بدأت ملفات الفساد والتجاوزات في تسيير شؤون الجزائر تطفو على السطح، مع تواصل الحراك الشعبي المناهض لنظام الرئيس عبد العزيز بوتفليقة المتمسك بالحكم، حيث تناولت وسائل إعلام تقارير عن تورّط الرئاسة في بيع الغاز الطبيعي إلى فرنسا بثمن بخس، وإهدار المال العام، عن طريق منح امتيازات لما يوصف بـ"الكارتل المالي"، الذي يضم رجال أعمال مقربين من بوتفليقة.
يعد رشيد نكاز، الذي رشح نفسه لخوض الانتخابات الرئاسية قبل قرار بوتفليقة إرجاءها إلى أجل غير مسمى، أول من كشف عن ملف إمدادات الغاز الجزائري بالمجان إلى فرنسا، على حد تعبيره، وذلك لدى استضافته في حوار أجرته قناة "سي 8" الفرنسية، مشيرا إلى امتلاكه "أدلة دامغة على تورط بوتفليقة وشقيقه سعيد في منح غاز الجزائر لفرنسا مقابل وقوفها في صفّهما".
وفي اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، قال نكاز، المتواجد في فرنسا، إن "شركة توتال الفرنسية تحوز عقودا طويلة الأمد وُقعت مطلع عام 2002، لاستغلال الغاز في محافظة ادرار جنوب الجزائر، تستحوذ من خلالها على 65 في المائة من الغاز المستخرج مجاناً، يحول إلى فرنسا، ولديّ كل الوثائق".
وأضاف نكاز، لـ"العربي الجديد"، أن شركة "توتال" كادت أن تحوز نفس الامتيازات قبل أربع سنوات، مع الغاز الصخري، حيث ظفرت بعقود للتنقيب واستغلال الغاز الصخري من دون المرور بمناقصات دولية مشهرة، ولولا انتفاضة الشعب آنذاك لتكرر نفس السيناريو، وللعلم قد تم استجوابي من طرف المخابرات والأمن الجزائري وقدمت الأدلة".
وتعتبر فرنسا، بالإضافة إلى إسبانيا وإيطاليا، زبائن للغاز الجزائري، الذي يغطي 90 في المائة من احتياجاتهم، وأعربت باريس ومدريد عن قلقهما من تواصل الحراك الشعبي المناهض لتمديد عهدة بوتفليقة الرابعة، لإمكانية تأثيرها على إمدادات الغاز نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط.
ولم يتسن الحصول على تعليقات من المسؤولين عن قطاع الطاقة في الجزائر حول اتهامات نكاز، إلا أن تصريحاته لاقت تداولا واسعا في الشارع الجزائري، وحتى في بعض وسائل الإعلام الجزائرية.
وقال علي بن فليس، رئيس الحكومة في الفترة من 2001 إلى 2003 ورئيس حزب طلائع الحريات: "فعلا، هناك امتيازات في الطاقة قدمها النظام الحاكم، في السنوات الأولى من حكمه، إلى فرنسا، واقتصرت هذه الامتيازات على منح عقود غاز مخفضة الأسعار، وأخرى بالمجان لسنوات، وهذا ما دفعني إلى الاعتراض، ودخلت في صدام مع آل بوتفليقة آنذاك، ما أدى إلى إقالتي".
وأضاف بن فليس، لـ"العربي الجديد": "في 2002 صاغ النظام مشروع قانون محروقات، يفتح استغلال قطاع المحروقات الجزائري أمام الأجانب، واعترضتُ عليه وبعض الوزراء، وتم سحبه من البرلمان تحت ضغط الشارع والطبقة السياسية، لأنه كان سيضع ثروات الشعب الجزائري بين يدي قوى خارجية تدعم أقلية حاكمة هنا في الجزائر".
وليست هذه القضية الأولى التي يتم فيها إقحام اسم بوتفليقة ومحيطه في قضايا فساد كبيرة، وإنما طاولت الاتهامات أشخاصا مقربين بجمع ثروات بطرق مشبوهة.
الى مزبلة التاريخ ايها اللص