البدعة وخطرها >> أصول الفقه - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

البدعة وخطرها >> أصول الفقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-12, 02:21   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










#زهرة البدعة وخطرها >> أصول الفقه

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله، فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً[ الأحزاب الآية (70-71). أما بعد :-

فإن خير الكلام كلام الله تعالى وخير الهدى هدي محمد صلى الله عليه وسلم وإن شر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة في دين الله ضلالة وكل ضلالة في النار

والبدعة : هي الإحداث في الدين .فعن عائشة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد" . أخرجه البخاري برقم (2034) ، وأخرجه مسلم برقم (1718) .

وعنها أيضاً قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". أخرجه مسلم برقم (1718) .

قال النووي :

قوله : رد قال أهل العربية : الرد هنا بمعنى المردود ، ومعناه معتد بة ، وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات.وفي هذا الحديث دليل لمن يقول من الأصوليين أن النهي يقتضي الفساد

.اهـ. شرح النووي على صحيح مسلم (12/16) .

وذكر الشيخ الألباني رحمه الله تعالى القواعد والأسس التي تبنى عليها البدعة فقال:


إن البدعة المنصوص على ضلالها من الشارع هي :

أ - كل ما عارض السنة من الأقوال أو الأفعال أو العقائد ولو كانت عن اجتهاد .

ب – كل أمر يتقرب إلى الله به، وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ج – كل أمر لا يمكن أن يشرع إلا بنص أو توقيف، ولا نص عليه فهو بدعة إلا ما كان عن صحابي.

د – ما ألصق بالعبادة من عادات الكفار .

هـ - ما نص على استحبابه بعض العلماء سيما المتأخرين منهم ولا دليل عليه .

و – كل عبادة لم تأت كيفتها إلا في حديث ضعيف أو موضوع .

ز - الغلو في العبادة .

ح – كل عبادة أطلقها الشارع وقيدها الناس ببعض القيود مثل المكان أو الزمان أو صفة أو عدد .

اهـ. مختصر أحكام الجنائز (95-96) ، طبعة دار البر دبي

اخوة الاسلام

هناك بعض الأمور تقع من بعض الناس تخالف ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد لا يعلمون إنهّا تعَدّ من البدع ...

وكذلك تقع منهم بعض الشركيات وهم لا يعلمون أنها من الشرك فوجب التنبيه عليها ليكون القارئ الكريم على علم بها وليتجنبها .


ومن المواضيع السابقه

الفقه الإسلامي تعريفه وأصوله وفروعه


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2132684

الفقه وأصوله القسم المجمل


https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2132996

التكليف

https://www.djelfa.info/vb/showthread.php?t=2133485

واخيرا

اسالكم الدعاء بظهر الغيب








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-03-12, 02:24   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم إغلاق الحجرة التي غسلت
فيها امراة ميتة أربعين ليلة ؟


السؤال :

ماحكم إغلاق الحجرة التي غسلت فيها أمراة ميتة أربعين ليلة ؟

الجواب :

الحمد لله

ليس لهذا الفعل أصل في السنة، ولا في أقوال الأئمة، ولا في عمل سلف الأمة، ولا فائدة ترجى من هذا الفعل ، ولا ندري ما الحامل لهم على هذه البدعة؟

وما يظهر لمثل ذلك وجه إلا تلاعب الشيطان بالناس ، وإغرائهم بالبدع .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ )

أخرجه البخاري (2697) ومسلم (1718) .

وقد غُسّلت إحدى بنات النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة من الحجر ، ولم يأمر بإغلاق الحجرة ولا شيء من ذلك .

فعن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها، قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته، فَقَالَ : (اغْسِلْنَهَا ثَلاَثًا ، أَوْ خَمْسًا ، أَوْ أَكْثَرَ مَنْ ذَلِكَ ، إِنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ ، وَاجْعَلْنَ فِي الآخِرَةِ كَافُورًا ، أَوْ شَيْئًا مِنْ كَافُورٍ ، فَإِذَا فَرَغْتُنَّ فَآذِنَّنِي) ، فَلَمَّا فَرَغْنَا آذَنَّاهُ فَأَعْطَانَا حِقْوَهُ – أي : إزاره - فَقَالَ : (أَشْعِرْنَهَا إِيَّاهُ)

رواه البخاري (1195) ومسلم (939) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-12, 02:28   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

لا أصل في السنة لصلاة ركعتين خلال قيام الليل
يقرأ فيها بسورة الإخلاص سبع مرات


السؤال :

في هذه الأيام الناس يشاركون حديثا حول صلاة السّنة الخاصّة التي يمكن تأديتها خلال قيام الليل ، تتكون من صلاة 2 ركعة . في كل ركعة ، بعد قراءة الفاتحة، عليك تلاوة سورة الإخلاص سبع مرات ، بعد الصلاة ، يجب أن تمتنع عن التحدث إلى أيّ شخصٍ ، ثم عليك أن تقول : أستغفر الله وأتوب إليه 70 مرة ، الذين يفعلون كما ذكر أعلاه ، يتمّ محو كلّ خطاياهم ، أيضاً يدعي الناس أن هذا الحديث هو عن ابن عباس ، فهل هذا له أيّ أساس ؟


الجواب :

الحمد لله


أولا:

لا نعلم أصلا لما ذكرت من السنة الخاصة التي تصلى خلال قيام الليل ، ويقرأ فيها بسورة الإخلاص سبع مرات، ويترتب عليها ما ذكر من الأجر .

والأصل في العبادات التوقيف، فلا يشرع منها إلا ما ثبت بدليل صحيح.

ثانيا:

لا يشرع ذكر خاص بين صلاة التراويح، أو القيام، وتخصيص ذلك بذكر معين ، كالاستغفار سبعين مرة: من البدع.

قال الشيخ محمد العبدري المشهور بابن الحاج رحمه الله في كتابه (المدخل) :

"فصل في الذِّكر بعد التسليمتين من صلاة التراويح :

وينبغي له - أي : الإمام - أن يتجنب ما أحدثوه من الذكر بعد كل تسليمتين من صلاة التراويح ، ومن رفع أصواتهم بذلك ، والمشي على صوت واحد ؛ فإن ذلك كله من البدع ، وكذلك ينهى عن قول المؤذن بعد ذكرهم بعد التسليمتين من صلاة التراويح " الصلاة يرحمكم الله "

فإنه محدث أيضاً ، والحدث في الدين ممنوع ، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، ثم الخلفاء بعده ثم الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، ولم يذكر عن أحد من السلف فعل ذلك، فيسعنا ما وسعهم"

انتهى من " المدخل " ( 2 / 293).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-12, 02:47   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل كل من خالف السنَّة وقع في البدعة ؟
وتنبيهات على معنى الاتباع


السؤال:

لقد قرأت الكثير من الفتاوى المتعلقة بموضوع البدعة ، وخلصت منها إلى أن العبد يجب عليه أن يتابع النبي صلى الله عليه وسلم تمام المتابعة في عباداته ، وأنه لو خالف في شيء بسيط في هذه المتابعة فإنه يكون عندئذٍ قد أتى ببدعة ، فهل هذا صحيح ؟

. لكن هذا الكلام يوحي بأن معظم أفعالنا التعبدية يشوبها شيء من البدعة ، فعلى سبيل المثال : النبي صلى الله عليه وسلم أكّد على فضل الدعاء في صلاة الجماعة ، ثم يأتي أناس فيدعون بعد الصلاة

فهل يُقال إنهم أتوا ببدعة ؟

! فالعبادة عبادة وما اختلف إلا التوقيت ، أو لنقل على سبيل المثال : لو أن الشخص أحبّ أن يقرأ سورة الكهف يوم الاثنين أو الثلاثاء بدلاً من الجمعة فهل يُعتبر بهذا مبتدعاً ؟ وهل يُفهم أن المتابعة لا تقتصر على كيفية أداء الفعل بل حتى توقيته ، فإذا خالف الشخص هذا التوقيت - كما في المثالين - عُدّ مبتدعاً ؟ .


الجواب :


الحمد لله

أولاً:

صحيح أنه يجب على المسلم أن يكون متبعاً لنبيه صلى الله عليه وسلم فيما شرعه ، وأنه لا يحل له مخالفته ، ولا الابتداع في الدين ، للأدلة الدالة على وجوب الاتباع وتحريم الابتداع .

ولكن ينبغي أن يعلم أن مخالفة الاتباع تكون على وجهين :

الأول :

ابتداع عبادة لا أصل لها في الشرع ، كالتمسح بالقبور ، والاستغاثة بأهلها ، وهذه تسمى عند أهل العلم : البدعة الحقيقة ، وهي التي لم تشرع بأصلها ولا وصفها .

والثاني :

أن تكون العبادة مشروعة في أصلها ، وتقع المخالفة في تحديد زمانها أو مكانها أو عددها أو كيفيتها أو سببها ، وهذه تسمى البدعة الإضافية ، ولا تكون بدعة إلا إذا فعلت على سبيل الالتزام والتكرار ، فلو فعلت المرة أو المرتين دون التزام ، لم تكن بدعة ، كما لو قام الليل جماعة في ليلة من الليالي دون اعتقاد فضل معين لها .

ولهذا قال الشاطبي رحمه الله في بيان البدعة الإضافية : " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة ، تضاهي الشرعية ، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ... ومنها التزام الكيفيات والهيئات المعينة ، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد ، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا ، وما أشبه ذلك .

ومنها التزام العبادات المعينة ، في أوقات معينة ، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة ، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان ، وقيام ليلته "

انتهى من "الاعتصام" (1/ 37-39).

فالالتزام يعني المداومة والتكرار .

ثانيا :

الدعاء مشروع في الصلاة ، وعقبها ، على الراجح ، والممنوع هو الدعاء الجماعي .

ودليل مشروعية الدعاء بعد الصلاة ما يلي :

1- عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم من الصلاة قال : ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت )

رواه أبو داود (1509) وصححه النووي في " المجموع "

وبين أنه لا يعارض ما ثبت من الدعاء بهذا الدعاء قبل السلام، فكان صلى الله عليه وسلم يقول هذا الدعاء في الموضعين،

انظر: " المجموع " (3/ 467) .

2- وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال :

" قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أي الدعاء أسمع؟ قال : ( جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات ) رواه الترمذي (3499) ، وصححه الألباني في " صحيح الترغيب والترهيب " .

ودبر الصوات يطلق على عقبها كما يطلق على آخرها ، ومن إطلاقه على ما بعد الصلاة : ما جاء في حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: ( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة )

رواه أحمد (17453) وأبو داود (1523) وصححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند.

وأما الدعاء الجماعي فلم يرد ، ولهذا كان التزامه عقب الصلوات من البدع .

فالعبادة إذا ، لابد أن توافق الشرع في أمور ستة : الكم ، والكيف ، والزمان ، والمكان ، والسبب ، والجنس









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-12, 02:52   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

قال الشيخ الفقيه محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله تعالى :

أولا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( سببها ) فأي إنسان يتعبد لله بعبادة مبنية على سبب لم يثبت بالشرع فهي عبادة مردودة ، ليس عليها أمر الله ورسوله ، ومثال ذلك الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك الذين يحتفلون بليلة السابع والعشرين من رجب يدّعون أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في تلك الليلة فهو غير موافق للشرع مردود .

1 - لأنه لم يثبت من الناحية التاريخية أن معراج الرسول صلى الله عليه وسلم كان ليلة السابع والعشرين ، وكتب الحديث بين أيدينا ليس فيها حرف واحد يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم عرج به في ليلة السابع والعشرين من رجب ومعلوم أن هذا من باب الخبر الذي لا يثبت إلا بالأسانيد الصحيحة .

2 - وعلى تقدير ثبوته فهل من حقنا أن نحدث فيه عبادة أو نجعله عيدا ؟

أبدا . ولهذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ورأى الأنصار لهم يومان يلعبون فيهما قال : ( إن الله أبدلكم بخير منهما ) وذكر لهم عيد الفطر وعيد الأضحى وهذا يدل على كراهة النبي صلى الله عليه وسلم لأي عيد يحدث في الإسلام سوى الأعياد الإسلامية وهي ثلاثة : عيدان سنويان وهما عيد الفطر والأضحى وعيد أسبوعي وهو الجمعة . فعلى تقدير ثبوت أن الرسول صلى الله عليه وسلم عرج به ليلة السابع والعشرين من رجب - وهذا دونه خرط القتاد - لا يمكن أن نحدث فيه شيئا بدون إذن من الشارع .

وكما قلت لكم إن البدع أمرها عظيم وأثرها على القلوب سيئ حتى وإن كان الإنسان في تلك اللحظة يجد من قلبه رقة ولينا فإن الأمر سيكون بعد ذلك بالعكس قطعا لأن فرح القلب بالباطل لا يدوم بل يعقبه الألم والندم والحسرة وكل البدع فيها خطورة لأنها تتضمن القدح في الرسالة ، لأن مقتضى هذه البدعة أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يتم الشريعة

مع أن الله سبحانه وتعالى يقول : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) . والغريب أن بعض المبتلين بهذه البدع تجدهم يحرصون غاية الحرص على تنفيذها ، مع أنهم متساهلون فيما هو أنفع وأصح وأجدى .

لذلك نقول إن الاحتفال ليلة سبع وعشرين على أنها الليلة التي عرج فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم هذه بدعة ؛ لأنها بنيت على سبب لم يأت به الشرع .

ثانيا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( جنسها )

مثل أن يضحي الإنسان بفرس ، فلو ضحى الإنسان بفرس ، كان بذلك مخالفا للشريعة في جنسها . ( لأن الأضحية لا تكون إلا من بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ) .

ثالثا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( قدرها ) لو أن أحدا من الناس قال إنه يصلي الظهر ستا ، فهل هذه العبادة تكون موافقة للشريعة ؟ كلا ؛ لأنها غير موافقة لها في القدر . ولو أن أحدا من الناس قال سبحان الله والحمد لله والله أكبر خمسا وثلاثين مرة دبر الصلاة المكتوبة فهل يصح ذلك ؟

فالجواب : إننا نقول إن قصدت التعبد لله تعالى بهذا العدد فأنت مخطئ ، وإن قصدت الزيادة على ما شرع الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولكنك تعتقد أن المشروع ثلاثة وثلاثون فالزيادة لا بأس بها هنا ، لأنك فصلتها عن التعبد بذلك .

رابعا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( كيفيتها )

لو أن الإنسان فعل العبادة بجنسها وقدْرها وسببها ، لكن خالف الشرع في كيفيتها ، فلا يصح ذلك . مثال ذلك : رجل أحدث حدثا أصغر ، وتوضأ لكنه غسل رجليه ثم مسح رأسه ، ثم غسل يديه ، ثم غسل وجهه ، فهل يصح وضوؤه ؟ كلا لأنه خالف الشرع في الكيفية .

خامسا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( زمانها )

مثل أن يصوم الإنسان رمضان في شعبان ، أو في شوال ، أو أن يصلي الظهر قبل الزوال ، أو بعد أن يصير ظل كل شيء مثله ؛ لأنه إن صلاها قبل الزوال صلاها قبل الوقت ، وإن صلى بعد أن يصير ظل كل شيء مثله ، صلاها بعد الوقت فلا تصح صلاته .

ولهذا نقول إذا ترك الإنسان الصلاة عمدا حتى خرج وقتها بدون عذر فإن صلاته لا تقبل منه حتى لو صلى ألف مرة . وهنا نأخذ قاعدة مهمة في هذا الباب وهي كل عبادة مؤقتة إذا أخرجها الإنسان عن وقتها بدون عذر فهي غير مقبولة بل مردودة .

ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد .

سادسا :

أن تكون العبادة موافقة للشريعة في ( مكانها )

فلو أن إنسانا وقف في يوم عرفة بمزدلفة ، لم يصح وقوفه ، لعدم موافقة العبادة للشرع في مكانها . وكذلك على سبيل المثال لو أن إنسانا اعتكف في منزله ، فلا يصح ذلك ؛ لأن مكان الاعتكاف هو المسجد

ولهذا لا يصح للمرأة أن تعتكف في بيتها ؛ لأن ذلك ليس مكانا للاعتكاف . والنبي صلى الله عليه وسلم لما رأى بعض زوجاته ضربن أخبية لهن في المسجد أمر بنقض الأخبية وإلغاء الاعتكاف ولم يرشدهن إلى أن يعتكفن في بيوتهن وهذا يدل على أنه ليس للمرأة اعتكاف في بيتها لمخالفة الشرع في المكان .


فهذه ستة أوصاف لا تتحقق المتابعة إلا باجتماعها في العبادة :

1- سببها .
2- جنسها .
3- قدرها .
4- كيفيتها .
5- زمانها .
6- مكانها .

انتهى .مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الأول - باب العبادة.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-12, 03:05   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شبهة أن الاحتفال بيوم الأم ليس عيدا
وليس تشبها بالكافرين .


السؤال:

كيف نرد على من يقول بجواز عيد الأم ويستدل بالتالي: ما تصالح الناس على تسميته بـ (عيد الأم) يقومون بالتواصل مع أمهاتهم ، وتقديم الهدايا لهن فيه، ليس عيداً بالمفهوم الشرعي للعيد ، ولكنه يوم وفاء وتقدير للأمهات، حيث تعارف الناس في العالم كله على الاعتراف بجميل الأمهات ، وتكريم الأم بهذا اليوم بالمعنى السابق أمر تنظيمي عادي لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية التي تؤكد على معاني الوفاء والامتنان والشكر للوالدين في كل وقت وزمان

قال الله تعالى: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) ، ونالت الأم الحظ الوافر من الأمر بحسن صحبتها والإحسان إليها، حيث قُدمت على الأب ، وكرر الأمر بالعناية بها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: " جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّه ِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟

، قَالَ: ( أُمُّكَ ) ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟، قَالَ: (ثُمَّ أُمُّكَ ) ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ ، قَالَ: ( ثُمَّ أُمُّكَ ) ، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: ( ثُمَّ أَبُوكَ ) متفق عليه. وإن تكريم الأمهات في يوم الأم ليس من باب التشبه المحظور بل هو من الحكمة العامة و"الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها"، وخاصة في موضوع تحث الشريعة الإسلامية عليه ولا يتعارض معها، ولقد صام المسلمون (يوم عاشوراء) مع علمهم بصيام اليهود له، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (نَحْنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنْكُمْ)، فنحن أحق بتكريم الأم من غيرنا ، أما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ). فالمقصود به النهي عن إتباع غيرنا من الأمم ؟


الجواب :


الحمد لله

أولا:

المفهوم الشرعي للعيد: أنه "اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد، إما بعود السنة، أو بعود الأسبوع أو الشهر أو نحو ذلك، فالعيد يجمع أمورا:

منها: يوم عائد، كيوم الفطر ويوم الجمعة.

ومنها: اجتماع فيه.

ومنها: أعمال تجمع ذلك من العبادات ، أو العادات، وقد يختص العيد بمكان بعينه ، وقد يكون مطلقا، وكل من هذه الأمور قد يسمى عيدا" انتهى من " اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم " لشيخ الإسلام ابن تيمية (ص189) .
فيوم الأم، يعتبر عيدا، يعود بعود السنة ، ويحصل فيه الاجتماع، وتمارس فيه أعمال من العبادات والعادات، من البر والصلة وتقديم الهدايا ونحو ذلك ، فاجتمعت فيه خصائص العيد الثلاثة.

ثانيا:

العيد شريعة من الشرائع ، فإما أن تكون ثابتة، أو محدثة ، وهذا العيد لا أصل له في الإسلام ، ولو كان خيرا مشروعا لسبق إليه محمد صلى الله عليه وسلم ، لا سيما والنصوص في فضل البر بالأم كثيرة معلومة، منها ما ورد في السؤا ل، فلو كان من البر والتقدير والوفاء لها أن نجعل لها يوما في العام، لأرشد إلى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو نبي البر والوفاء والإحسان، فلمّا لم يقل في ذلك كلمة، ولا فعله مرة، ولا نقل عن واحد من أصحابه، عُلم أنه بدعة محدثة.

ولو أنه صلى الله عليه وسلم احتفل به لكان عيدا مقبولا، ولو صامه كما صام عاشوراء لكان صياما مستحبا، فمن رام أن يجعله عيدا، أو أن يخصه بعبادة، فقد وقع في البدعة .

قال الشاطبي رحمه الله في بيان البدعة الإضافية: " فالبدعة إذن عبارة عن طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشرعية، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه ...

ومنها التزام الكيفيات والهيآت المعينة، كالذكر بهيئة الاجتماع على صوت واحد، واتخاذ يوم ولادة النبي صلى الله عليه وسلم عيدا، وما أشبه ذلك.

ومنها التزام العبادات المعينة، في أوقات معينة، لم يوجد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيام يوم النصف من شعبان، وقيام ليلته "

انتهى من "الاعتصام" (1/ 37).

ثالثا:

التشبه بالكفار مذموم ممنوع ، وفيه من الوعيد الشديد قوله صلى الله عليه وسلم: (مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ) رواه أبو داود (4031)، وصححه الألباني في" صحيح سنن أبي داود ".

وهذا العيد لم يعرف إلا من الأمم الكافرة، ولم يؤخذ إلا منها، بل إن أول ظهوره في الدول العربية كان اقتراحا من أحد الصحفيين ، شفعه بأن الأمم المتحضرة تفعله!

فينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)، فالاحتفال به اتباع لسَنن غيرنا من الأمم.
وقد " نَذَرَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَنْحَرَ إِبِلًا بِبُوَانَةَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلْ كَانَ فِيهَا وَثَنٌ مِنْ أَوْثَانِ الْجَاهِلِيَّةِ يُعْبَدُ ؟ ) ، قَالُوا : لَا ، قَالَ : ( هَلْ كَانَ فِيهَا عِيدٌ مِنْ أَعْيَادِهِمْ ؟ ) ، قَالُوا : لَا ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَوْفِ بِنَذْرِكَ ، فَإِنَّهُ لَا وَفَاءَ لِنَذْرٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَلَا فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ )

رواه أبو داود (3313) وصححه الألباني.

وفي هذا دلالة واضحة على لزوم تحري مخالفة أعياد الجاهلية، لاسيما وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَبْغَضُ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ ثَلَاثَةٌ : مُلْحِدٌ فِي الْحَرَمِ ، وَمُبْتَغٍ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ ، وَمُطَّلِبُ دَمِ امْرِئٍ بِغَيْرِ حَقٍّ لِيُهَرِيقَ دَمَهُ)

رواه البخاري (6882).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

" فكل من أراد في الإسلام أن يعمل بشيء من سنن الجاهلية ، دخل في هذا الحديث .

