السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
الشعر الجاهلي مفتاح إدراك إعجاز القرآن الكريم
هناك فرق بين قراءة الشعر الجاهلي وبين دراسته والتعمق فيه
فالأولى تورثك العلم باختلاف النص الشعري عن النص القرآني،والثانية تورثك الإدراك بأن النص القرآني لا يمكن أن يقوله بشر،وفي هذا سر خطير وأمر عظيم يجب أن يدركه طلاب العلم.
لقد وصل البيان العربي في العصر الجاهلي إلى أقصى ما يمكن أن يصل إليه،وتمثل في أعلى نصوصه جودة وهو الشعر الجاهلي،فكان العرب أهل البيان،كما كانوا أهل علم بالبيان كذلك،وبكيفية التعبير عما تختلجه صدورهم من المعاني،وكانت قريش على رؤوس هؤلاء،فإن لم يكونوا بأصحاب شعر،فقد كانوا نقادا للشعر،علماء بطرائق البيان،فكانوا يميزون بين جيده ورديئه،وحسنه وقبيحه.
ولهذا نزل القرآن على هؤلاء القوم،وتحداهم الله بأن يأتوا بمثله،لعلمه بأنهم أولى الناس بالنص القرآني،هل هو كلام رب العالمين،أم هو كلام محمد بن عبد الله؟ عليه الصلاة والسلام.
وبهذا انقسم العرب إلى قسمين:
قسم منهم عرف أن القرآن لا يشبه كلام العرب ولا شعرهم
والقسم الثاني أدرك أن القرآن لا يمكن أن يقوله بشر
ولا يجب أن يخفى علينا الفرق بين القسمين
وعليه،فإذا كنا نريد أن نعرف اختلاف القرآن عن الشعر فعلينا بقراءة الشعر الجاهلي كما قرأه عامة العرب،وإن كنا نريد أن ندرك إعجاز القرآن وأنه لا يمكن أن يصدر عن بشر فعلينا بدراسة الشعر الجاهلي ومعرفة نقده كما درسته قريش،وإن كان مسلك الطريق الثاني صعبا وشاقا وطويلا،ولكن بقدر دراستك للشعر والتعمق فيه، ومعرفة طرائق البيان عند العرب،تكون درجة الذوق عندك،التي تجعلك تدرك إعجاز القرآن.