السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
الجزء الثالث
الدعم المعنوي --- تابع
المبحث الثاني : الدعم السياسي
توحيد التشكلات السياسية
استطاع جمال عبد الناصر بوتجيه الصفوف بين التشكيلات السياسية الجزائرية بعد اجتماع الذي عقد بالقاهرة في 19جانفي 1955 1حيث حضره كل من جمعية علماء المسلمين الشيخ البشير الابراهيمي و عن حزب البيان احمد بيوض ومحمد خيضر2 و انتهى هذا الاجتماع يتوقيع ميثاق جبهة التحرير الوطني و الى جانب ذلك قام بتوحيد الرؤى بين المغرب و الجزلئر في اطار التواجد العربي من خلال الاجتماع الموسع بتاريخ 11جانفي 1955 خضره كل من احمد بن بلة و محمد بوضياف و محمد العربي بالمهيدي و حسين ايت احمد عن الطرف الجزائـري و حضره عن المغرب علال الفاسي و عن مصر رئيس جهاز المخابرات المصرية السيد فتحي الذيب و عزت سليمان3 و هكذا فتحت مصر ذراعيها للجزائر و مساندتها لثوار العروبة و العالم و يقول مفدي زكريا شاعر الثورة الجزائرية و هو في سجنه:
ولمصر دار العروبة حرة تأوي الكرام و تسند المتطلعا
النيل فتح للغريب ذراعه و الشعب فتح للشقيق الاضلعا
يا مصر يا أخت الجزائر في الهوى لك في الجزائر حرمة لن تقطعا
هاذي خواطر شاعر غنى بها في الثورة الكبرى فقال واسمعا
و تشريقا من جبين موثق ما انفك صبا بالكنانة مولعا4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 محمد بلقاسم :مرجع سابق ص170
2 فتحي الذيب :سابق ص75
3محمد بلقاسم :مرجع سابق ص170
4 سهيل الخالدي :مرجع سابق ص52
لقد صاحب عملية الاختطاف بن بلة و اخوانه1 تبابن واضح بين التيارات وسط قيادة الثورة الجزائرية تلخص في اعتبار عبان و مجموعته ان ازاحة بن بلة و زملائه من طريقهم فرصتهم الكبيرة في السيطرة الكاملة على مسيرة و مصير الكفاح الجزائري في الداخل و الخارج و تم تعيين الكلون عمر عمران ممثلا للجنة التنسيق و التنفيذ بالخارج ايحل محل بن بلة و ليتولى مسؤولياته و بالذات بالقاهرة كما عينوا بن عودة ابراهيم زهدي ممثلين للجنة بتونس و كلفا بالسفر للسيطرة على الوضع و اخضاع كل العناصر المؤيدة لبن بلة لنفوذ لجنة التنسيق و التنفيذ .بادر المناظر علي محساس معاون بن بلة بليبيا الى القيام بالعديد من الاتصالات بكافة المناظلين بالخارج و الداخل لجمعهم حوله باعتباره الخلفية الطبيعي لبن بلة و صاحب الحق الشرعي في تولي مسؤولياته خاصة و ان تاريحه النظالي السابق كرئيس للتنظيم العسكري السري لحزبه الشعب يعطيه هذا الحق بلا منازع 2.و حضر على محساس الى القاهرة لاقناعهم بما اسفر عليه رايه و راى كافة المناظلين مشيرا الى تاييد جميع قادة الولاية الشرقية له كخلفية لابن بلة و عدم اعترافهم بقرار مؤتمر الصومام و انهم في سبيل عقد اجتماع بالداخل للاعلان رائيهم هذا ورفضهم الاعتراف بقيادة لجنة التنسيق التي يتراسها عبان3 و ترتب عن الاجتماع الذي عقد بالمنطقة الشرقية في ديسمبر 1956و هكذا بدات من الصراعات العنيفة و بالذات على ارض تونس .ذهب ضحيتها بعض خيرة المناظلين الشبان الذين افقدتهم الثورة الجزائرية بلا مبرر .الامر الذي ازعج المصريون كثيرا خوفا على مصير الثورة و انتقال العدوى الى الداخل و اثر ذلك على حالة القلق و الاضطرابات التي بدات تنتاب افراد الشعب الجزائري و بهذه الاحداث المؤسفة انتهى عام 1956 باحداثه الجسام المتتالية و المزعجة ليبدا عام 1957 حرصت فيه مصر و منذ البداية على بذل اقصى الجهود4