والسنة الجاهلية : كل عادة كانوا عليها؛ فإن السنة هي العادة ، وهي الطريق التي تتكرر لتتسع لأنواع الناس مما يعدونه عبادة أو لا يعدونه عبادة ، فمن عمل بشيء من سننهم فقد اتبع سنة جاهلية"

انتهى من " اقتضاء الصراط المستقيم " ( ص76) .

والتشبه بالكافرين محرم ، ولو لم يقصد الفاعل التشبه .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

" التشبه يعم من فعل الشيء لأجل أنهم فعلوه ، وهو نادر .

ومن تبع غيره في فعل ، لغرض له في ذلك ، إذا كان أصل الفعل مأخوذا عن ذلك الغير.

فأما من فعل الشيء، واتفق أن الغير فعله أيضا، ولم يأخذه أحدهما عن صاحبه، ففي كون هذا تشبها نظر، لكن قد يُنهى عن هذا لئلا يكون ذريعة إلى التشبه ، ولما فيه من المخالفة ، كما أمر بصبغ اللحى، وإحفاء الشوارب .

مع أن قوله صلى الله عليه وسلم: (غيروا الشيب، ولا تشبهوا باليهود) دليل على أن التشبه بهم يحصل ، بغير قصد منا، ولا فعل ، بل بمجرد ترك تغيير ما خلق فينا، وهذا أبلغ من الموافقة الفعلية الاتفاقية"

انتهى من " اقتضاء الصراط المستقيم " (ص83) .

وقال الشيخ ابن عثيمين :

" وليُعلم أن التشبه لا يكون بالقصد ، وإنما يكون بالصورة ؛ بمعنى أن الإنسان إذا فعل فعلاً يختص بالكفار ، وهو من ميزاتهم وخصائصهم ؛ فإنه يكون متشبهاً بهم ، سواء قصد بذلك التشبه أم لم يقصده .
وكثير من الناس يظن أن التشبه لا يكون تشبهاً إلا بالنية ، وهذا غلط؛ لأن المقصود هو الظاهر"

انتهى من " فتاوى نور على الدرب ".

رابعا:

قد نص جمع من أهل العلم على أن هذا الاحتفال بدعة محدثة ، وتشبه بالكافرين .

تابع الاجوبه التاليه

والحاصل :

أن الشبهة الواردة في السؤال شبهة ضعيفة مردودة ، تنطلق من الجهل بمعنى العيد، وأنه شريعة من الشرائع لابد من ثبوتها، ومن عدم معرفة المراد بالتشبه المذموم.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-12, 03:08   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الاحتفال بالأعياد المبتدعة

السؤال


ما هو حكم الشرع في الاحتفال بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبعيد مولد الأطفال ، وعيد الأم ، وأسبوع الشجرة ؟.

الجواب

الحمد لله

أولا :

العيد اسم لما يعود من الاجتماع على وجه معتاد إما بعود السنة أو الشهر أو الأسبوع أو نحو ذلك فالعيد يجمع أموراً منها : يوم عائد كيوم عيد الفطر ويوم الجمعة ، ومنها : الاجتماع في ذلك اليوم ، ومنها : الأعمال التي يقام بها في ذلك اليوم من عبادات وعادات .

ثانيا :

ما كان من ذلك مقصوداً به التنسك والتقرب أو التعظيم كسبا للأجر ، أو كان فيه تشبه بأهل الجاهلية أو نحوهم من طوائف الكفار فهو بدعة محدثة ممنوعة داخلة في عموم قول النبي صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " رواه البخاري ومسلم ، مثال ذلك الاحتفال بعيد المولد وعيد الأم والعيد الوطني لما في الأول من إحداث عبادة لم يأذن بها الله

وكما في ذلك التشبه بالنصارى ونحوهم من الكفرة ، ولما في الثاني والثالث من التشبه بالكفار ، وما كان المقصود منه تنظيم الأعمال مثلاً لمصلحة الأمة وضبط أمورها ، وتنظيم مواعيد الدراسة والاجتماع بالموظفين للعمل ونحو ذلك مما لا يفضي به التقرب والعبادة والتعظيم بالأصالة ، فهو من البدع العادية التي لا يشملها قوله صلى الله عليه وسلم : " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد " فلا حرج فيه بل يكون مشروعاً .

وبالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

فتاوى اللجنة الدائمة 3/59.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-12, 03:12   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أمه ستغضب إن لم يحتفل بعيد الأم

السؤال


لدي صديق من أحد البلاد العربية وفي تلك البلد عيد الأم لديهم رسمي ، وهو يحتفل مع إخوته وأخواته من أجل أمهم ، وهو الآن يريد أن يقطع هذا الشيء ، ولكن أمه ستغضب منه لأنها تعودت على هذا الشيء وأصبح عادة عندهم في بلادهم ، وهو خائف أن تغضب منه أمه وتحمل عليه إلى أن تموت ولا ترضى ، حاول إقناعها بأن هذا حرام وبالحكمة ولكنها لم تقتنع للجو العام في بلدهم ، ماذا يفعل ؟ أفيدونا يرحمكم الله .


الجواب


الحمد لله

الاحتفال بعيد الأم من الأمور المحدثة التي لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه رضي الله عنهم، وهو كذلك من التشبه بالكفار الذين أُمِرْنا بمخالفتهم، ولهذا لا يجوز الاحتفال به، ولا تطاع الأم في ذلك، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةٍ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ )

رواه البخاري (7257) ومسلم (1840) .

وليستمر في برها والإحسان إليها ، وإقناعها بأن هذا الاحتفال من البدع المحدثة ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( وشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ )

رواه مسلم (867) والنسائي (1578) وزاد : ( وَكُلُّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ ) .

ثم إن الأم لها حق الاحترام والإكرام ، والبر والصلة ، طول العام ، فما معنى تخصيص إكرامها بيوم معين ؟!

ثم إن هذه البدعة لم تأت إلينا إلا من المجتمعات التي انتشر فيها العقوق ، ولم تجد فيه الأمهات والآباء من ملجأ غير دور الرعاية ، حيث البعد والقطيعة والألم ، فظنوا أن إكرامها في يومٍ يمحو إثمَ عقوقِها في بقية السنة !

أما نحن أمة الإسلام فقد أُمرنا بالبر والصلة ، ونهينا عن العقوق ، وأُعطيت الأم في ديننا ما لم تعطه في شريعة قط ، حتى كان حقها مقدما على حق الأب

كما روى البخاري (5514) ومسلم (4621) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي ؟ قَالَ : أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أُمُّكَ . قَالَ : ثُمَّ مَنْ ؟ قَالَ : ثُمَّ أَبُوكَ .

ولا ينقطع بِرُّ الأم حتى بعد وفاتها ، فهي مُكَرَّمَةٌ حال الحياة ، وحال الممات ، وذلك بالصلاة عليها والاستغفار لها ، وإنفاذ وصيتها ، وإكرام أهلها وأصدقائها .

فلنتمسك بهذا الدين العظيم ، ولنلتزم آدابه وأحكامه ، ففيه الهدى ، والكفاية ، والرحمة .

قال الشيخ علي محفوظ رحمه الله مبينا ما في هذا الاحتفال من مشابهة الكفار :

" وبيانا لخطورة الاحتفال بغير الأعياد الإسلامية : قد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن أقواما أو فئاما من أمته سيتبعون أهل الكتاب في بعض شعائرهم وعاداتهم ، كما جاء في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، شِبْرًا شِبْرًا ، وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ ، حَتَّى لَوْ دَخَلُوا جُحْرَ ضَبٍّ تَبِعْتُمُوهُمْ . قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى ؟ قَالَ : فَمَنْ ؟! )

أخرجه البخاري ومسلم . . . .

فحبُّ التقليد ، وإن كان موجوداً في النفوس ، إلا أنه ممقوت شرعا إذا كان المقلَّد يخالفنا في اعتقاده وفكره ، خاصة فيما يكون التقليد فيه عَقَدِيّاً أو تعبُّديا أو يكون شعارا أو عادة ، ولما ضعف المسلمون في هذا الزمان ؛ ازدادت تبعيتهم لأعدائهم ، وراجت كثير من المظاهر الغربية سواء كانت أنماطا استهلاكية أو تصرفات سلوكية . ومن هذه المظاهر الاهتمام بعيد الأم" انتهى.

وسئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله عن الاحتفال بعيد الأم فأجاب قائلا :

" إن كل الأعياد التي تخالف الأعياد الشرعية كلها أعياد بدع حادثة ، لم تكن معروفة في عهد السلف الصالح ، وربما يكون منشؤها من غير المسلمين أيضا ، فيكون فيها مع البدعة مشابهة أعداء الله سبحانه وتعالى ، والأعياد الشرعية معروفة عند أهل الإسلام ؛ وهي عيد الفطر ، وعيد الأضحى ، وعيد الأسبوع " يوم الجمعة "

وليس في الإسلام أعياد سوى هذه الأعياد الثلاثة ، وكل أعياد أحدثت سوى ذلك فإنها مردودة على محدثيها ، وباطلة في شريعة الله سبحانه وتعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ) . أي مردود عليه ، غير مقبول عند الله . وفي لفظ : (مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ ) .

وإذا تبين ذلك فإنه لا يجوز في العيد الذي ذكر في السؤال والمسمى عيد الأم ، لا يجوز فيه إحداث شيء من شعائر العيد ؛ كإظهار الفرح والسرور وتقديم الهدايا وما أشبه ذلك .

والواجب على المسلم أن يعتز بدينه ويفتخر به وأن يقتصر على ما حده الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في هذا الدين القيم الذي ارتضاه الله تعالى لعباده فلا يزيد فيه ولا ينقص منه ، والذي ينبغي للمسلم أيضا ألا يكون إمَّعَةً يتبع كلَّ ناعق ، بل ينبغي أن يكون شخصيته بمقتضى شريعة الله تعالى ، حتى يكون متبوعا لا تابعا ، وحتى يكون أسوة لا متأسيا ، لأن شريعة الله - والحمد لله - كاملة من جميع الوجوه كما قال الله تعالى : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً ) المائدة/3 .

والأم أحق من أن يحتفى بها يوما واحدا في السنة ، بل الأم لها الحق على أولادها أن يرعوها ، وأن يعتنوا بها ، وأن يقوموا بطاعتها في غير معصية الله عز وجل في كل زمان ومكان " .

انتهى من "مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (2/301) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-14, 03:06   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



يسأل عن الدعاء بعد الصلاة والنفث
في جيب القميص ، هل هو من البدع ؟


السؤال :

سؤالي هو عن تصرف بعض المصلين (وخاصة بدول الهند والباكستان والبنغال) بعد انتهاء الصلاة وانتهاء الدعاء بنفخهم داخل ملابسهم ( بعد ان ينهي الشخص دعائه يقوم بتوجيه الرأس للأسفل وفتح القميص او البلوزة والنفخ داخل الجسم ! ثم القيام والخروج من المسجد) هل ورد هذا الشيء عن السلف من اين أتى وما دلالته هل هناك حديث أو رواية عن هذا

الجواب :

الحمد لله

أولا :

المشروع للمسلم عقب الصلاة أن يأتي بالأذكار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم والتي تقال أدبار الصلوات ، فإذا فرغ منها ، فله أن يدعو إن شاء ، بما شاء .

ثانيا :

النفخ أو النفث على البدن مع قراءة شيء من القرآن هو صورة من صور الرقية الشرعية ، التي تدفع الشر قبل نزوله ، أو ترفعه بعد نزوله .

فقد ثبت في الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم نفث على يديه ومسح بهما جسده ، كما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينفث على نفسه في المرض الذي مات فيه بالمعوذات ، فلما ثقل كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها

قال معمر : فسألت الزهري كيف ينفث ؟ قال : كان ينفث على يديه ثم يمسح بهما وجهه . رواه البخاري ( 5403 ) ومسلم ( 2192 ) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :

" يعالج السحر بالقرآن سواء قرأ المسحور على نفسه إذا كان عقله معه سليما ، أو قرأ غيره عليه فينفث عليه في صدره أو في أي عضو من أعضائه ، يقرأ عليه بالفاتحة وآية الكرسي وسورة الإخلاص ( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) والمعوذتين ، وآيات السحر المعروفة من سورة الأعراف ، وسورة يونس ، وسورة طه "

انتهى من "فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز" (6/288) .


ثالثا :

لا ندري ما الذي يحمل هؤلاء المشار إليهم في السؤال على هذا الفعل ؟ فقد يكون من باب الرقية الشرعية ، فبعد أن يقرأ أحدهم آية الكرسي والمعوذات ينفث على بدنه ، وهذا من حيث الأصل جائز لا بأس به .

غير أن هذا المقام ، مقام انتهاء الصلاة : ليس مقام رقية راتبة ، إنما هو مقام الأذكار المشروعة عقب الصلاة ، كما سبق .
واعتياد هذا الفعل بعد أذكار الصلاة ، ولو على سبيل الرقية : يجعل هذا الفعل بدعة . خاصة إذا كان لم يكن هناك شخص معين ، يحتاج إلى الرقية الخاصة ، أو نزل به ما يدعو إلى ذلك .

وقد كان النبي صلى الله عليه وسم يقول تلك الأذكار ، ويقرأ آية الكرسي والمعوذات ، ولم يكن يفعل شيئا من ذلك .

وخير الهدي : هدي محمد صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها .

فالحاصل .

. أن اعتياد هذا الفعل بدعة ، لكن لو فعله المسلم أحيانا ، أو كان ذلك لسبب ، كشخص مريض أو عرض له وسواس من الشيطان ففعل ذلك كنوع من الرقية فلا بأس بذلك .

والله أعلم

الشيخ محمد صالح المنجد.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-14, 03:12   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم استعمال خلفيات القلوب الحمراء في المواضيع الشرعية

السؤال :


ماهو حكم وضع خلفيات تصاميم للمواضيع الإسلامية ، علما بأن الخلفيات قد تكون مثل تلك الخلفيات ذات القلوب الحمراء التي توضع لكلام الحب والرومانسية ، فهل هذه الخلفيات تعتبر استخفافا بالإسلام ؟

وبعض المواضيع الإسلامية قد تحتوي على آيات قرانية ، فهل يجوز وضع خلفيات القلوب الحمراء للايات القرانية ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا:

رموز القلوب الحمراء، هي نوع من الخطاب وهي تعني الحب؛ لأن القلب هو محله، وهي ككلمة الحب سواء، فقد تعني الحب المباح والمستحب ، كحب الوالد لابنه والزوج لزوجته، وقد يكون المراد بها المحرم كعشق الرجل للأجنبية عنه.

وأما استعمال ذلك في مقام التعبير عن حب الله وملائكته وأنبيائه ورسله : فلا نرى ذلك ، وأقل ما يقال فيه : إنه مما ينبغي تركه ، والإعراض عنه .

فقد غلب استعمال هذه الأداة ونحوها : فيما يكون من عشق بين الرجل والمرأة ، أو فيما يقرب من ذلك من أمر النساء فيما بينهن ، ونحو ذلك .

وليس في المعتاد من أحوال الناس : أن يستعمل مثل هذا الرمز في تعبير الشخص لكبير له ، مثل رئيسه في العمل ، أو عالم كبير ، أو نحو ذلك . فضلا عن أن يستعمل ذلك في مقام الله جل جلاله ، أو نحوه من المقامات المحترمة المعظمة . فالظاهر أن استعمالها في مثل هذا المقام : نوع امتهان له ، وخروج عن مقام الأدب اللائق بخطاب الله وخطاب رسوله صلى الله عليه وسلم ، الذي ينبغي أن يختلف تعظيمه وتوقيره عن كل مقام سواه .

قال الله تعالى:

( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ ) الحج /30.

وقال الله تعالى:

( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) الحج /32.

وقال تعالى :

( لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا ) النور/62

وقال تعالى :

(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا) الفتح/8-9

ويشبه ذلك : منع أهل العلم أن يطلق لفظ "العشق" في حق الله ورسوله .

وينظر حوله : "معجم المناهي اللفظية" للشيخ بكر أبو زيد ، رحمه الله .

وقد سُئلت " اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء" عن :

" سلاسل المفاتيح التي يتداولها بعض الناس، إحداها نحتت على شكل قلب، وهو رمز الحب، وكتب عليها: (أنا، ثم رسم قلب، الرسول) أي: أنا أحب الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الخلف كتب عليها: (يا حبيبي يا رسول الله) والأخرى دائرية تعلق على المدر، وكتب عليها نفس العبارة، كما نفيد سماحتكم أنه انتشر بين بعض النساء لبس قمص نسوية مكتوب على الجهة اليسرى منها فوق الثدي هذه العبارة أيضا، وقد جاءنا بها من يستفته في أمرها.

نأمل بعد التكرم بالاطلاع اتخاذ ما ترونه مناسبا، وإفادتنا بما ترونه حتى نتمكن من إجابة السائلين عن حكمها، وبث ذلك بين المستفيدين منه.

فأجابت اللجنة:

... أن فيه تشبها بأهل الفسق الذين يتخذون مثل هذه الرموز دلالة على حبهم وعشقهم المحرم لغيرهم، ويتفانون فيه من غير التفات لحكم الشريعة المطهرة فيه، كما أن الشكل المذكور يفهم منه أيضا: أن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم كحب غيره من المخلوقين، وهذا غلط كبير؛ لأن محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة شرعا، ولا يتم الإيمان إلا بها، أما محبة غيره فقد تكون مشروعة، وقد تكون محرمة، وبناء على ما تقدم فإن كتابة العبارة المذكورة وبيعها وشرائها واستعمالها لا يجوز.

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

بكر أبو زيد ، صالح الفوزان ، عبد الله بن غديان ، عبد العزيز بن عبد الله بن باز "

انتهى. "فتاوى اللجنة الدائمة" (24 / 91 - 92).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-14, 03:19   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم الصوم عند الكلام

السؤال :

أريد أن أعرف ما حكم الإمساك عن الكلام نهائيا لمدة محددة أو غير محددة ؟

أولا: بنية العبادة لله تعالى ، كما فعل نبي الله زكريا . ثانيا : إن كانت النية لتكفير ذنب ، مثل : الغيبة ، أو غيرها . ثالثا : لمجرد التحدي كلهو ، فهل هذا من اللهو المباح أم لا ؟

وهل هذا يعتبر من التنطع المنهى عنه ؟

وهل فعله النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد من الصحابة ؟


الجواب :


الحمد لله


أولا :

الإمساك عن الكلام بنية العبادة : غير جائز ، لأنه لا يُتقرب إلى الله إلا بما شرعه ، ولم يُشرع لنا أن نتقرب إليه بالإمساك عن الكلام ؛ وهذا وحده كاف في اعتبار التقرب بذلك إلى الله بدعة ، لا تشرع ؛ فكيف إذا كان قد صح النهي عن ذلك صريحا ؟!

روى البخاري (6704) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : بَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إِذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ ، فَسَأَلَ عَنْهُ ، فَقَالُوا : أَبُو إِسْرَائِيلَ ، نَذَرَ أَنْ يَقُومَ وَلَا يَقْعُدَ ، وَلَا يَسْتَظِلَّ ، وَلَا يَتَكَلَّمَ ، وَيَصُومَ . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (مُرْهُ فَلْيَتَكَلَّمْ ، وَلْيَسْتَظِلَّ ، وَلْيَقْعُدْ ، وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ) .

قال ابن عبد البر رحمه الله في "التمهيد" (5/184) :

"وفيه دليل على أن السكوت عن ذكر الله : ليس من طاعة الله ...

وإنما الطاعة ما أمر الله به ورسوله" انتهى .

وقال الخطابي رحمه الله في "معالم السنن" (4/59) :

"قد تضمن نذره نوعين : من طاعة ، ومعصية ؛ فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالوفاء بما كان منهما طاعة ، وهو الصوم ، وأن يترك ما ليس بطاعة ، من القيام في الشمس ، وترك الكلام ، وترك الاستظلال بالظل ، وذلك لأن هذه الأمور مشاق تتعب البدن وتؤذيه ، وليس في شيء منها قربة إلى الله سبحانه، وقد وضعت عن هذه الأمة الآصار والأغلال التي كانت على من قبلهم" انتهى.

وقال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في "جامع العلوم والحكم " :

"والأعمال قسمان : عبادات ، ومعاملات .

فأما العبادات ، فما كان منها خارجاً عن حكم الله ورسوله بالكلية ، فهو مردود على عامله ، وعامله يدخل تحت قوله : (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ الله) .

فمن تقرَّب إلى الله بعمل ، لم يجعله الله ورسولُه قربة إلى الله : فعمله باطلٌ مردودٌ عليه ، وهو شبيهٌ بحالِ الذين كانت صلاتُهم عندَ البيت مُكاء وتصدية .

وهذا كمن تقرَّب إلى الله تعالى بسماع الملاهي ، أو بالرَّقص، أو بكشف الرَّأس في غير الإحرام، وما أشبه ذلك من المحدثات التي لم يشرع الله ورسولُه التقرُّب بها بالكلية .

وليس ما كان قربة في عبادة ، يكونُ قربةً في غيرها مطلقاً ، فقد رأى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم رجلاً قائماً في الشمس ، فسأل عنه ، فقيل : إنَّه نذر أنْ يقوم ولا يقعدَ ولا يستظلَّ وأنْ يصومَ ، فأمره النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أنْ يَقعُدَ ويستظلَّ ، وأنْ يُتمَّ صومه . فلم يجعل قيامه وبروزه للشمس قربةً يُوفى بنذرهما ....

مع أنَّ القيام عبادةٌ في مواضعَ أُخَر ، كالصلاةِ والأذان والدعاء بعرفة ، والبروز للشمس قربةٌ للمحرِم .

فدلَّ على أنَّه ليس كلُّ ما كان قربة في موطنٍ يكون قربةً في كُلِّ المواطن ، وإنَّما يتبع في ذلك ما وردت به الشريعةُ في مواضعها" انتهى .

وروى أبو داود (2873) عن عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قال : حَفِظْتُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (لَا يُتْمَ بَعْدَ احْتِلَامٍ وَلَا صُمَاتَ يَوْمٍ إِلَى اللَّيْلِ) .

جاء في "عون المعبود" :

"(وَلَا صُمَات يَوْم إِلَى اللَّيْل ) : وَهُوَ السُّكُوت ، وَفِيهِ النَّهْي عَمَّا كَانَ مِنْ أَفْعَال الْجَاهِلِيَّة ، وَهُوَ الصَّمْت عَنْ الْكَلَام ، فِي الِاعْتِكَاف وَغَيْره . قَالَهُ الْعَلْقَمِيّ" انتهى .

وقال المناوي رحمه الله في "فيض القدير" (6/575) :

"(ولا صمات يوم إلى الليل) أي لا عبرة به ، ولا فضيلة له ، وليس مشروعا عندنا ، كما شرع للأمم قبلنا ؛ فنهى عنه لما فيه من التشبه بالنصرانية " انتهى .

وقال الخطابي رحمه الله في "معالم السنن" (4/87) :

"وقوله : (لا صمات يوم إلى الليل ) وكان أهل الجاهلية من نسكهم الصمات، وكان الواحد منهم يعتكف اليوم والليلة ، فيصمت ولا ينطق؛ فنهوا عن ذلك، وأمروا بالذكر والنطق بالخير" انتهى .

ويؤيد ما ذكره الخطابي رحمه الله ، من أن التعبد لله بالسكوت عن الكلام هو من فعل أهل الجاهلية ، ما رواه البخاري (3834) عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ قَالَ : دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ يُقَالُ لَهَا زَيْنَبُ ، فَرَآهَا لَا تَكَلَّمُ ، فَقَالَ : (مَا لَهَا لَا تَكَلَّمُ ؟ قَالُوا : حَجَّتْ مُصْمِتَةً . قَالَ لَهَا: تَكَلَّمِي ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ) .

قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" :

"وَقَالَ اِبْن الرِّفْعَة فِي قَوْل الشَّيْخ أَبِي إِسْحَاق فِي " التَّنْبِيه " : وَيُكْرَه لَهُ صَمْت يَوْم إِلَى اللَّيْل ، قَالَ فِي شَرْحه : إِذْ لَمْ يُؤْثِر ذَلِكَ ، بَلْ جَاءَ فِي حَدِيث اِبْن عَبَّاس : النَّهْي عَنْهُ .

ثُمَّ قَالَ : نَعَمْ ، قَدْ وَرَدَ فِي شَرْع مَنْ قَبْلنَا ، فَإِنْ قُلْنَا إِنَّهُ شَرْع لَنَا، لَمْ يُكْرَه ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبّ . قَالَهُ اِبْن يُونُس .

قَالَ : وَفِيهِ نَظَر ... وحَدِيث اِبْن عَبَّاس أَقَلّ دَرَجَاته الْكَرَاهَة .

قَالَ : وَحَيْثُ قُلْنَا إِنَّ شَرْع مَنْ قَبْلنَا ، شَرْع لَنَا ؛ فَذَاكَ إِذَا لَمْ يَرِد فِي شَرْعنَا مَا يُخَالِفهُ اِنْتَهَى .

قال الحافظ ابن حجر : وَهُوَ كَمَا قَالَ . ...

وَأَمَّا الْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي الصَّمْت وَفَضْله كَحَدِيثِ : (مَنْ صَمَتَ نَجَا) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن الْعَاصِ ، وَحَدِيث : (أَيْسَر الْعِبَادَة الصَّمْت) أَخْرَجَهُ اِبْن أَبِي الدُّنْيَا بِسَنَدٍ مُرْسَل رِجَاله ثِقَات ، إِلَى غَيْر ذَلِكَ ، فَلَا تُعَارِض مَا جَزَمَ بِهِ الشَّيْخ أَبُو إِسْحَاق مِنْ الْكَرَاهَة ، لِاخْتِلَافِ الْمَقَاصِد فِي ذَلِكَ ، فَالصَّمْت الْمُرَغَّب فِيهِ : تَرْك الْكَلَام الْبَاطِل ، وَكَذَا الْمُبَاح إِنْ جَرّ إِلَى شَيْء مِنْ ذَلِكَ ، وَالصَّمْت الْمَنْهِيّ عَنْهُ : تَرْك الْكَلَام فِي الْحَقّ لِمَنْ يَسْتَطِيعهُ ، وَكَذَا الْمُبَاح الْمُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ . وَاللَّهُ أَعْلَم" انتهى .

ويؤخذ من هذا : أن التعبد لله تعالى لم يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه . وأن ذلك كان شرعا لمن قبلنا ، لكن ورد شرعنا بالنهي عنه .

قال ابن قدامة في "المغني" (4/481) :

"وَلَيْسَ مِنْ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ الصَّمْتُ عَنْ الْكَلَامِ ، وَظَاهِرُ الْأَخْبَارِ تَحْرِيمُهُ... "

وذكر حديث أبي بكر المتقدم ، وحديث ( لَا صُمَاتَ يَوْمٍ إلَى اللَّيْلِ ) ، وحديث أبي إسرائيل ، ثم قال :

"فَإِنْ نَذَرَ ذَلِكَ فِي اعْتِكَافِهِ أَوْ غَيْرِهِ : لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَفَاءُ بِهِ .

وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ وَابْنُ الْمُنْذِرِ . وَلَا نَعْلَمُ فِيهِ مُخَالِفًا ...

وَإِنْ أَرَادَ فِعْلَهُ : لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ ، سَوَاءٌ نَذَرَهُ أَوْ لَمْ يَنْذُرْهُ .

وَقَالَ أَبُو ثَوْرٍ ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ : لَهُ فِعْلُهُ إذَا كَانَ أَسْلَمَ .

وَلَنَا : النَّهْيُ عَنْهُ ، وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ ، وَالْأَمْرُ بِالْكَلَامِ ، وَمُقْتَضَاهُ الْوُجُوبُ .

وَقَوْلُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : إنَّ هَذَا لَا يَحِلُّ ، هَذَا مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ .وَهَذَا صَرِيحٌ ، وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ فِيمَا عَلِمْنَاهُ ، وَاتِّبَاعُ ذَلِكَ أَوْلَى" انتهى .

ثانيا :

وأما السكوت عن الكلام تكفيرا لذنب كالغيبة أو غيرها ، فالذي يظهر فيه : أنه بدعة أيضا ، إذ لا تكفر الذنوب إلا بما جعله الله كفارة لها ، وكفارة الغيبة تكون بالتوبة والدعاء لمن اغتابه والثناء عليه ، إن لم تكن الغيبة وصلت إليه ، فإن وصلت إليه وجب الاعتذار له


اخوة الاسلام


وفي السؤال القادم توضيح هذا الامر ك مثال

ثالثا :

وأما السكوت عن الكلام لمجرد اللهو أو التحدي : فهو مباح ، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى السكوت عن أمر لا ينبغي السكوت عنه .

ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرنا بالسكوت مطلقا ، وإنما أمرنا بالسكوت إذا كان الكلام لا خير فيه ، وأمرنا بالكلام إذا كان الكلام خيرا .

فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ) روى البخاري (6018) ومسلم (47) .

قال النووي رحمه الله :

"مَعْنَاهُ : أَنَّهُ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّم : فَإِنْ كَانَ مَا يَتَكَلَّم بِهِ خَيْرًا مُحَقَّقًا يُثَاب عَلَيْهِ ، وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا فَلْيَتَكَلَّمْ .

وَإِنْ لَمْ يَظْهَر لَهُ أَنَّهُ خَيْر يُثَاب عَلَيْهِ ، فَلْيُمْسِك عَنْ الْكَلَام ، سَوَاء ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ حَرَام أَوْ مَكْرُوه أَوْ مُبَاح مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ.

فَعَلَى هَذَا : يَكُون الْكَلَام الْمُبَاح مَأْمُورًا بِتَرْكِهِ ، مَنْدُوبًا إِلَى الإِمْسَاك عَنْهُ ، مَخَافَةً مِنْ اِنْجِرَاره إِلَى الْمُحَرَّم أَوْ الْمَكْرُوه . وَهَذَا يَقَع فِي الْعَادَة كَثِيرًا أَوْ غَالِبًا . وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيد) ...

وَقَدْ أَخَذَ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ مَعْنَى الْحَدِيث فَقَالَ : إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَكَلَّم فَلْيُفَكِّرْ ; فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ أَنَّهُ لا ضَرَر عَلَيْهِ : تَكَلَّمَ ، وإِنْ ظَهَرَ لَهُ فِيهِ ضَرَر ، أَوْ شَكَّ فِيهِ أَمْسَكَ"

نتهى . "شرح مسلم" (2/25) .

وقال القاري رحمه الله في "مرقاة المفاتيح" (6/2247) في شرحه لحديث أبي إسرائيل المتقدم :

"وَإِنَّمَا أَمَرَهُ بِالتَّكَلُّمِ ؛ فَإِنَّهُ قَدْ يَجِبُ ، كَالْقِرَاءَةِ وَرَدِّ السَّلَامِ ؛ فَتَرْكُهُ مَعْصِيَةٌ" انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-14, 03:24   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الغيبة وكفارتها

السؤال

- ما حكم اتهام شخص بأنه لا يستطيع أن يتحكم بلسانه ؟

2- هل يجب أن أخبرهم بما قالوا عنهم ومن الذي قال ؟

هذا الأمر وقع وبدلاً من أن يتم إخبار الشخص عما قيل عنه ومن قاله، قالوا له بأن من نقل له الكلام هو الذي لا يتحكم بلسانه ، ولم يقولوا له أكثر من ذلك .
3- كيف يتم اتهام شخص بشيء ربما لم يقله بدون إخباره ؟

ربما يكون الشخص بريئاً وقد ساءت سمعته الآن، أرجو أن تخبرني بجميع الأحكام الإسلامية المتعلقة بهذا الشأن لكي أوقف القذف والإفتراء والغيبة التي وقعت على الشخص الذي اتهموه بأنه لا يتحكم بلسانه .


الجواب

الحمد لله

أولاً :

يجب على المسلم حفظ لسانه عما نُهيَ عنه ، ومن هذه المنهيَّات والتي تساهل الناس في الوقوع فيها كثيراً الغيبة والبهتان والنميمة .

والغِيبة : هي ذكر المسلم في غيبته بما فيه مما يكره نشره وذِكره ، والبهتان : ذِكر المسلم بما ليس فيه وهو الكذب في القول عليه ، والنميمة : هي نقل الكلام من طرف لآخر للإيقاع بينهما .

والأدلة في تحريم هذه الأفعال كثيرة ، نكتفي بذكرِ شيءٍ يسير فقط لوضوح تحريمها :

قال تعالى : { وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ } الحجرات / 12 .

عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أتدرون ما الغيبة ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ذِكرُك أخاك بما يكره ، قيل : أفرأيتَ إن كان في أخي ما أقول ؟ قال : إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهتَّه .

رواه مسلم ( 2589 ) .

عن ابن عباس قال : مرَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم على قبرين فقال : أما إنَّهما ليُعذَّبان وما يعذبان في كبير ، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة ، وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله ، قال : فدعا بعسيبٍ رطْبٍ فشقه باثنين ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً ثم قال لعله أن يخفف عنهما ما لم ييبسا .

رواه البخاري ( 213 ) ومسلم ( 292 ) .

ثانياً :

وقول القائل عن غيره " لا يستطيع التحكم بلسانه " هو لا شك مما يكرهه صاحبه ، فإن كان صحيحاً فهي غيبة وإلا فهي بهتان .

فعلى كل من وقع منه الغيبة أو البهتان أو النميمة أن يتوب ويستغفر فيما بينه وبين الله ، فإن علِم أنه قد بلَغ الكلامُ للمُتكلَّم عليه فليذهب إليه وليتحلل منه ، فإن لم يعلم فلا يُبلغه بل يستغفر له ويدعو له ويثني عليه كما تكلم فيه في غيبته . وكذا لو علم أنه لو أخبره ستزيد العداوة ، فإنه يكتفي بالدعاء والثناء عليه والاستغفار له .

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كانت له مظلمةٌ لأخيه من عرضه أو شيءٍ فليتحلَّلْه منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم ، إن كان له عمل صالح أُخذ منه بقدر مظلمته ، وإن لم تكن له حسنات أُخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه " .

رواه البخاري ( 2317 ) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية :

ومَن ظلم إنساناً فقذفه أو اغتابه أو شتمه ثم تاب قبِل الله توبته ، لكن إن عرف المظلومُ مكَّنه من أخذ حقه ، وإن قذفه أو اغتابه ولم يبلغه ففيه قولان للعلماء هما روايتان عن أحمد : أصحهما أنه لا يعلمه أني اغتبتك ، وقد قيل : بل يحسن إليه في غيبته كما أساء إليه في غيبته ؛ كما قال الحسن البصري : كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته .

" مجموع الفتاوى " ( 3 / 291 ) .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-14, 03:35   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يستفيد من الجمعيات التي يشرف
عليها منتمون إلى الأشاعرة أو يتبرع لها ؟


السؤال :

في لندن هناك الكثير من الجمعيات الخيرية ، والشركات ، أو المنظمات الدعوية التي تنتمي إلى مذاهب الأشاعرة أو الماتريدية ، فهل يجوز لنا الاستفادة منها أو تقديم التبرعات لها؟

الجواب :

الحمد لله


أولا :

لا شك أن إعانة المسلم ، وتفريج كربته ، وسد خلته وعوزه ، وكف ضيعته ، كل ذلك من مقتضيات موالاته التي وجبت له بأصل إيمانه ، كما قال الله تعالى : ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) التوبة/71 . وإلى ذلك يشير قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الْمُؤْمِنُ مِرْآةُ الْمُؤْمِنِ ، وَالْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ ، يَكُفُّ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ ، وَيَحُوطُهُ مِنْ وَرَائِهِ ) رواه أبو داود (4918) وحسنه الألباني .

وقوله صلى الله عليه وسلم : ( يَكُفّ عَلَيْهِ ضَيْعَته ) : أَيْ يَمْنَع تَلَفه وَخُسْرَانه . قال ابن الأثير : وَضَيْعَة الرَّجُل مَا يَكُون مِنْ مَعَاشه كَالصَّنْعَةِ وَالتِّجَارَة وَالزِّرَاعَة وَغَيْر ذَلِكَ ، أَيْ يَجْمَع إِلَيْهِ مَعِيشَته ، وَيَضُمّهَا لَهُ

وقوله : ( وَيَحُوطهُ مِنْ وَرَائِهِ ) : أَيْ يَحْفَظهُ وَيَصُونَهُ وَيَذُبّ عَنْهُ بِقَدْرِ الطَّاقَة . [ انظر : عون المعبود ]

وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا ـ وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ ـ ) رواه البخاري (481) ومسلم (2585) .

قال النووي : " قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمُؤْمِن لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضه بَعْضًا ) صَرِيح فِي تَعْظِيم حُقُوق الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ عَلَى بَعْض , وَحَثّهمْ عَلَى التَّرَاحُم وَالْمُلاطَفَة وَالتَّعَاضُد فِي غَيْر إِثْم وَلا مَكْرُوه ) .

والنصوص الشرعية من الكتاب والسنة الصحيحة كثيرة في هذا المعنى ، وفي جميعها تعليق للموالاة والنصرة والحيطة بأسماء الإيمان والإسلام ، فالواجب أن يكون ذلك هو أساس الحب والبغض ، والعطاء والمنع ، كما قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ أَعْطَى لِلَّهِ تَعَالَى وَمَنَعَ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَحَبَّ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَبْغَضَ لِلَّهِ تَعَالَى وَأَنْكَحَ لِلَّهِ تَعَالَى فَقَدْ اسْتَكْمَلَ إِيمَانَهُ ) أحمد (1519) والترمذي (2521) وأبو داود (4681) وحسنه الألباني .

وإذا كان الناس متفاوتين في معاني الإيمان والإسلام ، فبعضهم أتقى لله ، وأعظم استكمالا لهذه المعاني من بعض ، فكذلك يتفاوت ما لكل واحد من حقوق الموالاة ، بمقدار تحقيقه هذه المعاني ، وإن اشتركوا في أصل الموالاة الواجبة .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى [ 28/ 209 ] :

( الله سبحانه بعث الرسل وأنزل الكتب ليكون الدين كله لله ، فيكون الحب لأوليائه ، والبغض لأعدائه والإكرام لأوليائه ، والإهانة لأعدائه ، والثواب لأوليائه والعقاب لأعدائه . وإذا اجتمع في الرجل الواحد خير وشر ، وفجور وطاعة ومعصية ، وسنة وبدعة ، استحق من الموالاة والثواب بقدر ما فيه من الخير ، واستحق من المعاداة والعقاب بحسب ما فيه من الشر ، فيجتمع في الشخص الواحد موجبات الإكرام والإهانة ، فيجتمع له من هذا وهذا ، كاللص الفقير تقطع يده لسرقته ، ويعطى من بيت المال ما يكفيه لحاجته .

هذا هو الأصل الذي اتفق عليه أهل السنة والجماعة.. ) .

وعلى هذا الأصل العام ينبني الجواب عن هذا السؤال .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

( البدعة منها ما يُعذر فيه الإنسان ، ومنها ما يصل إلى درجة الفسق ، ومنها ما يصل إلى درجة الكفر ؛ فأصحاب البدعة المكفرة لا تجوز معونتهم إطلاقا ، وإن تسموا بالإسلام ، لأن تسميهم بالإسلام مع الإقامة والإصرار على البدعة المكفرة ، بعد البيان ، يُلحقهم بالمنافقين الذين قالوا نشهد إنك لرسول الله ، فقال الله تعالى : ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ ) المنافقون/1 .

أما البدع المفسقة ، أو التي يعذر فيها الإنسان بعذر سائغ ، فإن بدعتهم لا تمنع معونتهم ، فيعاونون على أعدائهم الكفار ، لأنهم لا شك خير من هؤلاء الكفار . ) الباب المفتوح ، اللقاء الثاني 1/66 .

لكن ينبغي أن يُمنعوا من صرف هذه الأموال في إقامة بدعتهم ، أو نشرها ، فإن علم منهم ، أو غلب على ظن المعطي أنهم يستعينون بها على بدعتهم ، ولم يمكن منعهم من ذلك ، ولا صرفها في حاجاتهم المباحة ، فإنهم لا يُعطون من هذه الأموال ، لما فيه من إعانتهم على إثمهم ، وقد قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثم وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2 .

ثانيا :

التعاون مع الجمعيات الخيرية التي يقوم عليها المبتدعة ، فيه تفصيل :

إما أن تكون هذه الجمعيات يغلب عليها وعلى أنشطتها نشر البدعة والاهتمام بها ، أو لا ؟

فإن كانت أنشطتها يغلب عليها نشر الأشعرية أو الماتريدية بين أهل السنة ، ويحرصون على نقل أهل السنة إلى مذهبهم ، ففي هذه الحالة لا شك في النهي عن دعمها ؛ لأن في دعمها عدة مفاسد : مفسدة مخالطة المبتدع وتوقيره ؛ ومفسدة المساهمة في نشر البدعة والجمعيات الداعية إليها ، ومفسدة إضلال المسلمين عن طريق النبي صلى الله عليه وسلم .

ولا حرج على المحتاج : أن يستفيد منها مالا أو متاعا ، مع الحذر من الاستماع إلى شبههم أو التأثر ببدعتهم .

أما إذا كانت أنشطة هذه الجمعيات أنشطة إغاثية ، أو للنفع العام : من إصلاح بين الناس ، وعلاج المرضى ، وإغاثة الملهوف ، ونصرة المظلوم ونحو ذلك ، ولا يهتم القائمون على تلك الجمعيات بنشر مذهبهم المخالف لمذهب أهل السنة ؛ فهنا تترجح مصلحة نفع المسلمين على مفسدة مخالطة المبتدع ، لا سيما إذا لم يترتب على هجرانه انزجار ولا تحذير .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :

"فإذا لم يكن في هجرانه انزجار أحد ، ولا انتهاء أحد؛ بل بطلان كثير من الحسنات المأمور بها: لم تكن هجرة مأمورا بها ، كما ذكره أحمد عن أهل خراسان إذ ذاك : أنهم لم يكونوا يقوون بالجهمية [أي : لم يكونوا يستطيعون أن يظهروا العداوة للجهمية] .

فإذا عجزوا عن إظهار العداوة لهم ، سقط الأمر بفعل هذه الحسنة ، وكان : مداراتهم فيه دفع الضرر عن المؤمن الضعيف ، ولعله أن يكون فيه تأليف الفاجر القوي .

وكذلك لما كثر القدر في أهل البصرة [أي : بدعة نفي القدر] ، فلو ترك رواية الحديث عنهم ، لاندرس العلم والسنن ، والآثار المحفوظة فيهم .

فإذا تعذر إقامة الواجبات ، من العلم والجهاد وغير ذلك ، إلا بمن فيه بدعة ، مضرتها دون مضرة ترك ذلك الواجب = كان تحصيل مصلحة الواجب ، مع مفسدة مرجوحة معه : خيرا من العكس .

ولهذا كان الكلام في هذه المسائل فيه تفصيل "

انتهى . "مجموع الفتاوى" (28/212) .

وكذلك أيضا : إذا كانت أنشطة هذه الجمعيات الدعوية موجهة إلى غير المسلمين ، فيدعون الكفار إلى الإسلام ، ولو على مذهبهم هم ، فإن دعمهم في هذه الحالة متأكد مشروع ؛ وذلك لأن انتقال الإنسان من الكفر إلى الإسلام خير عظيم، حتى وإن تلبس ببعض البدع والضلالات.

وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "مجموع الفتاوى" (13/95- 97) بعض الضلالات والخرافات التي قد يقع فيها بعض الناس ثم قال :

"وهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ وَاقِعٌ كَثِيرًا ، وَكُلَّمَا كَانَ الْقَوْمُ أَجْهَلَ ، كَانَ عِنْدَهُمْ أَكْثَرُ ، فَفِي الْمُشْرِكِينَ أَكْثَرُ مِمَّا فِي النَّصَارَى ، وَهُوَ فِي النَّصَارَى كَمَا هُوَ فِي الدَّاخِلِينَ فِي الْإِسْلَامِ .

وَهَذِهِ الْأُمُورُ يُسْلِمُ بِسَبَبِهَا نَاسٌ ، وَيَتُوبُ بِسَبَبِهَا نَاسٌ يَكُونُونَ أَضَلَّ مِنْ أَصْحَابِهَا ، فَيَنْتَقِلُونَ بِسَبَبِهَا إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا كَانوا عَلَيْهِ ، كَالشَّيْخِ الَّذِي فِيهِ كَذِبٌ وَفُجُورٌ مِنْ الْإِنْسِ ، قَدْ يَأْتِيهِ قَوْمٌ كُفَّارٌ فَيَدْعُوهُمْ إلَى الْإِسْلَامِ فَيُسْلِمُونَ وَيَصِيرُونَ خَيْرًا مِمَّا كَانُوا ، وَإِنْ كَانَ قَصْدُ ذَلِكَ الرَّجُلِ فَاسِدًا ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (إنَّ اللَّهَ يُؤَيِّدُ هَذَا الدِّينَ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ وَبِأَقْوَامِ لَا خَلَاقَ لَهُمْ) .

وَهَذَا كَالْحُجَجِ وَالْأَدِلَّةِ الَّتِي يَذْكُرُهَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكَلَامِ وَالرَّأْيِ ، فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ بِهَا كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَاطِلِ ، وَيَقْوَى بِهَا قُلُوبُ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ ؛ وَإِنْ كَانَتْ فِي نَفْسِهَا بَاطِلَةً ، فَغَيْرُهَا أَبْطَلُ مِنْهَا، وَالْخَيْرُ وَالشَّرُّ دَرَجَاتٌ ، فَيَنْتَفِعُ بِهَا أَقْوَامٌ يَنْتَقِلُونَ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ إلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ.

وَقَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنْ مُبْتَدِعَةِ الْمُسْلِمِينَ: مِنْ الرَّافِضَةِ وَالْجَهْمِيَّة وَغَيْرِهِمْ إلَى بِلَادِ الْكُفَّارِ ، فَأَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ ، وَانْتَفَعُوا بِذَلِكَ ، وَصَارُوا مُسْلِمِينَ مُبْتَدِعِينَ؛ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَكُونُوا كُفَّارًا. وَكَذَلِكَ بَعْضُ الْمُلُوكِ قَدْ يَغْزُو غَزْوًا يَظْلِمُ فِيهِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارَ ، وَيَكُونُ آثِمًا بِذَلِكَ ، وَمَعَ هَذَا: فَيَحْصُلُ بِهِ نَفْعُ خَلْقٍ كَثِيرٍ كَانُوا كُفَّارًا ، فَصَارُوا مُسْلِمِينَ ، وَذَاكَ كَانَ شَرًّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْقَائِمِ بِالْوَاجِبِ ؛ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْكُفَّارِ فَهُوَ خَيْرٌ.

وَكَذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَحَادِيثِ الضَّعِيفَةِ فِي التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَالْفَضَائِلِ وَالْأَحْكَامِ وَالْقِصَصِ، قَدْ يَسْمَعُهَا أَقْوَامٌ فَيَنْتَقِلُونَ بِهَا إلَى خَيْرٍ مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَتْ كَذِبًا

وَاَللَّهُ تَعَالَى بَعَثَ الرُّسُلَ بِتَحْصِيلِ الْمَصَالِحِ وَتَكْمِيلِهَا ، وَتَعْطِيلِ الْمَفَاسِدِ وَتَقْلِيلِهَا ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا الْخَلْقَ بِغَايَةِ الْإِمْكَانِ ، وَنَقَلَ كُلَّ شَخْصٍ إلَى خَيْرٍ مِمَّا كَانَ عَلَيْهِ ، بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ (وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) .

وَأَكْثَرُ الْمُتَكَلِّمِينَ يَرُدُّونَ بَاطِلًا بِبَاطِلِ وَبِدْعَةً بِبِدْعَةِ؛ لَكِنْ قَدْ يَرُدُّونَ بَاطِلَ الْكُفَّارِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ ، بِبَاطِلِ الْمُسْلِمِينَ ؛ فَيَصِيرُ الْكَافِرُ مُسْلِمًا مُبْتَدِعًا .

وَأَخَصُّ مِنْ هَؤُلَاءِ: مَنْ يَرُدُّ الْبِدَعَ الظَّاهِرَةَ ، كَبِدْعَةِ الرَّافِضَةِ ، بِبِدْعَةِ أَخَفَّ مِنْهَا ، وَهِيَ بِدْعَةُ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ أَصْنَافَ الْبِدَعِ. وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْمُعْتَزِلَةَ خَيْرٌ مِنْ الرَّافِضَةِ وَمِنْ الْخَوَارِجِ" انتهى .

مع التنبه إلى أن من القائمين على الجمعيات الخيرية من هو جاهل أو مقلد ، أو مجتهد لم يوفق للصواب فيكون معذوراً ، ولا يحكم عليه بأنه مبتدع أصلا ، بل يُحكم عليه بالخطأ .

والخلاصة : أن التبرع للجمعيات التي يقوم عليها متلبس بالبدعة ، لا يصح أن يكون محكوماً عليه بالتحريم أو المنع مطلقا ، بل لا بد من النظر فيه ؛ فإن انطوى الأمر على مصلحة راجحة فهو مشروع ، وإلا منع منه .

وهذا كله إذا لم توجد جمعيات من أهل السنة والجماعة تقوم بالمطلوب ، وتسد الثغرة في المكان المعين ؛ فإن وجدت ، فلا شك أنها الأولى بالدعم ، قدر الاستطاعة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-14, 03:41   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

البدعة قد يترتب عليها فائدة لكنها
مهدرة في جانب شرها ومفسدتها


السؤال :

في كتاب "معرفة قواعد البدع" للجيزاني استشهد الكاتب بقول لابن تيمية من كتاب "اقتضاء الصراط المستقيم" : " لأن جميع المبتدعات لابد أن تشمل على شر راجح على مافيها من الخير إذ لو كان خيرها راجحا لما أهملتها الشريعة " .

(فنحن نستدل بكونها بدعة علة ان اثمها اكبر من نفعها وزلك هو الموجب للنهي) هل هذا قيد ؛ أي أن يرجح الشر على الخير في الشيء ليكون بدعة . وجملة ، وهذا هو الموجب للنهي ، ما الدليل على هذه الجملة

لأنه قد توجد بدعة ، ويكون خيرها أكثر من شرها ، أو هل يمكن أن يكون قصده أنها في النهاية تؤول إلى شر أكبر من خيرها الظاهر أمامنا الآن ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا:

البدعة : هي كل أمر محدث في الدين ، لم يدل عليه دليل من الشرع.

وقد تكون بدعة حقيقية، لم تشرع بأصلها ، ولا وصفها، كبدعة عبادة القبور ، وبناء المساجد عليها ، وتعظيمها.

وقد تكون بدعة إضافية، وهي ما كان أصله مشروعا، لكن دخله الابتداع من جهة التخصيص بزمان أو مكان أو هيئة أو عدد ، لم يرد به دليل من الشرع . كتخصيص أيام معينة بعدد معين من الأذكار ونحو ذلك

ثانيا:

البدعة مذمومة بنوعيها –الحقيقي والإضافي- وقد يوجد في بعض البدع الإضافية ، بعض الفائدة والنفع لصاحبها ، أو لمن حوله، لكنه نفع مغمور في مفسدة البدعة .

فالبدعة شرها راجح، ومن أعظم شرها : أنه يلزم من اعتقادها ، وسلوكها : نوع استدراك على الشارع، واتهام له بالنقص، فمهما كان فيها من نفع كترقيق القلب، أو الإحسان للفقراء بالإطعام في المواسم المبتدعة، ونحوه، فهو مهدر ، في جنب ما فيها من مخالفة قصد الشارع ، بل نصه في النهي عن المحدثات ، وما يلزم عنها من الاستدراك على الشارع .

قال ابن الماجشون رحمه الله: " سمعت مالكا يقول: "من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة؛ لأن الله يقول: (اليوم أكملت لكم دينكم)، فما لم يكن يومئذ دينا، فلا يكون اليوم دينا"

انتهى من الاعتصام للشاطبي (1/ 65).

وهذا المعنى، أعني أن البدعة قد تشتمل على فائدة-لكنها مهدرة في جانب المفاسد المترتبة عليها- هو ما نبه عليه الدكتور محمد بن حسين الجيزاني في "قواعد البدع" ص37 بقوله:

" لا يشترط في البدعة ألا يوجد لها بعض الفوائد، بل قد توجد لبعض البدع بعض الفوائد، إذ ليست البدع من قبيل الباطل الخالص الذي لا حق فيه، ولا هي من الشر المحض الذي لا خير فيه.

وهذه الفوائد التي قد توجد في بدعة من البدع لا تجعلها مشروعة، ذلك لأن الجانب الغالب في البدعة هو المفسدة، وأما جانب الفائدة والمنفعة فهو مرجوح؛ فلا يبنى عليه ولا يلتفت إليه.

قال ابن تيمية: ( بل اليهود والنصارى يجدون في عباداتهم أيضًا فوائد، وذلك لأنه لا بد أن تشتمل عباداتهم على نوع ما مشروع من جنسه، كما أن أقوالهم لا بد أن تشتمل على صدق ما ، مأثور عن الأنبياء . ثم مع ذلك لا يوجب ذلك أن نفعل عباداتهم ، أو نروي كلماتهم.

لأن جميع المبتدعات لا بد أن تشتمل على شر راجح على ما فيها من الخير، إذ لو كان خيرها راجحًا لما أهملتها الشريعة.

فنحن نستدل بكونها بدعة ، على أن إثمها أكبر من نفعها، وذلك هو الموجب للنهي .

وأقول: إن إثمها قد يزول عن بعض الأشخاص لمعارض ؛ لاجتهاد أو غيره)" انتهى.

فكون الشر غالبا في البدعة : وصفٌ لازم لها، وليس قيدا احترازيا ، قد يوجد وقد لا يوجد، وهذا واضح من النقل عن شيخ الإسلام وقوله: " لأن جميع المبتدعات لا بد أن تشتمل على شر راجح على ما فيها من الخير".

وأما قول السائل: " لأنه قد توجد بدعة ، ويكون خيرها أكثر من شرها" : فهذا ليس صحيحا، فلا يمكن أن يكون في البدعة خير يزيد على مفسدتها وشرها؛ إذ لو كان كذلك لما ذمها الشارع ، ومنع منها، لأن الشريعة لا تنهى عما فيه مصلحة خالصة ، أو راجحة.

بل نحن إذا علمنا أن فعلا ما بدعة في الشرع، علمنا بذلك أن مفسدته وشره : أعظم من نفعه ، على فرض وجود نفع فيه .

وقد أشرنا إلى مثال ذلك، كالمنفعة الحاصلة للمتعبد بالأذكار المبتدعة، فإنه قد يجد راحة وصفاء لقلبه، لكن مفسدة البدعة من جهة أنها استدراك على الشارع أعظم بكثير من هذه المنفعة، إلى غير ذلك من المفاسد الآتي ذكرها .

على أن هذه المنفعة يمكن تحصيلها ، بأتم من ذلك ، وأكمل ، بالطريق المشروع ، كما لا يخفى. فكل منفعة يمكن أن تترتب على البدع، يمكن تحصيلها بالطريق المشروع من غير ابتداع.

وقد بين شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، بعض مفاسد البدع بعد كلامه السابق ، فقال:

" وأما ما فيها من المنفعة، فيعارضه ما فيها من مفاسد البدع الراجحة: منها:

مع ما تقدم من المفسدة الاعتقادية والحالية: أن القلوب تستعذبها ، وتستغني بها عن كثير من السنن، حتى تجد كثيرًا من العامة يحافظ عليها ما لا يحافظ على التراويح ، والصلوات الخمس.

ومنها: أن الخاصة والعامة تنقص -بسببها- عنايتهم بالفرائض والسنن، ورغبتهم فيها، فتجد الرجل يجتهد فيها، ويخلص وينيب، ويفعل فيها ما لا يفعله في الفرائض والسنن، حتى كأنه يفعل هذه عبادة، ويفعل الفرائض والسنن عادة ووظيفة ؛ وهذا عكس الدين، فيفوته بذلك ما في الفرائض والسنن من المغفرة والرحمة والرقة والطهارة والخشوع، وإجابة الدعوة، وحلاوة المناجاة، إلى غير ذلك من الفوائد. وإن لم يفته هذا كله، فلا بد أن يفوته كماله.

ومنها: ما في ذلك من مصير المعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، وجهالة أكثر الناس بدين المرسلين، وانتشاء زرع الجاهلية.

ومنها: اشتمالها على أنواع من المكروهات في الشريعة مثل: تأخير الفطور، وأداء العشاء الآخرة بلا قلوب حاضرة، والمبادرة إلى تعجيلها، والسجود بعد السلام لغير سهو، وأنواع من الأذكار ومقاديرها لا أصل لها، إلى غير ذلك من المفاسد التي لا يدركها إلا من استنارت بصيرته، وسلمت سريرته.

ومنها: مسارقة الطبع إلى الانحلال من ربقة الاتباع ، وفوات سلوك الصراط المستقيم، وذلك أن النفس فيها نوع من الكبر، فتحب أن تخرج من العبودية والاتباع ، بحسب الإمكان، كما قال أبو عثمان النيسابوري رحمه الله: ما ترك أحد شيئًا من السنة إلا لكبر في نفسه. ثم هذا مظنة لغيره، فينسلخ القلب عن حقيقة اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، ويصير فيه من الكبر وضعف الإيمان ما يفسد عليه دينه، أو يكاد، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا.

ومنها: ما تقدم التنبيه عليه في أعياد أهل الكتاب من المفاسد التي توجد في كلا النوعين المحدَثين، النوع الذي فيه مشابهة، والنوع الذي لا مشابهة فيه"

انتهى من "اقتضاء الصراط المستقيم" 2/ 118).

وقال الشاطبي رحمه الله في بيان مفاسد البدعة:

" 1-أن المبتدع معاند للشرع ومشاق له؛ لأن الشارع، قد عيّن لمطَالب العبد طُرقا خاصة، على وجوه خاصة، وقصرَ الخلق عليها، بالأمر والنهي، والوعد، والوعيد، وأخبر أن الخير فيها، والشر في تعديها؛ لأن الله يعلم ونحن لا نعلم

وأنه إنما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين. فالمبتدع رادٌّ لهذا كله، فإنه يزعم أن ثَمَّ طرقا أٌخَر، ليس ما حصره الشارع بمحصور، ولا ما عينه بمتعين، كأنّ الشارع يعلم، ونحن أيضا نعلم، بل ربما يفهم من استدراكه الطرق على الشارع، أنه علم مالم يعلمه الشارع.

وهذا العمل من المبتدِع، إن كان مقصودًا، فهو كفر، وإن كان غير مقصود، فهو ضلال.

2 -ثم إن المبتدع بعمله هذا قد نزّل نفسه منزلة المضاهي للشارع؛ لأن الشارع وضع الشرائع ، وألزم الخلق الجري على سننها، وصار هو المنفرد بذلك؛ لأنه حكم بين الخلق ، فيما كانوا فيه يختلفون، فالشرع ليس من مدركات العقول، حتى يضع كل إنسان تشريعا من عند نفسه، ولو كان الأمر كذلك، لما احتيج إلى بعثة الرسل إلى البشرية، فكأن هذا المبتدع في دين الله قد صيّر نفسه نظيرًا ومضاهيا للشارع، حيث عمل تشريعا مثله، وفتح باب الاختلاف والفرقة.

3 -ثم إن هذا العمل من المبتدع أيضا، اتباع للهوى، والشهوات والله يقول: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ) ، فمن لم يتبع هدى الله في هوى نفسه، فلا أحد أضلُّ منه) .

4-أن هذا المبتدع في دين الله عز وجل، الذي جعل نفسه مضاهيا للشارع، قد جاء ذمُّهُ في كتاب الله عز وجل لأنه من زاغ ، أزاغ الله قلبه، إذ الجزاء من جنس العمل فالله يقول: (فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ) ، وذلك باتباعهم المتشابه من القرآن، وترك محكمه، وابتغائهم تأويله، أي تحريفه"

انتهى ملخصا من الاعتصام (1/ 68).

والله أعلم.









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-14, 03:48   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حكم الاستماع للعقلانيين والخرافين
والخوارج بحجة أخذ الحق وترك الباطل .


السؤال :

ما ردكم على من يستمع لأهل بدع واهواء عقلانيون وصوفيون خرافيون وخوارج عندما تنهاه عن الاستماع لهم يقول لك خذ حق واترك باطل وهل القاعدة تصلح لكل مسلم أم هي للعلماء ؟

الجواب :

الحمد لله

الاستماع إلى أهل الضلال والأهواء والبدع ، كالعلمانيين والخرافيين والخوارج والروافض : خطر عظيم على دين المرء، ما لم يكن عالما بشبهاتهم والرد عليها، وإلا فلا يؤمن عليه أن يقذفوه فيها.

ولهذا حذر أئمة السلف من الجلوس إلى أهل الأهواء، أو استماع شبهاتهم.

كان أبو قلابة رحمه الله يقول: " لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم، فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لبس عليهم ".

وقال أبو إسحاق الهمداني: " من وقر صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ".

ودخل رجلان على محمد بن سيرين من أهل الأهواء، فقالا: يا أبا بكر نحدثك، قال: لا، قالا: فنقرأ عليك آية من كتاب الله عز وجل، قال: لا، لتقومُنَّ عني ، أو لأقومَنَّه . فقام الرجلان فخرجا.

وقال الفضيل بن عياض: " لا تجلس مع صاحب بدعة؛ فإني أخاف أن ينزل عليك اللعنة ".

وقال محمد بن النضر الحارثي: " من أصغى سمعه إلى صاحب بدعة، وهو يعلم أنه صاحب بدعة، نزعت منه العصمة، ووكل إلى نفسه ".

وقال عبد الرزاق الصنعاني الإمام: قال: قال لي إبراهيم بن أبي يحيى: " إني أرى المعتزلة عندكم كثيرا. قلت: نعم، وهم يزعمون أنك منهم. قال: أفلا تدخل معي هذا الحانوت حتى أكلمك؟ قلت: لا. قال: لم؟ قلت: لأن القلب ضعيف، وإن الدين ليس لمن غلب.

وانظر هذه الآثار في "الشريعة للآجري"، و"أصول اعتقاد أهل السنة" لللالكائي.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" وكل من أظهر هذه الإشارات البدعية ، التي هي فُشارت [ أي : هذيان ، لا حقيقة له ] ... ، فهم أهل باطل وضلال ، وكذب ومِحال [ المِحال : المكر وطلب الأمور بالحيل ]، مستحقون التعزير البليغ والنكال ، وهم إما صاحب حال شيطاني ، وإما صاحب حال بهتاني ؛ فهؤلاء جمهورهم ، وأولئك خواصهم .

وهؤلاء يجب عليهم أن يتوبوا من هذه البدع والمنكرات ، ويلزموا طريق الله الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم ، ليس لهم أن يكونوا قدوة للمسلمين ، وليس لأحد أن يقتدي بهم .

ومن كثر جمعهم الباطل ، وحضر سماعاتهم التي يفعلونها في المساجد وغيرها ، أو حسن حالهم ، أو قرر مِحالهم من أئمة المساجد : فإنه مستحق التعزير البليغ الذي يستحقه أمثاله. وأقل تعزيره : أن يعزل مثل هذا عن إمامة المسلمين ؛ فإن هذا معين لأئمة الضلالة ، أو هو منهم ، فلا يصلح أن يكون إماما لأهل الهدى والفلاح . قال الله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) المائدة /2، وقال تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران /104"

"جامع المسائل" (3/153-154) ط عالم الفوائد .

وقال الذهبي رحمه الله وساق قول سفيان: "من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة وهو يعلم خرج من عصمة الله ووكل إلى نفسه، وعنه: من يسمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه لا يلقيها في قلوبه".

ثم قال الذهبي: " قلت: أكثر أئمة السلف على هذا التحذير، يرون أن القلوب ضعيفة، والشبه خطافة "

انتهى من "سير أعلام النبلاء (7/ 261).

فإذا كان هذا حال الأئمة، فكيف بمن لا حظ له من العلم ؟!

وأما مقولة: خذ الحق، واترك الباطل، فهذه لمن تمكن في العلم ، وصارت له من الفقه والملكة ما يميز به بين الحق والباطل، ويكون لاستماعه حاجة ومقصد معتبر، كالرد على شبهاتهم.

وبعض الناس يظن أنه يميز بين الحق والباطل، والواقع أنه بعيد عن ذلك؛ لأن أهل الأهواء والبدع قد يكون لهم شبهات دقيقة، يحتاج معرفة باطلها إلى حظ كبير من العلم، فربما اتصلت الشبهة بمباحث لغوية، أو عقلية، أو أصولية، والمستمع لم يدرس اللغة، ولا المعقول، ولا الأصول، فأنّى له أن يعرف بطلان ما يلقى عليه، فضلا عن تمكنه من رده.

وقد كان الجلوس إلى أهل الأهواء سببا في انحراف جماعة من الأذكياء ممن لهم حظ من العلم.

1-كان انحراف عمران بن حطان إلى رأي الخوارج بسبب امرأة، ظن أنه سيتزوجها ويردها إلى السنة.

قال الذهبي رحمه الله: " عن ابن سيرين، قال: تزوج عمران خارجية، وقال: سأردها.

قال: فصرفته إلى مذهبها"

انتهى من سير أعلام النبلاء (4/ 214).

2-وتأثر ابن عقيل الحنبلي رحمه الله بالمعتزلة، لسماعه منهم.

قال ابن رجب رحمه الله في ترجمة ابن عقيل الحنبلي: " أصحابنا كانوا ينقمون على ابن عقيل تردده إلى ابن الوليد، وابن التُّبان ، شيخي المعتزلة. وكان يقرأ عليهما في السر علم الكلام، ويظهر منه في بعض الأحيان نوع انحراف عن السنة، وتأول لبعض الصفات .

ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات رحمه الله" انتهى من ذيل طبقات الحنابلة (1/ 322).

وابن عقيل كان من أذكياء الناس، ومع ذلك تأثر بهذا التلقي.

نقل الذهبي عنه قوله: " وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علما نافعا".

وعلق الذهبي بقوله: "قلت: كانوا ينهونه عن مجالسة المعتزلة، ويأبى حتى وقع في حبائلهم، وتجسر على تأويل النصوص - نسأل الله السلامة - "

انتهى من السير (19/ 447).

فانصح صاحبك أن يصون سمعه عن الشبهات، وأن يحذر على قلبه، وألا يغتر بنفسه، وأن يلزم هدي السلف في مجانبتهم لأهل الأهواء، وعدم الإنصات لهم.

وقانا الله وإياكم البدع والأهواء وأهلها.

والله أعلم.









رد مع اقتباس
إضافة رد

أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 10:53

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2023 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc