امي الامية تقيم الطبيب المتعلم

[بركان18]

اخواني الاعضاء الاعزاء السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته


هذه اولى مشاركة لي في هذا المنتدى الجميل و الهادف اردت ان اشارك معكم ببعض المواضيع المتواضعة علني استفيد من خبرة الاعضاء المميزون بمواضعهم المفيدة ..فاتمنى ان اكون عضوا خفيفا مفيدا و مستفيد .


بداية تكون بهذا الموضوع


تحت عنوان –امي الامية تقيم الطبيب المتعلم –


يبدو ان هذا العنوان غريبا ..او بمعنى اخر غير منطقي ..لكن للاسف الشديد في هذا العصر يعتبر حقيقة ..و ربما كثير من الاعضاء الكرام لو رجع بذاكرته الى ايام الطفولة اظن انه يتاكد من هذا ..لما كنت طفلا صغيرا لا اكاد ان اميز بين الصح و الخطا ..و لا افرق بين الامي و المتعلم ...كنت ارى والديا انهما اعلم الناس ..و كلامهما كانه قران منزل ..فلما كنت امرض تاخذني والدتي الى الطبيب ...و مع ان في مدينتي اطباء كثيرون بما في ذالك الطبيب المختص ..الا ان امي كانت لا تاخذن الا لطبيبين ..و كانت دائما تقول ان هذين الطبيبين هما احسن الاطباء و لا يوجد من مثلهما ..و طبعا نقش هذا الكلام في مخيلتي و نشات على هذه الفكرة حتى اصبحت شابا يافعا و انا اعتقد ان كلام والدتي حقيقة لا نقاش فيها ..و الغريب كنت حين امرض لا ازور الا هذين الطبيبين ..لقد اصبحت عندي عادة و حين تكلمني عن اي طبيب اخر اقول لك انه ضعيف و غير متمكن ..مع اني لم ادرس الطب يوما في حياتي ..لكن لما تخرجت من الجامعة و اصبحت افرق بين الخطا و الصواب ..و في احد الايام كنت مريضا و اردت الذهاب الى احد الطبيبين فوجدتهما في عطلة ..فتاسفت لحالي ثم فكرت ان ازور طبيبا اخر ..و فعلا هذا ما حدث و قد استقبلني الطبيب بحفاوة ..و بعد خروجي جائتني الفكرة القديمة ...و قلت ان هذا الطبيب لاباس به كيف لي لم ازره من قبل ..و تذكرت كلام امي ثم طرحت السؤال عن نفسي صحيح امي لم تزر المدرسة في حياتها و لا تعرف القراءة و لا الكتابة و كيف لها استطاعت ان تميز بين الطبيب المتمكن و الطبيب الفاشل ..و للعلم ان جل سكان المدينة و من مختلف الشرائح يوافقون راي امي ..عجبا هناك سر لماذا اتفق الكل و استطاعوا ان يقيموا اطباء تخرجوا من مختلف الجامعات و حاملين لاعلى الشهادات


فقررت ان اعرف هذا السر ..حيث اخذت عينة م ن اطباء المدينة بما في ذالك الطبيبين الناجحين و قمت بدراسة لشخصياتهم...طبعا بالاعتماد على اراء الناس . فوجدت ان الميزة اللتي تميز هذين الطبيبين هي المعاملة ..نعم معاملة المريض هي 50 بالمئة من علاجه ...فعلاج اي مرض جسدي يتوقف على حالته النفسية بنسبة كبيرة جدا ...فمن خلال المعاملة الطيبة يطمان المريض للطبيب و يحس بالراحة قبل ان يباشر العلاج ...و من هنا نعرف قيمة كلام خير الانام عليه السلام ..الدين المعاملة ...نعم ان الدين كله محصور في المعاملة و كل علقات البشر تنحصر في المعاملة ..مع الخالق فالصلاة هي معاملة مع الله ..حيث يستقبلنا خالقنا في اليوم خمسة مرات ..دون ادنى برتوكول ..و يعلمنا كيف نتزين عند كل صلاة لاننا سنقابل الخالق سبحانه ...علاقتنا مع بعض هي تعامل ...اليست البسمة في وجه اخيك صدقة ...تخيل انت في قمة المرض و تذهب الى طبيبك و يستقبلك بابتسامة جميلة و يواسيك بكلام طيب اجزم انك تشفى في تللك اللحظة ...علاقتنا مع الملائكة و مع الحيوان و حتى الجماد كلها تدخل في ايطار المعاملة ...و هنا يكون الدين معاملة حقا ...نعم هذان الطبيبان يحسنان التعامل مع مرضاهم ..بتواضعهم بل انهم بفراستهم يعرفان شخصيات مرضاهما و يستطعان ان يتعاملان مع كل شخصية حسب نوعيتها ..باستعمال حكمتهما في ذالك ...نعم انها الحكمة اللتي تجعل من اي انسان ناجحا فكيف للطبيب المتعلم ...و بهذا فقط يستحق الطبيب ان بلقب بالحكيم و ليس كل طبيب حكيما انما كل حكيم فهو طبيب


نعم تغلب هذان الطبيبان على زملائهما بالحكمة و فن التعامل و الفراسة انما الشهادة او الكارتونة كما يحلو للبعض تسميتها..قد يستوي فيها الجميع الناجح و الفاشل الطبيب و الحكيم ..و للاسف كم يوجد من هؤلاء اللذين يحملون هذه الكارتونة ...و من الجنسين الخشن و اللطيف ..فكثير من هؤلاء يلاقون مرضاهم بوجه عبوس ..ملامحهم تدل على تكبرهم ..و هم يتكلفون في افعالهم ...كلامهم جاف خال من اللطافة و اللباقة ...فيحس المريض و كانه ذاهب الى المشنقة و فتزداد حالته النفسية سوء مما يؤثر على مرضه ..بل يحس و كان المرض زاد و يصبح يتهم الطبيب انه اعطاه دواء غير صالح ...و في الحقيقة هو صادق ذالك الطبيب اعطاه فعلا دواء غير صالح انما ليس اللذي يقصده انما افعال ذالك الطبيب .


و يعتقد هؤلاء الاطباء المرضى نفوسهم ..انهم قد بلغوا السماء و ليسوا كباقي البشر ..و على الكل واجب احترامهم ...بل في كثير من الاحيان يعافون حتى مرضاهم و لا يلمسونهم ....فكيف لطبيبة و قد تزينت و تعطرت و لبست احلى ما لديها ..و كانها ذاهبة الى عرس او يخيل لك و كانها عروس في ليلة زفافها ...تذهب الى المستشفى لتلاقي المرضى و هم المساكين في اسوء حالاتهم ينتظرونها بشغف ربما تخفف عنهم الامهم ..لكنها تعجز حتى عن لمسهم تخاف ان تلطخ يديها ...


لقد صادفت طبيب من هؤلاء يوما ما كان الكل يشتكي من تصرفاته ..مرة كان احد الاصدقاء مريض .فاخذناه على جناح السرعة الى مصلحة الاستعجالات ..لان حالته كانت خطيرة فلما وصلنا الى المصلحة طلب مني ان لا اترك ذالك الطبيب يعالجه و اقسم لي انه يفضل الموت على ان يعالجه ذالك الطبيب ..و قد هددنا انه سيفعل ما نندم عليه ان تركنا الطبيب يعالجه ..لكن الله ستر و كان طبيبا اخر من عالجه حتى و ان كان ذالك الطبيب موجودا ..اي طبيب هذا اللذي يهرب منه المرضى ..


الكلام يطول في هذا الحديث و اقول لهؤلاء اتقوا الله في انفسكم و في مرضاكم ...و اعلمو ان الشهادة الحقيقية هي محبة الناس لكم ..و حب الناس من حب الله ..و ليس تللك الكارتونة اللتي تحملونها


كما اقدم اعتذاري الى كل طبيب حكيما طيبا يحب عمله و يتقنه


و اكتفي بهذا القدر و ارجوا ان لا اكون قد اثقلت عليكم و ارجوا ان الرسالة قد وصلت


راي صواب يحتمل الخطا و رايك خطا يحتمل الصواب


تحياتي للجميع