات كانت مطلقة وبدون قيود، ولم يكن أمام الدول المهزومة إلا القبول.
المطب الثاني: تعويضات الحرب العالمية الثانية:
لقد ذهب البعض للقول بأن التعويضات التي تم فرضها على ألمانيا بموجب معاهدة أو اتفاقية فرساي، في أعقاب الحرب العالمية الأولى هي السبب الرئيسي لاندلاع الحرب العالمية الثانية . هذه الأخيرة استمرت ستة سنوات وانتهت كذلك بهزيمة دول المحور بزعامة ألمانيا،لتثار من جديد مسألة التعويضات. وفي هذا الإطار تجب الإشارة إلى أن مسألة الالتزام بالتعويض لا تتعلق بألمانيا وحدها، وإنما تشمل أيضا الدول الأخرى التي اشتركت في تلك الحرب إلى جانبها.و من أجل إلزام دول المحور على دفع التعويضات، فقد تم تضمين معاهدات الصلح التي أبرمت مع تلك الدول في باريس بتاريخ 10 شباط عام 1947 العديد من النصوص المتعلقة بموضوع التعويض، وهذا ما تم مع إيطاليا، رومانيا، بلغاريا، المجر، فنلندا،...، أما بالنسبة لليابان فقد تضمن القسم الثالث من معاهدة الصلح التي أبرمت معها إثر مؤتمر سان فرانسيسكو، نصوصا خاصة تتعلق بالتعويضات، تضمنت اعتراف اليابان بموجبها التعويض عن الأضرار والآلام التي سببتها الحرب. لكنها أضافت إلى ذلك بندا نص على أن اليابان إذا أرادت أن تحافظ على اقتصادها، لا تملك في الوقت الحالي موارد كافية لتؤمن تعويضا كاملا لجميع الأضرار، كما تمت إضافة بند ينص على وجوب إجراء مفاوضات حول التعويضات مع أصحاب العلاقة، لكن تم في نفس الوقت إعطاء الحلفاء الحق في وضع اليد على الأموال اليابانية الموجودة تحت سلطانها، وذلك ابتداء من تاريخ وضع المعاهدة موضع التنفيذ.
لكن الشيء الملاحظ هو عدم تنفيذ النصوص المتعلقة بالتعويضات، حيث تم التنازل عنها وتجاوزها بسرعة –ماعدا التزامات فنلندا- وهو حال رومانيا وبلغاريا والمجر، وهذا بسبب خضوعها للنفوذ السوفياتي، أما بالنسبة لإيطاليا فكان السبب هو إدماجها في المعسكر الغربي، وهو ما تم تكريسه من خلال انضمامها إلى الحلف الأطلسي، حيث تلقت بعد ذلك المساعدات بموجب مشروع مارشال، بعد أن كانت هي الملزمة بدفع التعويضات.
أما بالنسبة لليابان فإن التحفظات المنصوص عليها في القسم الثالث من معاهدة الصلح لسنة 1951، كانت تعني عمليا استثناءها من الوفاء بالتعويضات، والتي قدرت آنذاك بمائة مليار دولار.
أما بالنسبة لألمانيا، فقد أكد الحلفاء في مؤتمر يالطا -و الذي جمع رؤساء الاتحاد السوفياتي، الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا في 4نوفمبر1945- على مسؤوليتها عن الوفاء بالتعويض عن الأضرار ، حيث جاء في البلاغ الرسمي الصادر عن هذا المؤتمر أنه تم مناقشة مسألة الأضرار التي أوقعتها ألمانيا في هذه الحرب بالبلاد المتحالفة، وتقرر أنه من العدل إلزامها بالتعويض العيني بأقصى حد مستطاع...
إن نفس هذا الأمر قد تم تأكيده في مؤتمر بوتسدام الذي جمع الدول الثلاث الكبرى سنة 1945، حيث أشار في بيانه الختامي إلى قرار مؤتمر القرم –يالطا- الذي يقضي بأنه يجب إلزام ألمانيا بالتعويض بأكبر قدر مستطاع عن الضرر والآلام التي سببتها للأمم المتحالفة والتي لا يمكن أن يتحلل الشعب الألماني من مسؤوليته عنها.
لقد عقدت الدول المتحالفة العديد من المؤتمرات بغرض تنظيم المطالبة بالتعويض عن الأضرار المسببة من طرف ألمانيا، ولعل أبرزها مؤتمر يالطا، مؤتمر بوتسدام، ومؤتمر باريس للتعويضات والمنعقد في نوفمبر من سنة 1945، والذي انتهى بتوقيع اتفاقية باريس للتعويضات التي أصبحت نافذة المفعول اعتبارا من 14جانفي 1946. وقد تم الاتفاق في هذه المؤتمرات على تحديد مضمون الأضرار التي ينبغي الإلتزام بتعويضها، وكذا كيفية سداد قيمة التعويضات، وتوزيع الحصص بين الدول المضرورة، كما اتفق على إنشاء وكالة تعويضات الدول المتحالفة، وهذا من أجل تنظيم المطالبة بالتعويض.


الفرع الأول: مضمون الأضرار التي ينبغي الإلتزام بتعويضها
رغم تقرير مبدأ التعويض عن الأضرار في مؤتمر يالطا، فإنه لم يتم الاتفاق بصورة تفصيلية على تحديد مضمون الأضرار التي ينبغي أن تلتزم ألمانيا بتعويضها، لذلك فقد تم عقد مؤتمر باريس بتاريخ 09/11/1945، وقد كانت الخطة الطبيعية التي انتهجها المؤتمر في بحث طلبات الدول، هو إيضاح القواعد التي تبين الأضرار التي تعوض وكيفية تقديرها، ولأجل هذا الأمر فقد تم تشكيل لجنة من الدول -أمريكا، إنجلترا، فرنسا- وعهد إليها فحص طلبات الدول، ومعرفة أساس تقديرها، وقد تم تقسيم الأضرار إلى فئتين:
أولا/الفئة الأولى: الأضرار المقومة بالمال
1-أضرار الممتلكات: وقد تم التمييز هنا بين الأضرار المباشرة و غير المباشرة، والناجمة عن الاستهلاك غير العادي.
بالنسبة للأضرار المباشرة فقد رأى المؤتمر بالإجماع أن تعطى أهمية خاصة لهذه الأضرار، والتي لحقت بالممتلكات داخل الدولة أو في البحار، وقد أصدر المؤتمر قرارا بالإجماع ينص على أن تعامل كل دولة الأجانب من حيث التعويض معاملة لا تقل عن معاملة المواطنين.
أما بالنسبة للأضرار غير المباشرة والناجمة عن عدم الصيانة والاستهلاك غير العادي، فقد أجاز المؤتمر لكل دولة أن تقدم تقديراتها على أن لا تعتبر عنصرا قاطعا في تقدير الأضرار، وإنما يتم اللجوء إليها بصفة تبعية، ولا يكون لها إلا أهمية قليلة في تقدير حصة التعويض.
2-نفقات الاحتلال: ويقصد بها الأموال والخدمات التي حصل عليها العدو أثناء الاحتلال بدون مقابل أو بمقابل زهيد، وقد قرر المؤتمر أن تكون عنصرا من عناصر التقدير بالنسبة للدول التي احتلها الألمان.
3- المعاشات: لم تعطى لها أهمية كبيرة، وهذا لأن أرقام الدول يصعب مقارنة بعضها ببعض، وقد اكتفى المؤتمر بمقارنة الوفيات في الدول المختلفة .

ثانيا/ الفئة الثانية: الأضرار التي لم تُقوَّم بالمال
وهي تضم إلى جانب أضرار لا تشكل خرقا لأحكام القانون الدولي الإنساني، الأشخاص الذين رحلوا عن بلادهم ومن حشرتهم ألمانيا للعمل الجبري لفائدتها، وأخيرا عدد الوفيات والإصابات بين المدنيين. وبالرجوع إلى نص المادة 8من اتفاقية باريس للتعويضات، والتي دخلت حيز التنفيذ في 14 جانفي 1946، نجدها قد نصت على منح تعويضات لضحايا النازية والذين لا يمكن إعادتهم إلى أوطانهم.
الفرع الثاني: تسديد قيمة التعويض وتوزيع الحصص بين الدول المتضررة
بالنسبة لكيفية سداد قيمة التعويضات


















































، فقد اقترحت روسيا في مؤتمر يالطا أن يدفع على ثلاثة أشكال:
أولا:الاستيلاء على 80% من الصناعات الثقيلة الألمانية بما قيمته 10بليون دولار.
ثانيا: أن تقدم ألمانيا منتجات زراعية أو صناعية بما قيمته بليون دولار لمدة عشر سنوات.
ثالثا: أن يكون لدول الحلفاء حق استخدام الأيدي العاملة الألمانية، وهذا من أجل إعادة إعمار المناطق المخربة .
بعد ذلك اتفق الحلفاء على أن تؤدي ألمانيا التعويضات في صورة عينية، أي في شكل سلع ومنتجات بدلا من سياسة التعويض نقدا والتي أتبعت في أعقاب الحرب العالمية الأولى والتي ثبت فشلها، حيث من شأن الدفع النقدي أن يوقع الاضطراب الاقتصادي في كل من الدولة الدائنة والدولة المدينة، وهذا ما أكدته الأزمة الاقتصادية العالمية التي ظهرت سنة 1929 واستمرت إلى غاية 1939، وقد كانت سياسة التعويضات المالية أحد أبرز أسبابها.
أما فيما يخص مسألة توزيع الحصص بين الدول المتضررة، فقد تم الاتفاق في مؤتمر يالطا على جملة من الشروط يتم احترامها عند تقدير نصيب كل دولة من التعويضات، وقد تمثلت في شرطين اثنين سنذكر واحد منهما فقط لتعلقه بخرق قواعد القانون الدولي الإنساني، وهو مدى الخسائر التي تحملتها كل دولة .
بعد الأخذ في الاعتبار لشروط مؤتمر يالطا، تم توزيع النسب بصورة أكثر تحديدا، وذلك بمقتضى قرارات مؤتمر بوتسدام، حيث تم الاتفاق على أن يشمل نصيب الاتحاد السوفياتي من التعويضات على:
1- المعدات الموجودة بالإقليم الألماني الذي تم احتلاله من طرف الاتحاد السوفياتي.
2- ما يعادل نسبة 25% من المعدات الموجودة بالأقاليم الألمانية الثلاث المحتلة (الأمريكية، الفرنسية، الإنجليزية)، على أن يتكفل السوفيات بالتعويضات المستحقة لبولندا.
3- أخذ السوفيات لثلث الأسطول التجاري الألماني.
4- تملك السوفيات لكل الأموال الخارجية الألمانية الموجودة في بلغاريا وفنلندا، هنغاريا، رومانيا، شرق النمسا.
أما بالنسبة لبقية الدول المتضررة، فقد تم الاتفاق على أن يكون نصيبها من التعويضات على الشكل الآتي:
1- فائض المعدات في المناطق الغربية الثلاث.
2- ما يقدمه الاتحاد السوفياتي، وهو يعادل 60% من قيمة المعدات الصناعية الألمانية، والتي تسلمها من المناطق الغربية، وهو ما يعرف بالتسليمات المتبادلة.
3- ثلثا الأسطول التجاري الألماني تركا تحت تصرف كل من أمريكا وإنجلترا.
4- بقية الأموال الخارجية الألمانية والموجودة بالبلدان الأخرى التي لم تختص بها روسيا.
لقد اتفقت الدول الثماني عشرة أعضاء مؤتمر باريس للتعويضات، والذين أصبحوا أطراف اتفاقية باريس للتعويضات على النسب المئوية التي خصصت لهم من التعويضات الألمانية.
الفرع الثالث:وكالة تعويضات الدول المتحالفة
من أجل توزيع التعويضات على الدول المضرورة، فقد تم بموجب اتفاقية باريس إنشاء "وكالة تعويضات الدول المتحالفة"، حيث أوكل لها اتفاق باريس تنفيذ الأعمال الخاصة بالتعويضات، ووضع المبادئ التي نص عليها هذا الاتفاق موضع التنفيذ.
فيما يخص الوظيفة الأساسية لهذه الوكالة فهي توزيع التعويضات الألمانية على الدول الموقعة، ولهذا الغرض تمد الوكالة الحكومات الموقعة بالبيانات الخاصة بالعناصر المشكلة للتعويضات، كما تقوم بتلقي طلباتها في هذا الصدد، إلى جانب ذلك فهي تختص بجميع المسائل المتعلقة بطلبات الحكومات الموقعة لاسترداد الأموال الموجودة في أحد مناطق ألمانيا، وذلك دون المساس بتسوية هذه المسائل ما بين الحكومات الموقعة سواء بطريق الاتفاق أو بطريق التحكيم.
تتشكل هيئات الوكالة من الجمعية العمومية والأمانة العامة، حيث تتكون الجمعية العمومية من مندوبي الدول الثماني عشرة الموقعة على اتفاق باريس للتعويضات، وهي تختص بتوزيع التعويضات بين الحكومات الموقعة طبقا لنصوص الاتفاق والاتفاقات الأخرى التي قد تعقد بينها، كما تعتمد ميزانية الوكالة وتقوم بالوظائف الأخرى التي تتلاءم ونصوص هذا الاتفاق.
أما بالنسبة للأمانة العامة فهي تختص بتحضير برامج توزيع التعويضات الألمانية وعرضها على الجمعية، وكذا إمساك حسابات مفصلة للأموال المعدة للتوزيع كتعويض والأموال التي وزعت بالفعل، إلى جانب ذلك فهي تختص بتحضير ميزانية الوكالة وعرضها على الجمعية العامة، هذا بالإضافة إلى القيام بالوظائف الإدارية الأخرى الضرورية.
أما بالنسبة لمقرها الرئيسي فقد كان مدينة بروكسل البلجيكية، حيث بدأت عملها في 28فيفري1946، وقد استمرت بإصدار تقارير سنوية عن نشاطها حتى عام 1961.
بناء على ما سبق ذكره، يمكن القول بأن تسويات الحرب العالمية الثانية قد نجحت بالفعل في وضع قواعد عامة بشأن التعويضات، من حيث تحديد مضمون الأضرار الواجبة التعويض، والمبدأ الذي ينبغي أن يحكم توزيع التعويض بين الدول المضرورة، وهو ما كان بإنشاء "وكالة تعويضات الدول المتحالفة".
لكن لا يجب إغفال أن ما ساعد على تنظيم مسألة التعويضات في الحرب العالمية الثانية هو انتصار الحلفاء، حيث فرضوا على المهزوم كل ما أرادوا تحقيقه، وبالتالي فلو كانت ألمانيا وحلفائها هم المنتصرون لكان هناك أمر آخر.














المبحث الثاني: تعويضات حرب الخليج الثانية (حرب العراق-الكويت)
إن الشيء الملاحظ هو أن سجل الأمم المتحدة في مجال الإلزام بالتعويض، وكذا تنظيم المطالبة به هو سجل محدود جدا، ولا يعود هذا الأمر إلى ندرة خرق قواعد القانون الدولي الإنساني، بل بالعكس إذ يشير الواقع الدولي إلى ارتكاب الكثير من الدول للعديد من أعمال الانتهاك، والتي مرَّت دون حساب ولا عقاب، ولا إلزام بتعويض الضرر.
وبالرغم من أن محكمة العدل الدولية تتمتع باختصاص تحديد نوع ومقدار التعويض المترتب على خرق النظام الدولي، وهو ما يمكن أن يعطيها دورا في تحديد نوع ومقدار التعويض المترتب على خرق أحكام القانون الدولي الإنساني، إلا أن النظام الأساسي للمحكمة قد جعل صلاحيتها غير ملزمة إلا بقدر موافقة الأطراف على هذه الصلاحية وقبولهم اختصاصها في هذا المجال وهو ما لا يتحقق في معظم الأحيان.
والملاحظ في معظم الحالات التي أثيرت فيها مسألة التعويض، أن الأطراف المتنازعة كانت إما تتفق على تقديم مساعدات للتعويض عن الأضرار، ولكن دون أن تتخذ هذه التسمية حتى لا يعني هذا اعتراف من قبل الدولة بخرق أحكام القانون الدولي الإنساني، وهو ما حدث على سبيل المثال بموجب اتفاقية باريس لإنهاء المشكلة الفيتنامية في 27 يناير1973، إذ تعهدت الولايات المتحدة الأمريكية بموجب المادة 21 من هذه الاتفاقية بالتعويض عما نتج من أضرار لحقت بالفيتنام الشمالية ودول الهند الصينية التي تأثرت بالحرب التي ارتكبتها، وقد تم تقديم هذه التعويضات تحت مسمى مساعدات من الولايات المتحدة الأمريكية لتضميد الجراح ودعم عمليات البناء في هذه الدول.
وإما يتم الاتفاق بين الأطراف المتنازعة على تشكيل لجان مشتركة لبحث المطالبات المتبادلة بين الدول، وهذا ما تم مثلا بين مصر وإسرائيل، بمقتضى المادة الثامنة من معاهدة السلام المصرية-الإسرائيلية لسنة 1979، حيث نصت على اتفاق الطرفين على إنشاء لجنة تعويضات للتسوية المتبادلة لكافة المطالبات، وهو ما أشارت إليه كذلك المادة 24 من معاهدة السلام الأردنية-الإسرائيلية لعام 1994، حيث تم الاتفاق على إقامة لجنة المطالبات لحل كافة المطالبات المالية على أساس متبادل.
إن مسألة التعويضات لم تثر بصورة جدية طوال سنوات، وهذا على الرغم من ارتكاب وتكرار العديد من أفعال الخرق، حيث أن البيئة الدولية لم تكن مهيأة لفتح مثل هذه الملفات بسبب ظروف الحرب الباردة التي عرقلت كثيرا من قدرة الأمم المتحدة في هذا المجال.
إذن فمسألة التعويضات كانت لا تثار على الرغم من ثبوت فعل الانتهاك لقواعد القانون الدولي الإنساني، وهذا لأن مرتكب الخرق هو دولة عظمى (الولايات المتحدة الأمريكية أو الإتحاد السوفياتي)، أو دولة محسوبة على دولة عظمى (إسرائيل مثلا).
لكن وبدخول القوات العراقية للكويت في 2أوت من عام 1990، والمبرر من طرف القيادة العراقية بتآمر الكويت على العراق ومحاربتها له اقتصاديا بتخفيض أسعار النفط، وسرقتها له من حقول العراق الحدودية مع الكويت، بالإضافة إلى الدعاوى التاريخية بأن الكويت جزء من العراق، كانت ملامح المجتمع الدولي قد بدأت تتغير، وهذا بانتهاء الحرب الباردة وبداية انهيار الاتحاد السوفياتي، وهو ما مهد كله لتطبيق العديد من النصوص التي كانت معطلة ومجمدة بالنسبة لخرق قواعد القانون الدولي الإنساني، حيث تم فتح ملف التعويضات، وتطبيق مسؤولية الدول المدنية.
المطلب الأول: لجنة الأمم المتحدة لتعويضات حرب الخليج
بعد احتلال العراق للكويت في 2أوت 1990، أصدر مجلس الأمن الدولي العديد من القرارات التي تهدف إلى إلزام العراق بدفع التعويض عن كل الأضرار، ومن ذلك القرار رقم 674والصادر بتاريخ 29/10/1990، حيث نصت الفقرة الثامنة منه على ما يلي: "إن مجلس الأمن يذكر العراق بمسؤوليته بموجب القانون الدولي عن أي خسائر أو أضرار أو إصابات تنشأ فيما يتعلق بالكويت و الدول الأخرى ورعاياها وشركائها نتيجة لغزو العراق واحتلاله غير المشروع للكويت".
إن الملاحظ هنا، ومن خلال هذه المادة هو اعتماد معيار تعويض مبني على الخسارة الناشئة كنتيجة مباشرة لغزو العراق واحتلاله للكويت، لكن وعلى الرغم من عدم ذكر ذلك صراحة، فإنه يعني الخسائر الناتجة عن انتهاك العراق لقانون الحرب إلى جانب ذلك فقد نصت الفقرة التاسعة من نفس القرار السابق على ما يلي:"إن مجلس الأمن يدعو الدول إلى جمع المعلومات ذات الصلة بمطالباتها ومطالبات رعاياها وشركائها للعراق بجبر الضرر أو التعويض المالي بغية وضع ما قد يتقرر من ترتيبات وفقا للقانون الدولي"
بعد ذلك أصدر مجلس الأمن الدولي قراره رقم 686 والصادر بتاريخ 2 مارس1991، حيث تقررت بموجبه شروط وقف الأعمال الحربية، وقد كان من بين الشروط ما تضمنته المادة الثانية الفقرة (ب)، والتي ألزمت العراق بأن يقبل من حيث المبدأ مسؤوليته عن أية خسارة أو ضرر أو أضرار ناجمة فيما يتصل بالكويت ودول ثالثة ورعاياها وشركائها نتيجة لغزو العراق للكويت واحتلاله غير الشرعي لها.
وبعد قبول العراق لمضمون القرار رقم 686 تم إصدار القرار رقم 687 بتاريخ 5أفريل 1991، والذي تضمن الوقف الدائم لإطلاق النار، وقد تضمن هذا القرار العديد من المواد المتعلقة بمسألة التعويضات، إذ تم التأكيد مجددا وبموجب الفقرة 16 على أن العراق مسؤول بمقتضى القانون الدولي عن أية خسائر مباشرة أو ضرر مباشر بما في ذلك الضرر اللاحق بالبيئة واستنزاف الموارد الطبيعية أو الإضرار بحكومات أو رعايا أو مؤسسات أجنبية كنتيجة للغزو والاحتلال العراقي غير الشرعي للكويت.
ومن أجل المطالبة بالتعويض، فقد تقرر إنشاء صندوق لدفع التعويضات عن الدعاوى التي تدخل ضمن الفقرة 16، مع إنشاء لجنة لإدارته .
وبعد تقديم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره بشأن تعويض الأضرار إلى مجلس الأمن الدولي بتاريخ 2ماي 1991 ، أصدر هذا الأخير قراره رقم 692 بتاريخ 20ماي 1991، والذي تضمن إنشاء الصندوق واللجنة المشار إليهما في الفقرة 18 من القرار رقم 687.
إذن وبموجب هذا القرار فقد أوجد مجلس الأمن الدولي سابقة دولية في مجال نشاطه بتشكيل صندوق للتعويض عن الأضرار وإنشاء لجنة التعويضات التابعة للأمم المتحدة، والتي يُشار إليها اختصارا ب: U.N.C.C.
وفي هذا الإطار فإن لجنة التعويضات تتكون من ثلاثة أجهزة، وهي: مجلس الإدارة، السكرتارية، ولجان المفوضين .
أولا/ مجلس الإدارة: يرأس لجنة الأمم المتحدة مجلس إدارة يضم الدول التي تكون أعضاء بمجلس الأمن في نفس الفترة، وهو يختص بما يلي:
1- بحث موارد الصندوق وتقويمها.
2- وضع معايير للمطالبات التي تختص بفحصها والتعويض عنها لجنة التعويضات.
3- حصر الخسائر والأضرار.
وتجب الملاحظة أن قرارات مجلس الإدارة بشأن التعويضات تكون نهائية، وهو يملك سلطة إقرار أو تغيير (زيادة أو تخفيض) ما يرد بتوصيات المفوضين بشأن التعويضات أو دفع نسب من التعويضات المقررة حسب الموارد المتاحة أو إعادة المطالبات للمفوضين لمراجعتها.
و في هذه الإطار يمكننا القول بأن مجلس الإدارة هو الذي وضع الإطار الإداري و المؤسسي و القانوني الذي يمكن اللجنة ككل من أداء وظائفها، و يعكس ذلك حقيقة أن مجلس الإدارة يجمع بين وظائف سياسية و إدارية و قضائية بغرض العمل على تحقيق أهداف اللجنة و البرنامج الذي تمثله .
ثانيا/السكرتارية: يرأسها مدير تنفذي، و هي تختص إلى جانب تقديم الدعم القانوني لمجلس الإدارة و لجان الموظفين بما يلي:
1- توفير الخدمات و التسهيلات اللازمة لكل من اللجنة و المفوضين.
2-إثبات و قيد جميع المعاملات التي تدخل في الحساب الخاص للجنة .
3-إعداد استمارات المطالبات ذات الفئات المختلفة.
4-ترتيب و تصنيف المطالبات المقدمة لها، و فحصها و التأكد من استكمال كافة بنودها، ثم تسجيلها و إعداد دراسة أولية و إبداء ملاحظتها على هذه المطالبات.
5-تحويل المطالبات إلى المفوضين.
6- إعداد تقارير بصفة دورية للدول المعنية تتضمن تقويم مبدئي للمطالبات الواردة إلى اللجنة بحيث يتعين على الحكومات الرد على هذه التقارير و التعليق عليها .
ثالثا/ المفوضين: يتعين على الأمين العام أن يعد سجلا بأسماء الخبراء في مجالات التمويل و القانون و التأمين و المحاسبة،وتقييم الخسائر البيئية و الاقتصادية ليختار من تلك الخبرات لجان المفوضين بالتشاور مع أعضاء مجلس الإدارة، و في هذا الإطار فإن لجان المفوضين تختص في ما يلي:
1-التأكد من وجود أضرار أو خسائر مباشرة مع ضمان المعاملة المتساوية للمطالبات المتماثلة .
2-دراسة مدى مصداقية و صحة المستندات والأدلة المقدمة، و تحديد مدى أهميتها بالنسبة للمطالبة.
3-تقرير مدى واقعية و صحة المطالبات و مدى المبالغة فيها.
4-عقد جلسات حقيقية لسماع الدفاع و التعليقات و المداخلات أو للمطالبة بتقديم معلومات أخرى إضافية
5-القيام بمهمة نقد أراء، وحجج وأدلة المطالبين.
6-إصدار التوصيات بالتعويضات المستحقة، بعد فحص المطالبات و ما يدعمها من مستندات.
و خلال دراسة المطالبات المقدمة يتعين على لجان المفوضين تطبيق قرار مجلس الأمن رقم687،و كذا قراراته الأخرى ذات الصلة، و المعايير الموضوعة من قبل مجلس الإدارة بالنسبة لفئات معينة من المطالبات، و أية قرارات ذات صلة بالموضوع والصادرة عن مجلس الإدارة، كما يطبق المفوضون عند الاقتضاء قواعد القانون الدولي الأخرى ذات الصلة بهذا الموضوع.
المطلب الثاني: تحديد نطاق الأضرار
إن خرق قواعد القانون الدولي الإنساني يترتب عنها عادة العديد من الأضرار والخسائر المتعددة والمتلاحقة والمتشعبة والتي يصعب حصرها بدقة، ولأجل ذلك فإن المهمة الرئيسية التي كان على مجلس إدارة صندوق التعويضات حسمها هي تحديد مضمون الأضرار التي سيلتزم العراق بتعويضها، ولأجل ذلك أيضا فقد أصدر المجلس الحاكم (مجلس الإدارة) للجنة الأمم المتحدة للتعويضات، القرار رقم (1) في أغسطس/آب 1991، الذي بنى مسؤولية العراق على خمسة أسباب بعينها بشأن الخسارة وهي:
أ- عملية عسكرية أو تهديد باستخدام العمل العسكري من جانب أي من الطرفين خلال الفترة من 2أوت 1990 إلى 2مارس 1991.
ب- الرحيل عن العراق أو الكويت أو عدم القدرة على مغادرتهما (أو قرار بعدم العودة) خلال تلك الفترة.
ج- الأعمال التي يقوم بها المسئوولون أو الموظفون أو الهيئات التابعة لحكومة العراق، أي الكيانات التي تسيطر عليها خلال تلك الفترة فيما يتعلق بالغزو أو الاحتلال.
د- انهيار النظام المدني في الكويت أو العراق خلال تلك الفترة.
هـ- أخذ الرهائن أو غير ذلك من أشكال الاحتجاز غير القانوني.
إن لجنة الأمم المتحدة للتعويضات لا تنظر فيما إذا كانت الخسارة ناتجة عن انتهاك القانون الدولي الإنساني، ومع ذلك وبمعرفة ظروف الغزو والاحتلال، ربما كانت كثير من الدعاوى التي أسفرت عن منح تعويضات بسبب الوفاة، التعذيب، الأذى الشخصي، الألم الذهني، الكرب، أخذ الرهائن، فقدان الممتلكات الفعلية والشخصية أو الإضرار بها،...ترتكز بالفعل على انتهاكات القانون الدولي الإنساني .
بالإضافة إلى ما سبق ذكره، فقد أشارت الفقرة السادسة من القرار رقم (7) الصادر عن مجلس إدارة صندوق التعويضات إلى أن التعويض سيشمل أيضا الأضرار البيئية المباشرة، وكذلك استنفاذ الموارد الطبيعية نتيجة لغزو العراق واحتلاله غير المشروع لدولة الكويت.
وفي هذا الصدد نشير إلى أن اتفاقيات جنيف الأربع لسنة 1949، لم تعالج صراحة الاعتداء على البيئة، ولهذا فقد جاءت أحكام البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف محققة لهذا الغرض، فالمادة 35/3 تحظر استخدام أساليب ووسائل القتال التي يمكن أن تسبب إصابات مفرطة أو معاناة لا مبرر لها أو "تلحق بالبيئة أضرار بالغة وواسعة الانتشار وطويلة الأمد".
وفي نفس السياق تنص المادة 55 من نفس البروتوكول على حظر استخدام أساليب قتال إذا كان من شأنها الإضرار بالبيئة بشكل يضر بصحة أو حياة السكان، كما تحظر الإجراءات الانتقامية ضد البيئة.
والواضح أن المادة 35 تحمي البيئة الطبيعية في حد ذاتها من كافة أعمال الحرب التي تحدث بها أضرارا جسيمة واسعة الانتشار وطويلة الأمد، في حين أن المادة 55 تهدف إلى حماية السكان المدنيين من آثار استخدام البيئة كوسيلة قتال .
ومن أجل التعويض عما أصاب البيئة من أضرار فقد قررت الفقرة السادسة من القرار رقم (7)، أن المدفوعات تشمل الخسائر أو النفقات الناجمة عن:
أ- تخفيف ومنع الضرر البيئي بما في ذلك النفقات المتصلة مباشرة بمكافحة حرائق النفط ووقف تدفق النفط في المياه الساحلية والدولية.
ب- التدابير المعقولة التي اتخذت بالفعل لتنفيذ وإصلاح البيئة أو التدابير المقبلة التي يمكن توثيقها باعتبارها لازمة بشكل معقول لتنقية وإصلاح البيئة.
ج- الرصد والتقديران المعقولان للضرر البيئي لأغراض تقييم وتخفيف حدة الضرر وإصلاح البيئة.
د- الرصد المعقول للصحة العامة وأداء الفحوص لأغراض تحري و مكافحة المخاطر الصحية المتزايدة نتيجة للضرر البيئي.
هـ- استنفاذ الموارد الطبيعية أو الإضرار بها.
ومن أجل تبسيط إجراءات تقديم المطالبات، فقد صنفت لجنة التعويضات مطالبات التعويضات إلى ستة فئات رئيسية، وهي على النحو التالي :
الفئة الأولى (أ): وهي تشمل مطالبات المبالغ الثابتة تعويضا عن مغادرة الكويت أو العراق ويستحق الفرد بموجبها مبلغ 2.500دولار (4000دولار للأسرة) كتعويض مؤقت، حيث يمكنه المطالبة بتعويض إضافي في ظل فئات أخرى من المطالبات. وقد وافق مجلس الإدارة، على إمكانية المطالبة بتعويض قدره 4000دولار للفرد و8000للأسرة وذلك إذا وافق على عدم التقدم بمطالبات في فئات أخرى، وكل ما يحتاجه الفرد في الفئة(أ) هو إثبات المغادرة دون إثبات الخسارة .
الفئة الثانية (ب): وهي تشمل مطالبات المبالغ الثابتة المتعلقة بالتعويضات عن الإصابة البالغة الشخصية لطالبي التعويضات أو وفاة فرد في عائلة طالبي التعويضات، وقد حدد المبلغ بـ 2500دولار للطلب، بحيث لا يتجاوز الإجمالي 10.000دولار للعائلة الواحدة.
الفئة الثالثة (ج): تشمل التعويض عن خسائر فعلية حتى مبلغ 100.000دولار، وهي تخص التعويض عن خسائر ناجمة عن الغزو والاحتلال. وهي تشمل تكاليف المغادرة وعدم القدرة على العودة ومصاريف العلاج أو الوفاة أو الإصابة الشخصية،إذا كانت الأضرار تزيد عما تلقاه المضرور في الفئتين الأولى والثانية، كما تشمل خسائر الممتلكات الشخصية (فقدان أدوات مالية أو حسابات مصرفية وفقدان الدخل أو الثروة وأضرار العقارات وخسائر الأعمال الخاصة). وفي هذا الإطار فقد تم وضع حدود عليا للمبالغ الخاصة بفئات تعويضات الضرر العقلي والصدمات النفسية والتي يمكن المطالبة بها تحت الفئة الثالثة (ج).
الفئة الرابعة (د): تشمل الخسائر الفعلية التي تزيد قيمة كل منها عن 100.000دولار لكل مطالبة.
إن هذه الفئة تغطي نفس ما تغطيه الفئة (ج)، ولكنها تشمل من زادت خسائرهم عن 100.000دولار ولهؤلاء حق التقدم بمطالباتهم بالنسبة للمائة ألف الأولى من الخسائر في ظل الفئة (ج)، والمطالبة بالباقي من خلال الفئة الرابعة (د)، أو تقديم الطلب ككل في إطار الفئة (د).
الفئة الخامسة (هـ): وهي تشمل خسائر الشركات والمؤسسات العامة والخاصة والأعمال الأخرى التي لها وجود قانوني مستقل، وتغطي هذه الفئة أنواع مختلفة من الخسائر.
الفئة السادسة (و): وهي الخاصة بتعويضات الحكومات والمنظمات الدولية، وهي تشمل ما تكبدته هذه الاطراف من تكاليف نقل وإغاثة للفارين من المنطقة، أو ما دفعته من تعويضات فعلية لأفراد ومؤسسات تضرروا من الغزو والاحتلال، هذا بالإضافة إلى ما تعرضت له منشآت تابعة لها في البلدين من خسائر، وأخيرا الخسائر البيئية المباشرة والإضرار بالموارد الطبيعية.
وفي هذا الصدد تشير إحصائيات لجنة التعويضات إلى أنه لغاية يوم 26/01/2004، بلغت قيمة المطالبة بالتعويضات المقدمة إلى اللجنة بأكثر من 264 مليار دولار، دفعت اللجنة منها لحد الآن أكثر من 18 مليار دولار من أموال العراق .
المطلب الثالث: تنظيم عمل اللجنة
الفرع الأول: الموارد المالية الخاصة بالتعويض
لقد أشارت الفقرة 19 من قرار مجلس الأمن الدولي رقم 687إلى اعتماد صندوق التعويضات بصورة رئيسية في تأمين موارده على ما سيتم اقتطاعه من صادرات النفط العراقية ، وقد تم تكليف الأمين العام لتحديد النسبة المئوية التي سيتم اقتطاعها مع الأخذ في الاعتبار متطلبات شعب العراق، وقدرة العراق على الدفع كما تقيمها المؤسسات المالية آخذة في الاعتبار خدمة الدين الخارجي واحتياجات الاقتصاد العراقي وترتيبات ضمان أن يكون السداد للصندوق.
وهكذا تعين على الأمين العام أن يحسم مسألتين بهدف تأمين الموارد المالية اللازمة للصندوق، أولاهما نسبة ما سيتم اقتطاعه من صادرات النفط العراقية، وثانيهما ضمانات دفع العراق للصندوق.
فبالنسبة لتحديد ما سيتم اقتطاعه من صادرات النفط العراقية فقد اقترح الأمين العام للأمم المتحدة في الفقرة 7 من مذكرته الموجهة إلى مجلس الأمن بتاريخ 30 ماي 1991 تخصيص 30% من عائدات النفط العراقية إلى صندوق التعويضات، وهو ما وافق عليه مجلس الأمن بموجب الفقرة الثانية من قراره رقم 705 الصادر في 15أوت 1991. وتجب الإشارة في هذا الصدد إلى أن مجلس الأمن الدولي قد خفض هذه النسبة بموجب قرار اتخذه في 28 سبتمبر2000من 30% إلى25%، على أن يتم استخدام نسبة الخمسة بالمائة المخفضة من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الخاصة بالمدنيين العراقيين. ومنذ العام 2003 خصصت نسبة تبلغ 5% من عائدات النفط العراقية لهذه المدفوعات بدل 25% وهذا بموجب قرار مجلس الأمن 1483 بعد الاحتلال الأمريكي للعراق .
أما بالنسبة لتحديد ضمانات دفع العراق للصندوق فقد أشار الأمين العام للأمم المتحدة في تقريره المقدم بتاريخ 2ماي1991 إلى وجود عدة اختيارات تتمثل فيما يلي:
أ- دفع العراق للصندوق النسبة المتفق عليها من القيمة السوقية لمنتجات البترول، وبحيث تحسب القيمة السوقية يوم التصدير، على أن يكون الدفع بالدولار الأمريكي، وأن يتم خلال 30 يوما من تاريخ التصدير من العراق.
ب- فتح حساب تحويلي يقوم العراق بإيداع مدفوعات مقدمة إجمالية تعادل المبلغ المتوقع لإسهامه خلال ربع أو نصف سنة، على أن يكون هذا الحساب خاضعا لعملية تقويم سنوية.
ج- أخذ وبيع حصة عينية من الصادرات وبيعها في السوق لحساب الصندوق.
د-تعيين الصندوق إما كمنتفع وحيد في بوالص الشحن أو أية مستندات ملكية أخرى، وأية خطابات ضمان يتم إصدارها، وفي المقابل له أن يحتفظ بحصته وأن يحول الباقي إلى العراق.
ه- فتح حساب تحويلي يتمتع بالمزايا المناسبة والحصانات في بنك مركزي أو مؤسسة دولية مناسبة يتم تحديدها كمنتفع بسندات الشحن أو أية مستندات ملكية أخرى أو أي خطابات ضمان يتم إصدارها، على أن يقوم الوكيل التحويلي بدفع المبلغ المحدد للصندوق، والذي سيستخدم لتغطية المطالبات، والباقي يتم تحويله للعراق.
بعد ذلك حسم مجلس الإدارة اختياره، ونص على أن عقود بيع وشراء النفط والمنتجات النفطية العراقية ستقرر بواسطة المؤسسة الحكومية العراقية لتسويق النفط والمشترين المعنيين، وبحيث يتم تحويل المدفوعات مباشرة إلى الحساب الخاص للأمم المتحدة على أن يقدم المشترين خطاب ضمان لكل معاملة.
وفي هذا الإطار طالبت حكومة العراق بمنحها مهلة لمدة خمس سنوات على الأقل لتنفيذ الفقرتين 18 و19من قرار مجلس الأمن 687، والمتعلقتين بالتعويضات، وهو ما رفضه مجلس الأمن الدولي، حيث أرغم العراق على قبول اقتطاع نسبته 30% من قيمة صادراته النفطية، وذلك بموجب صفقة النفط مقابل الغذاء. وبهذه الطريقة تم توفير الموارد المالية اللازمة للجنة الأمم المتحدة للتعويضات كي تقوم بتسديد التعويضات المستحقة .
الفرع الثاني: التقدم بالمطالبات
لقد حدد مجلس إدارة لجنة الأمم المتحدة للتعويضات الجهات التي يمكنها المطالبة بالتعويض، وهي تتمثل فيما يلــــي:
أ- الحكومات: سواء تقدمت بهذه المطالبات باسمها الشخصي أو باسم رعاياها، أو أي أشخاص مقيمين في إقليمها أو باسم الشركات والكيانات الأخرى التي كانت مسجلة أو منظمة وفقا لقانونها، وفي حالة الحكومات المنبثقة عن دولة اتحادية سابقة، يجوز لأي من هذه الحكومات أن تقدم مطالبات باسم رعايا حكومة أخرى من هذه الحكومات، أو شركات أو كيانات أخرى تنتمي إليها إذا ما اتفقت الحكومات على ذلك، وهو حال الاتحاد السوفياتي سابقا، حيث تم الاتفاق على أن تقوم روسيا بتقديم المطالبات نيابة عن بقية الجمهوريات السوفياتية. أما بالنسبة ليوغسلافيا فإن الأمر يختلف، وهذا نتيجة النزاع الذي تفجر بين الجمهوريات المتفككة، لذا فإن كل الجمهورية قدمت مطالباتها و مطالبات مواطنيها و مؤسساتها على حدا.
ب- المنظمات الدولية: لا يجوز لها أن تتقدم بمطالبات إلا باسمها الخاص فحسب.
ج- الأشخاص المعنوية أو الهيئات المناسبة: يمكن لمن يعينهم مجلس الإدارة من أشخاص أو هيئات القيام بمطالبات باسم الأشخاص الذين لا يسمح لهم وضعهم بأن تقدم حكومة ما مطالباتهم.وقد كان المقصود بذلك بصورة أساسية الفلسطينيين، حيث قرر مجلس الإدارة أن تقوم وكالة غوث اللاجئين (الأونروا) بتقديم المطالبات نيابة عنهم في سوريا ومصر ولبنان، بالإضافة إلى المتواجدين في الأردن ولا يحملون جوازات سفر أردنية.
أما بالنسبة للفلسطينيين المقيمين بالأراضي الفلسطينية المحتلة فإن برنامج الأمم المتحدة للتنمية يتولى هذه المهمة، فيما تتولى المفوضية السامية للاجئين واللجنة الدولية للصليب الأحمر تنظيم مطالبات بقية اللاجئين .
د- الشركات والمشروعات المشتركة: إذا رفضت دولة ما تنظيم وتسجيل هذه الشركات وتبني مطالباتها، فإن لها أن تقدم بنفسها هذه المطالبات إلى اللجنة في غضون ثلاثة أشهر بعد انتهاء الفترة الزمنية التي وضعها مجلس الإدارة للتقدم بالمطالبات، مع تقديم تفسير لعدم تقديم الحكومة لهذه المطالبات.
هـ- أفراد القوات المسلحة لدول التحالف: لقد أثارت هذه الفئة اعتراض العراق، لكون الظاهرة غير مسبوقة، وهو ما دعا بعض الدول الأعضاء في مجلس الإدارة إلى المطالبة بتقييد هذه المطالبات بشكل كبير، لذلك فقد نص مجلس الإدارة في قراره رقم (11) على قصر الأمر على فئات محددة من أفراد القوات المتحالفة، وهم أسرى الحرب، والذين عانوا ضررا نتيجة إساءة معاملتهم بصورة مخالفة لقواعد القانون الدولي الإنساني.
وقد تبنت اللجنة آلية تقوم على إعطاء دور هام للحكومات، سواء في استلام وتوزيع استمارات المطالبات أو إعادة جمعها وتسليمها للجنة، أو استلام التعويضات وتسليمها للمطالبين، على أن تحدد كل حكومة إجراءات تسليم وتوزيع مبالغ التعويض.
وفي إطار تقديم التعويض، فقد تم إعطاء لجان المفوضين دورا كبيرا في فحص المطالبات المقدمة ، وتقييم مدى مصداقيتها و استيفائها للشروط المطلوبة، ثم الإيصاء بالمبلغ المستحق للتعويض على أن تخضع المبالغ التي توصي بها لجان المفوضين لموافقة مجلس الإدارة، الذي يتمتع بسلطة زيادة هذه المبالغ أو الإنقاص منها إذا رأى أن الظروف تقتضي ذلك، كما له أن يطلب من لجان المفوضين إعادة دراسة مطالبة معينة أو مجموعة معينة من المطالبات.وفي مجمل الأحوال فإن القرارات الصادرة عن مجلس الإدارة تكون نهائية، حيث أنها لا تستأنف ولا تراجع لأية أسباب موضوعية أو إجرائية.
وتجب الإشارة إلى أن لجنة التعويضات ليست المرجع الوحيد للمطالبة بالتعويض، حيث للمضرور التقدم بمطالبته أمام جهات أخرى، مثل اللجوء للمحاكم الوطنية .
لكن عدم منح اللجنة حق استئثاري من شأنه أن يثير مشكلة ازدواج التعويض، ولتجنب هذا الإشكال أصدر مجلس الإدارة قراره رقم 13، الذي طالب الحكومات بإخطار اللجنة حول أية مطالبات تعويض ضد العراق أمام المحاكم الوطنية، إلى جانب ذلك فقد تم إلزام المطالبين بذكر أي تعويض كانوا قد حصلوا عليه بالفعل من مصادر أخرى، وكذا المطالبات المقدمة لدى جهات أخرى.وعند عدم الامتثال لهذا الأمر فإن النظر في المطالبة يتأجل حتى الانتهاء من بحث كافة المطالبات الأخرى.
وفي الأخير تجب الإشارة إلى أن لجنة الأمم المتحدة لتعويضات حرب الخليج قد تعرضت لعدة انتقادات، وهو ما أثاره العراق منذ بداية تشكيل اللجنة، إذا أعلن أن مجلس الأمن قد تجاوز صلاحياته وصلاحيات محكمة العدل الدولية.وفي وثيقة موجهة إلى رئيس مجلس الأمن أشار العراق بأن المجلس قد أنشأ جهازا سياسيا للبث في مسائل قضائية، وأن مسؤولية العراق يجب أن تتم بموجب القواعد والإجراءات التي يقرها القانون الدولي وليس وفقا للسياسة العامة التي يضعها مجلس إدارة صندوق التعويضات.
وفي هذا السياق فإن الفقرة الثالثة من المادة 33 من الميثاق توجب على مجلس الأمن مراعاة عرض أطراف المنازعات القانونية منازعاتهم تلك على محكمة العدل الدولية وفقا لأحكام النظام الأساسي لهذه المحكمة.أما الفقرة الثانية من المادة 36 من نفس النظام فهي تنص على أن نوع التعويض المترتب على خرق التزام دولي، وكذا مداه يعد من المنازعات القانونية. أما بالنسبة للجنة التعويضات فإن قراراتها خرجت عن مفهوم الضرر أو الخسارة المباشرة التي حددها قرار مجلس الأمن رقم 674، ومثال ذلك العقود التي كان العراق طرفا فيها وأصبحت غير ممكنة التنفيذ بسبب فرض الحصار عليه.إلى جانب ذلك فقد وافقت اللجنة في حالات معينة على مبالغ للتعويض تفوق ما هو مذكور في المطالبة، كما دفعت لبعض الدول أموالا لا تستحقها بلغت على مدى سنوات 77 مليون دولار .إذن فمن الواضح أن الإطار القانوني للتعويضات المفروضة على العراق يختلف عن القواعد التي أقرها القانون الدولي الإنساني،وينأى في كثير من جوانبه عن قواعد المسؤولية الدولية التقليدية.وفي هذا الصدد ومن المبادئ الثابتة للقانون الدولي الإنساني قاعدة المساواة في المعاملة وهي تشمل أيضا المساواة في التعويض عن خرق الأحكام الدولية ذات الصلة أيا كان الطرف الذي تنتمي إليه الضحية ومهما كان مصير المعارك،إذ أن الانتهاكات قد ترتكب من قبل طرفي النزاع على حد سواء.
بعدما انتهينا من هذا الفصل الثاني، فإنه يمكن القول بأن السوابق الدولية في مجال التعويض عن الأضرار قد أرست عدة قواعد فيما يخص هذه المسألة، وهذا عن طريق وضع الفكرة النظرية للتعويض موضع التنفيذ، وهذا ما تجلى خاصة من خلال إنشاء لجان تختص بتحديد الأضرار المعوض عنها، مع تقدير قيمة التعويضات وتوزيعها على المضرورين...
لكن ورغم هذه الإيجابية المتمثلة في وضع فكرة التعويض موضع التنفيذ، إلاَّ أن العيب الكبير والذي كان يبرز في كل مرة هو السلطة المطلقة للمنتصرين في تقدير التعويضات، حيث لم يكن أمام الدول المهزومة إلاَّ القبول، بالإضافة لعدم الأخذ بعين الاعتبار الأضرار التي تصيب الدول المهزومة، ومثال ذلك تعرض مدينتي هيروشيما وناكازاكي إلى القصف النووي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية ، وكذا ملجأ العامرية للقصف الجوي الأمريكي...










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-28, 11:02   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 خاتمة

الخـــاتمـــة :
في ختام بحثنا هذا، و بعد دراستنا لموضوع التعويض، وجدنا أنه من المواضيع الهامة و المعقدة في آن واحد. و قد توصلنا من خلاله إلى عدة نتائج و التي نعتبرها كحلول لما سبق و أن طرحناه من إشكاليات في مقدمة هذا البحث. حيث و من خلال الفصل الأول توصلنا للقول بأن طبيعة التعويض هي طبيعة ملزمة و ليست اختيارية، و أنها إرضائية و ليست عقابية. أما فيما يتعلق بأشكاله المختلفة فهي تتمثل في تعويض العيني و التعويض المالي و أخيرا الترضية أو التعويض الإرضائي، ووجدنا أن القاعدة العامة في تقدير قيمته هي تغطية أو إصلاح الضرر الواقع، و أن الأخذ بواحد أو أكثر من هذه الأشكال يكون بحسب ظروف كل قضية على حدا .
و فيما يتعلق بأشخاص التعويض، فقد رأينا تطورا كبيرا في هذا الشأن، حيث و بعد ما كانت الدولة هي الشخص الوحيد القائم بالمطالبة، و هذا باعتبارها الشخص الأصيل للقانون الدولي، قام الأفراد بعدة محاولات لإنفاذ حقهم في التعويض على المستوى الداخلي، مع تحقيقهم نجاحا كبيرا في تأكيد هذا الحق و تنفيذه أمام المنابر الدولية. و هو نفس الأمر بالنسبة للمنظمات الدولية حيث رأينا أن لها حق المطالبة بالتعويض في حال وقوع ضرر عليها أو أحد موظفيها.
أما فيما يخص وسائل المطالبة بهذا الحق، فقد وجدنا الفقه يتحدث عن وسيلتين، الأولى سياسية ( المفاوضات، الوساطة....) ، و الثانية قانونية ( التحكيم و القضاء الدوليين ).
أما من خلال الفصل الثاني و الذي درسنا فيه موضوع التعويض من الناحية العملية، فلقد توصلنا إلى قيام عدة محاولات كان هدفها وضع هذه الفكرة موضع التنفيذ، و هو شيء جد إيجابي.
لكن و رغم ذلك فقد شابت هذه المحاولات بعض العيوب، كان أهمها السلطة المطلقة للمنتصرين في تحديد قيمة التعويضات وكذا الإهمال الكلي للأضرار التي تصيب المهزوم ، كما لاحظنا اعتماد المنتصرين على هيئات سياسية لتقدير قيمة هذه التعويضات بدل الهيئات القضائية، و هذا ما لاحظناه خاصة من خلال حرب العراق – الكويت ، حيث تم إهمال محكمة العدل الدولية كلية ...
و في الأخير فإننا نرجوا أن يتم تدارك هذه النقائص، و هذا من خلال تطبيق قواعد القانون الدولي على قدم المساواة بين جميع الدول.










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-28, 11:03   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 المراجع

قائمة المراجــع :
أولا:باللغة العربية

1-كتب :
1. د. الدراجي إبراهيم، جريمة العدوان ومدى المسؤولية القانونية الدولية عنها، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت،2005.
2. د. السيد أبوعيطه، الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق، مؤسسة الثقافة الجامعية، مصر،2000.
3. د. بن عامر تونسي،قانون المجتمع الدولي المعاصر،الطبعة الخامسة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2004.
4. د.عامر الزمالي، مدخل إلى القانون الدولي الإنساني،الطبعة الثانية،وحدة الطباعة و الانتاج الفني بالمعهد العربي لحقوق الإنسان،تونس،1997
5. د.سعد الله عمر، معجم في القانون الدولي المعاصر،الطبعة الأولى،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2005.
6. شارل روسو، القانون الدولي العام، نقله إلى العربية شكر الله خليفة وعبد الرحمن سعد، الأهلية للنشر والتوزيع، بيروت، 1987.
7. د.فوزي أو صديق، مبدأ التدخل والسيادة لماذا؟وكيف؟، دار الكتاب الحديث، طبعة 1999، الجزائر.
8. د. عمر صدوق، محاضرات في القانون الدولي العام...، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، الجزائر، 2003.
9. محامي سامي عبد الحميد، أصول القانون الدولي العام،الجزء الأول"الجماعة الدولية"، الطبعة الرابعة، دار الكتاب الحديث، 1979.
10. د. حيدر عبد الرزاق حميد، تطور القضاء الدولي الجنائي" من المحاكم المؤقتة إلى المحكمة الدولية الجنائية الدائمة"، دار الكتب القانونية، مصر، 2008.
11. المستشار شريف عتلم، المحكمة الجنائية الدولية"الموائمات الدستورية والتشريعية"، الطبعة الرابعة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر،2006.
12. د.حامد سلطان، القانون الدولي العام في وقت السلم، الطبعة السادسة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1976.
13. د. عبد العزيز العشاوي، محاضرات في المسؤولية الدولية، دار هومة، الجزائر، 2007.
14. د. علي عبد القادر القهوجي، القانون الدولي الجنائي" أهم الجرائم الدولية، المحاكم الدولية الجنائية"،الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2001.
15. قيدا نجيب حمد، المحكمة الجنائية الدولية" نحو العدالة الدولية"، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، بيروت، 2006.
16. د. عمر صدوق، قانون المجتمع العالمي المعاصر، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، الجزائر، 2003.
17. د. سهيل حسين الفتلاوي، موسوعة القانون الدولي "حقوق الإنسان"، دار الثقافة للنشر و التوزيع، 2007.
18. المنجد الأبجدي، الطبعة الثامنة، دار المشرق، بيروت، 1986.
19. المنجد في اللغة والإعلام، الطبعة 26، دار المشرق، بيروت، 1986.

2-رسائل جامعية:
1- أو صديق فوزي، تطبيق القانون الدولي الإنساني و تأثيره على مبدأ السيادة، رسالة دكتوراه دولة، جامعة وهران- معهد الحقوق و العلوم الإدارية- السنة الدراسية 1995/ 1996.
2- بوغرارة مليكة، حوادث 8 ماي 1945في ضوء القانون الدولي الإنساني، ماجستير في القانون الدولي، كلية الحقوق، جامعة الجزائر، الجزائر، 2005.
3- ليلى بن حمودة، المسؤولية الدولية في حالة الأضرار التي تلحق الأجانب، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، معهد الحقوق والعلوم السياسية، 1977.
4- مساعدي عمار ، المسؤولية الدولية للاستعمار الأوروبي ، ماجستير القانون الدولي و العلاقات الدولية ، معهد العلوم القانونية و الإدارية ، الجزائر ، 1986.

3-مقالات وبحوث :
1. إيمانويلا- شيارا جيلارد، إصلاح الأضرار الناتجة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني، المجلة الدولية للصليب الأحمر، مختارات من أعداد 2003.
2. د. عبد العزيز مخيمر عبد الهادي ، العدواني العراقي على البيئة بدولة الكويت في ضوء أحكام القانون الدولي، مجلة الحقوق ، السنة 15 ، العددين الأول و الرابع ، 1991.
3. د . وليد محمود عبد الناصر ، تعويضات الحرب في إطار الأمم المتحدة ، مجلة السياسة الدولية، 1991.

ثانيا:باللغة الأجنبية
1. Herve Ascensio, Emmannuel decaux et Alain pellet droit international pénal , editions a pedone , paris , 2000 .
2. Pierre d'argent, les réparations de guerre en droit international public , bruylant , bruscelles , 2002 .


ثالثا:المواقع الإلكترونية
1. www.islammessage.com
2. https://www.alriyadh.com/2005
3. www.moqatel.com/Behoth
4. www.islamonline.net/arabic
5. www.middle-east-online.com
6. www.nahrain.com
7. www.darbabl.net/word
8. www.monde-diplomatique.fr/ 2003/10/CHEMILLIER_GENDREAU/10618










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-28, 11:04   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
adoula 41
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










B10 رد

المذكرة نسخة أصلية موجودة على الرابط التالي:

https://www.4shared.com/rar/C83ndUsK/____.html?










رد مع اقتباس
قديم 2016-03-06, 21:42   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
ماهر السامري
عضو جديد
 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة adoula 41 مشاهدة المشاركة
قائمة المراجــع :
أولا:باللغة العربية

1-كتب :
1. د. الدراجي إبراهيم، جريمة العدوان ومدى المسؤولية القانونية الدولية عنها، الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت،2005.
2. د. السيد أبوعيطه، الجزاءات الدولية بين النظرية والتطبيق، مؤسسة الثقافة الجامعية، مصر،2000.
3. د. بن عامر تونسي،قانون المجتمع الدولي المعاصر،الطبعة الخامسة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر، 2004.
4. د.عامر الزمالي، مدخل إلى القانون الدولي الإنساني،الطبعة الثانية،وحدة الطباعة و الانتاج الفني بالمعهد العربي لحقوق الإنسان،تونس،1997
5. د.سعد الله عمر، معجم في القانون الدولي المعاصر،الطبعة الأولى،ديوان المطبوعات الجامعية،الجزائر،2005.
6. شارل روسو، القانون الدولي العام، نقله إلى العربية شكر الله خليفة وعبد الرحمن سعد، الأهلية للنشر والتوزيع، بيروت، 1987.
7. د.فوزي أو صديق، مبدأ التدخل والسيادة لماذا؟وكيف؟، دار الكتاب الحديث، طبعة 1999، الجزائر.
8. د. عمر صدوق، محاضرات في القانون الدولي العام...، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، الجزائر، 2003.
9. محامي سامي عبد الحميد، أصول القانون الدولي العام،الجزء الأول"الجماعة الدولية"، الطبعة الرابعة، دار الكتاب الحديث، 1979.
10. د. حيدر عبد الرزاق حميد، تطور القضاء الدولي الجنائي" من المحاكم المؤقتة إلى المحكمة الدولية الجنائية الدائمة"، دار الكتب القانونية، مصر، 2008.
11. المستشار شريف عتلم، المحكمة الجنائية الدولية"الموائمات الدستورية والتشريعية"، الطبعة الرابعة، اللجنة الدولية للصليب الأحمر،2006.
12. د.حامد سلطان، القانون الدولي العام في وقت السلم، الطبعة السادسة، دار النهضة العربية، القاهرة، 1976.
13. د. عبد العزيز العشاوي، محاضرات في المسؤولية الدولية، دار هومة، الجزائر، 2007.
14. د. علي عبد القادر القهوجي، القانون الدولي الجنائي" أهم الجرائم الدولية، المحاكم الدولية الجنائية"،الطبعة الأولى، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت، 2001.
15. قيدا نجيب حمد، المحكمة الجنائية الدولية" نحو العدالة الدولية"، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، بيروت، 2006.
16. د. عمر صدوق، قانون المجتمع العالمي المعاصر، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الثانية، الجزائر، 2003.
17. د. سهيل حسين الفتلاوي، موسوعة القانون الدولي "حقوق الإنسان"، دار الثقافة للنشر و التوزيع، 2007.
18. المنجد الأبجدي، الطبعة الثامنة، دار المشرق، بيروت، 1986.
19. المنجد في اللغة والإعلام، الطبعة 26، دار المشرق، بيروت، 1986.

2-رسائل جامعية:
1- أو صديق فوزي، تطبيق القانون الدولي الإنساني و تأثيره على مبدأ السيادة، رسالة دكتوراه دولة، جامعة وهران- معهد الحقوق و العلوم الإدارية- السنة الدراسية 1995/ 1996.
2- بوغرارة مليكة، حوادث 8 ماي 1945في ضوء القانون الدولي الإنساني، ماجستير في القانون الدولي، كلية الحقوق، جامعة الجزائر، الجزائر، 2005.
3- ليلى بن حمودة، المسؤولية الدولية في حالة الأضرار التي تلحق الأجانب، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، معهد الحقوق والعلوم السياسية، 1977.
4- مساعدي عمار ، المسؤولية الدولية للاستعمار الأوروبي ، ماجستير القانون الدولي و العلاقات الدولية ، معهد العلوم القانونية و الإدارية ، الجزائر ، 1986.

3-مقالات وبحوث :
1. إيمانويلا- شيارا جيلارد، إصلاح الأضرار الناتجة عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني، المجلة الدولية للصليب الأحمر، مختارات من أعداد 2003.
2. د. عبد العزيز مخيمر عبد الهادي ، العدواني العراقي على البيئة بدولة الكويت في ضوء أحكام القانون الدولي، مجلة الحقوق ، السنة 15 ، العددين الأول و الرابع ، 1991.
3. د . وليد محمود عبد الناصر ، تعويضات الحرب في إطار الأمم المتحدة ، مجلة السياسة الدولية، 1991.

ثانيا:باللغة الأجنبية
1. Herve ascensio, emmannuel decaux et alain pellet droit international pénal , editions a pedone , paris , 2000 .
2. Pierre d'argent, les réparations de guerre en droit international public , bruylant , bruscelles , 2002 .

ثالثا:المواقع الإلكترونية

https://hathalyoum.net/

شكراً لكم من العراق على هذا الموضوع الممتاز..









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
الانساني, التعويض, الدولي, القانون


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 04:54

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc