*** لما غاب الكبير تعنت الصغير ***

[المهذب]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم أيها الأحبة ورحمة الله وبركاته أما بعد:
أولا الصلاة على الحبيب المصطفى صلوات رب وسلامه عليه عدد ما نرى وعدد الحصى وعدد النجوم وعدد ما في الكون، وعدد ما يقول له المولى سبحانه كن فيكون.
كانت الأسر عند سلفنا عائلة كبيرة ومتواضعة والهدوء والطمأنينة تملأ الأجواء ولا يصدر الأوامر بالبيت إلا كبيرها وغالبا ما يكون الجد ، وفي بعض الأحيان الجدة عند غيابه ، وكان الصغير أو الشاب يفتخر أن جده فلان أو أبوه فلان ، حتى وإن كان الجد أو الأب فقيرا ، وكل الاحترام يكمن في حفظه لكتاب الله وتخلقه بسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وكان كل ما يحدث شيئي من الإعوجاع في الأسرة يحتكم الجميع الى كبيرها ، والكل طائع ومحترم لقراره ، لحكمته وبصيرته وفطنته ،وعادة معظم الأسر منسجمة وتتكون من الجد والجدة والأب والام وكذلك مجموعة الأعمام والعمات،وفي بعض الحالات الخلات و الأخوال ،وكان الرجل عندما يتزوج يبني له أبوه بيتا حسب الحالة (خيمة ، أو بيت طوب من التراب ) ويعينه في بداية مشواره ببعض الشياه أو الدراهم المعدودة لبداية حياته ، ويبقى يراقبه عن كثب وكيف يرسم طريق حياته وإن حدث خصام بين ابنه وزوجته يتدخل ويعدل .
نعم أحبتي كانت أسر كبيرة لكنها طيبة هادئة وقريرة .
واليوم خلفت سلالة لا ندري من أين انبثقت سنتكلم عن الشيئ المعوج فيها ،إنقلبت الموازين وأصبح الاحتكام للزوجات، وغاب الكبير ورمي بدور العجزة والشيخوخة والرحمة ، لعل المحسنين من الأمة تنقذهم من نسلهم الذي نكرهم
وأصبحت الأسر في الغالب مكونة من الرجل والمراة والأبناء وقد تحسب هذه الذرية على الأصابع، وأصبح الخال والعم لا يكترث لقوله والجد لا يتذكر إلا إذا حن على حفدته بشيء من المال ، يا سبحان الله انقلبت الأسر180درجة وتخلق الناس بأخلاق غيرهم وتقول الكل بقول الجاهلية
وإن واجهت أحدهم بمرارات ما رأيت من خلق فاسد في أبنائه أو تصرف غير لائق هجرك ، و لربما خاصمك ، وهو يعتقد أنه على حق وأن الأمر لا يعنيك في شيء وهو ناس أن النصيحة حق ، وأن الأبناء إذا تمادت وحميت على الخطأ فسيجيء يوم ينقلب على والده وأمه وما أكثر هذه الأمثلة بالمحاكم.
أحبتي إذا غاب الكبير تعنت الصغير وحدثك بما لا تطيق ولو كان في قلبك من قوله شيء مرير .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته أخوكم المهذب.