لكل من يبحث عن مرجع سأساعده - الصفحة 200 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى العلوم الإجتماعية و الانسانية > قسم البحوث العلمية والمذكرات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

لكل من يبحث عن مرجع سأساعده

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2017-10-27, 21:50   رقم المشاركة : 2986
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mofa86 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
ابحث عن مذكرات تدريس الهندسة المدنية للتعليم الثانوي
وشكرا
https://www.onefd.edu.dz/scolaire/pdf...re/xxx/tic.doc








 


رد مع اقتباس
قديم 2017-10-27, 21:54   رقم المشاركة : 2987
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mofa86 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
ابحث عن مذكرات تدريس الهندسة المدنية للتعليم الثانوي
وشكرا
https://www.loredz.com/vb/showthread.php?t=35550


https://lbenbitour47.ahlamontada.net/t8059-topic









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-27, 22:00   رقم المشاركة : 2988
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mofa86 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
ابحث عن مذكرات تدريس الهندسة المدنية للتعليم الثانوي
وشكرا
https://2as.ency-education.com/genie-civil.html









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-27, 22:07   رقم المشاركة : 2989
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة mofa86 مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
ابحث عن مذكرات تدريس الهندسة المدنية للتعليم الثانوي
وشكرا
https://2as.ency-education.com/genie-civil.html









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-27, 22:14   رقم المشاركة : 2990
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lets collaborate مشاهدة المشاركة
من فضلك، أبحث عن مذكرات أو كتب حول موضوع: زواج المريض مرض الموت,
زواج مرض الموت
210 09:27 صباحاً التاريخ: 28 / 5 / 2017
المؤلف : اسامة محمد سعيد حسين او عبية
الكتاب أو المصدر : مرض الموت واحكامة
الجزء والصفحة : ص95-106

الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً غايتهُ إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل. (1) وهو عقد مشروع بقوله تعالى : (( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم إلا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت إيمانكم)).(2) وكذلك قوله – جل جلاله - ( وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم )).(3) كما أن رسول الله ( صلى الله عليه واله وسلم ) قال : (( النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني )).(4) ولعل اهم ما في حمكة الزواج هو الإبقاء على الوجود الإنساني من خلال عملية التناسل، ومهما يكن من امر الزواج فسنكتفي منه في هذا المبحث بما درجنا عليه وهو معالجته في مرض الموت في ظل الفقه الإسلامي ثم في ظل القوانين القوانين الوضعية المقارنة مخصصين لكل من هذين الحقلين فقرة مستقلة.
اولا :- الزواج في مرض الموت في ظل الفقه الإسلامي :-
اتفق فقهاء المسلمين على جواز زواج المريض مرض الموت إلا أنهم اشترطوا لذلك حصول الدخول وبعكسه فالعقد باطل ولا يترتب عليه أي اثر ،(5) أي انه إذا قدم رجل مريض مرض الموت وعقد على امرأة ولم يدخل بها حتى لو ماتت هي فانه لا يرثها إذا كانت قد ماتت وهو مريض مرض الموت،(6) واذا كان جمهور الفقه الاسلامي يذهبون إلى ان الزواج في المرض المخوف والصحة سواء من حيث صحة العقد وتوريث كل واحد من الزوجين صاحبهُ، فأنهم اختلفوا بعد ذلك فيما يثبت لها من مهر الزوجة في الزواج في مرض الموت، وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل فيما يأتي :-
الواقع ان جمهور الفقهاء قد استدل على صحة عقد الزواج في مرض الموت وعلى ثبوت التوارث بين الزوجين بما جاء في الكتاب، والاثر، والمعقول، وسنسلط الضوء على ذلك فيما يأتي :-
1- الكتاب :-
فقد أستدل الزيدية،(7) والظاهرية،(8) والاباضية،(9) بعموم قوله تعالى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء)،(10) وجاء في المحلى : (( اباح الله تعالى ورسوله(صلى الله عليه واله وسلم) النكاح، ولم يخص في القرآن ولا في السنة صحيحاً وصحيحة من مريض ومريضة، وما كان ربكُ نسياً، وما نعلم للمخالف حجة اصلاً لا في قرآن ولا سنة ولا قول صاحب ولا من رأي يعقل )).(11)
2- ما جاء في الآثار من أقوال الصحابة الذين لم يعرف لهم من الصحابة مخالف في هذا الحكم :-
ونسوق فيما يلي بعضا من ذلك :-
أ- أخرج ابو عوانة بسنده عن ابن مسعود انه قال : (( لو لم يبق من اجلي الا عشرة أيام اعلم ان اموت في آخرها يوماً ، لي فيهن طول النكاح لتزوجت مخافة الفتنة )). وبه استدل الظاهرية، (12) والزيدية.(13)
ب- أخرج ابن ابي شيبة بسنده عن معاذ بن جبل انه قال في مرضه الذي مات فيه( زوجوني، اني اكره ان القى الله – عز وجل – عزباً )).(14) وبه استدل الظاهرية،(15) والزيدية،(16) والشافعي.(17)
3- المعقول :-
وهو ان النكاح من الحوائج الاصلية للانسان، والمريض غير محجور ولا ممنوع عن حوائجه الاصلية ولا عن صرف ماله اليها كالمأكل والملبس وثمن الادوية وأجرة الطبيب والمسكن،(18) وهو ما استدل به ايضاً الحنابلة. (19) ومن هنا، فاذا ثبتت صحة الزواج في المرض المخوف، ثبت التوارث بين الزوجين لعموم آية الميراث بين الازواج.(20) واذا كان هذا الذي ذكرناه هو ما ذهب اليه جمهور الفقهاء فان فريقاً آخر من الفقهاء قد ذهب الى خلاف ذلك فالمالكية لها قولان في حكم زواج المريض مرضاً مخوفاً :- احدهما : انه يجوز له التزوج اذا كان محتاجاً الى الزواج، ولا يجوز مع عدم الحاجة.(21) والثاني : انه لا يجوز له ان يتزوج سواء اكان محتاجاً الى الزواج او غير محتاج، ولو أذن له الوارث الرشيد في الحالتين، لاحتمال موت الآذن او صيرورته غير وارث وكون الوارث غيرهُ،(22) وهو القول الراجح في المذهب على ما ذكره الدسوقي.(23) ويعد الزواج في مرض الموت لدى المالكية فاسداً على الارجح وذلك لان في هذا الزواج ادخالا لوارث جديد على الورثة،(24) الامر الذي يحتم معاملة المتزوج وهو المريض مرض الموت بنقيض قصده ويحكم بفساد فعله، وان اعترض عليهم في استدلالهم هذا بعدم منعهم المريض من الوطء مع انه سبب في ادخال وارث فانهم قد ردوا على ذلك بأن في الزواج ادخال وارث محقق وليس في كل وطء حمل،(25) وهذا كله اذا تزوج بمن ترثه. اما اذا تزوج المريض بمن لا ترثه كأمة وكتابية، فلهم في حكم زواجه قولان:-
أحدهما : انه غير جائز، وهو القول الاصح المعتمد في المذهب، لأن في نكاح المريض لأي منهما إدخال وارث، لجواز إسلام النصرانية وعتق الأمة قبل موته حيث يصيران من اهل الميراث. (26) والثاني : ان هذا الزواج جائز لان كلا من العتق والإسلام طاريء ومجرد احتمال، فلا يلتفت اليه، والاصل عدم مراعاة الطواريء. (27) أما الامامية فانهم يفرقون في حكم الزواج في مرض الموت بين زواج المريض وزواج المريضة. ففي زواج المريض لدى الامامية( يجوز للرجل ان يتزوج في مرضه، فأن تزوج ودخل فجائز، وان مات قبل الدخول فباطل )).(28) أما في زواج المريضة : (( يجوز للمريضة ان تتزوج، وحكم زواجها حكم زواج الصحيحة بلا فرق. لان الاصل كون المريض كالصحيح لعموم الادلة، وقد خرج زواج الرجل المريض عن حكم الاصل لدليل خارج وبقيت الزوجة على الاصل مندرجة تحت العموم )).(29) ولئن كان هذا هو رأي كل من جمهور الفقهاء والمالكية والامامية حول الزواج في مرض الموت من حيث صحة العقد وتوريث كل واحد من الزوجين صاحبه، فان اولئك الفقهاء قد اختلفوا كما اسلفنا فيما يثبت للزوجة من مهر في الزواج في مرض الموت، وفيما يلي تفصيل هذا الاختلاف:-
مذهب الحنفية :- فرق الحنفية بين ما اذا كان الشخص الذي يتزوج في مرض الموت مديناً او غير مدين :-
1- اذا كان المريض مديناً :- فان تزوج بمهر المثل جاز ذلك وحاصصت الزوجة غرماء الصحة بمهرها بعد موته ان لم يكن قد نقدها ذلك المهر في حياته او بمعنى اخر انه يصار الى تقسيم المال عليها وعليهم على قدر حصصهم،(30) وذلك لان مهرها دين لها على زوجها، فيكون مساوياً لديون الصحة لوجوبه باسباب معلومة لا مرد لها،(31) اذ ان جواز الزواج في مرض الموت، وهو لا يجوز الا بوجوب المهر،يجعل هذا المهر كدين الصحة وان ظهور وجوب المهر ومعلوميته بناء على ظهور سبب وجوبه وهو الزواج الذي هو غير محتمل الوجوب، انما يحتم تعلق المهر بحال هذا المتزوج ضرورة،(32) ولكن حيث ان هذا المهر قد يزيد على مهر المثل، فقد قال في الزيادات – من كتب ظاهر الرواية – (( يقدم دين الصحة على الزيادة على مهر مثلها)).(33)
2- اذا لم يكن المريض مديناً :- فقد اعتبروا التزويج في هذه الحالة جائزاً من رأس المال اذا كان بمهر المثل وذلك لان التزويج بمهر المثل هو انفاق لمال المتزوج في حوائجه الاصلية، فيقدم بذلك على وارثه، وانما قُيد التزويج بمهر المثل لان الزيادة عليه محاباة وهي باطلة الا أن تجيزها الورثة، لأن حكمها حكم الوصية للزوجة الوارثة والوصية لا تجوز لوارث الا ان يجيزها الورثة وان كان النكاح صحيحاً.(34)
مذهب المالكية :- فرق المالكية في هذه المسألة بين ما اذا تزوج المريض صحيحة وبين ما اذا تزوج الصحيح مريضة وبين ما اذا تزوج المريض مريضة مثله. لذا نبين ذلك في ثلاث حالات :-
الحالة الاولى:- اذا تزوج المريض صحيحة، فقد فرق المالكية بين موته قبل الفسخ وبين موته بعده :-
أ– فان مات قبل فسخه، فلها الاقل من الصداق المسمى وصداق المثل من ثلث ماله، سواء دخل بها أو لم يدخل. (35)
ب– أما اذا مات بعد فسخه، فينظر : ان كان الفسخ قبل موته وقبل الدخول، فلا شيء لها من المهر وان كان الفسخ قبل موته وبعد الدخول، كان لها المسمى تأخذه من ثلثه ان مات، ومن رأس ماله ان صح. (36)
الحالة الثانية :- اذا تزوجت المريضة صحيحاً، فلها مهرها المسمى من رأس المال، زاد على صداق المثل ام لا ان كان مدخولا بها، ومثل الدخول موته او موتها قبل الفسخ والدخول. (37)
الحالة الثالثة :- اذا تزوج المريض مريضه مثله، في هذه الحالة يغلّب جانب الزوج ويكون حكم المهر فيها حكم مالو أفرد الزوج بالمرض.(38)حيث جاء في مواهب الجليل( والظاهر انه ان كان الزوج مريضاً والزوجة مريضة يكون الحكم فيها كالحكم فيما اذا كان الزوج فقط هو المريض )). (39) ويلاحظ ان المالكية قد حكموا بثبوت الصداق في الصور المذكورة مع فساد النكاح ووجوب فسخهُ، لان النكاح في المرض غير متفق على فساده بين الفقهاء، وانما هو مختلف فيه، وقد أجازوا في النكاح الفاسد المختلف في فساده ثبوت المهر. ولان الفساد هنا انما كان لعقده في المرض ولم يؤثر خللاً في الصداق، (40) وانما فُرق فيما يثبت لها من الصداق بين مرضه ومرضها لان الزوج عندما يكون صحيحاً والزوجة هي المريضة، يكون تبرعه معتبراً بخلاف العكس. (41)
مذهب الشافعية :- فرق هذا المذهب فيما يثبت للزوجة من مهر في حالتين : موت الزوجة، وموت الزوج على النحو الاتي :-
1- اذا ماتت الزوجة كان لها جميع ما أصدقها، اذ ان لها صداق مثلها من رأس المال والزيادة عليه من ثلث التركة، كما اذا وهب لاجنبية (ذمية أو أمة المدخول بها بوطء شبهة الزواج ) فقبضتهُ فانما يكون هذا من الثلث. (42)
2- أما اذا مات الزوج فينبغي التفريق بين ما اذا كانت الزوجة من اهل الميراث، (43) عند موته وبين ما اذا لم تكن.
الوجه الاول :- فان كانت من أهل الميراث عند موته فينظر ان كان أصدقها بصداق المثل، وجاز لها من جميع المال، وان زاد على صداق المثل، فالزيادة محاباة، (44) فان صح قبل أن يموت جاز لها مع الزيادة من جميع المال لأنه لما صح قبل موته كان ابتداءً نكاحاً وهو صحيح، (45) وان مات قبل أن يصح بطلت الزيادة على صداق مثلها وثبت النكاح وكان لها الميراث. (46)
الوجه الثاني :- أما اذا كانت ممن لا يرث كذمية وامة، ثم مات وهي عنده، جاز لها جميع الصداق، صداق مثلها من جميع المال والزيادة عليه من الثلث، لأنها غير وارث، ولو أسلمت قبل موته او اعتقت فصارت وارثاً، بطل عنها ما زاد على صداق المثل.(47) وهذا الحكم يعلل الوجه السمح للشريعة الغراء اذ أعطت للذمية ما دامت لم تسلم وللأمة ما دامت لم تعتق مالم تُعطه للزوجة المسلمة او الزوجة الحرة.
مذهب الحنابلة :- قال الحنابلة : يجوز للمريض ان يتزوج في مرض موته، وينفذ المهر من رأس ماله ان كان مهر المثل ، لانه صرف لماله في حاجة نفسه فيقدم بذلك على وارثه.(48) أما اذا تزوج بمهر يزيد على مهر مثلها فلها مهر المثل، والمحاباة صحيحة ان ماتت قبله،(49) أما اذا مات المريض قبلها فيفرق بين حالتين :-
الحالة الاولى :- ان تكون ممن يرثه ( أي لا يتوافر فيها مانع من الارث كالعبودية واعتناق غير الاسلام ديناً ). وفي هذه الحالة روايتان عن الامام أحمد في حكم المحاباة :-
1- انها موقوفة على اجازة الورثة، لأنها عطيه لوارث، فان اجازها الورثة نفذت وان لم يجيزوها بطلت.(50) وهذا هو القول الصحيح في المذهب.(51)
2- أنها تنفذ من الثلث.(52)
الحالة الثانية :- ان تكون ممن لا يرثه كذمية وأمة، فلها مهر المثل، وتنفذ المــحاباة من الثلث.(53)
مذهب الامامية :- فأنهم يرون بان المريض مرض الموت اذا تزوج ودخل، وكان زواجه بمهر المثل او اقل أعُتبر من صلب المال كما لو اشترى شيئا بثمن مثله. وان كان بأكثر من مهر المثل كان الزائد محاباة، فيحتسب من الثلث.(54) أما اذا مات قبل الدخول فلا مهر لها.(55) اما بالنسبة لزواج المريضة مرض الموت فقط قال الامامية بانه يجوز للمريضة ان تتزوج، وحكم زواجها كحكم الصحيحة بلا فرق،(56) لان الاصل كون المريض كالصحيح لعموم الادلة، وقد خرج زواج الرجل المريض عن حكم الاصل لدليل خارج، وبقيت الزوجة على الاصل مندرجة تحت العموم.(57) لهذا لم يشترط لصحة زواجها في مرضها الدخول، بل يصح ويثبت بدونه، ويترتب عليه ميراث زوجها منها واستحقاقها مهرها المسمى ان لم ينقص عن مهر المثل.(58) وجاء في الروضة البهية( ولو كانت المريضه هي الزوجة، توراثا وان لم يدخل بها على الاقرب كالصحيحة عملا بالأصل وتخلفه في الزواج لدليل خارج لا يوجب الحاقها به لانه قياس )).(59)
مذهب الزيدية :- قال الزيدية : يصح زواج المريض بأكثر من مهر المثل ان لم يتمكن من الزواج بدون هذه الزيادة على مهر المثل، وينفذ من رأس المال، ولا تعتبر الزيادة على مهر المثل اذا لم يتمكن من الزواج بدونها ( أي الزيادة على مهر المثل) محاباة،(60) أما اذا تمكن من الزواج منها بمهر مثلها، لم يُجز له الزيادة عليه الا من الثلث لان له وارثاً، اذ تعتبر الزيادة تبرعاً.(61)
مذهب الظاهرية :- قال ابن حزم( وتزويج المريض الموقن بالموقن او غير الموقن مرضية كذلك او صحيحة جائز ويرثها وترثه ، مات من ذلك المرض او صح ثم مات وكذلك للمريضة الموقنة وغير الموقنة ان تتزوج صحيحا او مريضا ولها في كل ذلك الصداق المسمى كالصحيحين ولا فرق )).(62)
ويتبين مما عرضنا له فيما تقدم ان الامر يمثل احد ابرز المسائل الخلافية في الفقه الاسلامي، ونرى من جانبنا صواب القول بصحة الزواج في مرض الموت وثبوت التوارث بين الزوجين دون تفريق بين ان يكون الزوج هو المريض او تكون الزوجة هي المريضة ودون تفريق بين ما اذ كان قد دخل بها او لم يدخل وكذلك دون ايلاء نظر إلى كونها وارثة او غير وارثة لمانع من موانع الارث من مثل ان تكون ذمية او أمة اذ ان هذه الامور باجمعها تحتم المساواة ولا تقدم تبريرا كافيا للاختلاف واذا كان جمهور فقهاء المسلمين قد قال بمثل ذلك كلا او جزءا وذلك لانه اعتمد على الكتاب وما ورد في الاثر وما رجح بالقياس اوالعقل.
ثانيا :- الزواج في مرض الموت في ظل القوانين المقارنة :-
تبين مما سبق ان الزواج عقد بين رجل وامراة تحل له شرعاً لتكوين اسرة وايجاد نسل بينهما.(63) وان فقهاء الشرع قد اتفقوا على جواز زواج المريض مرض الموت ولكنهم اشترطوا بذلك حصول الدخول وبعكسه فالعقد باطل لا يترتب عليه أي اثر اذا حصلت الوفاة بالنسبة لاي من الزوجين اثناء ذلك المرض. (64) ويجدر بالاشارة ان بعض التشريعات العربية قد تناولت هذا الموضوع من منطلق الاستناد إلى الشريعة الاسلامية اما التشريعات الغربية فقد تناول الموضوع بنهج مختلف، ولذا سنسلط الضوء على موقف كل من التشريعات العربية والتشريعات الغربية كلا في بند مستقل :-
1- موقف التشريعات العربية :-
لقد عد المشرع الاردني الزواج صحيحا في مرض الموتً اذا كان المهر هو مهرالمثل اذ نصت على ذلك صراحة في المادة (60) من قانون الاحوال الشخصية الاردني( اذا تزوج احد في مرض موته ينظر فان كان المهر المسمى مساوياً لمهر مثل الزوجة تأخذه الزوجة من تركة الزوج وان كان زائداً عليه يجري في الزيادة حكم الوصية)).(65) ويتبين من هذا النص ان المشرع الاردني قد اخذ بالراي الراجح في المذهب الحنفي وقرر صحة زواج المريض فله ان يتزوج ولكن بشرط ان لا يزيد المهر على مهر المثل والا كانت الزيادة تبرعاً منه للزوجة فتأخذ حكم التبرع فاذا مات عن هذه الزوجة كان حكم الزيادة حكم الوصية على وفق الحكم العام لتصرفات المريض مرض الموت الوارد في المادة (1128/1) من التقنين المدني لاردني،(66) فليس للزوج المريض ان يحابي الا بقدر الثلث ومازاد على الثلث فلا ينفذ الا باقرار الورثة وكذلك المريضة فشانها كذلك حسب القواعد المقرر قانونا،(67) ولكن يثور سؤال هنا وهو هل تعد غرفة النوم من التركة ؟. فلو توفى الزوج المريض مرض الموت وكان قد اوصى نجارا بصناعة غرفة نوم لزواجه ومات قبل الدخول فهل تعد الغرفة جزء من التركة ؛ وتصبح من حق الورثة ام تعد جزءاً من المهر؟ ام تعد هبة وهبها الزوج لزوجته غير الداخل بها ومن ثم يستحيل عليه الرجوع في هذه الهبة ؟.. في الواقع ان هذا السؤال يحتوي على شقين او حالتين ؛ الحالة لاولى هل تعد غرفة النوم من التركة ؟ والجواب عن ذلك انها تعد من التركة على اعتبار ان غرفة النوم من الاعيان ومن ثم فانها تنتقل الى الورثة بمجرد وفاة المريض ( المورث او الزوج ) ومن ثم تخضع لاحكام الوصية فيما يتعلق بثلث التركة. مع ملاحظة ان الزوجة غير مدخول بها تعتبر من الورثة على وفق احكام المادة (60) من قانون الاحوال الشخصية الاردنية والذي اشير اليه قبل قليل والذي جاء مطلقاً (فيما يتعلق بالدخول وعدمه). اما بالنسبة الى الحالة الثانية وهي هل تعد غرفة النوم هبة وهبها الزوج لزوجته غير المدخول بها ؟.. والجواب عن ذلك انه اذا كانت غرفة النوم هي هبة وهبها الزوج لزوجته في حال صحته فانه لا يجوز الرجوع فيها على وفق احكام المادة (579/1) من التقنين المدني الاردني التي تنص( يعتبر مانعاً من الرجوع في الهبة مايلي : 1- اذا كانت الهبة من احد الزوجين للآخر او لذي رحم محرم مالم يترتب عليها مفاضلة بين هؤلاء بلا مبرر )).(68) اما اذا كان الزوج مريضاَ مرض الموت فان الهبة تخضع لاحكام الوصية استناداً على نص المادة (1128/1) من التقنين المدني الاردني التي تنص : (( كل عمل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت ويكون مقصوداً به التبرع يعتبر تصرفاً مضافاً الى ما بعد الموت وتسري عليه احكام الوصية ايا ما كانت التسمية التي تعطى له )).(69)
ويخلص الينا من هذا :-
1- ان نص المادة (579/1) من التقنين المدني الاردني تمنح للزوجة حق بالاحتفاظ بغرفة النوم كاملة في حالة صحة كل من الزوج والزوجة.
2- اما نص المادة (1128/1) من التقنين المدني الاردني نجد فيها انها تمنح للزوجة حق الاحتفاظ بثلث التركة فقط ( غرفة النوم ) لان تصرفات الزوج المريض مرض الموت حسب هذه المادة تخضع لأحكام الوصية. وهذا ما جاء في المادة (85) من مجلة الاحكام الشرعية.(70) والحقيقة اننا لم نتمكن من العثور على قرارت قضائية في هذا الخصوص.
اما في العراق، فان المشرع العراقي قد عّد الزواج الحاصل في مرض الموت صحيحاً لا يخل بصحة عقد الزواج المستوفي لشرائطه الشرعية استناداً الى القواعد العامة الواردة في قانون الاحوال الشخصية العراقي.(71) وتطبيقاً لذلك نجد ان محكمة التمييز العراقية قد قررت( أن الزواج الحاصل في مرض الموت لا يخل بصحة عقد الزواج المستوفي لشرائطه الشرعية)).(72) كما قررت ان( طلب الزوج اثناء حياته زيادة مهر زوجته المؤجل بحجة وجود خطأ في عقد الزواج ويعتبر اقرار تمليك ويخرج مخرج الثلث من تركته اذا وقع اثناء مرض موته ........)).(73) ولعل قرار محكمة التمييز العراقية هذا هو عين الصواب لما فيه من دقة ووضوح. وفي مصر ، اخذ المشرع بالرأي الراجح في المذهب الحنفي كما اخذ به المشرع الاردني،(74) وقرر صحة زواج المريض فله ان يتزوج ولكن على ان لا يزيد المهر عن مهر المثل والا كانت الزيادة تبرعاً منه للزوجة فتأخذ حكم التبرع حتى اذا مات عن هذه الزوجة كان حكم الزيادة حكم الوصية على وفق الحكم العام لتصرفات المريض مرض الموت الوارد في المادة (916) من التقنين المدني المصري.(75)
2- موقف التشريعات الغربية :-
لدى دراسة مرض الموت في القوانين الفرنسية ، (76) يتبين انها من المسائل الخلافية في الفقه التقليدي،(77) وفي الفقه والقضاء ومهما يكن من امر فان الزواج الذي يربط بين المرأة و الرجل وهو في مرضه الاخير هو زواج صحيح.(78) وقدأهمل المشرع الفرنسي في المادة (909) مدني فرنسي،(79) ما اذا كان الموهوب له من الاطباء والصيادلة ورجال الدين زوجاً للمريض ام لا بحيث يبطل التصرف الصادر له من زوجته على وفق المادة (909) مدني فرنسي او لا يبطل ويرى الفقه الفرنسي ان هذا لا يمكن الا ان يكون نسياناً من المشرع الفرنسي،(80) وقد قرر القضاء الفرنسي صحة العطايا بين الزوجين اذا كان احدهما معالجاً للآخر في مرضه الاخير الا اذا ثبت ان العناية الطبية كان سببها المنفعة او المصلحة وليست بسبب العاطفة الزوجية، فمبنى الاستثناء من البطلان هو العاطفة والمودة بين الزوجين، وللقاضي سلطة في تحديد ذلك وفقاً للظروف والملابسات التي منها (81) :- 1- الزواج في المرض الاخير ( derniere-maladi) بحسن نية. 2- الزواج في هذا المرض بقصد التحايل على المادة (909) من التقنين المدني الفرنسي وعدم تطبيقها وبطلان التصرف في حقه الا اذا كان زوجاً سيء النية. 3- استغلال نفوذ الطبيب (الزوج على زوجته) ومن ثم لا تكون العطية له ( أي الهبة ) اساسها المحبة العاطفية بين الزوجين. اما في الولايات المتحدة الامريكية، نجد ان العديد من هذه الولايات تنص على حقوق الزوج الذي ما زال على قيد الحياة (باب قواعد الشريعة العامة[ common law] ) والتي تنظم للموصي حق توزيع حقوقه من خلال وصية انما يكون فيها [ الموصي ] متبرعاً بغير دقة. (82) كما الغى العديد من الولايات حقوق الواهب وتحديدهُ في قانون الشريعة العامة وأحلت محلها الحق المطلق للزوج الذي ما زال على قيد الحياة كوارث يأخذ نصيباً محددا من التركة (estate) سواء اكانت حقيقة ام شخصية.(83) ففي ولاية نيويورك على سبيل المثال لا يمكن للزوج الذي ما زال على قيد الحياة asurviving spouse) ) ان يحرم من الميراث ولا يمكن اجباره على ان يأخذ حصة تترك له [ بالوصية ] تقل عن مقدار الحصة المحددة له بالتشريع (statute). فالوصايا التي تخرج مخرج الصدقة لا يستطيع الشخص ان يترك اكثر من صافي تركته (net estate) كصدقة اذا ترك زوجاً اوابنا او فرعاً او احد الوالدين على قيد الحياة.(84) ومن هنا فانه بمجرد زواج المريض مرض الموت فان الورثة والدائنين يتضررون من ذلك وذلك لان المريض مرض الموت قد ادخل وارثاً جديداً وهي الزوجة. الا ان الزوج المريض مرض الموت لا يضمن ذلك الضرر على اعتبار ان الزواج من حقه وبالتالي فانه لا يضمن هذا الضرر على وفق التقنين المدني العراقي الذي جاء فيه ان: (( الجواز الشرعي ينافي الضمان، فمن أستعمل حقه استعمالاً جائزاً لم يضمن ما ينشأ عن ذلك الضرر )).(85) ولو رجعنا بعد هذا كله إلى القانون الروماني لوجدناه يحرم الهبة بين الزوجين طبقاً لقانون الالواح الاثني عشر والقوانين الرومانية القديمة واللاحقة او السابقة له، ومن هنا يثور سؤال وهو هل من الممكن تصور وجود تبذير في تركة احد الزوجين لمصلحة الزوج الاخر في القانون الروماني ؟ وقد أجيب عن ذلك بانه( يلاحظ ان الهبة بين الزوجين كانت محرمة في القانون القديم [ أي قانون الالواح الاثني عشر والقوانين الرومانية القديمة اللاحقة او السابقة له ] خوفاً من ان يستسلم الزوج لعواطفه نحو زوجه فيتجرد من امواله، وخوفاً من ان يجعل كلاً من الزوجين حقهً في الطلاق طريقاً لتهديد الاخر بالفرقة ولابتزاز امواله مقابل البقاء معه، ثم اصبحت مباحة في القانون الروماني الحديث )).(86)
ويخلص الينا من هذا انه :-
1- ان القانون الروماني لم يميز في إبطاله للهبة بين الزوجين بان تكون هذه الهبة صادرة من الزوج او الزوجة.
2- ان المشرع الروماني ( القديم ) قد افترض ان اموال الزوج الواهب قد تتلاشى بالهبة نتيجة استحواذ الموهوب له على جزء منها او كلها. ولعل مما يجدر قوله هنا ان الشارع الاسلامي كان يخشى على ان لا تضيع اموال المورث او جزء منها بلا مقابل خلال مدة مرض الموت سواء كان هذا المورث زوجاً او اباً ذكرا كان ام انثى الا ان إسباغ الحماية مختلف ففي القانون الروماني تبطل الهبة بين الزوجين وفي الفقه الاسلامي تعامل المحاباة او القدر الذي يحتوي على المحاباة معاملة الوصية.
3- ان المشرع الروماني القديم لم يُجـِز بين هبة الزوج او هبة الزوجة في الحكم اذ قضى بابطال هبة أي منهما تجاه الاخر.
4- يمكن القول بأن القانون الروماني والفقه الاسلامي قد اضفيا مزيدا من الاهتمام على بعض الاموال
_______________________
1- المادة (3) من قانون الأحوال الشخصية العراقي ، مطابق للمادة (2) من قانون الأحوال الشخصية الأردني التي تنص : (( الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً لتكوين أسرة وإيجاد نسل بينهما )).
2- سورة النساء، الاية (3)
3- سورة النور، الاية (32)
4- فتح الباري شرح صحيح البخاري، لابن حجر العسقلاني، ج9،دار المعرفة، بيروت، بدون تاريخ، ص111
5- منهاج مسلم، لابو بكر الجزائري، ط2، مطبعة الانتصار، 1990، ص206، ويذهب الدكتور ياسين صالح عبد الكريم إلى خلاف ذلك اذ لم يميز بين الدخول وبين عدمه بقوله : (( ومن ضمن تصرفات المريض مرض الموت الجائزة (النكاح) حيث ينعقد نكاحه نافذا بدون توقف على اجازة احد وتستحق المراة المهر بشرط ان لا يزيد على مهر المثل فان زاد اخذت الزيادة حكم التبرع، ويكون لمهرها حكم ديون الصحة ... وكما جاز نكاحه يجوز طلاقه ويقع الا انه اذا ابان امراته من غير رضاها اعتُتبر فارا واستحقت الميراث ان مات وهي في العدة وذلك عند الحنفية )). راجع بحثه الموسوم : أحكام تصرفات المريض مرض الموت في الفقه الإسلامي والقانون ، بحث منشور في مجلة كلية النهـرين للحقوق ، المجلد الخامس ، العدد السابع ، آذار ، 2001م، ص85
6- ناصر الجبوري، بحث في تصرفات المريض مرض الموت مقدمة إلى المعهد القضائي العراقي، لسنة2000، ص19، وهذا عكس زواج الصحيح فدخول الزوج بالزوجة ليس بشرط التوارث بينهما، وإنما الشرط هو وجود العلاقة الزوجية وإيجاد نسل.
7- البحر الزخار الجامع لعلماء الأمصار ، لأحمد بن يحيى بن المرتضى ، ج5، ط1، مكتبة الجانجي ، القاهـرة ،1947م، ص319
8- المحلى ، لابن حزم الظاهـري ، ج1، القاهـرة ، 1349هـ، ص27
9- شرح كتاب النيل وشفاء العليل، لمحمد بن يوسف بن أطفيش، ج8، المطبعة السلفية، القاهرة، 1343هـ، ص275
10 - سورة النساء، الآية (3) : (( وان خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعدلوا )).
11- المحلى، لابو محمد علي بن أحمد بن حزم الظاهري ، ج10، المصدر السابق، ص27
12- المصدر ذاته، ج10، ص26
13- جواهر الاخبار، لمحمد بن يحيى بهراق الصعدي، ج5، مطبوع بهامش البحر الزخار، ص318
14- روى ان معاذاً ماتت له أمرتان في الطاعون وكان هو ايضاً مطعوناً. فقال( زوجوني، فاني اكره ان القى الله عزباً)). قال في التلخيص : حديث معاذ انه قال في مرض موته زوجوني لا القى الله عزباً. رواه البهيقي من حديث الحسن عنه مرسلاً، وذكره الشافعي بلاغاً، انظر جواهر الاخبار، المصدر السابق، ص318
15- المحلى، ج10، المصدر السابق، ص26
16- البحر الزخار، ج5، المصدر السابق، ص319
17- ألام ، لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي ، ج4، ط1، المطبعة الأميرية ، مصر ، 1322هـ، ص32
18- محمد خالد الاتاسي ، مجلة الأحكام العدلية وشرحهـا ، ج4، مطبعة حمص ، 1930م، ص679
19- المغني، لابن قدامة، المصدر السابق، ص504، فان قيل: (( لو تزوج وهو شيخ كبير لا يولد له عادة او امرأة ايسة وكان لا يحتاج اليها بسبب ان له نساء غيرها او كان مستغنياً بامرأة له فتزوج اخرى في مرض موته ، فان زواجه هذا ليس من حاجته الاصلية !
قلنا : (( النكاح في اصل الوضع من الحاجات الاصلية والعبرة للاصل لا للعارض وهذه العوارض مما لا يوقف عليها ليبنى الامر عليها )). انظر شرح المجلة ، للاتاسي ، المصدر السابق ، ص679
20- المغني ، لابن قدامة ، ج2، ط1، مطبعة المفار ، مصر ، بدون تاريخ، ص213، أما آية الميراث بين الازواج فهي قوله تعالى( ولكم نصف ما ترك ازواجكم ان لم يكن لهن ولد، فان كان لهن ولد فلكم الربع مما تركن من بعد وصية يوصين بها او دين، ولهن الربع مما تركتم ان لم يكن لكم ولد، فأن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها او دين .........)) انظر سورة النساء، الآية (12)
21- فتاوى عليش، لمحمد عليش، ج1، مطبعة مصطفى محمد، القاهرة، 1355هـ، ص361
22- شرح الخرشي على مختصر سيدي خليل ومعهـ حاشية الشيخ علي ألعدوي الصعيدي ، لابو عبد الله محمد الخرشي ، ج5، ط2، المطبعة الأميرية ، بولاق ، مصر ، 1317هـ، ص234
23- الشرح الكبير على مختصر خليل ومعه حاشيته الشيخ محمد عرفة الدسوقي، لأحمد الدر دير المالكي، مطبعة مصطفى الباب الحلبي، مصر، 1373هـ، ص276
24- فتاوى عليش، المصدر السابق، ص361، وانظر الخرشي، المصدر السابق، ص234
25- انظر المصدرين ذاتهما
26- شرح ابن ناجي على الرسالة ، لقاسم بن عيسى بن ناجي التنوخي ، ج2، المطبعة الجمالية ، بدون سنة طبع، ص52
27- المصدر ذاته
28- مفتاح الكرامة، (الفرائض والموايث)، للعلامة الامام محمد جواد بن محمد الحسيني العاملي، مطبعة الشورى، مصر، 1326 هـ، ص186 وما بعدها، وقد نقل فيه الاجماع على هذا القول عند الامامية.
29- المصدر ذاته، ص188
30- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ، لعلاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني ، ج7 ، ط1 ، مطبعة الجمالية ، القاهـرة ، 1328هـ – 1910م، ص225، وما بعدها.
31- (تبين الحقائق ) شرح كنز الدقائق وبهامشه الشيخ احمد الشلبي، لفخر الدين عثمان بن علي الزيلعي، ط1، ج5، المطبعة الأميرية ببولاق، مصر، 1315هـ، ص23، اذ الدين الذي يلزم المريض بسبب معلوم حكمهُ حكم دين الصحة بلا فرق
32- بدائع الصنائع، للكاساني، المصدر السابق، ص225
33- جامع الفصوليين، وبهامشه حواشي خير الدين الرملي، لمحمود بن اسرائيل المشهور بأبن قاضي سماونة، ج2، ط1، المطبعة الأميرية ببولاق، مصر، 1300هـ، ص171
34- شرح المجلة، للاتاسي، المرجع السابق، ص679
35- الشرح الكبير على مختصر خليل ومعه حاشية الشيخ محمد عرفة الدسوقي ، لأحمد الدردير المالكي ، مطبعة مصطفى الباب الحلبي ، مصر ، 1373هـ ، ص276
36- المصدر ذاته
37- المصدر ذاته
38- كفاية الطالب الرباني، شرح رسالة ابن ابي زيد القيرواني لابي الحسن المالكي، وبهامشه حاشية الشيخ علي العدوي الصعيدي عليه ، ج2، المطبعة التجارية الكبرى ، القاهرة، 1356هـ ، ص70
39- مواهب الجليل لشرح مختصر أبي الضياء سيدي خليل، لابو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعيني المعروف بالحطاب، ج3، ط1، مطبعة السعادة، مصر، 1329 هـ، ص482
40- الدردير وحاشية الدسوقي عليه، المصدر السابق، ص276
41- المصدر ذاته
42- الأم، للشافعي، المصدر السابق، ص31
43- تعد الزوجة مستحقة للميراث فلها الربع عند عدم وجود الولد ولها الثمن في حال وجوده
44- المحاباة، مأخوذة من حبوته اذا اعطيته شيئاً بغير عوض. يقال : حاباه محاباة أي سامحه والمحاباة في اصطلاح الفقهاء هي تبرع ضمن عقد معاوضة. والمراد بالمحاباة هنا : القدر الزائد على مهر المثل.
45- الأم، للشافعي، المصدر السابق، ص31 وما بعدها
46- المصدر ذاته
47-المصدر ذاته
48- المغنى، المصدر السابق، ص504
49- المصدر السابق، ص433
50- القواعد، لابي الفرج عبد الرحمن بن رجب الحنبلي، ط1، مطبعة الصدق الخيرية، مصر، 1933، ص103
51- الانصاف، لعلاء بن سليمان المرداوي الحنبلي، ج7، المطبعة الأميرية، الازهر، بدون تاريخ، ص176
52- القواعد، لابن رجب ، المصدر السابق ، ص103
53- المغنى، المصدر السابق، ص518
54- تذكرة الفقهاء ، لجمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن مطهـر الحلي ، ج2، المطبعة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية ، إيران ، 1968م، ص518
55- المصدر ذاته
56- وهذا يدل على ان الشريعة الاسلامية لم تحدث التمييز بين الرجل والمراة وانما عاملتهما بمعيار واقعي فهي ( أي الشريعة ) لم تضعف دور المراة في الصلاة عند الحيض وغيرها وذلك نتيجة عدم تحملها اعباء الزواج والنفقة على الاولاد واثبت لها الشارع حقا اخر تنفرد به من مثل صحة زواجها ولو كانت في مرض الموت واذا شك البعض في ان دورها ينقص في الصلاة عندما تكون حائضاً فان الشارع قد منحها حق عدم جواز طلاق زوجها في طهر عاشرها فيه ديانة لا قضاء. ومن ثم لو رجعنا إلى مقدمة اتفاقية القضاء على جميع اشكال التمييز ضد المراة التي اعتمدتها الجمعية العامة للامم المتحدة بقرارها المرقم 34/180 والمؤرخ في 18/كانون الاول/1979 التي تقول( واذ تدرك ان تحقيق المساواة الكاملة بين الرجل والمراة يتطلب احداث تغيير في الدور التقليدي للرجل وكذلك في دور المراة في المجتمع والاسرة. وقد عقدت العزم على تنفيذ المباديء الواردة في اعلان القضاء على التمييز بجميع اشكاله ومظاهره........ )). ومن ثم نجد ان هذه المقدمة تتفق فهي لا تخالف نصا في كتاب ولا حديثا صحيحا ولا تعارض اجماعا ولا تشذ عن قياسٍ صحيحٍ يجوز القياس فيه.
57- مفتاح الكرامة (الفرائض والمواريث) ، للعلامة الإمام محمد جواد بن محمد الحسيني ألعاملي ، مطبعة الشورى ، مصر ، 1326هـ، ص188
58- المصدر ذاته
59-الروضةالبهية شرح اللمعة الدمشقية، المصدر السابق، ص326
60- التاج المذهـب لأحكام المذهـب ، شرح متن الأزهـار في فقه ألائمة الأطهـار ، للقاضي احمد بن قاسم الصنعاني ، ط1، دار إحياء الكتاب العربي ، 1947م، ج2، ص52، ج4، ص362
61- التاج المذهب، المصدر السابق، ج2، ص52
62- المحلى، لابن حزم، المصدر السابق، ج10، ص25
63- المادة (2) من قانون الاحوال الشخصية الاردني، وهي مطابقة لنص المادة (3/1) من قانون الاحوال الشخصية العراقي، وتخلو مجموعة قوانين الاحوال الشخصية المصرية من نص يعرف عقد الزواج وكذلك يخلوا قانون الاحوال الشخصية التونسي الصادر بالامر المؤرخ في 16/محرم /1376 هـ من تعريف الزواج ولكن المادة (4) من قانون الاحوال الشخصية العماني الصادر بالمرسوم السلطاني رقم (32) لسنة 1997 تناولت ذلك بقولها ( الزواج عقد شرعي بين رجل وامراة، غايته الاحسان وانشاء اسرة مستقرة برعاية الزوج على اسس تكفل لهما تحمل اعبائها بمودة ورحمة )).
64- انظر ص96 من هذه الرسالة
65- تجدر الاشارة إلى انه لا وجود لمثل هذا النص في قانون الأحوال الشخصية العراقي.
66- ويطابق نص هذه المادة، المادة (1109/1) من التقنين المدني العراقي و المادة ( 916/1) من التقنين المدني المصري.
67- الدكتورمحمد يوسف موسى، الاموال ونظرية العقد في الفقه الاسلامي ( دراسة مقارنة )، دار الفكر العربي، القاهرة، 1987، ص344
68- المادة (579/1) من التقنين المدني الاردني، وهي تقابل المادة (623/ د) من التقنين المدني العراقي التي تنص( يمنع الرجوع في الهبة : د- ان تكون الهبة من احد الزوجين للآخر، ولو وقعت الفرقة بينهما بعد الهبة )).
69- وتطابق هذه المادة نص المادة(1109/1) من التقنين المدني العراقي والمادة (916/1) من التقنين المدني المصري.
70- تنص المادة (85) من مجلة الاحكام الشرعية : (( حكم الهبة في مرض الموت بعد استيفاء شرائطها قبلهُ كحكم الوصية في اعتبارها من الثلث، وتوقفها لو لأحد الورثة )).
71- تنص المادة (7/1) من قانون الاحوال الشخصية العراقي : ((يشترط في تمام اهلية الزواج العقل واكمال الثامنة عشرة )). حيث ان المادة اطلقت هذا الشيء والمطلق يجري على اطلاقه
72- قرار محكمة التمييز العراقية، رقم 2107/شرعية/70 في 22/8/1970، النشرة القضائية ،العدد الرابع ، السنة الاولى ، ص27
73- قرار محكمة التمييز العراقية، رقم 1519 / مواد شخصية / 1978 في 20/8/1978، مجلة الاحكام العدلية، العدد الثالث، سنة 1978، ص74
74- جاء في مذكرة قانون الوصية التفسيرية المصرية على انه: (( اذا جد من الحوادث مالم ينص على حكمه في هذا القانون، فانه يجب الرجوع فيه الى ارجح الاقوال من مذهب ابي حنيفة كما تقضي بذلك المادة (28) من المرسوم بقانون رقم(78) لسنة 1931)).
75- الدكتور محمد يوسف موسى ، الأموال ونظرية العقد في الفقه الإسلامي ، ( دراسة مقارنة ) ، دار الفكر العربي ، القاهـرة ، 1987م، ص344
76- ألغيت في فرنسا السلطة الزوجية ورئاسة الرجل للعائلة بقانون 4 يونيه سنة 1970 نقلاً عن صبحي محمصاني ، المباديء الشرعية والقانونية في الحجر والنفقات والمواريث والوصية في المذهـب الحنفي والتشريع اللبناني ، ط2، دار العلم للملايين ، بيروت ، 1959م.، ص 145، هامش (3)
77- وهناك مشروعان قُدما من كامبسر Cambaciere لم يشر في أي منها الى حالة الشخص في مرضه الاخيرو ولكن هناك مشروعاً مُقدم من جاكمينو Jaqmino اشار في المادة (18) منه الى ان الزوج يعقد في مرضه الاخير ولا تترتب عليه اية اثار مدنية لكن مجلس الدولة الفرنسي رأى إلغاء هذه المادة ولم يبدِ الفقه والقضاء الفرنسيين أي اعتراض على ذلك. انظر في ذلك
Preadel، Jean، op.cit،P:113
78-Preadel، Jean، op.cit،P:167 - 168
79- حيث تنص المادة (909) مدني فرنسي على ان : (( الاطباء والجراحون ورجال الصحة والصيادلة اذا عالجوا شخصا مدة مرضه الذي مات منه ليس لهم ان يستفيدوا من التصرفات بين الاحياء او بالوصية التي يعملها لمصلحتهم خلال هذا المرض .... وتسري هذه الاحكام بالنسبة الى رجال الدين)) .
80- Colunet capitianl، cours clementaire de droit civil 70 eme 7، III، 1950، P:756
81-Series، claaeur، op.cit، P،14
82- A.Lincoln Lavine، manual on commercial Law، forth printting، ،march، 1952 ، P:586
وعلى عكس ذلك نجد ان التقنين المدني الفرنسي قد حدد في المادة (903) منه الحصص المحفوظة والتي لا يجوز التصرف بها واستيفاء فرض معين للورثة 0 انظر في ذلك الدكتور سيدعبد الله علي حسين ، المرجع السابق ، بند (47) ، ص201، وانظر ايضاً شبكة المعلمومات الدولية ( الانترنيت ) عبر الموقع التالي :-
www.Dalloz.org
83- A. Lincoln lavine، op، cit، P:586
يبين استأذنا الدكتور مجيد حميد العنبكي في مؤلفه :مباديء العقد في القانون الإنكليزي، جامعة النهرين ،كلية النهرين للحقوق ،بغداد ،2001 ،ص152، (و) المدخل إلى دراسة النظام القانوني الإنكليزي ، وزارة العدل ، منشورات الدائرة القانونية ،بغداد،1990 ،ص219، ان الأموال في القانون الإنكليزي تتخذ التقسيم الأتي :-
84- A. Lincoln lavine، op.cit، P:586
85-المادة (6) من التقنين المدني العراقي .
86- الدكتورمحمد طه البشير و الدكتورهاشم الحافظ، القانون الروماني ( الاموال والالتزام)، مطبعة جامعة بغداد، طبع على نفقة جامعة بغداد، 1983، ص191.

https://almerja.net/reading.php?idm=79873









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-27, 22:17   رقم المشاركة : 2991
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lets collaborate مشاهدة المشاركة
من فضلك، أبحث عن مذكرات أو كتب حول موضوع: زواج المريض مرض الموت,
عقد الزّواج في مرض الموت
التاريخ: 17رجب 1434 هـ الموافق: 27/05/2013 م
قد يُصاب أحد النّاس بمرض معيّن، وربما يكون خطيراً يؤدِّي إلى الوفاة، وهو ما يسمَّى "مرض الموت". وفي بعض الأحيان، يعمد صاحب هذا المرض إلى عقد زواجه وهو في هذه الحالة، وقد يتساءل البعض حول ما إذا كان هذا العقد صحيحاً في مثل هذه الحالة. وإذا ما جئنا لنستطلع رأي الشَّرع في ذلك، نرى أنّ سماحة المرجع الإسلامي السيّد محمد حسين فضل الله(رض) يقول: "إذا أنشأ المريض في مرض موته عقد زواجه، صحّ منه ونفذ وترتّبت عليه جميع آثاره إذا دخل بها قبل موته، فإن مات قبل الدّخول، بطل العقد وصار ـ من حيث آثاره ـ بمنزلة المعدوم وكأنّه غير موجود، فلا مهر للمرأة ولا ميراث ولا عدّة وفاة، بل ولا تثبت به قرابة المصاهرة من حيث حرمة تزوّج أولاده منها ونحو ذلك.
وكما يبطل العقد بموت المريض نفسه قبل الدّخول، فإنه يبطل ـ أيضاً ـ بموت المرأة الّتي تزوّجها ذلك الرّجل أثناء مرضه إذا ماتت ـ ولو عن غير مرض ـ قبل الدّخول بها أثناء حياة زوجها، ثم مات زوجها في مرضه بعدها، فيبطل العقد ولا تستحقّ عليه مهراً ولا يرثها.
نعم، لو كان الزّوج سليماً، فتزوّج امرأة مريضة، فماتت في مرضها قبل الدّخول، صحّ العقد وترتّبت عليه آثاره من ميراث ومهر وقرابة وغيرها".
ويتابع سماحته(رض): "والمراد من مرض الموت، ما يشمل المرض المؤدّي إلى الموت عادةً، وغيره من الأمراض العادية الّتي يحدث الموت أثناءها دون أن تكون هي سبب موته، كأن مات من غير سبب واضح أو بسبب آخر، سواء قصرت فترة مرضه أو طالت، فلو برأ من مرضه ثم مات قبل الدّخول بأيّ سبب، صحّ عقده وترتّبت عليه آثاره... [فقه الشّريعة، ج3، ص:462].
ويذهب علماء آخرون إلى صحّة زواج المريض في حال (مرض موته) بشرط الدّخول بالزّوجة، فإذا لم يدخل بها حتّى مات في مرضه، بطل عقد الزّواج، ولا مهر للمرأة ولا ميراث ولا عدّة عليها بموته.
ولذا لو ماتت المرأة في مرضه ذلك المتّصل بموته قبل الدّخول، فإنّه يبطل زواجها على الظّاهر، والظّاهر عدم الفرق في الدّخول بها بين القُبُل والدّبر.
وذهب جمهور فقهاء العامّة من الحنفية والشافعية والحنابلة، إلى أنّ حكم الزّواج في حال مرض الموت والصحّة سواء، من حيث صحّة العقد وتوريث كلّ واحد من الزّوجين صاحبه.
أمّا مالك بن أنس، فاعتبر من جهته أنّ العقد لا يصحّ في حال مرض الموت، فإن شفي المريض، هل يصحّ العقد ويثبت؟ فيه عنه روايتان.
ويرى علماء العامّة من أهل السنّة والجماعة، أنّ صحة العقد في مرض الموت يستند إلى عموم الآيات المباركة الّتي شرّعت الزّواج، كقوله تعالى: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء}.. وبما ورد في روايات بعض الصّحابة عن المسألة.
محمد فضل الله
https://www.iraqcenter.net/vb/showthread.php?t=69740









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-27, 22:20   رقم المشاركة : 2992
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lets collaborate مشاهدة المشاركة
من فضلك، أبحث عن مذكرات أو كتب حول موضوع: زواج المريض مرض الموت,
مرض الموت وتصرفات المريض القانونية


من خلال ذلك نلاحظ ان القانون الانكليزي {قانون نصوص العائلة لسنة (1938)}, قد حدد هو الاخر حقوق الورثة في التركة وهو ما يقارب في ذلك من التقنين المدني الفرنسي عندما حدد الحصص المحفوظة . ( [1])



القانون الواجب التطبيق على تصرفات المريض مرض الموت /

لا شك ان الشريعة الاسلامية هي القانون الواجب التطبيق على من يضر بورثته اثناء مرض موته وذلك لان العراق يأخذ باحكامها وهذب تقنينه المدني في ضوئها. والصعوبة تكمن في تحديد القانون الواجب التطبيق على تركة العراقي المتوفى في فرنسا, اذ تكمن الصعوبة في :-

اولا:- تكييف تصرفه وذلك على وفق احكام المادة (17/2) من التقنين المدني العراقي.

ثانيا :- تحديد قاعدة الاسناد التي توجب تطبيق القانون الاكثر انطباقا او الاكثر تركيزا على الموضوع.

ثالثا :- تحديد العوائق والموانع التي تحول دون تطبيق احكام الفقه الاسلامي والتقنين المدني العراقي على الاقليم الاجنبي الذي فيه تكمن اموال المتوفى من مثل اتصال مرض الموت بالاهلية والوصية والتصرف وهي جميعا من النظام العام وكل قاعدة من النظام العام تتعطل فيها فكرة تطبيق القانون الاجنبي ( ومنها بوجه خاص قواعد الاسناد) في دولة وجود الاموال المتصرف بها من قبل المريض مرض الموت, فاذا اكملنا ذلك كله نصطدم بمانع اقوى وأعتى ( مانع عدم جواز تطبيق قانون اجنبي على عقار كائن في الدولة التي يوجد فيها عقار المريض مرض الموت او امواله المنقولة ). وسنستعرض ذلك بشيء من الايجاز اتماما للفائدة دون الد خول في التفاصيل كي لا نخرج عن نطاق البحث.

ان للتكييف اثرا مهما في تعيين القانون الواجب التطبيق, لانه الوسيلة الاساسية في اختيار قاعدة الاسناد وكل اختلاف فيه يجري إلى اختيار قاعدة اسناد دون اخرى. ( [2]) حيث ان مرض الموت يأخذ في الاثار حكم الوصية ولكنه ليس وصية بدليل لو ان المريض مرض الموت برىء او صحى او نجا او شفى من مرضه فلا يستطيع ابطال وصيته او الرجوع عن تصرفه ولكن مع ذلك يحق له الطعن بالغلط في الباعث الدافع إلى تعاقده, ( [3]) فهو اذن حكم يتعلق في عين المتصرف به. ( [4] ) وهذا يستتبع تطبيق قانون موقع المنقول وموقع العقار على الاموال المتصرف بها اثناء مرض الموت عملا باحكام المادة (24) مدني عراقي. فبالنسبة للمنقول يطبق قانون الدولة التي يوجد فيها المنقول اما العقار فيطبق قانون موقع العقار. ( [5]) وهذا الحكم يتعلق بالعين المتصرف بها.

اما فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق, نجد ان جانب من الفقه الفرنسي يبرر قاعدة خضوع المال وبصفة خاصة العقار لقانون موقعه على اساس ان سلامة المعاملات تستلزم الاخذ بهذا الحل, ( [6]) ففي حالة ما اذا مات عراقي وكان له عقارات في فرنسا فمن خلال التكييف يطبق قانون العين المتصرف بها وهي عقارات في فرنسا على وفق ما تشير اليه قاعدة الاسناد العراقية في المادة (24) من التقنين المدني العراقي, في حين ان فرنسا لا تعرف مرض الموت اذن فعلى الوارث العراقي ان يبطل التصرف لا على اساس مرض الموت وانما على اساس آخر وهو الهبة (او أي تصرف قانوني اّخر) إضرارا بالورثة ذوي الصفة المحفوظة وهذا يخفف عليهم عبء اثبات مرض الموت ولكنه يزيد عليهم من شدة وطأة المركز القانوني وذلك بان يكونوا من الورثة ذوي الحصص المحفوظة حصراً وليس كل وارث في القانون الفرنسي له حصة محفوظة فالشقيق وأبن الأخ والأخت وغيرهم هؤلاء ليسوا ذوي صفة محفوظة فيستطيع المورث العراقي ان يضر بهم ويحرمهم من الميراث كزاوجه من امرأة أخرى وهبة كافة امواله لها بطريق البيع مثلا اما لو كانت هذه العقارات موجودة في العراق وثبت تصرف مورثهم خلال مرض موته وتحققت شروط مرض الموت واثاره فيكون للورثة حينئذ حق التمسك بالطعن في تصرفات مورثهم بكونها تصرفات صادرة في مرض الموت.

نستنتج مما تقدم ما ياتي :-
1- التكييف المقصود به ليس التكييف بالمعنى الحرفي للقانون العراقي المنصوص عليه في المادة (17/1و2) منه, ( [7]) اذ ان التكييف تقلبت اوجهه من مرض موت إلى احكام الوصية وليست الوصية والتي تنص على العين الموصى بها واخيرا ينتهي التكييف بنا إلى كون المسالة عينية فنستنتج بأن المقصود منها هو الحالة الاخيرة التي ينطبق عليها مفهوم القانون الاجنبي ونقصد بها تعلقها بالعين المتصرف بها خلال مرض الموت والعين هنا هي العقار.

2- ان القانون الفرنسي يخفف على الوارث العراقي عبء اثبات مرض الموت اذا كان مركزه في استحقاقه من التركة وارث ذي صفة محفوظة كأن يكون زوجا او بنتا للمورث.

3- ان القانون الفرنسي يفوت عليه الحماية ويسقط حقه سقوطا تاما لو كان وارث ذي صفة غير محفوظة كأن يكون أخاً او ابن عم او ابن خال ونحوه.



●المطلب الثاني●

- المعاوضة -

عقد المعاوضة هو عقد بموجبه يعطي احد العاقدين شيئا مقابل الحصول على شيء اخر, ( [8]) وعقد البيع من اهم عقود المعاوضة, والمريض كقاعدة عامة غير ممنوع من التصرف معاوضة ما دام بثمن المثل لعدم وجود الضرر لكن المريض قد يبيع او يشتري بغبن فاحش عندئذ يختلف الحكم ففي الفقه الاسلامي اذ ما باع رجل في مرض موته مال بأقل من ثمن المثل ثم مات مدينا وتركته مستغرقة كان لاصحاب الديون ان يكلفوا المشتري ابلاغ ثمن ما اشتراه الى ثمن المثل واكماله وادائه للتركة فان لم يفعل فسخوا البيع ولو كان الغبن يسيرا سواء اجاز الورثة هذا البيع او لم يجيزوه وهكذا الحكم فيما لو اشترى المريض مالا باكثر من ثمن المثل أي ان للغرماء ان يستردوه منه ما زاد على ثمن المثل وان رفض فلهم فسخ البيع واسترداد الثمن. ( [9])

وعلى ذلك سنعالج هذا الموضوع في الفقه الاسلامي ومن ثم نستعرض موقف القوانين المقارنة منه كلا في فقرة مستقلة.





اولا :- البيع في مرض الموت في ظل الفقه الاسلامي :-



اذا باع المريض شيئا من اعيان ماله فمثل هذا البيع قد يكون لاجنبي وقد يكون لوارث الامر الذي يتطلب معالجة كلا من هذين الفرضين في بند مستقل :-

أ- بيع المريض ماله لأجنبي:-
هنا يفرق في احكام بيع المريض ماله لاجنبي بين ما اذا كان المريض غير مدين وبين ما اذا كان مديناً.

1- بيع المريض غير المدين ماله لأجنبي :- فرق فقهاء المسلمين في هذا البيع حالة ما اذا كان بيع المريض غير المدين للاجنبي بثمن المثل وما يتغابن الناس بمثله وبين حالة ما اذا كان مع المحاباة وسنستعرض اراءهم مفصلة فيما يأتي :-



حالة بيع المريض غير المدين لأجنبي بثمن المثل :- اتفق الفقهاء من الحنفية, ( [10]) والشافعية, ( [11]) والمالكية, ( [12]) والحنابلة, ( [13]) والزيدية, ( [14]) والامامية, ( [15]) والظاهرية, ( [16]) على ان المريض اذا باع شيئا من اعيان ماله لاجنبي بثمن المثل يتغابن الناس بمثله , فبيعه صحيح نافذ على البدل المسمى , لان المريض غير محجور عن المعاوضة المعتادة التي لا تمس حقوق دائنيه وورثته . حيث جاء في المادة ( 359 ) من مرشد الحيران( يجوز بيع المريض في مرض موته لغير وارثه بثمن المثل او بغبن يسير , و لا يعد الغبن اليسير محاباة عند عدم استغراق الدين )). ( [17])

حالة بيع المريض غير المدين لاجنبي مع المحاباة :- اختلف فقهاء المسلمين في حكم محاباة المريض غير المدين لاجنبي في البيع, حيث قال الحنفية( اذا باع المريض شيئا من ماله لاجنبي محاباة في البيع, فيفرق بين ما اذا كان ثلث ماله يحمل هذه المحاباة وبين ما اذا كانت المحاباة اكثر منه – فان كانت المحاباة بحيث يحملها الثلث فان البيع صحيح ونافذ على البدل المسمى , لان المريض له ان يتبرع لغير وارثه بثلث ماله , ويكون هذا التبرع نافذا وان لم تجزه الورثة – ( [18]) اما اذا كانت المحاباة اكثر من ثلث ماله , فينظر : ان اجازها الورثة نفذت لان المنع كان لحقهم , وقد اسقطوه. وان لم يجيزوها , فيفرق بين ما اذا لم يكن البدلان في البيع من جنس واحد من الاموال الربوية , وبين ما اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير النقدين :-

الحالة الاولى: - فان لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية وزادت المحاباة على الثلث , ولم يجزها الورثة, فيخير المشتري بين ان يدفع للورثة قيمة الزائد على الثلث ليكمل لهم الثلثين وبين ان يفسخ البيع ويرد المبيع الى الورثة ويأخذ ما دفعه من الثمن ان كان الفسخ ممكنا , اما اذا تعذر الفسخ كما اذا هلك المبيع تحت يده او اخرجه عن ملكه ,الزم باتمام الثمن الى ان يبلغ القيمة. ( [19])

الحالة الثانية : - اما اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير النقدين, وكانت المحاباة بأكثر من ثلث ماله ولم يجزها الورثة, فليس للورثة ان يلزموا المشتري بان يدفع لهم الزائد او يفسخ البيع لان هذا يؤدي الى ربا الفضل . لهذا ينسب الثلث الى المحاباة ويصح البيع بقدر النسبة ويبطل فيما عداها والمشتري بالخيار بين فسخ العقد لتفرق الصفقة عليه, وبين الرضا بالبيع في القدر الباقي . ( [20]) وجاء في المادة (360 ) من مرشد الحيران انه( اذا باع المريض في مرض موته لغير الوارث بغبن فاحش, ( [21]) نقصاً في الثمن , فهو محاباة تعتبر من ثلث ماله فان خرجت من ثلث ماله بعد الدين بان كان الثلث يفي بها لزم البيع وان كان الثلث لا يفي بها بان زادت عليه, يخير المشتري بين ان يدفع للورثة الزائد على الثلث لاكمال ما نقص من الثلثلين او يفسخ البيع )). ( [22])

في حين قالت الشافعية : (( اذا باع المريض شيئأ من اعيان ماله للاجنبي , محاباة في البدل , فحكم هذه المحاباة حكم الوصية للاجنبي , تنفذ من ثلث ماله وما زاد على الثلث يتوقف على اجازة الورثة فان اجازوها نفذت والا خُير المشتري بين رد المبيع ان كان قائما , ويأخذ ثمنه الذي دفعه وبين ان يعطي الورثة الفضل عن ما يتغابن الناس بمثله مما لم يحمله الثلث, وان كان المبيع هالكا رد الزيادة على ما يتغابن الناس بمثله مما لم يحمله الثلث وكذا اذا كان المبيع قائما لكنه قد دخله عيب )). ( [23])

اما المالكية فتقول ( اذا باع المريض ماله لاجنبي بأقل من ثمن المثل وما يتغابن الناس بمثله , فأما ان يقصد ببيعه بأقل من ثمن المثل نفع المشتري واما ان لا يقصد ذلك . ففي الحالة الاولى فأن قصد ببيعه ماله باقل من قيمته بكثير نفع المشتري , فما نقص عن القيمة يعتبر محاباة حكمها حكم الوصية للاجنبي , تنفذ من ثلث ماله ان حطها الثلث , وتبطل في القدر الزائد على الثلث ان لم يجزها الورثة وان اجازوها جازت وتكون ابتداءً عطية منهم تفتقر الى الحوز. ( [24]) والوقت المعتبر في تقدير قيمة المبيع هو وقت البيع لا وقت موت البائع. ( [25]) اما في الحالة الثانية اذا لم يقصد ببيعه ماله بأقل من قيمته بكثير نفع المشتري , كان وقع منه ذلك جهلاً بقيمته , فهو غبن يصبح معه البيع على البدل المسمى وينفذ ولا يعتبر النقصان عن ثمن المثل من الثلث مهما بلغ )).

اما الحنابلة فيقولون ( اذا حابى المريض الاجنبي في البيع فالبيع صحيح وتنفذ المحاباة من ثلث ماله ان حطها . اما اذا كانت اكثر من الثلث فينظر : ان اجازها الورثة نفذت , وان لم يجيزوها فيفرق بين ما اذا لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية. ( [26]) وبين ما اذا كانا من جنس واحد من الاموال الربوية غير الثمنين . ففي الحالة الاولى , فان لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية , وزادت المحاباة على الثلث ولم يجزها الورثة بطل البيع في قدر الزيادة على الثلث , وسلم للمشتري الباقي , وكان بالخيار بين فسخ البيع وبين ان يأخذ ما سلم له من البيع. ( [27]) وفي الحالة الثانية , اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير الثمنين , وزادت المحاباة على الثلث ولم يجزها الورثة فينسب الثلث الى المحاباة ويصح البيع, بقدر النسبة , ويبطل فيما عداها , والمشتري بالخيار بين فسخ البيع لتفرق الصفقة عليه , وبين الرضا بالبيع في القدر الباقي وانما فعل ذلك لئلا يفضي الى الربا )). ( [28])

اما الأمامية فذهب فريق منهم الى : (( ان البيع صحيح ونافذ على البدل المسمى سواء اكانت المحاباة قليلة أم كثيرة , حملها ثلث ماله ام كانت اكثر منه )). ( [29]) وقال فريق آخر من الامامية : (( ان البيع صحيح ونافذ على البدل المسمى ان كانت المحاباة قدر ثلث ماله او أقل , اما اذا كانت المحاباة اكثر من ثلث ماله فينظر : ان اجازها الورثة نفذ البيع على العوض المسمى, ( [30]) اما اذا لم يجيزوها , فيفرق بين ما اذا لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية, وبين ما اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير الثمنين . ففي الحالة الاولى , فان لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية وزادت المحاباة على الثلث ولم يجزها الورثة , بطل البيع في قدر الزيادة على الثلث , والمشتري بالخيار بين فسخ العقد لتفرق الصفقة عليه وبين ان يأخذ من المبيع بقدر ما دفع من الثمن وما حمله ثلث مال المريض وان اراد ان يدفع للورثة قيمة الزائد على الثلث من المحاباة ليسلم له كل المبيع , فالورثة بالخيار بين القبول والرد. وفي الحالة الثانية , اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير الثمنين وزادت المحاباة على الثلث ولم يجزها الورثة فينسب الثلث الى المحاباة ويصح البيع بقدر النسبة ويبطل فيما عداها )). ( [31])

يتضح لنا مما تقدم ان المريض غير المدين اذا باع شيئاً من اعيان ماله لأجنبي , وكان في بيعه محاباة يحملها ثلث ماله , فان بيعه صحيح نافذ على البدل المسمى عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة والامامية والظاهرية . اما اذا كانت المحاباة اكثر من ثلث مال المريض فقد اتفقت هذه المذاهب ايضا على ان هذا البيع صحيح نافذ على العوض المسمى ان اجاز الورثة القدر الزائد من المحاباة على الثلث لان المنع لحقهم وقد اسقطوه , اما اذا لم يجزه الورثة فقد راينا اختلاف الفقهاء في ذلك ولكن يمكن ان نخرج مما تقدم بما مايأتي :-

ا – اذا لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية , وهو قول الحنابلة وفريق من الامامية , فحكمه هو بطلان البيع في قدر الزيادة على الثلث , ونفاذه فيما عداها ان كانت محاباة المريض باكثر من ثلث ماله ولم يجزها الورثة , ومنع المشتري الخيار بين فسخ العقد وبين اخذ ما سلم له مقابل ما دفعه من الثمن , وما جاز له من المحاباة التي حملها الثلث وذلك لان فيه مراعاة لحق الورثة المتعلق بثلثي مال المريض ولخلوه عن اجبار الورثة على المعاوضة على غير الوجه الذي عارض به مورثهم ولمراعاته لحق المشتري بتخييره بين فسخ العقد لتفرق الصفقة عليه او القبول به في القدر الذي سلم له من المبيع ولعلاقته من الايراد عليه .

ب – اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير الثمنين , وهو قول الحنفية والحنابلة وفريق من الامامية , فحكمه هو ان ينسب ثلث ماله الى المحاباة ويصح البيع بقدر النسبة , ويكون المشتري بالخيار بين فسخ البيع لتفرق الصفقة عليه , وبين القبول به في القدر الباقي لان القول برد المشتري قيمة الزيادة من المحاباة على الثلث الى الورثة ليسلم له كل المبيع كما ما ذهب اليه من الشافعية ومن وافقهم المؤدي الى ربا الفضل فكان تصحيح البيع بقدر هذه النسبة فيها منجى او الخلاص من الوقوع في الربا ونحن نؤيد ذلك - والله اعلم-

2 - بيع المريض المدين ماله لاجنبي :- اذا باع المريض المدين ماله لاجنبي , فقد فرق الحنفية في حكم بيعه بين ما اذا كان دينه مستغرقا لماله او غير مستغرق , لذا سنوضح هذين الحالتين كما يأتي :-

حالة بيع المريض المدين بدين مستغرق لاجنبي :- اذا باع المريض شيئاً من ماله لاجنبي بثمن المثل وكان مديناً بدين مستغرق فأن البيع صحيح ونافذ على العوض المسمى ولا حق للدائنين في الاعتراض عليه , لان حقهم متعلق بمالية التركة لا بأعيانها, ( [32]) والمدين وان كان قد اخرج شيئا ً من ملكه بهذا البيع الا انه قد ادخل فيه ما يقابله من الثمن المساوي لقيمته . اما اذا كان في البيع محاباة للمشتري فلا تنفذ المحاباة سواء اكانت قليلة ام كثيرة الا باجازة الدائنين لتعلق حقهم بماله فان لم يجيزوا خُير المشتري بين ان يبلغ المبيع تمام قيمته ولا اعتراض للدائنين عليه اذا لا ضرر يلحقهم وبين فسخ العقد واخذ ما دفعه من الثمن ان كان الفسخ ممكناً . اما اذا تعذر الفسخ كما اذا هلك المبيع تحت يده او اخرجه من ملكه الزم باتمام الثمن الى ان يبلغ القيمة. ( [33]) كما وجاء في المادة (361) من مرشد الحيران : (( اذا باع المريض لاجنبي شيئاً من ماله بمحاباة فاحشة او يسيرة وكان مديوناً بدين مستغرق لماله فلا تصح المحاباة سواء اجازته الورثة او لم يجيزوه ويخير المشتري من قبل اصحاب الديون , فان شاء أبلغ المبيع تمام القيمة , والا فسخ البيع . فان كان قد تصرف في المبيع قبل فسخ تلزمه قيمتهُ بالغة ما بلغت )). ( [34])

حالة بيع المريض المدين بدين غير مستغرق لأجنبي :- اذا باع المريض شيئا من ماله لاجنبي بثمن المثل وكان مدينا بدين غير مستغرق لماله , صح البيع ونفذ على البدل المسمى اما اذا كان فيه محاباة , فيخرج مقدار الدين من التركة ويأخذ هذا البيع حكم البيع فيما لو كان المريض غير مديون اصلاً بالنسبة للمبلغ الباقي بعد الاخراج. ( [35])

ب- بيع المريض ماله لوارث –

اذا باع المريض شيئاً من ماله لوارثه , فينبغي ان نفرق بين ان يكون المريض البائع غير مدين وبين ان يكون مديناً.

1 - بيع المريض غير المدين ماله لوارث :- اختلف الفقهاء في حكم بيع المريض غير المدين ماله لوارثه, فنرى ان للحنفية في هذا الحكم قولين : احدهما قول ابي يوسف ومحمد بن الحسن وابن ابي ليلى , وهو يُفرق في هذه الحالة بين ان يكون البيع بمثل القيمة وبين ان يكون مع محاباة :-

أ – فان باع المريض وارثه عيناً من ماله بمثل القيمة وبما يتغابن الناس بمثله , فان بيعه يكون صحيحاً ونافذاً لانه ليس فيه ابطال لحق الورثة عن شيء مما يتعلق حقهم به وهو المالية , فكان الوارث والاجنبي في ذلك سواء. ( [36])

ب – اما اذا باع المريض وارثه عينا من ماله محاباة في ثمنه , فأن البيع يتوقف على اجازة الورثة سواء حمل ثلث ماله هذه المحاباة ام لم يحملها , فان اجازوه نفذ والاخير الوارث بين ان يبلغ المبيع تمام القيمة وعندها يسقط حق الورثة في الاعتراض عليه وبين ان يفسخ البيع ويرد المبيع الى التركة ويستلم الثمن الذي دفعه للمورث. ( [37]) ولكن بيع المريض مرض الموت لوارثه بثمن المثل لا يجوز, ( [38]) ويُرجح بعض الكتاب راي ابو حنيفة بقولهم : (( ارى ترجيح ما ذهب اليه الامام ابو حنيفة ( رضي الله عنه ) دفعاً لما قد يحدث من ايثار بعض الورثة بعين معينة من التركة , فان الاعيان وان حلت قيمتها محلها الا انها تختلف اختلافاً كبيراً باختلاف اغراض استخدامها )). ( [39])

وثانياً قول الامام ابي حنيفة وهو ان البيع يكون موقوفاً على اجازة باقي الورثة فان اجازوه نفذ وان ردوه بطل سواء اكان البدل مساوياً لمثل القيمة او كان فيه محاباة. ( [40])

اما الشافعية فذهبوا الى انه يجوز للمريض ان يبيع ما شاء من اعيان ماله الى أي شخص من ورثته , وينفذ بيعه على العوض المسمى اذا كان البيع بمثل القيمة او بما يتغابن الناس بمثله , وبه قال الظاهرية. ( [41]) حيث جاء في الام( قال الشافعي : واذا باع الرجل المريض بيعاً من بعض ورثته بمثل قيمته او بما يتغابن الناس به ثم مات فالبيع جائز , لا هبة ولا وصية فيرد )). ( [42])

اما المالكية فذهبوا الى انه اذا باع المريض وارثه شيئا من ماله دون محاباة فالبيع جائز ونافذ على البدل المسمى , حيث جاء في المدونة( قلت : ارايت ان بعت عبداً لي من ابني في مرضي ولم احابه , ايجوز ام لا ؟ قال : نعم اذا لم يكن فيه محاباة )). ( [43])

اما الحنابلة فيقولون : يجوز للمريض ان يبيع ما شاء من ماله لوارثه , وينفذ بيعه اذا كان بثمن المثل. ( [44]) وجاء في المغنى انه( لو عاوض المريض بعض ورثته اواجنبياً بجميع ماله , صح اذا كان بثمن المثل )). ( [45])
اما الامامية فيقولون : اذا باع المريض شيئاً من ماله لوارثه بثمن المثل وما يتغابن الناس بمثله صح البيع ونفذ على البدل المسمى . وعلى هذا اجمع الامامية كما ذكر الحلي في تذكرة الفقهاء. ( [46])

يتضح لنا من كل ما تقدم ان الرأي الراجح هو قول الامام ابي حنيفة وابي الخطاب من الحنابلة وهو ان بيع المريض غير المدين لوارثه أي عين من أعيان ماله يتوقف على اجازة باقي الورثة سواء اكان بيعه هذا بثمن المثل او أقل منه أو اكثر , وذلك لان حق الورثة يتعلق بمال المريض صورة ومعنى اذا كان تصرفه مع وارث دفعاً للغضاضة عن باقي الورثة لان بيع المريض لوارثه شيئاً من اعيان ماله فيه ايثار له عن باقي الورثة ولو كان بمثل القيمة او باكثر منها. ( [47]) لان للناس في الأعيان إغراضا ومقاصد , ومن حق الورثة ان يضمنوا عدم ايثار المريض لبعضهم على بعض باعيان يختارها لهم ولو كانت بقيمتها او بأكثر لان هذا يؤدي الى الحقد والحسد ويثير في نفوسهم الضغينة والبغضاء , وقد نهى الله – سبحانه وتعالى – عن ذلك. ( [48])

2- بيع المريض المدين لوارث :- اذا باع المريض المدين ماله لوارث , فاما ان يكون دينهُ مستغرقاً لتركته واما ان يكون غير مستغرق . وسنعالج هاتين المسألتين كالاتي :-

حالة بيع المريض المدين بدين مستغرق لوارث :- اتفق الامام ابو حنيفة واصحابه على ان المريض المدين بدين مستغرق اذا باع ماله لوارث بثمن المثل فان البيع صحيح نافذ على البدل المسمى , و لا حق للدائنين في الاعتراض عليه لان حقهم متعلق بمالية التركة لا باعيانها , والمريض وان كان قد اخرج شيئا من ملكه بهذا البيع الا انه قد ادخل فيه مايقابله من الثمن المساوي لقيمته , اما اذا كان في بيع المريض المدين محاباة للوارث في البدل فلا تنفذ المحاباة سواء اكانت قليلة أم كثيرة الا بأجازة الدائنين . فان اجازوها نفذت وان ردوها خيّر المشتري بين ان يبلغ المبيع تمام قيمته , ولا اعتراض للدائنين, وبين فسخ البيع وأخذ ما دفعه من الثمن ان كان الفسخ ممكناً , اما اذا تعذر لهلاك المبيع تحت يده وما اشبهه , فيلزم المشتري بأتمام الثمن الى ان يبلغ القيمة. ( [49]) اما بالنسبة للوارث فان حقه متعلق باعيان التركة وماليتها من قبل ان يكون العقار قد استملك في عهد المورث ودفعت بيت المال او الدولة بدل استملاك للورثة فهذا حق للورثة في مالية التركة . وعليه فان حقهم لا ينحصر في الاعيان دون المالية ولا المالية دون الأعيان .

حالة بيع المريض المدين بدين غير مستغرق لوارث :- اذا باع المريض المدين بدين غير مستغرق ماله لوارث , فيخرج مقدار الدين من التركة , ويحكم على البيع في القدر الزائد على الديون بحكم البيع فيما لو كان المريض غير مدين أصلا . ( [50])

وعليه , مثل البيع في كل الاحوال المتقدمة الشراء , فأذا اشترى المريض مرض الموت من وارثه الصحيح او من اجنبي وكان غير مديون او كان مديونا اتبعت الاحكام المتقدمة في البيع. ( [51])
جاء في الفتاوى الهندية : (( صورة المحاباة ان يبيع المريض ما يساوي مئة بخمسين او يشتري ما يساوي خمسين بمائة , فالزائد عن قيمة المثل في الشراء , والناقص في البيع محاباة )). ( [52])

وعليه : (( لما كان مرض الموت سبباً عادياً في الموت الذي به يتحقق العجز التام , وخراب الذمة بحيث لا تصلح لتعلق الدين بها , وبه يثبت خلافة الورثة في تركته وصار حق الورثة والغرماء متعلقاً بالتركة من وقت حدوث ذلك المرض لان الحكم يستند الى ادلة السبب .....)). ( [53])



ثانيا :- البيع في مرض الموت في ظل القوانين المقارنة/

يّعدُ البيع اهم العقود الواردة على الملكية على الاطلاق من الناحيتين التشريعية والعملية , فعقد البيع ينشأ ككل العقود بألتقاء ايجاب وقبول متوافقين أي بالتقاء ارادة كل من البائع والمشتري ويشترط في هاتين الارادتين توافر ما يتطلب من شروط لصحة التصرفات القانونية بصفة عامة ويجب ان يحدد الثمن بالصورة التي لا تتناقض مع احكام القانون او طبيعة البيع باعتباره عقد معاوضة لان البيع عقد ناقل للحق نظير عوض على ان يتم النقل حال حياة البائع , فاذا كان النقل بلا عوض فالعقد هبة وان كان مضافاً الى بعد وفاة الناقل فهو وصية , ويشترط في العوض ان يكون مبلغاً من النقود والا كان العقد مقايضة لا بيعاً. ( [54]) وقد وردت في التقنينات المدنية العربية الاخرى نصوصاً فيما يتعلق بالبيع في مرض الموت فنجد ان المشرع الاردني قد نص على البيع في مرض الموت في المواد(544- 545 – 546 -547) من التقنين المدني الاردني. ( [55]) بحيث نجد ان المشرع الاردني من خلال هذه المواد قد فرق في هذا المجال بين التصرفات التي تكون لوارث او غير وارث :-

أ- البيع لوارث :-

بمقتضى حكم المادة ( 544/1) من التقنين المدني الاردني يكون حكم بيع المريض مرض الموت مالاً لورثته غير جائز الا اذا اجازهُ بقية الورثة فلقد نصت هذه المادةعلى انه : (( بيع المريض شيئاً من ماله لأحد ورثته لا ينفذ مالم يجزه باقي الورثة بعد موت المورث )). ( [56]) ومن ثم يثور هنا تساؤل وهو هل عندما لا يكون البيع ببدل المثل ؟ والجواب عن ذلك ان النص هنا مطلق والمطلق يجري على اطلاقه , اذ لا يفرق التقنين المدني الاردني بين حالة ما اذا كان بيع المورث لوارثه ببدل المثل وحالة بيع المورث لوارثه باقل من بدل المثل في الحالتين اذ يكون البيع في هاتين الحالتين غير نافذ في حق الورثة لانه موقوف على اجازة بقية الورثة , والاثر القانوني لهذا البيع الموقوف استخلصهُ التقنين المدني الاردني من فقه أبي حنيفة ( رحمه الله ) من حيث ان المورث قد يتحيز للوارث بسبب حالته النفسية المضطربة بحيث انه قد يتفق مع الوارث على بدل قريب من بدل المثل بقصد الاضرار ببقية الورثة . والملاحظ هنا انه لم يعلق على بدل المبيع.

ب – البيع لغير وارث ( لأجنبي ) :-

من استقراء حكم المادة ( 544/2) من التقنين المدني الاردني والمادة ( 545) من التقنين المدني الاردني يتبين بصورة واضحة, ( [57]) ان بيع المريض لاجنبي بثمن المثل او بغبن يسير لا يتوقف على اجازة الورثة. ( [58]) والسبب في ذلك ان البيع في هذه الحالة بعيد عن الشبهة والشك والريبة والتحيز وان كان فيه غبن فهو مما يتسامح فيه عادة او يكون بصورة طبيعية واعتيادية في التعامل اليومي للافراد حتى الاصحاء منهم. ( [59]) هذا وقد قررت محكمة تمييز الحقوق الاردنية انه : (( ان بيع المريض مرض الموت ماله لاحد ورثته او اكثر اثناء مرض موته يعتبر وفقاً للمادة( 393) من المجلة والتي اخذ القانون المدني في المادة (544/1) بها بيعاً صحيحاً موقوفاً على اجازة بقية الورثة فأن اجازوه لزم وان لم يجيزوه فسخ )). ( [60]) ولكن الشبهة وعدم الحياد يظهر عندما يكون البيع بغير بدل المثل , فقد نصت المادة (545) من التقنين المدني الاردني على : (( 1- بيع المريض من اجنبي بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت نافذ في حق الورثة اذا كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تتجاوز ثلث التركة داخلا فيها المبيع ذاته. ( [61]) 2- أما اذا تجاوزت هذه الزيادة ثلث التركة فلا ينفذ البيع مالم يقره الورثة او يكمل المشتري ثلثي قيمة المبيع والا كان للورثة فسخ البيع. ( [62]) )). ( [63]) وهناك حالة ان يبيع المريض مرض الموت ماله بأقل من قيمة المثل وهو مدين وتركته مستغرقة بالديون, ( [64]) فما الحكم في هذه الحالة؟

تناولت حكم هذه الحالة المادة ( 546) من التقنين المدني الاردني واجابت عنه فنصت على انه : (( لا ينفذ بيع المريض لاجنبي بأقل من قيمة مثله ولو بغبن يسير في حق الدائنين كانت التركة مستغرقة بالديون وللمشتري دفع ثمن المثل والاجاز للدائنين فسخ البيع )). ( [65])

ان الحكمة من هذا النص هو دفع الضرر عن الدائن المتعلقة حقوقهم بالتركة وذلك بالحفاظ عليها وعدم الانتقاص منها, ( [66]) حتى يتحقق قول الرسول عليه افضل الصلاة والسلام انه ( لا ضرر ولا ضرار ). ( [67]) ومن الجدير بالذكر اذا باع المورث امواله وهو في مرض موته وكان بيعه بمحاباة فلا خلاف بين علماء الفقه الاسلامي على ان هذا البيع من المورث المريض مرض الموت يأخذ حكم وصيته في حال صحته فان كانت المحاباة لغير وارث فانها تكون نافذة على الورثة متى كانت في حدود ثلث التركة فان زادت عن هذا القدر فأنها توقف على اجازتهم في الزائد.

تقديراً لاهمية النية في التصرفات واعتداداً بها فاننا نجد ذلك واضحاً من خلال النص عليه في المادة (547/1) من التقنين المدني الاردني, ( [68]) ولكن في الوقت نفسه ولتحقيق معادلة عادلة بين الحقوق والالتزامات وحماية لحق الدائن فانه يجوز ان يكون لهؤلاء الحفاظ على حقهم وهذا ما نجده واضحاً من نص الفقرة الثانية من نفس المادة. ( [69])

في الواقع نرى ان موجودات التركة هي التي تضمن حقوق الدائنين ولهذا فان كل فعل يصدر من المريض مرض الموت يُنقص من موجودات هذه التركة فللورثة الحق في فسخهُ او الرجوع على المشتري بالفرق والدليل على ذلك ما نجده من نص المادة (547) من التقنين المدني الاردني الآنف الذكر . ونستنتج من كل ذلك ان بيع المريض في مرض الموت يعتبر صحيحاً الا انه يّعدُ موقوفاً على اجازة الورثة فان اجازوه نفذ وان لم يجيزوه فسخ وهناك تطبيقات قضائية كثيرة في هذا الموضوع فنجد ان محكمة تمييز الحقوق الاردنية قد قررت :-

(( ان بيع المريض مرض الموت ماله لاحد ورثته او اكثر اثناء مرض موته يعتبر , وفقاً للمادة ( 393) من المجلة والتي أخذ القانون المدني في المادة (544/1) من التقنين المدني الاردني بها , بيعاً صحيحاً موقوفاً على اجازة بقية الورثة فان اجازوه لزم وان لم يجيزوه فسخ , ....)). ( [70]) وقررت ايضاً : (( ان فراغ الارض الاميرية معتبر ولو في مرض الموت ولا تنتقل الارض بعد وفاة المتفرغ الى ورثته وذلك باحكام المادة (120) من قانون الاراضي وعليه فان بيع الارض الاميرية الذي وقع في مرض موت البائع صحيح ونافذ بحق العاقدين وخلفهم )). ( [71]) وقضت ايضاً : (( ان اجازة بعض الورثة لبيع مورثهم الذي باع العقارات للمييز ضدها وهو في مرض الموت ينفذ في حصص من اجاز البيع من الورثة ولا ينفذ في حصص من لم يجز البيع لان سهم كل وارث في التركة مستقل عن سهام الباقين )). ( [72])

واخيرا قضت بانه : (( ان مرض الموت وكما يستفاد من منطوق المادة (543/1) من القانون المدني الذي يعجز فيه الانسان عن متابعة اعماله المعتادة ويغلب فيه الهلاك ويموت على تلك الحال قبل مرور سنة وان استند مرضه وهو على حالة واحدة دون ازدياد تكون تصرفاته كتصرفات الصحيح وحيث ان محكمة الاستئناف انتهت بحكم صلاحيتها في تقدير ووزن البينة الى ان المدعين لم يثبتوا ابتداء ان المتوفى حين قيامه ببيع العقار موضوع الدعوى كان مريضاً مرض الموت فأن ما انتهى اليه القرار المميز ان حكم مورث الفريقين حكم الصحيح وان تصرفه صحيح ومعتبر يتفق وحكم القانون )). ( [73]) كما وان بيع الاراضي الاميرية يعد صحيحاً ولو كان واقعاً في مرض الموت ونجد ذلك واضحاً عندما نصت المادة (120) من قانون الاراضي العثماني على انه : (( تعتبر بيع الاراضي الاميرية نافذاً ولو وقع في مرض الموت ولا ينتقل المبيع الا بعد وفاة البائع الى الورثة)). ( [74])

هذا وهناك تطبيقات قضائية اردنية عديدة منها ما قضت به محكمة تمييز الحقوق الاردنية اذ قضت : (( ان المادة (120) من قانون الاراضي تعتبر بيع الاراضي الاميرية نافذاً ولو وقع في مرض الموت ولا ينتقل المبيع بعد وفاة البائع الى الورثة . ان القول بان المجلة قد اوردت نصاً خاصاً على مرض الموت وان صدورها متاخر عن تاريخ صدور قانون الاراضي , هو قول لا يغير من الحكم القانوني من بيع الاراضي الاميرية نافذ على الورثة ولو وقع في مرض الموت وذلك لان قانون المجلة قانون عام بالنسبة لقانون الاراضي الذي يعتبر خاصاً والقاعدة ان القانون العام اذا صدر بعد القانون الخاص يعتبر القانون الخاص استثناء من القانون العام . ان نص المادة (120) من قانون الاراضي قد ورد مطلقاً والمطلق يجري على اطلاقه , وتأسيساً على ذلك فان حكم هذه المادة يشمل الفراغ الجاري لاي شخص سواء اكان من الورثة ام لم يكن)). ( [75]) ونصت ايضاً : (( لا يترتب على مرض الموت بطلان معاملة فراغ القطع من نوع الاراضي الاميرية لان المادة (120) من قانون الاراضي اجازت فراغها ولو كان المتصرف بها في مرض الموت . اذا لم يكن المورث حين البيع في مرض الموت بالمعنى المنصوص عليه في المادة (1595) من المجلة لان البينة اثبتت بان مرضه امتد اكثر من سنة وانه كان خلال مرضه يمارس بعض اعماله خارج بيته. لا يجوز للمدعيات التمسك بالحيلة والغش كسبب لابطال معاملة الفراغ مادام أنهن قد طلبن ابطالها في لائحة دعواهن بالاستناد الى سبب واحد وهو مرض الموت ولم يقدمن لائحة بالسبب الجديد بمقتضى المادة (60) من الاصول الحقوقية )). ( [76]) اذ يقول الدكتور دعيبس المر بانه : (( اذا توفي المريض المفرغ دون وارث فليس للحكومة ان تتعرض للمفرغ له . وقد علل ارباب الحقوق هذا الاختلاف بين احكام المجلة وقانون الاراضي بانه في اراضي الملك يخشى من قصد المريض في ايقاع الضرر بالورثة ( بالايصاء لبعضهم دون الاخرين ) او في دائنيه بتهريب املاكه. اما في الاراضي الاميرية فلا يحق لدائنيه ان يستوفوا ديونهم من هذه الاراضي كما انه لايجوز انتقالها بالوصية فاصبح لا مانع من الفراغ في مرض الموت , ولكن في الاراضي الموقوفة قد اشترط ان يكون للمفرغ في مرض موته وارث او صاحب حق انتقال والا لا يجوز فراغه خوفاً من ان يكون المريض قصد منع الارض من ان تعود للوقف . وعلى كل حال يشترط في صحة فراغ المريض ان يكون صحيح الشعور مالك حواسه فلا يجوز فراغه اذا كان مرضه قد فتك بحواسه العقلية فافقده فهمه اذ يعتبر حينئذ كالمجنون ويبطل تصرفه بتاتاً )). ( [77]) في باديء تأسيس الدولة العثمانية كان فراغ الاراضي الاميرية والموقوفة جبراً وفاءً للدين ممنوعا وبقي الامر كذلك حتى بعد صدور قانون الاراضي بالنظر لكون المتصرف يعتبر مستأجراً للارض وليست مالكاً لها وعلى ذلك بنيت القاعدة العامة ان الاراضي الأميرية لا تؤمن دين المتصرف وهذا ما نصت عليه المادة (115) من قانون الاراضي الا ان هذة المادة تعدلت تباعا اولا بالقوانين الصادرة في ربيع الاول سنه 1279هـ و27 شعبان سنه 1386هـ و23 رمضان سنه 1286هـ و 15 شوال سنه 1288هـ بحق بيع الاموال الغير منقولة والتي رخصت بيع اراضي المديون شرط ان يجري ذلك مدة حياته فقط اما بعد وفاته فبقي ذلك ممنوعا حتى صدور قانون التصرف بالاموال الغير منقولة الذي قد اجازه في المادة (16) منه. ( [78]) ا وان المجلة كانت تقيد تصرفات المريض مرض الموت لا سيما اذا كان لمصلحة الوارث ولكن المادة (120) من قانون الاراضي كانت تجيز افراغ الاراضي الأميرية في مرض الموت بصورة مطلقة. ( [79])

اما القانون المدني العراقي فلم ُيجـِز افراغ الاراضي الأميرية في مرض الموت اذا كان دون بدل او ببدل محاباة تمشيا مع القاعدة العامة في الاملاك وليس هناك فرق بين ان يكون المفرغ من اصحاب حق الانتقال او من جانب الاجانب (من غير اصحاب حق الانتقال). ( [80]) يعتبر فراغ المريض ارضه } أي ارضه الأميرية /الباحث { في مرض موته سواء كان لوارث او لاجنبي بعوض او بغير عوض , وسبب الفرق بين هذا الحكم في الاملاك الصرفة وبينه في الاراضي الأميرية هو ان ورثة المريض ودائنيه يتعلق حقهم في تركته ويحتمل في بيعه ان يكون تهريباً لما له من سائر الورثة او الدائنين لكن المتصرف في الاراضي الأميرية لا يملك رقبتها فلا يتعلق حق الورثة والدائنين بالرقبة فلا يحمل بيعه على هذا المحمل . ومع ذلك يشترط ان يكون المريض تام الشعور فان كان فاقد الشعور من المرض فحكمه حكم المعتوه . واما صحة فراغ المريض العقارات الوقفية ذات الاجارتين في مرض موته فيعتبر اذا مات وله ورثة لهم حق الانتقال واما اذا لم يكن من له حق الانتقال فينحل العقار ويعود الواقف ويحق للمفروغ له ان يأخذ البدل من تركة الميت اذا كان ثمة بدل. ( [81]) ويثور سؤال هنا وهو لماذا اشترط المشرع العراقي في المادة (1213) مدني عراقي على انه : (( لا يجوز إفراغ الأراضي الأميرية في مرض الموت , اذا كان دون بدل او ببدل فيه محاباة ))؟

الجواب عن ذلك ان المشرع العراقي اراد ان يطور قانون التصرف العثماني بالاضافة الى ذلك انه اراد ان يميز الاراضي الأميرية من الاراضي المملوكة ملكية تامة ( او ملكية صرفة كما نسميها عرفاً في العراق ).

من ذلك يتضح لنا ان القضاء الاردني قد اجاز بيع الاراضي الأميرية في مرض الموت في حين ان التقنين المدني العراقي لا يجيز ذلك وكان من باب اولى ان ينص على الاجازة لما ذلك من مصلحة للورثة و للدائنين اما التقنين المدني الاردني فانه يخلو من نص يذكر فيه بيع المريض ( مرض الموت ) الأراضي الأميرية انما ترك ذلك للقضاء الاردني على عكس التقنين المدني العراقي الذي قيد ذلك بعدم الاجازة في افراغ الاراضي الأميرية اذا كان دون بدل اوببدل فيه محاباة. ( [82])

وفي العراق فأن القانون المدني العراقي لم يرد فيه نص يعالج تصرفات المريض مرض الموت بيعاً وترك ذلك للقاعدة العامة في تصرفات المريض مرض الموت الواردة في المادة (1109/1) من التقنين المدني العراقي, ( [83]) ان البيع تختلف عن الوصية في انه تمليك في الحال مقابل عوض بينما الوصية هي تمليك بلا عوض مضاف الى ما بعد الموت فاذا اراد شخص التحايل على نصوص الوصية فانه يعمد الى تصوير الوجه بصورة عقد البيع مثال ذلك ان شخصاً يرغب في الايصاء الى احد اولاده باكثر من ثلث التركة ولاجل ان لا يترك الى باقي الورثة الحق في الاجازة او عدمها يعمد الى تصوير الوجه بصورة عقد بيع فينص صراحه على ان ذلك الشخص قد باع ولده فلان المال الفلاني بمبلغ عين في العقد على ان ملكية المبيع لا تنتقل الى المشتري الا بعد وفاة البائع , لا شك ان هذا البيع ما هو الا وسيلة لاخفاء وصية مستترة فيترجح على القاضي مالم يتضح له غير هذا الآمر ان يطبق احكام الوصية لا احكام عقد البيع اذا لم يجد أي مرجع لاعتبار العقد بيعاً طبقاً لنص المادة ( 1109/1) من التقنين المدني العراقي, ولان من حق المحاكم المدنية النظر في تكييف الوقائع وأعطائها الوصف القانوني المناسب . لذلك فقد اعتبر المشرع العراقي بيع المريض مرض الموت صحيحاً ونافذاً إذا كان بثمن المثل, سواء أكان لأجنبي أم لوارث أما إذا انطوى بيعه على تبرع فيأخذ هذا التبرع حكم الوصية سواء اكان لأجنبي أم لوارث, ( [84]) اذا كان هذا التبرع مقصوداً على حد حكم المشرع العراقي. ( [85]) هذا وقد وردت تطبيقات قضائية في هذا الموضوع منها ما قضت به محكمة التمييز العراقية في قرار جاء فيه( ان تصرف المريض في مرض الموت يعتبر تصرفاً مضافاً الى ما بعد الموت وتسري عليه احكام الوصية واذ ان المريض كان مصاباً بمرض السرطان في الكبد وانه قد توفي بعد نقل ملكية العقار بعشرين يوماً فان هذا التصرف قد جرى اثناء مرض الموت مقصوداً به التبرع والمحاباة فقد أعتبر البيع نافذاً في حدود الثلث واعادة تسجيل الثلثين الاخرين باسم المورث)). ( [86]) ومن الجدير بالذكر ان هذا القرار عد البيع في مرض الموت نافذاً في حدود الثلث, ( [87]) على اساس ان هذا التصرف صدر من مريض في مرض الموت ومن ثم تطبق عليه احكام الوصية على هذا التصرف بالثلث فقط . كما ونجد في قرار آخر لها حيث قضت( وجد ان مورث الطرفين يعاني من مرض السرطان وهو من الامراض التي يغلب معها الهلاك وحيث ان المتوفى كما هو ثابت من وقائع الدعوى قد أشتد مرضهُ وتغير حاله وبما ان العبرة بمرض الموت هو غلبة الهلاك وهذا ما تحقق في وضع المتوفي وعليه يكون في مرض الموت يضاف الى ذلك ان البيع فيه محاباة للاولاد الذكور وحرمان الاناث وان المدة من التصرف بالبيع الى الوفاة قصيرة جداً فان تصرفه يخرج مخرج الوصية و لا ينفذ الا في حدود ثلث التركة وتقدر التركة يوم الوفاة فان خرجت الدار من الثلث فلا يبطل تسجيلها وان زادت عن الثلث ابطل الجزء الزائد فقط )). ( [88]) وقضت ايضاً: (( اذا كان الثابت قي الوقائع ان بيع المورث عقاره لوارث قد جرى في (مرض الموت) فيتعين على المحكمة ان تقضي بأبطال بيع العقار بما يصيب المدعي من سهام فيه )). ( [89]) وقضت اخيراً : (( التصرف الواقع في مرض الموت تسري عليه احكام الوصية فلا ينفذ في حق الورثة فيما جاوز ثلث التركة الا باجازتهم )). ( [90]) ولكن لا يستطيع المريض مرض الموت بالتصرف ما يضر الورثة . كالحصة التموينية مثلا فلا يجوز له التصرف فيها كأن يتنازل عنها اويبيعها لان الحصة التمونية هي منحة من الدولة لافراد الشعب ولانها تعتبر من النظام العام بوجه خاص , والتسعير الجبري تعتبر من النظام العام حسب نص المادة (130/2) من التقنين المدني العراقي, ( [91]) فالحصة التموينية حق شخصي قررته الدولة لكل مواطن فلا يجوز غصبهُ ويلزم الغاصب زوج المدعية برد ما اغتصبه اليها ولا يعفيه من هذا الالتزام قيامه بدفع النفقة لها لانها تشمل اوجهاً اخرى سوى الطعام وللمدعى عليه حق المطالبة بانقاص نفقة الزوجة بدعوى مستقلة ان كانت النفقة غير مناسبة. ( [92]) ونجد ذلك واضحاً من خلال قرار لمحكمة استئناف بغداد بصفتها التمييزية اذ قضت : (( حجز البطاقة التموينية من قبل المنفذ العدل يعتبر خطأ فاحشاً , لان البطاقة التموينية لا تخص المدين وحده بل تخصهُ وافراد عائلته وهي عبارة عن منحة من الدولة لافراد الشعب ولا يجوز بيع البطاقة أو الحجز عليها وان الدائن يعتبر متعسفاً في طلب حجزها. كان المفروض بالمنفذ العدل عدم الاستجابة لطلبات الدائن المخالفة للقانون ولا مجاراته في كل ما يطلب وحيث ان الفقرة ثالثاً من المادة (62) من قانون التنفيذ العراقي منعت حجز مايكفي لمعيشة المدين او من يعيلهم فمن باب اولى عدم جواز حجز البطاقة التموينية )). ( [93])

وفي مصر , فان التقنين المدني المصري وان اقتبس احكام تصرفات المريض مرض الموت من الشريعة الاسلامية الا انه قصر ما استمده منها على البيع في مرض الموت بنصوص خاصة وجعل احكام الوصية على وفق المبدأ العام الذي يحكم تصرفات المريض مرض الموت على وفق احكام المادة (916) من التقنين المدني المصري. ( [94]) ولم يتكلم المشرع المصري عن المسائل الاخرى تفصيلاً كالهبة والاقرار وغيرها اكتفاء بتطبيق الاحكام العامة المقررة في المادة(916) من التقنين المدني المصري عليها , وقد اختار التقنين المدني المصري تقرير قواعد البيع , (( ان الفقه الاسلامي باستثناء الشيعة الامامية لا يميز محاباة الوارث في قليل او كثير الا بموافقة الورثة على خلاف القانون المدني فانه لا يفرق بين الوارث وغير الوارث فكلاهما من خلاله تجوز محاباته في حدود ثلث التركة دون موافقة الورثة عملا بقانون الوصية رقم (71) لسنة 1946 الذي جنح الى مذهب الامامية المخالف لمذهب جمهور الفقه الاسلامي )). ( [95]) ومطابقة ايضاً لاحكام الشرع من جهة اخرى لانها مسائل متعلقة بالمواريث وهذه يسري فيها حكم الشريعة الاسلامية على الخاضعين لها. ( [96])

وعليه فان المشرع المصري قد عّد بيع المريض لوارثه او لأجنبي منه جائزاً اذا كان بثمن المثل او مع محاباة لا تتجاوز ثلث التركة , اما اذا كانت المحاباة باكثر من الثلث فلا يسري البيع في قدر هذه الزيادة على الثلث في المبيع في حق الورثة اي اذا أقروه أو رد المشتري الى التركة ما يفي بتكملة الثلثين , ولا عبرة بأجازة الورثة او رفضهم قبل موت المورث. ( [97]) وتقدر قيمة المبيع لمعرفة مقدار الثمن اليها وقت الموت لا وقت البيع. ( [98]) كما تقدر التركة بقيمة اموال المورث وقت الموت لا وقت البيع , وتدخل فيها قيمة المبيع ذاته. ( [99]) ونجد ذلك واضحاً من خلال النص عليه في المادتين (477) و (478) من التقنين المدني المصري. ( [100]) وبتطبيق احكام المادة (916) من التقنين المدني المصري المذكور يتبين انه يجب افتراض ان هذا البيع وصية وان الورثة هم الذين يقع عليهم اثبات ان البيع قد صدر من مورثهم وهو في مرض الموت, ولهم اثبات ذلك بطرق الاثبات جميعاً, ( [101]) ولا يحتج على الورثة بتاريخ البيع اذا لم يكن هذا التاريخ ثابتاً. ( [102])

اما بالنسبة للقضاء المصري فانه قد أورد احكاماً كثيرة في هذا الموضوع منها ما قضت محكمة النقص المصرية في 26/4/1934 بانه : (( البيع في مرض الموت لأجنبي يختلف حكمه فان ثبت انه هبة مستورة أي تبرع محض فحكمهُ انه وصية لا تنفذ الا في ثلث تركة البائع )). ( [103]) كما وقضت ايضاً : (( يكون بيع المريض مرض الموت صحيحاً في حق من اجازهُ من الورثة ولو قضى ببطلانه بالنسبة لمن لم يجزه منهم )). ( [104])

نستنتج من ذلك ان القانون الوضعي ( المصري تحديداً ) يتشابه مع الفقه الاسلامي من حيث :-

1- ان كلا الفقهين يجيز بيع المريض مرض الموت لوارث او لغير وارث متى كان هذا البيع واقعاً بثمن المثل خلافاً للامام ابي حنيفة ( رحمه الله).

2- ان كلا الفقهين يجيز محاباة المريض مرض الموت لغير وارثه متى كانت هذه المحاباة في حدود ثلث التركة.



* موقف التقنين المدني الفرنسي /

وفي فرنسا , فان المشرع الفرنسي قد أورد نصاً فيما يتعلق بالبيع ونجد ذلك واضحاً من المادة (903) من التقنين المدني الفرنسي الذي نص على انه : (( لا يجوز التبرع ولا الايصاء بأزيد من نصف المال اذا ترك المورث وارثاً واحداً ولا بأزيد من ثلثه اذا ترك أثنين ولا بأزيد من ربعه اذا ترك ثلاثة فاكثر )). ( [105])

يتضح من هذا النص على حرص المشرع الفرنسي على فرض قيود على الحق في الايصاء او البيع فقيدوا الموصي او البائع فيما يجوز الايصاء به وحددوا له قدراً من ماله يكون له فيه حق الايصاء وقدراً لا يجوز فيه الايصاء مراعاة لحق الورثة بحيث لا تنفذ الوصية او البيع إذا جاوزت المقدار المحدد إلا إذا أجازها من له حق الإجازة. ( [106]) وبذلك فان هذه المادة تختلف كثيراً عن ما جاءت به التقنينات المدنية العربية من حيث أسلوب المحافظة على التركة. ومع ذلك فقد أورد الفقه الفرنسي إشارة إلى البيع فيما يسمى بالفزع الأخير, ( [107]) حيث جرى القضاء في فرنسا على بطلان البيوع الصادرة في وقت الفزع الأخير في ثلاث حالات:-

الحالة الأولى:- توفى فيها البائع بعد البيع بيوم واحد.

الحالة الثانية:- توفى فيها البائع بعد البيع بعشرة أيام.

الحالة الثالثة :- فقد وقع فيها البيع والمريض مشرف على الوفاة نتيجة مرض خطير مات منه في نفس الامسية وكان لا يسمع من المريض سوى همهمات بشفاه.

ويرى الفقه الفرنسي ان تلك الحالات الثلاث التي انتهى القضاء الفرنسي الى بطلانها لو كانت هبات او عطايا ما حكم ببطلانها خاصة فيما يتعلق بالحالتين الاولى والثانية. ( [108]) مما نستنتج من ذلك الى خلو التقنين المدني الفرنسي من التعرض الى احكام المريض مرض الموت كما فعلت التقنينات المدنية العربية. ( [109])

ويتضح لنا من كل ما تقدم ان البيع ( للوارث وغير الوارث ) في مرض الموت في التقنينات المدنية العربية تكون نافذة في حدود الثلث فقط وتكون موقوفة على اجازة الورثة فيما لو جاوزت الثلث أي تطبق احكام الوصية أياً كانت التسمية سواء اكانت بيعاً او رهناً او ايجاراً او كفالة او غيرها , ومن ثم هناك فكرتان هما :-

اولاً :- فكرة مريض مرض الموت الذي يعد بمثابة المحجور عليه ( [110]) :- اذ يقول الدكتور صبحي محمصاني انه : (( بما ان مرض الموت هو حالة العجز التي يغلب فيها خوف الهلاك , فانه يخشى من المريض ان يجري تصرفات مضرة بورثته او دائنيه . لذلك اعتبر المريض او من اُلحق به محجوراً عليه جزئيا او ممنوعاً من اجراء الاقرارات وعقد التبرع وما أُلحق بها , متى كانت مضرة بالورثة او الدائنين .........)). ( [111]) كما ويقول ايضاً : (( والخلاصة من هذا كله ان مرض الموت هو حالة العجز التي يكون فيها الهلاك غالباً وكثير الاحتمال , ففيها يصبح المريض قريباً من الموت , ويخشى منه ان يتصرف تصرفاً مضراً بورثته ودائنيه , فمن المعقول اذا ان ينظر الشرع بتحرز الى مصلحة هؤلاء وان يحمي حقوقهم التي تتعلق في تركته بعد وفاته. ولهذا اعتبر جمهور الفقهاء المسلمين ان المريض او من أُلحق به لا يملك الاهلية, بل يعتبر محجوزاً جزيئاً عن بعض التصرفات المضرة لا سيما الاقرار وعقود التبرع وما شاكل )). ( [112])

وسنثبت بان المريض مرض الموت سواء تصرف لوارث او غير وارث ليس محجوراً عليه بدليل ان المريض مرض الموت لا يعد عديم الاهلية او ناقص الاهلية بل هو في كامل الاهلية والادراك وان المرض لا يؤثر في اهليته لاستمرار ثبوت عقله وذمته ومن ثم نرجح الرأي الاخر الذي يقول بان المريض مرض الموت كامل الاهلية . ( [113])

وعليه نستنتج من ذلك مايلي :-

1- بالرغم من ان مرض الموت لا يعد من عوارض الاهلية لعدم تا ثيره في مناط اهلية الاداء فان الشرع الاسلا مي قيد تصرفات المريض مرض الموت, وجعل له حرية التصرف في ثلث ماله فقط ولا يرجع ذلك الى نقص اهليته, وانما يرجع الى حق الدائنين والورثة ان كان له دائنون وورثة. ) [114] (

2- يثبت حق الدائنين والورثة في اموال المتوفى المريض بمرض الموت من وقت حدوث المرض, اذ يثبت حقهم في امواله حال حياته ولكن لا يظهر مثل هذا الثبوت الا بوفاة المدين فيتعلق حق الغرماء والورثة بالتركة.



ثانياً :- فكرة ان دائني مريض مرض الموت وورثته غيرّ عن تصرفاته :- عند ملاحظة نص المادة (547) من التقنين المدني الأردني, ( [115]) نجد ان المشرع الأردني قد قصد بهذا النص حماية من يتعاملون مع المشتري من مريض مرض الموت من الخطر الذي يهددهم نتيجة عدم نفاذ البيع في حق الورثة, فالغالب ان تمض فترة طويلة بين صدور البيع في مرض الموت وبين الوفاة المتصرف (أي المريض) وظهور عدم نفاذ البيع في حق الورثة فيما يجاوز ثلث التركة وفي هذه الاحوال يحدث كثيرا ان يتصرف المشتري الى آخر او يرتب له حقا عينياً على المبيع, ويفاجيء الغير باستعمال الورثة بعد الوفاة حقهم في استرداد القدر المحابى به الذي يجاوز ثلث التركة من المشتري ولهم هذا الحق على وفق القواعد العامة ولو من الغير الذي تلقى ملكيته من المشتري لهم , حينئذ يلحق الغير الضرر بتطبيق احكام البيع الصادر في مرض الموت عليه. وعلى هذا, فاذا ثبت ان المريض قد حابى المشتري في البيع وزادت المحاباة على الثلث ولم يجزها الورثة ولم يرد المشتري الى التركة ما يفي بتكملة ثلثيها كان للورثة ان يستوفوا من العين التي تصرف فيها المريض ما يفي بتكملة ثلثي التركة ان لم يكن قد ترتب للغير عليها حقوق عينية. ( [116])

أما اذا ترتب عليها حقوق عينية للغير, كما لو باعها المشتري من المريض لثالث او رهنها لديه, فقد وقف التشريع المصري والسوري والاردني حامياً لحق الغير شرطين ( [117]) :- احدهما : ان يكون الغير قد اكتسب هذا الحق العيني بحسن نية, أي لم يكن يعلم عند اكتسابه هذا الحق ان للورثة حقاً في العين المبيعة او المرهونة عندهُ, بل كان يعتقد انها ملك خالص للبائع أما اذا كان عالماً بهذه المحاباة عند شرائه او ارتهانه فيكون للورثة الحق في ابطال البيع في قدر هذه المحاباة. ( [118])

والثاني : ان يكون الغير قد أكتسب بعوض هذا الحق العيني على العين, أما أذا تبرع له المشتري من المريض بالعين, جاز للورثة ان يتتبعوا العين في يد المتبرع له وان يستوفوا منها حقهم على النحو الذي قدمناه. ( [119])

ولكن ما هو مصير حق الورثة اذا لم يجيزوا محاباة مريضهم الزائدة على الثلث ولم يرد المشتري من المريض الى التركة ما يفي بتكملة الثلثين, وكان اكتساب الغير للحق العيني على العين المبيعة بعوض وحسن نية؟

قد رأى الاستاذان السنهوري والزرقاء ان للورثة في هذه الحالة الحق في الزام المشتري من المريض بتكملة الثمن الى الحد الذي لا تتجاوز فيه المحاباة ثلث التركة. ( [120])

ونعتقد ان ما ذهب اليه الاستاذان السنهوري والزرقاء كان عين الصواب.

● المطلب الثالث ●
- الزواج –

الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً غايتهُ إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل. ( [121]) وهو عقد مشروع بقوله تعالى : (( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم إلا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت إيمانكم)). ( [122]) وكذلك قوله – جل جلاله - : (( وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم )). ( [123]) كما أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : (( النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني )). ( [124]) ولعل اهم ما في حمكة الزواج هو الإبقاء على الوجود الإنساني من خلال عملية التناسل, ومهما يكن من امر الزواج فسنكتفي منه في هذا المبحث بما درجنا عليه وهو معالجته في مرض الموت في ظل الفقه الإسلامي ثم في ظل القوانين القوانين الوضعية المقارنة مخصصين لكل من هذين الحقلين فقرة مستقلة.

اولا :- الزواج في مرض الموت في ظل الفقه الإسلامي :-

اتفق فقهاء المسلمين على جواز زواج المريض مرض الموت إلا أنهم اشترطوا لذلك حصول الدخول وبعكسه فالعقد باطل ولا يترتب عليه أي اثر , ( [125]) أي انه إذا قدم رجل مريض مرض الموت وعقد على امرأة ولم يدخل بها حتى لو ماتت هي فانه لا يرثها إذا كانت قد ماتت وهو مريض مرض الموت, ( [126]) واذا كان جمهور الفقه الاسلامي يذهبون إلى ان الزواج في المرض المخوف والصحة سواء من حيث صحة العقد وتوريث كل واحد من الزوجين صاحبهُ, فأنهم اختلفوا بعد ذلك فيما يثبت لها من مهر الزوجة في الزواج في مرض الموت, وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل فيما يأتي :-

الواقع ان جمهور الفقهاء قد استدل على صحة عقد الزواج في مرض الموت وعلى ثبوت التوارث بين الزوجين بما جاء في الكتاب, والاثر, والمعقول, وسنسلط الضوء على ذلك فيما يأتي :-

1- الكتاب :-

فقد أستدل الزيدية, ( [127]) والظاهرية, ( [128]) والاباضية, ( [129]) بعموم قوله تعالى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء), ( [130]) وجاء في المحلى : (( اباح الله تعالى ورسوله(صلى الله عليه وسلم) النكاح, ولم يخص في القرآن ولا في السنة صحيحاً وصحيحة من مريض ومريضة, وما كان ربكُ نسياً, وما نعلم للمخالف حجة اصلاً لا في قرآن ولا سنة ولا قول صاحب ولا من رأي يعقل )). ( [131])

2- ما جاء في الآثار من أقوال الصحابة الذين لم يعرف لهم من الصحابة مخالف في هذا الحكم :-

ونسوق فيما يلي بعضا من ذلك :-

أ- أخرج ابو عوانة بسنده عن ابن مسعود انه قال : (( لو لم يبق من اجلي الا عشرة أيام اعلم ان اموت في آخرها يوماً , لي فيهن طول النكاح لتزوجت مخافة الفتنة )). وبه استدل الظاهرية, ( [132]) والزيدية. ( [133])

ب- أخرج ابن ابي شيبة بسنده عن معاذ بن جبل انه قال في مرضه الذي مات فيه( زوجوني, اني اكره ان القى الله – عز وجل – عزباً )). ( [134]) وبه استدل الظاهرية, ( [135]) والزيدية, ( [136]) والشافعي. ( [137])

3- المعقول :-
وهو ان النكاح من الحوائج الاصلية للانسان, والمريض غير محجور ولا ممنوع عن حوائجه الاصلية ولا عن صرف ماله اليها كالمأكل والملبس وثمن الادوية وأجرة الطبيب والمسكن, ( [138]) وهو ما استدل به ايضاً الحنابلة. ( [139]) ومن هنا, فاذا ثبتت صحة الزواج في المرض المخوف, ثبت التوارث بين الزوجين لعموم آية الميراث بين الازواج. ( [140]) واذا كان هذا الذي ذكرناه هو ما ذهب اليه جمهور الفقهاء فان فريقاً آخر من الفقهاء قد ذهب الى خلاف ذلك فالمالكية لها قولان في حكم زواج المريض مرضاً مخوفاً :- احدهما : انه يجوز له التزوج اذا كان محتاجاً الى الزواج, ولا يجوز مع عدم الحاجة. ( [141]) والثاني : انه لا يجوز له ان يتزوج سواء اكان محتاجاً الى الزواج او غير محتاج, ولو أذن له الوارث الرشيد في الحالتين, لاحتمال موت الآذن او صيرورته غير وارث وكون الوارث غيرهُ, ( [142]) وهو القول الراجح في المذهب على ما ذكره الدسوقي. ( [143])

ويعد الزواج في مرض الموت لدى المالكية فاسداً على الارجح وذلك لان في هذا الزواج ادخالا لوارث جديد على الورثة, ( [144]) الامر الذي يحتم معاملة المتزوج وهو المريض مرض الموت بنقيض قصده ويحكم بفساد فعله, وان اعترض عليهم في استدلالهم هذا بعدم منعهم المريض من الوطء مع انه سبب في ادخال وارث فانهم قد ردوا على ذلك بأن في الزواج ادخال وارث محقق وليس في كل وطء حمل, ( [145]) وهذا كله اذا تزوج بمن ترثه. اما اذا تزوج المريض بمن لا ترثه كأمة وكتابية, فلهم في حكم زواجه قولان:-

أحدهما : انه غير جائز, وهو القول الاصح المعتمد في المذهب, لأن في نكاح المريض لأي منهما إدخال وارث, لجواز إسلام النصرانية وعتق الأمة قبل موته حيث يصيران من اهل الميراث. ( [146]) والثاني : ان هذا الزواج جائز لان كلا من العتق والإسلام طاريء ومجرد احتمال, فلا يلتفت اليه, والاصل عدم مراعاة الطواريء. ( [147])

أما الامامية فانهم يفرقون في حكم الزواج في مرض الموت بين زواج المريض وزواج المريضة. ففي زواج المريض لدى الامامية( يجوز للرجل ان يتزوج في مرضه, فأن تزوج ودخل فجائز, وان مات قبل الدخول فباطل )). ( [148]) أما في زواج المريضة : (( يجوز للمريضة ان تتزوج, وحكم زواجها حكم زواج الصحيحة بلا فرق. لان الاصل كون المريض كالصحيح لعموم الادلة, وقد خرج زواج الرجل المريض عن حكم الاصل لدليل خارج وبقيت الزوجة على الاصل مندرجة تحت العموم )). ( [149])

ولئن كان هذا هو رأي كل من جمهور الفقهاء والمالكية والامامية حول الزواج في مرض الموت من حيث صحة العقد وتوريث كل واحد من الزوجين صاحبه, فان اولئك الفقهاء قد اختلفوا كما اسلفنا فيما يثبت للزوجة من مهر في الزواج في مرض الموت, وفيما يلي تفصيل هذا الاختلاف:-



مذهب الحنفية :- فرق الحنفية بين ما اذا كان الشخص الذي يتزوج في مرض الموت مديناً او غير مدين :-

1- اذا كان المريض مديناً :- فان تزوج بمهر المثل جاز ذلك وحاصصت الزوجة غرماء الصحة بمهرها بعد موته ان لم يكن قد نقدها ذلك المهر في حياته او بمعنى اخر انه يصار الى تقسيم المال عليها وعليهم على قدر حصصهم, ( [150]) وذلك لان مهرها دين لها على زوجها, فيكون مساوياً لديون الصحة لوجوبه باسباب معلومة لا مرد لها, ( [151]) اذ ان جواز الزواج في مرض الموت, وهو لا يجوز الا بوجوب المهر,يجعل هذا المهر كدين الصحة وان ظهور وجوب المهر ومعلوميته بناء على ظهور سبب وجوبه وهو الزواج الذي هو غير محتمل الوجوب, انما يحتم تعلق المهر بحال هذا المتزوج ضرورة, ( [152]) ولكن حيث ان هذا المهر قد يزيد على مهر المثل, فقد قال في الزيادات – من كتب ظاهر الرواية – (( يقدم دين الصحة على الزيادة على مهر مثلها)). ( [153])

2- اذا لم يكن المريض مديناً :- فقد اعتبروا التزويج في هذه الحالة جائزاً من رأس المال اذا كان بمهر المثل وذلك لان التزويج بمهر المثل هو انفاق لمال المتزوج في حوائجه الاصلية, فيقدم بذلك على وارثه, وانما قُيد التزويج بمهر المثل لان الزيادة عليه محاباة وهي باطلة الا أن تجيزها الورثة, لأن حكمها حكم الوصية للزوجة الوارثة والوصية لا تجوز لوارث الا ان يجيزها الورثة وان كان النكاح صحيحاً. ( [154])



مذهب المالكية :- فرق المالكية في هذه المسألة بين ما اذا تزوج المريض صحيحة وبين ما اذا تزوج الصحيح مريضة وبين ما اذا تزوج المريض مريضة مثله. لذا نبين ذلك في ثلاث حالات :-

الحالة الاولى:- اذا تزوج المريض صحيحة, فقد فرق المالكية بين موته قبل الفسخ وبين موته بعده :-

أ– فان مات قبل فسخه, فلها الاقل من الصداق المسمى وصداق المثل من ثلث ماله, سواء دخل بها أو لم يدخل. ( [155])

ب– أما اذا مات بعد فسخه, فينظر : ان كان الفسخ قبل موته وقبل الدخول, فلا شيء لها من المهر وان كان الفسخ قبل موته وبعد الدخول, كان لها المسمى تأخذه من ثلثه ان مات, ومن رأس ماله ان صح. ( [156])

الحالة الثانية :- اذا تزوجت المريضة صحيحاً, فلها مهرها المسمى من رأس المال, زاد على صداق المثل ام لا ان كان مدخولا بها, ومثل الدخول موته او موتها قبل الفسخ والدخول. ( [157])

الحالة الثالثة :- اذا تزوج المريض مريضه مثله, في هذه الحالة يغلّب جانب الزوج ويكون حكم المهر فيها حكم مالو أفرد الزوج بالمرض. ( [158])حيث جاء في مواهب الجليل( والظاهر انه ان كان الزوج مريضاً والزوجة مريضة يكون الحكم فيها كالحكم فيما اذا كان الزوج فقط هو المريض )). ( [159])

ويلاحظ ان المالكية قد حكموا بثبوت الصداق في الصور المذكورة مع فساد النكاح ووجوب فسخهُ, لان النكاح في المرض غير متفق على فساده بين الفقهاء, وانما هو مختلف فيه, وقد أجازوا في النكاح الفاسد المختلف في فساده ثبوت المهر. ولان الفساد هنا انما كان لعقده في المرض ولم يؤثر خللاً في الصداق, ( [160]) وانما فُرق فيما يثبت لها من الصداق بين مرضه ومرضها لان الزوج عندما يكون صحيحاً والزوجة هي المريضة, يكون تبرعه معتبراً بخلاف العكس. ( [161])



مذهب الشافعية :- فرق هذا المذهب فيما يثبت للزوجة من مهر في حالتين : موت الزوجة, وموت الزوج على النحو الاتي :-

1- اذا ماتت الزوجة كان لها جميع ما أصدقها, اذ ان لها صداق مثلها من رأس المال والزيادة عليه من ثلث التركة, كما اذا وهب لاجنبية (ذمية أو أمة المدخول بها بوطء شبهة الزواج ) فقبضتهُ فانما يكون هذا من الثلث. ( [162])

2- أما اذا مات الزوج فينبغي التفريق بين ما اذا كانت الزوجة من اهل الميراث, ( [163]) عند موته وبين ما اذا لم تكن.

الوجه الاول :- فان كانت من أهل الميراث عند موته فينظر ان كان أصدقها بصداق المثل, وجاز لها من جميع المال, وان زاد على صداق المثل, فالزيادة محاباة, ( [164]) فان صح قبل أن يموت جاز لها مع الزيادة من جميع المال لأنه لما صح قبل موته كان ابتداءً نكاحاً وهو صحيح, ( [165]) وان مات قبل أن يصح بطلت الزيادة على صداق مثلها وثبت النكاح وكان لها الميراث. ( [166])

الوجه الثاني :- أما اذا كانت ممن لا يرث كذمية وامة, ثم مات وهي عنده, جاز لها جميع الصداق, صداق مثلها من جميع المال والزيادة عليه من الثلث, لأنها غير وارث, ولو أسلمت قبل موته او اعتقت فصارت وارثاً, بطل عنها ما زاد على صداق المثل. ( [167]) وهذا الحكم يعلل الوجه السمح للشريعة الغراء اذ أعطت للذمية ما دامت لم تسلم وللأمة ما دامت لم تعتق مالم تُعطه للزوجة المسلمة او الزوجة الحرة.



مذهب الحنابلة :- قال الحنابلة : يجوز للمريض ان يتزوج في مرض موته, وينفذ المهر من رأس ماله ان كان مهر المثل , لانه صرف لماله في حاجة نفسه فيقدم بذلك على وارثه. ( [168]) أما اذا تزوج بمهر يزيد على مهر مثلها فلها مهر المثل, والمحاباة صحيحة ان ماتت قبله, ( [169]) أما اذا مات المريض قبلها فيفرق بين حالتين :-

الحالة الاولى :- ان تكون ممن يرثه ( أي لا يتوافر فيها مانع من الارث كالعبودية واعتناق غير الاسلام ديناً ). وفي هذه الحالة روايتان عن الامام أحمد في حكم المحاباة :-

1- انها موقوفة على اجازة الورثة, لأنها عطيه لوارث, فان اجازها الورثة نفذت وان لم يجيزوها بطلت. ( [170]) وهذا هو القول الصحيح في المذهب. ( [171])

2- أنها تنفذ من الثلث. ( [172])



الحالة الثانية :- ان تكون ممن لا يرثه كذمية وأمة, فلها مهر المثل, وتنفذ المــحاباة من الثلث. ( [173])



مذهب الامامية :- فأنهم يرون بان المريض مرض الموت اذا تزوج ودخل, وكان زواجه بمهر المثل او اقل أعُتبر من صلب المال كما لو اشترى شيئا بثمن مثله. وان كان بأكثر من مهر المثل كان الزائد محاباة, فيحتسب من الثلث. ( [174]) أما اذا مات قبل الدخول فلا مهر لها. ( [175]) اما بالنسبة لزواج المريضة مرض الموت فقط قال الامامية بانه يجوز للمريضة ان تتزوج, وحكم زواجها كحكم الصحيحة بلا فرق, ( [176]) لان الاصل كون المريض كالصحيح لعموم الادلة, وقد خرج زواج الرجل المريض عن حكم الاصل لدليل خارج, وبقيت الزوجة على الاصل مندرجة

تحت العموم. ( [177]) لهذا لم يشترط لصحة زواجها في مرضها الدخول, بل يصح ويثبت بدونه, ويترتب عليه ميراث زوجها منها واستحقاقها مهرها المسمى ان لم ينقص عن مهر المثل. ( [178]) وجاء في الروضة البهية( ولو كانت المريضه هي الزوجة, توراثا وان لم يدخل بها على الاقرب كالصحيحة عملا بالاصل وتخلفه في الزواج لدليل خارج لا يوجب الحاقها به لانه قياس )). ( [179])



مذهب الزيدية :- قال الزيدية : يصح زواج المريض بأكثر من مهر المثل ان لم يتمكن من الزواج بدون هذه الزيادة على مهر المثل, وينفذ من رأس المال, ولا تعتبر الزيادة على مهر المثل اذا لم يتمكن من الزواج بدونها ( أي الزيادة على مهر المثل) محاباة, ( [180]) أما اذا تمكن من الزواج منها بمهر مثلها, لم يُجز له الزيادة عليه الا من الثلث لان له وارثاً, اذ تعتبر الزيادة تبرعاً. ( [181])



مذهب الظاهرية :- قال ابن حزم( وتزويج المريض الموقن بالموقن او غير الموقن مرضية كذلك او صحيحة جائز ويرثها وترثه , مات من ذلك المرض او صح ثم مات وكذلك للمريضة الموقنة وغير الموقنة ان تتزوج صحيحا او مريضا ولها في كل ذلك الصداق المسمى كالصحيحين ولا فرق )). ( [182])

ويتبين مما عرضنا له فيما تقدم ان الامر يمثل احد ابرز المسائل الخلافية في الفقه الاسلامي, ونرى من جانبنا صواب القول بصحة الزواج في مرض الموت وثبوت التوارث بين الزوجين دون تفريق بين ان يكون الزوج هو المريض او تكون الزوجة هي المريضة ودون تفريق بين ما اذ كان قد دخل بها او لم يدخل وكذلك دون ايلاء نظر إلى كونها وارثة او غير وارثة لمانع من موانع الارث من مثل ان تكون ذمية او أمة اذ ان هذه الامور باجمعها تحتم المساواة ولا تقدم تبريرا كافيا للاختلاف واذا كان جمهور فقهاء المسلمين قد قال بمثل ذلك كلا او جزءا وذلك لانه اعتمد على الكتاب وما ورد في الاثر وما رجح بالقياس اوالعقل.


ثانيا :- الزواج في مرض الموت في ظل القوانين المقارنة :-
تبين مما سبق ان الزواج عقد بين رجل وامراة تحل له شرعاً لتكوين اسرة وايجاد نسل بينهما. ( [183]) وان فقهاء الشرع قد اتفقوا على جواز زواج المريض مرض الموت ولكنهم اشترطوا بذلك حصول الدخول وبعكسه فالعقد باطل لا يترتب عليه أي اثر اذا حصلت الوفاة بالنسبة لاي من الزوجين اثناء ذلك المرض. ( [184]) ويجدر بالاشارة ان بعض التشريعات العربية قد تناولت هذا الموضوع من منطلق الاستناد إلى الشريعة الاسلامية اما التشريعات الغربية فقد تناول الموضوع بنهج مختلف, ولذا سنسلط الضوء على موقف كل من التشريعات العربية والتشريعات الغربية كلا في بند مستقل :-

1- موقف التشريعات العربية :-

لقد عد المشرع الاردني الزواج صحيحا في مرض الموتً اذا كان المهر هو مهرالمثل اذ نصت على ذلك صراحة في المادة (60) من قانون الاحوال الشخصية الاردني( اذا تزوج احد في مرض موته ينظر فان كان المهر المسمى مساوياً لمهر مثل الزوجة تأخذه الزوجة من تركة الزوج وان كان زائداً عليه يجري في الزيادة حكم الوصية)). ( [185])

ويتبين من هذا النص ان المشرع الاردني قد اخذ بالراي الراجح في المذهب الحنفي وقرر صحة زواج المريض فله ان يتزوج ولكن بشرط ان لا يزيد المهر على مهر المثل والا كانت الزيادة تبرعاً منه للزوجة فتأخذ حكم التبرع فاذا مات عن هذه الزوجة كان حكم الزيادة حكم الوصية على وفق الحكم العام لتصرفات المريض مرض الموت الوارد في المادة (1128/1) من التقنين المدني لاردني, ( [186]) فليس للزوج المريض ان يحابي الا بقدر الثلث ومازاد على الثلث فلا ينفذ الا باقرار الورثة وكذلك المريضة فشانها كذلك حسب القواعد المقرر قانونا, ( [187]) ولكن يثور سؤال هنا وهو هل تعد غرفة النوم من التركة ؟. فلو توفى الزوج المريض مرض الموت وكان قد اوصى نجارا بصناعة غرفة نوم لزواجه ومات قبل الدخول فهل تعد الغرفة جزء من التركة ؛ وتصبح من حق الورثة ام تعد جزءاً من المهر؟ ام تعد هبة وهبها الزوج لزوجته غير الداخل بها ومن ثم يستحيل عليه الرجوع في هذه الهبة ؟.. في الواقع ان هذا السؤال يحتوي على شقين او حالتين ؛ الحالة لاولى هل تعد غرفة النوم من التركة ؟ والجواب عن ذلك انها تعد من التركة على اعتبار ان غرفة النوم من الاعيان ومن ثم فانها تنتقل الى الورثة بمجرد وفاة المريض ( المورث او الزوج ) ومن ثم تخضع لاحكام الوصية فيما يتعلق بثلث التركة. مع ملاحظة ان الزوجة غير مدخول بها تعتبر من الورثة على وفق احكام المادة (60) من قانون الاحوال الشخصية الاردنية والذي اشير اليه قبل قليل والذي جاء مطلقاً (فيما يتعلق بالدخول وعدمه). اما بالنسبة الى الحالة الثانية وهي هل تعد غرفة النوم هبة وهبها الزوج لزوجته غير المدخول بها ؟.. والجواب عن ذلك انه اذا كانت غرفة النوم هي هبة وهبها الزوج لزوجته في حال صحته فانه لا يجوز الرجوع فيها على وفق احكام المادة (579/1) من التقنين المدني الاردني التي تنص( يعتبر مانعاً من الرجوع في الهبة مايلي : 1- اذا كانت الهبة من احد الزوجين للآخر او لذي رحم محرم مالم يترتب عليها مفاضلة بين هؤلاء بلا مبرر )). ( [188]) اما اذا كان الزوج مريضاَ مرض الموت فان الهبة تخضع لاحكام الوصية استناداً على نص المادة (1128/1) من التقنين المدني الاردني التي تنص : (( كل عمل قانوني يصدر من شخص في مرض الموت ويكون مقصوداً به التبرع يعتبر تصرفاً مضافاً الى ما بعد الموت وتسري عليه احكام الوصية ايا ما كانت التسمية التي تعطى له )). ( [189])

ويخلص الينا من هذا :-

1- ان نص المادة (579/1) من التقنين المدني الاردني تمنح للزوجة حق بالاحتفاظ بغرفة النوم كاملة في حالة صحة كل من الزوج والزوجة.

2- اما نص المادة (1128/1) من التقنين المدني الاردني نجد فيها انها تمنح للزوجة حق الاحتفاظ بثلث التركة فقط ( غرفة النوم ) لان تصرفات الزوج المريض مرض الموت حسب هذه المادة تخضع لأحكام الوصية. وهذا ما جاء في المادة (85) من مجلة الاحكام الشرعية. ( [190]) والحقيقة اننا لم نتمكن من العثور على قرارت قضائية في هذا الخصوص.



اما في العراق, فان المشرع العراقي قد عّد الزواج الحاصل في مرض الموت صحيحاً لا يخل بصحة عقد الزواج المستوفي لشرائطه الشرعية استناداً الى القواعد العامة الواردة في قانون الاحوال الشخصية العراقي. ( [191])

وتطبيقاً لذلك نجد ان محكمة التمييز العراقية قد قررت( أن الزواج الحاصل في مرض الموت لا يخل بصحة عقد الزواج المستوفي لشرائطه الشرعية)). ( [192]) كما قررت ان( طلب الزوج اثناء حياته زيادة مهر زوجته المؤجل بحجة وجود خطأ في عقد الزواج ويعتبر اقرار تمليك ويخرج مخرج الثلث من تركته اذا وقع اثناء مرض موته ........)). ( [193]) ولعل قرار محكمة التمييز العراقية هذا هو عين الصواب لما فيه من دقة ووضوح.



وفي مصر , اخذ المشرع بالرأي الراجح في المذهب الحنفي كما اخذ به المشرع الاردني, ( [194]) وقرر صحة زواج المريض فله ان يتزوج ولكن على ان لا يزيد المهر عن مهر المثل والا كانت الزيادة تبرعاً منه للزوجة فتأخذ حكم التبرع حتى اذا مات عن هذه الزوجة كان حكم الزيادة حكم الوصية على وفق الحكم العام لتصرفات المريض مرض الموت الوارد في المادة (916) من التقنين المدني المصري. ( [195])


2- موقف التشريعات الغربية :-


لدى دراسة مرض الموت في القوانين الفرنسية , ( [196]) يتبين انها من المسائل الخلافية في الفقه التقليدي, ( [197]) وفي الفقه والقضاء ومهما يكن من امر فان الزواج الذي يربط بين المرأة و الرجل وهو في مرضه الاخير هو زواج صحيح. ( [198]) وقدأهمل المشرع الفرنسي في المادة (909) مدني فرنسي, ( [199]) ما اذا كان الموهوب له من الاطباء والصيادلة ورجال الدين زوجاً للمريض ام لا بحيث يبطل التصرف الصادر له من زوجته على وفق المادة (909) مدني فرنسي او لا يبطل ويرى الفقه الفرنسي ان هذا لا يمكن الا ان يكون نسياناً من المشرع الفرنسي, ( [200]) وقد قرر القضاء الفرنسي صحة العطايا بين الزوجين اذا كان احدهما معالجاً للآخر في مرضه الاخير الا اذا ثبت ان العناية الطبية كان سببها المنفعة او المصلحة وليست بسبب العاطفة الزوجية, فمبنى الاستثناء من البطلان هو العاطفة والمودة بين الزوجين, وللقاضي سلطة في تحديد ذلك وفقاً للظروف والملابسات التي منها ( [201]) :- 1- الزواج في المرض الاخير ( derniere-maladi) بحسن نية. 2- الزواج في هذا المرض بقصد التحايل على المادة (909) من التقنين المدني الفرنسي وعدم تطبيقها وبطلان التصرف في حقه الا اذا كان زوجاً سيء النية. 3- استغلال نفوذ الطبيب (الزوج على زوجته) ومن ثم لا تكون العطية له ( أي الهبة ) اساسها المحبة العاطفية بين الزوجين.

اما في الولايات المتحدة الامريكية, نجد ان العديد من هذه الولايات تنص على حقوق الزوج الذي ما زال على قيد الحياة (باب قواعد الشريعة العامة[ common law ] ) والتي تنظم للموصي حق توزيع حقوقه من خلال وصية انما يكون فيها [ الموصي ] متبرعاً بغير دقة. ( [202])
كما الغى العديد من الولايات حقوق الواهب وتحديدهُ في قانون الشريعة العامة وأحلت محلها الحق المطلق للزوج الذي ما زال على قيد الحياة كوارث يأخذ نصيباً محددا من التركة (estate) سواء اكانت حقيقة ام شخصية. ( [203])
ففي ولاية نيويورك على سبيل المثال لا يمكن للزوج الذي ما زال على قيد الحياة asurviving spouse) ) ان يحرم من الميراث ولا يمكن اجباره على ان يأخذ حصة تترك له [ بالوصية ] تقل عن مقدار الحصة المحددة له بالتشريع (statute) . فالوصايا التي تخرج مخرج الصدقة لا يستطيع الشخص ان يترك اكثر من صافي تركته (net estate) كصدقة اذا ترك زوجاً اوابنا او فرعاً او احد الوالدين على قيد الحياة. ( [204])

ومن هنا فانه بمجرد زواج المريض مرض الموت فان الورثة والدائنين يتضررون من ذلك وذلك لان المريض مرض الموت قد ادخل وارثاً جديداً وهي الزوجة. الا ان الزوج المريض مرض الموت لا يضمن ذلك الضرر على اعتبار ان الزواج من حقه وبالتالي فانه لا يضمن هذا الضرر على وفق التقنين المدني العراقي الذي جاء فيه ان: (( الجواز الشرعي ينافي الضمان, فمن أستعمل حقه استعمالاً جائزاً لم يضمن ما ينشأ عن ذلك الضرر )). ( [205]) ولو رجعنا بعد هذا كله إلى القانون الروماني لوجدناه يحرم الهبة بين الزوجين طبقاً لقانون الالواح الاثني عشر والقوانين الرومانية القديمة واللاحقة او السابقة له, ومن هنا يثور سؤال وهو هل من الممكن تصور وجود تبذير في تركة احد الزوجين لمصلحة الزوج الاخر في القانون الروماني ؟ وقد أجيب عن ذلك بانه( يلاحظ ان الهبة بين الزوجين كانت محرمة في القانون القديم [ أي قانون الالواح الاثني عشر والقوانين الرومانية القديمة اللاحقة او السابقة له ] خوفاً من ان يستسلم الزوج لعواطفه نحو زوجه فيتجرد من امواله, وخوفاً من ان يجعل كلاً من الزوجين حقهً في الطلاق طريقاً لتهديد الاخر بالفرقة ولابتزاز امواله مقابل البقاء معه, ثم اصبحت مباحة في القانون الروماني الحديث )). ( [206])

ويخلص الينا من هذا انه :-

1- ان القانون الروماني لم يميز في إبطاله للهبة بين الزوجين بان تكون هذه الهبة صادرة من الزوج او الزوجة.

2- ان المشرع الروماني ( القديم ) قد افترض ان اموال الزوج الواهب قد تتلاشى بالهبة نتيجة استحواذ الموهوب له على جزء منها او كلها. ولعل مما يجدر قوله هنا ان الشارع الاسلامي كان يخشى على ان لا تضيع اموال المورث او جزء منها بلا مقابل خلال مدة مرض الموت سواء كان هذا المورث زوجاً او اباً ذكرا كان ام انثى الا ان إسباغ الحماية مختلف ففي القانون الروماني تبطل الهبة بين الزوجين وفي الفقه الاسلامي تعامل المحاباة او القدر الذي يحتوي على المحاباة معاملة الوصية.

3- ان المشرع الروماني القديم لم يُجـِز بين هبة الزوج او هبة الزوجة في الحكم اذ قضى بابطال هبة أي منهما تجاه الاخر.

4- يمكن القول بأن القانون الروماني والفقه الاسلامي قد اضفيا مزيدا من الاهتمام على بعض الاموال

● المطلب الرابع ●

- الطـــــلاق –

الطلاق لغة : هو رفع الوثاق والترك مطلقاً سواء كان حياً كقيد الفرس او معنوياً كقيد الزواج وهو مأخوذ من الاطلاق يقول الرجل أطلقت ابلي وأطلقت أسيري واطلقت امراتي فكل ذلك من الاطلاق وانما تختلف باختلاف المعنى. ( [207]) أما بالنسبة للمريض مرض الموت فان طلق زوجته وهو مريض بهذا المرض فانها ترثه لأنه في هذه الحالة يكون فارا( هاربا) من ارثها فيرد عليه قصده ان مات وهي في العدة. ( [208])

ومهما يكن من أمر الطلاق فاننا لا نبتغي منه في هذا المطلب الا ما درجنا عليه في المطالب السابقة وهو معالجته في مرض الموت في ظل الفقه الاسلامي ثم في ظل القوانين الوضعية المقارنة مخصصين لكل من هذين الحقلين فقرة مستقلة.


اولا:- طلاق المريض مرض الموت في الفقه الاسلامي :-
اتفق فقهاء المسلمين على وقوع طلاق المريض مرض الموت صحيحاً لأنه أهل لإيقاعه ولكنهم اختلفوا في مسألة ارث الزوجة المطلقة طلاقاً بائناً فهو اذا طلق زوجته طلاقاً بائناً. ( [209]) وكانت الادلة تشير إلى انه انما طلقها لكي يحرمها من الميراث ففي هذه الحالة لا ينفي الطلاق حقها في الارث, فهذا الطلاق وكما يسميه المسلمين طلاق الفار.

فعند الحنفية ان الرجل لو طلق إمراته في مرض موته بائناً فمات وهي في العدة ورثته وان مات بعد انقضاء العدة فلا ميراث لها, ويعللون ذلك بان المطلقة بائنا في مرض موت المطلق ترث مطلقها اذا مات ولا يرثها هو اذا ماتت وهي في العدة لان الزوجية سبب ارثها في مرض موته والزوج قصد ابطاله فيرد قصده اليه بتأخير عمله إلى زمان انقضاء العدة دفعاً للضرر عنها لان الطلاق في العدة تبقى في حق بعض الاثار (أي اثار الزوجية) فجاز ان يبقى لها حق فرضها من الميراث والزوجية في هذه الحالة ليست سبباً لارثه عنها فتبطل في حقه قياسا على طلاق الصحيح السليم, ويسقط حقها في الارث اذا رضيت بالطلاق او بسوء منه. وترث الزوجة استحسانا اذا ثبت ان زوجها قد طلقها خلال مرض موته طلاقاً رجعياً, ( [210]) فطلقها بائن وان يموت في هذا المرض وهو على تلك الحالة سواء كان بذلك السبب او بغيره بأن قتل في مرضه فان برىء الزوج او زالت تلك الحالة ثم مات بعلة او حادثة اخرى وهي بالعدة فلا ترثه وكذلك اذا طلقها قبل الدخول, اما لو طلقها رجعياً وهو مريض مرض الموت فترثه مطلقا سواء كان صحيحا ام مريضا لأنها في عدة الطلاق الرجعي ولأنها زوجة حكما وترثه اذا مات كما يرثها اذا ماتت. ( [211])

اما المالكية فيرون ان الزوجة ترث زوجها وان طلقها في مرض الموت حتى لو انقضت العدة وتزوجت بغيره وحتى لو كان الطلاق برضاها واختيارها ولا يرثها هو اذا مات لانه هو الذي فوت على نفسه حقه بالميراث. ( [212])

اما في المذهب الحنبلي فترث الزوجة اذا طلقها في مرض موته سواء توفي في العدة ام بعدها ما لم تتزوج فاذاتزوجت سقط حقها وللامام احمد روايتان أحدهما يتفق مع الحنفية وهي انها لا ترث بعد انقضاء عدتها وان لم تتزوج والثانية انها ترثه مالم تتزوج وهي الصحيحة والمشهورة وقال الشعراني ولابي حنيفة رواية اخرى انها ترثه مالم تتزوج وبه قال احمد. ( [213])

اما الشافعية فلها قولان, الاول انها ترثه لانه متهم في قطع ارثها فورثت كالقاتل منهما في استعجال الميراث لم يرث والقول الثاني انها لا ترث لانها بينونة قبل الموت فقطعت الارث كالطلاق في الصحة. ( [214])

أما الامامية فيرون انها ترث مالم تتزوج او يبرأ (يشفى ) من مرضه الذي طلقها فيه. ( [215]) كما وان الجعفرية ترى ان الزوج المريض مرض الموت اذا طلق زوجته نفذ طلاقه هذا واذا توفي احدهما اثناء العدة ورث الاخر ان كان الطلاق رجعياً اما اذا كان الطلاق بائناً فلا يرثها زوجها اذا توفيت في العدة او بعدها وترثه اذا توفي بعد الطلاق بمدة لا تزيد على سنة بشرط ان لا تتزوج غيره والا يبرأ من مرضه ذلك ان يطلقها وهو مريض مرض الموت وان يموت بهذا المرض فان بريء الزوج من مرضه ثم مات لعلة اخرى وهي في العدة لم ترثه ان كانت بائنة, واذا طلبت الزوجة من زوجها ان يطلقها طلاقاً رجعياً فطلقها طلاقاً بائنأً فانها لا ترث ان تستمر اهليتها للارث من وقت الطلاق الى وقت الموت. ( [216])

اما الظاهرية فلهم رأي اخر فيقول ابن حزم( ان المبتوته في المرض او المطلقة فيه ولم يطأها لا ميراث لها اصلاً وكذلك المطلقة رجعياً في المرض اذ لم يراجعها حتى مات فلا ميراث لها, وحتى لو أقر علانية انه انما فعل ذلك لئلا ترثه ولا جرح عليه في ذلك لانه فعل ما أبيح له من الطلاق الذي قطع به حكم الزوجية بينهما )). ( [217])

ويخلص الينا مما تقدم ان فقهاء المسلمين قد اتفقوا على صحة طلاق المريض ولكنهم اختلفوا في مسالة ارث الزوجة المطلقة بائناً, فهناك رأي يذهب الى القول بمنع ميراث الزوجة المبانة ً ويقابل هذا رأي اخر يذهب الى انها ترث دائماً وان انقضت عدتها وتزوجت . ومن هذين الرايين المتنافرين, نلاحظ ان بعض الكتاب المحدثين قد ذهب الى تاييد هذا الاتجاه بقوله( الرأي الذي إميل إليه هو الذي يقضي بتوريث المبتوتة مالم تتزوج إذا توفرت الشروط التالية :-

1- إن يكون الطلاق في مرض الموت أو في حالة يغلب فيها الهلاك.

2- إن يموت الزوج بهذا المرض أو تلك الحالة.

3- إن يتم الطلاق بالرغم من إرادة الزوجة أو بتقصير من الزوج .

4- أن يتم الدخول بها .

5- الا تتزوج زوجاً ً أخر قبل وفاة الزوج المريض السابق.......)). ( [218])

ونرى من جانبنا إنه حيث ان تصرفات المريض تخالف تصرفات الصحيح كما اسلفنا في حكم تصرفات المريض مرض الموت في البيع والوصية, فانه على هذا الأساس وكما يذهب الفقه الحنفي ترث المطلقة مطلقها المريض مرض الموت لأنه والحالة هذه يكون فاراً ( هاربا)ً من ارثها فُيرد عليه قصده إن مات وهي في العدة.



ثانيا :- الطلاق في مرض الموت في ظل القوانين المقارنة :-

تبين لنا فيما سبق ان لتصرفات المريض المرض الموت ما يجعلها تخالف تصرفات الصحيح كما في البيع والطلاق. ( [219]) والحقيقة ان قوانين الدول العربية أختلفت في موضوع الطلاق في مرض الموت, فالمشرع الأردني مثلا قد نص على الزواج في مرض الموت وطلب المهر في المادة (60) من قانون الأحوال الشخصية الأردني إلا انه لم ينص على طلاق المريض مرض الموت على اساس العمل بالقول الراجح من مذهب لإمام أبي حنيفة وفقا لما جاء في المادة (183)من هذا القانون وهو أن: ((مالا ذكر له في هذا القانون يرجع فيه إلى الراجح من مذهب أبي حنيفة )). ( [220]) لذا يؤخذ على المشرع الأردني انه لم ينص على الطلاق في مرض الموت في قانون الأحوال الشخصية الأردني كما فعل كل من قانون الأحوال الشخصية العراقي وقانون المواريث المصري. ( [221]) والحقيقة اننا لم نتمكن من العثور على قرارات قضائية في هذا الخصوص.

اما المشرع العراقي فقد ذهب إلى عدم وقوع طلاق المريض مرض الموت, والى ان الزوجة لاترثه إذا مات من مرضه, حيث تنص المادة (35/2) من قانون الأحوال الشخصية النافذ( لا يقع طلاق الأشخاص الأتي بيانهم :– 2- المريض مرض الموت أو في حالة يغلب في مثلها الهلاك إذا مات في ذلك المرض أو تلك الحالة, وترثه زوجته )). ( [222])

وقد علق بعض الكتاب على ذلك بالقول: (( قد خلط بين عدم وقوع الطلاق وبين توريث الزوجة لذا ندعو إلى إعادة النظر في هذا النص وتعديله وآلاخذ بما هو متفق عليه في الإسلام من وقوع طلاق المريض مرض الموت إذا كان الطلاق في حالة الإدراك والشعور والتأمين وذلك للأسباب الآتية :-

1- انه مخالف لما اجمع عليه فقهاء المسلمين .

2- مخالف لما اتفقت عليه قوانين البلاد العربية والإسلامية.

3- حقوق الزوجة في الميراث مضمونة مع وقوع الطلاق وهو في مرض الموت .

4- إذا قصد المشرع من المريض مريض الموت مريضاً فاقداً للوعي والتمييز فان هذا الحكم قد ورد في الفقرة الأولى من النص فيكون هذا حشوا يجب تجنبه )). ( [223]) اما القضاء العراقي فله في ذلك احكام كثيرة منها ما قضت به محكمة التمييز العراقية اذ قررت : (( أن الطلاق ملك للزوج فليس للقاضي منعهُ من إيقاعه أن أصر على ذلك وكان أهلاً له )). ( [224]) وفي هذا اشارة صريحة إلى ان المشرع العراقي قد غاب عن ذهنه أن إلطلاق من حق الزوج والى ان الفقه الإسلامي كان اكثر دقة في هذا الموضوع ولذا فقد كان الأجدر بالمشرع معالجة الموضوع في ضوء معالجة الفقه له. والحقيقة ان هذا المحكمة قد عززت ذلك في قرار آخر جاء فيه: (( ولأن الطلاق حق شرعي للزوج يستطيع استعماله متى شاء وان كان أبغض الحلال عند الله )). ( [225]) ويجدر بالذكر ان محكمة التمييز العراقية قد اشترطت لتحقيق طلاق الفار أن يكون الزوج مريضاً مرض الموت وان يموت والزوجة في العدة, ( [226]) وقد ورد قرار لها : (( ترث المطلقة مطلقها إذا مات خلال سنة من مرضه الذي طلقها فيه وذلك لثبوت وفاته في مرضه الذي طلقها فيه إثناء السنة وعدم تزوجها بغيره )). ( [227]) وورد في قرار اخر( التأكد من مرض الموت في دعوى التفريق أن الثابت في أراء الفقهاء إن الزوج إذا طلق زوجته في مرض الموت ثم توفى فان طلاقه يقع شرعاً ولكن زوجته ترثه إذ يعتبر الزوج فاراً من توريثها فيرد عليه قصده )). ( [228])

اما في مصر, فقد عّد المشرع المصري طلاق المريض واقعاً, ولكن زوجته ترثه إذا طلقها بغير رضاها ومات في عدتها فقد جاء في المادة (11) من قانون المواريث المصري : (( وتعتبر المطلقة بائناً في مرض الموت في حكم الزوجة إذا لم ترض بالطلاق ومات المطلق في ذلك المرض وهي في عدته )). ( [229]) وفي هذا إتباع لمذهب الإمام أحمد بن حنبل في توريث المطلقة طلاقاً بائناًَ في مرض الموت من مطلقها ومخالفة لمذهب الحنفية.

إما القضاء المصري فله هو الآخر أحكام كثيرة في هذه الموضوع فقد قضت محكمة النقض المصرية بأن ( مؤدى نص المادة (11/3) من قوانين المواريث رقم (77) لسنة 1943 إن المشرع الوضعي قرر أخذا بالمذهب الحنفي أن من كان مريضا مرض الموت وطلق أمرآته بائنا بغير رضاها ومات حال مرضه والزوجة لا تزال في العدة فان الطلاق البائن يقع على زوجته ويثبت منه من حين صدوره لأنه أهل لإيقاعه الا أنها ترثه مع ذلك بشرط أن تكون أهلا لإرثه من وقت أبانتها إلى وقت موته رغم أن المطلقة طلاقا بائنا لا ترث لانقطاع العصمة بمجرد الطلاق استنادا إلى انه لما أبانها حال مرضه اعتبر احتياطيا فارا هاربا فيرد عليه قصده لها ويثبت لها الإرث )), ( [230]) كما قضت أيضا ( بان المريض مرض الموت إذا طلق زوجته ثم مات ومطلقته في العدة يعتبر - متى توافرت الشروط – بطلاقه فارا من الميراث وتقدم المظنة على انه طلق زوجته طلاقا بائنا في مرض الموت قاصدا حرمانها من حقها الذي تعلق بماله منذ حلول المرض به معنى أن الطلاق البائن ينبئي بذاته من غير دليل أخر على القصد فرد المشرع عليه قصده وذلك دون حاجة للبحث عن خبايا نفس المريض واستكناء ما يضمره )). ( [231])

اما التشريع الفرنسي, فانه وعلى خلاف من التشريعات العربية التي تستند الى إحكام الشريعة الإسلامية الغراء , قد اخذ بنظام الطلاق المقيد, ( [232]) ونظم الطلاق بالمواد ( 229- 232) من المجموعة المدنية الفرنسي ويمكن الاستنتاج من هذه المواد ان أسباب الطلاق في القانون الفرنسي تقتصر على ثلاثة هي:- ( [233])

1 - زنا الزوجة على وفق أحكام المادة (229) من التقنين المدني الفرنسي, ( [234]) أو زنا الزوج على وفق إحكام المادة (230) من التقنين المدني الفرنسي. ( [235]) 2- الحكم على الزوج بعقوبة جنائية على وفق إحكام المادة (231) من التقنين المدني الفرنسي. ( [236]) 3- القسوة وسوء المعاملة على وفق أحكام المادة (232) من التقنين المدني الفرنسي. ( [237])

ويتحصل لدينا من ذلك:-

1- أن المشرع الفرنسي قد أُخذ بمبدأ التحديد القانوني لأسباب الطلاق وحصرها في نصوص تشريعية وقد اكد ذلك في نص المادة (232) من التقنين المدني الفرنسي الذي جاء فيه( في غير الحالات المنصوص عليها في المواد (229-231 ) ليس للقضاة أن يحكموا بالطلاق إلا بسبب القسوة وسوء المعاملة والإساءة. ( [238])

2- أن المشرع الفرنسي قد أخذ في تنظيم الطلاق بفكرة الجزاء وعّد الطلاق عقاباً للطرف الآخر المسبب لانهيار الكيان الزوجي. ( [239])

ومن الجدير بالذكر أن هناك نظريتين في أساس تحديد أسباب الطلاق في جميع التشريعات الوضعية وهما :-

نظرية الطلاق كعقوبة ( أو كجزاء ), ونظرية الطلاق كعلاج ( أو كدواء ) وان القانون الفرنسي قد اخذ مبدأياً بالنظرية الأولى على أساس أن الطلاق لا يتقرر الا إذا اخل احد الزوجين أو كلاهما بالتزاماته الزوجية, وبناء على ذلك لم يبح القانون الفرنسي الطلاق للاسباب الآتية :-

1- جنون احد الزوجين 2- الغيبة 3- الإمراض التناسلية 4- أي سبب آخر من الأسباب التي لا تعتبر أخلالاً بالالتزامات الزوجية. ( [240]) في حين أن الطلاق في الشريعة الإسلامية ذو طبيعة ازدواجية فهو علاج وعقاب ففي الايلاء ( [241]) – مثلاً - علاج لرفع ضرر الزوجة وعقاب للزوج, وفي نشوز الزوجة عقاب لها وعلاج للزوج , هذه هي صفة الطلاق في أكثر وقائعه , وقد يكون علاجا فقط إذا لم يكن هناك تقصير من أي من الجانبين كما في حالات الأمراض التناسلية أو العقلية أو المعدية كالإيدز ... وهذه الطبيعة الازدواجية الشمولية هي التي تتفق مع الحكمة التي اقتضت تقرير الطلاق. ( [242])

ومن هنا فإن أمعنا النظر جيداً في القانون الفرنسي لوجدناه لا يعرف مرض الموت ومن ثم لم ينص عليه في قانونه ومن خلال استعراض النصوص الفرنسية نجد انها تخلو من الإشارة الى الطلاق في مرض الموت حيث ان المشرع الفرنسي قد عالج الطلاق بصورة عامة ومقيدة أي انه قيد الطلاق بأسباب محددة وأتخذ من الطلاق جزاء أي انه عقاب للطرف الآخر الذي كان سبب في انهيار العلاقة الزوجية في حين ان الشريعة الاسلامية الغراء قد عالجت الطلاق بشكل يسير كما عالجته في مرض الموت ووضعت احكاماً بذلك اذ ان الطلاق فيها كما اوضحنا ذو طبيعة ازدواجية.

*المبحث الثاني*
التصرفات الإخبارية



سبق أن ذكرنا أن تصرفات المريض مرض الموت قد تكون تصرفات منطوية على محاباة وقد تم بيان حكم كل تصرف من هذه التصرفات وقد تكون تصرفات إخبارية , والتصرف الإخباري هو التصرف الذي يكون حكاية عن شيء مضى قبل التلفظ به وهو الإقرار , ( [243]) وهذا الإقرار قد ينصب على مال أو دين أو قد يكون بنسب أو بنوة . ولهذا فسنوزع هذا المبحث على مطلبين نعالج في المطلب الأول الإقرار بمال أو دين وفي المطلب الثاني الإقرار بالنسب أو بالبنوة .

●المطلب الأول●

الإقرار بمال أو دين



وعلى جاري عادتنا سنعالج الإقرار بمال أو دين في فقرتين نخصص الأولى للإقرار بمال أو دين في ظل الفقه الإسلامي ونخصص الثانية لهذا النوع من الإقرار في ظل القوانين المقارنة .



أولا :- الإقرار بمال أو دين في ظل الفقه الإسلامي :-



ونرى من المناسب قبل ولوج الإقرار بمال أو دين أن نبحث في أداء المريض مرض الموت دين احد الغرماء تمهيدا لذلك .

1- أداء المريض مرض الموت لدين احد الغرماء :-

إذا قضى المريض ديون بعض غرمائه دون البعض الآخر فلا يخلو الحال من احد أمرين :- الأول :- أن تكون التركة تفي بكل الديون , والثاني :- أن لا تكون كذلك .

ففي الأمر الأول إذا كانت التركة تفي بكل ديون المريض , وقضى بعض دائنيه في مرضه , فقد اتفق الفقهاء المسلمون على نفاذ قضائه هذا (أي صحة وفاء المريض مرض الموت في مثل هذه الحالة ) , ولا حق لبقية الدائنين في الاعتراض عليه . لأنه لم يؤثر بهذا العمل في حق احد منهم إذ التركة كافية لان يستوفي كل من الدائنين حقه بأكمله فلا يثبت لهم حق في الاعتراض عليه سواء أكانت الديون مختلفة الحكم أم متساوية فيه . ( [244]) وقد قال ابن قدامة : (( فأما أن قضى المريض بعض غرمائه ووفت تركته بسائر الديون , صح قضاؤه , ولم يكن لسائر الغرماء الاعتراض عليه )) . ( [245]) غير أن الدائن لا يستطيع معرفة متى تكون تركة مدينه موسرة ومتى تكون معسرة لذا نعتقد أن هذا الأمر لا يمكن أعماله أو تطبيقه . وفي الأمر الثاني إذا كانت التركة لا تفي بجميع الديون , وقضى المريض بعض دائنيه , فقد اختلف الفقهاء المسلمون في حكم قضائه هذا على ثلاثة مذاهب :-

أ‌- قال المالكية , ( [246]) وبعض الشافعية ( [247]), وفريق من الأمامية ( [248]): لا ينفذ قضاؤه,

ولبقية الغرماء أن يزاحموا من قضاهم المريض بنسبة ديونهم , كما لو أوصى بقضاء بعض الديون دون البعض الآخر , فلا تنفذ وصيته , فكذا إذا قضاها .



ب‌- وقال الشافعية على المشهور عندهم, ( [249]) والحنابلة , ( [250]) والزيدية , ( [251]) والظاهرية , ( [252]) وفريق من الأمامية : ينفذ قضاؤه لمن قضى من دائنيه وليس لأحد من الدائنين الباقين حق الاعتراض عليه أو مشاركة من قبض من الدائنين فيما قبض , لان المريض قد أدى واجبا عليه , كما لو اشترى شيئا بثمن مثله فادى ثمنه , أو باع شيئا من ماله كذلك وسلمه , فثبت أن إيفاء ثمن المبيع قضاء لبعض غرمائه , وقد صح البيع فكذلك إذا تراخى عنه , إذ لا اثر لتراخيه , ويفارق الوصية في انه لو اشترى ثيابا مثمنة صح , ولو أوصى بتكفينه في ثياب مثمنة لم يصح , فافترقا .

ونعتقد أن هذا الاتجاه وان لم يكن واضحاً في المساواة ما بين الدائنين إلا انه حل واقعي وممكن التطبيق عمليا إذ لا يمكن استرداد ثمن المبيع أو أجرة الدار من البائع أو المؤجر بحجة أن الموفي كان مريضاً مرض الموت وقام بتسديد الثمن أو الأجرة بقصد الإضرار ببقية الدائنين .

ج- أما الحنفية فقد فرق في هذه الحالة بين ما إذا كانت الديون مختلفة في الحكم أو متساوية فيه :- فان كانت الديون مختلفة في الحكم , وقضى المريض منها الدين الأقوى وهو دين الصحة , فلا حق لصاحب الدين الضعيف في المعارضة , لان حقه مؤخر . أما إذا قضى منها الدين الضعيف وهو دين المرض , ثبت لصاحب الدين القوي حق معارضته لتقدم حقه . ( [253]) أما إذا كانت الديون متساوية في الحكم , بان كانت كلها ديون صحة , أو كانت كلها ديون مرض , وقضى المريض بعض الغرماء ديونهم , ثبت للباقين حق الاعتراض على تفضيله بعضهم على البعض الآخر , لتعلق حق الجميع بماله على السواء ويكون لهم أن يشاركوهم فيما قبضوه من المريض , كل بنسبة دينه , ولا يختص الأخذ بما اخذ , ( [254]) حتى ولو كان المأخوذ مهرا أو أجرة شيء استوفى منفعته , لان ما حصل للمريض من منفعة النكاح وسكنى الدار لا يحتمل تعلق حق الغرماء به , ولا يصلح لقضاء حقوقهم , فصار وجود هذا العوض في حقهم وعدمه بمنزلة واحدة , فكان إبطالا لحقهم , وليست له ولاية الإبطال . ( [255]) وبناء على ذلك يستثنى من هذه المسالة حالتين هما : الأولى إذا ادعى بدل ما استقرضه في مرضه , والثانية إذا دفع ثمن ما اشتراه في مرضه بمثل القيمة . ( [256])

إلا انه يشترط ثبوت كل من القرض والشراء بالبينة . ( [257])

ونعتقد أن هذا الرأي يحقق قدرا من المساواة بين الدائنين فهو يقسم الدائنين إلى قسمين :- دائنو المريض مرض الموت حال صحته , ودائنو المريض مرض الموت خلال مرضه , ومثل هذا التقسيم يصح منطقا لأنه يميز بين الصحة والمرض وسبب الدين المنشأ له .

ديون الصحة وديون المرض :-



دين الصحة : - هو الدين الذي شغلت به ذمة الإنسان حال صحته سواء أكان ثابتا بإقراره فيها أم بالبينة , ويلحق به في الحكم الدين الذي لزمه وهو مريض , وكان ثبوته بالبينة . ( [258])

دين المرض : - هو الدين الذي لزمه بإقراره وهو مريض ولم يكن طريق لثبوته غير ذلك . ( [259])

وقد اتفق الفقهاء المسلمون على استواء دين الصحة ودين المرض في الاستيفاء من التركة إذا كان في التركة سعة لهما. ( [260]) أما إذا كانت التركة لا تفي بكليهما فتقدم ديون الصحة على ديون المرض يعني أن الديون المستغرقة تركته بالدين تقدم ديونه التي تعلقت بذمته في حال صحته على الديون التي تعلقت بذمته بإقراره في مرض موته فتستوفى أولا ديون الصحة من تركته ثم تؤدى ديون المرض إذا بقي شيء كذلك الإقرار بعين في الصحة مقدم على الإقرار بالعين والدين في المرض ولكن الديون التي تعلقت بذمة المريض بأسباب معروفة غير الإقرار كالشراء والاستقراض وإتلاف المال فهي بحكم ديون الصحة . ( [261]) وجميع ديون الصحة متساوية في الدرجة سواء التي ثبتت بأسباب معروفة أو كانت ثابتة بالبينة أو بإقرار المتوفى في حال صحته سواء أكان ذلك الإقرار للوارث أو للأجنبي . ( [262])

ويمكن من خلال استعراض هذه الآراء المتعلقة بأداء المريض مرض الموت أن نقول بان التقنين المدني العراقي قد استقى نصين من الفقه الإسلامي في حكم قضاء المريض مرض الموت دين بعض غرمائه دون البعض الآخر فقد نصت المادة (378) منه على انه : (( لا يصح للمدين أن يوفي دين احد غرمائه في مرض موته إذا أدى هذا الوفاء إلى الإضرار ببقية الدائنين )) . ( [263]) ونصت المادة (1110) منه على انه : (( ليس لأحد أن يؤدي دين احد غرمائه في مرض موته ويبطل حقوق باقيهم , ولكن له أن يؤدي ثمن المال الذي اشتراه أو القرض الذي استقرضه حال كونه مريضا )) .

بناء على ما تقدم نجد أن ما جاء في هذين النصين موافق لما سبق عرضه من مذهب الحنفية إذ ميز التقنين المدني العراقي بين دين الصحة ودين المرض والسبب المنشيء لكل دين منهما .

2-إقرار المريض مرض الموت بالدين أو المال :-

https://www.startimes.com/?t=20541563









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-27, 22:23   رقم المشاركة : 2993
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lets collaborate مشاهدة المشاركة
من فضلك، أبحث عن مذكرات أو كتب حول موضوع: زواج المريض مرض الموت,
اسم المفتي : لجنة الإفتاء
الموضوع : حكم زواج المحكوم عليه بالإعدام
رقم الفتوى : 2039
التاريخ : 07-05-2012
التصنيف : أركان النكاح
نوع الفتوى : بحثية

السؤال :

ما حكم زواج المحكوم عليه بالإعدام؟


الجواب :

الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله
الزواج الصحيح شرعاً هو الذي استكمل كافة شروطه وأركانه. وزواج المحكوم عليه بالإعدام إذا تم مستكملاً لها، فهو زواج صحيح ومعتد به شرعاً، فقد أجاز الفقهاء زواج المريض في مرض الموت، ويلحق بمرض الموت كل أمر مخوف يخشى منه الموت كالحريق والتقديم للقتل، واستُدل لذلك بعموم قول الله تعالى: (فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ) النساء/3.
فإن الآية تدل بعمومها على صحة زواج من أشرف على الموت، وقد روي عن عدد من الصحابة أنه استحب الزواج قبل الموت، فعن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "لَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجْلِي إِلَّا عَشَرَةُ أَيَّامٍ، وَأَعْلَمُ أَنِّي أَمُوتُ فِي آخِرِهَا، ولِي فِيهِنَّ طَوْلُ النِّكَاحِ، لَتَزَوَّجْتُ مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ" "سنن سعيد بن منصور" (1/ 164)، وقد روى الإمام الشافعي بلاغاً عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قال في مرضه الذي مات فيه: "زوجوني لا ألقى الله تبارك وتعالى وأنا عزب" "الأم" للشافعي (4/ 109).
وعليه فإن الزواج صحيح شرعاً، ويترتب عليه أحكام الزواج الصحيح وآثاره كافة ما دام أنه تم بموافقة الطرفين ورضاهما. والله تعالى أعلم.

https://aliftaa.jo/Question.aspx?Ques...9#.WfOVuVQabIU









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-27, 22:26   رقم المشاركة : 2994
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lets collaborate مشاهدة المشاركة
من فضلك، أبحث عن مذكرات أو كتب حول موضوع: زواج المريض مرض الموت,
الزواج في مرض الموت




(حكم ما لو تزوج المريض ولم يدخل فمات)‏
المسألةالسابعة: ولو تزوج المريض ودخل ورثت والا فلا مهر ولا ميراث ان مات في مرضه كما هوالمعروف من مذهب الأصحاب كما عن الكفاية وفي المسالك جزم الاكثر بالحكم من غير ان يذكروافيه خلافا أو اشكإلا انتهى.
وعن التذكرة دعوى الإجماع عليه.
ويشهدبه: صحيح أبي ولاد الحناط: سالت ابا عبد الله (ع) عن رجل تزوج في مرضه؟ فقال (ع): إذا دخل بها فمات في مرضه ورثته وان لم يدخل بها لم ترثه ونكاحه باطل.
وصحيح زرارة عن أحدهما (ص): ليس للمريض ان يطلق وله ان يتزوج فإن هو تزوج ودخل بها فهو جائزوان لم يدخل بها حتى مات في مرضه فنكاحه باطل ولامهر لها ولاميراث.
وموثق عبيد بن زرارة عن الإمام الصادق (ع).
عن المريض اله ان يطلق؟ قال (ع): لا ولكن له ان يتزوج ان شاء فإن دخل بها ورثته وان لم يدخل بها فنكاحه باطل.
والكلام في ما يدل عليه هذه النصوص: تارة من بطلان النكاح واخرى من صحته وان له ان يدخل بهاتقدم في كتاب النكاح مفصلا.
والمقصودفي المقام بيان ما يستفاد منها من عدم الإرث ودلالتها عليه ظاهرة ومعه لا يصغى إلىما عن الكفاية من معارضة هذه النصوص بالنصوص الكثيرة الدالة على أن الزوجة ترث فإن النسبة عموم مطلق يقيد إطلاق تلك النصوص بهذه الأخبار.
واما ما عن شرح الايجاز من أنه يمكن ان يراد بالدخولان تدخل عليه لتخدمه وتضاجعه وتمرضه وان لم يطاها فخلاف الظاهر جدا اذ لو كان المراد ذلك لزم ان يقال فإن لم تدخل عليه لا وان لم يدخل بها كما هو واضح.
ولوماتت هي في مرضه قبل الدخول فبناء على ما هو الصحيح من صحة نكاحه كما مر ولذا يجوزالدخول بها يرثها لإطلاق ادلة الإرث وكون العقد متزلزلا لا يمنع عن الإرث بعد كونه صحيحا موجبا لتحقق عنوان الزوجية.
ولو برء الزوج من مرضه فمات قبل ان يدخل بها بسبب مرض آخر ترثه لمفهوم صحيح زرارة بناءعلى ما هو الحق من أنه إذا كان الشرط مركبا من امور تدل القضية على أنتفاء الحكم عندفقد كل واحد منها.
وفي الصحيح اخذ شرطا لعدم الميراث عدم الدخول بها حتى مات في مرضه فيرتفع عدم الميراث بارتفاع كل من القيدين ويقيد به إطلاق الموثق .




https://alhussain-sch.org/forum/showt...C7%E1%E3%E6%CA









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-27, 22:34   رقم المشاركة : 2995
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة lets collaborate مشاهدة المشاركة
من فضلك، أبحث عن مذكرات أو كتب حول موضوع: زواج المريض مرض الموت,
مرض الموت وتصرفات المريض القانونية


من خلال ذلك نلاحظ ان القانون الانكليزي {قانون نصوص العائلة لسنة (1938)}, قد حدد هو الاخر حقوق الورثة في التركة وهو ما يقارب في ذلك من التقنين المدني الفرنسي عندما حدد الحصص المحفوظة . ( [1])



القانون الواجب التطبيق على تصرفات المريض مرض الموت /

لا شك ان الشريعة الاسلامية هي القانون الواجب التطبيق على من يضر بورثته اثناء مرض موته وذلك لان العراق يأخذ باحكامها وهذب تقنينه المدني في ضوئها. والصعوبة تكمن في تحديد القانون الواجب التطبيق على تركة العراقي المتوفى في فرنسا, اذ تكمن الصعوبة في :-

اولا:- تكييف تصرفه وذلك على وفق احكام المادة (17/2) من التقنين المدني العراقي.

ثانيا :- تحديد قاعدة الاسناد التي توجب تطبيق القانون الاكثر انطباقا او الاكثر تركيزا على الموضوع.

ثالثا :- تحديد العوائق والموانع التي تحول دون تطبيق احكام الفقه الاسلامي والتقنين المدني العراقي على الاقليم الاجنبي الذي فيه تكمن اموال المتوفى من مثل اتصال مرض الموت بالاهلية والوصية والتصرف وهي جميعا من النظام العام وكل قاعدة من النظام العام تتعطل فيها فكرة تطبيق القانون الاجنبي ( ومنها بوجه خاص قواعد الاسناد) في دولة وجود الاموال المتصرف بها من قبل المريض مرض الموت, فاذا اكملنا ذلك كله نصطدم بمانع اقوى وأعتى ( مانع عدم جواز تطبيق قانون اجنبي على عقار كائن في الدولة التي يوجد فيها عقار المريض مرض الموت او امواله المنقولة ). وسنستعرض ذلك بشيء من الايجاز اتماما للفائدة دون الد خول في التفاصيل كي لا نخرج عن نطاق البحث.

ان للتكييف اثرا مهما في تعيين القانون الواجب التطبيق, لانه الوسيلة الاساسية في اختيار قاعدة الاسناد وكل اختلاف فيه يجري إلى اختيار قاعدة اسناد دون اخرى. ( [2]) حيث ان مرض الموت يأخذ في الاثار حكم الوصية ولكنه ليس وصية بدليل لو ان المريض مرض الموت برىء او صحى او نجا او شفى من مرضه فلا يستطيع ابطال وصيته او الرجوع عن تصرفه ولكن مع ذلك يحق له الطعن بالغلط في الباعث الدافع إلى تعاقده, ( [3]) فهو اذن حكم يتعلق في عين المتصرف به. ( [4] ) وهذا يستتبع تطبيق قانون موقع المنقول وموقع العقار على الاموال المتصرف بها اثناء مرض الموت عملا باحكام المادة (24) مدني عراقي. فبالنسبة للمنقول يطبق قانون الدولة التي يوجد فيها المنقول اما العقار فيطبق قانون موقع العقار. ( [5]) وهذا الحكم يتعلق بالعين المتصرف بها.

اما فيما يتعلق بالقانون الواجب التطبيق, نجد ان جانب من الفقه الفرنسي يبرر قاعدة خضوع المال وبصفة خاصة العقار لقانون موقعه على اساس ان سلامة المعاملات تستلزم الاخذ بهذا الحل, ( [6]) ففي حالة ما اذا مات عراقي وكان له عقارات في فرنسا فمن خلال التكييف يطبق قانون العين المتصرف بها وهي عقارات في فرنسا على وفق ما تشير اليه قاعدة الاسناد العراقية في المادة (24) من التقنين المدني العراقي, في حين ان فرنسا لا تعرف مرض الموت اذن فعلى الوارث العراقي ان يبطل التصرف لا على اساس مرض الموت وانما على اساس آخر وهو الهبة (او أي تصرف قانوني اّخر) إضرارا بالورثة ذوي الصفة المحفوظة وهذا يخفف عليهم عبء اثبات مرض الموت ولكنه يزيد عليهم من شدة وطأة المركز القانوني وذلك بان يكونوا من الورثة ذوي الحصص المحفوظة حصراً وليس كل وارث في القانون الفرنسي له حصة محفوظة فالشقيق وأبن الأخ والأخت وغيرهم هؤلاء ليسوا ذوي صفة محفوظة فيستطيع المورث العراقي ان يضر بهم ويحرمهم من الميراث كزاوجه من امرأة أخرى وهبة كافة امواله لها بطريق البيع مثلا اما لو كانت هذه العقارات موجودة في العراق وثبت تصرف مورثهم خلال مرض موته وتحققت شروط مرض الموت واثاره فيكون للورثة حينئذ حق التمسك بالطعن في تصرفات مورثهم بكونها تصرفات صادرة في مرض الموت.

نستنتج مما تقدم ما ياتي :-
1- التكييف المقصود به ليس التكييف بالمعنى الحرفي للقانون العراقي المنصوص عليه في المادة (17/1و2) منه, ( [7]) اذ ان التكييف تقلبت اوجهه من مرض موت إلى احكام الوصية وليست الوصية والتي تنص على العين الموصى بها واخيرا ينتهي التكييف بنا إلى كون المسالة عينية فنستنتج بأن المقصود منها هو الحالة الاخيرة التي ينطبق عليها مفهوم القانون الاجنبي ونقصد بها تعلقها بالعين المتصرف بها خلال مرض الموت والعين هنا هي العقار.

2- ان القانون الفرنسي يخفف على الوارث العراقي عبء اثبات مرض الموت اذا كان مركزه في استحقاقه من التركة وارث ذي صفة محفوظة كأن يكون زوجا او بنتا للمورث.

3- ان القانون الفرنسي يفوت عليه الحماية ويسقط حقه سقوطا تاما لو كان وارث ذي صفة غير محفوظة كأن يكون أخاً او ابن عم او ابن خال ونحوه.



●المطلب الثاني●

- المعاوضة -

عقد المعاوضة هو عقد بموجبه يعطي احد العاقدين شيئا مقابل الحصول على شيء اخر, ( [8]) وعقد البيع من اهم عقود المعاوضة, والمريض كقاعدة عامة غير ممنوع من التصرف معاوضة ما دام بثمن المثل لعدم وجود الضرر لكن المريض قد يبيع او يشتري بغبن فاحش عندئذ يختلف الحكم ففي الفقه الاسلامي اذ ما باع رجل في مرض موته مال بأقل من ثمن المثل ثم مات مدينا وتركته مستغرقة كان لاصحاب الديون ان يكلفوا المشتري ابلاغ ثمن ما اشتراه الى ثمن المثل واكماله وادائه للتركة فان لم يفعل فسخوا البيع ولو كان الغبن يسيرا سواء اجاز الورثة هذا البيع او لم يجيزوه وهكذا الحكم فيما لو اشترى المريض مالا باكثر من ثمن المثل أي ان للغرماء ان يستردوه منه ما زاد على ثمن المثل وان رفض فلهم فسخ البيع واسترداد الثمن. ( [9])

وعلى ذلك سنعالج هذا الموضوع في الفقه الاسلامي ومن ثم نستعرض موقف القوانين المقارنة منه كلا في فقرة مستقلة.





اولا :- البيع في مرض الموت في ظل الفقه الاسلامي :-



اذا باع المريض شيئا من اعيان ماله فمثل هذا البيع قد يكون لاجنبي وقد يكون لوارث الامر الذي يتطلب معالجة كلا من هذين الفرضين في بند مستقل :-

أ- بيع المريض ماله لأجنبي:-
هنا يفرق في احكام بيع المريض ماله لاجنبي بين ما اذا كان المريض غير مدين وبين ما اذا كان مديناً.

1- بيع المريض غير المدين ماله لأجنبي :- فرق فقهاء المسلمين في هذا البيع حالة ما اذا كان بيع المريض غير المدين للاجنبي بثمن المثل وما يتغابن الناس بمثله وبين حالة ما اذا كان مع المحاباة وسنستعرض اراءهم مفصلة فيما يأتي :-



حالة بيع المريض غير المدين لأجنبي بثمن المثل :- اتفق الفقهاء من الحنفية, ( [10]) والشافعية, ( [11]) والمالكية, ( [12]) والحنابلة, ( [13]) والزيدية, ( [14]) والامامية, ( [15]) والظاهرية, ( [16]) على ان المريض اذا باع شيئا من اعيان ماله لاجنبي بثمن المثل يتغابن الناس بمثله , فبيعه صحيح نافذ على البدل المسمى , لان المريض غير محجور عن المعاوضة المعتادة التي لا تمس حقوق دائنيه وورثته . حيث جاء في المادة ( 359 ) من مرشد الحيران( يجوز بيع المريض في مرض موته لغير وارثه بثمن المثل او بغبن يسير , و لا يعد الغبن اليسير محاباة عند عدم استغراق الدين )). ( [17])

حالة بيع المريض غير المدين لاجنبي مع المحاباة :- اختلف فقهاء المسلمين في حكم محاباة المريض غير المدين لاجنبي في البيع, حيث قال الحنفية( اذا باع المريض شيئا من ماله لاجنبي محاباة في البيع, فيفرق بين ما اذا كان ثلث ماله يحمل هذه المحاباة وبين ما اذا كانت المحاباة اكثر منه – فان كانت المحاباة بحيث يحملها الثلث فان البيع صحيح ونافذ على البدل المسمى , لان المريض له ان يتبرع لغير وارثه بثلث ماله , ويكون هذا التبرع نافذا وان لم تجزه الورثة – ( [18]) اما اذا كانت المحاباة اكثر من ثلث ماله , فينظر : ان اجازها الورثة نفذت لان المنع كان لحقهم , وقد اسقطوه. وان لم يجيزوها , فيفرق بين ما اذا لم يكن البدلان في البيع من جنس واحد من الاموال الربوية , وبين ما اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير النقدين :-

الحالة الاولى: - فان لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية وزادت المحاباة على الثلث , ولم يجزها الورثة, فيخير المشتري بين ان يدفع للورثة قيمة الزائد على الثلث ليكمل لهم الثلثين وبين ان يفسخ البيع ويرد المبيع الى الورثة ويأخذ ما دفعه من الثمن ان كان الفسخ ممكنا , اما اذا تعذر الفسخ كما اذا هلك المبيع تحت يده او اخرجه عن ملكه ,الزم باتمام الثمن الى ان يبلغ القيمة. ( [19])

الحالة الثانية : - اما اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير النقدين, وكانت المحاباة بأكثر من ثلث ماله ولم يجزها الورثة, فليس للورثة ان يلزموا المشتري بان يدفع لهم الزائد او يفسخ البيع لان هذا يؤدي الى ربا الفضل . لهذا ينسب الثلث الى المحاباة ويصح البيع بقدر النسبة ويبطل فيما عداها والمشتري بالخيار بين فسخ العقد لتفرق الصفقة عليه, وبين الرضا بالبيع في القدر الباقي . ( [20]) وجاء في المادة (360 ) من مرشد الحيران انه( اذا باع المريض في مرض موته لغير الوارث بغبن فاحش, ( [21]) نقصاً في الثمن , فهو محاباة تعتبر من ثلث ماله فان خرجت من ثلث ماله بعد الدين بان كان الثلث يفي بها لزم البيع وان كان الثلث لا يفي بها بان زادت عليه, يخير المشتري بين ان يدفع للورثة الزائد على الثلث لاكمال ما نقص من الثلثلين او يفسخ البيع )). ( [22])

في حين قالت الشافعية : (( اذا باع المريض شيئأ من اعيان ماله للاجنبي , محاباة في البدل , فحكم هذه المحاباة حكم الوصية للاجنبي , تنفذ من ثلث ماله وما زاد على الثلث يتوقف على اجازة الورثة فان اجازوها نفذت والا خُير المشتري بين رد المبيع ان كان قائما , ويأخذ ثمنه الذي دفعه وبين ان يعطي الورثة الفضل عن ما يتغابن الناس بمثله مما لم يحمله الثلث, وان كان المبيع هالكا رد الزيادة على ما يتغابن الناس بمثله مما لم يحمله الثلث وكذا اذا كان المبيع قائما لكنه قد دخله عيب )). ( [23])

اما المالكية فتقول ( اذا باع المريض ماله لاجنبي بأقل من ثمن المثل وما يتغابن الناس بمثله , فأما ان يقصد ببيعه بأقل من ثمن المثل نفع المشتري واما ان لا يقصد ذلك . ففي الحالة الاولى فأن قصد ببيعه ماله باقل من قيمته بكثير نفع المشتري , فما نقص عن القيمة يعتبر محاباة حكمها حكم الوصية للاجنبي , تنفذ من ثلث ماله ان حطها الثلث , وتبطل في القدر الزائد على الثلث ان لم يجزها الورثة وان اجازوها جازت وتكون ابتداءً عطية منهم تفتقر الى الحوز. ( [24]) والوقت المعتبر في تقدير قيمة المبيع هو وقت البيع لا وقت موت البائع. ( [25]) اما في الحالة الثانية اذا لم يقصد ببيعه ماله بأقل من قيمته بكثير نفع المشتري , كان وقع منه ذلك جهلاً بقيمته , فهو غبن يصبح معه البيع على البدل المسمى وينفذ ولا يعتبر النقصان عن ثمن المثل من الثلث مهما بلغ )).

اما الحنابلة فيقولون ( اذا حابى المريض الاجنبي في البيع فالبيع صحيح وتنفذ المحاباة من ثلث ماله ان حطها . اما اذا كانت اكثر من الثلث فينظر : ان اجازها الورثة نفذت , وان لم يجيزوها فيفرق بين ما اذا لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية. ( [26]) وبين ما اذا كانا من جنس واحد من الاموال الربوية غير الثمنين . ففي الحالة الاولى , فان لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية , وزادت المحاباة على الثلث ولم يجزها الورثة بطل البيع في قدر الزيادة على الثلث , وسلم للمشتري الباقي , وكان بالخيار بين فسخ البيع وبين ان يأخذ ما سلم له من البيع. ( [27]) وفي الحالة الثانية , اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير الثمنين , وزادت المحاباة على الثلث ولم يجزها الورثة فينسب الثلث الى المحاباة ويصح البيع, بقدر النسبة , ويبطل فيما عداها , والمشتري بالخيار بين فسخ البيع لتفرق الصفقة عليه , وبين الرضا بالبيع في القدر الباقي وانما فعل ذلك لئلا يفضي الى الربا )). ( [28])

اما الأمامية فذهب فريق منهم الى : (( ان البيع صحيح ونافذ على البدل المسمى سواء اكانت المحاباة قليلة أم كثيرة , حملها ثلث ماله ام كانت اكثر منه )). ( [29]) وقال فريق آخر من الامامية : (( ان البيع صحيح ونافذ على البدل المسمى ان كانت المحاباة قدر ثلث ماله او أقل , اما اذا كانت المحاباة اكثر من ثلث ماله فينظر : ان اجازها الورثة نفذ البيع على العوض المسمى, ( [30]) اما اذا لم يجيزوها , فيفرق بين ما اذا لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية, وبين ما اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير الثمنين . ففي الحالة الاولى , فان لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية وزادت المحاباة على الثلث ولم يجزها الورثة , بطل البيع في قدر الزيادة على الثلث , والمشتري بالخيار بين فسخ العقد لتفرق الصفقة عليه وبين ان يأخذ من المبيع بقدر ما دفع من الثمن وما حمله ثلث مال المريض وان اراد ان يدفع للورثة قيمة الزائد على الثلث من المحاباة ليسلم له كل المبيع , فالورثة بالخيار بين القبول والرد. وفي الحالة الثانية , اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير الثمنين وزادت المحاباة على الثلث ولم يجزها الورثة فينسب الثلث الى المحاباة ويصح البيع بقدر النسبة ويبطل فيما عداها )). ( [31])

يتضح لنا مما تقدم ان المريض غير المدين اذا باع شيئاً من اعيان ماله لأجنبي , وكان في بيعه محاباة يحملها ثلث ماله , فان بيعه صحيح نافذ على البدل المسمى عند جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والمالكية والحنابلة والامامية والظاهرية . اما اذا كانت المحاباة اكثر من ثلث مال المريض فقد اتفقت هذه المذاهب ايضا على ان هذا البيع صحيح نافذ على العوض المسمى ان اجاز الورثة القدر الزائد من المحاباة على الثلث لان المنع لحقهم وقد اسقطوه , اما اذا لم يجزه الورثة فقد راينا اختلاف الفقهاء في ذلك ولكن يمكن ان نخرج مما تقدم بما مايأتي :-

ا – اذا لم يكن البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية , وهو قول الحنابلة وفريق من الامامية , فحكمه هو بطلان البيع في قدر الزيادة على الثلث , ونفاذه فيما عداها ان كانت محاباة المريض باكثر من ثلث ماله ولم يجزها الورثة , ومنع المشتري الخيار بين فسخ العقد وبين اخذ ما سلم له مقابل ما دفعه من الثمن , وما جاز له من المحاباة التي حملها الثلث وذلك لان فيه مراعاة لحق الورثة المتعلق بثلثي مال المريض ولخلوه عن اجبار الورثة على المعاوضة على غير الوجه الذي عارض به مورثهم ولمراعاته لحق المشتري بتخييره بين فسخ العقد لتفرق الصفقة عليه او القبول به في القدر الذي سلم له من المبيع ولعلاقته من الايراد عليه .

ب – اذا كان البدلان من جنس واحد من الاموال الربوية غير الثمنين , وهو قول الحنفية والحنابلة وفريق من الامامية , فحكمه هو ان ينسب ثلث ماله الى المحاباة ويصح البيع بقدر النسبة , ويكون المشتري بالخيار بين فسخ البيع لتفرق الصفقة عليه , وبين القبول به في القدر الباقي لان القول برد المشتري قيمة الزيادة من المحاباة على الثلث الى الورثة ليسلم له كل المبيع كما ما ذهب اليه من الشافعية ومن وافقهم المؤدي الى ربا الفضل فكان تصحيح البيع بقدر هذه النسبة فيها منجى او الخلاص من الوقوع في الربا ونحن نؤيد ذلك - والله اعلم-

2 - بيع المريض المدين ماله لاجنبي :- اذا باع المريض المدين ماله لاجنبي , فقد فرق الحنفية في حكم بيعه بين ما اذا كان دينه مستغرقا لماله او غير مستغرق , لذا سنوضح هذين الحالتين كما يأتي :-

حالة بيع المريض المدين بدين مستغرق لاجنبي :- اذا باع المريض شيئاً من ماله لاجنبي بثمن المثل وكان مديناً بدين مستغرق فأن البيع صحيح ونافذ على العوض المسمى ولا حق للدائنين في الاعتراض عليه , لان حقهم متعلق بمالية التركة لا بأعيانها, ( [32]) والمدين وان كان قد اخرج شيئا ً من ملكه بهذا البيع الا انه قد ادخل فيه ما يقابله من الثمن المساوي لقيمته . اما اذا كان في البيع محاباة للمشتري فلا تنفذ المحاباة سواء اكانت قليلة ام كثيرة الا باجازة الدائنين لتعلق حقهم بماله فان لم يجيزوا خُير المشتري بين ان يبلغ المبيع تمام قيمته ولا اعتراض للدائنين عليه اذا لا ضرر يلحقهم وبين فسخ العقد واخذ ما دفعه من الثمن ان كان الفسخ ممكناً . اما اذا تعذر الفسخ كما اذا هلك المبيع تحت يده او اخرجه من ملكه الزم باتمام الثمن الى ان يبلغ القيمة. ( [33]) كما وجاء في المادة (361) من مرشد الحيران : (( اذا باع المريض لاجنبي شيئاً من ماله بمحاباة فاحشة او يسيرة وكان مديوناً بدين مستغرق لماله فلا تصح المحاباة سواء اجازته الورثة او لم يجيزوه ويخير المشتري من قبل اصحاب الديون , فان شاء أبلغ المبيع تمام القيمة , والا فسخ البيع . فان كان قد تصرف في المبيع قبل فسخ تلزمه قيمتهُ بالغة ما بلغت )). ( [34])

حالة بيع المريض المدين بدين غير مستغرق لأجنبي :- اذا باع المريض شيئا من ماله لاجنبي بثمن المثل وكان مدينا بدين غير مستغرق لماله , صح البيع ونفذ على البدل المسمى اما اذا كان فيه محاباة , فيخرج مقدار الدين من التركة ويأخذ هذا البيع حكم البيع فيما لو كان المريض غير مديون اصلاً بالنسبة للمبلغ الباقي بعد الاخراج. ( [35])

ب- بيع المريض ماله لوارث –

اذا باع المريض شيئاً من ماله لوارثه , فينبغي ان نفرق بين ان يكون المريض البائع غير مدين وبين ان يكون مديناً.

1 - بيع المريض غير المدين ماله لوارث :- اختلف الفقهاء في حكم بيع المريض غير المدين ماله لوارثه, فنرى ان للحنفية في هذا الحكم قولين : احدهما قول ابي يوسف ومحمد بن الحسن وابن ابي ليلى , وهو يُفرق في هذه الحالة بين ان يكون البيع بمثل القيمة وبين ان يكون مع محاباة :-

أ – فان باع المريض وارثه عيناً من ماله بمثل القيمة وبما يتغابن الناس بمثله , فان بيعه يكون صحيحاً ونافذاً لانه ليس فيه ابطال لحق الورثة عن شيء مما يتعلق حقهم به وهو المالية , فكان الوارث والاجنبي في ذلك سواء. ( [36])

ب – اما اذا باع المريض وارثه عينا من ماله محاباة في ثمنه , فأن البيع يتوقف على اجازة الورثة سواء حمل ثلث ماله هذه المحاباة ام لم يحملها , فان اجازوه نفذ والاخير الوارث بين ان يبلغ المبيع تمام القيمة وعندها يسقط حق الورثة في الاعتراض عليه وبين ان يفسخ البيع ويرد المبيع الى التركة ويستلم الثمن الذي دفعه للمورث. ( [37]) ولكن بيع المريض مرض الموت لوارثه بثمن المثل لا يجوز, ( [38]) ويُرجح بعض الكتاب راي ابو حنيفة بقولهم : (( ارى ترجيح ما ذهب اليه الامام ابو حنيفة ( رضي الله عنه ) دفعاً لما قد يحدث من ايثار بعض الورثة بعين معينة من التركة , فان الاعيان وان حلت قيمتها محلها الا انها تختلف اختلافاً كبيراً باختلاف اغراض استخدامها )). ( [39])

وثانياً قول الامام ابي حنيفة وهو ان البيع يكون موقوفاً على اجازة باقي الورثة فان اجازوه نفذ وان ردوه بطل سواء اكان البدل مساوياً لمثل القيمة او كان فيه محاباة. ( [40])

اما الشافعية فذهبوا الى انه يجوز للمريض ان يبيع ما شاء من اعيان ماله الى أي شخص من ورثته , وينفذ بيعه على العوض المسمى اذا كان البيع بمثل القيمة او بما يتغابن الناس بمثله , وبه قال الظاهرية. ( [41]) حيث جاء في الام( قال الشافعي : واذا باع الرجل المريض بيعاً من بعض ورثته بمثل قيمته او بما يتغابن الناس به ثم مات فالبيع جائز , لا هبة ولا وصية فيرد )). ( [42])

اما المالكية فذهبوا الى انه اذا باع المريض وارثه شيئا من ماله دون محاباة فالبيع جائز ونافذ على البدل المسمى , حيث جاء في المدونة( قلت : ارايت ان بعت عبداً لي من ابني في مرضي ولم احابه , ايجوز ام لا ؟ قال : نعم اذا لم يكن فيه محاباة )). ( [43])

اما الحنابلة فيقولون : يجوز للمريض ان يبيع ما شاء من ماله لوارثه , وينفذ بيعه اذا كان بثمن المثل. ( [44]) وجاء في المغنى انه( لو عاوض المريض بعض ورثته اواجنبياً بجميع ماله , صح اذا كان بثمن المثل )). ( [45])
اما الامامية فيقولون : اذا باع المريض شيئاً من ماله لوارثه بثمن المثل وما يتغابن الناس بمثله صح البيع ونفذ على البدل المسمى . وعلى هذا اجمع الامامية كما ذكر الحلي في تذكرة الفقهاء. ( [46])

يتضح لنا من كل ما تقدم ان الرأي الراجح هو قول الامام ابي حنيفة وابي الخطاب من الحنابلة وهو ان بيع المريض غير المدين لوارثه أي عين من أعيان ماله يتوقف على اجازة باقي الورثة سواء اكان بيعه هذا بثمن المثل او أقل منه أو اكثر , وذلك لان حق الورثة يتعلق بمال المريض صورة ومعنى اذا كان تصرفه مع وارث دفعاً للغضاضة عن باقي الورثة لان بيع المريض لوارثه شيئاً من اعيان ماله فيه ايثار له عن باقي الورثة ولو كان بمثل القيمة او باكثر منها. ( [47]) لان للناس في الأعيان إغراضا ومقاصد , ومن حق الورثة ان يضمنوا عدم ايثار المريض لبعضهم على بعض باعيان يختارها لهم ولو كانت بقيمتها او بأكثر لان هذا يؤدي الى الحقد والحسد ويثير في نفوسهم الضغينة والبغضاء , وقد نهى الله – سبحانه وتعالى – عن ذلك. ( [48])

2- بيع المريض المدين لوارث :- اذا باع المريض المدين ماله لوارث , فاما ان يكون دينهُ مستغرقاً لتركته واما ان يكون غير مستغرق . وسنعالج هاتين المسألتين كالاتي :-

حالة بيع المريض المدين بدين مستغرق لوارث :- اتفق الامام ابو حنيفة واصحابه على ان المريض المدين بدين مستغرق اذا باع ماله لوارث بثمن المثل فان البيع صحيح نافذ على البدل المسمى , و لا حق للدائنين في الاعتراض عليه لان حقهم متعلق بمالية التركة لا باعيانها , والمريض وان كان قد اخرج شيئا من ملكه بهذا البيع الا انه قد ادخل فيه مايقابله من الثمن المساوي لقيمته , اما اذا كان في بيع المريض المدين محاباة للوارث في البدل فلا تنفذ المحاباة سواء اكانت قليلة أم كثيرة الا بأجازة الدائنين . فان اجازوها نفذت وان ردوها خيّر المشتري بين ان يبلغ المبيع تمام قيمته , ولا اعتراض للدائنين, وبين فسخ البيع وأخذ ما دفعه من الثمن ان كان الفسخ ممكناً , اما اذا تعذر لهلاك المبيع تحت يده وما اشبهه , فيلزم المشتري بأتمام الثمن الى ان يبلغ القيمة. ( [49]) اما بالنسبة للوارث فان حقه متعلق باعيان التركة وماليتها من قبل ان يكون العقار قد استملك في عهد المورث ودفعت بيت المال او الدولة بدل استملاك للورثة فهذا حق للورثة في مالية التركة . وعليه فان حقهم لا ينحصر في الاعيان دون المالية ولا المالية دون الأعيان .

حالة بيع المريض المدين بدين غير مستغرق لوارث :- اذا باع المريض المدين بدين غير مستغرق ماله لوارث , فيخرج مقدار الدين من التركة , ويحكم على البيع في القدر الزائد على الديون بحكم البيع فيما لو كان المريض غير مدين أصلا . ( [50])

وعليه , مثل البيع في كل الاحوال المتقدمة الشراء , فأذا اشترى المريض مرض الموت من وارثه الصحيح او من اجنبي وكان غير مديون او كان مديونا اتبعت الاحكام المتقدمة في البيع. ( [51])
جاء في الفتاوى الهندية : (( صورة المحاباة ان يبيع المريض ما يساوي مئة بخمسين او يشتري ما يساوي خمسين بمائة , فالزائد عن قيمة المثل في الشراء , والناقص في البيع محاباة )). ( [52])

وعليه : (( لما كان مرض الموت سبباً عادياً في الموت الذي به يتحقق العجز التام , وخراب الذمة بحيث لا تصلح لتعلق الدين بها , وبه يثبت خلافة الورثة في تركته وصار حق الورثة والغرماء متعلقاً بالتركة من وقت حدوث ذلك المرض لان الحكم يستند الى ادلة السبب .....)). ( [53])



ثانيا :- البيع في مرض الموت في ظل القوانين المقارنة/

يّعدُ البيع اهم العقود الواردة على الملكية على الاطلاق من الناحيتين التشريعية والعملية , فعقد البيع ينشأ ككل العقود بألتقاء ايجاب وقبول متوافقين أي بالتقاء ارادة كل من البائع والمشتري ويشترط في هاتين الارادتين توافر ما يتطلب من شروط لصحة التصرفات القانونية بصفة عامة ويجب ان يحدد الثمن بالصورة التي لا تتناقض مع احكام القانون او طبيعة البيع باعتباره عقد معاوضة لان البيع عقد ناقل للحق نظير عوض على ان يتم النقل حال حياة البائع , فاذا كان النقل بلا عوض فالعقد هبة وان كان مضافاً الى بعد وفاة الناقل فهو وصية , ويشترط في العوض ان يكون مبلغاً من النقود والا كان العقد مقايضة لا بيعاً. ( [54]) وقد وردت في التقنينات المدنية العربية الاخرى نصوصاً فيما يتعلق بالبيع في مرض الموت فنجد ان المشرع الاردني قد نص على البيع في مرض الموت في المواد(544- 545 – 546 -547) من التقنين المدني الاردني. ( [55]) بحيث نجد ان المشرع الاردني من خلال هذه المواد قد فرق في هذا المجال بين التصرفات التي تكون لوارث او غير وارث :-

أ- البيع لوارث :-

بمقتضى حكم المادة ( 544/1) من التقنين المدني الاردني يكون حكم بيع المريض مرض الموت مالاً لورثته غير جائز الا اذا اجازهُ بقية الورثة فلقد نصت هذه المادةعلى انه : (( بيع المريض شيئاً من ماله لأحد ورثته لا ينفذ مالم يجزه باقي الورثة بعد موت المورث )). ( [56]) ومن ثم يثور هنا تساؤل وهو هل عندما لا يكون البيع ببدل المثل ؟ والجواب عن ذلك ان النص هنا مطلق والمطلق يجري على اطلاقه , اذ لا يفرق التقنين المدني الاردني بين حالة ما اذا كان بيع المورث لوارثه ببدل المثل وحالة بيع المورث لوارثه باقل من بدل المثل في الحالتين اذ يكون البيع في هاتين الحالتين غير نافذ في حق الورثة لانه موقوف على اجازة بقية الورثة , والاثر القانوني لهذا البيع الموقوف استخلصهُ التقنين المدني الاردني من فقه أبي حنيفة ( رحمه الله ) من حيث ان المورث قد يتحيز للوارث بسبب حالته النفسية المضطربة بحيث انه قد يتفق مع الوارث على بدل قريب من بدل المثل بقصد الاضرار ببقية الورثة . والملاحظ هنا انه لم يعلق على بدل المبيع.

ب – البيع لغير وارث ( لأجنبي ) :-

من استقراء حكم المادة ( 544/2) من التقنين المدني الاردني والمادة ( 545) من التقنين المدني الاردني يتبين بصورة واضحة, ( [57]) ان بيع المريض لاجنبي بثمن المثل او بغبن يسير لا يتوقف على اجازة الورثة. ( [58]) والسبب في ذلك ان البيع في هذه الحالة بعيد عن الشبهة والشك والريبة والتحيز وان كان فيه غبن فهو مما يتسامح فيه عادة او يكون بصورة طبيعية واعتيادية في التعامل اليومي للافراد حتى الاصحاء منهم. ( [59]) هذا وقد قررت محكمة تمييز الحقوق الاردنية انه : (( ان بيع المريض مرض الموت ماله لاحد ورثته او اكثر اثناء مرض موته يعتبر وفقاً للمادة( 393) من المجلة والتي اخذ القانون المدني في المادة (544/1) بها بيعاً صحيحاً موقوفاً على اجازة بقية الورثة فأن اجازوه لزم وان لم يجيزوه فسخ )). ( [60]) ولكن الشبهة وعدم الحياد يظهر عندما يكون البيع بغير بدل المثل , فقد نصت المادة (545) من التقنين المدني الاردني على : (( 1- بيع المريض من اجنبي بثمن يقل عن قيمة المبيع وقت الموت نافذ في حق الورثة اذا كانت زيادة قيمة المبيع على الثمن لا تتجاوز ثلث التركة داخلا فيها المبيع ذاته. ( [61]) 2- أما اذا تجاوزت هذه الزيادة ثلث التركة فلا ينفذ البيع مالم يقره الورثة او يكمل المشتري ثلثي قيمة المبيع والا كان للورثة فسخ البيع. ( [62]) )). ( [63]) وهناك حالة ان يبيع المريض مرض الموت ماله بأقل من قيمة المثل وهو مدين وتركته مستغرقة بالديون, ( [64]) فما الحكم في هذه الحالة؟

تناولت حكم هذه الحالة المادة ( 546) من التقنين المدني الاردني واجابت عنه فنصت على انه : (( لا ينفذ بيع المريض لاجنبي بأقل من قيمة مثله ولو بغبن يسير في حق الدائنين كانت التركة مستغرقة بالديون وللمشتري دفع ثمن المثل والاجاز للدائنين فسخ البيع )). ( [65])

ان الحكمة من هذا النص هو دفع الضرر عن الدائن المتعلقة حقوقهم بالتركة وذلك بالحفاظ عليها وعدم الانتقاص منها, ( [66]) حتى يتحقق قول الرسول عليه افضل الصلاة والسلام انه ( لا ضرر ولا ضرار ). ( [67]) ومن الجدير بالذكر اذا باع المورث امواله وهو في مرض موته وكان بيعه بمحاباة فلا خلاف بين علماء الفقه الاسلامي على ان هذا البيع من المورث المريض مرض الموت يأخذ حكم وصيته في حال صحته فان كانت المحاباة لغير وارث فانها تكون نافذة على الورثة متى كانت في حدود ثلث التركة فان زادت عن هذا القدر فأنها توقف على اجازتهم في الزائد.

تقديراً لاهمية النية في التصرفات واعتداداً بها فاننا نجد ذلك واضحاً من خلال النص عليه في المادة (547/1) من التقنين المدني الاردني, ( [68]) ولكن في الوقت نفسه ولتحقيق معادلة عادلة بين الحقوق والالتزامات وحماية لحق الدائن فانه يجوز ان يكون لهؤلاء الحفاظ على حقهم وهذا ما نجده واضحاً من نص الفقرة الثانية من نفس المادة. ( [69])

في الواقع نرى ان موجودات التركة هي التي تضمن حقوق الدائنين ولهذا فان كل فعل يصدر من المريض مرض الموت يُنقص من موجودات هذه التركة فللورثة الحق في فسخهُ او الرجوع على المشتري بالفرق والدليل على ذلك ما نجده من نص المادة (547) من التقنين المدني الاردني الآنف الذكر . ونستنتج من كل ذلك ان بيع المريض في مرض الموت يعتبر صحيحاً الا انه يّعدُ موقوفاً على اجازة الورثة فان اجازوه نفذ وان لم يجيزوه فسخ وهناك تطبيقات قضائية كثيرة في هذا الموضوع فنجد ان محكمة تمييز الحقوق الاردنية قد قررت :-

(( ان بيع المريض مرض الموت ماله لاحد ورثته او اكثر اثناء مرض موته يعتبر , وفقاً للمادة ( 393) من المجلة والتي أخذ القانون المدني في المادة (544/1) من التقنين المدني الاردني بها , بيعاً صحيحاً موقوفاً على اجازة بقية الورثة فان اجازوه لزم وان لم يجيزوه فسخ , ....)). ( [70]) وقررت ايضاً : (( ان فراغ الارض الاميرية معتبر ولو في مرض الموت ولا تنتقل الارض بعد وفاة المتفرغ الى ورثته وذلك باحكام المادة (120) من قانون الاراضي وعليه فان بيع الارض الاميرية الذي وقع في مرض موت البائع صحيح ونافذ بحق العاقدين وخلفهم )). ( [71]) وقضت ايضاً : (( ان اجازة بعض الورثة لبيع مورثهم الذي باع العقارات للمييز ضدها وهو في مرض الموت ينفذ في حصص من اجاز البيع من الورثة ولا ينفذ في حصص من لم يجز البيع لان سهم كل وارث في التركة مستقل عن سهام الباقين )). ( [72])

واخيرا قضت بانه : (( ان مرض الموت وكما يستفاد من منطوق المادة (543/1) من القانون المدني الذي يعجز فيه الانسان عن متابعة اعماله المعتادة ويغلب فيه الهلاك ويموت على تلك الحال قبل مرور سنة وان استند مرضه وهو على حالة واحدة دون ازدياد تكون تصرفاته كتصرفات الصحيح وحيث ان محكمة الاستئناف انتهت بحكم صلاحيتها في تقدير ووزن البينة الى ان المدعين لم يثبتوا ابتداء ان المتوفى حين قيامه ببيع العقار موضوع الدعوى كان مريضاً مرض الموت فأن ما انتهى اليه القرار المميز ان حكم مورث الفريقين حكم الصحيح وان تصرفه صحيح ومعتبر يتفق وحكم القانون )). ( [73]) كما وان بيع الاراضي الاميرية يعد صحيحاً ولو كان واقعاً في مرض الموت ونجد ذلك واضحاً عندما نصت المادة (120) من قانون الاراضي العثماني على انه : (( تعتبر بيع الاراضي الاميرية نافذاً ولو وقع في مرض الموت ولا ينتقل المبيع الا بعد وفاة البائع الى الورثة)). ( [74])

هذا وهناك تطبيقات قضائية اردنية عديدة منها ما قضت به محكمة تمييز الحقوق الاردنية اذ قضت : (( ان المادة (120) من قانون الاراضي تعتبر بيع الاراضي الاميرية نافذاً ولو وقع في مرض الموت ولا ينتقل المبيع بعد وفاة البائع الى الورثة . ان القول بان المجلة قد اوردت نصاً خاصاً على مرض الموت وان صدورها متاخر عن تاريخ صدور قانون الاراضي , هو قول لا يغير من الحكم القانوني من بيع الاراضي الاميرية نافذ على الورثة ولو وقع في مرض الموت وذلك لان قانون المجلة قانون عام بالنسبة لقانون الاراضي الذي يعتبر خاصاً والقاعدة ان القانون العام اذا صدر بعد القانون الخاص يعتبر القانون الخاص استثناء من القانون العام . ان نص المادة (120) من قانون الاراضي قد ورد مطلقاً والمطلق يجري على اطلاقه , وتأسيساً على ذلك فان حكم هذه المادة يشمل الفراغ الجاري لاي شخص سواء اكان من الورثة ام لم يكن)). ( [75]) ونصت ايضاً : (( لا يترتب على مرض الموت بطلان معاملة فراغ القطع من نوع الاراضي الاميرية لان المادة (120) من قانون الاراضي اجازت فراغها ولو كان المتصرف بها في مرض الموت . اذا لم يكن المورث حين البيع في مرض الموت بالمعنى المنصوص عليه في المادة (1595) من المجلة لان البينة اثبتت بان مرضه امتد اكثر من سنة وانه كان خلال مرضه يمارس بعض اعماله خارج بيته. لا يجوز للمدعيات التمسك بالحيلة والغش كسبب لابطال معاملة الفراغ مادام أنهن قد طلبن ابطالها في لائحة دعواهن بالاستناد الى سبب واحد وهو مرض الموت ولم يقدمن لائحة بالسبب الجديد بمقتضى المادة (60) من الاصول الحقوقية )). ( [76]) اذ يقول الدكتور دعيبس المر بانه : (( اذا توفي المريض المفرغ دون وارث فليس للحكومة ان تتعرض للمفرغ له . وقد علل ارباب الحقوق هذا الاختلاف بين احكام المجلة وقانون الاراضي بانه في اراضي الملك يخشى من قصد المريض في ايقاع الضرر بالورثة ( بالايصاء لبعضهم دون الاخرين ) او في دائنيه بتهريب املاكه. اما في الاراضي الاميرية فلا يحق لدائنيه ان يستوفوا ديونهم من هذه الاراضي كما انه لايجوز انتقالها بالوصية فاصبح لا مانع من الفراغ في مرض الموت , ولكن في الاراضي الموقوفة قد اشترط ان يكون للمفرغ في مرض موته وارث او صاحب حق انتقال والا لا يجوز فراغه خوفاً من ان يكون المريض قصد منع الارض من ان تعود للوقف . وعلى كل حال يشترط في صحة فراغ المريض ان يكون صحيح الشعور مالك حواسه فلا يجوز فراغه اذا كان مرضه قد فتك بحواسه العقلية فافقده فهمه اذ يعتبر حينئذ كالمجنون ويبطل تصرفه بتاتاً )). ( [77]) في باديء تأسيس الدولة العثمانية كان فراغ الاراضي الاميرية والموقوفة جبراً وفاءً للدين ممنوعا وبقي الامر كذلك حتى بعد صدور قانون الاراضي بالنظر لكون المتصرف يعتبر مستأجراً للارض وليست مالكاً لها وعلى ذلك بنيت القاعدة العامة ان الاراضي الأميرية لا تؤمن دين المتصرف وهذا ما نصت عليه المادة (115) من قانون الاراضي الا ان هذة المادة تعدلت تباعا اولا بالقوانين الصادرة في ربيع الاول سنه 1279هـ و27 شعبان سنه 1386هـ و23 رمضان سنه 1286هـ و 15 شوال سنه 1288هـ بحق بيع الاموال الغير منقولة والتي رخصت بيع اراضي المديون شرط ان يجري ذلك مدة حياته فقط اما بعد وفاته فبقي ذلك ممنوعا حتى صدور قانون التصرف بالاموال الغير منقولة الذي قد اجازه في المادة (16) منه. ( [78]) ا وان المجلة كانت تقيد تصرفات المريض مرض الموت لا سيما اذا كان لمصلحة الوارث ولكن المادة (120) من قانون الاراضي كانت تجيز افراغ الاراضي الأميرية في مرض الموت بصورة مطلقة. ( [79])

اما القانون المدني العراقي فلم ُيجـِز افراغ الاراضي الأميرية في مرض الموت اذا كان دون بدل او ببدل محاباة تمشيا مع القاعدة العامة في الاملاك وليس هناك فرق بين ان يكون المفرغ من اصحاب حق الانتقال او من جانب الاجانب (من غير اصحاب حق الانتقال). ( [80]) يعتبر فراغ المريض ارضه } أي ارضه الأميرية /الباحث { في مرض موته سواء كان لوارث او لاجنبي بعوض او بغير عوض , وسبب الفرق بين هذا الحكم في الاملاك الصرفة وبينه في الاراضي الأميرية هو ان ورثة المريض ودائنيه يتعلق حقهم في تركته ويحتمل في بيعه ان يكون تهريباً لما له من سائر الورثة او الدائنين لكن المتصرف في الاراضي الأميرية لا يملك رقبتها فلا يتعلق حق الورثة والدائنين بالرقبة فلا يحمل بيعه على هذا المحمل . ومع ذلك يشترط ان يكون المريض تام الشعور فان كان فاقد الشعور من المرض فحكمه حكم المعتوه . واما صحة فراغ المريض العقارات الوقفية ذات الاجارتين في مرض موته فيعتبر اذا مات وله ورثة لهم حق الانتقال واما اذا لم يكن من له حق الانتقال فينحل العقار ويعود الواقف ويحق للمفروغ له ان يأخذ البدل من تركة الميت اذا كان ثمة بدل. ( [81]) ويثور سؤال هنا وهو لماذا اشترط المشرع العراقي في المادة (1213) مدني عراقي على انه : (( لا يجوز إفراغ الأراضي الأميرية في مرض الموت , اذا كان دون بدل او ببدل فيه محاباة ))؟

الجواب عن ذلك ان المشرع العراقي اراد ان يطور قانون التصرف العثماني بالاضافة الى ذلك انه اراد ان يميز الاراضي الأميرية من الاراضي المملوكة ملكية تامة ( او ملكية صرفة كما نسميها عرفاً في العراق ).

من ذلك يتضح لنا ان القضاء الاردني قد اجاز بيع الاراضي الأميرية في مرض الموت في حين ان التقنين المدني العراقي لا يجيز ذلك وكان من باب اولى ان ينص على الاجازة لما ذلك من مصلحة للورثة و للدائنين اما التقنين المدني الاردني فانه يخلو من نص يذكر فيه بيع المريض ( مرض الموت ) الأراضي الأميرية انما ترك ذلك للقضاء الاردني على عكس التقنين المدني العراقي الذي قيد ذلك بعدم الاجازة في افراغ الاراضي الأميرية اذا كان دون بدل اوببدل فيه محاباة. ( [82])

وفي العراق فأن القانون المدني العراقي لم يرد فيه نص يعالج تصرفات المريض مرض الموت بيعاً وترك ذلك للقاعدة العامة في تصرفات المريض مرض الموت الواردة في المادة (1109/1) من التقنين المدني العراقي, ( [83]) ان البيع تختلف عن الوصية في انه تمليك في الحال مقابل عوض بينما الوصية هي تمليك بلا عوض مضاف الى ما بعد الموت فاذا اراد شخص التحايل على نصوص الوصية فانه يعمد الى تصوير الوجه بصورة عقد البيع مثال ذلك ان شخصاً يرغب في الايصاء الى احد اولاده باكثر من ثلث التركة ولاجل ان لا يترك الى باقي الورثة الحق في الاجازة او عدمها يعمد الى تصوير الوجه بصورة عقد بيع فينص صراحه على ان ذلك الشخص قد باع ولده فلان المال الفلاني بمبلغ عين في العقد على ان ملكية المبيع لا تنتقل الى المشتري الا بعد وفاة البائع , لا شك ان هذا البيع ما هو الا وسيلة لاخفاء وصية مستترة فيترجح على القاضي مالم يتضح له غير هذا الآمر ان يطبق احكام الوصية لا احكام عقد البيع اذا لم يجد أي مرجع لاعتبار العقد بيعاً طبقاً لنص المادة ( 1109/1) من التقنين المدني العراقي, ولان من حق المحاكم المدنية النظر في تكييف الوقائع وأعطائها الوصف القانوني المناسب . لذلك فقد اعتبر المشرع العراقي بيع المريض مرض الموت صحيحاً ونافذاً إذا كان بثمن المثل, سواء أكان لأجنبي أم لوارث أما إذا انطوى بيعه على تبرع فيأخذ هذا التبرع حكم الوصية سواء اكان لأجنبي أم لوارث, ( [84]) اذا كان هذا التبرع مقصوداً على حد حكم المشرع العراقي. ( [85]) هذا وقد وردت تطبيقات قضائية في هذا الموضوع منها ما قضت به محكمة التمييز العراقية في قرار جاء فيه( ان تصرف المريض في مرض الموت يعتبر تصرفاً مضافاً الى ما بعد الموت وتسري عليه احكام الوصية واذ ان المريض كان مصاباً بمرض السرطان في الكبد وانه قد توفي بعد نقل ملكية العقار بعشرين يوماً فان هذا التصرف قد جرى اثناء مرض الموت مقصوداً به التبرع والمحاباة فقد أعتبر البيع نافذاً في حدود الثلث واعادة تسجيل الثلثين الاخرين باسم المورث)). ( [86]) ومن الجدير بالذكر ان هذا القرار عد البيع في مرض الموت نافذاً في حدود الثلث, ( [87]) على اساس ان هذا التصرف صدر من مريض في مرض الموت ومن ثم تطبق عليه احكام الوصية على هذا التصرف بالثلث فقط . كما ونجد في قرار آخر لها حيث قضت( وجد ان مورث الطرفين يعاني من مرض السرطان وهو من الامراض التي يغلب معها الهلاك وحيث ان المتوفى كما هو ثابت من وقائع الدعوى قد أشتد مرضهُ وتغير حاله وبما ان العبرة بمرض الموت هو غلبة الهلاك وهذا ما تحقق في وضع المتوفي وعليه يكون في مرض الموت يضاف الى ذلك ان البيع فيه محاباة للاولاد الذكور وحرمان الاناث وان المدة من التصرف بالبيع الى الوفاة قصيرة جداً فان تصرفه يخرج مخرج الوصية و لا ينفذ الا في حدود ثلث التركة وتقدر التركة يوم الوفاة فان خرجت الدار من الثلث فلا يبطل تسجيلها وان زادت عن الثلث ابطل الجزء الزائد فقط )). ( [88]) وقضت ايضاً: (( اذا كان الثابت قي الوقائع ان بيع المورث عقاره لوارث قد جرى في (مرض الموت) فيتعين على المحكمة ان تقضي بأبطال بيع العقار بما يصيب المدعي من سهام فيه )). ( [89]) وقضت اخيراً : (( التصرف الواقع في مرض الموت تسري عليه احكام الوصية فلا ينفذ في حق الورثة فيما جاوز ثلث التركة الا باجازتهم )). ( [90]) ولكن لا يستطيع المريض مرض الموت بالتصرف ما يضر الورثة . كالحصة التموينية مثلا فلا يجوز له التصرف فيها كأن يتنازل عنها اويبيعها لان الحصة التمونية هي منحة من الدولة لافراد الشعب ولانها تعتبر من النظام العام بوجه خاص , والتسعير الجبري تعتبر من النظام العام حسب نص المادة (130/2) من التقنين المدني العراقي, ( [91]) فالحصة التموينية حق شخصي قررته الدولة لكل مواطن فلا يجوز غصبهُ ويلزم الغاصب زوج المدعية برد ما اغتصبه اليها ولا يعفيه من هذا الالتزام قيامه بدفع النفقة لها لانها تشمل اوجهاً اخرى سوى الطعام وللمدعى عليه حق المطالبة بانقاص نفقة الزوجة بدعوى مستقلة ان كانت النفقة غير مناسبة. ( [92]) ونجد ذلك واضحاً من خلال قرار لمحكمة استئناف بغداد بصفتها التمييزية اذ قضت : (( حجز البطاقة التموينية من قبل المنفذ العدل يعتبر خطأ فاحشاً , لان البطاقة التموينية لا تخص المدين وحده بل تخصهُ وافراد عائلته وهي عبارة عن منحة من الدولة لافراد الشعب ولا يجوز بيع البطاقة أو الحجز عليها وان الدائن يعتبر متعسفاً في طلب حجزها. كان المفروض بالمنفذ العدل عدم الاستجابة لطلبات الدائن المخالفة للقانون ولا مجاراته في كل ما يطلب وحيث ان الفقرة ثالثاً من المادة (62) من قانون التنفيذ العراقي منعت حجز مايكفي لمعيشة المدين او من يعيلهم فمن باب اولى عدم جواز حجز البطاقة التموينية )). ( [93])

وفي مصر , فان التقنين المدني المصري وان اقتبس احكام تصرفات المريض مرض الموت من الشريعة الاسلامية الا انه قصر ما استمده منها على البيع في مرض الموت بنصوص خاصة وجعل احكام الوصية على وفق المبدأ العام الذي يحكم تصرفات المريض مرض الموت على وفق احكام المادة (916) من التقنين المدني المصري. ( [94]) ولم يتكلم المشرع المصري عن المسائل الاخرى تفصيلاً كالهبة والاقرار وغيرها اكتفاء بتطبيق الاحكام العامة المقررة في المادة(916) من التقنين المدني المصري عليها , وقد اختار التقنين المدني المصري تقرير قواعد البيع , (( ان الفقه الاسلامي باستثناء الشيعة الامامية لا يميز محاباة الوارث في قليل او كثير الا بموافقة الورثة على خلاف القانون المدني فانه لا يفرق بين الوارث وغير الوارث فكلاهما من خلاله تجوز محاباته في حدود ثلث التركة دون موافقة الورثة عملا بقانون الوصية رقم (71) لسنة 1946 الذي جنح الى مذهب الامامية المخالف لمذهب جمهور الفقه الاسلامي )). ( [95]) ومطابقة ايضاً لاحكام الشرع من جهة اخرى لانها مسائل متعلقة بالمواريث وهذه يسري فيها حكم الشريعة الاسلامية على الخاضعين لها. ( [96])

وعليه فان المشرع المصري قد عّد بيع المريض لوارثه او لأجنبي منه جائزاً اذا كان بثمن المثل او مع محاباة لا تتجاوز ثلث التركة , اما اذا كانت المحاباة باكثر من الثلث فلا يسري البيع في قدر هذه الزيادة على الثلث في المبيع في حق الورثة اي اذا أقروه أو رد المشتري الى التركة ما يفي بتكملة الثلثين , ولا عبرة بأجازة الورثة او رفضهم قبل موت المورث. ( [97]) وتقدر قيمة المبيع لمعرفة مقدار الثمن اليها وقت الموت لا وقت البيع. ( [98]) كما تقدر التركة بقيمة اموال المورث وقت الموت لا وقت البيع , وتدخل فيها قيمة المبيع ذاته. ( [99]) ونجد ذلك واضحاً من خلال النص عليه في المادتين (477) و (478) من التقنين المدني المصري. ( [100]) وبتطبيق احكام المادة (916) من التقنين المدني المصري المذكور يتبين انه يجب افتراض ان هذا البيع وصية وان الورثة هم الذين يقع عليهم اثبات ان البيع قد صدر من مورثهم وهو في مرض الموت, ولهم اثبات ذلك بطرق الاثبات جميعاً, ( [101]) ولا يحتج على الورثة بتاريخ البيع اذا لم يكن هذا التاريخ ثابتاً. ( [102])

اما بالنسبة للقضاء المصري فانه قد أورد احكاماً كثيرة في هذا الموضوع منها ما قضت محكمة النقص المصرية في 26/4/1934 بانه : (( البيع في مرض الموت لأجنبي يختلف حكمه فان ثبت انه هبة مستورة أي تبرع محض فحكمهُ انه وصية لا تنفذ الا في ثلث تركة البائع )). ( [103]) كما وقضت ايضاً : (( يكون بيع المريض مرض الموت صحيحاً في حق من اجازهُ من الورثة ولو قضى ببطلانه بالنسبة لمن لم يجزه منهم )). ( [104])

نستنتج من ذلك ان القانون الوضعي ( المصري تحديداً ) يتشابه مع الفقه الاسلامي من حيث :-

1- ان كلا الفقهين يجيز بيع المريض مرض الموت لوارث او لغير وارث متى كان هذا البيع واقعاً بثمن المثل خلافاً للامام ابي حنيفة ( رحمه الله).

2- ان كلا الفقهين يجيز محاباة المريض مرض الموت لغير وارثه متى كانت هذه المحاباة في حدود ثلث التركة.



* موقف التقنين المدني الفرنسي /

وفي فرنسا , فان المشرع الفرنسي قد أورد نصاً فيما يتعلق بالبيع ونجد ذلك واضحاً من المادة (903) من التقنين المدني الفرنسي الذي نص على انه : (( لا يجوز التبرع ولا الايصاء بأزيد من نصف المال اذا ترك المورث وارثاً واحداً ولا بأزيد من ثلثه اذا ترك أثنين ولا بأزيد من ربعه اذا ترك ثلاثة فاكثر )). ( [105])

يتضح من هذا النص على حرص المشرع الفرنسي على فرض قيود على الحق في الايصاء او البيع فقيدوا الموصي او البائع فيما يجوز الايصاء به وحددوا له قدراً من ماله يكون له فيه حق الايصاء وقدراً لا يجوز فيه الايصاء مراعاة لحق الورثة بحيث لا تنفذ الوصية او البيع إذا جاوزت المقدار المحدد إلا إذا أجازها من له حق الإجازة. ( [106]) وبذلك فان هذه المادة تختلف كثيراً عن ما جاءت به التقنينات المدنية العربية من حيث أسلوب المحافظة على التركة. ومع ذلك فقد أورد الفقه الفرنسي إشارة إلى البيع فيما يسمى بالفزع الأخير, ( [107]) حيث جرى القضاء في فرنسا على بطلان البيوع الصادرة في وقت الفزع الأخير في ثلاث حالات:-

الحالة الأولى:- توفى فيها البائع بعد البيع بيوم واحد.

الحالة الثانية:- توفى فيها البائع بعد البيع بعشرة أيام.

الحالة الثالثة :- فقد وقع فيها البيع والمريض مشرف على الوفاة نتيجة مرض خطير مات منه في نفس الامسية وكان لا يسمع من المريض سوى همهمات بشفاه.

ويرى الفقه الفرنسي ان تلك الحالات الثلاث التي انتهى القضاء الفرنسي الى بطلانها لو كانت هبات او عطايا ما حكم ببطلانها خاصة فيما يتعلق بالحالتين الاولى والثانية. ( [108]) مما نستنتج من ذلك الى خلو التقنين المدني الفرنسي من التعرض الى احكام المريض مرض الموت كما فعلت التقنينات المدنية العربية. ( [109])

ويتضح لنا من كل ما تقدم ان البيع ( للوارث وغير الوارث ) في مرض الموت في التقنينات المدنية العربية تكون نافذة في حدود الثلث فقط وتكون موقوفة على اجازة الورثة فيما لو جاوزت الثلث أي تطبق احكام الوصية أياً كانت التسمية سواء اكانت بيعاً او رهناً او ايجاراً او كفالة او غيرها , ومن ثم هناك فكرتان هما :-

اولاً :- فكرة مريض مرض الموت الذي يعد بمثابة المحجور عليه ( [110]) :- اذ يقول الدكتور صبحي محمصاني انه : (( بما ان مرض الموت هو حالة العجز التي يغلب فيها خوف الهلاك , فانه يخشى من المريض ان يجري تصرفات مضرة بورثته او دائنيه . لذلك اعتبر المريض او من اُلحق به محجوراً عليه جزئيا او ممنوعاً من اجراء الاقرارات وعقد التبرع وما أُلحق بها , متى كانت مضرة بالورثة او الدائنين .........)). ( [111]) كما ويقول ايضاً : (( والخلاصة من هذا كله ان مرض الموت هو حالة العجز التي يكون فيها الهلاك غالباً وكثير الاحتمال , ففيها يصبح المريض قريباً من الموت , ويخشى منه ان يتصرف تصرفاً مضراً بورثته ودائنيه , فمن المعقول اذا ان ينظر الشرع بتحرز الى مصلحة هؤلاء وان يحمي حقوقهم التي تتعلق في تركته بعد وفاته. ولهذا اعتبر جمهور الفقهاء المسلمين ان المريض او من أُلحق به لا يملك الاهلية, بل يعتبر محجوزاً جزيئاً عن بعض التصرفات المضرة لا سيما الاقرار وعقود التبرع وما شاكل )). ( [112])

وسنثبت بان المريض مرض الموت سواء تصرف لوارث او غير وارث ليس محجوراً عليه بدليل ان المريض مرض الموت لا يعد عديم الاهلية او ناقص الاهلية بل هو في كامل الاهلية والادراك وان المرض لا يؤثر في اهليته لاستمرار ثبوت عقله وذمته ومن ثم نرجح الرأي الاخر الذي يقول بان المريض مرض الموت كامل الاهلية . ( [113])

وعليه نستنتج من ذلك مايلي :-

1- بالرغم من ان مرض الموت لا يعد من عوارض الاهلية لعدم تا ثيره في مناط اهلية الاداء فان الشرع الاسلا مي قيد تصرفات المريض مرض الموت, وجعل له حرية التصرف في ثلث ماله فقط ولا يرجع ذلك الى نقص اهليته, وانما يرجع الى حق الدائنين والورثة ان كان له دائنون وورثة. ) [114] (

2- يثبت حق الدائنين والورثة في اموال المتوفى المريض بمرض الموت من وقت حدوث المرض, اذ يثبت حقهم في امواله حال حياته ولكن لا يظهر مثل هذا الثبوت الا بوفاة المدين فيتعلق حق الغرماء والورثة بالتركة.



ثانياً :- فكرة ان دائني مريض مرض الموت وورثته غيرّ عن تصرفاته :- عند ملاحظة نص المادة (547) من التقنين المدني الأردني, ( [115]) نجد ان المشرع الأردني قد قصد بهذا النص حماية من يتعاملون مع المشتري من مريض مرض الموت من الخطر الذي يهددهم نتيجة عدم نفاذ البيع في حق الورثة, فالغالب ان تمض فترة طويلة بين صدور البيع في مرض الموت وبين الوفاة المتصرف (أي المريض) وظهور عدم نفاذ البيع في حق الورثة فيما يجاوز ثلث التركة وفي هذه الاحوال يحدث كثيرا ان يتصرف المشتري الى آخر او يرتب له حقا عينياً على المبيع, ويفاجيء الغير باستعمال الورثة بعد الوفاة حقهم في استرداد القدر المحابى به الذي يجاوز ثلث التركة من المشتري ولهم هذا الحق على وفق القواعد العامة ولو من الغير الذي تلقى ملكيته من المشتري لهم , حينئذ يلحق الغير الضرر بتطبيق احكام البيع الصادر في مرض الموت عليه. وعلى هذا, فاذا ثبت ان المريض قد حابى المشتري في البيع وزادت المحاباة على الثلث ولم يجزها الورثة ولم يرد المشتري الى التركة ما يفي بتكملة ثلثيها كان للورثة ان يستوفوا من العين التي تصرف فيها المريض ما يفي بتكملة ثلثي التركة ان لم يكن قد ترتب للغير عليها حقوق عينية. ( [116])

أما اذا ترتب عليها حقوق عينية للغير, كما لو باعها المشتري من المريض لثالث او رهنها لديه, فقد وقف التشريع المصري والسوري والاردني حامياً لحق الغير شرطين ( [117]) :- احدهما : ان يكون الغير قد اكتسب هذا الحق العيني بحسن نية, أي لم يكن يعلم عند اكتسابه هذا الحق ان للورثة حقاً في العين المبيعة او المرهونة عندهُ, بل كان يعتقد انها ملك خالص للبائع أما اذا كان عالماً بهذه المحاباة عند شرائه او ارتهانه فيكون للورثة الحق في ابطال البيع في قدر هذه المحاباة. ( [118])

والثاني : ان يكون الغير قد أكتسب بعوض هذا الحق العيني على العين, أما أذا تبرع له المشتري من المريض بالعين, جاز للورثة ان يتتبعوا العين في يد المتبرع له وان يستوفوا منها حقهم على النحو الذي قدمناه. ( [119])

ولكن ما هو مصير حق الورثة اذا لم يجيزوا محاباة مريضهم الزائدة على الثلث ولم يرد المشتري من المريض الى التركة ما يفي بتكملة الثلثين, وكان اكتساب الغير للحق العيني على العين المبيعة بعوض وحسن نية؟

قد رأى الاستاذان السنهوري والزرقاء ان للورثة في هذه الحالة الحق في الزام المشتري من المريض بتكملة الثمن الى الحد الذي لا تتجاوز فيه المحاباة ثلث التركة. ( [120])

ونعتقد ان ما ذهب اليه الاستاذان السنهوري والزرقاء كان عين الصواب.

● المطلب الثالث ●
- الزواج –

الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً غايتهُ إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل. ( [121]) وهو عقد مشروع بقوله تعالى : (( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فان خفتم إلا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت إيمانكم)). ( [122]) وكذلك قوله – جل جلاله - : (( وانكحوا الايامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم )). ( [123]) كما أن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) قال : (( النكاح سنتي فمن رغب عن سنتي فليس مني )). ( [124]) ولعل اهم ما في حمكة الزواج هو الإبقاء على الوجود الإنساني من خلال عملية التناسل, ومهما يكن من امر الزواج فسنكتفي منه في هذا المبحث بما درجنا عليه وهو معالجته في مرض الموت في ظل الفقه الإسلامي ثم في ظل القوانين القوانين الوضعية المقارنة مخصصين لكل من هذين الحقلين فقرة مستقلة.

اولا :- الزواج في مرض الموت في ظل الفقه الإسلامي :-

اتفق فقهاء المسلمين على جواز زواج المريض مرض الموت إلا أنهم اشترطوا لذلك حصول الدخول وبعكسه فالعقد باطل ولا يترتب عليه أي اثر , ( [125]) أي انه إذا قدم رجل مريض مرض الموت وعقد على امرأة ولم يدخل بها حتى لو ماتت هي فانه لا يرثها إذا كانت قد ماتت وهو مريض مرض الموت, ( [126]) واذا كان جمهور الفقه الاسلامي يذهبون إلى ان الزواج في المرض المخوف والصحة سواء من حيث صحة العقد وتوريث كل واحد من الزوجين صاحبهُ, فأنهم اختلفوا بعد ذلك فيما يثبت لها من مهر الزوجة في الزواج في مرض الموت, وهذا ما سنتناوله بشيء من التفصيل فيما يأتي :-

الواقع ان جمهور الفقهاء قد استدل على صحة عقد الزواج في مرض الموت وعلى ثبوت التوارث بين الزوجين بما جاء في الكتاب, والاثر, والمعقول, وسنسلط الضوء على ذلك فيما يأتي :-

1- الكتاب :-

فقد أستدل الزيدية, ( [127]) والظاهرية, ( [128]) والاباضية, ( [129]) بعموم قوله تعالى فأنكحوا ما طاب لكم من النساء), ( [130]) وجاء في المحلى : (( اباح الله تعالى ورسوله(صلى الله عليه وسلم) النكاح, ولم يخص في القرآن ولا في السنة صحيحاً وصحيحة من مريض ومريضة, وما كان ربكُ نسياً, وما نعلم للمخالف حجة اصلاً لا في قرآن ولا سنة ولا قول صاحب ولا من رأي يعقل )). ( [131])

2- ما جاء في الآثار من أقوال الصحابة الذين لم يعرف لهم من الصحابة مخالف في هذا الحكم :-

ونسوق فيما يلي بعضا من ذلك :-

أ- أخرج ابو عوانة بسنده عن ابن مسعود انه قال : (( لو لم يبق من اجلي الا عشرة أيام اعلم ان اموت في آخرها يوماً , لي فيهن طول النكاح لتزوجت مخافة الفتنة )). وبه استدل الظاهرية, ( [132]) والزيدية. ( [133])

ب- أخرج ابن ابي شيبة بسنده عن معاذ بن جبل انه قال في مرضه الذي مات فيه( زوجوني, اني اكره ان القى الله – عز وجل – عزباً )). ( [134]) وبه استدل الظاهرية, ( [135]) والزيدية, ( [136]) والشافعي. ( [137])



https://www.startimes.com/?t=20541563









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-28, 20:25   رقم المشاركة : 2996
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة melissat مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
ابحث عن مراجع كتب او مجلات او دراسات باللغة الاجنبية حول :
- التوافق الزواجي
-التحصيل الدراسي
-علاقة التوافق الزواجي بالتحصيل الدراسي للابناء

السلام عليكم اختي انا ليس لدي دراية باللغة الانجليزية انا اسفة .









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-28, 20:45   رقم المشاركة : 2997
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سهيل اليمن مشاهدة المشاركة
الله يرحمه رحمه الابرار وينزله منازل الاخيار .
جزاك الله الف خير وكتب أجرك وأحسن عزائك .

طلبي يكمن في مراجع " كتب " في الاتي :-
1- الادارة المالية
2- ادارة البنوك التجارية
3- ادارة الخطر في البنوك
https://www.bookssd.com/2012/07/blog-post_17.html

https://edarahti.weebly.com/16031578...515851577.html

https://www.ar-science.com/2013/05/M...anagement.html

https://www.alarabimag.com/books/151...%8A%D8%A9.html

https://www.kutubdownload.com/financ...-download-pdf/



https://ebookandcourses.blogspot.com...g-page_26.html









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-28, 20:53   رقم المشاركة : 2998
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سهيل اليمن مشاهدة المشاركة
الله يرحمه رحمه الابرار وينزله منازل الاخيار .
جزاك الله الف خير وكتب أجرك وأحسن عزائك .

طلبي يكمن في مراجع " كتب " في الاتي :-
1- الادارة المالية
2- ادارة البنوك التجارية
3- ادارة الخطر في البنوك
https://www.tahasoft.com/library/401#.WfTRjFQabIU









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-28, 20:55   رقم المشاركة : 2999
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سهيل اليمن مشاهدة المشاركة
الله يرحمه رحمه الابرار وينزله منازل الاخيار .
جزاك الله الف خير وكتب أجرك وأحسن عزائك .

طلبي يكمن في مراجع " كتب " في الاتي :-
1- الادارة المالية
2- ادارة البنوك التجارية
3- ادارة الخطر في البنوك
ادارة البنوك التجارية
https://books.google.dz/books/about/...AJ&redir_esc=y









رد مع اقتباس
قديم 2017-10-28, 21:00   رقم المشاركة : 3000
معلومات العضو
hano.jimi
عضو محترف
 
الصورة الرمزية hano.jimi
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سهيل اليمن مشاهدة المشاركة
الله يرحمه رحمه الابرار وينزله منازل الاخيار .
جزاك الله الف خير وكتب أجرك وأحسن عزائك .

طلبي يكمن في مراجع " كتب " في الاتي :-
1- الادارة المالية
2- ادارة البنوك التجارية
3- ادارة الخطر في البنوك
https://www.ektab.com/%D9%82%D8%B1%D...A7%D8%A8/8339/

https://www.neelwafurat.com/itempage....4&search=books









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مرجع, يبدة, ساساعده


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 00:21

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc