سمع رجل بخيل الإمام الحسن البصري - فقيه البصرة وعالمها الفذ الشهير - وهو يتحدث عن أعمال الخير والبر، ويحث الناس على المعروف ، ويأمرهم بالصدقة ، ويقول : " ما نقص مال من صدقة " ، وأن الله يرد للمتصدق المخلص الأمين ، ويضاعف له أضعافا كثيرة .
فتأثر رجل كان بالمسجد وأعجبه كلام الشيخ ، وقال في نفسه : إذا كان الأمــــــــــــــر كذلك ، وتتضاعف الأموال بالصدقات فوالله لأتصدقن بكل ما معي ، وأضاعف مالي بأيسر طريقة ! وتصدق بماله كله . فافتقر . وانتظر سنة ، وأخرى ولم يأته شيء . فتوجه إلى الإمام الحسن البصري في المسجد وقال له :
- ما هذا الذي صنعت بي ؟ سمعتك تتكلم عن الصدقة وتعد الناس بأن ما ينفق يرد مضاعفا ، وضمنت لنا الخلف . فأنفقت وتصدقت بكل ما معي ، وانتظرت ما وعدت ، ومضى عام وعام ، ولا أرى قليلا يأتيني ولا كثيرا . إن اللص كان يصنع أفضل مما صنعت بي ؟!
فأفهمه الحسن أن الله يعطي من يشاء ، ما يشاء ، في الوقت الذي يشاء هو سبحانه . وأن قبول العمل عند الله بصدق النية والإخلاص له . فما كان لله ، تقبله الله ، وأكرم وأفاض ، قال تعالى : " ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا " . أما الذي يتصدق ويشترط الشــــــــــــروط ، ويعطي ليأخذ الأكثر ، فهو لا يستحــــــــــــق إلا الحرمان ، ولا ينجو من وساوس الشيطــــان !