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
1 القادة المختطفين :انظر الملحق رقم3
2فتحي الذيب :مصدر سابق ص290
3 نفسه ص291
4 نفسه ص293
لتفادي اراقة الدماء و الحفاظ على مسيرة الكفاح الجزائري على النحو الذي يحفظ عليه سمعته الطيبة و خاصة بعد ان تهب رياح عاتية في محاولة الاقتلاع1 لقد استطاعت في عام 1957 التحصير لعقد المؤتمر التحضيري بالقاهرة و الذي شارك فيه العديد من اعضاء الثورة و قادتها2 و الذي تلاه في اول سبتمبر من نفس المؤتمر الوطني التي كانت جلساته سرية و دام اربعة ايام3 و حرصت مصر على الاعداد الجيد لاستقبال القادة و اشعارهم باهتمامها بهم مع نوفمبر اسباب الراحة في المعيشة و التنقل .عدم التدخل في اي خلاف ينشا و محاولة راب اي تصدع بسعة صدر واعية بالمصلحة المشتركة لكلا الشعبين الجزائري و المصري .وضع كل مساعدات مصر امام جميع الاعضاء و منذ قيام الثورة مع مراعاة عدم احساسهم بالمن او التفضيل بل ان معوتة ثورة 23 يوليو تتم في اطار المبادي و القيم التي امنت بها ثورة يوليو .اقناع مجلس الثورة بحقيقة قدرة مصر و امكانياتها في الدعم و الامداد بالمعنويات العسكرية و من واقع تفهم
موقف مصر كدولة نامية و ليست على مستوى قدرات الدول العظمى و كان الهدف من هذا المؤتمر المنعقد بالقاهرة هو
أ) استعراض موقف الثورة منذ 20اوت 1956 حتى الان
ب) بحث المساعدات التي حصلت عليها و ستحصل عليها الثورة خلال العام القادم من مصر و العالم العربي
ت) مشتقبل العلاقات بين الجزائر و فرنسا و الاسس الممكنة التفاوض و من عليها
ث) الاجتماع بالرئيس جمال عبد الناصر و المسئولين المصريين لتبادل وجهات النظر في مستقبل العلاقات بين مصر و الجزائر و ذلك تقديرا بمصر باعتبارها الدولة التي احتضنت الثورة و ساندتها منذ البداية4 .كما كانت لقرارات هذا المؤتمر تاثير كبير على موازن القوى داخل القيادة5
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1فتحي الذيب :المصدر السابق ص293
2حول قائمة المشاركين في مؤتمر 1957 انظر الملحق رقم2
3مريم الصغير :الموافق الدولية من القضية الجزائرية :مرجع سابق ص132
4فتحي الذيب :المصدر السابق ص344
5مصطفى هشماوي: المرجع السابق ص133
~ 40~
و لا شك ان خروج جميع القادة الرئيسيين للثورة الجزائرية و اجتماعاتهم بالقاهرة كان امر على جانب كبير من الاهمية و يشكل تطورا هاما في مسيرة الثورة خاصة بعد اختبارهم القاهرة مقرا لانعقاد الاجتماع السنوي و تخليهم عن قيادتهم في ذلك الوقت الحرج ليتولى مسؤولياتهم قادتهم الثوار مما اكد أهمية القرارات التي سيتخذها الاجتماع السنوي بالنسبة لمستقبل الجزائر1.
و اذا اضفنا الى ذلك ان صدور اية قرارات مما يعطيها مزيدا من القوة بالداخـل و الخــارج و يلقي على اكتاف القاهرة مسؤوليات جسام امام الشعب الجزائـري و الـراي الـعام العـربي و الدولي لما يعنيه ذلك من اقرار مصر لكل ما يتخذ من قرارات.
كما انه وسيكون لاتخاذ القاهرة مقرا لقيادة الثورة بكل تاكيد رد فعل قوي لدى نظم الحكم الرجعية العربية من جانب و سيشكل عنصرا استفزاز واضح لكافة القوى الاستعمارية .
من جانب اخر و انطلاقا من هذا الفهم الواعي لتطور الاحداث المترتبة على قرار مجلس الثورة الجزائرية ,هذا اصبح على مصر لزاما ان تعد نفسها لتجمل تبعات مسؤوليات المرحلة الجديدة لتحمل تبعات مسئوليات المـرحلة الجـديدة و لتطوير الاحداث لتتخذ مسارا ايجابيا بعيد عن السلبيات و التنقضات و الاتجاهات المتباينة التي يحتويها تشكيل مجلس قيادة الثورة باعضائه الاربعة و الثلاثين و اهمية الابتعاد عن التورط في صراعاتها الشخصية لما نتوقعه من شخصية عبان رمضان 2
ــــــــــــــــــــــــ
1 فتحي الذيب سابق ص344
2نفسه .ص344
موقف مصر من الاجراءات السياسية الفرنسية المطبقة على الجزائريين
لقد خرجت فرنسا عن المالوف في التقاليد و الاعراف الدولية على مراى و مسمع من العالم بعملية قرصنة جوية تمثلت في تحويل طائرة كان قد وضعها سلطان المغرب محمد الخامس تحت تصرف جبهة التحرير الوطني حيث قامت فرنسا باختطاف زعماء الثورة الجزائرية منهم احمد بن بلة و محمد بوضياف و محمد خيضر و حسين ايت احمد و مصطفى الاشرف و كان ذلك في 22اكتوبر 1956.و كان موثق الحكومة المصرية من حادثة القرصنة الجوية حيث قام بابلاغ وزارة الخارجية لكل السفارات العربية و الاجنبية بخبايا و خلفيات الحـادثة و رفعت القضية الى الامين العام للامم المتحدة طالبة منه التدخل الفوري للافراج عن القادة المختطفين1
و بامر من جمال عبد الناصر كلف الملحق العسكري المصري في الرباط باختطاف بعض الشخصيات الفرنسية بمراكش و الاحتفاظ بهم كرهائن الى غاية الافراج عن الوفد الجزائري2 و بالاضافة الى هذا قامت مصر ايضا بعثت مشيخة الازهر برقية لوفد جبهة التحرير الوطني في القاهرة باسم علماء الازهر و طلبته كما اعلن في الازهر عن اظراب يوم الخميس 31/1/1957تضامنا مع الشعب الجزائري كما ناشد شيخ الازهر جميع الشعوب المحبة للسلام بمناصرة القضية الجزائرية و مع بداية النصف الاول من 1956 حاولت فرنسا اختراق الدعم السياسي المصري للجزائر من خلال موفدها الى القاهرة "جوزيف بيجار "قصد فتح مفاوضات مع الجانب الجزائري ,غير ان مصر بقيت مصرة على عدم القضية الجزائرية3 عن طريق الضغط على السلطات الفرنسية و مواجهة مخططاتها سياسيا خاصة فرنسا منح الجزائر نوعا من الاستقرار الذاتي4
ـــــــــــــــــــ
1محمد بلقاسم :المرجع السابق ص171.ص172
2مريم الصغير :مواقف الدول العربية من القضية الجزائرية .دط.دار الحكمة الجزائر 2009.ص160
3 محمد بلقاسم :المرجع السابق :ص172
4 مريم الصغير :المرجع السابق.ص194.ص195
لقد وقفت مصر لكل المحاولات التدميرية للثورة الجزائرية والتي كان من ورائها بعض الاخوان المغاربة و التونسيون ,حيث سعى كل من الملك المغربي الحسن الثاني و الرئيس التونسي بورقيبة و بمعية من فرنسا و حافائها على ايقاف الحرب الدائرة داخل الجزائر لصالح فرنسا و هذا يدخل في اطار تطويق فرنسا للثورة خاصة من الحدود الشرقية و الغربية1 لهذا باشرت مصر بدراسة لموقف الكفاح الجزائري بالاشتراك مع الاخوة قادة الكفاح و العسكريين بلجنة التنسيق و التنفيذ.و كان موقف مصر من اقامة الفرنسيين لمانع الاسلاك الملغم و المسمى بخط موريس و الذي يتراوح عمقه ما بين 200.100 متر و بامداد خط الحدود التونسية الجزائرية حد من امكانية تهريب الاسلحة للولايات الشرقية و الوسطىرغم محاولات جيش التحرير فتح ثغرات بواسطة طوربيد البناجور الذي زودتهم به مصر فقامت هذه الاخيرة بتكليف خبراء الهندسة العسكرية المصريين لدراسة المانع ووضع خطة تدمير لفتح الطريق امام اعادة تهريب الاسلحة الى داخل الجزائر2.و نظرا لتفاقم مشكلة اللاجئين بادرت مصر باعداد الاحتياجات اللازمة لاعانة اللاجئين و جمعت التبرعات الشعبية من اقليم الجنوبي المصري بلغت 432.000 جنيه لشراء الكساء و الغذاء و تم تقديمها في عام 1957.و تم تجهيز الحملة اللازمة لنقلها الى تونس لتوزيع على اللاجئين 3.كما قامت بوقفة تضامنية عندما قرر بن بلة و زملائه الاضراب عن الطعام لتحريك قضيتهم و كان ذلك في عام 1958 فقامت باتخاذ الخطوات التالية:
1 القيام بحملة فورية في صوت العرب و الصحافة المصرية لمساندة الاخوة بن بلة و زملائه طوال فترة اضرابهم عن الطعام4
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 مريم الصغير :المواقف الدولية من القضية الجزائرية .المرجع السابق ص132.ص133
2 فتحي الذيب :المصدر السابق .ص387
3نفسه ص388.
4 نفسه ص411
~ 43~
2 القيام بترتيب عقد اجتماعات و حلقات دينية بالمساجد و توزيع مطبوعات تساند قضيتهم
3قيام كافة الهيئات الشعبية و التجمعات السياسية و النقابات بارسال تلغرافات الى هيئة الامم
و الى مندوبي الكتلة الاسيوية الافريقية للتدخل السريع 4.اضراب عمال الموانئ العربية عن التعامل مع السفن .5 الاعلان عن بدء حملة لمقاطعة البضائع الفرنسية .و هكذا بدات الحملة المصرية مع بداية إضراب بن بلة و زملائه عن الطعام .و كانت الجمهورية العربية المتحدة
(وحدة سوريا و مصر في 1958) بمثابة القوة الدافعة و المحرك الرئيسي و انه يتوقف على موقفها و درجة اهتمامها .رد الفعل في باقي العواصم العربية الاخرى و كذلك عواصم الدول الشقيقة 1.كان الشعب المصري يحتفل بالذكرى السنوية لاندلاع ثورة نوفمبر دوريا مصحوبة بجماهيرية و اعلامية لا تقل اهمية عن احتفال الشعب المصري بالثورة نفسها بمناسبة الذكرى السادسة (نوفمبر 1960) لثورة نوفمبر كان الرئيس جمال عبد الناصر على راس الاحتفال و التجمع الجماهيري الكبير .و في هذه المناسبة ذكر الرئيس جمال جمال عبد الناصر "اننا و نحن ننظر الى الشعب الجزائري و هو مستقبل العام السابق لثورته نحمد الله الذي مكن شعب الجزائر من ان يصمد و يثابر بدون وهن و ليجابه اكثر من 800الف جندي من قوات فرنسا بقوته و اسلحته القليلة ثم يذوخ فرنسا و جيوشها و اسحلة الحلف الاطلسي التي تعتمد عليها فرنسا و يدوخ الدول التي تدعي انها نمثل العالم الحر"2 كما القى جمال عبد الناصر خطابا القاه بالسويس في 23ديسمبر 1960 معلقا على مظاهرات 11ديسمبر 1960 "في الجزائر انني انجني اجلالا و اكبارا لهؤلاء الشبان هؤلاء الصغار فتبانا و فتيات العزل من كل سلاح و هم يواجهون دبابات القخر الاستعماري بصـدور عارية ملـيئة بالايمــان و الحرية و بايدي لا تحمل السلاح سوى علم الجزائر الذي يرفعون تحدي و اصرار على التحرر و الانعتاق."3
ــــــــــــــــــــ
1 فتحي الذيب :المرجع السابق .ص411.ص112
2اسماعيل دبش:المرجع السابق ص70.
3الامين بشيشي:المرجع السابق ص214
و كان جمال عبد الناصر طــوال فترة الثـورة الجزائـرية لا ينـسى ذكر الجزائـر و ثورتـهاو السياسية الاجرامية التي تقوم بها فرنسا في حق الشعب الجزائري في خطابات التي كانت تسمع ليس من الشعب العربي و حسب بل انها كانت تترجم ترجمة فورية لزعماء الدول الكبرى و يقول في احدى خطبه عن الجزائر"ماالذي يحدث في الجزائر ؟في الجزائر هناك في الجزائر هناك حرب ابادة شاملة بغرض القضاء على العرب في الجزائر و بغرض القضاء على القومية العربية في الجزائر ,قتل شامل,حرق للمحصولات ,حرق للقرى و قتل الرجال و النساء و الاطفال و توطين للفرنسيين محل العرب الذي سيكون منذ الالاف السنين"1.
و الواقعان كلا من الثورة الجزائرية و النظام المصري تعرض الضغوطات ليتخلى عن الاخر فما هو جمال جمال عبد الناصر يقول في احدى خطبه:
"...و حين اعلنا اننا سنساعد الجزائر في حريتها لاقينا من فرنسا كل عنف و كل اضطهاد لاقينا من فرنسا كل الاساليب التي تدافع فيها عن استعمار الجزائر لكن هذا لم يفت في عهدنا
و نحن اصلب عودا من الماضي نحن اليوم نقول ان معركة من معارك ابناء الوطن العربي في اي جزء من اجزاء الامة العربية هي معركتها لابد ان نساهم فيها بكل وسيلة من الوسائل و بكل سبيل من السبل و استيقاظ الاستعمار غضبا و حارب معارك خاسر في كل مكان و كلنا يعرف هذه المعارك و كلنا نحفظ هذه المعارك." 2
ــــــــــــــــــــ
1سهيل الخالدي:مرجع سابق ص50
2نفسه ص51
وبعد تقهقر فرنسا على الصعيد العسكري في تغيير موازين القوة لصالح القضية الجزائرية ,سياسي ادركت فرنسا قوة الدعم المصري للجزائر لذا الجات الى الرئيس جمال عبد الناصر طالبة منه مساعدتها في اجراء مفاوضات مع جبهة التحرير الوطني من خلال لقاء وزير خارجيتها كريستاننييو مع جمال عبد الناصر الذي طالب من الوزير الفرنسي ان تقضي المفاوضات الى حل مشرق يضم الجزائريين حقوقهم الكاملة في السيادة على ارضهم شريطة ان تكون جبهة التحرير هي الممثل الشرعي و الوحيد للجزائريين1 و جاءت مرحلة ديغول التي تميزت بتصريح رئيسها حول حق الجزائريين في تقرير مصيرهم و ابداء رغبة في اجراء مفاوضات معهم و كانت مصر سابقة في اعطاء رايها حول عملية المفاوضات حيث قام الاستاذ المدني بارجاء مشاورات مع ممثلي الدول العربية بالقاهرة و الاتصال بالرئيس جمال عبد الناصر الذي وافق شريطة ان تصب المفاوضات في قضية الاستقلال الامشروط للشعب الجزائري2,كما حذره جمال عبد الناصر من مراوغات ديغول "و قال انه يفهم من كلمات الجنرال ديغول و تدرجه خلال التصريحات المتوالية و ان الرجل لم يبح بعد بفكرته الحقيقية"3.
كما حذرت من عدم الاستسلام امام نوع من الوهن و امام وفرة الضحايا فلو لم يبق الا النصف من الشعب الجزائر و هو حر مستقل لجدد في وقت قريب .النصف الضائع ووفرة الضحايا هي ذخيرة النصر ,كما اكد جمال انه قال "لا ازال كما كنت منذ الساعة الاولى و الى النهاية المؤيدة للنصر و بابي مفتوح لكم متى اردتم4,و مع بداية مفاوضات ايفيان اصدرت الحكومة الجمهورية العربية المتحدة (20ماي1961) بيانا اكدت فيه"مساندتها للحكومة الجزائرية المؤقتة في المفاوضات التي ستجريها مع الحكومة الفرنسية و التي ترمي الى الاعتراف للشعب5
ــــــــــــــــــــــــــ
1 مريم الصغير:المواقف الدولية من القضية الجزائرية .مرجع سابق ص133.ص134
2نفسه .ص134
3 احمد توفيق المدني :مصدر سابق ص638
4نفسه ص639
5 اسماعيل دبش:المرجع السابق ص73.
~ 46~
للشعب الجزائري يحق تقرير المصير حتى ستحصل على استقلاله له و سيادتهاالتامة ووحدة ترابه.
كما انها تساند المساندة التامة بمواصلة الكفاح الوطني بجكيع الطرق الناجمة حتى يتحصل الشعب الجزائري على حريته و استقلاله ووحدته بدون قيد او شرط.1
و في نفس المناسبة و بنفس اللهجة اكد الرئيس عبد الناصر "اننا نتيجة بكل تايــيدنا المـادي و المعنوي بدون حدود و بدون تحفظات لتعظعها في نصرة الجزائر في هذه المفاوضات واثقين ان نتيجتها لابد ان تكون على مستوى التضحيات و الاعمال البطولية للشعب الجزائري الذي خاص المعركة لاخذ فرنسا وحدها بل ضد الحلف الاطلسي كله2.
اما بالنسبة لقضية فصل الصحراء عن الجزائر كان موقف مصر قوي حيث قامت بتحذير خروتشوف الرئيس السوفياتي من الانسياق من محاولات ديغول لاقناعه بزيارة حاسي مسعود منطقة بترولية جزائرية كبرى بالصحراء لان ذلك سوف يتسبب في هوة فاصلة بين الشعب السوفياتي و الشعوب العربية 3.
تاسيس الحكومة الجزائرية المؤقة
لقد فقدت لجنة التنسيق و التنفيذ كثيرا من مصداقياتها و عدم قدرت اعضائها على الانسجام في العمل و خاصة بعد تورط بعض اعضائها في وضع حد لنشاطات عبان رمضان4. لهذه الاسباب تم تشكيل اول حكومة مؤقتة للجمهورية لتخلف لجنة التنسيق و التنفيذ التي عينها المجلس الوطني للثورة الجزائرية في دورته المنعقدة بالقاهرة في 28اوت 1957. 5
ـــــــــــــــــــ
1 اسماعيل دبش :مرجع سابق ص73
2نفسه ص73
3نفسه ص72
4عمارة بخوش:التاريخ السياسي للجزائر من البداية و الغاية 62.ط2.دار الغرب الاسلامي الجزائر 2005.ص475
5 abdelhamid zousous :les références historiques de l’état algerien.édition2.éditions houma.alger.2009 p386
و في يوم الجمعة 19 سبتمبر 1958 على الساعة الواحدة بعد الظهر اي بعد مرور 1416 يوما على قيام الثورة في فاتح نوفمبر 1954.
صدر بلاغ في القاهرة عن اعلان فيه انشاء الحكومة المؤقتة للجمهورية1 برئاسة فرحات عباس2.
و كان اختيار هذا الاخير رئيسا للحكومة فانه يرجع الى اسباب استراتيجية سياسية حيث ان عباس يعتبر سياسيا محنكا في ميدان المفاوضات و معتلا مقارنة يعتبره من قادة الثورة الجزائرية .3
اما بالنسبة لاختبار القاهرة مقرا لاعلان الحكومة حيث يقول عبد الحفيظ امقران اعتقد ان اختبار القاهرة لاعلان عن تكوين هذه الحكومة المؤقتة هو ان مصر من بين دول عدم الانحياز .
و قد كان جمال عبد الناصر سعتبر من بين اقطاب عدم الانحياز الذين اسسوا بعد مؤتمر باندونغ هذه المجموعة من العالم الثالث .هذا من جهة .
و من جهة اخرى نحن لا ننكر دور مصر في نهضة الشعوب العربية التي كانت تامل الكثير و كانت تتعاطف مع القضية الجزائرية و لذلك اختارها الاخوة جبهة التحرير الوطني لكي يعلنوا عن تكوين هذه الحكومة المؤقتة .4
ــــــــــــــــــــــ
1عمار بحوش:المرجع السابق ص475
2 اعضاء الحكومة المؤقتة انظر الى الملحق رقم5
3 عمار بحوش:المرجع السابق ص475
4الجندي خليفة:حوار حول الثورة.ج2 المركز الوطني للتوثيق و الصحافة و الاعلام .د.ت ص234
و من العوامل التي جعلت اختيار القاهرة للاعلان عن الحكومة هو وجود مقر الجامعة العربية مما ساعد على الاعتراف بها في تونس .بحيث لم ينته شهر سبتمبر حتى وقع الاعتراف بها اكثر من 15دولة 1 وكانت اول الدولة المعترفة بماهي مصر رغم بعض الاحتزازات من طرف السلطات المصرية تجاه هذه الحكومة فذلك يعود لعدم الثقة في رئيسها فرحات عباس لاعتباره دخيلا عن الثورة و لا يؤمن الا بانصاف الحلول.و مع ذلك اعترفت مصر بهذه الحكومة المؤقتة و هذا ماجاء على اللسان فتحي الذيب حيث قال الاستاذ احمد توفيق المدني "سجل من الان اتا اول معترف بهذه الحكومة...)2
و يؤكد يوسف بن خدة في كتابة "ان اختيار مع الاعلان عن الحكومة المؤقتة انها عاصمة للعرب و كانت مركزا دوليا في مجال الاعلام و الدعاية افضل من غيرها من العواصم العربية لاعلان عن هذا الحدث العظيم حادثة اقامة الحكومة المؤقتة الجزائرية.3
و الهدف من تشكيل الحكومة المؤقتة في الرسالة التي وجهتها الحكومة غداة تشكيلها للرئيس جمال عبد الناصر و التي جاء فيها "ان تشكيل هذه الحكومة....في هذا الوقت بالذات انما هو رد عملي على ذلك التحدي الصارخ التي لقت به الحكومة الاستعمارية الفرنسية على وجه الشعب الجزائري المجاهد عندما اعلنت سياسة الاندماج التام و اخذت توافي تنفيذها بواسطة ارغام الشعب على المشاركة في الاستفتاء الذي تقوم به فرنسا في يوم 28سبتمبر الحاليحول الدستور الفرنسي الجديد......و تضع حدا فاصلا لما تدعيه الحكومة الفرنسية في مناسبات عدة من انها لا تجد امامه ممثل صحيحا تفاوضه رسميا لمحاولة ايجاد حل للقضية الجزائرية"4
ـــــــــــــــــــــــ
1الجندي خليفة المصدر السابق ص236
2مريم الصغير :المواقف الدولية من القضية الجزائرية المرجع السابق ص133
3 شهادات و موافق:ط1 المرجع السابق ص102
4ازغيد محمد لحسن :المرجع السابق ص191
إن نبا إعلان الحكومة الجزائرية كان ضربة قوية و موجعة للإستعمار الفرنسي و على رأسها ديغول على دمج الجزائر بصفة نهائية بفرنسا و استعملت لذلك شتى الاساليب السياسية لتحقيق ما لن تستطع تحقيقه الحكومات التي سبقتها بالاساليب العسكرية كما بادرت الحكومة الفرنسية بابلاغ جميع الدول انها ستعتبر الاعتراف بالحكومة الجزتئرية عملا غير ودي . كما كان إعلاهنها أملا يحلم به الشعب الجزائري و بتحقيقه اصبح الشعب الجزائري يؤمن اكثر من اي وقت مضى بقرب يوم النصر الحاسم على المستعمر الذي لجأ الى سياسة الاصلاح لارضاء الشعب الجزائري بتوفير بعض الوسائل من ضمنها مشروه جديد هو مشروع قسنطينة1 .
و لقد تصدت الحكومة المؤقتة منذ الاسبوع الاول من تشكيلها لفضح الاهداف التي كانت وراء تنظيم الااستفتاء حول دستور الجمهورية الخامسة و قدمت في بيانها الاول مقترحات محددة من اجل تسوية سياسية للأزمة مع فرنسا و طالبت بفتح مفاوضات في الحين حول شروط وقف إطلاق النار 2
و قد كان لتأسيس الحكومة المُؤقتة اثر ايجابي على مستوى التسليح و التموين العام إذ تشجعت بعض الدول الصديقة على التعامل معها كهيئة شرعية و رسمية تقريبا فتبرم معها لذلك الصفقات و الاتفاقيات بصورة عادية و كانت أول دولة مصر و هذا ما اكّده فرحات عباس قئلا >> إن اخواننا العرب يقفون ورائنا يدون تحفظ و أذا كان بين الاشقاء دين الاعتراف بالجميل فأن دين الجزائر كبير جدا نحو اخوانهم العربي <<. 3
ــــــــــــــ
1 ازغيد محمد لحسن:المرجع السابق ص193
2احمد سعيود:المرجع السابق ص158
3 محمد عباس :المرجع السابق.ص350
( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
2012-07-28, 00:06
(04) دور مصر في الثورة الجزائرية1954-1962
العرض العادي
