السلام عليكم ورحمة الله ، إخواني الكرام استوقفتني البارحة قصة مؤثرة أدمعت مقلتيَّ والله ، ذكرتني بقوله تعالى {لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} إنها أخوة الدين ذلك الحبل المتين الذي افتقدناه في زمن تسمع فيه من يقول عن أهل غزة " يدبروا روسهم ، الله يسهل عليهم ، حماس هي الظالمة ...الخ " ولا حول ولا قوة إلا بالله ، أترككم مع القصة :
يقول الشيخ :
أبو سعيد بلعيد أحمد الجزائري
كنتُ في مكة المكرمة في عام 1398 هـ الموافق لـ 1977 م ، إذ سألني شيخ أسيوي وقور، ذو شيبة مليحة، بعربية غير فصيحة، قائلا: من أين أنت أيها الفتى ؟ فقلتُ له : من الجزائر.
فقال: - والسرور بادٍ على وجهه- ( وسبب سروره أنه لم يكن يرى في ذلك الوقت شبابا جزائريين في مكة، لأنه لم يكن يذهب آنذاك إلا كبار السن ! !) ما شاء الله تبارك الله، الحمد لله الذي أحياني حتى رأيت أمثالك من جيل الاستقلال ! !
تعجبتُ من كلامه فسألته على الفور: وأنت يا شيخ من أين ؟ قال أنا من بنجلاديش. فقلت له : وما أدراك عن الجزائر وأحوالها ؟ فقال لي : يا بُنَيّ، لمّا كان الجزائريون يجاهدون لإخراج فرنسا من الجزائر ، كنتُ شاباّ أجيء إلى الحج، فكان الحُجَّاج يجمعون المال ليبعثوا به إلى المجاهدين في بلادكم، وكنت أنا من الذين يدورون على الحجاج لجمع المال ، وقد فعلتُ ذلك بنشاط وهمة مرات عديدة طالبا الثواب من الله تعالى حيث يقول تعالى { وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان }
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" من جهّز غازيا في سيبل الله، كان له مثلُ أجره، من غير أن يَنْقُصَ من أجرِ الغازي شيئاً " رواه ابن ماجه (2759) وهو حديث صحيح.
تأثرت بكلام ذلك المسلم البنجلاديشي كثيراً، وأثنيتُ عليه خيراً، وقلتُ في نفسي: كم هو عظيم هذا الدين الإسلامي الذي يجمع بين المسلمين ولو تباعدت ديارهم ! !
وفي عام 1421 هـ الموافق لـ 2000 م ، ذهبتُ إلى دمشق في سورية للإفادة من المكتبة العامّة في بعض بحوثي، وذات يوم توجهتُ لشراء فطور الصباح فقال لي صاحب الدّكان: من أين حَضْرَتك؟ فقلت له: من الجزائر . فقال لي : سبحان الله ، أنت من بلد المليون ونصف المليون شهيد ؟ فأجبته : نعم والحمد لله. فقال لي : يا بُنَيّ ، لقد شاركت في جهادكم ضد فرنسا ، فقلت له متعجّباً : كيف ذلك؟ فقال لي : أنا من مدينة حَمَـاة، والآن أقيم في دمشق، ولما كان الجزائريون يقاتلون المستعمر الفرنسي كنتُ شاباً ، وكانت لنا في بيتنا دجاجة وكُنت أُراقبها فكلّما باضت فرحتُ وأخذتُ البيضة لأبيعها ثم أرسل بثمنها إلى المجاهدين في الجزائر، فقلت له -والدموع في عينيّ- جزاك الله خيرا يا أخي على ما فعلتَ، وإن الله لا يضيع أجر المحسنين، ولكي أشجعه أكثر، وأذكّره بعظمة ديننا الإسلامي قصصتُ عليه قصة البنجلاديشي فتأثر بها ، وَحَمِدَ اللهَ على الأُخُوّةِ بين المسلمين ، وسَأَلَ اللهَ تعالى أن تَتَقَّوى دائما، وخاصة في هذا الزمان الذي نُكبَ المسلمون في كثير من ديارهم.
نسأل الله أن يكثر فينا أمثال هؤلاء...
اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين
منقوووووووووووووول