حديث حجابه النور - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حديث حجابه النور

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2024-10-01, 16:02   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي حديث حجابه النور



- إنَّ اللَّهَ لا ينامُ ولا ينبغي لَه أن ينامَ يخفضُ القسطَ ويرفعُه حجابُه النُّورُ لَو كشفَها لأحرقت سبحاتُ وجهِه كلَّ شيءٍ أدرَكَه بصرُه ثمَّ قرأ أبو عبيدةَ أن بورِك من في النَّارِ ومن حولَها وسبحانَ اللَّهِ ربِّ العالمين
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح ابن ماجه | الصفحة أو الرقم : 163 | خلاصة حكم المحدث : صحيح


قامَ فِينا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ بخَمْسِ كَلِماتٍ، فقالَ: إنَّ اللَّهَ عزَّ وجلَّ لا يَنامُ، ولا يَنْبَغِي له أنْ يَنامَ، يَخْفِضُ القِسْطَ ويَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجابُهُ النُّورُ، وفي رِوايَةِ أبِي بَكْرٍ: النَّارُ، لو كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحاتُ وجْهِهِ ما انْتَهَى إلَيْهِ بَصَرُهُ مِن خَلْقِهِ.
الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : مسلم | المصدر : صحيح مسلم
الصفحة أو الرقم: 179 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
التخريج : أخرجه مسلم (179)
________________________________________
كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَتخوَّلُ أصحابَه بالمَوعظةِ، ويَتعاهَدُهم بتَذكيرِهم بربِّهم حينًا بعدَ حينٍ، ويُعرِّفُهم ما لله عزَّ وجلَّ من صِفاتٍ لا يُضاهيه فيها أحدٌ من خَلقِهِ.
وفي هذا الحديثِ يَروي أبو مُوسى الأشعريُّ رَضيَ اللهُ عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قامَ في أصحابِه ذاتَ مَرَّةٍ، فخَطَبَهُم، بِخَمسِ جُمَلٍ ومَعانٍ تامَّةٍ تَشتمِلُ على مَواعِظَ وتَعاليمَ في الدِّينِ؛ فأخبَرَهمُ النَّبيُّ صلَّىى اللهُ عليه وسلَّمَ: أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لا يَأتيه اللنَّومُ، فهو دائمُ اليَقَظةِ، ولا يَليقُ به سُبحانَه جَلَّ شَأنُه أن يَنامَ؛ فإنَّ النَّومَ مُستحيلٌ في حقِّه جلَّ شأنُه؛ لأنَّ النَّومَ صِفَةُ نَقصٍ، ويَستَحيلُ على اللهِ عزَّ وجلَّ أن يكونَ به نَقصٌ، كما قالَ سُبحانَه: {لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ} [البقرة: 255]، وكيفَ يَنامُ مُدبِّرُ السَّمواتِ والأرضِ؟!
وأخبَرَهم أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يَملِكُ بيَدِه القِسطَ، وهو ميزانُ العدلِ والأرزاقِ الَّذي يَعدِلُ به بينَ عِبادِه فيُضيِّقُ ويُوسِّعُ عليهم؛ لِحكمةٍ عندَه سُبحانَه وتعالَى، وسُمِّيَ قِسطًا لأنَّ القِسطَ العَدلُ، وبالميزانِ يَقَعُ العدلُ، والمُرادُ أنَّ اللهَ تَعالَى يَخفِضُ الميزانَ ويَرفعُه بما يُوزَنُ من أعمالِ العِبادِ المُرتفِعةِ، ويُوزَنُ من أرزاقِهمُ النَّازِلةِ، وقيلَ: المُرادُ بالقِسطِ الرِّزقُ الذي هو قِسطُ كلِّ مخلوقٍ؛ يَخفِضُه فيَقتُرُه، ويَرفَعُه فيُوسِعُه.
وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه يُرفَعُ إلى اللهِ تَعالَى عَمَلُ اللِّيلِ قبْلَ عَمَلِ النَّهارِ، وعَمَلُ النَّهارِ قبْلَ عَمَلِ اللِّيلِ، فما قامَ به العِبادُ من أعمالٍ صالِحةٍ أو سيِّئةٍ في ليلِهم تُرفَعُ إلى اللهِ تَعالَى، وما قاموا بها في نَهارِهم تُرفَعُ إلى اللهِ تَعالَى، وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ رَفْعَ الأعمالِ لا يُتَباطَأُ فيه ولا يُنتظَرُ إلى إتمامِ اليومِ؛ فما أحدَثَ العبدُ من أعمالٍ في ليلِه مُنفصصِلٌ عمَّا عَمِلَه بالنَّهارِ، والَّذي يَرفعُ الأعمالَ همُ المَلائكةُ، وهو سُبحانَه أعلَمُ بكلِّ ذلك قبْلَ رَفعِه، وفي ذلك حَثٌّ للعِبادِ أن يُراقِبوا اللهَ عزَّ وجلَّ في ليلِهم ونَهارِهم؛ فمَن كانَ هذا شأنَه وجَبَت مُراقَبتُه، وحقَّت عِبادتُه، ولزِمَ الخوفُ من عِقابِه.
وأخبَرَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ اللهَ سُبحانَه وتعالى «حِجابُه النُّورُ»، أي: إنَّ هناك حاجزًا بينَ اللهُ عزَّ وجلَّ وبين خلقِه، مادَّتُه التي يَتكوَّنُ منها النُّورُ، وفي روايةٍ: أنَّ هذا الحِجابَ من نارٍ، وهذا ليس فيه تعارُضٌ؛ فإنَّ مِثلَ هذه النَّارِ الصَّافِيةِ التي كُلِّمَ بها مُوسى يُقالُ لها: نارٌ ونُورٌ، كما سمَّى اللهُ تَعالَى نارَ المصباحِ نُورًا، بخِلافِ النَّارِ المُظلِمةِ كنارِ جهنَّمَ -عياذًا باللهِ- فتِلك لا تُسمَّى نُورًا.
والحِجابُ: هو ما يُستَرُ به بين الشِّيئَينِ، ولو رفَعَ الحقُّ سُبحانَه ذلك الحِجابَ وأزالَه، لأحرَقَت سُبُحاتُ وَجهِه ما وصَلَ إليه بَصَرُه عزَّ وجلَّ من خَلقِهِ، وليس لِبَصرِه جَلَّ شأنُه نِهايةٌ ولا مَدًى؛ فإنَّ ذلك يَستَحيلُ عليه جَلَّ في عُلاهُ، ويَعني بِسُبُحات وجهِه: بَهاءه وعَظَمَتَه وجَلالَه ونُورَه.
وفي الحديثِ: أنَّ رُؤيةَ اللهِ مُمتَنِعَةٌ على جَميعِ الخَلقِ في دارِ الدُّنيا، ويُكرِمُ اللهُ بها مَن يَشاءُ من عِبادِه في الآخِرةِ.
وفيه: إثباتُ ما أثبتَه اللهُ تَعالَى لنفْسِه، من حِجابٍ أو غيرِه، على المَعنى اللَّائقِ به سُبحانَه وتعالى، دُونَ تَعطيلٍ، ولا تَشبيهٍ.
وفيه: إثباتُ صفاتِ اللهِ سُبحانَه، منَ الوجهِ، والبصرِ، ورفعِ القِسطِ، وخَفضِه، فكلُّها صفاتٌ ثابِتةٌ لله سُبحانَه وتعالى على ما يَليقُ بجلالِه.
وفيه: بيانُ استحالةِ النَّومِ على اللهِ سُبحانَه وتعالى؛ لكَونِه منَ النَّقائصِ.
وفيه: أنَّ الأعمالَ تُرفَعُ إلى اللهِ كلَّ يومٍ وكلَّ ليلةٍ.









 


رد مع اقتباس
قديم 2024-10-01, 16:06   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي


للهِ عزَّ وجلَّ حجابٌ بل حُجُبٌ، عن خَلْقِه، ثابتةٌ بالكِتابِ والسُّنَّةِ.
الدَّليلُ مِن الكِتابِ:
1- قولُه تعالى: وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الشورى: 51] .
قال ابنُ جَريرٍ: (يَقولُ تعالى ذِكْرُه: وما ينبغي لبَشَرٍ مِن بني آدَمَ أن يكَلِّمَه رَبُّه إلَّا وحًيا يُوحي االلهُ إليه كيف شاء، أو إلهامًا، وإمَّا غيرَه أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ [الشورى: 51] يَقولُ: أو يكَلِّمَه بحيث يَسمَعُ كلامَه ولا يراه، كما كَلَّم موسى نبيَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم) .
2- قَولُه: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المطففين: 15] .
قال البَغَويُّ: (قال قَتادةُ: هو ألَّا يَنظُرَ إليهم ولا يُزَكِّيَهم. وقال أكثَرُ المفَسِّرينَ: عن رُؤيتِه. قال الحَسَنُ: لو عَلِمَ الزَّاهِدونَ العابِدونَ أنَّهم لا يَرَونَ رَبَّهم في المعادِ لزَهِقَت أنفُسُهم في الدُّنيا. قال الحُسَينُ بنُ الفَضلِ: كما حجَبَهم في الدُّنيا عن توحيدِه حَجَبَهم في الآخِرةِ عن رُؤيتِه. وسُئِلَ مالِكٌ عن هذه الآيةِ، فقال: لَمَّا حَجَب أعداءَه فلم يَرَوه، تجَلَّى لأوليائِه حتى رَأَوه. وقال الشَّافعيُّ رَضِيَ اللهُ عنه: في قَولِه: كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ [المططفين: 15] دَلالةٌ على أنَّ أولياءَ اللهِ يَرَونَ اللهِ عِيانًا) .
الدَّليلُ من السُّنَّةِ:
1- حديثُ أبي موسى الأشعريِّ رَضِيَ اللهُ عنه قال: قام فينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بخَمسِ كلماتٍ فقال: ((إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لا ينامُ، ولا ينبغي له أن ينامَ، يخفِضُ القِسطَ ويرفَعُه، يُرفَعُ إليه عمَلُ اللَّيلِ قبْلَ عمَلِ النَّهارِ، وعمَلُ النَّهارِ قبْلَ عمَلِ اللَّيلِ، حجابُه النُّورُ -وفي روايةِ أبي بكرٍ: النَّارُ- لو كشَفَه لأحرَقَتْ سُبُحاتُ وَجْهِه ما انتهى إليه بصَرُه مِن خَلْقِه )) .
2- حديثُ صُهَيبِ بنِ سِنانٍ رَضِيَ اللهُ عنه مرفوعًا: ((إذا دخَل أهلُ الجنَّةِ الجنَّةَ، قال: يَقولُ اللهُ تبارَك وتعالى: تُريدونَ شيئًا أَزيدُكم؟ فيَقولُونَ: ألَمْ تُبيِّضْ وجوهَنا؟ ألَمْ تُدخِلْنا الجنَّةَ وتُنجِّنا مِن النَّارِ؟ قال: فيكشِفُ الحِجابَ، فما أُعطُوا شيئًا أحَبَّ إليهم مِن النَّظرِ إلى ربِّهم عزَّ وجلَّ، وفي روايةٍ: وزاد: ثمَّ تلا هذه الآيةَ: لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ [يونس: 26] )) .
قال أبو سعيدٍ الدَّارميُّ: (بابٌ: الحُجُبُ الَّتي احتجَبَ اللهُ بها عن خَلْقِه)، ثمَّ قال: (احتَجَبَ اللهُ بهذه النَّارِ عن خَلْقِه بقُدرتِه وسُلطانِه) .
وقال ابنُ تَيميَّةَ: (أخبَرَ أنَّه حُجِب عنِ المخلوقاتِ بحِجابِه النُّورِ؛ أن تُدرِكَها سُبُحاتُ وَجْهِه، وأنَّه لو كشَفَ ذلك الحِجابَ لأحرَقَتْ سُبُحاتُ وَجْهِه ما أدرَكَه بصَرُه مِن خَلْقِه، فهذا الحِجابُ عن إحراقِ السُّبُحاتِ يُبيِّنُ ما يَرِدُ في هذا المَقامِ) .
وقال أيضًا: (هذا الحديثُ فيه ذِكرُ حِجابِه؛ فإنَّ تردُّدَ الرَّاوي في لفظِ النَّارِ والنُّورِ لا يمنَعُ ذلك؛ فإنَّ مِثلَ هذه النَّارِ الصَّافيةِ الَّتي كلَّمَ بها موسى يُقالُ لها: نارٌ ونورٌ، كما سمَّى اللهُ نارَ المِصباحِ نورًا، بخلافِ النَّارِ المُظلِمةِ كنارِ جهنَّمَ، فتلك لا تُسمَّى نورًا) .
وقال المباركفوريُّ: ( ((فيَكشِفُ الحِجابَ)) وزاد مُسلِمٌ: فيَنظُرونَ إلى وَجهِ اللهِ، والظَّاهرُ أنَّ المرادَ بالحِجابِ حِجابُ النُّورِ الذي وَقَع في حديثِ أبي موسى عند مُسلمٍ: ولفظُه: حِجابُه النورُ لو كشَفَه لأحرَقَت سُبُحاتُ وَجْهِه ما انتهى إليه بَصَرُه مِن خَلْقِه. قال الطِّيبيُّ: في شَرحِ حديثِ أبي موسى هذا: إنَّ فيه إشارةً إلى أنَّ حِجابَه خلافُ الحُجُبِ المعهودةِ، فهو محتجِبٌ عن الخَلْقِ بأنوارِ عِزِّه وجَلالِه وأشعَّةِ عظمتِه وكبريائِه، وذلك هو الحِجابُ الذي تَدهَشُ دونَه العقولُ، وتُبهَتُ الأبصارُ، وتتحَيَّرُ البصائِرُ، فلو كشَفَه فتجَلَّى لِما وراءَه بحقائِقِ الصِّفاتِ وعَظَمةِ الذَّاتِ، لم يَبْقَ مخلوقٌ إلَّا احتَرَق، ولا منظورٌ إلَّا اضمَحَلَّ. وأصلُ الحِجابِ السِّترُ الحائِلُ بيْن الرَّائي والمرئيِّ، والمرادُ به هنا مَنْعُ الأبصارِ مِن الرُّؤيةِ له بما ذُكِرَ، فقام ذلك المنعُ مقامَ السِّترِ الحائِلِ، فعَبَّرَ به عنه، وقد ظَهَر مِن نُصوصِ الكِتابِ والسُّنَّةِ أنَّ الحالةَ المشارَ إليها في هذا الحديثِ هي في دارِ الدُّنيا المعَدَّةِ للفَناءِ دونَ دارِ الآخِرةِ المعَدَّةِ للبقاءِ، والحِجابُ في هذا الحديثِ وغَيرِه يرجِعُ إلى الخَلْقِ؛ لأنَّهم هم المحجوبونَ عنه) .
وقال عبدُ اللهِ الغُنيمانُ: (النُّصوصُ في إثباتِ الحُجُبِ للهِ تعالى كثيرةٌ، يؤمِنُ بها أتباعُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ويعلَمونَ بما ورِثوه مِن نورِ النُّبوةِ أنَّ اللهَ تعالى احتجَبَ بالنُّورِ، وبالنَّارِ، وبما شاء مِن الحُجُبِ، وأنَّه لو كشَفَ عن وجهِه الكريمِ الحِجابَ لَمَا قام لنورِه شيءٌ مِن الخَلْقِ، بل يحترقُ، ولكنَّه تعالى في الدَّارِ الآخرةِ يُكمِلُ خَلْقَ المُؤمنينَ ويُقوِّيهم على النَّظرِ إليه تعالى، فيُنعَّمونَ بذلك، بل هو أعلى نعيمِهم يومَ القيامةِ) .

منقول موقع الدرر السنية










رد مع اقتباس
قديم 2024-10-03, 15:59   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو فعّال
 
إحصائية العضو










افتراضي

يسأل عن حديث (حجابه النور) وهل الحجاب مخلوق وأكبر من العرش
السؤال
كما تعلمون أن أعظم مخلوق هو العرش ، وفى الحديث أن الله " حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه " فلو كان هذ ا الحجاب مخلوقا وهو يحجب الخلق أن يروا الله سبحانه وتعالى ، هل من الممكن أن نقول أن هذا الحجاب أكبر من العرش ؟ مع التنبه أنى أتكلم عن المخلوقات ، ولا أقول إن هذا الحجاب يحيط بالله سبحانه وتعالى وجل شأنه . أرجوا أن أكون استطعت أن أوصل الفكرة .
الجواب
الحمد لله.
أولا:
الله تعالى من أسمائه النور، ومن صفاته النور، وحجابه النور، كما دلت على ذلك النصوص.
قال ابن القيم رحمه الله: " النَّصَّ قَدْ وَرَدَ بِتَسْمِيَةِ الرَّبِّ نُورًا، وَبِأَنَّ لَهُ نُورًا مُضَافًا إِلَيْهِ، وَبِأَنَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَبِأَنَّ حِجَابَهُ نُورٌ، هَذِهِ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ.
فَالْأَوَّلُ يُقَالُ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِالْإِطْلَاقِ، فَإِنَّهُ النُّورُ الْهَادِي.
وَالثَّانِي يُضَافُ إِلَيْهِ كَمَا يُضَافُ إِلَيْهِ حَيَاتُهُ وَسَمْعُهُ وَبَصَرُهُ وَعِزَّتُهُ وَقُدْرَتُهُ وَعَلِمُهُ .
وَتَارَةً يُضَافُ إِلَى وَجْهِهِ، وَتَارَةً يُضَافُ إِلَى ذَاتِهِ .
فَالْأَوَّلُ : إِضَافَتُهُ إلى وجهه ، كَقَوْلِهِ: " أَعُوذُ بِنُورِ وَجْهِكَ " ، وَقَوْلِهِ: " نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مِنْ نُورِ وَجْهِهِ " .
وَالثَّانِي : إِضَافَتُهُ إِلَى ذَاتِهِ ، كَقَوْلِهِ : وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا [الزمر: 69] . وَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " ذَلِكَ نُورُهُ الَّذِي إِذَا تَجَلَّى بِهِ .. "، وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ ، ثُمَّ أَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ " الْحَدِيثَ.
الثَّالِثُ : وَهُوَ إِضَافَةُ نُورِهِ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، كَقَوْلِهِ: اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ [النور: 35].
وَالرَّابِعُ كَقَوْلِهِ: " حِجَابُهُ النُّورُ ".
فَهَذَا النُّورُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ : يَجِيءُ عَلَى أَحَدِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ .
وَالنُّورُ الَّذِي احْتَجَبَ بِهِ : سُمِّيَ نُورًا وَنَارًا، كَمَا وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي لَفْظِهِ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ، حَدِيثِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ: " حِجَابُهُ النُّورُ ، أَوِ النَّارُ "، فَإِنَّ هَذِهِ النَّارَ : هِيَ نُورٌ، وَهِيَ الَّتِي كَلَّمَ اللَّهُ كَلِيمَهُ مُوسَى فِيهَا، وَهِيَ نَارٌ صَافِيَةٌ ، لَهَا إِشْرَاقٌ بِلَا إِحْرَاقٍ.
فَالْأَقْسَامُ ثَلَاثَةٌ:
إِشْرَاقٌ بِلَا إِحْرَاقٍ ، كَنُورِ الْقَمَرِ .
وَإِحْرَاقٌ بِلَا إِشْرَاقٍ ، وَهِيَ نَارُ جَهَنَّمَ ، فَإِنَّهَا سَوْدَاءُ مُحْرِقَةٌ ، لَا تُضِيءُ .
وَإِشْرَاقٌ بِإِحْرَاقٍ ، وَهِيَ هَذِهِ النَّارُ الْمُضِيئَةُ ، وَكَذَلِكَ نُورُ الشَّمْسِ : لَهُ الْإِشْرَاقُ ، وَالْإِحْرَاقُ .
فَهَذَا فِي الْأَنْوَارِ الْمَشْهُودَةِ الْمَخْلُوقَةِ .
وَحِجَابُ الرَّبِّ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : نُورٌ ، وَهُوَ نَارٌ .
وَهَذِهِ الْأَنْوَاعُ كُلُّهَا : حَقِيقَةٌ ، بِحَسَبِ مَرَاتِبِهَا .
فَنُورُ وَجْهِهِ : حَقِيقَةٌ ، لَا مَجَازٌ .
وَإِذَا كَانَ نُورُ مَخْلُوقَاتِهِ ، كَالشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَالنَّارِ : حَقِيقَةً ؛ فَكَيْفَ يَكُونُ نُورُهُ ، الَّذِي نِسْبَةُ الْأَنْوَارِ الْمَخْلُوقَةِ إِلَيْهِ ، أَقَلُّ مِنْ نِسْبَةِ سِرَاجٍ ضَعِيفٍ ، إِلَى قُرْصِ الشَّمْسِ ؟!
فَكَيْفَ لَا يَكُونُ هَذَا النُّورُ حَقِيقَةً ؟! " انتهى من مختصر الصواعق، ص423
وقال رحمه الله في "النونية" ص212:
" وَالنُّورُ مِنْ أسْمائِهِ أيْضاً ، وَمِنْ * أَوْصَافِهِ ، سُبْحَانَ ذِي البُرْهَانِ
وحِجَابه : نورٌ ؛ فلو كشفَ الحِجا * بَ لَأَحْرقَ السُّبحاتُ للأكوانِ
وإِذا أَتى للفصلِ ، يُشرقُ نُورهُ * في الأرضِ ، يومَ قِيامةِ الأَبدانِ" انتهى.
ثانيا:
قد ورد ذكر الحجاب في نصوص عدة، منها قوله تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ) الشورى/51، وقوله: (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) المطففين/15 .
وما جاء في حديث أبي موسى الأشعري قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: ( إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ، يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ، وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ، حِجَابُهُ النُّورُ - وَفِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ: النَّارُ - لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ) رواه مسلم (179).
ومنها : حديث صُهَيْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ، قَالَ: يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ؟ فَيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا؟ أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ، وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ؟ قَالَ: فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ، فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ) رواه مسلم (181).
ومنها : حديث أبي موسى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «جَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَجَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، آنِيَتُهُمَا وَمَا فِيهِمَا، وَمَا بَيْنَ القَوْمِ وَبَيْنَ أَنْ يَنْظُرُوا إِلَى رَبِّهِمْ إِلَّا رِدَاءُ الكِبْرِ، عَلَى وَجْهِهِ فِي جَنَّةِ عَدْنٍ) رواه البخاري (4878) ومسلم (180).
فقد احتجب الله تعالى عن خلقه بالنور، وبالكبرياء، وبما شاء من الحجب.
والنصوص في إثبات الحجب لله - تعالى - كثيرة، يؤمن بها أتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ويعلمون بما ورثوه من نور النبوة ، بأن الله - تعالى - احتجب بالنور، وبالنار، وبما شاء من الحجب، وأنه لو كشف عن وجهه الكريم الحجاب لما قام لنوره شيء من الخلق، بل يحترق، ولكنه تعالى في الدار الآخرة ، يكمل خلق المؤمنين ، ويقويهم على النظر إليه - تعالى - فينعمون بذلك، بل هو أعلى نعيمهم يوم القيامة.
وقد تولى شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - إبطال شبه هؤلاء المنكرين لحجب الله - تعالى -، في كتابه "نقض تأسيس الجهمية، وإبطال بدعهم الكلامية" بوجوه كثيرة، أكثر من أربعين وجهاً، كل وجه منها كاف في إبطال قولهم.
فمن ذلك :
أنهم يقولون: إن الحجاب محمول على أن الله لا يخلق في العين ، الرؤيةَ له سبحانه .
وهذا باطل بالضرورة؛ لأنهم فسروا الحجاب بعدم الإدراك في أبصارهم، والعدم لا يُخلق ، ولا وجود له، فهو ليس شيئاً.
ومنها : أنه ثبت في الحديث قوله: (فيكشف الحجاب، فينظرون إليه) .
وكشف الشيء: إزالته ورفعه، وهذا لا يوصف به المعدوم، فإنه لا يُزال، ولا يُرفع، وإنما الذي يُزال ويُرفع: الموجود.
ومنها : أن في الحديث: (حجابة النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما أدركه بصره من خلقه) .
ولو كان كما زعموا ، عدم خلق الرؤية : لم يكن كشف ذلك يحرق شيئاً. فالمؤمنون يرون ربهم في عرصات القيامة، وفي الجنة، ولا تحرق رؤيتهم شيئاً... .
ينظر : شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري (2/ 155).
وينظر أيضا : بيان تلبيس الجهمية (8/ 117) ، وما بعدها .
ثالثا:
الحجاب الوارد في قوله صلى الله عليه وسلم: (حجابه النور) مخلوق، وقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم، مع نفيه رؤية الله بقوله: (نور أنَّى أراه) .
ولو كان هذا الحجاب هو النور الذي هو صفته سبحانه، لكان النبي صلى الله عليه وسلم قد رأى ربه.
روى مسلم (178) عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: نُورٌ أَنَّى أَرَاهُ
وروى أيضا (178) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: قُلْتَ لِأَبِي ذرٍّ، لَوْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَسَأَلْتُهُ ؟
فَقَالَ: عَنْ أيِّ شيْءٍ كُنْتَ تَسْأَلُهُ؟ قَالَ: كُنْتُ أَسْأَلُهُ هَلْ رَأَيْتَ رَبَّكَ؟
قَالَ أَبُو ذَرٍّ: قَدْ سَأَلْتُ، فَقَالَ: رَأَيْتُ نُورًا
وهذا النور هو نور الحجاب.
قال ابن القيم رحمه الله:
" وفي صحيح مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه، قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم هل رأيت ربك؟ قال: (نور أنى أراه) .
فسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: معناه كان ثَمَّ نور، أو : حال دون رؤيته نور ؛ فأنى أراه؟!
قال: ويدل عليه أن في بعض ألفاظ الصحيح : هل رأيت ربك؟ فقال: رأيت نورا .
وقد أعضل أمر هذا الحديث على كثير من الناس ، حتى صحفه بعضهم فقال: نورانيّ أراه ، على أنها ياء النسب، والكلمة كلمة واحدة .
وهذا خطأ ، لفظا ومعنى، وإنما أوجب لهم هذا الإشكال والخطأ : أنهم لما اعتقدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى ربه ، وكان قوله: أنى أراه ، كالإنكار للرؤية ، حاروا في الحديث ، ورده بعضهم باضطراب لفظه .
وكل هذا عدول عن موجب الدليل.
وقد حكى عثمان بن سعيد الدارمي، في كتاب " الرد " له، إجماع الصحابة على أنه لم ير ربه ليلة المعراج .
وبعضهم استثنى ابن عباس من ذلك .
وشيخنا يقول: ليس ذلك بخلاف في الحقيقة ؛ فإن ابن عباس لم يقل: رآه بعيني رأسه، وعليه اعتمد أحمد في إحدى الروايتين ، حيث قال: " إنه رآه عز وجل " ، ولم يقل بعيني رأسه ، ولفظ أحمد ، كلفظ ابن عباس رضي الله عنهما .
ويدل على صحة ما قاله شيخنا في " معنى " حديث أبي ذر رضي الله عنه ، قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآخر: (حجابه النور).
فهذا النور هو - والله أعلم - النور المذكور في حديث أبي ذر " رضي الله عنه : " رأيت نورا " انتهى من اجتماع الجيوش الإسلامية (2/ 47).
وينظر : "التبيان في أقسام القرآن" ، لابن القيم (382) ط عالم الفوائد .
ولا يخاض في شأن هذا الحجاب، ولا يقال هو أكبر من العرش أو أصغر؛ إذ لم يرد في بيان ذلك شيء من النصوص .
فالواجب الإثبات والتسليم، وعدم الخوض فيما لم يرد به النص .
كما يجب قطع الطمع عن إدراك كنه الذات والصفات، وصرف الذهن عن الخيالات والأوهام، فإن الله تعالى لا يشبه شيئا من خلقه، ولا يمكن أحدا أن يتصور ذاته أو صفاته .
ورحم الله الطحاوي إذ يقول في عقيدته المشهورة: " لا تبلغه الأوهام ولا تدركه الأفهام ولا يشبه الأنام" سبحانه وتعالى وتقدس.
والله أعلم.

اسلام سؤال










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 05:41

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc