معالم الأمير عبدالقادر
قرية ( سيدي محي الدين ) أول من ذكرها بهذا الاسم هو الشيخ ابن عودة المزاري في كتابه ( طلوع سعد السعود في اخبار وهران ) الذي أصله كتاب ( دليل الحيران و أنيس السهران في أخبار مدينة وهران ) للمؤرخ محمد بن يوسف الزياني .
➖ وأيضا عرفت بمزارع عائلة الأمير عبد القادر لأن أجداده هم من خط المزرعة وعمرها وبنى بها مدرسة ، وكان القائم عليها وشيخها وإمامها هو السيد محي الدين والد الأمير عبد القادر .
➖ والمنطقة قبل ذلك كانت تعرف بـ( وادي الحمام ) ، نسبة للوادي الذي يمر بمزارع المنطقة وكان يعد من أكبر أنهار شمال إفريقيا كما ذكر ذلك المؤرخ ابن سحنون الراشدي ، ويلتقي هذا الواد بوادي هبرة ( المحمدية ) حاليا ، وهبرة هي قبيلة من أشهر قبائل العرب من قبائل المجاهر المنتشرة بين غليزان وسيڨ .
➖ أصبحت قرية ( سيدي محي الدين ) في الأزمنة المتأخرة تعرف بالقيطنة وأشتهرت عند الجزائريين بهذا الاسم .
مزارع قرية ( سيدي محي الدين ) تعد من أجود وأفضل المزارع في شمال إفريقيا كما ذكر ذلك المؤرخون وأهل الجغرافيا ، حتى ذكرت بأنها جنة شمال إفريقيا .
▪️قلت ( بن سلة ) : نعم ، صدق من وصفها بذلك لجودة مناخها ، وعذوبة مياهها ، وروعة مزارعها ، وما تمتلكه من الثروة من الغابات والثمار والحيوانات حتى ما فيها من أنواع الطيور قد لا تجده في منطقة غيرها .
ومن يكون متوجها إلى مدينة ( بوحنيفية ) وينظر إليها ويتأمل فيها ، فيخيل إليه أنها جنة معلقة في السماء ، وقلعة من قلاع الجزائر الشامخة .
❤️ نعم ، وبكل افتخار وشرف ، كانت ( سيدي محي الدين ) قلعة العلم الجزائرية في العهد العثماني ، حتى كان حكام الجزائر في ذلك العهد إذا أرادوا أن يترقى أحدهم في مناصب الدولة يبعثون به إلى مدرسة ( السيد محي الدين ) يتعلم السياسة الشرعية والفقه والحديث واللغة والقضاء
نعم ، تلامذتها هم جهابذة الجزائر ، وشيوخها هم أعلام الجزائر في التاريخ والفقه والحديث والقضاء والقيادة .
❤️ نعم ، ( سيدي محي الدين ) هي قلعة دولة الجزائر وحصنها المنيع ، ومنها تأسست الدولة الجزائرية الحديثة العربية بقيادة السلطان الأمير عبد القادر .
من هذه الأرض الزكية المباركة الطاهرة أرتفع التوحيد ، وعلت أصوات الجهاد .
😭 نأسف مما وصل إليه حال قلعة الجزائر ، وشموخ الإسلام ( سيدي محي الدين ) من النسيان ، أحرقتها فرنسا من ضمن مشروعها ( الأرضة المحروقة ) ، فمنذ ذلك الوقت لم يرتفع صوتها ، مع أنها عالية شامخة ، وقلعة لا تهز ❗
لقد أصابها الاستدمار الفرنسي المتمثل في تغييب الذاكرة الجزائرية ، وقصف كل معالم الجزائر التاريخية الإسلامية العربية ، فكل ما له صلة بالإسلام والعروبة تعمد من طرف أبناء المدرسة الفرنسية وممن تربى على أيديهم إلى دفنه ونسيانه .
وهكذا وقع لقلعة ( السيد محي الدين ) ، فأصبحت بعد إرجاع الجزائر لسيادتها ناسيا منسيا ، في خبر ( كان ) .
أضحت مجرد قرية معزولة ، يعرف جدرانها إلا فلذة كبدها من أبنائها ممن يعيش معها أيام تاريخها ، ويتقاسم معها أحزانها الحالية .
❤️ والله يا إخوتاه ، لولا جدي المجاهد ( عبد الكريم بن سلة ) ، وشيخي المربي ( عبد القادر بن بحر ) وبعض أفراد القرية من جيل الثورة - رحمهم الله - حافظوا على ( المدرسة القرآنية ) التي يعود أصلها إلى ( السيد محي الدين ) لأندثر أمر ( المدرسة ) ، وآثار الأمير عبد القادر في المنطقة .
مع كل النسيان الممنهج ، والتعمد في طمس آثار الأمير عبد القادر وتاريخه ومدرسته ولكن العائلة وشيخ العائلة حافظوا على ذلك التراث الغالي العزيز .
ولنا الشرف نحن عائلة ( بن سلة ) أننا درسنا في هذه المدرسة الأثرية ، والوحيد في المنطقة - فيما أعلم - بعد الاستقلال الذي ختم فيها حفظ كتاب الله تعالى هو أخي الشقيق ( محمد بن سلة ) على يد شيخنا ( عبد القادر بن بحر ) ، ولقد افتخرت المنطقة بهذا الإنجاز مما يدل على بقاء أثر الأمير عبد القادر ووالده السيد محي الدين ، وهذا الذي كان يطمح إليه جدي المجاهد ( عبد الكريم بن سلة ) ، فلم يمت حتى رأى ذلك التحقق بين يديه وفي حياته ، فقرت عينه بذلك واستبشر خيرا ، ورأى أنه قد أحيا تراث أجداده بهذا الإنجاز الذين نشأوا وتربوا في مزارع قرية ( سيدي محي الدين ) من العهود الأولى .
◼️ نأسف أنه لا يتذكر قرية ( سيدي محي الدين ) إلا بمهرجان الوعدة ( الزردة ) الشيطاني ، مع أن الإمام محي الدين وابنه السلطان الأمير عبد القادر كانا ممن يعاقب ويزجر على هذه الشطحات والخرافات ، فعلمهم وأعمالهم كانت مبنية على الكتاب والسنة وليس على الدروشة والبدع ، وطقوس فرنسا .
هناك بعض أفراد العائلة يسعى للحفاظ على تراث أجدادنا من الفرسية وإكرام الضيف ، وهذا طيب ومما تدعو إليه الشريعة الإسلامية ، ولكن الوعدة المتعارف عليها في هذا الوقت مما يخالف أصول أجدادنا ، وميراث أميرنا عبد القادر .
❤️ نحن نود ونأمل ونطمح أن تبنى مدرسة أثرية في منطقة ( السيد محي الدين ) بكل ما تحمل من معاني المدرسة الحديثة بمكتبتها ومرافقها ومسكنها ، وحضيرة الخيل للفرسية والتربية ، وتحيا معالم الأمير عبد القادر في الدين وفنون السياسة والحروب .
فهذه المنطقة لو كانت عند الشعوب الأخرى لتميزت عن غيرها في بناء المدارس والمعاهد ، وتكون معلما يربط الأجيال بأسلافهم وتاريخهم ، وتدل عليهم ، وتقام فيها الدورات والتربصات ، والله المستعان
الباحث الكاتب : بشير بن سلة الجزائري