حقيقة التوحيد سليمان ناصر العلوان - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم خاص لطلبة العلم لمناقشة المسائل العلمية

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

حقيقة التوحيد سليمان ناصر العلوان

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2024-03-10, 07:33   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي حقيقة التوحيد سليمان ناصر العلوان

بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده وستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا . من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
أما بعد :
فإن الله جل وعلا ما أرسل الرسل ، ولا أنزل الكتب إلا ليعبد وحده لا شريك له ، ويفرد بجميع أنواع العبادة ، من : خوف ، ورجاء ، وتوكل ، ورغبة ، ورهبة ، وخشية ، وإنابة ، ونحو ذلك من أنواع العبادات التي أمر الله بها عباده ، وفرضها عليهم .
قال تعالى وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ  [الذاريات : 56].
وقال تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء ..  [ البينة : 5] .
وحقيقة الإخلاص إفراد الله بالعبادة وتصفية الأعمال من الشوائب المكدرة لها.
وقال تعالى:-  الَر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ  أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ اللّهَ إِنَّنِي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ [ هود: 1 – 2 ].
والقرآن كله من فاتحته إلا خاتمته يبين التوحيد ويوضحه، فلا تمر بآية من كتاب الله إلا وفيها ما يدل على التوحيد ، فهو: أوجب الواجبات، وأهم المهمّات، ومن ثمّ كان أوّل أمر في كتاب الله: الأمر بالتوحيد.
قال تعالى:- يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ  [ البقرة: 21 ]. وأوّل نهي في كتاب الله: النهي عن الشرك.
قال تعالى:-  فَلاَ تَجْعَلُواْ لِلّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ  [البقرة: 22 ].
ولو لقى الله العبدُ بأعمال أمثال الجبال ، من: صلاة ، وزكاة ، وصوم ، وحج ، وصدقة ، وليس معه توحيد لما قبله الله منه ، ولجعل أعماله هباءً منثوراً ؛ لأنّه لم يأت بما يدخل به في الإسلام . ويخلص به من الشرك.
وقد أُمر النبيُّ -  - بأن يقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنّ محمداً رسول الله ، ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة ، كما جاء ذلك عنه في " الصحيحين " وغيرهما من حديث واقــد بن محمّد ابـن يزيـد بن عبـد الله بن عمر عن أبيــه عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - .
فمن دعي للدخول في الإسلام ولم يستجب لداعي الله فقتاله أمرٌ واجبٌ إلاّ أن يعطي الجزية حتى لا يبقى مشرك على ظهر الأرض له سلطان، ويكون الدين كله لله.
قال تعالى:-  وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ  [ البقرة: 193 ]. أي: شرك ،  وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ.
فما دام الشرك موجوداً وغير الله يعبدُ فالقتال باقٍ، وعلى هذا قامت دعوة سيد المرسلين، المبعوث لمحق الشرك، وقمع المشركين، ونشر راية التوحيد، الذي هو: إفراد الله بالعبادة دون تنديد به.
وفي " صحيح مسلم " من طريق عكرمة بن عمّار، حدثنا: شداد ابن عبد الله، ويحيى بن أبي كثير عن أبي أمامة قال: قال عمرو بن عبسة السلمي: كنت وأنا في الجاهلية أظن أنّ الناس على ضلالة وأنّهم ليسوا على شيء ، وهم يعبدون الأوثان ، فسمعت برجلٍ بمكة يخبر أخباراً فقعدتُ على راحلتي فقدمت عليه فإذا رسول الله -  - مستخفياًَ جرآءُ عليه قومه، فتلطّفت حتى دخلت عليه بمكة
فقلت له : ما أنت ؟
قال : أنا نبي .
فقلت : وما نبي ؟
قال : أرسلني الله .
فقلت : وبأي شئ أرسلك ؟
قال : أرسلني بصلة الأرحام , وكسر الأوثان , وأن يوحّد الله لايشرك به شئ ... " وعلى هذا أُسست دعوة المرسلين .
والناصح لنفسه يتدبر هذا الحديث ويبني قواعد دعوته عليه , ولا يظنه في قوم كانوا فبانوا , فطالما عطل هذا الظن نصوصاً من الواضحات المحكمات , وأوقع في فخ الجهالات , وصدّ عن معرفة العبر المذكورات في الآيات والبراهين المحكمات .
فقوله : " وأن يوحد الله " وذلك يكون بصرف جميع أنواع العبادات لله وإخلاصها له .
وقوله : " لايشرك به شئ " يقتضي منع دعوة غيره معه ؛ لأن الشرك يفسد العبادة ويحبط العمل , وسواء أشرك مع الله نبياً أو ملكاً أو ولياً أو قبراً أو غير ذلك .
قال تعالى :  وَاْعْبُدُواْ اْللهَ وَ لاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً  [ النساء : 36]
وجميع الرسل من أولهم نوح إلى آخرهم محمد -  - يفتتحون دعوتهم لقومهم بـ " اعبدوا الله مالكم من إله غيره " . قال نوح -  - :  قَالَ يَاقَوْمِ إِنّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ . أَن اْعْبُدُواْ اْللهَ وَاْتَّقُوهُ وَأَطِيعُون ... الآية[ نوح : 2 -3 [
والعبادة تتضمن جميع مايأمر الله به من : الأقوال , والأفعال .
وأعظم شئٍ أمر الله به : إفراده بالعبادة دون ما سواه .
و لايستكبر عن هذه العبادة إلا جاحد معطل مستكبر كــ " فرعون "
وأمثاله من الجاحدين المعطلين , القائلين على الله مالا يعلمون .
ولا ينجو العبد من شبكة الشرك إلا بتوحيد الله تعالى , ومتابعة رسوله
-  - فإن هذين الأصلين عليهما النعيم والعذاب .
وقال تعالى :  لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ  [الأعراف : 59 ] .
وقال تعالى : وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ  [الأعراف : 65 ] .
وقال تعالى :  وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ...  [الأعراف : 72] .
وقال تعالى :  وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ ...  [الأعراف : 85] , [هود : 84 ] .
وقال تعالى:  وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقاً نَّبِيّا ً إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئاً يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيّاً يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيّاً [مريم : 45]
وكل من اتبع غير سبيل الرحمن فقد استحوذ عليه الشيطان ، وصار وليا له : يؤزه أزا نحو الكفر ، وعبادة الأوثان التي لا تسمع ولا تبصر، ولا تغني عن عابديها شيئا.
وقال تعالى:  وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِن قَبْلُ وَكُنَّا بِه عَالِمِينَإِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنتُمْ أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ قَالَ بَل رَّبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ 
وفي((مسند الإمام أحمد)) بسند حسن(2/50) ، من طريق عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ثنا حسان بن عطيه عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر قال : قال رسول الله –-: ((بعث بالسيف حتى يعبد الله لا شريك له ، وجعل رزقي تحت ظل رمحي ، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري ، ومن تشبه بقوم فهو منهم )) .
قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ
وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ  [الأنبياء : 25]
ولا إله إلا الله :كلمة التوحيد المنجية من عذاب رب العبيد ، وهي مفتاح دعوة الرسل ، ومفتاح الجنة ، وهي الكلمة العاصمة للدم والمال ، وهي الفارقة بين المسلمين والكافرين ، وهي الكلمة التي جعلها إبراهيم الخليل في عقبة إلى يوم الدين.
وفي((مسند الإمام أحمد)) بسند صحيح(4/63)،من طريق شيبان عن أشعث بن أبي الشعثاء ، قال : حدثني شيخ من بني مالك ابن كنانة ، قال:رأيت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بسوق ذي المجاز يتخللها يقول(يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا))
فعلق النبي ـ  ـ الفلاح بقول (لا إله إلا الله) أي : مع العمل بمقتضاها ومادلت عليه من : النفي والإثبات . فـ(لا إله) تنفي جميع ما يعبد من دون الله ، و(إلا الله) تفرد الله وحده بالعبادة ، وكما أنه متفرد في ملكه وتدبيره يجب أن يفرد بالعبودية ، من : خوف ، ورجاء ، ومحبة ، وخضوع ، ونحو ذلك من العبادات التي أمر الله بها فلا تعبد غير الله : ممن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، وأفرد ربا صمدا حيا قيوما في جميع عباداتك.
قال تعالى: وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ  إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ  [فاطر:13،14].
وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُواْ شُرَكَاءكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلاَ تُنظِرُونِ  [ الأعراف :194،195]
وقد خالف عباد القبور من أهل هذا الزمان وقبله ما دلت عليه هذه النصوص القرآنية والأحاديث النبوية، وصرفوا جل العبادات للأموات وغيرهم : ممن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا فضلا عن عابده وداعيه . وتراهم يتفاضلون عن معبوداتهم من دون الله ، والويل ثم الويل لمن نهاهم عن عبادتهم غير الله . وتراهم يخلصون العبادة رجاء وشدة لأوثانهم ومعبوداتهم ، يسألونهم : كشف الكروب والخطوب ، وقضاء الحاجات ، وكشف الملمات ، فجاؤوا بالشرك الصريح ، وجعلوا ما أمر الله به من التوحيد هو الشرك ، وما نهى عنه من الشرك هو التوحيد .
وهذا حال عباد القبور اليوم عند البدوي والجيلاني وغيرهما فقد هدموا التوحيد ، وأتوا بالشرك الصريح من دعائهم غير الله ، وصرفهم خالص حق الله لهم . . . فترى الرجال والنساء ركعا سجدا عند قبورهم يبكون .
فنسأل الله أن يهدينا ولا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا ، فإن هذا هو الشرك الصريح الجلي : الذي لايغفره الله إلا بالتوبة.









 


رد مع اقتباس
قديم 2024-03-10, 07:34   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبدالله الأحد
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

( فصل )
التوحيد ثلاثة أنواع :
1- توحيد الربوبية .
2- وتوحيد الإلهية .
3- وتوحيد الأسماء والصفات .
فتوحيد الربوبية : هو الإقرار والاعتراف بأن الله هو : الخالق ، الرازق ، المدبر . وهذا التوحيد أقر به مشركو العرب ، ولم يدخلهم في الإسلام .
قال تعالى :
ïپ½وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ïپ»[ لقمان :25]
وقال تعالى : ïپ½قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ïپ»[ يونس : 31 ]
والإقرار بوجود الله والاعتراف بأنه الخالق الرازق المدبر لا يكفي
في دخول العبد في الإسلام . فإن كثيرا من المشركين يقرون بتوحيد الربوبية ، ومع ذلك لم يدخلهم في الإسلام لعدم إذعانهم لتوحيد العبادة ، وقاتلهم النبي -ïپ²-، واستحل دماءهم وأموالهم . وكثير من الناس يظن أن توحيد الربوبية هو التوحيد الذي أرسلت به الرسل، وأنهم إذا أثبتوه فقد وحدوا الله حق التوحيد . وهذا خطأ ظاهر ، و لذلك يعبدون غير الله ، ومع ذلك يزعمون أن فعلهم ليس بشرك إنما الشرك إذا جعلت خالقا مدبرا مع الله. وهذا الجهل بالتوحيد أرداهم وجعلهم يشركون بالله شركا جلياً.
ومعلوم قطعا أن الخصومة بين الرسل وقومهم ليست في توحيد الربوبية لأنهم كانوا مقرين به إنما هي في توحيد الإلهية : وهو النوع الثاني من أنواع التوحيد .
وهو: إفراد الله بالعبادة فلا يشرك مع الله أحد . ومن عرف التوحيد الذي أرسلت به الرسل ، وأنزلت من أجله الكتب : عرف ما عليه الكثير من إضاعتهم له ، وإهماله جانبه ، وجهل الكثير بحقوقه .
وقد يظن بعض الناس أنه إذالم يعبد صنما ولم يسجد لغير الله فهو موحد مهتدي وإن عمل ما عمل ، وهذا جهل اصطاد به الشيطان كثيرا من العباد ، فأوقعهم بالمكفرات من حيث لا يشعرون .
فإن التوحيد ليس التخلي عن عبادة غير الله من الأصنام والأوثان ، بل لابد من التخلي عن جميع العبادات التي يراد بها غير الله والبراءة منها ومن أهلها ، وإخلاص جميع العبادات لله.
فإن العبد مأمور بتوحيد الله والبراءة من كل معبود سوى الله ، فلو عبد الله ولم يكفر بما يعبد من دون الله ،لم يكن متمسكا بالعروة الوثقى قال تعالى:ïپ½ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَïپ» [البقرة:256]
ومن لم يكفر بالطاغوت لم يستمسك بالعروة الوثقى وهي لا إله إلا الله بل تخلى عنها وأهملها وأضاع حقوقها ولم يكن معصوم الدم والمال . وفي ((صحيح مسلم)) من طريق مروان الفزاري عن أبي مالك سعد بن طارق عن أبيه قال : سمعت رسول الله - ïپ² -يقول: (( من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله )).
قال الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - على هذا الحديث في كتاب التوحيد :
( وهذا من أعظم ما يبين معنى لا إله إلا الله فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال ، بل ولا معرفة معناها مع لفظها بل ولا الإقرار بذلك بل كونه لا يدعو إلا الله وحده لاشريك له، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يضيف إلى ذلك الكفر بما يعبد من دون الله فإن شك أو توقف لم يحرم ماله ودمه . فيا لها من مسألة ما أعظمها وأجلها ، ويا له من بيان ما أوضحه وحجة ما أقطعها للمنازع ).
والبراءة من كل معبود سوى الله قد أضيعت حقوقه في هذا الزمان عند الكثير ، وأهمل جانبه ، ونقضت عراه ، وهذا من عموم الجهل بتوحيد العبادة الذي أرسل الله به الرسل ، وأنزل به الكتب . فإن أصل الدين : إفراد الله بالعبادة ، والبراءة من كل معبود سوى الله . وهذا هو التوحيد الذي دعت إليه الرسل ، وهذه ملة إبراهيم التي من رغب عنها فقد سفه نفسه .
قال تعالى: ïپ½قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَاء مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُïپ» [الممتحنة : 4 ].
وقال تعالى : ïپ½وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَïپ» [الزخرف :28]
والكلمة التي جعلها الخليل – عليه السلام – باقية في عقبه هي : البراءة من كل معبود سوى الله ، وإفراد الله بالعبادة ، وهذا معنى : لا إله إلا الله .
ومن أنواع العبادات التي أمر الله بإخلاصها له – سبحانه - ، وقد عم الجهل بها :
(( الذبح )) : فإن الذبح لله عبادة من أجل العبادات وأعظمها .
قال تعالى : ïپ½فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْïپ» [الكوثر :2]
وقال تعالى : ïپ½قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَïپ» [الأنعام :162] . والنسك هو الذبح .
فإذا تبين أن الذبح عبادة : فصرف هذه العبادة لغير الله شرك .
وفي ( صحيح مسلم ) من طريق منصور بن حيان حدثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة عن علي بن إبي طالب – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ( لعن الله من لعن والده ، ولعن الله من ذبح لغير الله ... ) الحديث .
وقد كثر الذبح لغير الله في هذا الزمان لعموم الجهل بتوحيد العبادة ، حتى إنك تسمع بمن يذبح لطلعة السلطان تعظيما له ، وبعض الجهلة عندما ينزل منزلا ينسك نسيكة للجن لئلا يصاب
بمكروه ما دام في البيت كما يزعم ، ولم يعلم هذا الجاهل المندد أنه لا يدفع الضر إلا الله .
ولو اجتمع الإنس والجن على أن يصيبوا عبدا بمكروه لم يرده الله لم يستطيعوا ذلك .
قال تعالى : ïپ½وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ ïپ» [الزمر :38]
وفي جامع الترمذي من طريق الليث بن سعد قال : حدثني قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن ابن عباس – رضي الله عنهما – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك . رفعت الأقلام ، وجفت الصحف ) .
قال الترمذي : حديث حسن صحيح .
ومن العبادات التي أمر الله بها ( الدعاء ) : فإنه عبودية عظيمة ، وهو من أعظم الأسباب وأقواها لجلب المنافع ، ودفع المضار ، والداعي يظهر فاقته واحتياجه لربه .
وقد أخبر الله جل وعلا عن الكفار أنهم في الشدائد يدعون الله مخلصين له الدين .
قال تعالى ïپ½فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ ïپ»[العنكبوت :65]
ودعاء الله عبادة من أجل العبادات .
وقد أمر الله عباده بدعائه فقال تعالى : ïپ½وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ïپ»[غافر :60]
وقال تعالى ïپ½وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ïپ»[البقرة : 186]
وروى الترمذي في جامعه من طريق الأعمش عن ذر بن عبدالله عن يسيع عن النعمان بن بشير – رضي الله عنه – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( الدعاء هو العبادة ثم قرأ : ïپ½وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ïپ».
قال الترمذي عقبه : هذا حديث حسن صحيح .
ورواه الترمذي من حديث أنس بلفظ : ( الدعاء مخ العبادة ) .
وسنده ضعيف .
وفي الحديث : ( إذا سألت فاسأل الله ) .
رواه الترمذي من حديث ابن عباس- رضي الله عنه وسنده حسن : وقد خالف عباد القبور هذه النصوص الصريحة في أن الدعاء لايصرف إلا لله وصرفوه للأموات والغائبين فتراهم يدعونهم كأنهم يسمعون ويستنجدون بهم كأنهم حاضرون قادرون .
وقد أبطل الله في كتابه دعاءهم وأدحض شبههم ولكن عباد القبور لا يسمعون ولا يعقلون. قال تعالى: ïپ½إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً ïپ» [الفرقان:44]
وقال تعالى:ïپ½ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ  إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ïپ» [فاطر:13،14].
وقال تعالى : ïپ½ يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَن يَخْلُقُوا ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لَّا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ ïپ» [الحج:73].
وطلب الحاجات من الموتى سواء كانوا أنبياء أو صالحين فضلا عن غيرهم وسؤالهم الشفاعة وطلب الإعانة منهم والاستعانه والاستغاثة بهم وسؤالهم غفران الذنوب وتفريج الكروب كل ذلك داخل في دعاء غير الله وكله من الشرك الأكبر الذي لا يغفره الله إلا بالتوبه .
قال تعالى :ïپ½ إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْماً عَظِيماً ïپ» [النساء :48].
وقال تعالى: ïپ½َوَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَïپ» [المؤمنون :117].
وقال تعالى : ïپ½وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍïپ» [الحج : 31].
ومن عرف التوحيد علم أن مشركي زماننا أشد بكثير من شرك الذين نزل القرآن ببيان شركهم فمشركو زماننا لا ينثنون عن عبادة غير الله لا في الرخاء ولا في الشدة وجعلو أوثانهم ومعبوداتهم من دون الله شركاء وشفعاء مع الله . فالعقيم من الرجال والنساء تجدهم يتضرعون عند قبر الميت كي يهبهم ولدا وكأنه الخالق الرازق المدبر .
وعند الكربات والشدائد والمصائب يشتد تضرعهم للأموات ، وأما التضرع لله وحده لا شريك له فليس لهم منه نصيب .
وأما المشركون الذين نزل القرآن ببيان شركهم فقد أخبر الله عنهم كما تقدم بأنهم يدعونه في الشدة ويشركون في الرخاء فأي الشركين أعظم ؟ وكلاهما متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون .
ومن أنواع العبادة التي شرعها الله لعباده ، وأمرهم بالقيام بها ( التوكل ) فإنه عبادة من أفضل العبادات ، وفريضة من آكد الفرئض .
وأعلى الناس مقاما في التوحيد أكملهم توكلا على الله . والتوكل من الأعمال القلبية كما قاله الإمام أحمد – رحمه الله - .
وقد أمر الله به في كتابه في مواضع كثيرة وأخبر أنه يحب المتوكلين .
قال تعالى : ïپ½ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ ïپ» [هود: 123].
وقال تعالى : ïپ½وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ ïپ» [الفرقان : 58].
وقال تعالى : ïپ½وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ïپ» [المائدة : 23].
وقال تعالى ïپ½فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ïپ» [آل عمران : 159].وفي صحيح مسلم من حديث ابن عباس في صفة السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب : ( هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون ) .
وفي جامع الترمذي وغيره بسند صحيح عن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا ) .
وقد عم الجهل في هذا الزمان بحقيقة التوكل على الله ، ولم يعرف منه الكثير إلا الاسم ، وتوكلوا على غير الله إما على الأموات والطواغيت كمن يتوكل عليهم في الحفظ والكلاءة والنصر والتأييد وكشف البأس وجلب النفع ، وإما على السلاطين وأصحاب المناصب والوظائف في طلب الرزق . ويدخل في ذلك من يتوكل على الشهادة الدراسية في طلب الرزق .
والله جل وعلا لم يرسل رسله ، ولم ينزل كتبه ، إلا ليكون الدين كله لله ، فلا يعبد إلا الله ، ولا يدعى إلا الله ، ولا يتوكل إلا على الله .
وعلى حسب نقص توكل العبد على ربه ؛ ينقص توحيده ، وعلائق الشرك لا تنفك عن القلب الذي لم يخلص توكله لربه .
وما يحصل من الضيق في الصدر والحرج كله بسبب نقص وضعف التوكل على الله ، قال العلامة ابن القيم - رحمه الله - :
( لا يستقيم توكل العبد حتى يصح له توحيده . بل حقيقة التوكل توحيد القلب . فما دامت فيه علائق الشرك ، فتوكله معلول مدخول . وعلى قدر تجريد التوحيد تكون صحة التوكل فإن العبد متى التفت إلى غير الله أخذ ذلك الالتفات شعبة من شعب قلبه . فنقص من توكله على الله بقدر ذهاب تلك الشعبة .
ومن ههنا ظن من ظن أن التوكل لا يصح إلا برفض الأسباب . وهذا حق ولكن رفضها عن القلب لا عن الجوارح . فالتوكل لا يتم إلا برفض الأسباب عن القلب وتعلق الجوارح بها فيكون منقطعا منها متصلا بها ) مدارج السالكين (2/125) .
وبالجملة فالقلب يجب عليه أن لا يتوكل إلا على الله فهو مرجوه وعياذه وملاذه ، ولا يتوكل أحد على مخلوق إلا لرجائه له .
قال شيخ الإسلام – رحمه الله - : ( وما رجا أحد مخلوقا أو توكل عليه إلا خاب ظنه فيه فإنه مشرك ) . الفتاوى (10/257) .
ïپ½ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍïپ» [الحج : 31].
وبالاعتبار يلاحظ أن كثيرا من الأفراد والجماعات يحصل لهم الخذلان العاجل أمام عدوهم وذلك بسبب عدم توكلهم على ربهم بل يتوكلون إما على شخص معظم وإما على دولة وإما على السبب أو غير ذلك فيتخلف النصر ، وذلك أن الله تعالى أمر عباده بالتوكل عليه فإن قاموا به مع سائر الواجبات ضمن الله لهم النصر والتأييد والفوز والظفر والتمكين في الأرض وإن لم يقوموا به فالخذلان حاصل لهم وهذه سنة الله في عباده فإن الله ينصر من عبده وتوكل عليه وأخلص أعماله له . ويخذل من أشرك به وجعل له شريكا ممن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا .
ومن أنواع العبادة التي لا يجوز صرفها لغير الله : ( النذر ) فإنه عباده لمدح الله للموفين به في قوله : ïپ½يُوفُونَ بِالنَّذْرِïپ» [الإنسان : 7].
فإذا ثبت كونه عبادة فصرفه لغير الله شرك أكبر . فمن نذر لغير الله كأن ينذر لنبي أو ولي أو غيرهما كعبدالقادر الجيلاني أو البدوي فهو مشرك شركا أكبر .
وقد عمت البلوى بالنذر لغير الله في هذا الزمان فأريقت الدماء وقربت الذبائح لمن لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ، زاعمين أن لهم بذلك معظم الأجور . وأنى لهم الأجور وقد أتوا بالفجور ، والله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيبا .
وهذه الذبائح التي أريقت لغير الله لا يجوز أكلها لأنها مما ذبحت لغير الله .
قال تعالى:-
ïپ½ وَلاَ تَأْكُلُواْ مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللّهِ عَلَيْهِïپ» [ الأنعام: 121 ].
والمرتد وإن قال على ذبيحته (( بسم الله )) لا تحل ذبيحته ما دام عابداً غير الله صارفاً له جل العبادات من نذرٍ وغيره.
وقد اتّفق المسلمون على أنّ نذر المعصية لا يجوز الوفاء به مع اتفاقهم أيضاً على أنّ نذر الطاعة يجب الوفاء به ، لما روى البخاري في " صحيحه " من طريق طلحة بن عبد الملك الأيلي عن القاسم عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: قال رسول الله - ïپ² -: (( من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه )).
وقد اختلف العلماء - رحمهم الله - في نذر المعصية هل تجب فيه كفارة يمين أم لا ، على قولين لأهل العلم ، أظهرهما أنّه تجب فيه كفارةٌ لعموم ما روى مسلم في " صحيحه " من طريق عبد الرحمن بن شماسة عن أبي الخير عن عقبة بن عامر عن رسول الله - ïپ² - قال: (( كفّارة النذر كفّارة يمين )).
قال العلاّمة ابن القيّم - رحمه الله -:
( وهذا يتناول نذر المعصية من وجهين:
أحدهما / أنّه عام لم يخص منه نذر دون نذر.
الثاني / أنّه شبّههُ باليمين ومعلوم أنّه لو حلف على المعصية وحنث لزمه كفارة يمين بل وجوب الكفارة في نذر المعصية أولى منها في يمين المعصية ) تهذيب السنن (9/118 – عون المعبود ) .
ومن أنواع العبادة التي أمر الله بصرفها له : الركوع ، والسجود.
قال تعالى:- ïپ½ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ïپ» [ الحج: 77 ].
وقال تعالى:- ïپ½ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناًïپ» الآية [ محمّد: 29 ].
فمن ركع أو سجد لغير الله فقد جعل مع الله إلهاً آخر فلا يراد بالركوع أو السجود في شريعتنا إلاّ التعظيم لمن يركع له أو يسجد له ، والتعظيم عبوديةٌ من أجلِّ العبوديّات فمن صرف التعظيم لغير الله فقد صرف خالص حق الله لمن لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً.
ومثل الركوع والسجود: الانحناء. فلا ينحني العبد إلاّ لله لأنّه يراد بالانحناء التعظيم . وتعظيم غير الله من أعظم الشرك وأقبحه.
والركوع والسجود والانحناء كل ذلك محض حق الله. وصرفه لغير الله شركٌ في الأفعال.
قال تعالى: ( وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا) و ( أحدا ) نكره في سياق النهي فتفيد العموم ، فتعم كل مدعو من دون الله سواء كان ملكا مقربا أو نبيا مرسلا ، فصرف الركوع والسجود والانحناء وغير ذلك من العبادات لغير الله مناف لما بعث الله به محمدا ïپ² وهدم لملة إبراهيم ( عليه السلام ) وتجديد لما اندرس من الشرك وإحياء لملة عمرو بن لحي الذي غير دين إبراهيم وأحيا الشرك .
وأما رفع اليد عند رؤية الرؤساء والأكابر فهذا تشبه بالكافرين .
وفي مسند الإمام أحمد بسند حسن ، عن عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما- أن النبي ïپ² قال من تشبه بقوم فهو منهم).
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله ( وهذا الحديث أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم ، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه بهم ، كما في قوله تعالى: ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) المائدة51.
وأما إن رفع يده ووقف خاشعا خاضعا لمتبوعه فهذا نوع من الشرك بالله وقد وقع في هذا خلائق لا يحصون .
وهذا مصداق لقول النبي ïپ² لتتبعن سنن الذين من قبلكم شبرا بشبر ، وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم قلنا يا رسول الله : اليهود والنصارى ؟ قال فمن ) .
رواه البخاري ومسلم من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه- به .
وما أعز في هذا الزمان من يعمل بالحق ، بل ما أعز من يعرفه فإن القلوب في هذا الزمان يغلب عليها النفور عن قبول الحق وتحريه، وأدنى شبهه تعرض للقلوب تجدها تلفي إليها ولو كانت الشبه ظاهرة البطلان .
فهم يتشبثون بما هو أوهى من بيت العنكبوت .
وهذا من غربة الدين وتغير أحوال المسلمين .
وقد أخبر النبي ïپ² ( أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ ) رواه مسلم (2/175-176، نووي ) من حديث أبي هريرة . ورواه أيضا : (2/176) من حديث ابن عمر – رضي الله عنهما .
وخبر النبي ïپ² صدق فلا بد من تحققه ووقوعه ، وقد تحقق ما أخبر به فهذا الزمان يشبه أزمان الفترات لقلة من يعرف الحق ويعمل به ، فأصبح المعروف عند الكثير منكرا حتى أنه في بعض البلدان أصبح النهي عن الشرك والكفر فجورا ، والأمر بالكفر والشرك معروفا .
وأي اغتراب فوق هذه الغربة التي فيها نقضت عرى الإسلام عروة عروة , وتكلمت الرويبضة , وأدلت بالباطل والفجور وجعلته الحق والمعروف الذي أمر الله به .
والواجب على من عرف الحق واستبان له اتباعة والقيام به وإن خالفه من خالفه وجفاه من جفاه .
فإن الصراط المستقيم له أعداء قاعدون عليه فليوطن الموحد نفسه وليقبل على ربه فإنه مؤيده وناصره ومعزه ومذل أعداءه وخاذلهم ولله في خلقه شؤون .
ïپ½وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَن تُؤْمِنَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ ïپ»يونس99-101 .










رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:26

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc