فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم - الصفحة 22 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الكتاب و السنة > أرشيف قسم الكتاب و السنة

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

فهرس القرآن وعلومة وتفسير القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2019-02-22, 16:15   رقم المشاركة : 316
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكلام على حرف : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى فَآتَوْهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً )

السؤال

أريد ردا على سؤالي حتى يشفى قلبي : وهو تفسير جامع البيان في القران للطبري ، في تفسير الاية 24 من سورة النساء : عن حبيب بن أبي ثابت : أعطاني ابن العباس مصحفا فقال : هذا على قراءة أبي .

فقال أبو كريب : قال يحيى فرأيت المصحف عند نصير فيه( فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى ) . و"أجل مسمى" : ليست في المصاحف التي بين أيدينا ؟

ويوجد هذا النص في مصادر أخرى من كتب الحديث والتفسير ؟


الجواب


الحمد لله

روى الطبري في "تفسيره" (8/ 177) والحاكم في "مستدركه" (3192)

وابن أبي داود في "المصاحف" (ص204) عن أبي نضْرَةَ، قال: قَرَأْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ) .

قَالَ أَبُو نَضْرَةَ: فَقُلْتُ: مَا نَقْرَؤُهَا كَذَلِكَ.

فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " وَاللَّهِ لَأَنْزَلَهَا اللَّهُ كَذَلِكَ ".

وصححه الحاكم على شرط مسلم .

قال ابن كثير رحمه الله

:" كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالسُّدِّيُّ يَقْرَءُونَ : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى فَآتَوْهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نَزَلَتْ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، وَلَكِنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ " .

انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/ 226) .

وهذا الحرف : ( إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى ) ليس من القراءة المتواترة ، والقراءة المتواترة المثبتة في المصحف - كما هو معروف - هي : ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً ) بدون هذا الحرف .

فعلى القول بأنه كان من القرآن : فإنه إنما كان يُقرأ به أولا ، وكان نكاح المتعة أول الإسلام جائزا ، ثم نسخ ذلك كله ، وحرمت المتعة إلى يوم القيامة .

وروى مسلم (1406) عن ابْن أَبِي عَمْرَةَ قال : " إِنَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ لِمَنِ اضْطُرَّ إِلَيْهَا، كَالْمَيْتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، ثُمَّ أَحْكَمَ اللهُ الدِّينَ وَنَهَى عَنْهَا " .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فإن قيل: ففي قراءة طائفة من السلف: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) قيل: أولا ليست هذه القراءة متواترة، وغايتها أن تكون كأخبار الآحاد.

ونحن لا ننكر أن المتعة أحلت في أول الإسلام، لكن الكلام في دلالة القرآن على ذلك.

الثاني: أن يقال: هذا الحرف إن كان نزل ، فلا ريب أنه ليس ثابتا من القراءة المشهورة، فيكون منسوخا، ويكون نزوله لما كانت المتعة مباحة، فلما حرمت نسخ هذا الحرف، ويكون الأمر بالإيتاء في الوقت

تنبيها على الإيتاء في النكاح المطلق.

وغاية ما يقال: إنهما قراءتان، وكلاهما حق.

والأمر بالإيتاء في الاستمتاع إلى أجل مسمى : واجب إذا كان ذلك حلالا

وإنما يكون ذلك إذا كان الاستمتاع إلى أجل مسمى حلالا، وهذا كان في أول الإسلام، فليس في الآية ما يدل على أن الاستمتاع بها إلى أجل مسمى : حلال

فإنه لم يقل: وأحل لكم أن تستمتعوا بهن إلى أجل مسمى، بل قال: (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن) فهذا يتناول ما وقع من الاستمتاع: سواء كان حلالا، أو كان في وطء شبهة.

وأيضا : فإن الله تعالى إنما أباح في كتابه : الزوجة وملك اليمين، والمتمتَّع بها ليست واحدة منهما، فإنها لو كانت زوجة لتوارثا، ولوجبت عليها عدة الوفاة

ولحقها الطلاق الثلاث؛ فإن هذه أحكام الزوجة في كتاب الله تعالى، فلما انتفى عنها لوازم النكاح ، دل على انتفاء النكاح ؛ فإن انتفاء اللازم يقتضي انتفاء الملزوم.

والله تعالى إنما أباح في كتابه الأزواج وملك اليمين، وحرم ما زاد على ذلك ، والمستمتع بها بعد التحريم : ليست زوجة، ولا ملك يمين، فتكون حراما بنص القرآن "

انتهى ملخصا من "منهاج السنة" (4/ 187-191) .

وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله :

" قَوْلُهُ تَعَالَى: ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) الْآيَةَ، يَعْنِي: كَمَا أَنَّكُمْ تَسْتَمْتِعُونَ بِالْمَنْكُوحَاتِ فَأَعْطُوهُنَّ مُهُورَهُنَّ فِي مُقَابَلَةِ ذَلِكَ، فَالْآيَةُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ، لَا فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ كَمَا قَالَ بِهِ مَنْ لَا يَعْلَمُ مَعْنَاهَا.

فَإِنْ قِيلَ: التَّعْبِيرُ بِلَفْظِ الْأُجُورِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأُجْرَةُ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ ; لِأَنَّ الصَّدَاقَ لَا يُسَمَّى أَجْرًا؟.

فَالْجَوَابُ : أَنَّ الْقُرْآنَ جَاءَ فِي تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ أَجْرًا

كَمَا فِي قَوْلِهِ: ( فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) الْآيَةَ ، أَيْ: مُهُورَهُنَّ بِلَا نِزَاعٍ

وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ) الْآيَةَ ، أَيْ: مُهُورَهُنَّ ، فَاتَّضَحَ أَنَّ الْآيَةَ فِي النِّكَاحِ لَا فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ .

فَإِنْ قِيلَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَالسُّدِّيُّ يَقْرَءُونَ: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى) ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآيَةَ فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ، فَالْجَوَابُ مِنْ أَوْجُهٍ:

الْأَوَّلُ: أَنَّ قَوْلَهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى لَمْ يَثْبُتْ قُرْآنًا ; لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى عَدَمِ كَتْبِهِ فِي الْمَصَاحِفِ الْعُثْمَانِيَّةِ .

الثَّانِي: أَنَّا لَوْ مَشَيْنَا عَلَى أَنَّهُ يُحْتَجُّ بِهِ ، كَالِاحْتِجَاجِ بِخَبَرِ الْآحَادِ ، كَمَا قَالَ بِهِ قَوْمٌ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ تَفْسِيرٌ مِنْهُمْ لِلْآيَةِ بِذَلِكَ، فَهُوَ مُعَارَضٌ بِأَقْوَى مِنْهُ ; لِأَنَّ جُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِهِ

; وَلِأَنَّ الْأَحَادِيثَ الصَّحِيحَةَ الصَّرِيحَةَ قَاطِعَةٌ بِكَثْرَةٍ ، بِتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ .

الثَّالِثُ: أَنَا لَوْ سَلَّمْنَا تَسْلِيمًا جَدَلِيًّا أَنَّ الْآيَةَ تَدُلُّ عَلَى إِبَاحَةِ نِكَاحِ الْمُتْعَةِ ، فَإِنَّ إِبَاحَتَهَا مَنْسُوخَةٌ ، كَمَا صَحَّ نَسْخُ ذَلِكَ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

الرَّابِعُ: أَنَّهُ تَعَالَى صَرَّحَ بِأَنَّهُ يَجِبُ حِفْظُ الْفَرْجِ عَنْ غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالسُّرِّيَّةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ( إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ )

ثُمَّ صَرَّحَ بِأَنَّ الْمُبْتَغي وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْعَادِينَ بِقَوْلِهِ: ( فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ) ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْمُسْتَمْتِعَ بِهَا لَيْسَتْ مَمْلُوكَةً وَلَا زَوْجَةً ، فَمُبْتَغِيهَا إِذَنْ مِنَ الْعَادِينَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ .

وَسِيَاقُ الْآيَةِ الَّتِي نَحْنُ بِصَدَدِهَا : يَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّ الْآيَةَ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ ، لَا فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ ; لِأَنَّهُ تَعَالَى ذَكَرَ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي لَا يَجُوزُ نِكَاحُهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ ) الْخَ .

ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ غَيْرَ تِلْكَ الْمُحَرَّمَاتِ حَلَالٌ بِالنِّكَاحِ بِقَوْلِهِ: ( وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ )، ثُمَّ بَيَّنَ أَنَّ مَنْ نَكَحْتُمْ مِنْهُنَّ وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا يَلْزَمُكُمْ أَنْ تُعْطُوهَا مَهْرَهَا، مُرَتَّبًا لِذَلِكَ بِالْفَاءِ عَلَى النِّكَاحِ

بِقَوْلِهِ: ( فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ ) الْآيَةَ "

انتهى ملخصا من "أضواء البيان" (1/ 236-238) .

وقد ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما ما يشعر بأنه رجع عن القول بإباحة نكاح المتعة .

فروى البخاري (5116) عَنْ أَبِي جَمْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ: سُئِلَ عَنْ مُتْعَةِ النِّسَاءِ فَرَخَّصَ ، فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ: إِنَّمَا ذَلِكَ فِي الحَالِ الشَّدِيدِ، وَفِي النِّسَاءِ قِلَّةٌ؟ أَوْ نَحْوَهُ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: نَعَمْ .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ثبوتا لا شك فيه : الإذن في نكاح المتعة، ثم تحريمه تحريما مؤبداً إلى يوم القيامة، وحكي إجماع من سوى الشيعة على ذلك، وما يشبه الإجماع من أئمة العلم

منهم : أبو عبيد القاسم بن سلام ، وأبو جعفر النحاس ، وأبو جعفر الطحاوي ، وأبو القاسم البغوي ، وأبو بكر الحازمي ، وابن المنذر وابن بطال وأبو سليمان الخطابي وغيرهم "

انتهى بتصرف واختصار من "مجموع فتاوى ابن باز" (20/ 291-296)

راجع إجابة السؤال الاتي

زواج المتعة والرد على من يبيحه من الروافض

والله أعلم .








 


قديم 2019-02-22, 16:20   رقم المشاركة : 317
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

( اقرأ باسم ربك ) أمر بالقراءة من المحفوظ وليس من المكتوب

السؤال

منذ أيام سألني أحد الأصدقاء من غير المسلمين عن أول لقاء بين جبريل عليه السلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم ، فقال : لماذا طلب جبريل من النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ بدلاً من أن يقول له " قل "

كما جرت العادة في كثير من الآيات ، فجبريل عليه السلام لم يعطِ النبي صلى الله عليه وسلم كتاباً ولا مخطوطة .

. فماذا يقرأ إذاً . فاحترت لإجابة هذا السؤال ، ولم أدر ما أقول ، لذا نقلت إليكم سؤاله حتى تجيبوا عنه ؟


الجواب

الحمد لله


واضح من مثل هذا السؤال أن سبب وروده قلة العلم باللغة العربية التي نزل بها القرآن

وعدم الاطلاع على استعمالات العرب للكلمات والسياقات التي ترد بها ، فليس في السؤال إشكال حقيقي ، وإنما يتبين جوابه بسهولة للسائل إذا عرف معنى كلمة ( اقرأ ) في اللغة العربية .

فهذه الكلمة تستعمل بمعنيين :

الأول : القراءة من المكتوب ، وهو المعنى المتبادر لدى الناس

ومنه قول الله تعالى : ( اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا ) الإسراء/14 .

الثاني : القراءة عن ظهر قلب ( من المحفوظ في الذاكرة ) ، بمعنى التلاوة المجردة عن النظر في شيء مكتوب

ومن ذلك قول الله عز وجل : ( إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ . فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ ) القيامة/17-18

ومعلوم أن جبريل عليه السلام كان يقرأ القرآن على النبي محمد صلى الله عليه وسلم من غير كتاب . ومنه أيضا قول الله عز وجل : ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) النحل/98

وقوله سبحانه : ( وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجَابًا مَسْتُورًا ) الإسراء/45 .

وكذلك قوله تعالى : ( وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ) الإسراء/106. وهي كلها تصف تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم آيات الكتاب الكريم بأنها ( قراءة ) ،

رغم أنه عليه الصلاة والسلام كان أميا ، لا يقرأ من الكتب ، وإنما يقرأ من محفوظه الذي جمعه الله له في قلبه .

وهكذا ينبغي أن نفهم قول الله عز وجل : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ )

العلق/1-3 . على أنه أمر بالقراءة من المحفوظ ، وتلاوة ما سيلقيه عليه جبريل عليه السلام . فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله ( ما أنا بقارئ ) أي لا أعرف القراءة من الكتاب ،

فكيف لي أن أقرأ شيئا لا أحفظه ولا أعرفه .

يقول الشيخ عطية سالم رحمه الله :

" القراءة لغة الإظهار والإبراز ، كما قيل في وصف الناقة : لم تقرأ جنينا ، أي لم تُنتِج . وتقدم للشيخ بيان هذا المعنى لغة ، وتوجيه الأمر بالقراءة إلى نبي أمي لا تعارض فيه

; لأن القراءة تكون من مكتوب وتكون من متلو ، وهنا من متلو ، يتلوه عليه جبريل عليه السلام

وهذا إبراز للمعجزة أكثر ; لأن الأمي بالأمس صار معلَّمًا اليوم . وقد أشار السياق إلى نوعي القراءة هذين ، حيث جمع القراءة مع التعليم بالقلم "

انتهى من " تتمة أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن " (9/13) .

ويقول العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله :

" قوله تعالى : ( اقرأ ) أمر بالقراءة . والقراءة نطق بكلام معين مكتوب ، أو محفوظ على ظهر قلب .

والأمر بالقراءة مستعمل في حقيقته من الطلب لتحصيل فعل في الحال أو الاستقبال

فالمطلوب بقوله : ( اقرأ ) أن يفعل القراءة في الحال أو المستقبل القريب من الحال

أي أن يقول ما سيُملَى عليه ، والقرينة على أنه أمر بقراءة في المستقبل القريب أنه لم يتقدم إملاء كلام عليه محفوظ فتطلب منه قراءته

ولا سلمت إليه صحيفة فتطلب منه قراءتها ، فهو كما يقول المعلِّمُ للتلميذ : اكتب ، فيتأهب لكتابة ما سيمليه عليه .

وفي حديث الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قولها فيه : ( حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال : اقرأ . قال

فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ .

فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ . فقلت : ما أنا بقارئ . فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد

، ثم أرسلني فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى ما لم يعلم ) فهذا الحديث روته عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقولها ( قال :

فقلت : ما أنا بقارئ ) وجميع ما ذكرته فيه مما روته عنه لا محالة ، وقد قالت فيه : ( فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده )،

أي : فرجع بالآيات التي أمليت عليه . أي : رجع متلبسا بها ، أي : بوعيها . وهو يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلقى ما أوحي إليه ، وقرأه حينئذ . ويزيد ذلك إيضاحا

قولها في الحديث : ( فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل فقالت له خديجة : يا ابن عم ! اسمع من ابن أخيك )

أي : اسمع القول الذي أوحي إليه

. وهذا ينبىء بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ما قيل له بعد الغطة الثالثة : ( اقرأ باسم ربك ) الآيات الخمس قد قرأها ساعتئذ كما أمره الله ، ورجع من غار حراء إلى بيته يقرؤها .

وعلى هذا الوجه يكون قول الملك له في المرات الثلاث : ( اقرأ ) إعادة للفظ المنزل من الله ، إعادة تكرير للاستئناس بالقراءة التي لم يتعلمها من قبل .

ولم يذكر لفعل ( اقرأ ) مفعول ، إما لأنه نزل منزلة اللازم ، وأن المقصود : أوجِد القراءة ، وإما لظهور المقروء من المقام ، وتقديره : اقرأ ما سنلقيه إليك من القرآن "

انتهى من " التحرير والتنوير (30/435) .

والخلاصة :

أن الأمر بالقراءة في هذه الآية ( اقرأ باسم ربك ) ليس من صحيفة مكتوبة ، بل من محفوظ خاص تعلمه

فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أمي ، لم يحفظ شيئا من كتاب قرأه قبل ذلك

فألقى عليه جبريل أوائل سورة العلق ليقرأها

أي : ليحفظها ويتلوها بعد ذلك .

والله أعلم .









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-02-22 في 16:25.
قديم 2019-02-22, 16:24   رقم المشاركة : 318
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل كان انشقاق البحر لنبي الله موسى إلى طريق واحد أم عدة طرق

السؤال

سمعت روايتين مختلفتين لقصة انفلاق البحر لموسى عليه السلام ، الأولى تقول : إن البحر انفلق إلى شقين ، والرواية الأخرى تقول : إنه انفلق إلى سبعة أجزاء ، كل جزء لقبيلة من قبائل بني إسرائيل

. فهل بالإمكان إلقاء بعض الضوء على هذا الموضوع ؟


الجواب

الحمد لله

قص علينا سبحانه وتعالى قصة فرعون مع نبي الله موسى

وكيف أنجاه من بطش فرعون وجنوده

إذ شق الله البحر لموسى عليه السلام ليعبره مع قومه

فقال : ( فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ ، فَانفَلَقَ ، فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ )الشعراء/63.

ولم يبين لنا سبحانه وتعالى كيفية انشقاق البحر ، هل كان إلى طودين عظيمين بينهما طريق واحد ، أم إلى أكثر من طريق ، ولفظ الآية يحتمل الأمرين .

والذي ذكره أكثر المفسرين أن البحر انشق إلى اثني عشر طريقاً ، على عدد أسباط بني إسرائيل .

وقد صح هذا القول عن حبر الأمة عبد الله بن عباس .

فروى الطبري في " تفسيره" (1/658)

بسند صحيح عن ابن عباس أنه قال : "

... فَضَرَبَ مُوسَى الْبَحْرَ بِعَصَاهُ ، فَانْفَلَقَ ، فَكَانَ فِيهِ اثْنَا عَشَرَ طَرِيقًا ، كُلُّ طَرِيقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ، فَكَانَ لِكُلِّ سِبْطٍ مِنْهُمْ طَرِيقٌ يَأْخُذُونَ فِيهِ ...". انتهى .

وهو اختيار شيخ المفسرين أبو جعفر الطبري ، حيث قال في تفسير قوله تعالى : ( وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ ، فَأَنْجَيْنَاكُمْ ، وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ).

قال : " وَمَعْنَى قَوْلِهِ : ( فَرَقْنَا بِكُمُ ) فَصَلْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ ، لِأَنَّهُمْ كَانُوا اثْنَيْ عَشَرَ سِبْطًا

فَفَرَقَ الْبَحْرَ اثْنَيْ عَشَرَ طَرِيقًا ، فَسَلَكَ كُلُّ سِبْطٍ مِنْهُمْ طَرِيقًا مِنْهَا ، فَذَلِكَ فَرْقُ اللَّهِ بِهِمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْبَحْرَ ، وَفَصْلُهُ بِهِمْ بِتَفْرِيقِهِمْ فِي طَرِيقِ الِاثْنَيْ عَشَرَ ".

انتهى من " تفسير الطبري " (1/654) .

ولم نقف على قولٍ لأحد من أهل التفسير يذكر فيه أن البحر انشق إلى سبعة طرق .

ولا بد من التنبيه إلى أن منهج القرآن في عرض القصص : الاهتمام بالمقاصد ومواطن العبر والعظات منها ، وإهمال الجزئيات التي لا تفيد ، أو لا يترتب عليها عمل .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-02-23, 18:08   رقم المشاركة : 319
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



هل يعد أخو الزوجة حكما من أهلها ؟

السؤال

هل يعد أخو الزوجة حكما من أهلها ؟

الجواب

الحمد لله


" ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ إِلَى أَنَّهُ إِذَا اشْتَدَّ خِلاَفُ الزَّوْجَيْنِ ، وَأَشْكَل أَمْرُهُمَا

وَلَمْ يُدْرَ مِمَّنِ الإْسَاءَةُ مِنْهُمَا ، وَخِيفَ الشِّقَاقُ بَيْنَهُمَا إِلَى حَدٍّ يُؤَدِّي إِلَى مَا حَرَّمَ اللَّهُ مِنَ الْمَعْصِيَةِ وَالظُّلْمِ

فَإِنَّ التَّحْكِيمَ بَيْنَهُمَا يَكُونُ مَشْرُوعًا بِقَوْل اللَّهِ عَزَّ وَجَل : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا) النساء/35 "

انتهى من "الموسوعة الفقهية" (40/ 308) .

قال ابن كثير رحمه الله :

" قال الْفُقَهَاءُ : إِذَا وَقَعَ الشِّقَاقُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ ، أَسْكَنَهُمَا الْحَاكِمُ إِلَى جَنْبِ ثِقَةٍ يَنْظُرُ فِي أَمْرِهِمَا ،

وَيَمْنَعُ الظَّالِمَ مِنْهُمَا مِنَ الظُّلْمِ، فَإِنْ تَفَاقَمَ أَمَرُهُمَا وَطَالَتْ خُصُومَتُهُمَا، بَعَثَ الْحَاكِمُ ثِقَةً مَنْ أَهْلِ الْمَرْأَةِ

وَثِقَةً مِنْ قَوْمِ الرَّجُلِ : لِيَجْتَمِعَا ؛ فينظرا فِي أَمْرِهِمَا ، وَيَفْعَلَا مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِمَّا يَرَيَانِهِ ، مِنَ التَّفْرِيقِ أَوِ التَّوْفِيقِ ، وَتَشَوَّفَ الشَّارِعُ إلى التوفيق، ولهذا قال تَعَالَى: (إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما) ".

انتهى من "تفسير ابن كثير" (2/ 259) .

والأقارب أولى الناس بهذه المصالحة ؛ لما يُعلم عنهم عادة من محبة الوفاق والسعي إليه بكل طريق ، وبغض الفراق والحيلولة دونه .

قال الصاوي المالكي في "حاشيته" (2/ 513):

" قَوْلُهُ : "حَكَمَيْنِ مِنْ أَهْلِهِمَا" : أَيْ لِأَنَّ الْأَقَارِبَ أَعْرَفُ بِبَوَاطِنِ الْأَحْوَالِ ، وَأَطْيَبُ لِلْإِصْلَاحِ ، وَنُفُوسُ الزَّوْجَيْنِ أَسْكَنُ إلَيْهِمَا ، فَيُبْرِزَانِ مَا فِي ضَمَائِرِهِمَا مِنْ الْحُبِّ وَالْبُغْضِ ، وَإِرَادَةِ الْفُرْقَةِ أَوْ الصُّحْبَةِ " انتهى .

ويدخل في ذلك أخو الزوجة ، وكذا أخو الزوج ، وهما من أولى الناس بذلك ، إذا كانا عدلين عاقلين صالحين ؛ فهما داخلان في عموم "أهله" ، و"أهلها"

من غير شك ، ويزيدان على غيرهما أنهما ـ في معتاد الأحوال ـ أشد حرصا على التوفيق والإصلاح بين الزوجين ، من غيرهما من الأبعدين ، لما لهما من الخاصة والقرابة بالزوجين .

قال ابن حزم رحمه الله في تفسير الأهل في هذه الآية :

" الْأَهْلُ الْقَرَابَةُ : هُمْ مِنْ الْأَبِ وَالْأُمِّ ، وَالْأَهْلُ أَيْضًا : الْمَوَالِي " .

انتهى من "المحلى" (9/ 246) .

والله أعلم
.









قديم 2019-02-23, 18:15   رقم المشاركة : 320
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ قوله تعالى : ( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي)

السؤال

قال الله تعالى في سورة البقرة "مثلهم كمثل الذي استوقد ناراً...الآية". فإلى ماذا يشير المثال في الآية ؟

وماذا ينبغي على من ضُرب المثل في شأنهم أن يفعلوا ؟

هل يستمروا في ايقاد النار، أم يمشوا في الظلام ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

يضرب الله الأمثال في القرآن للناس لعلهم يعقلون ويفقهون ؛ فإن المثل يقرب المعنى ، وتقام به الحجة ، ويزول به اللبس ، وترتفع به الغشاوة عن القلوب ، فينتفع به أهل العلم ، وتقام به الحجة على الذين لا يعلمون .

ثانيا :

قال الله تعالى عن المنافقين :

( مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ * صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ) البقرة/ 17، 18 .

فشَبَّهَهُمْ في اشترائهم الضلالة بالهدى، وصيرورتهم بعد البصيرة إِلَى الْعَمَى، بِمَنِ اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ وَانْتَفَعَ بِهَا وَأَبْصَرَ بِهَا مَا عَنْ يَمِينِهِ وَشِمَالِهِ وَتَأَنَّسَ بِهَا فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ طُفِئَتْ نَارُهُ وَصَارَ

فِي ظَلَامٍ شَدِيدٍ لَا يُبْصِرُ وَلَا يَهْتَدِي، وَهُوَ مَعَ هذا أَصَمُّ لَا يَسْمَعُ أَبْكَمُ لَا يَنْطِقُ أَعْمَى ، لو كان ضياء لما أَبْصَرَ، فَلِهَذَا لَا يَرْجِعُ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ، فَكَذَلِكَ

هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ فِي اسْتِبْدَالِهِمُ الضَّلَالَةَ عِوَضًا عَنِ الْهُدَى وَاسْتِحْبَابِهِمُ الْغَيَّ عَلَى الرُّشْدِ. وَفِي هَذَا الْمَثَلِ دلَالَةٌ عَلَى أنهم آمنوا ثم كفروا كما أخبر تعالى عنهم فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ .

فاكْتَسَبُوا أَوَّلًا بِإِيمَانِهِمُ نُورًا ، ثُمَّ بِنِفَاقِهِمْ ثَانِيًا أَبْطَلُوا ذلك النور ، فَوَقَعُوا فِي حَيْرَةٍ عَظِيمَةٍ .

انظر : "تفسير ابن كثير" (1/ 96-97) .

وقال السعدي رحمه الله :

" أي: مثلهم المطابق لما كانوا عليه كمثل الذي استوقد نارا ، أي: كان في ظلمة عظيمة

وحاجة إلى النار شديدة فاستوقدها من غيره ، ولم تكن عنده معدَّة ، بل هي خارجة عنه ، فلما أضاءت النار ما حوله ، ونظر المحل الذي هو فيه ، وما فيه من المخاوف وأمنها

وانتفع بتلك النار، وقرت بها عينه ، وظن أنه قادر عليها، فبينما هو كذلك ، إذ ذهب الله بنوره ، فذهب عنه النور، وذهب معه السرور

وبقي في الظلمة العظيمة والنار المحرقة ، فذهب ما فيها من الإشراق، وبقي ما فيها من الإحراق، فبقي في ظلمات متعددة: ظلمة الليل، وظلمة السحاب، وظلمة المطر

والظلمة الحاصلة بعد النور، فكيف يكون حال هذا الموصوف؟ فكذلك هؤلاء المنافقون ، استوقدوا نار الإيمان من المؤمنين ، ولم تكن صفة لهم، فانتفعوا بها وحقنت بذلك دماؤهم

وسلمت أموالهم ، وحصل لهم نوع من الأمن في الدنيا، فبينما هم على ذلك إذ هجم عليهم الموت ، فسلبهم الانتفاع بذلك النور، وحصل لهم كل هم وغم وعذاب ، وحصل لهم ظلمة القبر، وظلمة الكفر

وظلمة النفاق، وظلم المعاصي على اختلاف أنواعها ، وبعد ذلك ظلمة النار وبئس القرار " .

انتهى من "تفسير السعدي" (ص 44) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" شَبَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْدَاءَهُ الْمُنَافِقِينَ بِقَوْمٍ أَوْقَدُوا نَارًا لِتُضِيءَ لَهُمْ وَيَنْتَفِعُوا بِهَا، فَلَمَّا أَضَاءَتْ لَهُمُ النَّارُ فَأَبْصَرُوا فِي ضَوْئِهَا مَا يَنْفَعُهُمْ وَيَضُرُّهُمْ وَأَبْصَرُوا الطَّرِيقَ بَعْدَ أَنْ كَانُوا

حَيَارَى تَائِهِينَ ، فَهُمْ كَقَوْمٍ سَفْرٍ ضَلُّوا عَنِ الطَّرِيقِ فَأَوْقَدُوا النَّارَ لِتُضِيءَ لَهُمُ الطَّرِيقَ ; فَلَمَّا أَضَاءَتْ لَهُمْ فَأَبْصَرُوا وَعَرَفُوا طُفِئَتْ تِلْكَ النَّارُ وَبَقُوا فِي الظُّلُمَاتِ لَا يُبْصِرُونَ قَدْ سُدَّتْ عَلَيْهِمْ أَبْوَابُ الْهُدَى الثَّلَاثُ

فَإِنَّ الْهُدَى يَدْخُلُ إِلَى الْعَبْدِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَبْوَابٍ، مِمَّا يَسْمَعُهُ بِأُذُنِهِ وَيَرَاهُ بِعَيْنِهِ وَيَعْقِلُهُ بِقَلْبِهِ ، وَهَؤُلَاءِ قَدْ سُدَّتْ عَلَيْهِمْ أَبْوَابُ الْهُدَى فَلَا تَسْمَعُ قُلُوبُهُمْ شَيْئًا وَلَا تُبْصِرُهُ وَلَا تَعْقِلُ مَا يَنْفَعُهَا.

وَقِيلَ: لَمَّا لَمْ يَنْتَفِعُوا بِأَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ نَزَلُوا مَنْزِلَةَ مَنْ لَا سَمْعَ لَهُ وَلَا بَصَرَ وَلَا عَقْلَ

وَالْقَوْلَانِ مُتَلَازِمَانِ، وَقَالَ فِي صِفَتِهِمْ: (فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ); لِأَنَّهُمْ قَدْ رَأَوْا فِي ضَوْءِ النَّارِ وَأَبْصَرُوا الْهُدَى ، فَلَمَّا طُفِئَتْ عَنْهُمْ لَمْ يَرْجِعُوا إِلَى مَا رَأَوْا وَأَبْصَرُوا " .

انتهى من "اجتماع الجيوش الإسلامية" (2/ 63) .

ثالثا :

الحكمة من هذا المثال : أن يتعظ الناس فلا يفعلوا فعل هؤلاء المنافقين

وإنما عليهم أن يثبتوا على الإيمان الذي منّ الله به عليهم ودلهم عليه بالفطر السليمة وبرهن لهم عليه بالبراهين الواضحة وأقام الحجة عليه بالدلائل البينة .

فمن منّ الله عليه بالإيمان فعليه بالثبات واليقين ، وألا يتذبذب ويتردد .

ومن نظر في آيات الله البينة الدالة على وحدانيته فعليه أن يؤمن وألا يتراجع عن الأخذ بما دلت عليه الآيات .

بل على كل من أنعم الله عليه بنعمة في دينه أو دنياه أن يقوم بما يجب عليه تجاهها من الشكر وعدم النكران لئلا تزول عنه ، فإن النعمة تثبت بالشكر وتزول بالكفر .

فأشار هذا المثل إلى حال المنافقين وما هم عليه من الحيرة والتذبذب ، وما هم فيه من الضلالة وظلمة الكفر ؛ تحذيرا لهم من مغبة حالهم وعاقبة أمرهم ، وتنبيها لغيرهم ألا يفعلوا فعلهم ويصنعوا صنيعهم .

وكان على هؤلاء المنافقين - الذين ضرب الله هذا المثل في شأنهم - أن يتوبوا إلى ربهم فيعودوا إلى نور الهداية الذي سلب منهم بكفرهم ، فإن من تاب تاب الله عليه

وقد قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : ( لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا) الأحزاب/ 60 .

فعليهم أن ينتهوا عما هم عليه ويتوبوا إلى الله ويرجعوا إليه ؛ فإنهم إن عادوا إلى الله بالتوبة عاد عليهم بالنور والهداية .

وإن استمروا على ما هم عليه من الكفر والشك والنفاق فلن يخرجوا من تلك الظلمات أبدا ، لا في الدنيا ولا في الآخرة .

والله أعلم .









قديم 2019-02-23, 18:22   رقم المشاركة : 321
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا يلزم في العطف بـ " ثم " الترتيب الزمني على كل حال .

السؤال

لنقرأ الآيتين 54 و55 في سورة البقرة : ( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ *

وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ ) سورة البقرة/ 54 ،

55 . ومن دون حاجة للنقاش ، من الواضح أن حادثة اتخاذ العجل للعبادة ، قد سبقت حادثة أخذ الصاعقة لبني إسرائيل ، وبإمكانكم العودة للتفاسير ولأي مرجع تريدون ! لنقارن ذلك الآن مع ما ورد في الآية 153 ، سورة النساء :

( يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا ) ؟!

فكيف يمكن توجيه ذلك ؟


الجواب

الحمد لله

حرف العطف " ثم " : وإن كان يفيد الترتيب بين المتعاطفات

فإنه لا يأتي دائما لإرادة الترتيب الزمني فقط ، حتى يقال - في كل موضع - إن ما قبله سابق في الزمن لما بعده ، لكنه يأتي أحيانا للترتيب الزمني

ويأتي أحيانا للترتيب المعنوي، ويأتي أحيانا للترتيب الخبري ، بذكر الأهم من الأمور ، ثم ما يليه في الأهمية

كما قال سيبويه رحمه الله :

" كأنّهم إنَّما يقدّمون الذي بيانه أهم لهم وهم ببيانه أغنى، وإن كانا جميعاً يُهِمّانِهم ويَعْنِيانهم ."

انتهى من "الكتاب" لسيبويه (1/34)

وينظر "بدائع الفوائد" (1/ 61).

وقال الرضيّ في "شرح الكافية" (4/390) :

" وقد تجئ (ثم) لمجرد الترتيب في الذكر، والتدرج في درج الارتقاء

وذكر ما هو الأولى ، ثم الأولى ؛ من دون اعتبار التراخي والبعد بين تلك الدرج ، ولا أن الثاني بعد الأول في الزمان، بل ربما يكون قبله ، كما في قوله:

إن من ساد ثم ساد أبوه * ثم قد ساد قبل ذلك جده

فالمقصود ترتيب درجات معالي الممدوح ، فابتدأ بسيادته ، ثم بسيادة أبيه ، ثم بسيادة جده ، لأن سيادة نفسه أخص ، ثم سيادة الأب

ثم سيادة الجد، وإن كانت سيادة الأب مقدمة في الزمان على سيادة نفسه ، فثم، ههنا، كالفاء في قوله تعالى (فبئس مثوى المتكبرين) .

وقد تكون ثم، والفاء، أيضا، لمجرد التدرج في الارتقاء

وإن لم يكن الثاني مترتبا في الذكر على الأول، وذلك أن تكرر الأول بلفظه

نحو: بالله، فبالله أو: والله ثم والله، وقوله تعالى : ( وما أدراك ما يوم الدين * ثم ما أدراك ما يوم الدين) ، وقوله : ( كلا سوف تعلمون * ثم كلا سوف تعلمون ) " انتهى .

وينظر : "الكتاب" لسيبويه (3/501) .

قال الفراء رحمه الله في توجيه الإشكال المذكور في الآية :

" وقوله (ثم اتخذوا العجل) ليس بمردود [ أي: ليس بمعطوف ] ، على قوله ( فأخذتهم الصاعقة) ، ثُمَّ اتخذوا ؛ هَذَا مردود عَلَى فعلهم الأول .

وفيه وجه آخر: أن تجعل (ثم) خبرًا مستأنفًا، وقد تستأنف العرب بثم ، والفعل الَّذِي بعدها قد مضى قبل الفعل الأول؛ من ذَلِكَ : أن تَقُولُ للرجل: قد أعطيتك ألفًا ، ثُمَّ أعطيتك قبل ذَلِكَ مالا

فتكون (ثُمَّ) عطفًا عَلَى خبر المخبر ، كأنه قَالَ: أخبرك أني زرتك اليوم ، ثُمَّ أخبرك أني زرتك أمس "

انتهى من "معاني القرآن" (1/ 396) .

ونظير ذلك : قول الله تعالى : ( فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ * ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) البقرة/ 198، 199 .

قال القرطبي رحمه الله :

" ثم" لَيْسَتْ فِي هَذِهِ الْآيَةِ لِلتَّرْتِيبِ ، وَإِنَّمَا هِيَ لِعَطْفِ جُمْلَةِ كَلَامٍ هِيَ مِنْهَا مُنْقَطِعَةٌ "

انتهى من " تفسير القرطبي" (2/ 427) .

وقال الشنقيطي رحمه الله :

" لَفْظَةُ " ثُمَّ " لِلتَّرْتِيبِ الذِّكْرِيِّ ، بِمَعْنَى عَطْفِ جُمْلَةٍ عَلَى جُمْلَةٍ ، وَتَرْتِيبِهَا عَلَيْهَا فِي مُطْلَقِ الذِّكْرِ "

انتهى من "أضواء البيان" (1/ 90) .

وقول الله تعالى أيضا :

( فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ * فَكُّ رَقَبَةٍ * أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ * يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ * أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ * ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ) البلد/ 11 - 17 .

قال ابن جزي رحمه الله :

" ثم " هنا للتراخي في الرتبة لا في الزمان ، وفيها إشارة إلى أن الإيمان أعلى من العتق والإطعام ، ولا يصح أن يكون للترتيب في الزمان ، لأنه لا يلزم أن يكون الإيمان بعد العتق والإطعام ، ولا يقبل عمل إلا من مؤمن " .

انتهى من "تفسير ابن جزي" (2/ 485) .

والمقصود من ذلك كله : بيان أن العطف بحرف العطف " ثم " له أحوال ، وليس لمجرد الترتيب الزمني فقط .

وعلى ذلك ، ففي آيات سورة البقرة : يعدد الله تعالى عليهم فضائحهم واجتراءاتهم ومخازيهم .

أما في سورة النساء : فلما سألوا النبي صلى الله عليه وسلم أن ينزل عليهم كتابا من السماء ، ذكر من حالهم السابق ما يناسب تعنتهم اللاحق

بسؤالهم موسى عليه السلام أكبر من ذلك بقولهم : أرنا الله جهرة . فأخذتهم الصاعقة .

فذِكر سؤالهم هذا مناسب لما سألوا من نزول الكتاب عليهم ، فالعناية به أولى لهذه المناسبة ، لأن في ذلك بيانا لما هم عليه من إرادة الإشقاق والتعنت ، لا إرادة الهداية

ولأن فيه سلوى للنبي صلى الله عليه وسلم حين يعلم أنهم سألوا من قبله رسولهم ، أكبر من ذلك .

ثم أعقب ذلك بما يدل على ما هم عليه من العناد والشقاق فقال : ( ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ ) .

فجاءت " ثم " لترتيب الأحداث حسب الأهم فالأهم ، والأنسب فالأنسب ، لا لإرادة الترتيب الزمني .

راجع للفائدة جواب السؤال hgrh]l

والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-23, 18:25   رقم المشاركة : 322
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لماذا أمات الله بني إسرائيل بالصاعقة ثم أحياهم ؟

السؤال

إذا كان الناس سيموتون جميعهم ثم يحييهم الله جميعا يوم القيامة , فلماذا أمات الله بني إسرائيل بالصاعقة ثم أحياهم مرة أخرى ؟

الجواب

الحمد لله

ذكر الله تعالى في كتابه الكريم قصة صعق بني إسرائيل ، ثم بعثهم بعد الموت

في موضعين اثنين ، وقد جاءا في سياق الحديث عن بني إسرائيل وما أنعم الله به عليهم ، وذكر حالهم وما قابلوا تلك النعم بالكفر والجحود والنسيان .

يقول الله تعالى :

( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ . ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) البقرة/55-56.

ويقول سبحانه :

( يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى

أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا ) النساء/153.

فقد كانت الصاعقة عقوبة لهم على جرأتهم على الله ، وإصرارهم على التعنت في السؤال ، والتكلف في تحقيق أسباب الإيمان ، ومكابرتهم رغم كل الآيات والبراهين التي أراهم الله عز وجل

ومع ذلك سألوا الله أن يروه جهرة في الدنيا ، وعلقوا إيمانهم بهذه الآية ، وقد تعالى جل وعلا عن أن تراه العيون الضعيفة الكليلة في الدنيا

وإنما تراه في الجنة ، فعاقبهم بالموت بالصاعقة التي أخذتهم أخذا شديدا ، ولكنه سبحانه لحلمه وعفوه وصفحه وتجاوزه عن عباده بعثهم بعد الموت إلى الدنيا ، ليعلموا عظيم نعمة الله عليهم

ويشكروه سبحانه على إمهاله لهم ، ومنحهم الفرصة مرة أخرى للتوبة والأوبة ، فكانت الصاعقة عقوبة لهم

وكان البعث بعد الموت آية ومنحة منه سبحانه ليعتبروا ويذكروا بها ، ثم يشكروا نعمة الله تعالى عليهم حق شكره ، ولذلك ختم الآية في سورة البقرة بقوله : ( لعلكم تشكرون )

يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله :

" اذكروا نعمتي عليكم في بعثي لكم بعد الصعق إذ سألتم رؤيتي جهرة عيانًا ، مما لا يستطاع لكم ولا لأمثالكم

كما قال ابن جريج .

قال ابن عباس في هذه الآية : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً )، قال : علانية "

انتهى باختصار.

" تفسير القرآن العظيم " (1/264)

ويقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" قوله تعالى : ( وإذ قلتم يا موسى ) أي : واذكروا أيضاً يا بني إسرائيل إذ قلتم...؛ والخطاب لمن كان في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، لكن إنعامه على أول الأمة إنعام على آخرها

فصح توجيه الخطاب إلى المتأخرين مع أن هذه النعمة على من سبقهم . قوله تعالى : ( لن نؤمن لك ) أي : لن ننقاد ، ولن نصدق ، ولن نعترف لك بما جئت به .

قوله تعالى : ( فأخذتكم الصاعقة ) يعني الموت الذي صعقوا به .

وقوله تعالى : ( بعثناكم من بعد موتكم ) : هذه نعمة كبيرة عليهم أن الله تعالى أخذهم بهذه العقوبة ، ثم بعثهم ليرتدعوا ؛ ويكون كفارة لهم ؛

ولهذا قال تعالى : ( لعلكم تشكرون ) أي : تشكرون الله سبحانه وتعالى ؛ و " لعل " هنا للتعليل " انتهى باختصار.

" تفسير سورة البقرة " (1/191)

يقول الطاهر بن عاشور رحمه الله :

" وكان ذلك إرهابا لهم وزجرا ، ولذلك قال : ( بظلمهم ) ، والظلم هو المحكي في سورة البقرة من امتناعهم من تصديق موسى إلى أن يروا الله جهرة

وليس الظلم لمجرد طلب الرؤية ؛ لأن موسى قد سأل مثل سؤالهم مرة أخرى : حكاه الله عنه بقوله : ( وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ ) الآية " انتهى.

" التحرير والتنوير " (4/301)

والله أعلم .









قديم 2019-02-23, 18:30   رقم المشاركة : 323
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكلام على أثر عليّ رضي الله عنه : " إِذَا اشْتَكَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا فَلْيَسْأَلِ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ صَدَاقِهَا ، فَلْيَشْتَرِ بِهَا عَسَلًا ، فَيَشْرَبْهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ "

السؤال

يتداول الناس في مواقع التواصل تفسيرا للآية الرابعة من سورة النساء مخالفا لما ورد في كتب التفاسير

فهم يقولون في تفسير قوله تعالى : (فكلوه هنيئاً مريئاً) هو مال الزوجة يشفي به الزوج ، وهو منتشر بشكل كبير تحت عنوان " هل تعلم أن هناك أمراض ،، الشفاء منها بيد الله ثم زوجتك !!

. فما صحة هذا الكلام ؟


الجواب


الحمد لله

أولا :

قال الله تعالى : ( وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) النساء/ 4 .

والمعنى :

إن سمحن لكم عن شيء من الصداق ، عن رضا واختيار بإسقاط شيء منه ، أو تأخيره أو المعاوضة عنه .
( فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ) أي : لا حرج عليكم في ذلك ولا تبعة .

وفيه دليل على أن للمرأة التصرف في مالها - ولو بالتبرع - إذا كانت رشيدة ، فإن لم تكن كذلك فليس لعطيتها حكم ، وأنه ليس لوليها من الصداق شيء ، غير ما طابت به .

انظر: "تفسير السعدي" (ص 164) .

ثانيا :

روى ابن أبي شيبة في "مصنفه" (5/ 59) ، وابن أبي حاتم في "تفسيره" (3/862) ، وابن المنذر في "تفسيره" (2/560) من طريق السُّدِّيِّ ،

عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ المُغِيرَةَ بن شُعبَة ، عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ : " إِذَا اشْتَكَى أَحَدُكُمْ شَيْئًا فَلْيَسْأَلِ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ مِنْ صَدَاقِهَا، فَلْيَشْتَرِ بِهَا عَسَلًا ، فَيَشْرَبْهُ بِمَاءِ السَّمَاءِ ، فَيَجْمَعُ اللَّهُ الْهَنِيءَ الْمَرِيءَ وَالْمَاءَ الْمُبَارَكَ وَالشِّفَاءَ " .

وقال الحافظ في "الفتح" (10/ 170):

" أخرجه ابن أَبِي حَاتِمٍ فِي التَّفْسِيرِ بِسَنَدٍ حَسَنٍ " انتهى .

والسدي هو إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة أبو محمد القرشي مولاهم الكوفي الأعور ، وهو السدي الكبير ، وثقه أحمد والعجلي وابن حبان ، وقال أبو زرعة: " لين" ، وقال أبو حاتم : "يكتب حديثه ولا يحتج به"

وقال النسائي في الكنى: "صالح" ، وقال في موضع آخر: "ليس به بأس" ، وقال ابن عدي: " له أحاديث يرويها عن عدة شيوخ ، وهو عندي مستقيم الحديث صدوق لا بأس به"

وقال حسين بن واقد: "سمعت من السدي فأقمت حتى سمعته يتناول أبا بكر وعمر ، فلم أعد إليه"

وقال العقيلي: "ضعيف وكان يتناول الشيخين"

وقال الساجي: "صدوق فيه نظر" وقال الطبري: " لا يحتج بحديثه ".

"تهذيب التهذيب" (1/ 313-314) .

وقال الذهبي :

" رمى السدي بالتشيع "

انتهى من "ميزان الاعتدال" (1/ 237) .

ويعقوب بن المغيرة ، لا نعلم له راويا غير السدي ، وقد وثقه العجلي وحده ، والعجلي متساهل في التوثيق

قال الشيخ المعلمي رحمه الله

في تعليقه على "الفوائد المجموعة" (ص 282):

" وأما ابن حبان فقاعدته معروفة ، والعجلي مثله، أو أشد تسهلاً في توثيق التابعي ، كما يعلم بالاستقراء "

انتهى .

وقال أيضا (ص 485) :

" العجلي متسمح جداً، وخاصة في التابعين، فكأنهم كلهم عنده ثقات ، فتجده يقول " تابعي ثقة " في المجاهيل ، وفي بعض المذمومين ، كعمر بن سعد ، وفي بعض الهلكى كأصبغ بن نباتة " انتهى .

وقال الشيخ الألباني رحمه الله :

" العجلي متساهل في التوثيق ، كما هو معروف " .

انتهى بمعناه من "سلسلة الأحاديث الضعيفة" (13/ 624) .

وعلى ذلك : فالذي يظهر من حال الإسناد المذكور : الضعف ، والقول بتحسينه فيه نظر بين ؛ لما مر من حال يعقوب بن المغيرة ، وخاصة راويه عنه : هو السدي ، وقد مر ما فيه .

ثالثا :

لا يقال : " هناك أمراض ، الشفاء منها بيد الله ثم زوجتك " لأن الشفاء لا يكون إلا بالله وحده لأنه هو الشافي وحده سبحانه ، فروى البخاري (5742) عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ بن صهيب قَالَ:

" دَخَلْتُ أَنَا وَثَابِتٌ عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، فَقَالَ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، اشْتَكَيْتُ ، فَقَالَ أَنَسٌ: أَلاَ أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: ( اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ

مُذْهِبَ البَاسِ ، اشْفِ أَنْتَ الشَّافِي، لاَ شَافِيَ إِلَّا أَنْتَ، شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَمًا) .

فقوله ( أنت الشافي ) ، وقوله ( لا شافي إلا أنت ) يدل على أن أحدا لا يشفي أحدا إنما الشفاء بيد الله وحده

قال القاري رحمه الله :

" قَالَ الطِّيبِيُّ : قَوْلُهُ : (لَا شِفَاءَ) خَرَجَ مَخْرَجَ الْحَصْرِ تَأْكِيدًا لِقَوْلِهِ : ( أَنْتَ الشَّافِي ) ; لِأَنَّ خَبَرَ الْمُبْتَدَأِ إِذَا كَانَ مُعَرَّفًا بِاللَّامِ أَفَادَ الْحَصْرَ ; لِأَنَّ تَدْبِيرَ الطَّبِيبِ، وَدَفْعِ الدَّوَاءِ لَا يَنْجَعُ فِي الْمَرِيضِ إِذَا لَمْ يُقَدِّرِ اللَّهُ الشِّفَاءَ " .

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (3/ 1124) .

فالله تعالى هو الشافي ، بيده وحده الشفاء ، فلا يقال : قد يكون الشفاء بيد الله ثم زوجتك
.
والله تعالى أعلم .









قديم 2019-02-23, 18:37   رقم المشاركة : 324
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ )

السؤال

وفقاً لكلام المعلقين على القرآن ، على الجزء الأول من السورة 6: 93 والذي يقول فيه

: " وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ "

. أرجو بيان ، هل هي بخصوص عبد الله ابن أبي السرح أم شخص آخر ؟


الجواب

الحمد لله

أولا :

قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ

فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ) الأنعام/ 93 .

ذكر غير واحد من أهل العلم أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي السرح

فروى ابن أبي حاتم في "تفسيره" (4/ 1347) ، وابن جرير في "تفسيره" (11/ 534) - واللفظ له -

عن السدي قال : " نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، أسلم، وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، فكان إذا أملى عليه : "سميعًا عليمًا"، كتب هو: "عليمًا حكيمًا"

وإذا قال: "عليمًا حكيمًا" كتب: "سميعًا عليمًا"، فشكّ وكفر، وقال: إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحي إليّ

وإن كان الله ينزله فقد أنزلت مثل ما أنزل الله ! فلحق بالمشركين، ووشى بعمار وجبير عند ابن الحضرمي، أو لبني عبد الدار .

وقال بعضهم : نزل قوله ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحي إليّ ولم يوح إليه شيء) في مسيلمة ، وقوله : (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله) ، في ابن أبي السرح .

فروى ابن جرير عن عكرمة قال : " قوله : ( ومن أظلم ممن افترى على الله كذبًا أو قال أوحي إليّ ولم يوح إليه شيء) ، قال : نزلت في مسيلمة ، وقوله : (ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله)

نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، كان كتب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وكان فيما يملي "عزيز حكيم"، فيكتب "غفور رحيم"

فيغيره ، ثم يقرأ عليه " كذا وكذ ا"، لما حوَّل

فيقول : " نعم ، سواءٌ ". فرجع عن الإسلام ولحق بقريش وقال لهم : لقد كان ينزل عليه "عزيز حكيم" فأحوِّله ، ثم أقرأ ما كتبت، فيقول: " نعم سواء "! ثم رجع إلى الإسلام قبل فتح مكة " .

"تفسير الطبري" (11/ 533) .

وممن ذكر أنها نزلت في ابن أبي السرح : الخطابي

كما في "معالم السنن" (2/287)

وشيخ الإسلام ابن تيمية كما في "مجموع الفتاوى" (3/ 291)

و "الصارم المسلول" (ص 115)

والقرطبي كما في "تفسيره" (7/ 40) ، حتى قال ابن جرير رحمه الله :

" ولا تمانُع بين علماء الأمة أن ابن أبي سرح كان ممن قال: "إني قد قلت مثل ما قال محمد" ، وأنه ارتدّ عن إسلامه ولحق بالمشركين، فكان لا شك بذلك من قيله مفتريًا كذبًا "

انتهى من "تفسير الطبري" (11/ 536) .

وكل ما ورد بشأن ذلك من حيث الصناعة الحديثية لا يصح منه شيء ، والذي ثبت أنه كان يقول :

( مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ ) رجل آخر غير ابن أبي السرح ، وغاية ما ثبت في حق ابن أبي السرح أنه ارتد ، ثم إنه عاد إلى الإسلام وتاب وحسنت توبته

انظر إجابة السؤال hgrh]l

ثانيا :

الآية عامة ، سواء ثبت دخول ابن أبي السرح فيها أو لم يثبت ، فلا أحد أظلم ممن افترى على الله كذبا

أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء ، ومن قال سأنزل مثل ما أنزل الله ؛ فمن كان من أهل ذلك ومات عليه : لحقه الذم ، وخلده الله في النار ، ومن كان من أهل ذلك ثم تاب وأصلح : تاب الله عليه .

قال الطبري رحمه الله :

" قد دخل في هذه الآية كل من كان مختلقًا على الله كذبًا، وقائلا في ذلك الزمان وفي غيره : "أوحى الله إلي"، وهو في قيله كاذب ، لم يوح الله إليه شيئًا ، فأما التنزيل ، فإنه جائز أن يكون نزل بسبب بعضهم

وجائز أن يكون نزل بسبب جميعهم ، وجائز أن يكون عني به جميع المشركين من العرب ، إذ كان قائلو ذلك منهم ، فلم يغيّروه ، فعيّرهم الله بذلك ، وتوعّدهم بالعقوبة على تركهم نكيرَ ذلك

ومع تركهم نكيرَه : هم بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مكذبون ، ولنبوّته جاحدون، ولآيات كتاب الله وتنزيله دافعون ، فقال لهم جل ثناؤه : "ومن أظلم ممن ادّعى عليّ النبوّة كاذبًا "

وقال: "أوحي إلي"، ولم يوح إليه شيء، ومع ذلك يقول : " ما أنزل الله على بشر من شيء " ، فينقض قولَه بقوله ، ويكذب بالذي تحققه ، وينفي ما يثبته. وذلك إذا تدبره العاقلُ الأريب : علم أن فاعله من عقله عديم " .

انتهى من " تفسير الطبري " (11/ 536) .

وإذا ثبت أن ابن أبي السرح كان من أهل هذه الآية ، فقد ثبت أيضا ، أن الله تعالى قد أحسن إليه بعد ذلك

وتاب عليه ، فصار من أهل عموم قوله تعالى : ( إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ) الفرقان/ 70 .

وقد اتفق أهل العلم على أنه رجع إلى الإسلام وحسنت توبته رضي الله عنه ، فهو بذكر هذا الثناء الحسن أولى ؛ لأن الإسلام يجبّ ما قبله ، والتوبة تجبّ ما قبلها .

والله أعلم .









قديم 2019-02-23, 18:41   رقم المشاركة : 325
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

التفريق بين عبد الله بن أبي سرح وغيره ممن ارتد وادَّعى أنه كان يحرِّف الوحي

السؤال

عبد الله بن أبي السرح هو شخصية إسلامية جدلية في التاريخ الإسلامي حيث كان من كتَّاب الوحي ثم ارتد عن الاسلام ، هل كان يحرِّف بعض الآيات في القرآن ؟ .


الجواب

الحمد لله


أولاً:

ثمة خلط عند كثيرين بين شخصيتين ارتدتا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، ومما جعل الأمر كذلك اشتراكهما في كتابة الوحي ، ووقوع الردة منهما ، إلا أن الحقيقة أنهما شخصيتان مختلفتان

فالأول هو " عبد الله بن سعد بن أبي سرْح " ، والثاني هو رجل نصراني لا يُعرف اسمه

والأول كان ارتد ثم رجع إلى الإسلام في " فتح مكة " ، والثاني بقي على ردته ومات ولفظته الأرض وكان آية للناس ، والثاني هو الذي زعم أنه كان يغيِّر في كتابة الوحي ليس الصحابي الجليل عبد الله بن أبي السرح .

ثانيا

أما الأول : فهو عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، أبو يحيى القرشي العامري ، أخو عثمان بن عفان من الرضاعة ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمه

ثم استأمن له عثمان فأمَّنه النبي صلى الله عليه ، وأسلم وحسن إسلامه .

عَنْ سَعْد بن أبي وقَّاص قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ فَتْحِ مَكَّةَ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَّا أَرْبَعَةَ نَفَرٍ وَامْرَأَتَيْنِ وَسَمَّاهُمْ وَابْنُ أَبِي سَرْحٍ

قَالَ : وَأَمَّا ابْنُ أَبِي سَرْحٍ فَإِنَّهُ اخْتَبَأَ عِنْدَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ فَلَمَّا دَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ جَاءَ بِهِ حَتَّى أَوْقَفَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ بَايِعْ عَبْدَ اللَّهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ

إِلَيْهِ ثَلَاثًا كُلُّ ذَلِكَ يَأْبَى فَبَايَعَهُ بَعْدَ ثَلَاثٍ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ

فَقَالَ ( أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ يَقُومُ إِلَى هَذَا حَيْثُ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ بَيْعَتِهِ فَيَقْتُلُهُ ) فَقَالُوا : مَا نَدْرِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا فِي نَفْسِكَ أَلَا أَوْمَأْتَ إِلَيْنَا بِعَيْنِكَ قَالَ ( إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ تَكُونَ لَهُ خَائِنَةُ الْأَعْيُنِ ) .

رواه النسائي ( 4067 ) وأبو داود ( 2683 ) وصححه الألباني في " صحيح النسائي " .

وقد ولاَّه عثمان رضي الله عنه على " مصر " ، وهو الذي قاد معركة " ذات الصواري "

وقد غزا إفريقية ففتح كثيراً من مدنها ، واعتزل فتنة علي ومعاوية رضي الله عنهما ، ثم خرج إلى " الرملة " في " فلسطين " ، فلما كان عند الصبح قال " اللهم اجعل آخر عملي الصبح

" فتوضأ ثم صلَّى فسلم عن يمينه ثم ذهب يسلم عن يساره فقبض الله روحه ،

وكان ذلك في سنة تسع وخمسين .

قال عنه الإمام الذهبي رحمه الله :

"لم يتعدَّ ، ولا فعل ما يُنقم عليه بعدها – أي : بعد فتح مكة - ، وكان أحد عقلاء الرجال وأجوادهم

"انتهى من" سير أعلام النبلاء " ( 3 / 34 ) .

ولينظر " الاستيعاب في معرفة الأصحاب " لابن عبد البر ( 3 / 52 )

و " الإصابة في تمييز الصحابة " ( 4 / 110 ) .

ولم نقف على رواية صحيحة الإسناد أن عبد الله بن أبي سرح كان يحرِّف الوحي ، وإنما في قصته أنه " أزلَّه الشيطان " .

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ أَبِى سَرْحٍ يَكْتُبُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَزَلَّهُ الشَّيْطَانُ فَلَحِقَ بِالْكُفَّارِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

أَنْ يُقْتَلَ يَوْمَ الْفَتْحِ فَاسْتَجَارَ لَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ فَأَجَارَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم .

رواه النسائي ( 4069 ) وأبو داود ( 4358 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح النسائي " .

ثالثاً:

أما الثاني : فهو الرجل الذي كان نصرانيّاً ثم أسلم وارتدَّ على عقبه

وكان يقول إنه كان يغيِّر ما كان يلقيه عليه النبي صلى الله عليه وسلم من كلام ، فأهلكه الله تعالى هلاكاً يكون فيه عبرة لغيره من الشاتمين للرسول صلى الله عليه وسلم والطاعنين في دينه .

عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ : كَانَ رَجُلٌ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ وَقَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ ، فَكَانَ يَكْتُبُ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَعَادَ نَصْرَانِيًّا فَكَانَ يَقُولُ : مَا يَدْرِى مُحَمَّدٌ إِلاَّ مَا كَتَبْتُ لَهُ ، فَأَمَاتَهُ اللَّهُ فَدَفَنُوهُ

فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ فَقَالُوا : هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا فَأَلْقُوهُ ، فَحَفَرُوا لَهُ فَأَعْمَقُوا فَأَصْبَحَ وَقَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ

فَقَالُوا : هَذَا فِعْلُ مُحَمَّدٍ وَأَصْحَابِهِ نَبَشُوا عَنْ صَاحِبِنَا لَمَّا هَرَبَ مِنْهُمْ فَأَلْقَوْهُ ، فَحَفَرُوا لَهُ وَأَعْمَقُوا لَهُ فِى الأَرْضِ مَا اسْتَطَاعُوا ، فَأَصْبَحَ قَدْ لَفَظَتْهُ الأَرْضُ ، فَعَلِمُوا أَنَّهُ لَيْسَ مِنَ النَّاسِ فَأَلْقَوْهُ .

رواه البخاري ( 3421 ) ومسلم ( 2781 ).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

"فهذا الملعون الذي افترى على النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يدري إلا ما كتب له قصمه الله وفضحه بأن أخرجه من القبر بعد أن دفن مراراً

وهذا أمر خارج عن العادة يدل كل أحد على أن هذا كان عقوبة لما قاله وأنه كان كاذباً إذ كان عامَّة الموتى لا يصيبهم مثل هذا ، وأن هذا الجرم أعظم من مجرد الارتداد

إذ كان عامة المرتدين يموتون ولا يصيبهم مثل هذا ، وأن الله منتقم لرسوله صلى الله عليه وسلم ممن طعن عليه وسبَّه ، ومظهر لدينه ولكذب الكاذب إذ لم يمكن الناس أن يقيموا عليه الحد "

انتهى من" الصارم المسلول " ( 1 / 122 ) .

فتبين براءة عبد الله بن سعد بن أبي السرح ، رضي الله عنه ، من هذه التهمة ؛ فهو لم يدع ذلك ، ولم يقله ، ثم إنه تاب بعد ذلك ، وأسلم ، وحسن إسلامه .

والله أعلم









قديم 2019-02-23, 18:45   رقم المشاركة : 326
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تفسير قوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا )

السؤال

ما تفسير قوله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ) ؟

الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى : ( أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) الرعد/ 41 .

وقال تعالى : ( أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ ) الأنبياء/ 44.

اختلف العلماء في تفسير هذا النقصان المذكور لأطراف الأرض ، على عدة أوجه :

قال ابن كثير رحمه الله :

" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَوْ لَمْ يروا أنا نفتح لمحمد صلى الله عليه وسلم الْأَرْضَ بَعْدَ الْأَرْضِ ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ : ( نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا ) ، قَالَ: خَرَابُهَا ، وَقَالَ الْحُسْنُ وَالضَّحَّاكُ :

هُوَ ظُهُورُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ ، وَقَالَ الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نُقْصَانُ أَهْلِهَا وَبَرَكَتُهَا ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ: نُقْصَانُ الْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَخَرَابُ الْأَرْضِ

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ : لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَضَاقَ عَلَيْكَ حُشُّكَ ، وَلَكِنْ تَنْقُصُ الْأَنْفُسُ وَالثَّمَرَاتُ ، وَكَذَا قَالَ عِكْرِمَةُ : لَوْ كَانَتِ الْأَرْضُ تَنْقُصُ لَمْ تَجِدْ مَكَانًا تَقْعُدُ فِيهِ

وَلَكِنْ هُوَ الْمَوْتُ ، وَقَالَ ابن عباس في رواية: خرابها بموت علمائها وفقهائها وَأَهْلِ الْخَيْرِ مِنْهَا، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ أَيْضًا: هُوَ مَوْتُ الْعُلَمَاءِ

وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى ، وَهُوَ ظُهُورُ الْإِسْلَامِ عَلَى الشِّرْكِ قَرْيَةً بَعْدَ قرية ، كقوله: ( وَلَقَدْ أَهْلَكْنا ما حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرى ... ) الآية الأحقاف/27 . وهذا اختيار ابن جرير "

انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/406)

وينظر "زاد المسير" لابن الجوزي (2/ 501) .

وقال الشوكاني رحمه الله :

" أَيْ: نَأْتِي أَرْضَ الْكُفْرِ كَمَكَّةَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا بِالْفُتُوحِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْهَا شَيْئًا فَشَيْئًا. قَالَ الزَّجَّاجُ: أَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّ بَيَانَ مَا وَعَدَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ قَهْرِهِمْ قَدْ ظَهَرَ، يَقُولُ:

أولم يَرَوْا أَنَّا فَتَحْنَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْأَرْضِ مَا قَدْ تَبَيَّنَ لَهُمْ ، فَكَيْفَ لَا يَعْتَبِرُونَ؟ وَقِيلَ : إِنَّ مَعْنَى الْآيَةِ : مَوْتُ الْعُلَمَاءِ وَالصُّلَحَاءِ ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ : الطَّرَفُ : الرَّجُلُ الْكَرِيمُ ،

قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَهَذَا الْقَوْلُ بِعِيدٌ لِأَنَّ مَقْصُودَ الْآيَةِ : أَنَّا أَرَيْنَاهُمُ النُّقْصَانَ فِي أَمْرِهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ تَأْخِيرَ الْعِقَابِ عَنْهُمْ لَيْسَ عَنْ عَجْزٍ إِلَّا أَنْ يُحْمَلَ عَلَى مَوْتِ أَحْبَارِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى ، وَقِيلَ: الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ :

خَرَابُ الْأَرْضِ الْمَعْمُورَةِ حَتَّى يَكُونَ الْعُمْرَانُ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهَا وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالْآيَةِ: هَلَاكُ مَنْ هَلَكَ مِنَ الْأُمَمِ وَقِيلَ : الْمُرَادُ : نَقْصُ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَقِيلَ: الْمُرَادُ: جَوْرُ وُلَاتِهَا حَتَّى تَنْقُصَ "

انتهى من "فتح القدير" (3/ 108) .

وما اختار الإمام ابن جرير رحمه الله ، وتابعه عليه ابن كثير ، هو أيضا اختيار الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره .

قال السعدي رحمه الله :

" والظاهر - والله أعلم - أن المراد بذلك أن أراضي هؤلاء المكذبين جعل الله يفتحها ويجتاحها، ويحل القوارع بأطرافها، تنبيها لهم قبل أن يجتاحهم النقص

ويوقع الله بهم من القوارع ما لا يرده أحد، ولهذا قال: ( وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ) ويدخل في هذا حكمه الشرعي والقدري والجزائي "

انتهى من " تفسير السعدي" (ص 420) .

واختاره ـ كذلك ـ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله

كما في "لقاء الباب المفتوح" (167/ 22) بترقيم الشاملة .

وعلى ذلك : فيكون معنى أطراف الأرض : نواحيها وجوانبها .

قال الأزهري رحمه الله في "التهذيب" (13/219) :

" أطرافُ الأَرْض : نَوَاحِيهَا ، الْوَاحِد طَرَف ، وَمِنْه قَول الله جلّ وَعز: ( أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا نَأْتِي الأرْضَ نَنقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا) ، أَي: من نَوَاحِيهَا نَاحيَة نَاحيَة " انتهى .

والله أعلم .









قديم 2019-02-23, 18:49   رقم المشاركة : 327
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بيان سعة الجنة بأنها : (عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ) .

السؤال

وصف الله الجنة أن عرضها كعرض السماوات والأرض .

سؤالي هو من المعروف أن السماء أكبر بكثير جدا من الأرض ؛ فما فائدة إدخال الأرض في هذا الوصف ؟

مثلا كأن تقول : مساحة روسيا أكبر من السعودية والرياض ؛ فما فائدة إدخال الرياض في هذا الوصف ، فهو لا يفيد في شيء ، فالرياض جزء من السعودية


الجواب

الحمد لله

قال الله تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) آل عمران/ 133.

وقال عز وجل : ( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ) الحديد/ 21 .

قال القرطبي رحمه الله :

" اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَأْوِيلِهِ ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : تقرن السماوات وَالْأَرْضُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ كَمَا تُبْسَطُ الثِّيَابُ وَيُوصَلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ ، فَذَلِكَ عَرْضُ الْجَنَّةِ ، وَلَا يَعْلَمُ طُولَهَا إِلَّا اللَّهُ ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَذَلِكَ لَا يُنْكَرُ .

وقَالَ قَوْمٌ : الْكَلَامُ جَارٍ عَلَى مَقْطَعِ الْعَرَبِ مِنَ الِاسْتِعَارَةِ ، فَلَمَّا كَانَتِ الْجَنَّةُ مِنَ الِاتِّسَاعِ وَالِانْفِسَاحِ فِي غَايَةٍ قُصْوَى حَسُنَتِ الْعِبَارَةُ عنها بعرض السماوات وَالْأَرْضِ، كَمَا تَقُولُ لِلرَّجُلِ : هَذَا بَحْرٌ

وَلِشَخْصٍ كَبِيرٍ مِنَ الْحَيَوَانِ : هَذَا جَبَلٌ ، وَلَمْ تَقْصِدِ الْآيَةُ تَحْدِيدَ الْعَرْضِ ، وَلَكِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهَا أوسع شي رَأَيْتُمُوهُ ".

انتهى من "تفسير القرطبي" (4/ 204-205) .

وقال ابن عاشور رحمه الله :

" وَذِكْرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَارٍ عَلَى طَرِيقَةِ الْعَرَبِ فِي تَمْثِيلِ شِدَّةِ الِاتِّسَاعِ ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَقِيقَةَ عَرْضِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، وَقِيلَ: هُوَ عَرْضُهَا حَقِيقَةً

وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ الْآنَ لَكِنَّهَا أَكْبَرُ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَهِيَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ تَحْتَ الْعَرْشِ " انتهى .

وقال الشوكاني رحمه الله :

" اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى ذَلِكَ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ : إلى أنها تقرن السماوات وَالْأَرْضَ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ كَمَا تُبْسَطُ الثِّيَابُ وَيُوَصَلُ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ فَذَلِكَ عَرْضُ الْجَنَّةِ ، وَنَبَّهَ بِالْعَرْضِ عَلَى الطُّولِ ، لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الطُّولَ يَكُونُ أَكْثَرَ مِنَ الْعَرْضِ .

وَقِيلَ: إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ جَاءَ عَلَى نَهْجِ كَلَامِ الْعَرَبِ مِنَ الاستعارة دون الحقيقة

وذلك أنها لمّا كَانَتِ الْجَنَّةُ مِنَ الِاتِّسَاعِ وَالِانْفِسَاحِ فِي غَايَةٍ قصوى ، حسن التعبير عنها بعرض السموات وَالْأَرْضِ مُبَالَغَةً ، لِأَنَّهُمَا أَوْسَعُ مَخْلُوقَاتِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِيمَا يَعْلَمُهُ عِبَادُهُ ، وَلَمْ يَقْصِدْ بِذَلِكَ التَّحْدِيدَ " .

انتهى من "فتح القدير" (1/ 437)

وينظر : "التحرير والتنوير" (4/ 89) .

فقد تبين أن للعلماء قولين في تفسير الآية : قول الجمهور : أن المراد هنا العرض الحقيقي

وفي ضمنه تنبيه على الطول ، والقول الثاني أن المراد بيان سعة الجنة ، دون خصوص ذكر الطول والعرض ، وإنما جرى التعبير على عادة العرب في مثل ذلك .

وأيا ما كان الأمر ، فلا وجه لما ذكر في السؤال من التمثيل بمساحة ...

فهذا كله بعيد عن الوجه المذكور في الآية ، والرياض التي مثل بها : هي جزء من السعودية ، وأما السماوات والأرض فأمران مستقلان تماما .


وقد جرت عادة البيان الشرعي في مثل ذلك ، بالتعبير عن المعاني الغيبية

بما يفهمونه الناس من لغتهم ، ويعتادونه من خطابهم ، ولا شك أن ذكر الأرض التي يعرفونها ، ويشاهدون سعتها ، وامتداد أطرافها ، أدل على المقصود ، وأقرب إلى فهم المراد من طي ذكرها بالمرة .

والواجب عليك يا عبد الله أن تعلم أن فضل ما بين كلام الله جل جلاله وكلام البشر ، كفضل ما بين الله جل جلاله ، وخلقه ؛ وقد جل كلام الله أن يوجد فيه شيء من الاختلاف ، أو العيب

أو النقصان عن مقامات الجمال والجلال والفصاحة ، التي تليق بأشرف الكلام ؛ ومتى عجز أو قَصُرَ فهم العبد عن شيء من ذلك ، فالواجب عليه أن يتهم فهمه ، وعقله

وعلمه ، وذوقه ، وما لم يبلغه علمه من ذلك : رده إلى عالمه ، ووكله إلى أهله وصاحبه .

راجع للفائدة إجابة السؤال القادم

والله أعلم .









قديم 2019-02-23, 18:52   رقم المشاركة : 328
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث مكذوب في محاولة جبريل عليه السلام أن يقيس عرض الجنة

السؤال

أريد أن توجهوني هل هذا حديث أم أثر ، لكي أعرف كيف أرد على كاتبي هذا الحديث أو المعتقدين به : عن جبرئيل عليه السلام عندما طلب الإذن من الله بأن يقوم بقياس عرض الجنة ، فأعطاه الله الإذن بذلك

فانطلق بالطيران في الجنة ، فطار مدة 300 ألف عام ثم توقف وطلب من الله أن يمده بالعون ليطير 300 ألف عام أخرى ، فأمدَّه الله سبحانه وتعالى

فانطلق جبريل ، ولما قطع 300 ألف عام توقف ، وطلب من الله أن يمده ب 300 ألف عام أخرى ، وهكذا حتى قطع جبريل 900 ألف عام يطير في الجنة

ثم توقف فرأى قصرا في الجنة قد أطلت منه إحدى الحوريات ، فقالت له يا جبرئيل ماذا تفعل ؟

قال أريد أن أقيس عرض الجنة ، قالت : يا جبرئيل لا تتعب نفسك ، أنت الآن منذ انطلاقتك الأولى تطير في حدود مملكتي ، قال : ومن أنت ؟ قالت : أنا زوجة لأحد المؤمنين .


الجواب


الحمد لله

ليس هذا النقل الوارد في السؤال بحديث ولا بأثر ، ولم يذكره أحد من أهل العلم من المُحدِّثين ولا المفسرين ولا المؤرخين ، فيما نعلم ؛ وإنما تتناقله بعض كتب الرافضة ومواقعهم

وهي مليئة بالكذب والأساطير والخرافات ، فيبدو أن هذه القصة واحدة من افتراءاتهم على الدين .

والمسلم يستغني في وصف الجنة بما ورد في الكتاب والسنة الصحيحة ، فقد وصف الله عز وجل عرض الجنة في القرآن الكريم فقال :

( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ) آل عمران/133.

وقال عز وجل :

( سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ) الحديد/21.

يقول الإمام البغوي رحمه الله :

" ( عَرْضُهَا السَّمَاوَات وَالأرْضُ ) أي : عرضها كعرض السموات والأرض ، كما قال في سورة الحديد : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) أي : سَعَتُها ، وإنما ذكر العرض على المبالغة

لأن طول كل شيء في الأغلب أكثر من عرضه ، يقول : هذه صفة عَرْضِها فكيف طُولها ! قال الزهري : إنما وصف عرضها ، فأما طولُها فلا يعلمه إلا الله ، وهذا على التمثيل ، لا أنها كالسموات والأرض لا غير

معناه : كعرض السموات السبع والأرضين السبع عند ظنكم

كقوله تعالى : ( خالدين فيها ما دامت السمواتُ والأرضُ ) سورة هود/107، يعني : عند ظنكم

وإلا فهما زائلتان ، وروي عن طارق بن شهاب أن ناسًا من اليهود سألوا عمر بن الخطاب وعنده أصحابه رضي الله عنهم وقالوا : أرأيتم قوله : ( وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَات وَالأرْضُ ) فأين النار ؟

فقال عمر : أرأيتم إذا جاء الليل أين يكون النهار ، وإذا جاء النهار أين يكون الليل ؟ فقالوا : إنه لمثلها في التوراة . ومعناه أنه حيث يشاء الله " انتهى.

معالم التنزيل " (2/104)

وإذا كان قد ورد في وصف شجرة من أشجار الجنة أنه ( يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِى ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا ) رواه البخاري (3251) ومسلم (2826)، فكيف هو شأن الجنة نفسها إذن ؟!

وإذا كان ورد أيضا أن أدنى أهل الجنة منزلة له ( مِثْلُ الدُّنْيَا وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهَا )

رواه البخاري (6571) ومسلم (186)، وهو فرد واحد

فكيف تكون سعة الجنة لجميع أهلها ومن فيها إذن ؟!

هذا يدلك على أن الجنة من أعظم مخلوقات الله عز وجل .

فالحاصل

أن هذا الخبر الوارد في السؤال غير صحيح ، بل مكذوب مصنوع ، تتناقله بعض المنتديات التي تكثر فيها الخرافات ، فلا بد من الحذر منها .

وقد اتفق علماء المسلمين على حرمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وحرمة رواية الأحاديث المكذوبة ولو كان معناها مقبولا

فالكذب نفسه كبيرة من كبائر الذنوب ، فإذا كان كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعظم إثما عند الله .

والله أعلم
.









قديم 2019-02-23, 18:59   رقم المشاركة : 329
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)

هل كتابة الأدعية ونشرها يخالف قول الله تعالى : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) ؟

السؤال

ورد قوله تعالى في القرآن : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) ، وقد فسر "خفية" أي في الخفاء .

فهل ينافي ذلك ما يفعله الناس اليوم من كتابة الأدعية في حالات الواتساب وغيرها من البرامج .. أو في بعض الصور الدعوية !؟


الجواب

الحمد لله

يقول الله تعالى في كتابه المجيد : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ) الأعراف/ 55 .

قال ابن كثير رحمه الله :

" أرشد سبحانه وتعالى عِبَادَهُ إِلَى دُعَائِهِ ، الَّذِي هُوَ صَلَاحُهُمْ فِي دنياهم وأخراهم

فقال تعالى : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً ) مَعْنَاهُ : تَذَلُّلًا وَاسْتِكَانَةً ، وَ(خُفْيَة) كَمَا قَالَ: ( وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ ) الْأَعْرَافِ/205

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : " رَفَعَ النَّاسُ أَصْوَاتَهُمْ بِالدُّعَاءِ

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( أَيُّهَا النَّاسُ، ارْبَعُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ ؛ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْعُونَ أصمَّ وَلَا غَائِبًا ، إِنَّ الَّذِي تَدْعُونَهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ) الْحَدِيثَ .

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج ، عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ : (تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً) قَالَ : السِّرُّ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: (تَضَرُّعًا) تَذَلُّلًا وَاسْتِكَانَةً لِطَاعَتِهِ ، (وَخُفْيَة) يَقُولُ: بِخُشُوعِ قُلُوبِكُمْ ، وَصِحَّةِ الْيَقِينِ بِوَحْدَانِيَّتِهِ وَرُبُوبِيَّتِهِ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ ، لَا جِهَارًا وَمُرَاءَاةً .

وَقَالَ الْحَسَن : "لَقَدْ أَدْرَكْنَا أَقْوَامًا مَا كَانَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ عَمَلٍ يَقْدِرُونَ أَنْ يَعْمَلُوهُ فِي السِّرِّ، فَيَكُونُ عَلَانِيَةً أَبَدًا ، وَلَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ يَجْتَهِدُونَ فِي الدُّعَاءِ ، وَمَا يُسمع لَهُمْ صَوْتٌ، إِنْ كَانَ إِلَّا هَمْسًا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رَبِّهِمْ

وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : ( ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ عَبْدًا صَالِحًا رَضِي فِعْلَهُ فَقَالَ: ( إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا ) مَرْيَمَ/3

وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج : يُكْرَهُ رَفْعُ الصَّوْتِ وَالنِّدَاءُ والصياحُ فِي الدُّعَاءِ، وَيُؤْمَرُ بِالتَّضَرُّعِ وَالِاسْتِكَانَةِ، ثُمَّ روى عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: (إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) فِي الدُّعَاءِ وَلَا فِي غَيْرِهِ. "

انتهى باختصار من "تفسير ابن كثير" (3/ 427-428) .

وأما كتابة الأدعية في البرامج الإلكترونية ، أو مواقع الإنترنت ، أو المطويات والنشرات الدعوية : فإن كان بقصد التعليم أو التذكير : فلا حرج فيه ، ولا يخالف الآية الكريمة وما تحض عليه .

وقد تقدم في إجابة السؤال القادم

أن الإسرار بالعمل الصالح من صلاة أو صدقة أو ذكر أو دعاء أو غير ذلك أفضل من الجهر به

إلا أن يترتب على إظهاره والجهر به مصلحة راجحة ، من تعليم جاهل أو إظهار لشعائر الإسلام أو طلبا للاقتداء به ، فيكون الجهر أفضل لرجحان المصلحة .

وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح (11/337) :

" قَدْ يُسْتَحَبّ إِظْهَاره - يعني العمل - مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ عَلَى إِرَادَته الِاقْتِدَاءَ بِهِ ، وَيُقَدَّرُ ذَلِكَ بِقَدْرِ الْحَاجَة

قَالَ اِبْن عَبْد السَّلَام : يُسْتَثْنَى مِنْ اِسْتِحْبَاب إِخْفَاء الْعَمَل مَنْ يُظْهِرُهُ لِيُقْتَدَى بِهِ أَوْ لِيُنْتَفَعَ بِهِ كَكِتَابَةِ الْعِلْمِ

وَمِنْهُ حَدِيثُ سَهْل " لِتَأْتَمُّوا بِي وَلْتَعْلَمُوا صَلَاتِي " قَالَ الطَّبَرِيُّ : كَانَ اِبْن عُمَر وَابْن مَسْعُود وَجَمَاعَةٌ مِنْ السَّلَفِ يَتَهَجَّدُونَ فِي مَسَاجِدِهِمْ وَيَتَظَاهَرُونَ بِمَحَاسِنِ أَعْمَالِهِمْ لِيُقْتَدَى بِهِمْ " انتهى .


فإذا قام الرجل في مقام الدعاء والمناجاة لربه : كان المشروع في حقه التضرع والخفية .

وأما إذا كان في مقام التعليم أو التذكير : فمثل هذا لا يمكن إلا أن يجهر بتعليمه وبيانه ، أو يفعله أمام الناس ، ليأتموا به ، ويتعلموا منه .

وينظر في آداب الدعاء : إجابة السؤال بعد القادم
.
والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









قديم 2019-02-24, 17:30   رقم المشاركة : 330
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










vb_icon_m (5)


اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



جملة من آداب الدعاء

السؤال

ما آداب الدعاء وكيفيته وما هي واجباته وسننه ؟

وكيف يبدأ وكيف ينتهي ؟‏

وهل يمكن تقديم مسألة الأمور الدنيوية على الآخرة ؟

وما مدى صحة رفع اليدين في الدعاء - وكيفيته إن صح -.


الجواب

الحمد لله

أولاً :

إن الله تعالى يحب أن يُسأل ، ويُرغبَ إليه في كل شيء ، ويغضب على من لم يسأله ، ويستدعي من عباده سؤاله ، قال الله تعالى : ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) غافر/60 .

وللدعاء من الدين منزلة عالية رفيعة ، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( الدعاء هو العبادة ) رواه الترمذي (3372) وأبو داود (1479) وابن ماجه (3828)

وصححه الألباني في "صحيح الترمذي" (2590) .

ثانياً :

آداب الدعاء :

1. أن يكون الداعي موحداً لله تعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، ممتلئاً قلبه بالتوحيد

فشرط إجابة الله للدعاء : استجابة العبد لربه بطاعته وترك معصيته ، قال الله تعالى: ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) البقرة/186 .

2. الإخلاص لله تعالى في الدعاء ، قال الله تعالى : ( وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ) البينة/5 ، والدعاء هو العبادة ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ، فالإخلاص شرط لقبوله .

3. أن يسأل اللهَ تعالى بأسمائه الحسنى ، قال الله تعالى : ( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه ) الأعراف/180 .

4. الثناء على الله تعالى قبل الدعاء بما هو أهله

روى الترمذي (3476) عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ : بَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَاعِدٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى فَقَالَ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجِلْتَ أَيُّهَا الْمُصَلِّي ، إِذَا صَلَّيْتَ فَقَعَدْتَ فَاحْمَدْ اللَّهَ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ ، وَصَلِّ عَلَيَّ ، ثُمَّ ادْعُهُ ) وفي رواية له (3477) :

( إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ )

. قَالَ : ثُمَّ صَلَّى رَجُلٌ آخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّهَا الْمُصَلِّي ، ادْعُ تُجَبْ ) صححه الألباني في "صحيح الترمذي" (2765 ، 2767) .

5. الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( كل دعاء محجوب حتى تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ) رواه الطبراني في "الأوسط" (1/220)

وصححه الشيخ الألباني في "صحيح الجامع" (4399) .

6. استقبال القبلة ، روى مسلم ( 1763 ) عن عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ وَأَصْحَابُهُ ثَلاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلا

فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ : ( اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي

اللَّهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي ، اللَّهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الإِسْلامِ لا تُعْبَدْ فِي الأَرْضِ ) فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ . . . الحديث .

قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : فِيهِ اِسْتِحْبَاب اِسْتِقْبَال الْقِبْلَة فِي الدُّعَاء ، وَرَفْع الْيَدَيْنِ فِيهِ .

7. رفع اليدين ، روى أبو داود ( 1488 ) عَنْ سَلْمَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :

( إِنَّ رَبَّكُمْ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحْيِي مِنْ عَبْدِهِ إِذَا رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا )

وصححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (1320) .

ويكون باطن الكف إلى السماء على صفة الطالب المتذلل الفقير المنتظر أن يُعْطَى

روى أبو داود (1486) عن مَالِكِ بْنَ يَسَارٍ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِذَا سَأَلْتُمْ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ بِبُطُونِ أَكُفِّكُمْ وَلا تَسْأَلُوهُ بِظُهُورِهَا )

وصححه الشيخ الألباني في "صحيح أبي داود" (1318) .

وهل يضم يديه عند رفعهما أو يجعل بينهما فرجة ؟

نص الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (4/25) أنها تكون مضمومة . ونص كلامه : " وأما التفريج والمباعدة بينهما فلا أعلم له أصلا لا في السنة ولا في كلام العلماء " انتهى .

8. اليقين بالله تعالى بالإجابة ، وحضور القلب ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم

: ( ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاهٍ ) رواه الترمذي (3479) ،

وحسنه الشيخ الألباني في "صحيح الترمذي" (2766) .

9. الإكثار من المسألة ، فيسأل العبد ربه ما يشاء من خير الدنيا والآخرة ، والإلحاح في الدعاء

وعدم استعجال الاستجابة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الاسْتِعْجَالُ ؟

قَالَ : يَقُولُ : قَدْ دَعَوْتُ ، وَقَدْ دَعَوْتُ ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي ، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ وَيَدَعُ الدُّعَاءَ ) رواه البخاري (6340) ومسلم (2735) .

10. الجزم فيه ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ ، اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي إِنْ شِئْتَ ، لِيَعْزِمْ الْمَسْأَلَةَ ، فَإِنَّ اللهَ لا مُكْرِهَ لَهُ ) رواه البخاري (6339) ومسلم (2679) .

11. التضرع والخشوع والرغبة والرهبة ، قال الله تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعاً وخفية ) الأعراف/55

وقال : ( إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً وكانوا لنا خاشعين ) الأنبياء/90

وقال : ( واذكر ربك في نفسك تضرعاً وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ) الأعراف/205 .

12. الدعاء ثلاثاً ، روى البخاري (240) ومسلم (1794) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : ( بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي عِنْدَ الْبَيْتِ وَأَبُو جَهْلٍ وَأَصْحَابٌ لَهُ جُلُوسٌ وَقَدْ نُحِرَتْ جَزُورٌ بِالأَمْسِ

فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ : أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَى سَلا جَزُورِ بَنِي فُلانٍ فَيَأْخُذُهُ فَيَضَعُهُ عَلَى ظَهْرِ مُحَمَّدٍ إِذَا سَجَدَ ، فَانْبَعَثَ أَشْقَى الْقَوْمِ فَأَخَذَهُ فَلَمَّا سَجَدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ

قَالَ : فَاسْتَضْحَكُوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ . وَأَنَا قَائِمٌ أَنْظُرُ لَوْ كَانَتْ لِي مَنَعَةٌ طَرَحْتُهُ عَنْ ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَاجِدٌ مَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ حَتَّى انْطَلَقَ إِنْسَانٌ فَأَخْبَرَ فَاطِمَةَ فَجَاءَتْ وَهِيَ جُوَيْرِيَةٌ فَطَرَحَتْهُ عَنْهُ ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ تَشْتِمُهُمْ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاتَهُ رَفَعَ صَوْتَهُ ثُمَّ دَعَا عَلَيْهِمْ

- وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا ثَلاثًا ، وَإِذَا سأَلَ سَأَلَ ثَلاثًا - ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِقُرَيْشٍ ثَلاثَ مَرَّاتٍ

فَلَمَّا سَمِعُوا صَوْتَهُ ذَهَبَ عَنْهُمْ الضِّحْكُ وَخَافُوا دَعْوَتَهُ ، ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ وَعُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَشَيْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ وَالْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ -

وَذَكَرَ السَّابِعَ وَلَمْ أَحْفَظْهُ - فَوَالَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُ الَّذِينَ سَمَّى صَرْعَى يَوْمَ بَدْرٍ ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ قَلِيبِ بَدْرٍ ) .

13. إطابة المأكل والملبس ، روى مسلم (1015) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لا يَقْبَلُ إِلا طَيِّبًا ، وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ

فَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ ) ، وَقَالَ : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ ) ، ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ

وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ ، وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ ، فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ) قال ابن رجب رحمه الله : فأكل الحلال وشربه ولبسه والتغذي به سبب موجِبٌ لإجابة الدعاء ا.هـ .

14. إخفاء الدعاء وعدم الجهر به ، قال الله تعالى : ( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) الأعراف/55 ، وأثنى الله تعالى على عبده زكريا عليه السلام بقوله : ( إذ نادى ربه نداءً خفياً ) مريم/3 .

و الله اعلم









آخر تعديل *عبدالرحمن* 2019-02-24 في 17:33.
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 02:18

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc