المقدمة (طرح المشكلة)
يندرج النص المطلوب معالجته ضمن فرع الابستمولوجيا (Epistemology), أو فلسفة العلوم, التي تأخذ قضايا العلوم التجريبية موضوعا للدراسة, و اننا لنحكم عليها بالتجريبية نظرا لما وصلت اليه فلسفة ما بعد الحداثة (Post-Modern) و فصلت في هذا الشأن.و لعل أهم ما يميز هذا الفرع عن غيره من فروع الفلسفة الحديثة هو مناهج بحثه الفريدة التي تقوم على التجربة. و يختص هذا النص بمنج الاستدلال الاستقرائي (Induction Method) وليد المدرسة التجريبية الانجليزية. و هنا لابد لنا من طرح التساؤلات التالية: ما هو الاستدلال الاستقرائي؟ و على ماذا يقوم؟ و ما رأي فلاسفة العلوم فيه؟
التوسع (محاولة حل المشكلة)
موقف صاحب النص
يعرض الكاتب المصري ماهر علي (Maher Ali) في كتابه "المنطق و مناهج البحث" نظرة من يصفهم بالمناطقة حول منهج الاستدلال الاستقرائي, و هو منهج تجريبي يستند على الاستقراء منتقلا من جزئيات تمت ملاحظتها الى نتائج توضع على شكل قانون مستند على المنطق العلمي بحيث يمتد الى الأحداث المستقبيلة المشابهة. و الكاتب هنا يظهر تأثره بشكل جلي بأول من أثار الانتباه الى هذا المنهج ألا وهو الانجليزي ديفيد هيوم (David Hume) و من تبعه من التجريبيين الانجليز الذين دافعوا عن المنهج المعني.
الأدلة والبراهين
اعتبر بعض, ان لم نقل جل فلاسفة العلوم منهج الاستدلال الاستقرائي المنهج الأمثل و الأصح لبناء الحقائق و النظريات العلمية في العلوم الطبيعية الى حد أن أكد هيوم (Hume) أننا كبشر نعتمد دائما على هذا المنهج في الحياة اليومية عن غير شعود و ذلك ببناء تصورات مستقبلية طبقا لأحداث سابقة متكررة.و أعطى مثالا جديرا بالاهتمام و نقصد به هنا نظرية جاذبية الأجسام لاسحاق نيوتن (Isaac Newton), فالفيزيائي الأخير و بعد ملاحظته لوجود حقل جاذبية خاص بكل جسم عاينه, استنتج أن كل الأجسام تملك حقل جاذبية أيضا, رغم عدم قدرته على معاينة كل جسم في الوجود, و قد قام بانتهاج الاستقراء في استنتاجه, فيلاحظ من كل هذا أن الاستدلال الاستقرائي أصبح معيارا لدراسة صدق النظريات العلمية الى حد ما.
النقد
يعتبر هذا المنهج بالذات محل شك ونقاش بين فلاسفة العلوم, فبعض هؤلاء اعتبره غير علمي بتاتا, وأبرز من قال بهذا الفيلسوف النمساوي كارل بوبر (Karl Popper), الذي عارض معاصريه ممن اعتبروا المنهج مطلقا, فطرح تساؤل ما الذي يثبت لنا أن ما سيحدث مستقبلا سيكون مشابقا لما عايناه سابقا؟ و من المثال الذي قدمه هيوم حول نظرية الجاذبية نظرح تساؤلنا كذلك: ما الذي يثبت لنا أن كل جسم في الوجود يملك حقل جاذبية مادام واضع النظرية نفسه أو أي داعم لها غير قادر على معاينة كل جسم موجود.
و من هذه النقطة الأخير بالذات ننبه الى أن الاستثنائات تحدث مرار, فعديد الحقائق العلمية التي قامت على الاستدلال الاستقرائي أثبتت وجود ثغرات فيها.
الخاتمة (حل المشكلة)
فرض منهج الاستدلال الاستقرائي نفسه كحجر أساس في فلسفة العلوم, و ذلك لنجاج النظريات والاستنتاجات التي قامت عليه, و التي تعتبر هي كذلك حجر أساس في العلوم الحديثة. لكنه ورغم نجاحه المطلق النظير تطبيقيا, الا أن محدودية أبعاده فلسفيا لا يمكن انكارها, فالعلوم فضاء للاستثنائات التي تبقى العديد منها فوق قدرة هذا المنهج على تفسيرها, و هو ما يضع مصداقية الانتاجات العلمية التي تقوم عليه محل التشكيك ضمن مجال فلسفة العلوم.