حفل تاريخ الجزائر بالرجال وبالمواقف المشرفة، وقد أنجب عشرات الأعلام رسموا طريق التحدي حيث أصروا واستماتوا في الكفاح فكانت أقلامهم تسير في خط مواز للعمل الوطني، بل أمدته بشحنات جديدة كلما ضعف وبالقوة والحيوية كلما اشتعلت جدوته .
والبشير الإبراهيمي واحدا من أولائك الذين ناضلوا من أجل تحرير الجزائر بقلمهم بل لقد تحدى الإستعمار في وطنه وخارجه فكان دفاعه عن المغرب العربي بل عن الأمة العربية الإسلامية .
ساهم بقسط وافر في النهوض بالشخصية الجزائرية التي أراد الإستعمار أن يطمسها، بث في أوساط قومه ثقافة عربية إسلامية نتج عنهما وعي كوّن مناعة لدى الفرد الجزائري ضد الإندماج والإنحلال، فهو نموذج للمثقف الملتزم وزعيما في مجال الإصلاح ومربيا أصيلا، سـخر قلمه للدفاع عن الحريات في الجزائر وفي العالم وعن الإنسان العربي الذي كان يطمح الى العدالة الإجتماعية والحرية والكرامة ، والحديث عن الإبراهيمي في الحقيقة يسيل الكثير من الحبر، وإنما أردت فقط أن أساهم بهذه الأسطر بمناسبة عيد العلم الذي يوافق وفاة هذا الشيخ الجليل رحمه الله.
يموت العظماء فلا يندثر منه إلا العنصر الترابي الذي يرجع الى أصله، وتبقى معانيهم الحية في الأرض، قوة تحرك ورابطة تجمع، و نورا يهدي، وعطرا ينعش، وهذا هو معنى العظمة، وهذا هو معنى كون العظمة خلودا، فإن كل ما يخلف العظماء من ميراث هو أعمال يحتذيها من بعدهم، وأفكار يهتدون بها في الحياة، وآثار مشهودة ينتفعون بها، وامجاد يعتزون بها ويفخرون، والإعتزاز والفخر من الأغـدية الروحية الحافظة لبقاء الجماعات. مجلة الثقافة، العدد87، ص 223 نقلا من جريدة البصائر العدد 151 سنة 1951 ).