•°• اللمسات البيانية لسور القرآن الكريم •°• - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة

قسم الكتاب و السنة تعرض فيه جميع ما يتعلق بعلوم الوحيين من أصول التفسير و مصطلح الحديث ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

•°• اللمسات البيانية لسور القرآن الكريم •°•

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2021-05-24, 05:22   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
BFATIHA
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية BFATIHA
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة •°• اللمسات البيانية لسور القرآن الكريم •°•

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين وإمام المتقين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته إخواني الكرام و أخواتي العزيزات

بإذن الله سوف أجمع هنا كل المواضيع المتعلقة بالسور التي شاركتها معكم في المنتدي

✍ لماذا سميت سورتي الفلق وَالنَّاسِ بالمعوذتين؟📔

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5) )

سبب نزول السورة الفلق و الناس
حادثة سحر الرسول الكريم روت السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- أنّ الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- قد تعرّض للسحر، وكان ذلك على يد يهوديّ يُقال له "لبيد بن الأعصم"، لكنّ السحر لم يكن يؤثر على كلامه وتعاليمه الدينية التي ينقلها للمسلمين، بل كان السحر بأنّ النبي الكريم يُخيّل إليه أنّه فعل الأمر وهو لم يفعله، أو أنّه ينسى أنّه قد فعله، وقد ورد ذكر هذه القصة في نصّ الحديث الشريف عن عائشة -رضي الله عنها- فقد قالت: "سُحِرَ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، حتَّى كانَ يُخَيَّلُ إلَيْهِ أنَّه يَفْعَلُ الشَّيْءَ وما يَفْعَلُهُ، حتَّى كانَ ذَاتَ يَومٍ دَعَا ودَعَا، ثُمَّ قالَ: أشَعَرْتِ أنَّ اللَّهَ أفْتَانِي فِيما فيه شِفَائِي، أتَانِي رَجُلَانِ: فَقَعَدَ أحَدُهُما عِنْدَ رَأْسِي والآخَرُ عِنْدَ رِجْلَيَّ، فَقالَ أحَدُهُما لِلْآخَرِ ما وجَعُ الرَّجُلِ؟ قالَ: مَطْبُوبٌ، قالَ: ومَن طَبَّهُ؟ قالَ لَبِيدُ بنُ الأعْصَمِ، قالَ: فِيما ذَا، قالَ: في مُشُطٍ ومُشَاقَةٍ وجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قالَ فأيْنَ هُوَ؟ قالَ: في بئْرِ ذَرْوَانَ فَخَرَجَ إلَيْهَا النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ثُمَّ رَجَعَ فَقالَ لِعَائِشَةَ حِينَ رَجَعَ: نَخْلُهَا كَأنَّهُ رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ فَقُلتُ اسْتَخْرَجْتَهُ؟ فَقالَ: لَا، أمَّا أنَا فقَدْ شَفَانِي اللَّهُ، وخَشِيتُ أنْ يُثِيرَ ذلكَ علَى النَّاسِ شَرًّا ثُمَّ دُفِنَتِ البِئْرُ"،وهو من الأحاديث الصحيحة.

سورة الفلق فيما يقع على الإنسان من المكاره وليس من عمل يده لأن كل ما ذكره ليس من عمل الإنسان ولا يحاسَب عليها وقد تدخل في صحيفة حسناته لأنها مما يقع عليه (مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)) لا يملك منها شيئاً.

أما في الناس فهي من عمل الإنسان ومحاسب عليها في الدنيا والآخرة فسورة الناس أخطر لأنه يستعيذ من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس من شر المعايب التي يفعلها الإنسان وما في سورة الناس يحاسب عليها في الدنيا والآخرة.

فالأولى في شر المصائب والثانية في شر المعايب، الأولى من شر ما يقع عليه من الآخرين والثانية من شر ما يفعله ويقع على الآخرين فإذن الثانية تحتاج إلى استعاذة كبيرة أكبر من الأولى.

نبدأ ب سورة الفلق

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ )

تبدأ الصورة بقول (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) وهو أمر للرسول بأن يعلن هذا الأمر فقال له (قُلْ) ولم يقل (أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ) الله سبحانه تعالى يريد من الإنسان أن يعلن صراحة عن ضعفه بلسانه وعن حاجته لربه أن يُعلِن ويقول ولا يكتفي بحاجته في قلبه. الخطاب موجه للرسول ثم إلى سائر البشر.

أعوذ بالله: لغة هي بمعنى ألتجأ وأعتصم بالله.

(بِرَبِّ الْفَلَقِ)

جاء في (تفسير الكشاف ) لزمخشري : استعاذ برب الفلق والفلق هو بداية الفجر، إنفلاق الضوء، من ماذا؟ من شر ما خلق بصورة عامة، من شر غاسق، من شر النفاثات في العقد، من شر حاسد إذا حسد، هذه الشرور جميعاً تمس الإنسان في ظاهره، في جسمه، ولا تمس إيمانه أو اعتقاده فكانت الإستعاذة بلفظ واحد من هذه الشرور المتعددة التي هي تتعلق بالشيء الظاهري، بظاهر الإنسان وليس بعقيدته أو بباطنه أو بإيمانه.

-أقسم تعالى بالفلق مقابل أربعة أشياء (من شر ما خلق، من شر غاسق إذا وقب، من شر النفاثات في العقد، من شر حاسد إذا حسد) ولكن رتبها ترتيباً وانتقل من العام إلى الخاص :

(مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ) هذا عام،

جاء في (روح المعاني ) لأبي الثناء الألوسي : كل ما خلق، يشمل جميع ما خلق الله، من إنس، وجن، وحيوانات، فيستعاذ بخالقها، من الشر الذي فيها،

(وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ) هذا أخص لأنه من جملة ما خلق،

جاء في (تفسير الكشاف ) لزمخشري : الغاسق هو الليل، ووقب يعني دخل أي إذا دخل الليل المظلم البهيم، وتنتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، والحيوانات المؤذية،

(وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ)

جاء في (روح المعاني ) لأبي الثناء الألوسي : ومن شر الجماعات أو النساء السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر، هذا أخص وأقل لأن كل يوم يدخل الليل لكن كم عدد النفاثات؟

(وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ) أخص وأقل، النفاثات جمع وحاسد مفرد

جاء في (تفسير الكشاف ) لزمخشري : والحاسد، هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها بما يقدر عليه من الأسباب، فاحتيج إلى الاستعاذة بالله من شره، وإبطال كيده،

وبهذا إنتقل من العام إلى الخاص ورتبها ترتيباً بيانياً وهذه قمة البلاغة وهي مقصودة أن ترتب ترتيباً بيانياً فنياً بدقة متناهية.

إذن في هذه السورة إستعاذة بالله من الشرور الواقعة على الإنسان من الخارج ولا يمكنه دفعها كشر المخلوقات، دخول الليل المبهم والحسد والسحر، وهي استعاذة من شرور المصائب.

ننتهي ب سورة الناس

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ(6)﴾.

هنا استعاذ بالربّ، المربي (رب الناس) إذا وقعت للإنسان مشكلة لا يعرف أن يحلها يستعين أولاً بأهل الخبرة وهم الرب والرب هو المرشد والموجّه والمعلم والمربي (رب)، فإذا لم تحل المشكلة يلجأ للسلطة والقضاء (ملك) فإذا لم تحل بالقضاء، تلجأ لله تعالى.
ولم يأت بالواو ما قال رب الناس وملك الناس وإله الناس حتى يدل على أنها ذات واحدة لا تحتمل ذوات متعددة، و عندما حذف الواو أفاد أنها لذاتٍ واحدة.

إذا استعذت بالرب فهو الله وإذا استعذت بالملك فهو الله وإذا استعذت بالإله فهو الله، ذات واحدة. لذا قال (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3)).

إذًا كلمة الناس المتكررة كل منها تدل على معنى مختلف لتتناسب مع كلمة رب وملك وإله. فالناس الأولى أقل من الناس التي بعدها والأخيرة فقد تدرج معنى كلمة الناس من القلة إلى الكثرة وأخيرًا
جاء في الآيات السابقة ذكر ثلاثة صفات لربنا تبارك وتعالى.

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ)

قل: أمر الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول (قل) والأمر بالقول له أهمية كبيرة هنا ولو حذف الفعل لاختل المعنى المقصود. (قل) للإفصاح عن ضعفه والتجائه إلى ربه، فكلمة (قل) هي من باب الإفصاح والإعلان عن حاجة الإنسان إلى ربه جلّ وعلا،وهو يفصح عن حاجته هذه بنفسه وينطقها بلسانه. ولا يكتفي الإنسان بالشعور بالحاجة إلى ربه لكن ينبغي أن يُعلن حاجته لربه سواء أكان الرسول صلى الله عليه وسلم أو غيره من الناس.

أعوذ بالله: لغة هي بمعنى ألتجأ وأعتصم بالله.

(مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ ) من شر أشد الأعداء ابليس وأعوانه من شياطين الإنس والجن.

جاء في (تفسير الكشاف ) لزمخشري : الوسواس كلمة وسواس على صيغة فعلال وهي صيغة تفيد التكرار لأنه لا ينفك عن الوسوسةويسمى في اللغة (تكرار المقطع لتكرار الحَدَث)* وفيها تكرار المقطع (وس) كما في كلمة كبكب (تكرار كب) وحصحص (تكرار حص) للدلالة على تكرار الحدث. وصيغة فعلال تفيد المبالغة أيضاً إذن كلمة وسواس تفيد المبالغة والتكرار.

(الْخَنَّاسِ)

جاء في (تفسير الكشاف ) لزمخشري : الخنّاس صفة من (الخنوس) وهو الاختفاء، وهي أيضا صيغة مبالغة، وقد أخبرنا الله تعالى عن عدونا أن قصارى ما يستطيع الإنسان فعله هو أن نخنس وسوسته لأن الشيطان باق إلى يوم الدين ولا يمكننا قتله أو فعل أي شيء آخر به وإنما نستعيذ بالله فيخنس الشيطان أو أن نغفل وننسى فنقع في الوسوسة كما جاء في الحديث: (الشيطان جاثم على قلب ابن آدم إن ذكر الله خنس، وإن نسي وسوس)

(الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ)

جاء في (تفسير الكشاف ) لزمخشري : ذُكر في الآية مكان الوسوسة وهو الصدور ولم ترد القلوب لأن الصدور أوسع ، وهي كالمداخل للقلب،فمنها تدخل الواردات إلى القلب، والشيطان يملأ الصدر بالوسوسة ومنه تدخل إلى القلب دون أن تترك خلفها ممرا نظيفا يمكن أن تدخله نفحات الإيمان، بل يملأ الساحة بالوساوس قدر استطاعته مغلقا الطريق إلى القلب.

(مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ)

الوسواس قسمان فقد يكون من الجِنّة وقد يكون من الناس والناس هم المعتدى عليهم ولذا جاء الآية رب الناس ولم يقل رب الجِنّة والناس لأن الناس لما وقع عليهم الأذى استعاذوا أو أمروا أن يستعيذوا بربهم ليخلّصهم من شر الوسواس والجِنّة هم الأصل في الوسوسة.وقدم الجنة على الناس لأنهم هم الأصل في الوسوسة، والناس تَبَع، وهم المعتدون على الناس، ووسوسة الإنسي قد تكون من وسوسة الجني. والجِنّة هم الأصل في الوسوسة، ولا تقع الوسوسة في صدورهم بل في صدور الإنس.

عندنا الجِنّ يقابله الإنس وهما الثقلان، الجانّ يقابله الإنسان، والجِنّة تقابلها الناس

الجِنّة : معناه المجموعة من الجِانّ ليس كل الجن وإنما أفراد من الجن.

الناس : هم أفراد من الإنس.

فالمستعاذ به مذكور بثلاثة أوصاف وهي الرب والملك والإله والمستعاذ منه آفة واحدة وهي الوسوسة

و الخاتمة في السورة المتقدمة (الفلق) هي سلامة البدن من الآفات المذكورة وفي هذه السورة (الناس) سلامة الدين من الوسوسة الشيطان.

و الله أعلى و أعلم

المصدر كتاب على طريق التفسير البياني
للمؤلف فاضل صالح السامرائي
سورة الفلق ص 25-43
سورة الناس ص 45-57









 


رد مع اقتباس
قديم 2021-05-24, 05:28   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
BFATIHA
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية BFATIHA
 

 

 
إحصائية العضو










Post

✍ لماذا سورة الاخلاص تعادل ثلث القران؟ 📔



(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4))

وسبب نزولها أن فريقاً من المشركين سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم أن يصف لهم ربه أمن ذهب هو أم من فضة أم من زبرجد أم من ياقوت؟ فنزلت الآية (قل هو الله أحد* الله الصمد* لم يلد ولم يولد* ولم يكن له كفواً أحد*)

وسِرُ سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن وذلك لأن علوم القرآن ثلاثة:قسم توحيد وقسم الأحكام وقسم الإخبار وقصص.
وقد اشتملت هذه السورة على قسم التوحيد فهي ثلث القرآن بهذا الاعتبار لأنها أساس وحدانية الله تعالى وإفراده بالعبادة دون شريك ولا ولد سبحانه عما يقولون ويفترون.

في حين قال بعض العلماء إنّ المقصودَ بذلك مساواتُها ثلثَ القرآن في الأجر والثواب.

تبدأ الصورة بقول (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) وهو أمر للرسول بأن يعلن هذا الأمر فقال له (قُلْ) ولم يقل (هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) علي طريق الإخبار المجرد. بل طلب منه إعلان هذه العقيدة و تبليغها و ذالك لأهمية هذا الأمر.

و جاء في كتاب (تفسير الكشاف 3/ 367) للزمخشري : (هُوَ) ضمير الشأن يؤتي به في مواطن التفخيم و التعظيم فدل ذلك علي جلالة ما بعده و فخامته.

ما الفرق بينها وبين الله أحد أو الله واحد؟

ربنا سبحانه وتعالى جمع لنفسه الأمرين مرة يقول أحد ومرة يقول واحد بحسب السياق. كما سمى نفسه مرة يقول عالم ومرة يقول عليم، مرة يقول غافر ومرة يقول غفور

أحياناً إذا اقتضى الرد على من يقول اثنين أو ثلاثة يقول واحد
(لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ (73) المائدة) لأن واحد لا تدل بالضرورة على العلم و الحياة.

وإذا أراد الثبوت ،قلت (هو أحد) لا تقال إلا لله، وإذا قالوا (وإن أحد) يعني أحد من الناس (وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ (6) التوبة) يعني إذا قلت فلان لا يقاومه واحد يحتمل أنه يقاومه اثنان. إذا قلت لا يقاومه أحد لا ينصرف الذهن إلى اثنين أبداً.

ما معنى صمد في اللغة؟

الصمد هو الذي يكفي، المصمود إليه الخلق يعني الخلق يحتاجون إليه ويكفيهم. المصمود إليه يعني المطلوب الذي تصمد إليه الخلائق والذي يكفي من يقصده.

و جاء في كتاب (تفسير الكشاف 3/ 367) للزمخشري : الصمد هو السيد المصمود إله في الحوائج أي المقصود.

لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3)

هذا رد على ما قاله أهل الكتاب وغيرهم أن لله ولداً (وَلَدَ اللَّهُ (152) الصافات) (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ (30) التوبة) فهو رد على ما قالوا لم يقولوا ربنا سيلد وإنما قالوا له ولد (وَلَدَ اللَّهُ) و أن الملائكة بناته سبحانه قال تعالى (وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ، وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ (57)سورة النحل)

و يعني أنه (لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) أي ليس له نظير بخلاف العباد. و لأنه ليس له نظير أو مكافئ لم تكن له صاحبة لأنها لو كانت صاحبة لكانت مكافئة له.

و قوله (لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) معناه (هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)، وأنه الصمد فليس له نظير أو مكافئ لم تكن له صاحبة لأنها لو كانت له صاحبة لكانت مكافئة لأنه هو المقصود و كل الخلق محتاجون إليه.

ومعناه أنه( لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ) وهذا معني نفي النظير.

لما قال (لَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) معناها نفى المستقبل. إذا كان في الماضي ليس له كفو فمن أين سيأتي الكفؤ؟ ثم إذا لم يكن له صاحبة كيف سيأتي؟ (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ (101) الأنعام) لما لم يكن له كفواً أحد يعني ليس له صاحبة فكيف سيلد في المستقبل؟

وفي الخاتمة إن السورة الإخلاص فيها إثبات صفات الكمال و نفي صفات النقص.

فصفات الكمال هي الوحدانية وأنه القائم بحاجات خلقه فهو إلههم وربهم.

ونفي صفات النقص من كونه والدا أو مولود نفي أن له نظيرا.

و الله أعلى و أعلم

المصدر كتاب على طريق التفسير البياني ص 59-74
للمؤلف فاضل صالح السامرائي
وكذالك كتاب تفسير الكشاف للزمخشري









رد مع اقتباس
قديم 2021-05-24, 10:55   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
BFATIHA
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية BFATIHA
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

âœچ سورة العصر كما لو أنك تقرأها لأول مرة ��



(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3))

هذه السورة وقعت بين خُسرين
الخُسر الأول رؤية الجحيم (لترون الجحيم) في سورة التكاثر
والخُسر الآخر النبذ في الحطمة (كلا لينبذن في الحطمة) في سورة الهمزة

إذن هذه وقعت بين خسرين أقسم على أن الإنسان في خسر إلا من استثناهم ربنا.

ثم هذا هو الترتيب الطبيعي بحسب السياق يعني رؤية الجحيم قبل الدخول، يراها ثم يدخل فذكر رؤية الجحيم في سورة التكاثر ثم ذكر نبذه في الحطمة في سورة الهمزة، إذن أول مرة رأى ثم نُبذ وهذا ترتيب طبيعي

ما دلالة القسم بالعصر تحديداً في هذه السورة؟

من معاني العصر الدهر (العصور) هذا لغة، وربنا أقسم بالدهر لأنه الشاهد على ما أقسم عليه (إن الإنسان لفي خسر) والدهر هو أكبر شاهد، العصر هو أكبر شاهد على ما أقسم عليه وهو أن الإنسان لفي خسر إلا هؤلاء منهم من هلك ومنهم من قُتِل ومنهم من عُذّب والذي أحيا حياً من الناس ولم يؤمن كان خاسراً في عموم الحياة إلا هؤلاء. فإن شئتم أن تعلموا ذلك فاسألوا الدهر لأنه خير شاهد على ما أقسمت عليه. العصر هو الشاهد على أن الإنسان في خسر إلا هؤلاء الأصناف فلا شك أن الدهر والزمن والتاريخ هو شاهد دقيق على ما أصاب الإنسان غير المؤمن.
يمكن أن يقال لماذا لم يقسم بوقت آخر كالفجر أو الضحى في هذه السورة مع أنه أقسم بها في مواطن أخرى؟ لأنه لو أقسم بها لم تكن مرحلة للإستشهاد. الفجر ليس هنالك مرحلة للإستشهاد فالناس ما زالوا في أول الزمن ليس هنالك شاهد أما العصر يعني مرّ فترة طويلة وقيل أنها وقت صلاة العصر وهذا من معانيها. من معانيها الدهر ومن معانيها وقت صلاة العصر والمعنيين مرادان في السورة، صلاة العصر بحد ذاتها أي إنسان الآن من الصباح إلى المساء هناك وقت كافي لتعرف حقيقته الناس من أول الدهر إلى زمن العصر والرسول صلى الله عليه وسلم كما في الحديث بُعث من العصر إلى المغرب فإذن هذه مدة كافية للإستشهاد فيها ووقع فيها من أحداث أي هي مدة كافية للاستشهاد أما الفجر والناس لم يستيقظوا فكيف يكون استشهاد وكيف يكون دليلاً على الاستشهاد بأنهم في خسر ليست هنالك مدة كافية تدل على الاستشهاد ولو قال الضحى أيضاً نفس الشيء لم تكن هنالك مدة كافية للاستشهاد، الفجر أول النهار والضحى بدايته، كذلك المغرب، المغرب غروب الشمس إذن غروب الحياة وزوال الدنيا فما الفائدة من الاستشهاد؟ لقد غربت الدنيا وذهبت والناس ذهبوا إلى الحساب فما الفائدة من الاستشهاد؟ لذلك أنسب وقت للقسم والاستدلال هو العصر مدة كافية من أول النهار إلى ما قبل الغروب مدة كافية للاستشهاد والدلالة على ما يفعله الإنسان في هذا العمر الطويل والملاحظ أنه إذا ذكر الأقوام بعد القسم بالأوقات يناسب بين القوم وما يُقسم به. مثلاً قال (والفجر) لما ذكر الفجر قال (ألم تر كيف فعل ربك بعاد) وعاد من أوائل الدنيا بعد نوح. لما أقسم بالضحى (والشمس وضحاها) قال (كذبت ثمود بطغواها) لأن ثمود بعد عاد والضحى بعد الفجر. هنالك مناسبة بين القسم بالوقت وبين الأقوام فإذا ذكر الأقوام فهي مناسبة للوقت الذي يقسم به كمحطة في تاريخ البشرية كلها. فإذن العصر بمعنى الدهر وبمعنى وقت صلاة العصر وكلاهما مراد لأن العصر هو أحسن شاهد على الإنسان وما أحدث فيه من خسران.

قال تعالى (إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2)) مرة يستخدم خُسر ومرة خسران ومرة خسار فما دلالة خسر هنا؟
أولاً لم يقل إن الإنسان خاسر قال إن الإنسان لفي خسر يعني ساقط في الخسر إلا من استثناهم ربنا. لفي خسر أي ساقط في الخُسر إلا من استثناهم ربنا. إذن هو في حياته ساقط في الخُسر لم يخسر في مسألة تجارة وإنما هو في حياته كلها ساقط في الخُسر إلا من استثناهم ربنا. الخُسر يستعمل لعموم الخسارة أو مطلق الخسارة فكل إنسان هو في خُسر قليل أو كثير إلا من اتصف بأربع صفات: من نقص من ذلك أصابه من الخُسر بمقدار ما نقص يعني من نقص من عمل صالح يصيبه من الخُسر بمقدار ما نقص لذلك يوم القيامة كل إنسان يلوم نفسه كان يمكن أن يستزيد من شيء ولم يفعل، كل مؤمن يرى أنه خسر شيئاً كان يمكن أن يستزيد منه ولم يستزيد. هذا الخُسر، أما الخسار فلم يستعمله القرآن إلا للزيادة في الخسارة، إذا كان واحد خاسر وزاد في الخسارة يسمى خسار لذلك لم يستعمل القرآن هذه الزيادة يسميها خسار يعني ما زاد من الخسر فوق الخسارة هذه الزيادة يسميها خسار (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا (82) الإسراء) الظالمين خسارة فيزيدهم القرآن خساراً، الظالم خاسر ويزيده خساراً. (وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (39) فاطر) يزيد، هذه زيادة إذن يستعملها في الزيادة فقط (وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) نوح) يستعمل الخسار في الزيادة في الخسارة. أما الخرسان فهو أكبر الخسارة وأعظمها (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (11) الحج) لم يخسر شيئاً بسيطاً أو زيادة إنما خسر الدنيا والآخرة (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) الزمر) إذن الخسر مطلق الخسارة والخسار هو الزيادة في الخسارة والخسران أعظم الخسارة. الخسار زيادة الألف على الخُسر لما زاد في الخسار زاد الألف ولما زاد الخسران زاد الألف والنون. إذن الخسر هو البداية والخسار فوقها والخسران أعظم الخسارة، يزيد في المصدر للزيادة في الخسارة. هذا استعمال قرآني ولهذا تحداهم به.

لماذا استثنى الله تعالى (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) ؟

ذكر نوعين: تكميل النفس وهو (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) وتكميل الغير وهو (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) إذن نوعين من الأعمال الصالحة تكميل النفس بالإيمان والعمل الصالح وتكميل الغير بالتواصي بالحق والتواصي بالصبر. الإنسان ليس فقط يكون صابراً وإنما يتواصى لبناء المجتمع، يوصي بعضهم بعضاً ليس فقط أن يكون على الحق وإنما أن يكون على الحق ويوصي به وأن يكون صابراً ويوصي به وتواصوا بالصبر بعد التواصي بالحق لأن التواصي بالحق أحياناً يولد مشاكل لأن الحق مر فقد يغضب من توصيه بالحق فيحتاج إلى صبر، ينبغي أن يصبر الموصي يصبر على أذى الآخرين، الصبر على الحق والصبر عن الشهوات والصبر على الطاعات والصبر على أذى الآخرين والصبر على الابتلاء وهو أطلق الصبر في الآية لم يقل الصبر على كذا. وتواصوا بالصبر عموماً لكن مجيئه بعد التواصي بالحق لأن التواصي بالحق قد يؤدي إلى الأذى وقد يؤدي الهلكة إذا وصيت ظالماً قد يؤذيك وقد يقتلك فهذا يحتاج إلى صبر. إذن التواصي بالحق يحتاج إلى تواصي بالصبر والتواصي بالصبر مطلق تواصي بالصبر على الحق، على الطاعات، على الإيمان، على العمل الصالح، عن الشهوات والمعاصي، على المصائب والبلايا التي تقع عليه من موت ومرض هذا كله يحتاج إلى صبر. ثم التواصي فيها معنى المشاركة التواصي أي يوصي بعضهم بعضاًً وهذه فيها مشاركة لبناء المجتمع، كل يوصي بما يعلم لا بما يجهل على بصير يوصي بذلك وكلٌ يوصي بما يعلم بالحق والصبر.
ثم هنالك أمر (إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)) كان يمكن أن يقال وتواصوا بالحق والصبر أو تواصوا بالحق وبالصبر لكنه قال وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر بتكرار الفعل وحرف الجر لأهمية كا واحد منهما وهذه أعلى الاهتمامات. هذه آكد من تواصوا بالحق والصبر وآكد من تواصوا بالحق وبالصبر (ذكر الباء ولم يذكر الفعل) فهذه المرحلة آكد (وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر) هذه آكد حالة. هذا ليس مجرد تكرار في القرآن وإنما يحمل دلالة مؤكدة.

و الله أعلى و أعلم

المصدر كتاب تفسير الكشاف للمؤلف أبو القاسم محمود بن عمرو الزمخشري ص 1219-1220

برنامج لمسات بيانية على قناة الشارقة للدكتور فاضل بن صالح السامرائي والمقدم محمد خالد









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2021-05-27 في 13:51.
رد مع اقتباس
قديم 2021-05-24, 11:39   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
BFATIHA
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية BFATIHA
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

âœچ سورة القدر كما أنك لم تقرأها من قبل ��



(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4) سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5))

ما هو موقع سورة القدر بين السور السابقة واللاحقة لها في القرآن الكريم؟

سورة القدر سُبقت بسورة العلق وبعدها سورة البينة. آخر سورة العلق قوله تعالى (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (19)) وتأتي بعدها (إنا أنزلناه في ليلة القدر) وهذه الليلة هي ليلة السجود والاقتراب. إذن هي مناسبة واضحة ظاهرة مع آخر آية من السورة التي قبلها كما أن سورة العلق تبدأ بقوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وهو يقرأ ما أُنزل في لية القدر فكأنه إقرأ ما أنزلناه في ليلة القدر فهي مناسبة ظاهرة مع ما قبلها في بديتها وفي نهايتها.

مناسبتها لما بعدها في سورة البينة، نلاحظ في هذه السورة قال (إنا أنزلناه) ذكر ضمير المنزِل (إنا) و(أنزلنا) وضمير المنزَل (الهاء في أنزلناه) الذي هو القرآن لم يصرح لا بالمزِل ولا بالمنزَل (إنا أنزلناه) وفي آية البينة بيّن هذا الضمير ضمير المنزِل ووضح المنزَل عليه قال (رَسُولٌ مِّنَ اللَّهِ يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3)) رسول من الله هو المنزَل عليه والله المنزِل إذن بين ضمير المنزِل بـ (الله) والهاء في أنزلناه في (يَتْلُو صُحُفًا مُّطَهَّرَةً (2) فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3))، الصحف المطهرة هي القرآن. رسول يتلو الصحف المطهرة الذي هو القرآن الكريم الذي أنزلناه. وضح المنزَل عليه (رسول من الله) وذكر المنزِل وبيّنه بعد أن كان ضميراً (من الله) والصحف المطهرة أي القرآن (الهاء في أنزلناه).

فإذن سورة البينة بيّنت الضمائر التي في سورة القدر قبلها وهو تناسب جميل حتى في الإسم البينة بيّنت هذه الضمائر. فإذن مناسبتها لما بعدها وما قبلها ظاهرة.

نرى أن كل كلمة متعلقة بما قبلها وما بعدها ومترابطة. القدامى لاحظوا هذا الارتباط العجيب فقالوا القرآن كالآية الواحدة وكالكلمة الواحدة. القرآن يفسر بعضه بعضاً.

سورة القدر 5 آيات بعدد الليالي التي تُرجى فيها ليلة القدر، الرسول قال نطلبها في الوتر من العشر الأواخر وهي خمس ليالي 29,27,25,23,21 وهي خمس آيات، إذن ليلة القدر هي خمس آيات بعدد الليالي التي تُرجى أو تلتمس فيها ليلة القدر.

وقالوا في القديم (ليلة القدر) تسعة أحرف تكررت ثلاث مرات في هذه السورة المجموع 27 حرفاً قالوا لعلّها أرجى ليلة هي ليلة الـ 27 هكذا ذكروا في القديم.
وقالوا أيضاً كلمة (سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ (5))، قالوا كلمة (هي) هي الكلمة الـ 27 من الثلاثين كلمة عدد كلمات السورة بعدد أيام الشهر فقالوا أيضاً لعلها إشارة إلى أنها تُرجى في هذه الليلة الليلة السابعة والعشرين. لا يثبت في هذا حكم وإنما هي من باب إيجاد مناسبات وتناسب، هذه آراء لا يعتد بها حكم وإنما ملاحظات.

ما المقصود بالقدر؟ ليلة القدر؟

القدر قد يكون من أشهر معانيها الشرف والمكانة، كبير القدر والمكانة والمنزلة لم يقل هو شديد القدر وإنما قال ليلة القدر كلها ليلة الشرف، فرق أن تكون هي شريفة أو هي ذات مكان أو ذات قدر أو أن تقول هي القدر نفسه، هي الشرف نفسه، إذن هي ليلة القدر. والليلة تبدأ من المغرب حتى طلوع الفجر. الأمر الآخر القدر هنالك له دلالة أخرى، كلمة القدر لها دلالتان ليلة القدر هي ليلة الشرف والمكانة وهي تقديرات الأمور. التقديرات التي يقدّرها ربنا في العام كله، قدْر أي التقديرات التي يقدِّرها ربنا في هذه الليلة كما قال تعالى (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ (4) الدخان) كلها وهذه تقدر فيها كل التقديرات للسنة في هذه الليلة، ربنا يقدر فيها كل التقديرات للعام.
إذن هي ليلة الشرف والمكانة وليلة تقديرات ما يحصل في العام كله إذن هي ليلة عظيمة (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) إذن هي ليلة الشرف والمكانة وهي ليلة التقديرات التي يقدر فيها ربنا كل شيء في الدنيا. القدر مصدر (وما قدروا الله حق قدره) أي مكانته.
إذن لو قالت ليلة الشرف والمكان سيكون لها معنى واحد.
ليلة القدر تجمع الأمرين لما قال هي خير من ألف شهر معناها هي ليلة الشرف والمكانة والمنزلة فهذا يدل على عظمة المنزلة ولما قال (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) إذن فيها تقديرات إذن جاء بكلمة تدل على المعنيان وهما مرادان هي ليلة الشرف ومن شرفها وعظمتها وجليل قدرها أنها يفرق فيها كل أمر حكيم. لو قال ليلة الشرف أو المكانة أو المنزلة لما دلت على هذين المعنيين وإنما قال ليلة القدر ليجمع هذين المعنيين الشريفين العظيمين.

(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (2)

ما معنى ما أدراك؟

ما أدراك يعني ما أعلمك وتقال في الأمور العظيمة في الأمر الذي يراد به التفخيم والتعظيم تحديداً يقال ما أدراك وليس على أمر سهل هين، يعني لم تبلغ دراية علمك بهذا الأمر لم تعلم علو قدرها ولم تعلم علو مكانتها، العلم بها خارج عن علوم الناس وعن دائرة معارف الناس (وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ). إذن كل ما أدراك تريد أن تفخم أي أمر وتعظمه سواء في العذاب أو العقاب يوم القيامة (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ) (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10)) تفخيم وتعظيم بمعنى ما أعلمك على سبيل الاستفهام أنه من باب التعظيم.

القرآن يستخدم المضارع (وما يدريك)؟

كل (ما أدراك) يجيب عنه وكل (ما يدريك) لا يجيب عنه وهذه قاعدة في القرآن كله ذكرها القدامى. (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)) (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)) أما (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (3) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (4)) لم يجب كل ما يدريك لم يجب وكل ما أدراك أجاب، دلالة على أنه تعبير مقصود وقوانين موضوعة في القرآن الكريم في التعبير.
أدراك فعل ماضي ويدريك فعل مضارع أدراك، أجاب عن الماضي ولم يجب عن المضارع الذي يكون للإستقبال أو الامتداد.

(وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ) لم كرر ليلة القدر؟

عندنا قاعدة الإسم الظاهر أقوى وآكد من الضمير. فنلاحظ أن تكرارها يفيد توكيدها وتعظيمها. مثال: (فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9) وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ (10)) ما قال ما أدراك ما الهاوية ذكر الضمير وأجاب (نَارٌ حَامِيَةٌ (11))، في سورة الهمزة لما ذكر الحطمة (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5)) أضاف إليه (نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7)) أي الأعظم والأفخم نار حامية أو نار الله الموقدة؟ نار الله الموقدة التي تطلع على الأفئدة. وقال وما أدراك ما الحطمة لم يقل وما أدراك ما هي، فلما جاء بالضمير اختزل في الكلام ولما ذكر الإسم الظاهر فخم وعظم وجاء بما هو أبلغ. وبعد ذلك قال (ليلة القدر خير من ألف شهر) كرر مرة أخرى وذكر فضلها وهذا تكرير آخر. هذا التعبير لم يرد في القرآن نظيره مطلقاً، يكرر مرتين لكن لا يكرر ثلاث مرات مثال (وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (2) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (3)) ما قال الطارق النجم الثاقب، (وما أدراك ما الحطمة) لم يقل الحطمة نار الله الموقدة، لم يقل في جميع القرآن إلا في هذه الليلة العظيمة هنا قال (ليلة القدر خير من ألف شهر) كان يمكن أن يقول خير من ألف شهر. التكرار للزيادة في تفخيمها وتعظيمها لأن الذي أُنزل فيها كلامه وأعلى من كل شيء وهو كلامه سبحانه وتعالى أعلى من الطارق فلا يقاس بهذه الليلة التي أُنزل فيها سبحانه ومن هذا نستشف عظمة هذا القرآن الكريم ولم يرد في القرآن غير هذا التعبير. (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)) هي أعلى عند الله تعالى. قال (وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19) الانفطار) كرر مرتين فقط . هذة إشارة إلى عظمها وعلو مكانتها عند الله سبحانه وتعالى.
(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ(3)تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ (4)
ألف مراد على الحقيقة أي أكثر من 83 عاماً ليلة واحدة الطاعة فيها خير من 83 عاماً ليس فيها ليلة قدر وهذا يدل على تعظيمها، والمقصود ألف شهر من الدنيا، ليلة واحدة الطاعة فيها خير من ألف شهر، خير من أكثر من 83 عاماً. وقسم يقولون أنها للتكثير.

قال تعالى (تنزل الملائكة) وليس تتنزل؟

جاءت في آية أخرى (تتنزل) (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي الى كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) فصلت) هذا وفق قانون تعبيري في القرآن الكريم وهو أنه يقتطع من الفعل إذا كان الحدث أقل وإذا كان الحدث أطول يعطي الفعل درجته كاملة. هنا الملائكة تتنزل ليلة واحدة بينما (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ) الملائكة تتنزل كل لحظة عند الموت، عند الاحتضار كل لحظة على مدار السنة أما في ليلة القدر فهي ليلة واحدة. إذن تتنزل أكثر من تنزل. في لية القدر نفهم تنزل الملائكة ليلة واحدة (تنزل) ومن بركتها أنها تتنزل الملائكة والروح فيها تنزلاً لكن في هذه الليلة وليس في الليالي الأخرى. اللغة العربية تجيز الحذف للتخفيف لكن وضعها هذا الموضع البلاغي طبعاً لا، لكن من حيث اللغة له أن يقولها متى يشاء ، الفعل المضارع الذي يبدأ بتاءين لك أن تحذف إحداهما. الدلالة واحدة وما يزاد قيمة بلاغية مضافة للآية القرآنية حتى نفهم شيئاً معيناً تقوله الآية.
(تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ) الروح قالوا على الأرجح جبريل. (فيها) أي في ليلة القدر.

ما معنى (بإذن ربهم)؟

قيل الملائكة يشتاقون لرؤية المؤمنين في الأرض فيستأذنون ربهم في هذه الليلة ليسلموا على المؤمنين، يستأذنونه فيأذن لهم. ما عظمة هذه الليلة؟ يستأذنون ربهم لزيارة أهل الأرض والسلام على المؤمنين فيأذن لهم فيتنزّلون (بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ). ما المقصود بالسلام هنا؟ هل هي سلام من كل أمر أو من كل أمر سلام؟ السلام فيها رأيين الأول التحية (السلام عليكم) والثاني الأمان والسلامة. هل سلام تتعلق بالأمر أو تتعلق بالليلة؟ هي تحتمل ولذلك وضعت هنا قدّم السلام لو قال هي سلام سيكون أمر واحد. هل هي سلام من كل أمر؟ (من كل أمر (4) سلام (5)). المعنيان مرادان هل هي سلام من كل أمر؟ قالوا نعم لأن الله تعالى لا يقدر في هذه الليلة إلا الخير، في الليالي الأخرى يقدر الشر وما إلى ذلك ما يصيب الإنسان، لا يقدر في هذه الليلة إلا الخير فإذن لا يقدر إلا ما فيها السلامة وفي غيرها يقدر ما شاء إذا أصبحت سلام من كل أمر..

(سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) (5)
سلام هي حتى مطلع الفجر؟ أم هي حتى مطلع الفجر؟

(من كل أمر) قالوا معناها من أجل كل أمر لأن (من) تفيد التعليل أحياناً كما في قوله (مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا (25) نوح) (من) فيها تعليل لا تقتصر على كونها حرف جر وإنما لها معاني دلالية أخرى، إذن هي هنا تعليلية أي من أجل كل أمر. سلام من كل أمر أو من أجل كل أمر؟ سلام من كل أمر أو هي سلام؟ هل هي حتى مطلع الفجر أو سلام هي حتى مطلع الفجر؟ تحتملها كلها. سلام من كل أمر أو من كل أمر سلام، وسلام هي حتى مطلع الفجر وهي حتى مطلع الفجر، الآيات تحتمل كل هذه المعاني. (سلام هي) تحتمل أن تكون سلام خبر مقدم وهي مبتدأ مؤخر (هي سلام) لو قال هي سلام سيكون معنى واحداً. (سلام هي) هذا التقديم جمع المعاني كلها عندما قدم كلمة سلام على (هي) لجمع المعاني كلها ولو قال هي سلام لم تجمع هذه المعاني. سلام من كل أمر ليست مثل سلام هي من كل أمر يصير الفاصل بين العامل والمعمول بالأجنبي بالمبتدأ وهذا لا يصح وهو ضعيف. (سلام من كل أمر) الجار والمجرور (من كل أمر) هذا متعلق بسلام وعامل فيه، لما تقول (سلام هي) (هي) مبتدأ و (سلام) خبر متقدم و (من كل أمر) معمول المتقدم فاصل بينهما بأجنبي وهذا تعبير ضعيف في اللغة وقسم لا يجيزه أصلاً فلما قدّم فلما قدّم انتفى وكل المعاني مطلوبة وكلها مرادة وكلها صحيحة. هي سلام من كل أمر وسلام هي حتى مطلع الفجر وهي حتى مطلع الفجر. في جملة واحدة أشياء عديدة كلها صحيحة مطلوبة ولو قدّم أو أخّر تنتفي ويصير معنى واحد لو قال هي سلام. إضافة إلى ما فيها من القصر والاهتمام لما قدّم السلام وأهمية السلام وهذا يتسق مع المقصد العام للسورة وشأن السورة وقدرها عند الله تعالى. ثم ما قال حتى آخرها وإنما قال (حتى مطلع الفجر) والفجر ليس من الليل الفجر بداية الصبح. حتى بمعنى الغاية هنا أي لغاية مطلع الفجر، إذن لم يبق شيء من الليل، مطلع الليل ليس من الليل وإنما هو متصل به وهو من الصبح فقال (حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ) يعني استغرق الليل كله لم يبق فيه لحظة واحدة. ثم نلاحظ قوله (سلام هي حتى مطلع الفجر) (سلام هي) تعبير مجازي أصلاً (هي) للزمن الليلة وسلام حدث المبتدأ والخبر يجب أن يكونا من جنس واحد، هذه مبالغة يعني هذه* الليلة كلها تحولت إلى سلام، ليس فيها سلام ولا سلام فيها وإنما سلام هي ، هذا إخبار بالحدث (سلام) عن الزمن (الذي هو الليلة).
نلاحظ في هذه السورة على قصرها جمع تعظيمات أكثر من 12 - 14 تعظيماً أولاً العظمة في (إنّا) وأكّد فيها و(أنزلنا)، ذكر الضمير في أنزلناه لم يذكر الظاهر لنباهته ثم تعظيم الليلة التي أنزل فيها (خير من ألف شهر) وسماها ليلة القدر ما قال ليلة شريفة فجمع فيها ليلة الشرف وما يقدر فيها من الأمور، قال ما أدراك، ما قال ما هي وإنما قال وما أدراك ما ليلة القدر، ثم كرر ليلة القدر ما قال هي خير من ألف شهر، ثم قال (خير من ألف شهر) وذكر تنزل الملائكة وليس الملائكة فقط وإنما الملائكة والروح وذلك أيضاً بإذن الله أي استأذنوا ربهم، ومن كل أمر وليس من أمر واحد عموم الأمور، وسلام، وسلام هي فجعلها كلها سلام، وتقديم سلام وحتى مطلع الفجر، كلها تعظيمات وهي تستحق.

و الله أعلى و أعلم

المصدر كتاب تفسير الكشاف للمؤلف أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري ص 1214

برنامج لمسات بيانية على قناة الشارقة للدكتور فاضل بن صالح السامرائي والمقدم محمد خالد









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2021-05-27 في 13:52.
رد مع اقتباس
قديم 2021-05-24, 19:15   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
BFATIHA
عضو مشارك
 
الصورة الرمزية BFATIHA
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

âœچ لماذا سورة الكافرون تعادل ربع القرآن ؟ ��



(وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3))

هدف السورة الكافرون هي سورة التوحيد والبراءة من الشرك والضلال وقد نزلت بعد أن طلب كفار قريش من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعبد آلهتهم سنة ويعبدون إلهه سنة وفيها قطع لأطماع الكافرين وفصل النزاع وأن هذا الدين دين الحق وليس فيه مهادنة (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5)) إما أن يتبعوه فينجوا وإما يعرضوا عنه فيلقوا العذاب الأليم في الآخرة (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6)).

وسِرُ سورة الكافرون تعادل ربع القرآن لأن القرآن يشتمل على أحكام الشهادتين وأحوال النشأتين فهي تعدل ربع القرآن ، لتضمنها البراءة من الشرك .

النفي في حقّ الرسول عليه الصلاة والسلام ورد مرتين ونُفي في حالتين: الأولى نفى عن نفسه عبادة ما يعبد الكافرون بالجملة الإسمية والفعلية والفعل جاء بصيغة الماضي (ولا أنا عابد ما عبدتم) مرة والمضارع مرة أخرى(لا أعبد ما تعبدون) ) أما في حقّ الكافرين فجاء النفي في الجملة الإسمية فقط في قوله (ولا أنتم عابدون ما أعبد) وهذا يدل على إصرار الرسول عليه الصلاة والسلام وإيمانه بعقيدته أكبر وأثبت من إصرار الكافرون. وقد نفى الله تعالى عن الكافرين العبادة بالجملة الإسمية للدلالة على الثبوت ونفاها عن الرسول بالجملة الفعلية والإسمية دليل على إصراره على عبادة ربه على وجه الدوام وبالحدوث والثبوت وفي الحال والماضي. يدخل ضمن القاعدة اللغوية (لا أعبد ما تعبدون) نفى عنه عبادة ما يعبدون بالصيغتين الاسمية والفعلية بالحالة المتجردة (لا أعبد) والثابتة (عابد) لأنه أحياناً الانسان قد يكون على حالة ثابتة لكن قد يخرج عنها أحياناً لكن تكون الصفة الغالبة عليه. إذا قلنا كريم لا يعني أنه كريم طيلة أربع وعشرين ساعة. بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الحالة الثابتة يكون في الحالة المتجددة التي نفى تعالى عنه العبادة للأوثان فيها، لكن بالنسبة للكافرين نفى عنهم حالة الثبات واو لاحظنا الفعل (تعبدون) في الحال والمستقبل و(عبدتم) في الماضي استوفى كل الأزمنة الماضي والحال والاستقبال .
بالنسبة للرسول صلى الله عليه وسلم نفى عنه عبادة ما يعبدون في الماضي والحال والاستقبال الثابتة والمتجددة بينما هم نفى عنهم (ولا أنتم عابدون ما أعبد) في الحالة الاسمية فبقاؤه صلى الله عليه وسلم على عقيدته أقوى وأثبت وأدوم من بقائهم على عقيدتهم.
وجاءت الجملة الإسمية لأنه جاء إسمهم (قل يا أيها الكافرون) فجاء النفي بالجملة الإسمية لأنه جاء تعريفهم بالإسم (الكافرون).

ما دلالة التكرار في سورة الكافرون؟

نلاحظ أمرين بالنسبة للنفي عن عبادة ما يعبدون ونفيهم هم عن العبادة. (ولا أنتم عابدون) نفي عنهم. هو صلى الله عليه وسلم نفى عن نفسه حالتين: الإسمية والفعلية، الفعلية (لا أعبد ما تعبدون) ثم نفى بالإسمية (ولا أنا عابد ما عبدتم) عابد إسم فاعل. إذن نفى عنه عبادتهم بالإسمية والفعلية وبالماضي (ما عبدتم) والمضارع (ما تعبدون). إذن نفى عنه العبادة بالاسمية والفعلية الثابتة والمتجددة الماضية والمستقبلية لأن الإسم يدل على الثبوت والفعل يدل على الحدوث، إذن هو نفى العبادة عن نفسه في الحالة الثابتة والمتجددة الماضية والمستقبلية أما هم فنفي العبادة عنهم حالة واحدة (ولا أنتم عابدون ما أعبد) إذن هو أقوى في النفي لأنه نفى كل الحالات الثابتة والمتجددة والماضية والمسقبلية وهو أدلّ. هم قالوا (عابد) إسمية ولما وصفهم وصفهم بالإسمية (يا أيها الكافرون) نفى عنهم العبادة بالإسمية ولما وصفهم بالإسمية قال (يا أيها الكافرون) فناسب بين الوصف والنفي. لما قال (الكافرون) هذا إسم ولما نفى العبادة قال (ولا أنتم عابدون ما أعبد) هذه صفتهم هم. هو ذكر الحالة الثابتة والمتغيرة ولا تكفي فقط نفي الحالة المتغيرة لا أعبد ما تعبدون، إذن هذا ليس تكراراً. مفهوم التكرار هو إعادة نفس الكلمة والتكرار قد يكون للتوكيد والتكرار ليس دائماً سيئاً إلا إذا كان من لغو الكلام الذي لا يعد بليغاً.

و الله أعلى و أعلم

المصدر كتاب تفسير الكشاف للمؤلف أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري ص 1225

برنامج لمسات بيانية على قناة الشارقة للدكتور فاضل بن صالح السامرائي والمقدم محمد خالد









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2021-05-27 في 13:52.
رد مع اقتباس
قديم 2022-02-05, 17:29   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
مـراس السلام
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك وفي ما نقلت أختي الطيبة فعلا لمسات بيانية
مبينة في قصار السور لقد انتفعت بها، جميل أن نردد القرآن بقلوبنا نفهمه ونعمل به
ولا نقتصر على ترديده باللسان ابتغاء الثواب في حروفه أو العلاج أو التحصين
شكرا على التذكير










رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 15:02

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc