ما معنى الحديث: إن الرقى والتمائم والتولة شرك؟
ج: الحديث لا بأس بإسناده، رواه أحمد وأبو داود من حديث ابن مسعود، ومعناها عند أهل العلم: إن الرقى التي تكون بألفاظ لا يعرف معناها أو بأسماء الشياطين أو ما أشبه ذلك ممنوعة، والتولة: نوع من السحر يسمونه: الصرف والعطف، والتمائم: ما يعلق على الأولاد عن العين أو الجن، وقد تعلق على المرضى والكبار، وقد تعلق على الإبل ونحو ذلك، وسبق الجواب عنها في جواب السؤال الثالث، ويسمى ما يعلق على الدواب الأوتار، وهي من الشرك الأصغر وحكمها حكم التمائم، وقد صح عن رسول الله ﷺ: أنه أرسل في بعض مغازيه إلى الجيش رسولا يقول لهم: لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر إلا قطعت وهذا من الحجة على تحريم التمائم كلها سواء كانت من القرآن أو غيره.
وهكذا الرقى تحرم إذا كانت مجهولة، أما إذا كانت الرقى معروفة ليس فيها شرك ولا ما يخالف الشرع فلا بأس بها؛ لأن النبي ﷺ رقى ورقي، وقال: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركًا رواه مسلم.
وكذلك الرقية في الماء لا بأس بها، وذلك بأن يقرأ في الماء ويشربه المريض، أو يصب عليه، فقد فعل ذلك النبي ﷺ فإنه ثبت في سنن أبي داود في كتاب الطب: أنه ﷺ قرأ في ماء لثابت بن قيس بن شماس ثم صبه عليه، وكان السلف يفعلون ذلك، فلا بأس به[1].
1. مجموع فتاوى ابن باز (1/ 52).
هل كتابة التعاويذ من الآيات القرآنية وغيرها وتعليقها في الرقبة شرك أم لا؟
والجواب: قد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: إن الرقى والتمائم والتولة شرك أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وأخرج أحمد أيضا وأبو يعلى والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر أن النبي ﷺ قال: من تعلق تميمة فلا أتم الله له ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له وأخرجه أحمد من وجه آخر عن عقبة بن عامر بلفظ: من تعلق تميمة فقد أشرك والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، والتميمة هي ما يعلق على الأولاد أو غيرهم من الناس لدفع العين أو الجن أو المرض ونحو ذلك، ويسميها بعض الناس حرزا ويسميها بعضهم الجامعة، وهي نوعان:
أحدهما: ما يكون من أسماء الشياطين أو العظام أو الخرز أو المسامير أو الطلاسم وهي الحروف المقطعة أو أشباه ذلك، وهذا النوع محرم بلا شك لكثرة الأدلة الدالة على تحريمه وهو من أنواع الشرك الأصغر لهذه الأحاديث وما جاء في معناها، وقد يكون شركا أكبر إذا اعتقد معلق التميمة أنها تحفظه أو تكشف عنه المرض أو تدفع عنه الضر من دون إذن الله ومشيئته.
والنوع الثاني: ما يعلق من الآيات القرآنية والأدعية النبوية أو أشباه ذلك من الدعوات الطيبة، فهذا النوع اختلف فيه العلماء فبعضهم أجازه وقال: إنه من جنس الرقية الجائزة، وبعض أهل العلم منع ذلك وقال: إنه محرم واحتج على ذلك بحجتين:
إحداهما: عموم الأحاديث في النهي عن التمائم والزجر عنها والحكم عليها بأنها شرك، فلا يجوز أن يخص شيء من التمائم بالجواز إلا بدليل شرعي يدل على ذلك وليس هناك ما يدل على التخصيص، أما الرقى فقد دلت الأحاديث الصحيحة على أن ما كان منها بالآيات القرآنية والأدعية الجائزة فإنه لا بأس به إذا كان ذلك بلسان معروف المعنى ولم يعتمد المرقى عليها، بل اعتقد أنها سبب من الأسباب لقول النبي ﷺ: لا بأس بالرقى ما لم تكن شركا وقد رقى النبي - ﷺ - ورقى بعض أصحابه، وقال: لا رقية إلا من عين أو حمة والأحاديث في ذلك كثيرة، أما التمائم فلم يرد في شيء من الأحاديث استثناء شيء منها فوجب تحريم الجميع عملا بالأدلة العامة.
الحجة الثانية: سد ذرائع الشرك وهذا أمر عظيم في الشريعة، ومعلوم أنا إذا جوزنا التمائم من الآيات القرآنية والدعوات المباحة انفتح باب الشرك واشتبهت التميمة الجائزة بالممنوعة، وتعذر التمييز بينهما إلا بمشقة عظيمة فوجب سد الباب وقفل هذا الطريق المفضي إلى الشرك، وهذا القول هو الصواب لظهور دليله والله الموفق[1].
1. نشرت في مجلة الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة العدد الرابع السنة السادسة لشهر ربيع الآخر عام ١٣٩٤ هـ ص ١٧٥ – 182.
س: ذكر في الحديث: أن من علق تميمة فقد أشرك. أرجو شرح هذا الحديث.
ج: هذا الحديث ورد باللفظ الآتي: عن ابن مسعود قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إن الرقى والتمائم والتولة شرك رواه أحمد وأبو داود، والتمائم: شيء يعلق على الأولاد من العين، وهي ما تسمى عند بعض الناس بالجوامع وبالحجب والحروز، وقد قال رسول الله ﷺ: من تعلق تميمة فلا أتم الله له وفي رواية: من تعلق تميمة فقد أشرك.
والعلة في كون تعليق التمائم من الشرك هي والله أعلم: أن من علقها سيعتقد فيها النفع ويميل إليها وتنصرف رغبته عن الله إليها، ويضعف توكله على الله وحده، وكل ذلك كاف في إنكارها والتحذير منها، وفي الأسباب المشروعة والمباحة ما يغني عن التمائم وانصراف الرغبة عن الله إلى غيره شرك به، أعاذنا الله وإياكم من ذلك.
وتعليق التمائم يعتبر من الشرك الأصغر ما لم يعتقد معلقها بأنها تدفع عنه الضرر بذاتها دون الله، فإذا اعتقد هذا الاعتقاد صار تعليقها شركا أكبر[1].
منقول موقع الشيح ابن باز رحمه الله