شعبوية أقلّ من 3 سنوات!
القرار المعلق من عرقوبه، أو المؤجل، إلى أن يثبت العكس، بشأن استيراد المركبات أقل من 3 سنوات، أثار الكثير من القيل والقال، واللغط و"الزلط"، وبين إعلان وزير التجارة، وتخوف الوكلاء، وضغط "لوبيات"، ثم نفي وزير الصناعة التراجع عن قرار العودة إلى العملية المتوقفة منذ عدّة سنوات، السؤال الواجب طرحه بكل براءة: ماذا سيستفيد الجزائريون من هذا الاستيراد، وماذا خسروا من تجميده؟
أغلب الخبراء الاقتصاديين فسّروا استئناف استيراد السيارات أقل من 3 سنوات، بوصايا وتوضيحات وحتى "ضغوط" منظمة التجارة العالمية، والبعض الآخر ربطها بالبحث من مخارج نجدة تبعا للضائقة المالية المنجرّة عن تراجع أسعار البترول، وهناك آخرون اعتبروها "شعبوية" هدفها امتصاص غضب المواطنين وتمرير الضرائب والزيادات الجديدة ضمن قانون المالية لسنة 2017!
كلّ هذه التحليلات والتفسيرات والتخمينات، قد يكون فيها جزء من الحقيقة، لكن غير المفهوم في المفهوم، هو لماذا يثير مثل هذا الموضوع كلّ هذه الضجة والتأويل والتهويل، ويوقظ حتى السياسيين من سباتهم، ويحوّل القضية إلى "قضية رأي عام"، رغم أن ظاهر الحكاية أنها ستكون في خدمة المواطن البسيط، وهذا طبعا التفكير الساذج!
لو كان البرلمان برلمانا فعلا، لفرض مناقشة هذا الموضوع، لأنه ليس ملفا "خطيرا" أو "محرجا" لا يُمكن للسادة النواب في أحزاب الموالاة أو المعارضة، أن يفككوه أو يدرسوه بكل موضوعية واحترافية، غير أن استقالة "مجلس الشعب" وتفضيل النواب "ضرب النح" أو التأخر في تفسير الماء بالماء، جعل مثل قضية "الأقل من 3 سنوات" شبيهة بالأفلام الممنوعة عن المتفرجين "الأقل من 18 سنة"!
لا أحد يُمكنه أن يغطي فرحة الأغلبية الساحقة والمسحوقة بعودة استيراد السيارات أقل من 3 سنوات، والغريب أن هذه المركبات التي كانت في نظر الحكومة في يوم من الأيام "خردة" ولا تستجيب للمعايير الدولية في السلامة المرورية، تحوّلت الآن بقدرة قادر إلى مركبات أحسن من المركبات الجديدة المسوّقة للزبون الجزائري بالجزائر!
مقاربة عجيبة، لكنها قد تكون صادقة هنا ومخطئة هناك، والمهمّ ليس الغرق في "الهدرة"، وإنما الأفيد الانتقال إلى مرحلة التنفيذ، إمّا بالعودة أو بالإبقاء نهائيا وإلى الأبد على الغلق، وفي كلتا الحالتين ينبغي التبرير بما يدخل العقل ووفق ما تسمح به المعطيات المالية والاقتصادية للمجموعة الوطنية، وبما يتماشى أيضا مع القدرة الشرائية ومحلّ المواطن من الإعراب في كلّ ذلك!