أخلاقيات و سلوك القاضي
l'ethique et la conduite du magistrat
2007
مقــدمة
القضاء مهنة شريفة قديمة حديثة، لا غنى عنها في أيّ مجتمع إنساني ، و قد أضفى عليها الناس قدرا كبيرا من المهابة و شيئا من القداسة ، نظرا لما يسند إلى القضاة من صلاحيات هامة و خطيرة . إذ أنهم يصدرون أحكاما قطعية لها أثر كبير على أمن المجتمعات و حياة الأفراد و معتقداتهم و حرياتهم و أعراضهم و كراماتهم و ممتلكاتهم و أموالهم ، و إلتزاماتهم و وواجباتهم.
و قد تطورت مهنة القضاء بمرور الزمن إلى أن أصبح القضاء إحدى سلطات الدولة الثلاث في معظم الدول الديمقراطية في وقتنا الحاضر.
و نظرا، لقدسية الواجبات الملقاة على كواهل القضاة و أهمية الإختصاصات المسندة إليهم ، و حلال المهام المنوطة بهم، و خطورة الصلاحيات التي يمارسونها و أثرها الكبير و المباشر على الفرد و المجتمع و الدولة ، فقد ترسخت في ضمائر الحريصين على حقوق الإنسان وسيادة القانون ، و مبادئ الحرية و العدالة و المساواة من كافة الأمم و الشعوب كثير من المبادئ و القيم و الأعراف و التقاليد التي يجب أن تحكم سلوك القضاة، و المزايا و الصفات و القدرات و المكنات التي يجب أن يتحلوا بها، ليحصلوا على ثقة الناس و إحترامهم و تقديرهم و ليطمئن الخصوم إلى أحكامهم و قراراتهم و يثقون بها و يقبلونها لأنهم وثقوا بكفاءاتهم و قدراتهم و عدلهم و نزاهتهم و أمانتهم و حيادهم و إستقلالهم.
قد تعممّت هذه القواعد و القيم و الأعراف و التقاليد و تعددت، و تطورت تبعا لتطور صلاحيات و إختصاصات السلطة القضائية و تعزيز إستقلالها عن السلطات الأخرى في الدولة.
و بما أن رؤساء أجهزة التفتيش القضائي في الدول العربية قد أجمعوا على ضرورة تطوير القضاء و تحديثه، و تعزيز إستقلاله و رفع كفاءته و قدراته و تحسين أدائه و إنجازاته و ذلك من خلال أن يلم كل قاض عربي بالصفات و المزايا و القدرات و المكنات التي يجب أن يتحلى بها ، و أن يحيط علما بالمبادئ و القيم و الأعراف و التقاليد التي يجب أن يلتزم بها و يطبقها ، لتكون دستورا له في سلوكه في حياته الخاصة و العامة و نبراسا يهتدي به في مسيرته القضائية و سلوكه الإجتماعي، و هذا ما قرره الإجتماع العاشر لرؤساء أجهزة التفتيش في الدول العربية من ضرورة إعداد وثيقة عربية حول أخلاقيات القاضي.
لذا و على ضوء ما سبق بيانه فإنهم إتجهوا إلى تشكيل لجنة خماسية مؤلفة من رؤساء التفتيش في كل من الأردن ، الإمارات ، الجزائر، لبنان و مصر لوضع وثيقة عربية إسترشادية حول أخلاقيات القاضي العربي مساهمة منهم في إضافة مدملك جديد لتعزيز العمل القضائي من حيت إستندت اللجنة في إعدادها لهذه الوثيقة ، بحضور ثلاثة من أعضائها و هم رؤساء التفتيش في كل من الأردن و الإمارات و لبنان ، إلى أمور ثلاث:
أولا: إن القواعد التي إحتوتها هي من عمل قضاة له مدلول مزدوج يعكس وعيا لمفهوم إستقلال القضاء من جهة و منه جهة ثانية إدراكا لمسؤولية القضاة الكبرى.
ثانيا : إعتبار خيار الوثيقة ملزم معنويا بإعتبارها وثيقة إسترشادية هو أفضل من خيار المبادئ و القواعد المقننة نظرا لسعة الموضوعات و طابعه الأخلاقي.
ثالثا: عدم تشكيل هذه الوثيقة قواعد لنظام تأديبي رادع و شامل.
إلا أن اللجنة توصي بضرورة إضفاء الطابع الإلزامي لمضامين القواعد التي أتت بها الوثيقة و ذلك عن الإسترشاد بها من قبل الدول العربية نظرا لما لهذا الموضوع من أهمية بالغة في أداء القاضي لرسالته.
كما و أن اللجنة تود في هذه المقدمة أن تبين بعض الصفات و الشروط العامة الواجب توافرها في القاضي تأكيدا منها على ما يجب أن يكون عليه القاضي و تماشيا مع ما هو معمول به عند إختيار القاضي في أي بلد عربي و يمكن تلخيص ذلك على النحو التالي و الذي يمكن أن يرد بعضا منها مفصلا في متن هذه الوثيقة وهي :
*وجب على القاضي أن يكون مخلصا لعمله مستقيما في سيرته و سلوكه و متمتعا بالكفاءة العلمية و ملما بثقافة فقهية و قانونية و قضائية و أن يسعى دائما إلى تنميتها و تحسينها.
*وجب على القاضي أن يتوخى نشدان العدالة و النزاهة كما سيرد في هذه الوثيقة و أن يكون عفيفا ، و قورا و أن يلتزم بسلوكه بكل ما يحفظ كرامته و يصون سمعته و سمعة القضاة و أن يبتعد عن كل ما يشينه و يسيء إليه أو يحط من قدر منصبه فالعدالة المطلوبة هو إعتدال الشخص في أقواله و أفعاله و صلاح دينه و أخلاقه و التحلي بالمروءة.
*وجب على القاضي أن يتمتع بالعفة و الورع من خلال أن يكون نزيها عن المطامع الدنية ورعا عن المطامع الردية شديدا قويا في ذات الله متيقظا متخوفا من غضب الله.
-وجب على القاضي أن يكون فطنا متيقظا من خلال تمتعه بذهن و قريحة يقظة و بوحدة العقل و الخاطر و بقوة الإدراك و كثرة التحرر و بصفاء الفكر و سلامته.
*وجب على القاضي أن يسوي بين الخصوم في خمس حالات : في الدخول عليهم ، في الجلوس بين يديه ، في الإقبال عليهما ، في الإستماع منهما ، في الحكم عليهما.
هذا و أن هذه الوثيقة قد تضمنت قواعد أساسية لأخلاقيات العمل القضائي و هي :
-الإستقلال
-التجرد
-النزاهة
-موجب التحفظ
-الشجاعة الأدبية
-التواضع
-الصدق و الشرف
-الأهلية و النشاط
و لقد قامت اللجنة بتحديد هذه القواعد مجتنبه تكرر الأفكار الذي من الطبيعي حصوله أحيانا نظرا لتقارب الآفاق بين بعض هذه القواعد...
و الله و لي التوفيق.
مضامين القواعد الثمانيةلأخلاقيات القاضي
القاعدة الأولى: الإستقلال
i-إستقلال السلطة القضائية
1-تعزيز قوانين السلطة القضية
2-تمتين الثقة بالسلطة القضائية
3-تعزيز مبدأ المشروعية و دولة القانون
ii-إستقلال القاضي
4-رفض الضغوط و مواجهتها
5-معرفة الحق و تطبيقه
6-الحرية
القاعدة الثانية: التجرد و الحياد
1-المساواة
2-الحقائق التي تعزز الثقة بالقاضي
3-المبادرة التلقائية للتنحي عند توافر الأسباب
4-إحترام الفرقاء و حقوقهم في الدفاع
5-إدارة شؤونه الذاتية ومشاريعه المالية
6-مدم التنحي في حال ضياع أو عدم تحقيق العدالة
7-المراقبة الذاتية للسلوك
القاعدة الثالثة: النزاهة
1-نظافة اليد (هرم المزايا التي يتحلى بها القاضي)
2-التصدي للإغراءات
3-القاضي هو قدوة حسن لزملائه
4-التنبه و الحذر تجاه سلوك المتخاصمين و وكلائهم
القاعدة الرابعة : إلتزام التحفظ
1-الإنخراط في المجتمع بقواعده و أعرافه
2- القيود الذاتية الخاصة على القاضي
3-مراعاة موجبات الحياة الأسرية و الإجتماعية
4-الإمتناع عن المجاهرة بأرائه الشخصية و الدينية و السياسية
5- الموجبات الأخلاقية على جميع القرارات القضائية الصادرة عنه أو عن غيره
6-المحافظة على هيبته و شخصيته
7-المقتضيات المهنية
8-الأنشطة المسموحة للقاضي
9-حفظ سر المداولة ( المذاكرة)
القاعدة الخامسة : الشجاعة الأدبية
1-عدم التردد في إعلان الحق و الثقة بالنفس
2- سطوة الضمير و الحكمة
3-عمل القضاة الكبار و الفقهاء مرجعا للقاضي
4-المواجهة الشجاعة
القاعدة السادسة : التواضع
1-عدم الإستعلاء
2- البساطة و الإبتعاد عن الغرور و التكلف و الرياء
3-الهدوء
4-العلم القانوني بحر محيط و جب أن ينهل القاضي منه دائما (التواضع العلمي)
5-الإبتعاد عن المجاهرة بصفته القضائية قصد إستغلالها (عدم إستخدام النفوذ) أوالتصدر في تعامله مع الأخرين
القاعدة السابعة : الصدق و الشرف
1-الإلتزام بمضمون القسم الذي يحلفه
2- المضامين المشتركة للصدق و الشرف
3-موجبات الصدق
4-إجتناب التضليل و المغالاة في نشدان الحقيقة
5-القضاء رسالة مقدسة
6- القيود الذاتية الخاصة على القاضي
القاعدة الثامنة : الأهلية و النشاط
1-القاضي رجل علم
2- تنمية معارف القاضي العامة
3-البحث القانوني الدائم
4- بذل العناية اللازمة لإنجاز مهمته على أفضل وجه
5-أهمية النشاط في العمل القضائي