|
القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ... |
في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .
آخر المواضيع |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
2015-12-04, 08:47 | رقم المشاركة : 1 | ||||
|
آداب الموعظة الحسنة
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين والمرسلين. وبعد: فإنَّ من أهم أساليب الدعوة إلى الله عز وجل الموعظة الحسنة. قال تعالى: }ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ{ [النحل: 125]. وقد وَعَظَ الله عباده، قال تعالى: }وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{ [البقرة: 231]. وقال تعالى: }إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ{ [النحل: 90]. وأَمَرَ الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يعظ الناس، قال تعالى: }أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا{ [النساء: 63]. وكان صلى الله عليه وسلم يعظ أصحابه، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعَظَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة، وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون. فقلنا: يا رسول الله، كأنَّها موعظة مودِّع فأوصِنا. قال: «أوصيكم بتقوى الله عز وجل، والسمع والطاعة وإن تأمَّر عليكم عبدٌ، فإنه من، يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنَّتي وسُنَّة الخلفاء الراشدين المهديين، عَضُّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإنَّ كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار» رواه أبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح. والموعظة الحسنة لها أثر في النفوس كما أثَّرت موعظة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فوجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، قال تعالى: }وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ{ [الذاريات: 55]. قال ابن جرير الطبري رحمه الله في الآية: «وعظ يا محمد مَن أرسلت إليه، فإن العظة تنفع أهل الإيمان» تفسير ابن جرير. ولكن حتى تؤثر الموعظة وتكون موعظة حسنة لابدَّ لها من آداب. ولعليِّ أن أُوَفَّق في ذِكر بعضها: آداب الموعظة الحسنة: 1- الإخلاص: وهو أساس للأعمال كلها وروحها وقطب رحاها الذِّي تدور عليه قبولاً وردًّا، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنَّما الأعمال بالنيَّات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى...» متفق عليه.قال تعالى: }وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ...{ [البينة: 5]. وقال سبحانه: }قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ{ [يوسف: 108]. وهذه الآية الكريمة بيَّنت شرطي الدعوة إلى الله، وهما: الإخلاص؛ كما في قوله تعالى: }أَدْعُو إِلَى اللَّهِ{. والبصيرة، وهي العلم؛ كما في قوله تعالى: }عَلَى بَصِيرَةٍ{. فالمخلص في فعله وكلمه يفتح الله له قلوب الخلق، وتوضع له المحبة والقبول، وتخرج كلماته من قلبه الناصح المخلص المشفق، فتقع من القلوب بمكان ويكون لها أثرها ونفعها بإذن ربها. قال صلى الله عليه وسلم: «إذا أحبَّ الله العبد نادى جبريل: إن الله تعالى يحب فلانًا فأحبه؛ فيحبه جبريل، فينادي جبريل في أهل السماء: إن الله تعالى يحب فلانًا فأحبوه؛ فيحبه أهل السماء، ثم يوضع له القبول في الأرض» متفق عليه. قال ابن الجلاء: «ما جلا أبي شيئًا قط، ولكنه كان يعظ فيقع كلامه في القلوب فسمي جلاء القلوب» نزهة الفضلاء (3/1148). قال حماد بن زيد: «سمعت أيوب يقول: كان الحسن يتكلم بكلام كأنَّه الدر» نزهة الفضلاء (2/561). وذكر عن القشيري الإمام الزاهد «أنه لو قرع الصخر بسوط تحذيره لذاب» نزهة الفضلاء (3/1407). 2- تأثر الواعظ بموعظته وتحمسه لها وحرصه على إيصالها إلى القلوب لا إلى الآذان فقط. وهذا يظهر في نبرات صوته، وتغير ملامح وجهه، وتكرار بعض الكلمات، وهذا يتضح في مواعظ سيد الوعاظ وإمامهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، قدوة الوعاظ على الإطلاق. عن جابر رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خطب وذكر الساعة اشتدَّ غضبه وعلا صوته واحمرَّت عيناه كأنه منذر جيش يقول صبَّحكم ومسَّاكم» مسلم. وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول: «أنذرتكم النار، أنذرتكم النار، أنذرتكم النار»، حتى لو أن رجلاً كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا، حتى وقعت خميصة كانت على عاتقه عند رجليه). الإمام أحمد والحاكم وقال: هذا حديث صحيح. عن جابر رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الوحي أو وعظ قلت نذير قوم أتاهم العذاب فإذا ذهب عنه ذلك رأيت أطلق الناس وجهًا وأكثرهم ضحكًا وأحسنهم بشرًا». الطبراني والبزار. ولذا أثرت مواعظ النبي صلى الله عليه وسلم في نفوس أصحابه ، فوجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، وقد قيل: ليست النائحة الثكلى كالمستأجرة. 3- أن يكون الواعظ سليم القلب من الرياء والفسق والحقد وحب الظهور والكبر وغيرها من الأمراض التي تعتري القلوب محبًّا للخير ناصحًا للخلق، همه في وعظه أن يتأثر السامع ليتوب إلى الله وينيب لا ليثني على الواعظ ويمدحه ويشكره. قال الله تعالى عن نوح عليه السلام في بيان نصحه لقومه: }أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ{ [الأعراف: 62]. وقال سبحانه عن صالح عليه السلام: }فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلَكِنْ لَا تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ{ [الأعراف: 79]. وقال الله ناهيًا نبيه محمدًا صلى الله عليه وسلم أن يهلك نفسه حزنًا وأسفًا على عدم إيمان قومه: }فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آَثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا{ [الكهف: 6]. قال صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة...» الحديث رواه مسلم. 4- اختيار الموضوع المناسب: إن اختيار الموضوع المناسب من أهم عناصر الموعظة بحيث يكون ذلك الموضوع مناسبًا للوقت والحالة والموعوظين. فعلى سبيل المثال الموعظة في أول شهر رمضان المبارك تختلف عنها في آخره، ففي أوله يحث الواعظ على اغتنام الشهر والمسارعة للطاعات، وفي آخره يحثهم على الاستقامة على الطاعة، وفي حال المصائب والأزمات تختلف الموعظة عنها حال الأفراح والمسرَّات. وموعظة الشباب تختلف عن موعظة كبار السن، وموعظة طلاب العلم تختلف عن موعظة العوام وموعظة ولاة الأمر وأصحاب السلطة تختلف عن موعظة عامة الناس. قال علي رضي الله عنه: «حدِّثوا الناس بما يعرفون، أتريدون أن يكذب الله ورسوله» البخاري. وقال ابن مسعود رضي الله عنه: «ما أنت محدِّثًا قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة» مسلم. وهذا موضوع طويل يحتاج إلى تتبع مواعظ السلف رحمهم الله وكيف كانت تختلف مواعظهم حسب الحالات والأشخاص والأزمان، ولذا نجد مواعظ نبينا صلى الله عليه وسلم ووصاياه تختلف من شخص إلى آخر، فيوصي شخصًا بقوله:«لا تغضب»البخاري. وآخر: «لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله» الترمذي. وثالثًا: «قل آمنت بالله ثم استقم...» مسلم. ورابعًا: ببر والديه: «ففيهما فجاهد» البخاري. وهكذا صلى الله عليه وسلم.
|
||||
2015-12-04, 08:53 | رقم المشاركة : 2 | |||
|
|
|||
2015-12-04, 09:02 | رقم المشاركة : 3 | |||
|
تنبيهات عامة: 1- إن كانت الموعظة في المسجد فلابد من استئذان إمام المسجد، وحبذا لو كان الاستئذان قبل الصلاة، فإن لم يكن فبعد الصلاة وقبل الشروع في الموعظة، فإن أذن فبها ونعمت، وإن رفض فلا تلح وتجادل فينزغ الشيطان بينكما وتكون الموعظة لحظ انتصار النفس ويحصل الخلاف بين جماعة المسجد من مؤيد للإمام في منعه وآخر مؤيد للواعظ في وعظه والخلاف شر كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ورفع الأصوات في بيوت الله لا يجوز، فعلى الواعظ أن يستجيب للإمام في منعه فهو المسؤول عن المسجد وأجر الواعظ قد تم ولله الحمد.2- التبكير إلى المسجد الذي ستلقى فيه الموعظة أمر مهم جدًّا؛ أولاً: لإدراك فضيلة التبكير، قال صلى الله عليه وسلم: «تقدموا فأتموا بين وليأتم بكم من بعدكم لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله» مسلم. ثانيًا: ليكون الواعظ في الصف الأول، بل في روضة المسجد حتى يكون قدوة لغيره ويستطيع أن يستأذن من الإمام، أما إذا جاء متأخرًا وكان في الصف الثاني أو الثالث ثم قام يتخطى الرقاب أو كان في أطراف الصف فأمر لا يليق بالواعظ والداعي إلى الله ناهيك إذا فاته ركعة من الصلاة فقد فاتته الموعظة مع ما فاته من فضيلة التبكير وإدراك أول الصلاة «بورك لأمتي في بكورها» صحيح الجامع الصغير برقم (2841). 3- ملاحظة الصوت، فإن كان الواعظ جهوري الصوت ومكبرات الصوت جيدة فليبعد اللاقط عن فمه ويخفض صوته قليلاً؛ لأنه إذا قرَّب اللاقط ورفع صوته أحدث ذلك صوتًا مزعجًا لكثير من السامعين الذين يتأذون بقوة الصوت وربما آذى جيران المسجد فلينتبه لذلك وليكن الصوت وسطًا وخير الأمور الوسط. أما ما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب وذكر الساعة اشتد غضبه وعلا صوته، ومر ذكر الحديث في فقرة (2) فلم يكن ثمة مكبرات وصوت الإنسان دون مكبر لا يزعج مهما علا. 4- كثرة الحركة بالأيدي ولمس اللحية أو تغيير هيئة الغترة ونحو ذلك من الحركات التي يفعلها بعض الوعاظ وربما حركات لا إرادية يفعلها أثناء الحماس في الموعظة فهذه لا تليق بالواعظ اللهم إلا إذا كانت حركة باليد فقط وحركة منضبطة مقصودة وتعبر عن معنى الموعظة، فهذه مما يزيد الموعظة تأثيرًا وهذا ما كان يفعله المصطفى صلى الله عليه وسلم، عن أبي موسى رضي الله عنه قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا». ثم شبك بين أصابعه). البخاري. وعن سهل رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: «بعثت أنا والساعة كهاتين» ويشير بأصبعيه فيمدهما. البخاري. 5- انظر إلى القوم أثناء الحديث، فإن رأيتهم ينظرون إليك بأبصارهم وينصتون إليك بأسماعهم فاستمر في الحديث دون إطالة، وإن رأيتهم ينظرون يمينًا وشمالاً وبدأ بعضهم بالقيام والبعض في الحديث بينهم فقف واختم حديثك ولا تملَّ الناس، وقد قيل: خير الخطباء ما سكت والناس يقولون: ليته يتكلم، وشرهم من تكلم والناس يقولون: ليته يسكت. فإن سكوت الواعظ والناس لا يزالون بشوق إلى كلامه فيجعل تأثرهم بالموعظة وشوقهم إلى المواعظ الأخرى أشد. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «حدِّث الناس ما حدجوك بأبصارهم وأذنوا لك بأسماعهم وإذا رأيت منهم فترة فأمسك». حدجوك بأبصارهم أي: لحظوك بأبصارهم. البيان والتبيين للجاحظ ص(104). 6- حاول إيضاح الكلام وعدم العجلة فيه؛ حتى يفهم عامة الناس، ولا بأس بإعادة بعض الكلمات مرتين أو ثلاثًا لأهميتها وتأثيرها على القلوب. تقول عائشة رضي الله عنها: «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد كسردكم، ولكنه كان يتلكم بكلام فصل، يحفظه من جلس إليه» رواه الترمذي في الشمائل المحمدية، وعن أنس رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثًا؛ حتى تفهم عنه، وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثًا» البخاري. وقد سبق ذكر حديث: «أنذرتكم النار، أنذرتكم النار، أنذرتكم النار» في فقرة (2). فقليل يفهم ويعقل خير من كثير ينسي بعضه بعضًا، وخير الكلام ما قل ودل. 7- اكتب عناصر الموعظة والنصوص الواردة فيها، ومصادرها ولو كنت ستلقيها ارتجالاً؛ لأن ذلك أحفظ لها في الرأس والقرطاس وتستطيع مراجعتها متى احتجت إلى إلقائها في مناسبة أخرى دون عناء البحث مرة أخرى. 8- ابتعد عن التعميم والمخاطبة بضمير المخاطب عندما تذكر من يرتكب الذنوب، كقول بعض الوعاظ: الناس يفعلون كذا وكذا. فهذا تعميم غير صحيح، فلو قال: بعض الناس. أو: إلا مَن رحم الله. وكذلك مَن يقول: «أنتم تفعلون كذا...». فكأنه جاء ليوبخهم لا ليعظهم، فالناس يشمئزون من هذا الخطاب، فلو قال: البعض يفعل. أو عم نفسه معهم. أو قال: نحن مقصرون في كذا إلا مَن رحم الله. فهذا أولى. ثم إن الإغراق في ذكر ما يفعل الناس من معاصي وسيئات فيه محذوران، الأول: تهوين المعاصي لدى بعض ضعيفي الإيمان، فإذا سمع الواعظ يذكر أن الناس وقعوا في الربا والزنا... فهذا يهون تلك المعاصي في قلبه وربما قال كما يقول البعض: «حشر مع الناس جنة»، ثم إنه مخالف لهدى النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول: «إذا قال الرجل: هلك الناس؛ فهو أهلكُهُم» مسلم(1) ثم لا ننسى أن نذكر الجانب المشرق والإيجابي الذي يحصل في المجتمع، فنشيد بأهل الخير والصلاح والاستقامة من الشباب والفتيات؛ حتى يكون ذلك قدوة لهم وحافزًا للاستقامة إذا علموا أن من بني جلدتهم ومن هم في سنهم واهتماماتهم ومع ذلك فهم مستقيمون، وفيه كذلك فتح باب التفاؤل وإبعاد التشاؤم الذي قد يخيم على بعض النفوس ويرى أن المجتمع قد فسد وربما فتَّ ذلك في عضده في الدعوة، بل ربما قصر في تربية أبنائه لتشاؤمه ويأسه من الإصلاح. 9- حسن الهيئة والمظهر له أثره خاصة في هذا العصر. قال صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر» فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا ونعله حسنة؟ قال:«إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق، وغمط الناس» مسلم. 10- الدعاء له أثره وهو سلاح المؤمن، فادع الله قبل الموعظة أن يرزقك الإخلاص وأن يشرح صدرك وييسر لك أمرك ويعينك على قول الحق واجتناب الباطل، وقد دعا موسى u لما أمره الله جل وعلا بالذهاب إلى فرعون، قال تعالى: }اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي{ [طه: 24 – 28]. وفي ختامها أن ينفع بها وأن يعيذك من فتنة القول والعمل، ولا تنس الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: «اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك وأنا أعلم، وأستغفرك لما لا أعلم» أحمد وأبو نعيم والقاسم البغوي. 11- أخي الواعظ: الناس بعد الموعظة بين موقفين: فمنهم من يأتي للسلام على الواعظ وشكره والثناء عليه وعلى موعظته. فاحذر الافتتان بهذا، وسل الله أن يجعلك خيرًا مما يظنون، ويغفر لك ما لا يعلمون، فما علموا منك إلا الوقوف في المحراب والوعظ، ما علموا ما أنت فيه من تقصير وذنوب وأنت أدرى بنفسك وأعلم بعيوبها وذنوبها، فلا يغرنك ما يقولون. والموقف الآخر: موقف الذهاب سريعًا بعد نهاية الموعظة، فلا سلام ولا شكر ولا ثناء، فإياك أن يؤثر هذا في نفسك، فما جئت للثناء والشكر، وإنما جئت واعظًا لا تريد جزاءً ولا شكورًا إلا من الله عز وجل وكفى أنهم استمعوا لموعظتك، وتذكر موقف نوح عليه السلام وهو يدعو قومه ويجعلون أصابعهم في آذانهم ويستغشون ثيابهم، ومع ذلك ما فتَّ في عضده، بل استمر في دعوته عليه السلام، واقرأ سورة نوح، ففيها الدروس والعظات والعِبر لكل داعٍ وواعظ، وقد قيل في الإخلاص: «أن يكون مادحه وذامّه في الحق سواء». 12- احذر من القول على الله بلا علم، كثير من الناس بعد نهاية الموعظة يأتي إلى الواعظ ويستفتيه، وكثير من الناس لا يفرق بين الواعظ والفقيه، فإن كان عندك علم فأجبه، وإلا فلا تستح أن تقول: لا أعلم، فقد قالتها الملائكة، وقالها النبي صلى الله عليه وسلم لما سأله جبريل عليه السلام عن الساعة «ما المسئول عنها بأعلم من السائل» مسلم. وقالها كبار العلماء، قال ابن وهب: «لو كتبنا عن مالك لا أدري، لملأنا الألواح» جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر. واعلم أُخيَّ أن القول على الله بلا علم قرين الشرك، قال تعالى: }قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ{ [الأعراف: 33]. * * * ([1]) لفظة «أهلكهم» يروى بفتح الكاف وضمها. النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير الجزري. جزء 5 ص233. |
|||
الكلمات الدلالية (Tags) |
آداب, الموعظة, الحسنة |
|
|
المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية
Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc