بعد سبعة سنوات لازال في الذاكرة 21 ماي 2003

[كمال الاسلام]

.

هي ذكريات احكيها لكم

ذكريات لن تمحى مهما طال الزمن

ذكريات ايام الزالزل

زلزال بومرداس 21 ماي 2003

صباح الاربعاء 21 ماي 2003

7.00 نهضت باكرا للذهاب إلى الثانوية حيث كنا في امتحانات الفصل الثالث و حينها كنت اثابر على الدراسةكي اعوض نتائج الفصلين الأول والثاني

بدات عقارب الساعة في هذا اليوم العصيب تسلك طريقها المعتاد

الان الساعة تقارب...

7.30 ..المهم ذهبت الى الثانوية وذلك اليوم كانت درجة حرارته غير عادية كان يوما حارا جدا

8.00دخلت الثانوية اجتزت امتحانات ذلك اليوم

15.30خرجت مع زملائي والتقينا امام باب الثانوية لنودع بعضنا فتحدثنا قليلا حول الامتحانات فقال احد انه لم يوفق فيها وظمن رسوبه * قال * ان شاء الله ياربي تصرا حاجة ومنكملوش الاختبارات * فردد الاغلبية معه * اميــــــــن*

17.0 17.00 وصولي الى المنزل

19.40 كنت سوف اذهب الى المسجد فقلت (ساشاهد قليلا مباراة نهائي كاس الاتحاد الاروبي التى تنطلق على 19.45

19.44دخلت الى الغرفة التي كانت بها اختي اهممت بالجلوس و فجأة بدأت الارض تهتز ظننتها هزة عادية سوف تتوقف في الحين لكن الامر لم يكن كذلك و هنا بدات اسمع صوت قوي نظرت الى اختي نظرة لن انساها وكأنها اخر نظرة في حياتي

حاولت الخروج الى فناء المنزل لكن الجدران كانت تلعب بي كالكرة فسقطت سقطة عنيفة وشعرت بأن المنزل كله انهار فوقي فنطقت بالشهادة وظننت انها النهاية

و بعدها فتحت عيني وجدت ان المنزل مازال كما كان وقفت وخرجت مسرعا ثم حدقت في الداخل وجدت اختي على الارض فمسكتها من يدها واخرجتها

19.47 امي تبحث عنا وجدتنا كلنا الا اخي الذي كان خارج المنزل.فراحت تنادي اين ابنى اين ابني.. ركضت اليها لاطمئنها على انه بخير و سوف يأتي

انقطع كل شيء في تلك اللحظة خطوط الهاتف / الكهرباء / الا الماء الذي لم يكن موجود راحت الحنفيات تسيل بغزارة

في الفناء سقط الجدار الخارجي للمنزل لمح ابي فتاة تحت الجدار الحمد لله انه كان مصنوعا من مواد خفيفة وسقط فقط على رجلها حملها فاقت وراحت تجري الى بيتها كأن الدهشة داعبت كيانها و كان امرها عجيب

19.50 دخل ابن جيراننا الصغير وهو يبكي و يردد بصوت مخنوق و قهر مملوك " عمتي جدتي" ..نعم.. تركهم على الارض بين الدماء في منزلهم الذي سقط منه الجدار العلوي .. وسبحان الله في شؤونه ان ذلك البيت كانت تعيش فيه امراة عجوز وابنتها مطلقة او ارملة لها طفلة اسمها زينب كان عمرها حوالي 9 او 10سنوات... يعيشون مع اخوانهم المتزوجين.

اخذ المولى العجوز و ابنتها و الطفلة زينب...نعم ماتت زينب

اظنكم الان تفكرون في الطفل الذي جاءنا مهرولا...

ذهبت اليه و هدنت من روعه وقلت له هن بخير سوف يأخذونهم الى المستشفى ويعودون اليك.. فنظر الي نظرة اليأس فأيقنت بما جرى

في كل هذه الاثناء رائحة غريبة صعدت بعد الزلزال مزيج بين رائحة الغبار وشيء اخر لم اشمه من قبل في حياتي وكانها رائحة خاصة بالزلزال فقط

دخل اخي الى المنزل فطمئنت امي

20.00 لم اقدر على الخروج من المنزل من شدة الصدمة ولم اشأ ان اترك اخوتي وامي وحدهم بعد ان خرج ابي واخي لينقضا ما يمكن انقاضه

كل ذلك حدث سريعا في 15 د فقط

**********

منزلنا مقسم الى جزئين قسم بناء حديث لم يتضرر كثيرا
وقسم بناء قديم تضرر بعض الشيء وانشقت جدرانه

اصبح الدخول للمنزل هاجس كبير فأصبح مأوى للخوف لا للامان واصبح الامان خارج المنزل لا داخله

-خرج معظم سكان الحي للساحات وبالاخص للمعلب الجاوري

- خرج الطلبة المقيمين في الاقامة الجامعية وشكلوا مجموعات محيطة بخليلتها و اشعلوا لهيب النار للتدفئة فمن ينظهر اليهم يخولهم كأنهم قبائل افريقة

*******************

فبقدر ما كان الجو حار في النهار كان باردا في تلك الليلة

وخرجنا نحن الى مرزعة احد الاقارب اين اجمتعنا مع بعض الجيران والاقارب

حاول البعض الاتصال بفرق الحماية المدينة من الهواتف النقالة لان خطوط الارضية كلها قطعت

فقال البعض انهم لا يجيبون علينا وقال اخر انه رد عليهم بقولهم بركاو متتسمخروا بينا لا زالزال ولا انتم تحزنون

******************

ليلة ذلك اليوم كانت اطول ليلة في حياتي فالهزات الارتدادية لم تنقطع طواله ولا وجود لمصالح الدولة حتى اعتقدنا الان ان الامر اعظم في باقي نواحي الوطن

اليوم الثاني 22 ماي

انتهت الليلة الاولى ببزوخ الفجر الاول وكأنها عام لا ليلة

في الصباح بدات الاخبار الكاذبة تنتشر كالبرق فهذا يقول العائلة الفلانية سقط منزلهم جميعا والاخر يقول بل تلك المدينة بأكملها زالت ...........

وانا لم استوعب و لم اشأ تصديق احد وكنت دائما اطمئن امي واقول لها لا تصدقي

ثم بدأت دعاية اخرى وكأنها لعبة كان يتخذها البعض لهز القلوب الضعيفة وتلك اللعبة اسمها ضرك تعاود

أي سوف يضرب زالزال اخر مماثل في الوقت الفلاني

طلع نهار اليوم الاول وانا كنت تحت الصدمة مما جرى و ما رايت من بنايات مهدمة ولحد الان لم يظهر شيء عن مصالح الدولة فلا حماية مدينة ولا درك ولا الجيش ولا مسؤول وصل الى حينا

مر اليوم الثاني هكذا

اليوم الثالث 23 ماي

مر كسابقه سوى اننا في هذا اليوم اكلنا لسد الجوع لا لشهوة الاكل

و لا اكل سوى قطع من الخبز

وانا دائما بجوار اخواتي وامي في غياب اخي وابي

**************

اليوم الرابع 24 ماي

قررت ان اخرج من صدمتي واذهب لاتفقد بعض الاحباب والاقارب ان كانوا بخير

فلا سبيل الى قطع المسافات الطويلة الا سيرا على الاقدام

بدات اسير واسير فذهبت الى بلدية مجاورة اين تقطن عمتي
ففجعت بهول الكارثة فهذه مدينة ليس كحينا الصغير كانت اضعاف ماحدث في حيينا سوى انني رأيت مصالح الحكومة تعمل على الانقاذ

ذهبت الى عمتي فوجدتها بالقرب من العمارة التى لم تتضرر كثيرا فطئنت عليها و سألتها عن ابنها فقالت ذهب اليكم

حينها تركتها ورجعت الى مقر بلديتي وهي بعيدة عن الحي الذي اسكن فيه ووجدت ان الامر اعظم بكثير لانها قريبة من البحر والزلزال ضرب في عرض البحر

المهم لا يمكن ان اصف مارأيته فالصور لا تعبر عن الواقع فكيف بكلمات تأتي بعد 7 سنوات

اليوم الخامس 25 ماي

بدأت المساعدات تصل الى الاحياء واول ما وصل بعض المواد الغذائية وقارورات الماء ليس من عند السلطات لكن من شاحنات مدنية تحمل ارقام ولايات مجاورة من تيزي وزو والبليدة والعاصمة وتيبارة والبويرة وكل يوم يمر تصل شاحنات اخرى من ولايات ابعد

في هذا اليوم حسب ما أتذكر قدم فخامته واعوانه لزيارة وما لا تقله الصحف ولا الاخبار انه استقبل بالحجارة لا بالورود

فنحن لم نكن بحاجة الى زيارته بقدر الحاجة الى اعوان و سيارات للاسعاف وطواقم طبية او خيم ليقضى فيها الاطفال والنساء لياليهم فيها

اليوم السادس 27 ماي

اخيرا بدأت مساعادات الدولة تصل اتباعا للمدن ووصلت مواد غذاية واغطية وخيم والماء والمواد الطبية وكل ما يخص هذه الحالة
لكن غاب التنظيم فراح القوي يأكل حق الضعيف وكان ذلك اغبه من فوق أي قبل التوزيع

وكانت بعض الامور المؤسفة تحدث في جو الزلزال..ناهيك عن الضحايا الذين هم تحت الانقاذ

فهناك من تشاجر من اجل غطاء او صندوق للطعام

وهناك من استغل الفرصة لسرقة البيوت بل يسرق الذهب من ايادي الجثث لكن جزاءهم لا يحمد عقباه اذا كشف امرهم

اليوم السابع 28 ماي

أصبحنا ندخل للمنزل للحظات فقط ونخرج منه لأنه كان رهيبا والهزات الارتدادية كانت لتزال قوية

بدأ الجو يتقلب وأصبحت هناك امطار

والشغل الشغل الذي أصبح يورق الناس هو الحصول على خيمة

وصلت الخيم للحي لكن لم تكن كافية لكثرة المنزال المتضررة وكثرة العائلات التى رفضت العودة لمنزالها بفعل الهزات الارتداية

فوزعت خيمة واحدة لكل 3 عائلات او أكثر في الأسبوع الأول ثم بدأت وصول إعانات أخرى

انقضاء الأسبوع الأول

وجاء الاسبوع الثاني بعودة الكهرباء والمياه

اما باقي الظروف فبقت على حالها

في الاسبوع الثالث بدأت ترجع الحياة شيء فشيئا لطبعتها لكنها حياة في المخيمات وفي افنية المنزال لا داخلها

وكن نواجه صعوبات كبيرة في الايام الممطرة

الاسبوع الرابع خفت شدة الهزات الارتداية
عدت انا وزوج عمتي للمبيت داخل المنزل و اعطينا دفعة معنوية لباقي العائلة للدخول والمبيت فيه كذلك

هذا ما ستطعته ان اسرده بعد 7 سنوات من الحادثة الاليمة

رحم الله جميع الموتى الذين نحسبهم عند الله شهداء ولا نزكي عليه احد

بلغ عددهم اكثر من 3500 والاف الجرحة

[IMG]https://www.algeriachannel.net/wp-*******/uploads/2009/05/0acomboumerdes2003a30tl3.jpg[/IMG]