امرأة فوق الرمال ......... - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > قسم الإبداع > قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية

قسم القصة ، الرّواية والمقامات الأدبية قسمٌ مُخصّصٌ لإبداعات الأعضاء في كتابة القصص والرّوايات والمقامات الأدبية.

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

امرأة فوق الرمال .........

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-03-20, 23:22   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
courpassion
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي امرأة فوق الرمال .........

هما ليلتان شبيهتان مؤلمتان خرجت منهما مكسورا .
ليلتان شبيهتان خرجت من إحداهما طفلا يتيما ومن الأخرى رجلا مقهورا
ليلتان طويلتان نستني في احداهما امرأة تنام في قبرها ونستني في الثانية امراة تلهو مع صديقها
ليلتان شبيهتان فقدت في احداهما عطفا وحنانا وفقدت في الأخرى أملا .
آه ..ليتك تحضرين امامي اللحظة لتحرقي نفسك بالنار..لا أخال جبلا يصمد لو رآني ولا أخال انسانا يحبس دمه قبل دمعه لو لمس حرقتي الان
فهل تلمسين حرقتي يا اعز الناس

*********
بعد مرور يوم واحد على كتابة هذه الرسالة أرسلتها إلى عائشة ..وقرأتها عائشة وأرسلت إلي تقول :
كذلك لا أدري ما أقول..
من كثرة دهشتي
وأنا بين نارين , هل أصدق أم أكذب؟
ربما أنا وسيلة لتفجير عبقريتك في الكتابة لا غير ؟
وإن كنت ؟ فهو أيضا شيء جميل
لكن هذا يؤثر في النفس قليلا ..
لست أدري أنا تائهة.
***
بعد يوم آخر أخبرتني أنها ستذهب في رحلة إلى البحر ..إلى مستغانم وبالضبط إلى شاطئ المرسى الصغير ..
لم نلتق بعد ذلك لأني نمت ليلتها بعد ثلاثة أيام قضيتها دون نوم تقريبا وحين استيقظت كانت هي قد رحلت وتركت لي رسالتين على النت ..
كان على أجفاني أن تبقى مفتوحة لبعض الوقت وعبثا تركت لها رسالة .
لا تنسي أن تهتفي الي لأني سأكون هناك
وفي ليلة التاسع والعشرين ركبت الحافلة المتجهة الى الغرب.
************************


الجزء الأول



الساعة السابعة صباحا ..بلدية سيدي لخضر على الرصيف قرب الضريح




شمس هذا الصباح حارقة ومزعجة وهي تداعب وجهي المقطب . ولن أحتاج لطول تفسير لأعلم أني السبب في هذا ,لمجيئي في هذا الوقت متأخراعن وقتي
المعتاد, كان من الأفضل أن أحجز غرفة في فندق واستريح قليلا من تعب السفر ليلا.
قال الولي الطاهر سيدي لخضر بن خلوف . .
لن تخذلك الشمس في يوم ما . لن تفعل صدقني . يمكن أن يباغتك الغيم أو الريح أو الرطوبة . أما جدول رحلات الشمس فهو دقيق بما يكفي لتنسى أمرها برمته.
المباغتون ألذ طعما في العادة . لكن لا يمكن الاعتماد عليهم في الحياة.
فقط أولئك المملون الذين لا يأتون بجديد هم من يمكن أن نعول عليهم لتستمر الحياة.
لن يخذلوك .. هذا سر أهميتهم وهو ذاته عيبهم الكبير..
قلت وقد غمرني بياض الضريح وهيبة المكان بشيء من التصوف:


-إن الشمس لن تحتاج للنظر المباشر لتتأكد من وجودها . عكس ذلك الباهت "القمر" . الذي لا بد أن تبحث عنه لتكتشف أنه موجود.
كنت أحسب أن كمية التفكير تعني بالضرورة أهمية الذي نفكر فيه...
ولكني اكتشفت أن ما نفكر فيه كثيرا هو الشيء الأكثر هامشية في حياتنا.
تماما مثل القمر..
قال الشيخ الجليل الراقد داخل الضريح الطاهر قريبا من النخلة العجيبة المائلة منذ اربعة قرون تماما كبرج بيزا العجيب:
لن تحتاج لتفكير طويل لتعلم أن شمسك لا زالت تشرق هناك . أيها الشاعر الباحث عن الشمس.-
كم شاعرا ذكيا كتب قصيدة في الشمس ؟ أعتقد أنه لا أحد . إلا من يهتم بالأشياء الأساسية في حياتنا .أولئك الباقون في الظل.
كم شاعرا أرعن كتب في القمر قصيدة ؟..كثيرون يا بني
هل كون الشمس كريمة و معطاءه للدرجة التي تدعو للصراخ تستحق أن نجازيها بالاهمال ؟

حدد أقمارك وشموسك في الحياة ثم أعط كل ذي حق حقه
....سكت الشيخ فجأة
بقيت في مكاني مسمرا أنظر إلى النخلة العجيبة ولكن...هل لقحت كما طلب الولي الصالح.
لقد قال قبل وفاته "لقحوا هذه النخلة وادفوننوني بجانبها"

أحس الآن أن كتابة قصة هو ضرب من الجنون الممنطق لا يسعني فيه إلا خلق الفكرة بتناقضاتها...
كم اشتقت أن أرسم بالحروف سحر هذا المكان الجليل...
تبا
لكني هنا من أجل امرأة ؟ ولكنها لا ترديني, فلم لا أدخل مقام الولي الطاهر؟
لماذا قلب عيشوش مغلق بهذا الإحكام العجيب؟
نطق شيء ما من ورائي ولم يكن بشرا:
- قلب المرأة كناموس الكون؟
وأنت مخلوق ليلي

عندما تكون مخلوقا ليليا عليك أن تعي أن الشمس لن تأتي . فلست بتلك الأهمية حتى يتغير ناموس الكون من أجلك.
كأنما أسمع عيشوش تتكلم ..لا لكنه ليس صوت بشر . .
قناعة مثل هذه كفيلة بأن تريح أكثر القلوب قهرا.

وأردف الصوت:
يمكنك أن تتمتع بمنظر قمر جيد التدوير . أما مسألة الدفء فليس لها أهمية فالحر شديد هنا .
نظرت من حولي فلم أر سوى رجل بثياب بيضاء ويبدو أنه خادم الولي الطاهر ..ولكن من أين له بهذا الكلام الدقيق؟ وهل يقدر وهو من البشر أن يتكلم بصوت غير بشري؟
ولماذا يريدني أن أبحث عن امرأة أخرى؟
*****************************


الثامنة صباحا ..أمام ضريح الولي الصالح ..على الطريق الى الشاطئ.

.. ولا زال خافق الصدر يسير في نفس الاتجاه الذي أخبرته به عند بدء الرحلة .
بدأت جموع المصطافين تمر بالمكان وليس بعيدا ينام شاطئ الميناء الصغير ..ومرت امرأة بجانبي تتمايل كالطاووس.
الطواويس لا تفتخر بأذيالها . هي فقط تفردها وحسب . كنت أظن أني على علم بهذا , فتأويلاتي أحالت كل ذلك الصمت مجرد سباب بلا كلمات
لكن هذه المرأة لا تفرد ذيلها فقط إنها تتمايل في غنج ..لم يكن لها قوام الغزال الصغير ولم تكن شقراء فلم الاهتمام .؟
وعيشوش لن تأتي وحدها فقد يرافقها جمع غفير من الأهل والمعجبين .

صحيح أن الأمور لم تعد كما كانت . أنا نفسي لم أعد كما كنت
وهذا لا يعني أي تحسن في الأشياء المعطوبة التي مرت
هي فقط محاولات لقتل الغباء في داخلي
الغباء "سمة العاشقين " ، ما يسوء فعلا هو تقبله على أنه مجرد غباء..إنه غباء شريف
ليس في الأمر حيلة ما
ما كان مني هذه المرة . ليس سيئا ، ولكني لن أنفي هذا الشرف عني
لأتكلم للمرة الأخيرة . وهنا هي الأخيرة فعلا
لأن النفس هدأت تماما كما ينبغي لها أن تفعل . ولا أدري هل عيشوش يسعدها هذا أم لا؟
--لا أستطيع منع وجهي من الابتسام هذه اللحظة . كما لو كان ثمة انتصار ما!؟
لنقل أنه شيء يشبه انتصار منتحر تمكن من نفسه أخيرا
**
لا أرى سوى النخلة المائلة العجيبة المثبثة بعمود ... وتلك القبور الفاخرة المثناثرة حول الضريح
كأني سأقع في الزهد أنا القادم من أجل عيشوش ؟

يطيب لي هذا التصور هنا أمام هذا الضريح العجيب كيف لم أزره في العام الماضي فقد كانت معي مصورة بارعة
لكن هل سأبقى أتفرج من الخارج ..ماذا لو دخلت ؟
لو دخلت ما كنت سأرى عيشوش لذلك سأبقى هنا فليس لها من سبيل اخر للوصول الى الشاطئ
ولأني لو دخلت فستتملكني رغبتي الطفولية في الزهد والتصوف كالولي الصالح, وأنسى ما جئت من أجله

رغم أني أعلم أن هذا لن يطيب لي فأنا هنا من أجل عيون عيشوش وصدر عيشوش وصوت عيشوش كمن يبحث عن صدر أمه وصوتها وعيونها..
يسرني أني أصبحت بشكل أو بأخر إنسان يتوقع الغباء داخله قبل أن يقع ، ويتحرك قبل وقوع الكارثة ، بعملية إخلاء إن كان لا يستطيع أن يمنع وقوع بعض حماقات من وقت لآخر
تمر امراة من أمامي عارية الذراعين خجلت لأني أحمل مسبحة في يدي أمام الضريح الطاهر.
لم أكن أظن أن منظر "مسبحتي" سيثير كل هذا الحنق داخلها .
أكان من اللازم أن أتغير بشكل غير نمطي ؟ ماذا لو فعلت مثل هؤلاء القوم وتعريت , ولكن هل سيرضى عني الولي الصالح؟

بت أعي تماما كم هي المخلوقات التي تحمل في جيوبها "السُبح".. لكنها تسبح بحمد امرأة
وقاطعني صوت يدوي في داخلي : لا غرابة ..لم لا تكون أكثر تحضرا ..وتسبح مثل اليونانيين بحمد عشتروت
فعيشوش أجمل لأن عيشوش شقراء
لبست النظارات السوداء فهي تخفي العيون لكنها تكشف زيف القلوب تكشف خنوعا يطوق كل شيء كل شيء هنا
عيشوش كانت تعترض دوما على ذلك..فهي لا تحب النظارات السوداء.
ولكن لماذا تلبس عيشوش نظارات سوداء وفي عيونها تتماوج خضرة الربيع وزرقة البحر ؟
.
حسنا.. اليوم بالذات أنا مشحون بنشوة النظر للخلف . وأتمنى السعادة لكل الذين يلبسون مثلي نظارات سوداء , لا ضغينة
ولكن لماذا لا يلبسون ثيابا ملونة مثل عيشوش ؟
***
خبز الدار خبز الدار..صاح صبي من ورائي ..كان يبدو في العاشرة ..اغتصبوا طفولته مبكرا
لماذا لا يكون مثل اقرانه الذين يلهون في جنة موريتي؟
للحظة تصورت ان ولدي يبيع خبز الدار ..خبز العار ..قلت له: كم عندك ؟قال خمس قطع
كان علي أنقذ ولدي من لفح الشمس وتحرش المصطافين والشواذ وابتعت منه الخبز كله
وقفت امرأة فجأة بحانبي .. قالت: بكم الواحدة؟ ..أعطيتها الخمسة ..قبل أن أندم فيما بعد
تركتها واقفة وانصرفت انظر يمينا الى تلك القبور المتناثرة حول قبة الولي الصالح
رأيت امرأة تخرج من هناك تلبس نظارات بنية ..قد تكون عيشوش غيرت رأيها في ارتداء النظارات الغامقة ..كانت تتمتم بكلمات بينها وبين نفسها
أكانت تدعو لأحد أو تدعو على أحد؟
عيشوش لا تحبني لكنها لا تكرهني ..فكرت في أنها تدعو لي أن يهدني الله وأكف عن الهيام بها عشقا.
ولكن لماذا أنا هنا الان؟
ولماذا عشقت هذا المكان؟
ربما لأنه مكان يشي بالايمان وأنا أحمل نعش حبي على كتفي وليس في الحياة أجمل من نعش حب بأرض الايمان
فكرت أن أفضل مكان لدفنه هو هذا المكان الطاهر لكن هل يقبل الولي الصالح ..
-الولي الصالح لا يقبل هزني صوته المحفور في ذاكرتي منذالصباح.
-وقبل ان اتكلم اضاف - لأنك تلبس نظارات سوداء
لكني صرت أخشى كشف عيوني -
قالت عيشوش يوما أنها لا ترى فيهما براءة.. فقط حزنا
هل كانت تنظر اليهما بعين مجردة أم بعين الأنثى الرافضة لبراءتي وبراءة عيوني؟
ونزعت النظارات
لم يظهر على الشيخ تأثر, لم ير في عيني حمرة الليالي التي يخلفها السهر الدائم ودموعي التي سكبتها في ذكرى رحيل أمي.
وسالني الشيخ الجليل نعش من هذا ؟
قلت- هذا نعش حبي
-- ومن بداخله ؟
قلت - حبي .
لم يتكلم الشيخ وصمت طويلا كأنه يرى عيشوش مثلي في مكان ما تلهو مع أبنائها
- كنت أراها من وراء حجاب يا شيخي الجليل ..قلت ونظرت الى الخلف
الى حيث النقطة البعيدة المجهولة
الانبياء يكلمهم الله من وراء حجاب .كنت أرى عيشوش من خلف حجاب شبيه بهذا
ههههههههه ضحكت وقلت للشيخ هل هذا نوع من الكفر أيها الولي الصالح؟
وسكت الولي الصالح وسكت كل شيء من حولنا
لكن عيشوش لم تصدق ذلك ظنت أني أسترق السمع والنظر مثلما تفعل الشياطين
لأنها لا تؤمن بقوى العقل الخفية, ومثل جميع الناس تخاف الميتافيزيقيات الرعناء ..مثلما تخاف من أشباح ليلة شتائية ممطرة.
وقد يكون هذا سببا وجيها لرفض وجودي في لياليها
- ولذلك أغلقت النافذة الوحيدة بينكما قال الشيخ وقد بدا مدركا للموقف
- ولاني وصفت لها ذات ليلة كيف تجلس وما تفعل وخافت عيشوش ايها الولي الصالح
وظنت أني لص سافل يفضح سترها من خلف ستار فقررت اغلاق النافذة
ولأنها لن تصدق على كل حال أني نبي
ونظر الي الولي الصالح مبتسما : لو صدقت أنك نبي لما أغلقت النافذة
- قالت لي لا نبي بعد الحبيب المصطفى كمن يرمي شخصا بالكفر ولم تفكر في النبوة المعنوية ..
عبس الشيخ فجأة ثم قال : لا أحد يصدق هذا يا ولدي فلا تلم عيشوش
-هل تنام هنيئا هنا ايها الولي؟.. قلت وقد نظرت الى اسفل حيث الزحام الشديد
لعنت نفسي الف مرة حين رأيت دموع الشيخ تنهمر على خديه ولحيته البيضاء
ثم انصرف في هدوء وهو يتمتم بكلمات..
كان علي أن أعتذر...
على اعتبار أنه من الممكن أن يسبب سؤالي ألما في في نفس الشيخ فالأموات كذلك يتألمون . لكن الشيخ اختفى في ضريحه الأبيض
لم تظهر عيشوش بعد وفكرت في أن يكون اشتغالي بالشيخ جعلني أغفل قليلا فقد تكون مرت من أمامي

**********************************
شاطئ الميناء الصغير التاسعة صباحا.

نزلت الى الشاطئ تاركا خلفي ذلك المكان الجميل ذي البناء الملون بالابيض والاخضر والمغلف من الاسفل ببلاط مزركش وجميل
. ليس للعراة من حيلة سوى ستر الأهم فقط . ياااااه .. ما أكثر عوراتي
معضلتي أني لا أملك سوى زوج من اليدين
لكن الناس هنا لا يستعملون حتى أيديهم ..إنهم يكتفون بقطع قماش حريرية تخفي عوراتهم الصغيرة أما الكبيرة فلا تخدش كبرياءهم وحياءهم وقدسية أجسادهم..
هي الوسيلة الأكثر ضمانا لزيادة الإثارة
عيشوش كانت تثيرني بطريقة أخرى أكثر اجراما ..كانت تخفي عورتها الكبيرة كذلك
عيشوش كانت ناعمة ..شديدة النعومة
كانت تمسك يدي في تحد غريب وتضعها على أكثر الأماكن نعومة على جسدها..
على فخذها وساقها وثدييها الصغيرين وكنت أنا أستمتع بذلك
ولكن هل استمتعت عيشوش بملمس جسدي..
وكانت تملأ قبضتها منه ..قبل أن توقظني من أحلامي بكل قسوة
كم هي حزينة وجميلة تلك اللحظات التي تفصل بين الحلم واليقظة ..
حين تحس أنك أنهيت أحلامك دون أن تملأ نفسك منها .
لكني الان لست بصدد التفكير في هذا ..
علي فقط أن أستمر في البحث
فعيشوش هنا تخفي عورتها الصغيرة.




*****

يستميلني الطرب و الغناء على وتر مبحوح أجتر معه كل جرح أنا من صنعه داخلي
..وستسأل عنها موج البحر وتسأل فيروز الشطآن .
الان فقط تتجلى معاني الأغنية الحزينة ..ولكن اصوات اغاني الراي تخنق صوت العندليب الأجش ..لماذا لا يكتفون ببيع القهوة والمثلجات ويبيعون لنا هذا الضجيج أيضا؟
لم يعد دور النجم يغريه فاختار الموت في لندن
لم يرض ذلك حشود المعجبين فانتحرت فتاتان..
لماذا لا أجرب هذا وأختار الموت هنا ..
ولكن هل ستنتحر عيشوش ؟وهل سيبكي المعجبون بشعرك؟
لن يبكي عليك سوى هذا الولي الصالح لانه يعرف قصتك
ويعرف أنك نبي ..
وعيشوش لم تحبك في دور الشاعر لقد أحبتك أكثر في دور المتفرج..لتحمل وزر موت صديق البطل في نهاية الفلم.
لأن البطل لا يموت

عند هذه النقطة بالذات . قررت أن لا يكون لي أي دور في كتابة أي سيناريوهات قادمة ، لتلك القائمة الطويلة من الحمقى . والذين يكتبون نهاياتهم بأيدي الآخرين
نحن نكره الأشياء لنفس السبب الذي نحبها من أجله..
هل كانت عيشوش ستنفر منك لو اكتفيت بدور الشاعر ؟
ولو بقيت متفرجا فقط حتى لو حجبت عن عينيك خشبة المسرح..
وفقط عليك أن تصفق من حين إلى حين حين تشتعل الأضواء وتظهر عيشوش..لأن عيشوش هي البطل
ولا يهم بعدها تفاصيل العرض.
وضحك البحر حتى فاض زبده
كثيرا ما سمعت عن شعراء يعشقون بطلات الأفلام..فهل سمعت يوما عن بطلة عشقت شاعرا؟
لم يكن بمقدوري أن أعترض فقد أحتاج إليه ليخبرني عن ملمس عيشوش حين تلمس مياهه بشرتها الناعمة..
أحس أنني لم أعد حقيقيا كما يجب . لم تعد لي القدرة على ذلك
لم أصبح خياليا أيضا . أنا شيء غير حقيقي فقط

إن "ما أبحث عنه " ليس تماما هو المطلوب . أصدقك القول ، لم يعد هناك من ذلك "الذي أريد" جراء هذا الزحام؟

هو باحث عن امرأة فوق الرمال الناعمة . هذا هو أنا ببساطة
لن أقحمك فيما لا تفهم . أنا فقط أحاول أن أجبرك على عدم الاستفسار
يكفي أن الكفة متراجحة . أو هذا ما يطيب لي ظنه
لا تخف يا صديقي قال البحر..وسأمسح عنها الأصباغ الصناعية ..كي لا تغريك أكثر
نسي أن عيشوش ملونة بالفطرة ..ولا تضع الماكياج.
أغضبت الولي الصالح وسأغضب البحر ..ولن يكون لي رفيق اخر يرافقني في البحث عن عيشوش ..
كل شيء يملني ويمل من أسئلتي التافهة
لكن البحر لا يغضب في الليالي المظلمة ..البحر فقط يغضبه القمر حين يكتمل ضياؤه
وكثيرون لا يعرفون العلاقة الفيزيائية بين ضوء القمر وهياج البحر
كما لا يعرفون العلاقة بيني وبين عيشوش..

************

لم أعد أهدهد نفسي فوق السرير الأثيري ولم يعد هناك شيء أخاف منه أو أرغب فيه . ولم أتمكن من الوفاء بوعدي بأني لن أزعجها أبدا."
فقد أصبح الأمر بالنسبة لي عبارة عن التهام الأحزان السابقة كلها منذ ولادتي في سحرها الفتاك
أنه متنفس منطقي لكل شيء يحن للبكاء ولكل طفل فقد أمه وهو في الرابعة عشر.
هذا هو الأمر على ما أظن
لكن لازلت أعتقد يقينا أن عيشوش اختصار شفاف للمرأة في وطني ,والأمر هنا موضوعي و بلا عواطف
علي أن أعترف أن عيشوش تثير رجولتي أيضا وتكسبني سنتمترات زائدة عن العادة..ولكن هل تثيرني لدرجة التصوف.

علي أن أطمئن إذن لأني لن أصاب بالبرود الجنسي حين أحتضن جسدها الصغير كما يحدث لمن يحتضن أمه.
لقد اكتفيت بالنصاب الطبيعي من الأمهات . لم يعد لي قدرة على أن أتحمل أي حنين آخر لأم ماتت وانتهت
ولأني لا اريد لعقدة أوديب أن تفسد حياتي أيضا
ولكن هل ستتدفق مياه عيشوش وتشعر بوخز في نهديها بعد أن تدفق في اعماقها نحوي حنو الأم وشعرت بوخز الرحمة.
تذكرت أني لم آكل شيئا منذ يومين وأن بعض الطعام يساعدني في مواصلة السير بين هذه الأجساد المتحركة والمستلقية..تذكرت خبزات الدار الخمسة وتلك المرأة التي حصلت عليها دون مقابل ..
النساء دوما يحصلن على أكثر مما يردن إلا عيشوش
لماذا كانت عيشوش هي الاستثناء الوحيد في كل شيء؟
وحتى في حياتي.

ذهبت لبائع الدجاج وقلت له دجاجة من فضلك
ولتكن "باهية"
قال لي مازحا .."وهران"؟
قلت وأنا ألتقط الإشارة :
-الدجاجة.

ابتسم البائع في لطف وقال: ستمائة دينار


قلت له "حلو" وأنا أبتسم
لقد فهمني هذه المرة . وقال متبسما :عسل؟
قلت :نعم ،"حلو""

كل ما في الأمر أني سابقا لم أوصلها له كما يجب
بالمناسبة أصبح صديقي منذ تلك اللحظة
ولأول مرة منذ الصباح صار لي صديق من البشر على اعتبار ان الشيخ ولي طاهر
وراقتني الفكرة فعيشوش قد تمر من هنا لتشتري دجاجة.
-لا تبدو من هنا قال البائع وهو ينظر بعيدا إلى البحر .
قلتك: نعم فأنا من هناك.
لم يعلق لكنه ابتسم ثم سألني -من الشرق؟
نعم ومن "جيجل" بالتحديد
-شواطئكم جميلة جدا...و..
كان يريد أن يسألني على استحياء عن سبب وجودي هنا .
لأنه لا يعلم أن عيشوش من هنا.
لم أتكلم فقط وضعت فخذ الدجاجة في فمي أنظر إلى البحر ودون أن أقطع منه شيئا مثل الذي يمصص نهدا صغيرا كنهد عيشوش .
وظل صديقي الجديد ينظر إلي بامعان ..بدا له الأمر جديرا بالمتابعة وكان يبدو أنه فضولي .
دخلت فتاة جميلة اشترت دجاجة وانصرفت ..لاحظت أنه يتابع مؤخرتها الكبيرة بنهم بالغ..ارتبك قليلا ثم قال-الفتيات جميلات جدا هنا
-هن جميلات في كل مكان ..قلت وقطعت باسناني قطعة من فخذ الدجاجة
اقترب مني البائع ووضع كرسيا قبالتي ..الزبائن قليلون في هذا الوقت .قال وهو يبرر سبب ركونه الى طاولة زبون يعبث بدجاجة.
لاحظت عن قرب أنه ملون مثل عيشوش ..وهذا يبرر رغبته في الوصول الى الحقيقة
الأشخاص الملونون في العادة نفوسهم صافية وهم في الغالب ودودون لكنهم يجبرون من يحبهم على الشعور بالغباء تماما كما حصل لي انا مع عيشوش.
المتدينون يصفونهم بالخبث ايمانا بحديث ضعيف نسبوه الى الرسول الكريم.
قال لي في مرح-هل معك رفيقة؟
قلت :نعم .. يفترض أنها على الشاطئ الان ..
- يفترض؟؟ قال مبديا استغرابه جوابي المقتضب ..
كنت أهم بالقيام وانا امسح يدي بمنديل ورقي .
- نعم يفترض أنها على هذا الشاطئ الان..أو في مكان ما قريب من هنا..تبا لهذا الهاتف اللعين الذي لا يرن.

*****************************************

الساعة الحادية عشر..داخل الضريح

أسلمت روحي لوهم التلاقي هنا بين هذه القبور المتهالكة ..ولا يزال الحفار ينتظر صدور الأمر بالدفن وبين يديه فأس قاسية
وأمامه نعش صغير ..و حب كبير
والولي الصالح يرحب بالزائرين
كم من الناس من يعرف هذا الرجل الطاهر ؟
وهل تعرفه عيشوش ؟
سيدي لخضر كان هنا منذ أكثر من أربعة قرون وبالضبط منذ القرن السادس عشر وكان من أكبر شعراء الصوفية اسمه بالكامل سيدي لخضر بن عبد الله بن خلوف والذي كان أميرا لدولة المرابطين في منطقة الظهرة .
قضى شبابه في قبيلة "أزافرييا" قبل ان ينتقل مع والده الى "مازاغران" قريبا من مستغانم.
انتقل الولي الصالح الى تلمسان ليتعلم على يد العالم الجليل "سيدي بومدين" ولتصفية الروح وتكريسها للعبادة..
من العبث أن نعتبر الصوفية فكرا...فالصوفية عمل .. وسيدي لخضر كان صوفيا مجتهدا ..
ولكن هل عشق يوما امرأة ؟ مثلما عشقت أنا عيشوش.
وكما لو كان يسمعني قال والبسمة على شفتيه:لم نكن نرى نساء يا ولدي .لأن النساء كن كعيشوش لا يأتين إلا في ساعة متأخرة من الذكرى.
؟!أو لا يأتين أبدا
للحظة توجست أن هذا الشيخ يعرف عيشوش بالحسية الكاملة ..فعيشوش على الغالب أتت إلى هذا المكان الجليل ولو مرة لتطلب شيئا ما مثلما تفعل النساء .
خطر ببالي أن أستدرج الشيخ لاتخلص من معرفتي المطلقة لتلك المرأة الملونة معتقدا أن ذلك سيساعدني في العثور عليها هناك على الشاطئ.
سالت الشيخ : هل تعرف عيشوش أيها الولي الصالح؟
- نعم يا ولدي فكل من يدخل هنا يسكب قصة حياته في صمت ..الناس هنا ياتون لبث حقائق نفوسهم ولذلك فهم لا يكذبون.
يتلخص تاريخ حياة عيشوش في أنها نشأت في أسرة محافظة ،كان أبوها رجلا مستقيما أفنى حياته في تربية أولاده وكانت أمها ربة بيت ممتازة تعد بناتها لتصبحن ربات بيوت وزوجات صالحات ..
عيشوش كانت بنتا جميلة ..شقراء ذات عيون تتعانق فيها الزرقة والخضرة ..وجسم صغير ينبض بالحياة ..كان لديها احساس قوي تجاه ما يحيط بها ..احساس يميز بين الجيد والسيء بين القبيح والجميل .
وأقوى احساس كانت تملكه كان احساسها بجمالها.
عيشوش كانت تعلم تماما مدى جمالها كالقائد العسكري يعلم تماما قدرة أسلحته ومداها..
احساس لم تكن تحسه من عيون الأخريات أو من نظرات الرجال الهائجة أو غيرة أستاذها الغبي..ولا حتى من مرآتها , بل تعلم به ولو لم يخبرها عنه أحد ولو كانت وحيدة في الصحراء أو منفية في جزيرة.
هو احساسها الأقوى الذي يصرخ في نفسها ولو بقي العالم كله صامتا من حولها.
وكان لعيشوش زميل ..يكتب فيها شعرا يبثه عبر رسائله اليها ..وكانت عيشوش تطرب لذلك ..ولعلها ارادت ان تدخل التاريخ مثل كل الجميلات .
لأن التاريخ لا تدخله الا الجميلات فما علمنا أن كليوباترا افتقرت الى الجمال يوما ولا سمعنا ان ليلى الأخيلية كانت قبيحة ..فكيف وعيشوش هي الأجمل ..لأن عيشوش ملونة.
وأحبت عيشوش زميلها في صمت كذلك والمرأة اذا احبت تكلمت قليلا وعملت كثيرا ..ولم يكن لعيشوش أن تعمل الكثير بحكم تربيتها ومجتمعها الصغير ومراقبة أمها الصارمة ..لذلك كانت تأخذ تلك الوردة وتنثر وريقاتها متسائلة : يحبني لا يحبني؟ أو كما كانوا يفعلون.
إن الحب يهبط على المرأة في لحظة سكون ، مملوءة بالشك والإعجاب..وعيشوش كانت مملوءة بالشك والاعجاب ..ولذلك لم تظفر بحبيبها وانتهت القصة حين انقطعت عن الدراسة.
وتزوجت عيشوش من رجل اسمه "محمد".. وربما كان زوجا مثاليا فهو لا يسكر ولا يعربد وينفق أمواله عليها ..ماذا تريد أكثر من ذلك ؟ ما الذي يخيفها ؟ ان حياتها آمنة تماما خالية من الحوادث والمفاجآت خالية من التحديات والصعوبات خالية من التفكير في شيء يحدث لأن لا شيء يحدث ..لأن شيئا لن يحدث لأن حياتها خاوية ,كعدم الحياة كالموت تماما.
ومع هذا كانت تعشق زوجها عشقا كبيرا ..ربما لأنه الرجل الاول في حياتها فعيشوش لم يسبق وان عرفت جنسا سوى مع زوجها .وربما كانت في طفولتها تعتقد ان الحمل يتم بالمصافحة باليد المجردة .
كان زوجها مصابا بالقذف السريع مثل كثير من الرجال الذين لا يعرفون مكامن المرأة و أسرارها الجنسية وربما كان يعتقد أن مجرد قذف سائله المنوي في رحمها يعني وصولها للذروة هي كذلك ..
جسد المرأة معبدها الخاص عالمها الذي لا تحب أن يقتحمه أحد إلا بارادتها ..لا تمنحه الا لمن يعرف الطريق الى قلبها اولا ,فالقلب عندها هو المعبر هو السلطة الأعلى التي تصدر تأشيرات الدخول الى جنتها .
القليل من الرجال من يفهمون فك رموز هذه اللغة واختراق تلك السلطة ويجيدون فن التعامل مع تلك الشفرة التي حيرتهم منذ أبيهم آدم لذلك تزداد تلك المفردات تعقيدا من يوم لاخر .
وعيشوش تعيش في مجتمع تعتبر فيه فحولة الرجل رمزا لرجولته والقوة الجنسية رمزا للكرامة ,تعامل فيه المرأة ككائن لا كيان له ..مجرد جارية في بلاط ذكورتهم وكأن المرأة لا يهمها منهم سوى قدرتهم على ملء بطنها بقضبانهم وسوائلهم وليس قدرتهم على اشباع حاجتها للحنان ورغبتها في الدفء وافتقادها للأمان .
البعض من الرجال مازالوا يعتبرون أن من حقهم أن يقتحموا جسد المرأة في أي وقت باسم الأعراف والدين وبأي شكل حسب رغبتهم ووفقا لقوانينهم الخاصة ودون أدنى اعتبار لمشاعر الحبيبة أو الصديقة أو الزوجة ..فقد اختزلوا كل تلك المعاني في رغبتهم في ممارسة الجنس مهما كان الثمن. ولهذا فمن الطبيعي أن تفشل الكثير من العلاقات الجنسية والعائلية والعاطفية بعد أول معاشرة .
لكن عيشوش امرأة طيبة هادئة لم يكن من الممكن لها بعد التربية التي تربتها أن تكون امرأة عنيدة رافضة أو ثائرة على الأوضاع في حياتها.
ولم تكن تفهم سر تلك التقلصات المخنوقة في رحمها بعد كل مجامعة لزوجها..وكانت تستسلم لأحلامها في أحضان زوجها نفسه لتحصل على الحب التي تريد والحنان الذي تريد والمتعة التي تريد ..عيشوش ليست بزوجة خائنة حتى في أحلامها.
لكنها كانت تشعر بعصاب ينتابها ولم تعلم أنها لو ثارث ورفضت لتخلصت منه ..لكن تربيتها الصارمة المغلفة من الخارج بقشرة من الحب خدعت عيشوش و أوهمتها أن كل شيء على مايرام و أنه ليس هناك سبب يجعلها تثور ..
ومضت السنين على هذا النحو ولم تفق عيشوش ولم تكتشف الحقيقة المرة , أنها فقدت نفسها و أنها ماتت , وهي على قيد الحياة .إن الحياة القاسية الصعبة الواضحة القسوة أفضل بكثير من هذه الحياة لأن المرء يجد الكثير من الأسباب الواضحة كي يثور وينقذ نفسه من قبل ان يحدث الموت.
ولكن هناك نور أحمر قد أضاء في يوم ما أمام عيني عيشوش ..
فقد كان لزوجها أخ أصغر تزوج امرأة أكبر منه سنا لكنها على العكس تماما من عيشوش خبرت الحياة وعرفت خباياها
وكانت تلك المرأة من النوع الذي ينشر أسرار العلاقات الحميمية في حياته .ولا تخجل حتى من ذكر مقاسات زوجها التفصيلية و طريقة جماعه لها وحتى عدد المرات التي تصل فيها الى الذروة.
وكانت تسأل عيشوش لكن عيشوش دوما لا تجيب لنفس الأسباب التي جعلتها لا تثور على أوجاعها وألامها الجسدية والنفسية .
ولأول مرة عرفت عيشوش أن للمرأة شهوة مستقلة بذاتها عن شهوة زوجها و أن ما كانت تفعله طيلة سنوات زواجها هو تقبل نطافه في رحمها ليس أكثر .
وهنا بدأت عيشوش تثور بدأت تحس بالخطر الذي داهم حياتها بدأت تبحث عن لحظة الانعتاق ولكن شيئا اخر كان يكبح جماحها , إنهم أطفالها الثلاثة ..الذين ولودوا من عمق مأساتها قبل أن يولدوا من رحمها. وعيشوش تحب أطفالها كثيرا وأطفالها يحبونها كثيرا لكنهم يحبون أباهم أكثر ..
وقرر زوجها الهجرة الى اوروبا .. وفاضت كأس عيشوش ..فطلبت الطلاق و أصرت عليه ووافقها زوجها برغم رغبته في الاحتفاظ بها للعناية بالاطفال لانه لم يكن يحبها يوما ..
وافق على الطلاق بعد أن عاهدته على أن يبقى سرا بينهما ..ما يضمن أنها لن تحاول الزواج ثانية أو حتى تعويض سنين حرمانها معه..
وهاجر محمد وبقيت عيشوش تربي أطفالها .
و أحست برغم ألمها بنوع من الفرحة الخفية وشعرت لأول مرة بحريتها ,ولأنها ذات إرادة قررت أن تخرج و تتعلم وتعمل .
ووانتسبت إلى معهد لتكوين الممرضات وتعرفت على صديقات أصغر منها سنا لكنهن أكثر منها خبرة و أكثر إلماما بأسرار العلاقات الجنسية وتفاصيلها..
كانت عيشوش تستلذ تلك الأحاديث وتتظاهر بالمعرفة لكنها تحمل في قرارة نفسها شعورا عميقا بالاهانة والحنق على كل شيء مر في حياتها ..
على تربية مغلقة وحبيب تخلى وزوج أناني قتل فيها كل مشاعر الأنثى.
وعلى الأنترنت ابتدأت عيشوش حياة أخرى حياة مليئة بالناس والصور والأغاني ..وكل شيء حرمت منه في حياتها ..كانت كالتي تنتقم من الصمت الذي عاشته مع زوجها ,كمن تريد أن تثبث لنفسها أنها تستطيع أن تتكلم و أن تناقش وأن تحاور ..وبدأت تستكشف أشياء أخرى وتدخل على المواقع الاباحية لترى جنسا آخر حدثثها عنه رفيقاتها , لكن فطرتها السليمة سرعان ما كشفت لها أن هذا ليس جنسا وأنه تعذيب في قالب سينمائي صرف وهنا امتنعت عيشوش وربما اطمأنت الى انها لم تخسر كثيرا في حياتها..
تعرفت عيشوش على رجال كثيرين من كل الأصناف . وربطت صداقات بريئة انهار بعضها سريعا واستمر بعضها وقتا طويلا ..ولعل أفضل أصدقائها كان ذلك الشامي وله قصة..
والشامي رجل في السابعة والثلاثين من عمره تماما مثل عيشوش يعيش في السعودية مع أهله وقد أخبر عيشوش أن زوجته مريضة ولا يستطيع التكفل بها في بلاد الغربة فاضطر الى تركها في بيت أهلها في سوريا ...
كانت تقضي معه وقتا طويلا كل يوم تقريبا ..يشكو لها الام الغربة والام شوقه لزوجته المريضة لذلك ارتاحت عيشوش لهذا الرجل لأنها ترى فيه ذلك الزوج الوفي المحب المشفق على زوجته ..ولأنهما يشتركان في أمرين شبيهين ...غربة وطن وغربة قلب .
كان ذلك الرجل يفهم عيشوش وكانت عيشوش تفهمه
***
سكت الشيخ فجأة والتفت إلي قائلا: أما أنت فلم تفهم عيشوش.
بدوت للحظة كأبله يبحث عن كلمات هاربة في دماغه وهذا الشيخ لا ينطق عن جهل ..فأنا أعرف كثيرا من هذ التفاصيل ..
--عيشوش يا ولدي تريد من يشاركها الامها وتشاركه الامه من يخفف عنها وتخفف عنه , يشعرها بحاجته اليها ليلقي اليها همومه
وعيشوش لا تريد من يرسم لها أحلاما لأنها كرهت أن تحلم
عيشوش انتهت كأنثى في ليلة زفافها وانتهت كامرأة يوم طلاقها ..
المرأة يا ولدي إذا أحبت رجلا خافت عليه وإذا أحبها رجل خافت منه لذلك فعيشوش تخاف منك..
وكأنما أراد أن يلاطفني وقد رأى ما ارتسم على وجهي من ذبول وحيرة فقال مبتسما؟
أنت جميل بما يكفي لأن تكون أنت
يتغيرون وتبقى أنت
! ميزتك أنك أنت , لم تتآمر مع المرايا لتختار شيئا لا يشبهك يناديه الناس باسمك فتجيب أنت

عد من حيث أتيت فعيشوش ليست لك..فعيشوش لن تكون لأحد

الساعة الواحدة قبل الرحيل فوق الرمال

أن تصمت أن تبتلع ألمك وتتجرع حزنك أن تضحك كالاخرين ..كهؤلاء العابثين على الرمال في حضرة هذا الولي الصالح..
أن تصبح مشفقا على جلادك حانيا عليه مقبلا يده الساقطة بالسوط على ظهرك..
أن تعرف الحقيقة كما تعرف طعم النار وطعم الثلج ..
أن تبحث عن جسم صغير فوق الرمال..عن خضرة في عيون أو حمرة في شفاه ..
أن تسكر من دون خمر
أن تفتش في وشوشة الأمواج عن نفسك , عن نصفك, عن حبك
هذا ما منحته لنفسي في هذا اليوم القصير
ولم يبق سوى ساعة واحدة على الرحيل..
ولم يزل ذلك الحفار بانتظار الاشارة ليدفن ..وما أقوى ساعديه.
عيشوش ..
لماذا تصرين أن تكون النهاية هذا اليوم لم لا تظهرين ؟ لم لا تهتفين؟ لم لا ترحمين ؟
كان الحنين مدى عذبا , وكان لنا كوكب في السماء
وكنت أريدك أن تكوني أميرة
و كنت أريدك أن ترجعي عيشوش من جديد.
**

لم تزل الوردة في جيبي والرسالة والخاتم ,بت أشعر أكثر من وقت مضى بفرحة تقترب أتفحص عيون الناس .
أحس أن الأمر جدير بالمواصلة فعيشوش هنا على الشاطئ
لست حزينا بقدر كوني مشفقا على نفسي وعلى هذا الولي الصالح
نظرت إلى الأفق حيث يلتقي البحر والسماء يتعانقان كما تتعانق الخضرة والزرقة في عينيها الجميلتين
سمعت صراخا وضجيجا ورأيت الناس يفرون في كل اتجاه ..عراة .. وأشباه عراة
في لحظات أصبح الشاطئ خاليا من الناس ..من الخيام ..و من الضجيج.
ورأيت الولي الصالح في كفنه الأخضر يسير ببطء فوق الرمال لكأنه فعلا قام من ضريحه حيث ينام منذ قرون
كان يمضي الى حيث تجلس امرأة ..امرأة ملونة .. لباسها أبيض وأخضر ..وجهها أبيض وأخضر .
لم تقف ..فقط مدت يدها الى الشيخ ..أخذها وعاد من حيث أتى وعيشوش كالطاووس تفرد ثوبها الصيفي .
واختفى الاثنان في ظلال الضريح
لم يعد هناك في نفسي سوى بقايا ألم وقليل من الذكرى.
لم يكن عشقي لجسم امرأة ملونة كالربيع كان عشقي لامرأة من نور
..! وصحت بأعلى صوتي : إدفن أيها الحفار.. ما أقوى ساعديك



بقلم: ب عادل
ملك الليل









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-03-24, 14:49   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
fatimazahra2011
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية fatimazahra2011
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-20, 23:42   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
courpassion
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرا لك أختاه على الرد الجميل ذي الألوان الزاهية .










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
........., الرمال, امرأة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 17:27

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc