كيف نفهم خطاب بوتين - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الأخبار و الشؤون السياسية > النقاش و التفاعل السياسي

النقاش و التفاعل السياسي يعتني بطرح قضايا و مقالات و تحليلات سياسية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

كيف نفهم خطاب بوتين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2022-10-09, 14:53   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
سندباد علي بابا
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية سندباد علي بابا
 

 

 
إحصائية العضو










B2 كيف نفهم خطاب بوتين

كيف نفهم خطاب بوتين

ألكسندر دوغين


تعريب د. زياد الزبيدي بتصرف

2 أكتوبر 2022

كان 30 ايلول سبتمبر 2022 نقطة فاصلة في التاريخ المعاصر. في هذا اليوم، وصلت جميع الأحداث الأخيرة إلى ذروتها. في 30 سبتمبر، كان كل شيء مهمًا – ليس فقط ما قيل، وفعل، وتم توقيعه، ولكن أيضًا كيف تم تأطير كل شيء، وكيف كانت تعابير الصوت والصورة.

بشكل عام، لقد كانت نقطة تحول. ليس شيئًا روتينيًا، وليس استمرارًا لاتجاه خبرناه، بل بداية جديدة.

في التعاليم الأفلاطونية، هناك مصطلح مهم هو “epistrophe” – والذي يعني في اليونانية “تغيير حاد في اتجاه الحركة”، “خط جديد”، “تغيير المسار”، وبمعنى أسمى – “عودة عظيمة إلى المنبع.”

في 30 سبتمبر 2022، حدثت لحظة epistrophe في السياسة الروسية، في الصراع الأوكراني، في تاريخ العالم.

أصبحت عملية انضمام مواطنين جدد لروسيا بعد إجراء استفتاء شعبي – في مناطق الدونباس ومقاطعتي خيرسون وزابوروجي – شيئًا أكبر بكثير من إعادة توحيد روسيا مع شبه جزيرة القرم.

من الواضح الآن للجميع أن موسكو قد اقتربت بشكل أساسي من التشكيك في اتفاقيات بيلوفيجسكايا (التي ألمح إليها بوتين في خطابه التاريخي) (يقصد اتفاقية 8/12/1991 بين روسيا وأوكرانيا وبيلوروسيا لتفكيك الإتحاد السوفيتي – المترجم)، مما يعني أننا سنراجع تاريخ روسيا ما بعد الاتحاد السوفيتي بأكمله، وبالتالي تاريخ العالم.

في خطاب الرئيس، تم الحديث مباشرة عن مفاهيم رئيسية – “روسيا الكبرى”، ” الدولة-الحضارة”، الربيع الروسي والرفض الراديكالي للهيمنة الغربية ولاستمرار نظام عالمي أحادي القطب.

هاجم بوتين النظام العالمي المتمحور حول الغرب، والذي ساواه بالنظام العنصري الاستعماري الجديد – بالإمبريالية القاتلة والفصل العنصري.

سقطت الأقنعة. ودخلت روسيا، في الجولة التالية من وجودها التاريخي، في مواجهة صعبة مع الغرب الجماعي. وهذه المرة، تشمل هذه المواجهة جميع الأبعاد تقريبًا:

• الجيوسياسية (القوة البرية Land Power تقوم بهجوم مضاد على القوة البحرية Sea Power من اجل دول الطوق Rimland، بعد حقبة من التراجع والهزيمة)؛

• الحضارية (روسيا، باعتبارها حضارة دولة منفصلة ذات طبيعة خاصة، تثور ضد حضارة الغرب الجماعي ما بعد الحداثي المعاصر، وتنكر حقها (اي حق حضارة الغرب) في التفرد، والعولمة، والهيمنة، وتعترف بحق الحضارات الأخرى في هويتها الخاصة والاستقلال)؛

• الاقتصادية (العلاقات الاقتصادية بين روسيا والغرب تنهار بسرعة، وتقويض الأنجلو ساكسون للسيل الشمالي هو اللمسة الأخيرة في هذا الطلاق الاقتصادي)؛

• الثقافية (تلتزم روسيا الولاء للقيم التقليدية، والانسان، وحقه في الوجود، وحرية العقيدة، والأسرة الطبيعية، والحرية والعدالة، وتتخلى عن النزعة الفردية، وما بعد الإنسانية، وثقافة الإلغاء، والمثليين، والنسوية، وإضفاء الشرعية على الانحرافات والشيطانية المباشرة للغرب)؛

• العسكرية (في أوكرانيا والآن على الحدود الغربية لروسيا نفسها، هناك مواجهة عسكرية شرسة، العدو هو بالضبط حلف الناتو كأمر واقعي، وإن لم يكن بحكم القانون، والذي يسلح ويشرف على النازيين الأوكرانيين).

كل هذا وارد بشكل واضح وحرفي في خطاب الرئيس في حفل التوقيع على اتفاق بشأن انضمام 4 مناطق جديدة إلى روسيا. هذا الخطاب هو إطار أيديولوجية كاملة تتوج بكلمات للفيلسوف إيفان إيلين – قسم الولاء لروسيا، والفكرة الروسية.

نعم، لا زلنا بعيدين عن النصر. لكن ما حدث يوحد، وبشكل متسق وواضح للغاية، العوامل الرئيسية التي ستجعل هذا النصر حقيقة واقعة. لا يمكنك الفوز بالمعركة إلا من خلال خوضها وفهم ما يحدث تمامًا – المخاطر، الرهانات، والموارد، وسيناريوهات تطور الأحداث.

هذا هو بالضبط ما تم القيام به في 30 سبتمبر. في روسيا، انتهت فترة صعبة من الخمول، والتسويات، والتعبيرات الملطفة، والصيغ المبسطة، والأوهام المتبقية حول الطبيعة الحقيقية للغرب المعاصر.

خطاب بوتين التاريخي سبقه العديد من التدابير المهمة. كان كل واحد منها شرطًا أساسيًا لبناء السياق الكامل لأحداث 30 سبتمبر.

بعد تراجعنا الأخير في منطقة خاركوف واختراق الجيش الأوكراني لخطوطنا، اتخذت قيادة البلاد خطوات واضحة لا لبس فيها:

• إجراء استفتاء في 4 مقاطعات حول الانضمام إلى روسيا (وهو أمر ضروري لتقرير مكانة هذه المناطق في المجال السياسي والحقوقي، بشكل حاسم لا رجعة فيه)،

• الإعلان عن التعبئة الجزئية في روسيا نفسها (كشرط للدعم الكمي والنوعي للجيش الروسي المحارب، الذي واجه صعوبات معينة)؛(ما حدث هو استدعاء1% فقط من الاحتياط ذوي تخصصات تقنية وعسكرية معينة – المترجم )

• إقرار أحكام التشريعات المتعلقة بالفرار من الخدمة، وتشديد المسؤولية عن مخالفة أوامر الدفاع، وتوضيح مفاهيم “الأحكام العرفية” و “زمن الحرب”. (لم يكن في قانون العقوبات الروسي، حديث العهد من الناحية التشريعية، نصوص حول هذه المسائل المتعلقة بزمن الحرب – المترجم)

بالتوازي مع هذا، فجرت القوى الأنجلوسكسونية خطوط السيل الشمالي للغاز، في محاولة لفصل أوروبا القارية بالكامل (ألمانيا في المقام الأول) عن روسيا.

وفي الوقت نفسه، في إيطاليا، فاز الائتلاف اليميني المناهض للعولمة في الانتخابات – ليس صديقا، ولكنه مفيد من الناحية التكتيكية لروسيا.

أضاف قرار وحدة الأرض الروسية وخطاب بوتين الذي ألقاه في الحفل إلى هذه الخطوات الفنية الضرورية للغاية والسياق الدولي للأحداث – أضاف بعدا أكثر أهمية.

في الواقع، أعلن الرئيس عن أيديولوجيا – الأيديولوجية الروسية، والتي تضمنت عضويا مبادئ الأرثوذكسية والأديان التقليدية لشعوب روسيا، وأفكار السلافوفيين، الأوراسيين، والولاء للبطولة الفذة للشعب السوفيتي.

الآن أصبح الأمر واضحًا تمامًا كالبلور – من يقاتل، مع من يقاتل، ولماذا يقاتل.؟!

من المهم أن الرئيس تحدث في خطابه بإيجازعن أوكرانيا. في الأساس وعلى وجه التحديد، انتقد بوتين الغرب الجماعي، والنخب الليبرالية العالمية، والعولمة والعنصرية الحضارية، والهيمنة العالمية والرغبة اليائسة لنظام غربي غير عادل للحفاظ على عالم أحادي القطب. أوكرانيا ليست موضوعنا هنا، ولكنها مجرد أداة مبنية بوقاحة ومشبعة بالأيديولوجية النازية المعادية لروسيا.

أوكرانيا ليست دولة – إنها أرض معركة الحضارات. ويظهر اختيار أربعة من مقاطعاتها السابقة بوضوح إلى أي جانب يقف شعب أوكرانيا. إنه إلى جانب حضارتنا السلافية الشرقية الروسية المشتركة. وليس هناك أي غموض هنا.

ان أي تقدم لقواتنا نحو الغرب في هذا الإقليم سيعني تحرير تجمعات جديدة وجديدة من سكاننا الأصليين – التحرر من الهيمنة الغربية واتباعها الدمويين المنحرفين. المعركة ضد نظام كييف تصنف كعملية مكافحة الإرهاب. لكن من غير المجدي التحدث عن شيء ما مع الإرهابيين أنفسهم – من الضروري حل القضايا مع رعاتهم الحقيقيين. وقد تحدث بوتين عنهم في خطابه.

دخلت روسيا حقبة جديدة في تشرين أول أكتوبر 2022 – في عصر الفكرة (يقصد الأيديولوجيا – المترجم).

كل ما خمناه او ما افترضناه وما كنا نأمل به – اكتسب اسما وعنوانا. روسيا – حضارة، الرمز الرئيسي لها هي التقاليد العريقة. تعارضها حضارة أخرى، رمزها مناهضة التقاليد، ونزع الطابع الإنساني عن البشر، والأكاذيب، والعدوان، واستغلال البلدان والشعوب، والنيوكولونيالية، والإرهاب والشر.

في الوقت نفسه، يهدف الغرب الجماعي أيضًا لتعميم نموذجه، ولا يترك لأحد أي خيار آخر. يمكنك اختيار واحد من واحد. ويوصف كل معارض على الفور بأسماء مخيفة – “فاشي” و “عميل بوتين” وببساطة “روسي”.

الروسوفوبيا او كراهية الروس اليوم هي أيضًا أيديولوجيا، أيديولوجية العولمة الغربية، المليئة بالكراهية نحونا. إذا كنت روسيًا، فيجب أن تكون مع روسيا – يعني أن تكون إلى جانب الحقيقة.

هذا البعد الأيديولوجي يجبرنا على التعامل بطريقة جديدة مع المعارضة الليبرالية داخل روسيا، والأعمال الإرهابية التي يحاول تنفيذها عملاء الغرب وغالبًا ما يتم توجيههم تقنيًا من شبكة كييف، ومع المحاولة المخزية لبعض افراد الاحتياط للهروب من البلاد في توقيت حرج.

هذا ليس مجرد خوف على نفسك أو اختيار حر لمسارك الخاص، إنه انتقال إلى جانب الشر العالمي. هذا تكرار لفعل يهوذا (يهوذا الايسخريوطي هو التلميذ الذي خان المسيح وسلمه لليهود مقابل ثلاثين قطعة فضة – المترجم)، جريمة أخلاقية – أمام نفسه، أولاً وقبل كل شيء، أمام روحه، وكذلك أمام الشعب والدولة والأسلاف والأحفاد والتاريخ.

لا يهم كيف ينظر شخص معين للنظام السياسي الموجود اليوم في روسيا (قد ننتقده ولا نثق به)، ولكن كيف يرتبط بنفسه، ووطنه، بحضارته وثقافته.

الهروب أو عدم الهروب، الخيانة أو عدم الخيانة – خيار وجودي. مصير يهوذا محزن – لم يستطع التعامل مع جريمته وقتل نفسه.

حشود الشباب الهاربين من روسيا، للأسف، وضعوا نفسهم في طريقه الرهيب والمحتقر. والعكس صحيح: أولئك الذين خضعوا للتعبئة، بل استعدوا ليكونوا متطوعين، في ضوء الاوضاع الجديدة، يقومون بأداء واجب أخلاقي حقيقي، روحي وديني. هذا هو طريق الخلاص والشرف – الطريق المؤدي إلى النور والقداسة.

على هذه الخلفية، تنحسر القضايا الفنية للحملة العسكرية في الخلفية. الآن أراضي دونيتسك وزابوروجي هي روسيا. وتحرير المنطقة التي لا يزال يحتلها العدو هو واجب وطني.

ومع ذلك، في الممارسة العملية، من المستحيل تحقيق ذلك دون تحرير بقية أراضي روسيا الجديدة – من خاركوف إلى أوديسا.

وسيكون هناك نفس السؤال فيما يتعلق بأوكرانيا الوسطى وحتى الغربية. ولكن هذا لا يزال وراء الأفق.

الآن وبشكل أساسي، يجب وقف محاولات النازيين في كييف للقيام بهجوم مضاد. بالطبع، من الضروري استخلاص النتائج بعد الاختراق السابق لـلجيش الاوكراني على جبهة خاركوف.

لكن الآن، في خضم الحملة العسكرية، تلعب الأيديولوجيا دورا مهما. الحرب مع الغرب تأخذ بُعدًا مختلفًا تمامًا. هذه معركة روحية بين الخير والشر، وعندما يدرك المحارب هذا في أعماق روحه، فإنه يحارب بطريقة مختلفة. ويتحول المجتمع إلى جبهة داخلية متراصة، ويعمل من أجل النصر، ويبذل كل جهده، ويعيش في نفس الوقت مع الأبطال الذين يدافعون عن حريته. هذه هي قوانين الحرب المقدسة. هذه الحرب أصبحت بالتأكيد مقدسة.

لا يوجد سبب للنشوة. يجب أن نفهم العمق الكامل للمسؤولية التاريخية – الميتافيزيقية – التي تقع الآن على عاتق كل واحد منا. ليس فقط على الدولة، ولكن على الشعب، على كل فرد منا.

ولكن الشيء الرئيسي حدث: كل شيء منطقي في النهاية. وهذا يعني أن جميع الضحايا الذين سقطوا، سواء في الماضي او حتى في المستقبل ليسوا عبثًا.








 


رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 07:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc