في حكم تقاضي أجرةٍ على شهاداتٍ مِهَنيةٍ
دون عملِ أصحابها
السؤال:
انتشرَتْ في الجزائر مُعامَلاتٌ جديدةٌ، ونريد منكم بيانَ مَدَى مشروعيتِها ـ حَفِظكم الله ـ والمعاملةُ كالتالي: يقوم أصحابُ المُقاوَلات بأخذِ شهادةِ خِرِّيجي الهندسة لمدَّةٍ معيَّنةٍ مُقابِلَ مبلغٍ ماليٍّ بعد اتِّفاق الطرفين بدونِ أَنْ يقوم هذا المهندسُ أو التقنيُّ بأيِّ عملٍ بدنيٍّ أو ذهنيٍّ مع هذا المُقاوِل، ودون أَنْ يقومَ صاحِبُ المُقاوَلة بتشغيلِ هذا المهندس أو التقنيِّ معه في أيِّ مشروعٍ، مع العلم أنَّ المُقاوِلَ يقوم بتجديدِ مِلَفِّه المِهَنيِّ بهذه الشهادة، ونظيرُ ذلك واقعٌ مع أصحاب الصيدليات؛ فما حكمُ ذلك؟ وجزاكم الله خيرًا.
الجواب:
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلام على مَنْ أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فاعْلَمْ ـ وفَّقك الله ـ أنَّ الشهاداتِ الجامعيةَ أو المِهَنيةَ أو بطاقاتِ التعريف وغيرَها ليس لها ـ في حَدِّ ذاتها ـ مِنْ قيمةٍ ماليةٍ حتَّى تَجْرِيَ فيها المُعامَلاتُ الماليةُ والمصرفيةُ والتجارية مثل: السُّفْتَجة والشيك والسند الإذنيِّ والأوراق والصكوك النقدية والأَسْهُمِ والسندات المالية، وإنما هي شهاداتٌ علميةٌ ومِهَنيةٌ تدلُّ على مستوَى حامِلِها، أو شهاداتٌ شخصيةٌ وعائليةٌ تعكس الحالةَ المدنية لصاحِبِها؛ وعليه فلا تدخل هذه الشهاداتُ في حقوق التصرُّفات الماليةِ والتجارية للعباد مِثْل التعامل بها في البيع والإجارة أو الإبراء أو التنازل وما إلى ذلك، بل هي خاضعةٌ للدولة، وهي المخوَّلةُ الوحيدة في التصرُّف فيها؛ جريًا على ما يُمليهِ النظامُ العامُّ في حدوده المشروعة، ووفقًا لمَصالِحِ الفرد والمجتمع؛ لذلك فكُلُّ ما يدخل في تنظيم حالات الأفراد والمجتمع ـ بالمعنى العامِّ ـ على ما لا يتنافى مع الشريعة لا يصحُّ التصرُّفُ فيه ماليًّا مِثْل: لوحات المرور وإشاراته المتعلِّقة بتنظيم السير الحسن للسيَّارات، وكذا السِّجِلَّات التجارية والأوراق الشخصية وأوراق الحالات المدنية، وغيرها.
كذلك لا يصحُّ الدخولُ بهذه الشهادات مُنْفَرِدةً على وجه المُضارَبة؛ لأنَّ مِنْ شرطها أَنْ يكون الرأسمال نقدًا ـ على الراجح مِنْ قولَيِ العلماء ـ وهو مذهبُ الجمهور، والشهاداتُ غيرُ معدودةٍ نقدًا في ذاتها ـ كما تَقدَّمَ ـ لكِنْ يَسَعُه أَنْ يدخل برأسِ مالٍ معلومٍ أو بعمله مشفوعًا بشهادته، مع الاتِّفاق على نسبةٍ معلومةٍ مِنَ الربح على مجهوده وعملِه.
والعلم عند الله تعالى، وآخِرُ دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: 5 مِنْ ذي القعدة 1426
الموافق 7 ديسمبر 2005
المصدر https://ferkous.com/home/?q=fatwa-315