التكليف >> أصول الفقه - الصفحة 3 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

التكليف >> أصول الفقه

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2018-03-18, 16:32   رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما سبب ثقل الصلاة على نفوس كثير من الناس ؟

السؤال:

معظم المسلمين اليوم تجد أثقل عبادة عليهم في أدائها هي الصلاة , فأرجو منكم توضيح سبب ذلك .


الجواب :

الحمد لله

أولا :

الصلاة ركن من أركان الدين ، وهي أعظم الأركان بعد الشهادتين ، وجاءت الوصاية بها وبالمحافظة عليها في مواضع كثيرة متعددة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة ، فإن صلحت صلح سائر عمله ، وإن فسدت فسد سائر عمله .

ومع جلالة شأنها وعظم منزلتها نجد كثيرا من المسلمين يتهاون بشأنها : في طهارتها ، أو قيامها ، أو ركوعها ، أو سجودها ، أو خشوعها ، أو قراءتها وأذكارها ، أو أوقاتها .

وإنما يثقل أداء الصلاة على وجهها على كثير من الناس لأسباب متعددة ، منها :

- أنهم يرون فيها تكليفا ومشقة ، وعادة النفس أنها تنفر من التكليف والاستخدام وتحب الدعة والراحة ، بينما يراها المؤمنون المتقون رحمة ونعيما وقرة عين ، قال ابن القيم رحمه الله :

" لَا يَجِدُ المؤمن فِي أَوْرَادِ الْعِبَادَةِ كُلْفَةً، وَلَا تَصِيرُ تَكْلِيفًا فِي حَقِّهِ. فَإِنَّ مَا يَفْعَلُهُ الْمُحِبُّ الصَّادِقُ، وَيَأْتِي بِهِ فِي خِدْمَةِ مَحْبُوبِهِ: هُوَ أَسَرُّ شَيْءٍ إِلَيْهِ، وَأَلَذُّهُ عِنْدَهُ، وَلَا يَرَى ذَلِكَ تَكْلِيفًا، لِمَا فِي التَّكْلِيفِ: مِنْ إِلْزَامِ الْمُكَلَّفِ بِمَا فِيهِ كُلْفَةٌ وَمَشَقَّةٌ عَلَيْهِ. وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ إِنَّمَا سَمَّى أَوَامِرَهُ وَنَوَاهِيَهُ: وَصِيَّةً، وَعَهْدًا، وَمَوْعِظَةً، وَرَحْمَةً وَلَمْ يُطْلِقْ عَلَيْهَا اسْمَ التَّكْلِيفِ إِلَّا فِي جَانِبِ النَّفْيِ كَقَوْلِهِ: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا) البقرة 286 "

انتهى من "مدارج السالكين" (3/ 157)

- وجوبها خمس مرات في كل يوم وليلة في أوقاتها ؛ فيرى البطالون أن في ذلك شدة عليهم ؛ لما اعتادوه وأحبوه من الدعة والراحة .

- تقديم الرغبات الدنيوية والشهوات النفسية على محبة الصلاة ، والقيام إليها ، وإتيانها مع المسلمين في الجماعات ، فتجد كثيرا من الناس يقدم النوم على القيام إلى الصلاة ، ومنهم من يقدم العمل ، بل منهم من يقدم اللعب عليها إذا تعارضت معه .

- تكالب الناس على الدنيا وانشغالهم بها ، ونسيان أمر الآخرة أو تأخيره .

- تغليب الأمانيّ على جانب الخوف من الله ، فيقول أحدهم إذا نُصح في أمر الصلاة : إن الله غفور رحيم ، وهو أرحم بنا من أمهاتنا ، فيدعوه ذلك إلى التهاون بأمور الدين وعدم المبالاة والتقصير ، وهذه من الأماني الكواذب ، وليس من حسن الرجاء في رحمة الله .

قال ابن القيم رحمه الله :

" مَنْ رَجَا شَيْئًا اسْتَلْزَمَ رَجَاؤُهُ ثَلَاثَةَ أُمُورٍ:

أَحَدُهَا: مَحَبَّةُ مَا يَرْجُوهُ.

الثَّانِي: خَوْفُهُ مِنْ فَوَاتِهِ.

الثَّالِثُ: سَعْيُهُ فِي تَحْصِيلِهِ بِحَسْبِ الْإِمْكَانِ.

وَأَمَّا رَجَاءٌ لَا يُقَارِنُهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ : فَهُوَ مِنْ بَابِ الْأَمَانِيِّ، وَالرَّجَاءُ شَيْءٌ وَالْأَمَانِيُّ شَيْءٌ آخَرُ، فَكُلُّ رَاجٍ خَائِفٌ، وَالسَّائِرُ عَلَى الطَّرِيقِ إِذَا خَافَ أَسْرَعَ السَّيْرَ مَخَافَةَ الْفَوَاتِ "

انتهى من "الجواب الكافي" (ص 39)

- ضعف الإيمان في قلوب كثير من الناس ، فالصلاة قرة عيون المؤمنين ، وهي ثقيلة على المنافقين ، فمن ثقلت عليه صلاته فقد أشبه المنافقين ، الذين لا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَيْسَ صَلاَةٌ أَثْقَلَ عَلَى المُنَافِقِينَ مِنَ الفَجْرِ وَالعِشَاءِ ) رواه البخاري (657) ومسلم (651) .

فكل الصلوات ثقيلة على المنافقين ، وأثقلها عليهم : صلاة العشاء وصلاة الفجر ، فلا تثقل صلاة على أحد إلا لضعف إيمانه ، وما فيه من الشبه بالمنافقين .

- أصدقاء السوء ، وهؤلاء عقبة أمام كل خير ، وربما وجدت أحدهم وله همة إلى الصلاة ، فيبتلى بأهل الشر ، فلا يزالون به حتى يثبطوه عن أدائها ، ويثقلوا فعلها عليه .

والله تعالى أعلم .








 


رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 16:38   رقم المشاركة : 32
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يشرع قصد ما فيه مشقة لزيادة الأجر ؟

السؤال

قرأت ( لا يؤجر المكلف على المشقة إذا قصدها ، وإنما يؤجر عليها إذا كانت مقارنة للفعل المكلف به ، وذلك أن المشقة ليست مقصودة لذاتها )

وأشكل علي حديث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ رَجُلٌ لَا أَعْلَمُ رَجُلًا أَبْعَدَ مِنْ الْمَسْجِدِ مِنْهُ وَكَانَ لَا تُخْطِئُهُ صَلَاةٌ ، قَالَ : فَقِيلَ لَهُ ، أَوْ قُلْتُ لَهُ لَوْ اشْتَرَيْتَ حِمَارًا تَرْكَبُهُ فِي الظَّلْمَاءِ وَفِي الرَّمْضَاءِ

قَالَ : مَا يَسُرُّنِي أَنَّ مَنْزِلِي إِلَى جَنْبِ الْمَسْجِدِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ يُكْتَبَ لِي مَمْشَايَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَرُجُوعِي إِذَا رَجَعْتُ إِلَى أَهْلِي ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ جَمَعَ اللَّهُ لَكَ ذَلِكَ كُلَّهُ ) ، فقد أقره النبي صلى الله عليه وسلم على ترك شراء الدابة طلباً لزيادة الثواب .


الجواب


الحمد لله


قد علم من أصول الشريعة أن الشارع لا يقصد بالتكليف المشقة ، بل يريد ما فيه مصلحة المكلف في العاجلة والآجلة ، وقد يقتضي ذلك تكليفه بما فيه مشقة كالجهاد ، وحينئذ يزيد له الشارع في الأجر ، ترغيبا له في أداء العمل .
قال الله تعالى : ( يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) البقرة/185 ، وقال : ( وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) الحج/78 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا ) رواه البخاري (39) .

وقد رغب الشارع في قصد المساجد للصلاة ، ورتب عليه الثواب ، وجعل كل خطوة يخطوها المصلي إلى المسجد له بها حسنة ، فمن كان بيته بعيدا ومشى إلى المسجد كتب له ممشاه ، وزيد في أجره لما يلحقه من المشقة ، لكن هذا لا يدل على أن المشقة تقصد ابتداء ، لا من الشارع ولا من المكلف .

والحديث الذي ذكرت يدل على فضل المشي إلى المسجد ، وأن الماشي يؤجر على هذا ما لا يؤجره الراكب ، وقد ثبت هذا الفضل بنصوص أخر ، كالحديث الذي رواه مسلم (655) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : خَلَتْ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : لَهُمْ إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ ، قَالُوا : نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ ، فَقَالَ : ( يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ ) .

والعلة في ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم لهم في البقاء في ديارهم البعيدة ، ليست إلحاق المشقة بهم ، ولا قصد المشقة ليثابوا عليها ، وإنما العلة هي كراهة أن تصير المدينة خالية إذا تحول الناس جميعا إلى قرب المسجد ، وقد جاء النص على ذلك ، فيما رواه البخاري (1887) عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : أَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَتَحَوَّلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ ، فَكَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَةُ ، وَقَالَ : ( يَا بَنِي سَلِمَةَ أَلَا تَحْتَسِبُونَ آثَارَكُمْ فَأَقَامُوا ) .
وقوله (تعرى المدينة) أي تصير خالية .

ومن فقه البخاري رحمه الله أنه ترجم للحديث بترجمتين ، الأولى في احتساب الآثار ، والثانية في كراهة النبي صلى الله عليه وسلم أن تعرى المدينة .

قال الحافظ في الفتح : " قَوْله : ( بَاب كَرَاهِيَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ تُعْرَى الْمَدِينَة ) ذَكَرَ فِيهِ حَدِيث أَنَس فِي قِصَّة بَنِي سَلَمَة ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَام عَلَيْهِ فِي " بَاب اِحْتِسَاب الْآثَار " فِي أَوَائِل صَلَاة الْجَمَاعَة . ( تَنْبِيه ) : تَرْجَمَ الْبُخَارِيّ بِالتَّعْلِيلَيْنِ , فَتَرْجَمَ فِي الصَّلَاة بِاحْتِسَابِ الْآثَار لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " مَكَانَكُمْ تُكْتَب لَكُمْ آثَاركُمْ " وَتَرْجَمَ هُنَا بِمَا تَرَى لِقَوْلِ الرَّاوِي " فَكَرِهَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُعْرَى الْمَدِينَة " وَكَأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اِقْتَصَرَ فِي مُخَاطَبَتهمْ عَلَى التَّعْلِيل الْمُتَعَلِّق بِهِمْ لِكَوْنِهِ أَدْعَى لَهُمْ إِلَى الْمُوَافَقَة " انتهى .

" فتح الباري " (4/99) .

فحصول المشقة والبعد ليس مقصودا ، لكن من كان بعيدا كتب له أجر ممشاه .

يقول الإمام الشاطبي رحمه الله :

" المشقة ليس للمكلف أن يقصدها في التكليف نظرا إلى عظم أجرها ، وله أن يقصد العمل الذي يعظم أجره لعظم مشقته ، من حيث هو عمل :

أما هذا الثاني ؛ فلأنه شأن التكليف في العمل كله ؛ لأنه إنما يقصد نفس العمل المترتب عليه الأجر ، وذلك هو قصد الشارع بوضع التكليف به ، وما جاء على موافقة قصد الشارع هو المطلوب .

وأما الأول ؛ فإن الأعمال بالنيات ، والمقاصد معتبرة في التصرفات كما يذكر في موضعه إن شاء الله ، فلا يصلح منها إلا ما وافق قصد الشارع ، فإذا كان قصد المكلف إيقاع المشقة ، فقد خالف قصد الشارع ، من حيث إن الشارع لا يقصد بالتكليف نفس المشقة ، وكل قصد يخالف قصد الشارع باطل ، فالقصد إلى المشقة باطل ، فهو إذن من قبيل ما ينهى عنه ، وما ينهى عنه لا ثواب فيه ، بل فيه الإثم إن ارتفع النهي عنه إلى درجة التحريم ، فطلب الأجر بقصد الدخول في المشقة قصد مناقض .

فإن قيل : هذا مخالف لما في " الصحيح " من حديث جابر رضي الله عنه قال : خلت البقاع حول المسجد ، فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا إلى قرب المسجد ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم : " إنه بلغني أنكم تريدون أن تنتقلوا إلى قرب المسجد " . قالوا : نعم يا رسول الله ، قد أردنا ذلك ، فقال : " بني سلمة ! دياركم تكتب آثاركم ، دياركم تكتب آثاركم " .

في رواية : فقالوا : ما كان يسرنا أنا كنا تحولنا . وفي رواية عن جابر رضي الله عنه ، قال : كانت ديارنا نائية عن المسجد ، فأردنا أن نبيع بيوتنا فنقترب من المسجد ، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : " إن لكم بكل خطوة درجة " .

وفي " رقائق ابن المبارك " عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه : أنه كان في سفينة في البحر مرفوع شراعها ، فإذا رجل يقول : " يا أهل السفينة قفوا سبع مرار ، فقلنا : ألا ترى على أي حال نحن ؟ ثم قال في السابعة : " لقضاء قضاه الله على نفسه أنه من عطش لله نفسه في يوم حار من أيام الدنيا شديد الحر ، كان حقا على الله أن يرويه يوم القيامة ".

فكان أبو موسى رضي الله عنه يتتبع اليوم المعمعاني الشديد الحر فيصومه
.
وفي الشريعة من هذا ما يدل على أن قصد المكلف إلى التشديد على نفسه في العبادة ، وسائر التكاليف صحيح مثاب عليه ، فإن أولئك الذين أحبوا الانتقال أمرهم عليه الصلاة والسلام بالثبوت لأجل عظم الأجر بكثرة الخطا ، فكانوا كرجل له طريقان إلى العمل : أحدهما سهل ، والآخر صعب ، فأُمِرَ بالصعب ووُعِدَ على ذلك بالأجر ، بل جاء نهيهم عن ذلك إرشادا إلى كثرة الأجر .

وتأمل أحوال أصحاب الأحوال من الأولياء ، فإنهم ركبوا في التعبد إلى ربهم أعلى ما بلغته طاقتهم ، حتى كان من أصلهم الأخذ بعزائم العلم ، وترك الرخص جملة ، فهذا كله دليل على خلاف ما تقدم .

وفي "الصحيح" أيضا عن أبي بن كعب رضي الله عنه ، قال : كان رجل من الأنصار بيته أقصى بيت في المدينة ، فكان لا تخطئه الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فتوجعنا له ، فقلنا له : يا فلان ! لو أنك اشتريت حمارا يقيك من الرمضاء ، ويقيك من هوام الأرض ؟ فقال : أما والله ما أحب أن بيتي مطنب ببيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .

قال : فحملت به حتى أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ، قال : فدعاه ، فقال له مثل

ذلك ، وذكر أنه يرجو له في أثره الأجر ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن لك ما احتسبت " ، فالجواب أن نقول :
أولا: إن هذه أخبار آحاد في قضية واحدة لا ينتظم منها استقراء قطعي ، والظنيات لا تعارض القطعيات ، فإن ما نحن فيه من قبيل القطعيات .

ثانيا: إن هذه الأحاديث لا دليل فيها على قصد نفس المشقة ، فالحديث الأول قد جاء في "البخاري" ما يفسره ، فإنه زاد فيه : " وكره أن تعرى المدينة قِبَلَ ذلك ، لئلا تخلو ناحيتهم من حراستها " ، وقد روي عن مالك بن أنس أنه كان أولا نازلا بالعقيق ، ثم نزل إلى المدينة وقيل له عند نزوله العقيق : لم تنزل العقيق فإنه يشق بعده إلى المسجد ؟ فقال : بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحبه ويأتيه ، وأن بعض الأنصار أرادوا النقلة منه إلى قرب المسجد ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " أما تحتسبون خطاكم " ، فقد فهم مالك أن قوله : " ألا تحتسبون خطاكم " ليس من جهة إدخال المشقة ، ولكن من جهة فضيلة المحل المنتقل عنه .

وأما حديث ابن المبارك فإنه حجة من عمل الصحابي إذا صح سنده عنه ، ومع ذلك فإنما فيه الإخبار بأن عظم الأجر ثابت لمن عظمت مشقة العبادة عليه ، كالوضوء عند الكريهات ، والظمأ والنصب في الجهاد ، فإذن اختيار أبي موسى رضي الله عنه للصوم في اليوم الحار كاختيار من اختار الجهاد على نوافل الصلاة والصدقة ونحو ذلك

لا أن فيه قصد التشديد على النفس ؛ ليحصل الأجر به ، وإنما فيه قصد الدخول في عبادة عظم أجرها ؛ لعظم مشقتها ، فالمشقة في هذا القصد تابعة لا متبوعة ، وكلامنا إنما هو فيما إذا كانت المشقة في القصد غير تابعة ، وكذلك حديث الأنصاري ليس فيه ما يدل على قصد التشديد ، وإنما فيه دليل على قصد الصبر على مشقة بعد المسجد ليعظم أجره ، وهكذا سائر ما في هذا المعنى .

وأما شأن أرباب الأحوال ، فمقاصدهم القيام بحق معبودهم ، مع اطراح النظر في حظوظ نفوسهم ، ولا يصح أن يقال : إنهم قصدوا مجرد التشديد على النفوس واحتمال المشقات ، لما تقدم من الدليل عليه ، ولما سيأتي بعدُ إن شاء الله .
ثالثا: إن ما اعتُرِض به معارَض بنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أرادوا التشديد بالتبتل ، حين قال أحدهم : أما أنا ، فأصوم ولا أفطر ، وقال الآخر : أما أنا ، فأقوم ولا أنام

وقال الآخر : أما أنا ، فلا آتي النساء ، فأنكر ذلك عليهم وأخبر عن نفسه أنه يفعل ذلك كله ، وقال : " من رغب من سنتي ، فليس مني " ، وفي الحديث : " وردَّ النبي صلى الله عليه وسلم التبتل على عثمان بن مظعون ، ولو أذن له لاختصينا " ، وردَّ صلى الله عليه وسلم على من نذر أن يصوم قائما في الشمس ، فأمره بإتمام صيامه

ونهاه عن القيام في الشمس " ، وقال : " هلك المتنطعون " ، ونهيه عن التشديد شهير في الشريعة ، بحيث صار أصلا فيها قطعيا ، فإذا لم يكن من قصد الشارع التشديد على النفس ، كان قصد المكلف إليه مضادا لما قصد الشارع من التخفيف المعلوم المقطوع به ، فإذا خالف قصده قصد الشارع ، بطل ولم يصح ، وهذا واضح ، وبالله التوفيق "

انتهى ."الموافقات" (2/222-229) .

على أن الذي يترجح عندنا من الجواب عن أحاديث المشي إلى الصلاة ، كهذا الذي ذكره السائل ، وغيره مما أخبر فيه النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن ( أَعْظَم النَّاسِ أَجْرًا فِي الصَّلَاةِ أَبْعَدُهُمْ فَأَبْعَدُهُمْ مَمْشًى وَالَّذِي يَنْتَظِرُ الصَّلَاةَ حَتَّى يُصَلِّيَهَا مَعَ الْإِمَامِ أَعْظَمُ أَجْرًا مِنْ الَّذِي يُصَلِّي ثُمَّ يَنَامُ ) رواه البخاري (651) ومسلم (662) ، ونحو ذلك

الذي يترجح أن نفسي المشي إلى الصلاة ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، هي عبادة في نفسها ، كما أن الطواف حول البيت عبادة مقصودة في نفسها ، والسعي بين الصفا والمروة عبادة مقصودة في نفسها .

ويدل على ذلك الأحاديث الكثيرة التي وردت في فضل المشي ، وتكثير الخطا إلى المساجد ، وتفضيل المسجد البعيد .
ولذلك قيد الفضل في المشي إلى الجمعة بترك الركوب : عن أَوْس بْن أَوْسٍ الثَّقَفِيُّ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ غَسَّلَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاغْتَسَلَ ثُمَّ بَكَّرَ وَابْتَكَرَ وَمَشَى وَلَمْ يَرْكَبْ

وَدَنَا مِنْ الْإِمَامِ فَاسْتَمَعَ وَلَمْ يَلْغُ ، كَانَ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ عَمَلُ سَنَةٍ أَجْرُ صِيَامِهَا وَقِيَامِهَا ) رواه أبو داود (345) ، وصححه الألباني .

وفي حديث اختصام الملأ الأعلى : ( .. وَالْكَفَّارَاتُ : الْمُكْثُ فِي الْمَسَاجِدِ بَعْدَ الصَّلَوَاتِ ، وَالْمَشْيُ عَلَى الْأَقْدَامِ إِلَى الْجَمَاعَاتِ ، وَإِسْبَاغُ الْوُضُوءِ فِي الْمَكَارِهِ .. ) رواه أحمد (3474) والترمذي (3233) ، وصححه الألباني .

قال ابن رجب رحمه الله "فتح الباري ، لابن رجب" (5/21) :

" وقد دلت هذه الأحاديث عَلَى أن المشي إلى المساجد يكتب لصاحبه أجرهُ ، وهذا مِمَّا تواترت السنن بِهِ " انتهى .

وإلى ذلك يشير الشاطبي رحمه الله فيما سبق ، بأن مثل هذه المشقة تابعة ، لا متبوعة ، والمقصود إنما هو هذا العمل ، الذي اتفق أن مشقته زائدة .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 16:43   رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

هل يقرأ الجن والملائكة القرآن ؟

السؤال :


هل يمكن للجن قراءة القرآن أم أنه حقيقة أنهم لا يستطيعون قراءة القرآن وإنما يذكرون الله فقط كالملائكة ؟ .

الجواب:


الحمد لله

أولاً:

خلق الله الجن والإنس لعبادته فمن أطاعه دخل الجنة ومن عصاه دخل النار ، والجن كلهم مكلفون كالإنس ، منهم المؤمن ومنهم الكافر ، والمطيع والعاصي ، ومقتضى هذا التكليف أن يقوموا بما أمرهم الله تعالى به من طلب العلم ، والصلاة ، ولا يمكن أن تكون منهم صلاة بغير قراءة قرآن

وقد ذكر الله تعالى في كتابه الكريم أن منهم مَن سمع القرآن مِن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وأنهم آمنوا به وذهبوا إلى قومهم مبشرين ومنذرين به ، قال تعالى ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً . يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً ) الجن/ 1 ، 2 ، وقال تعالى ( وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ . قالُوا يا قَوْمَنا إِنَّا سَمِعْنا كِتاباً أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ ) الأحقاف/ 29 ، 30

وقد صحَّ في السنَّة النبويَّة ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم لطائفة من الجن يعلمهم الشرع ويقرأ عليهم كتاب الله ، فعن عَلْقَمَة قال : سَأَلْتُ ابْنَ مَسْعُودٍ فَقُلْتُ : هَلْ شَهِدَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْلَةَ الْجِنِّ ؟ قَالَ : لَا وَلَكِنَّا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ذَاتَ لَيْلَةٍ فَفَقَدْنَاهُ فَالْتَمَسْنَاهُ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقُلْنَا اسْتُطِيرَ أَوْ اغْتِيلَ ، قَالَ : فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا إِذَا هُوَ جَاءٍ مِنْ قِبَلَ حِرَاءٍ ، قَالَ : فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَدْنَاكَ فَطَلَبْنَاكَ فَلَمْ نَجِدْكَ فَبِتْنَا بِشَرِّ لَيْلَةٍ بَاتَ بِهَا قَوْمٌ فَقَالَ ( أَتَانِي دَاعِي الْجِنِّ فَذَهَبْتُ مَعَهُ فَقَرَأْتُ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ ) رواه مسلم ( 450 ) ، وكل ذلك يدل على أن الجن مكلفون فمن دخل منهم في الإسلام فهم مأمورون بالصلاة وقراءة القرآن.

قال القرطبي – رحمه الله – في تفسير سورة " الرحمن " - :

هذه السورة و " الأحقاف " و " قل أوحي " دليل على أن الجن مخاطَبون مكلَّفون مأمورون منهيون مثابون معاقبون كالإنس سواء ، مؤمنهم كمؤمنهم ، وكافرهم ككافرهم ، لا فرق بيننا وبينهم في شيء من ذلك .

" تفسير القرطبي " ( 17 / 169 ) .

قال ابن القيم – رحمه الله - :

وبالجملة : فهذا أمر معلوم باضطرار من دين الإسلام ، وهو يستلزم تكليف الجن بشرائع ، ووجوب اتباعهم لهم ، فأما شريعتنا : فأجمع المسلمون على أن محمَّداً صلى الله عليه وسلم بُعث إلى الجن والإنس ، وأنه يجب على الجن طاعته كما يجب على الإنس .

" طريق الهجرتين " ( ص 616 ، 617 ) .

وقال – رحمه الله – أيضاً - :

الصواب الذي عليه جمهور أهل الإسلام : أنهم مأمورون منهيون مكلفون بالشريعة الإسلامية ، وأدلة القرآن والسنَّة على ذلك أكثر من أن تُحصر .

" طريق الهجرتين " ( ص 619 ) .

وقال نجم الدين الطوفي – رحمه الله - :

والدليل على تكليف الجن بالفروع : الإجماع على أن النبي صلى الله عليه وسلم أُرسل بالقرآن الكريم إلى الجن والإنس ، فجميع أوامره ونواهيه متوجهة إلى الجنسين ، وهي مشتملة على الأصول والفروع ، نحو ( آمِنُوا بِالله ) الحديد/ 7 ، ( وأقيموا الصلاة ) البقرة/ 43 ، وقد تضمن هذا الدليل على أن كفار الإنس مخاطبون بها ، وكذلك كفار الجن ؛ لتوجه القرآن بجميع ما فيه إلى مؤمني الجنسين وكفارهم .

" شرح مختصر الروضة " ( 1 / 218 ، 219 ) .

وبه يُعلم أن قراءة القرآن من قبَل الجن لا بدَّ منها لأداء ما أوجبه الله تعالى من تكليف بالصلاة ، وقد قرأ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن على طائفة منهم تعليماً لهم ، وهو أمر في استطاعتهم ، وليس هناك ما يدل على استحالته أو المنع منه .

قال ابن حجر الهيتمي – رحمه الله - :

قال السُّبكي : وقد ورد في آثار كثيرة عن السلف أن جمعاً من الجن كانوا يقرؤون القرآن عليهم ويتعلمون العلم ، وبالجملة التكليف شرطه العلم ؛ فما علموه لزمهم ، وما لا فلا . انتهى كلام السبكي .

" الفتاوى الحديثية " ( ص 167 ) .

ثانياً:

قول السائل عن الملائكة الكرام إنهم لا يقرؤون القرآن وإنما يقومون بذِكر الله تعالى ، لا نعلم دليلا عليه ؛ والملائكة خلْق غير مكلَّف تكليفاً يثاب عليه ويُعاقب ، لا بصلاة ولا قراءة قرآن ، لكنهم خُلقوا لتنفيذ أوامر الله تعالى في الكون ، وليَعبدوه تعالى ، وإن تلاوة كلامه تعالى القرآن من العبادة ، فأي شيء يمنع تلاوتهم لكلامه تعالى ، وقد وجدنا اختلافاً بين العلماء في هذا ، فنفى بعضهم قراءة الملائكة للقرآن ولم يمنع منها آخرون .

قال السيوطي – رحمه الله - :

قال ابن الصلاح في " فتاويه " : قراءة القرآن كرامة أكرم الله بها البشر ، فقد ورد أن الملائكة لم يعطوا ذلك وأنها حريصة لذلك على استماعه من الإنس.

" الإتقان في علوم القرآن " ( 1 / 358 ) .

وقد ذكر ابن حجر الهيتمي أن بعض أهل العلم قد اعترض على ابن الصلاح رحمه الله وردَّ عليه قوله ، - وإن كان ظاهر كلامه أنه يوافق ابنَ الصلاح - ، حيث قال :

لكن اعترضه غير واحد ، وساقوا من القرآن والسنَّة ما يعارضه ، ومِن ثَمَّ صرح غير واحد بخلافه .

" الفتاوى الحديثية " ( ص 113 ) .

والذي يظهر : أنه ليس هناك ما يمنع من قراءة الملائكة للقرآن ، وقد ذكر بعض أهل العلم أن معنى قوله تعالى ( والتَّالِيَاتِ ذِكْراً ) أنهم الملائكة ، وهو قول مجاهد والسدي .

ومما يدل على ذلك : نزول جبريل عليه السلام بالقرآن تلاوة له على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومدراسته معه كل عام .
وليس قراءتهم له تكليفاً ، ولا لهم عليه أجر كما هو حال الإنس والجن ، لكنه من جملة ما يتقربون به لربهم عز وجل .
1. قال الطبري – رحمه الله - :

وقوله (فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا) يقول: فالقارئات كتاباً .

واختلف أهل التأويل في المعني بذلك ، فقال بعضهم : هم الملائكة .

... عن مجاهد ( فالتاليات ذكرا ) قال : الملائكة .

عن السدي ( فالتاليات ذكرا ) قال : هم الملائكة .

" تفسير الطبري " ( 21 / 8 ، 9 ) .

2. قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي – رحمه الله - :

قوله تعالى ( قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوّاً لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ ) البقرة/ 97 ، ظاهر هذه الآية أن جبريل ألقى القرآنَ في قلب النبي صلى الله عليه وسلم مِن غير سماع قراءة ، ونظيرها في ذلك قوله تعالى ( نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ ) الآية الشعراء/ 193 ، 194 ، ولكنه بيَّن في مواضع أُخَر أن معنى ذلك : أن الملَك يقرؤه عليه حتى يسمعه منه ، فتصل معانيه إلى قلبه بعد سماعه ، وذلك هو معنى تنزيله على قلبه ، وذلك كما في قوله تعالى ( لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ . إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ . فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ . ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ) القيامة/ 16 – 19 ، وقوله ( وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً ) طه/ 114 .

" أضواء البيان " ( 1 / 42 ) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-18, 16:48   رقم المشاركة : 34
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما حالُ الطفلِ الذي لم يبلغْ في قبرِه إذا مات ؟

السؤال

إذا ماتَ صبيٌّ صغيرٌ لم يصِل إلى سِنِّ التكليفِ ، أي أنَّ عمرَه حوالي ما بين 10 إلى 11 سنةً ، ما هو مصيرُه في الحياةِ البرزخيةِ من النواحِي التاليةِ :

هل يتعرَّضُ لفتنةِ القبرِ ( سؤالِ منكَر ونكير ) ؟

هل يتعرَّض لعذابِ القبرِ ؟

هل بالفعلِ أنَّ هذا الطفلَ يشفعُ لأهلِه في دخولِ الجنةِ ؟

سمعتُ أنَّ نبيَّ اللهِ إبراهيمَ عليه السلام هو المسئولُ عن رعايةِ أطفالِ المسلمينَ الذين ماتوا في هذا السن ، والذي أعرفُه أنَّ سيدَنا إبراهيمَ موجودٌ في السماءِ السابعةِ ، فهل هذا يعني أنَّ الطفلَ الميِّتَ يعيشُ في السماءِ السابعةِ أم في القبرِ تحتَ الأرضِ ؟

وهل ضغطة القبرِ لا ينجو منها حتى الأطفالُ ؟.


الجواب


الحمد لله

أولاً :

ضمَّةُ القبرِ هي أوَّلُ ما يلاقيه الميتُ حين يوضعُ في قبرِه ، وقد جاءَ في النصوصِ ما يدلُّ على أنَّها عامةٌ لكل من يوضعُ في القبرِ ، ولا ينجو منها أحدٌ ، واللهُ المستعان .

روى أحمد (6/55، 98) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِنَّ لِلْقَبْرِ ضَغْطَةً ، فَلَو نَجَا أَو سَلِمَ أَحَدٌ مِنهَا لَنَجَا سَعدُ بنُ مُعاذ ) وقال الألباني في الصحيحة (1695) : وجملة القول أن الحديث بمجموع طرقه وشواهده صحيح بلا ريب ، فنسأل الله تعالى أن يهون علينا ضغطة القبر إنه نعم المجيب .

وعن أبي أيوب رضي الله عنه : أن صبيًا دُفنَ ، فقالَ صلى الله عليه وسلم : ( لَوْ أَفْلَتَ أَحَدٌ مِنْ ضَمَّةِ القَبْرِ لأَفْلَتَ هَذَا الصَبِيُّ ) رواه الطبراني المعجم الكبير (4/121) وصححه الهيثمي (3/47) ، والألباني في السلسلة الصحيحة (2164) .

ثانيًا :

اختلفَ العلماءُ في الأطفالِ ، هل يسألون في قبورِهم ؟ على قولَين :

القولُ الأولُ : أنَّهم يُسألون ، وهو قول ُبعضِ المالكيةِ وبعض الحنابلة ، واختاره القرطبيُّ ، واختارَه أيضاً شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية كما نقلَه عنه في الفروع .

انظر : "الفروع" (2/216) ، "شرح الزرقاني" (2/85) .

قال ابنُ القيِّمِ رحمه الله في "الروح" (87-88) :

" وحجةُ من قالَ إنَّهم يُسأَلون :

أنَّه يُشرَعُ الصلاةُ عليهم ، والدعاءُ لهم ، وسؤالُ اللهِ أن يقيَهم عذابَ القبرِ وفتنةَ القبرِ .

كما ذُكر عن أبي هريرة رضي الله عنه : أنَّه صلَّى على جنازةِ صبِيٍّ ، فسُمع مِن دُعائِه : اللهم قِهِ عذابَ القبرِ . رواه مالك (536) وابن أبي شيبة (6/105) .

واحتجُّوا بما رواه عليُّ بنُ معبد عن عائشةَ رضي الله عنها : أنَّه مُرَّ عليها بجنازة صبيٍّ صغيرٍ ، فبكت ، فقيلَ لها : ما يُبكيك يا أمَّ المؤمنين ؟ فقالت : هذا الصبيُّ ، بكيت له شفقةً عليه من ضمةِ القبرِ .

قالوا : واللهُ سبحانه يُكمِّل لهم عقولَهم ليعرِفوا بذلك منزلَهم ، ويُلهمون الجوابَ عما يُسأَلون عنه " انتهى .

القولُ الثاني : أنَّهم لا يُمتحنون ولا يُسأَلون في قبورِهم . وهو قولُ الشافعيةِ ، وبعضِ المالكية والحنابلة .

قالَ ابنُ مفلح في "الفروع" (2/216) :

" وهو قولُ القاضي ، وابنُ عقيل " انتهى .

أما حجَّةُ هذا القول ، فيوضِّحُها ابنُ القيم رحمه الله ، ويبدو أنَّه يميلُ إليها ، حيث يقولُ في "الروح" (87-88) :

" قالَ الآخرون :

السؤالُ إنَّما يكونُ لِمَن عَقَلَ الرسولَ والمرسِلَ ، فيُسأَل هل آمن بالرسولِ وأطاعَه أم لا ؟ فيُقال له : ما كنت تقولُ في هذا الرجلِ الذي بُعِثَ فيكم ؟

فأمَّا الطفلُ الذي لا تمييزَ له بوجهٍ ما ، فكيف يقالُ له : ما كنتَ تقولُ في هذا الرجلِ الذي بُعِثَ فيكم ؟ ولو رُدَّ إليه عقلُه في القبرِ , فإنَّه لا يُسأَل عمَّا لم يتمكن من معرفتِه والعلمِ به ، ولا فائدةَ في هذا السؤالِ .

وأما حديثُ أبي هريرة رضي الله عنه ، فليس المرادُ بعذابِ القبرِ فيه عقوبةَ الطفلِ على تركِ طاعةٍ أو فعلِ معصيةٍ قطعًا ، فإنَّ اللهَ لا يعذِّبُ أحدًا بلا ذنبٍ عمله .

بل عذابُ القبرِ : قد يُرادُ به الألمُ الذي يحصل للميتِ بسببٍ غيرِه ، وإن لم يكن عقوبةً على عَمَلٍ عَمِلَه ، ومنه قولُه صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ الميتَ ليعذبُ ببكاءِ أهلِه عليه ) أي : يتألَّمُ بذلك ويتوجَّعُ منه ، لا أنّه يعاقَبُ بذنبِ الحيِّ .

ولا ريبَ أن في القبرِ من الآلامِ والهمومِ والحسراتِ ما قد يسرى أثرُه إلى الطفل ، فيتألَّمُ به ، فيُشرَعُ للمصلي عليه أن يسألَ اللهَ تعالى له أن يقيَه ذلك العذابَ ، والله أعلم " انتهى .

ثالثاً :

أما عن مكانِ من تُوُفِّيَ من الأطفالِ ، هل هم في السماءِ السابعةِ مع إبراهيمَ عليه السلام ، أم في قبورِهِم ؟

فالذي ورد في ذلك حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا يُكثِرُ أن يَقُولَ لأَصحَابِهِ : هَل رَأَى أَحَدٌ مِنكُم مِن رُؤيَا ؟

قالَ : فَيَقُصُّ عَلَيه مَنْ شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُصَّ .

وَإِنَّه قَالَ ذَاتَ غَدَاةٍ : إِنَّه أَتَانِي الليلَةَ آتِيَانِ ، وَإِنَّهما ابتَعَثَانِي ، وَإِنَّهُما قَالا لِي : انطَلِق ، وَإِنِّي انطَلَقتُ مَعَهُمَا . . . فذكر أشياء رآها ثم قال :

فانطَلَقنَا ، فَأتَينَا عَلَى رَوضَةٍ مُعتَمَّةٍ ، فِيهَا مِن كُلِّ لَونِ الرَّبِيعِ ، وَإِذَا بَيْنَ ظَهْرَي الرَّوضَةِ رَجُلٌ طَويلٌ لا أَكادُ أَرَى رَأسَهُ طُولًا فِي السَّماءِ ، وإِذَا حَولَ الرَّجُلِ مِن أَكثَرِ وِلدَانٍ رَأيتُهم قَطُّ ، . . . ثم كان مما عبره له الملكان :

وَأَمَّا الرَّجُلُ الطَّويلُ الذي فِي الرَّوضَةِ فَإِنَّه إبراهيمُ ، وَأَمَّا الوِلدَانُ الذِينَ حَولَه فَكُلُّ مَولُودٍ مَاتَ عَلَى الفِطْرَةِ ، فَقَالَ بَعضُ المُسلِمِين : يَا رَسُولَ اللهِ وَأَوْلادُ المُشْرِكِين ؟ فَقَالَ : وَأَوْلادُ المُشرِكِين . رواه البخاري (7047) .

فهذا الحديث يدل على أن من مات وهو قبل البلوغ يكون في الجنة في كفالة إبراهيم عليه السلام ، لا أنه يكون في السماء السابعة .

وانظر : "شرح مسلم للنووي" حديث رقم (2658) .

رابعاً :

جاءت الأحاديث المتكاثرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في شفاعة الصبيان في آبائهم يوم القيامة ، ومن ذلك :

عن أبي حسان قال : قلتُ لأَبِي هُرَيْرَةَ : إنَّه قَدْ مَاتَ لِي ابنانِ ، فَمَا أَنْتَ مُحَدِّثِي عَنْ رَسُولِ اللهِ بِحَدِيْثٍ تُطَيِّبُ بِهِ أَنْفُسَنَا عَنْ مَوْتَانَا ؟

قالَ : نَعَمْ ، صِغَارُهُم دَعَامِيْصُ الجَنَّةِ ، يَتَلَقَّى أَحَدُهُم أَبَاهُ - أَوْ قَالَ أَبَوَيْهِ - فَيَأْخُذُ بِثَوْبِهِ ، - أَوْ قَالَ بِيَدِهِ - كَمَا آخُذُ أَنَا بِصَنَفَةِ ثَوْبِكَ هذا ، فَلا يَتَنَاهَى حتى يُدخِلَه اللهُ وَأَبَاهُ الجَنَّةَ . رواه مسلم (2635) .

والله أعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 16:26   رقم المشاركة : 35
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته




الندم: ركن التوبة الأعظم.

السؤال:

قررت التوبة ، حيث تركت المعصية ، وعزمت على عدم العودة ، إلا أني لم أجد الندم في قلبي ، فكيف أحصل الندم ، حيث من الصعب تحقيقه ؛ لأن الندم ليس بفعل ، وليس في استطاعة المكلف ؛ لأنه انفعال لا فعل ، والانفعالات ليست بالاختيار، فما وجه التكليف بالندم ، وهو غير فعل للمكلف ، ولا مقدور عليه ؟ وهل ادعو الله أن يقدف الندم في قلبي ؟


الجواب :


الحمد لله


شروط التوبة الصحيحة هي:

1 - الإقلاع عن الذنب.

2 - الندم على ما فات.

3 - العزم على عدم العودة إليه.

وإذا كانت التوبة من مظالم العباد في مال أو عرض أو نفس ، فتزيد شرطا رابعا، هو: التحلل من صاحب الحق ، أو إعطاؤه حقه.

والندم شرط رئيسي أو هو ركن التوبة الأعظم ، ولهذا قال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (النَّدَمُ تَوْبَةٌ) وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجة" .

حتى قال بعض أهل العلم :

" يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ تَحَقُّقُ النَّدَمِ ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِقْلَاعَ عَن الذنوب ، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ؛ فَهُمَا نَاشِئَانِ عَنِ النَّدَمِ لَا أَصْلَانِ مَعَهُ " .

انظر: "فتح الباري" (13/ 471) .

وقال القاري رحمه الله:

" (النَّدَمُ تَوْبَةٌ) إِذْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ مِنَ الْقَلْعِ وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ، وَتَدَارُكِ الْحُقُوقِ مَا أَمْكَنَ.... وَالْمُرَادُ النَّدَامَةُ عَلَى فِعْلِ الْمَعْصِيَةِ مِنْ حَيْثُ إِنَّهَا مَعْصِيَةٌ لَا غَيْرَ ".

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (4/ 1637) .

ومعنى "الندم" هو الحزن ، أو شدة الحزن .

كما في "لسان العرب" (1/79) ، (6/4386) .

فإنه فسَّر "الندم" بالأسف ، ثم فسَّر الأسف بالحزن أو المبالغة في الحزن .

وفي كلام القاري السابق فسَّر الندم بأنه "الندامة -أي : الحزن - على فعل المعصية من حيث إنها معصية لا غير" .
ومعنى هذا : أن كل من حزن لكونه فعل المعصية ، فقد حصل منه الندم المقصود في التوبة .

فإذا كان هذا الندم صادقا فإن العاصي سوف يترك المعصية ، ويعزم على عدم فعلها مرة أخرى ، وبهذا تكمل التوبة وتتحقق شروطها كلها .

وعلى هذا ؛ فكل من ترك المعصية لكونها معصية لله تعالى – أي خوفا من الله وطاعة له- وكره وقوعه فيها ، ومعصيته لرب العالمين ، وأحب أن لو كان قد أطاع الله ، بدلا من معصيته ، وعزم على عدم فعلها : فقد حصل منه الندم قطعا ، وهو الذي حمله على ترك المعصية .

قال الغزالي رحمه الله في "إحياء علوم الدين" (4/4) :

"اعلم أن التوبة عبارة عن معنى ينتظم ويلتئم من ثلاثة أمور مرتبة: علم، وحال، وفعل.

فالعلم الأول ، والحال الثاني ، والفعل الثالث.

والأول موجب للثاني ، والثاني موجب للثالث ، إيجاباً اقتضاه اطراد سنة الله في الملك والملكوت.

أما العل م، فهو معرفة عظم ضرر الذنوب ، وكونها حجاباً بين العبد وبين كل محبوب .

فإذا عرف ذلك معرفة محققة ، بيقين غالب على قلبه : ثار من هذه المعرفة تألم للقلب بسبب فوات المحبوب، فإن القلب مهما شعر بفوات محبوبه : تألَّم، فإن كان فواته بفعله ، تأسف على الفعل المُفَوِّت، فيسمى تألمه بسبب فعله المفوت لمحبوبه ندماً .

فإذا غلب هذا الألم على القلب واستولى ، انبعث من هذا الألم في القلب حالة أخرى تسمى إرادة وقصداً إلى فعل له تعلق بالحال والماضي وبالاستقبال .

أما تعلقه بالحال ، فبالترك للذنب الذي كان ملابساً .

وأما بالاستقبال ، فبالعزم على ترك الذنب المفوت للمحبوب إلى آخر العمر .
وأما بالماضي ، فبتلافي ما فات بالجبر والقضاء ، إن كان قابلاً للجبر .

... فالعلم والندم والقصد المتعلق بالترك في الحال والاستقبال والتلافي للماضي ثلاثة معان مرتبة في الحصول، فيطلق اسم التوبة على مجموعها .

وكثيراً ما يطلق اسم التوبة على معنى الندم وحده ، ويجعل العلم كالسابق والمقدمة ، والترك كالثمرة والتابع المتأخر، وبهذا الاعتبار قال عليه الصلاة والسلام: (الندم توبة) إذ لا يخلو الندم عن علم أوجبه وأثمره ، وعن عزم يتبعه ويتلوه، فيكون الندم محفوفاً بطرفيه ، أعني ثمرته ومُثْمِره" انتهى .

وقال أيضا (3/144) :

"والخوف إذا كان من فعل ماض أورث الندم ، والندم يورث العزم ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الندم توبة)" انتهى .

وبهذا يتبين أن تركك للمعصية وعزمك على عدم العودة إليها دليل على حصول الندم في قلبك .

فدع عنك هذه الوساوس الشيطانية التي يريد الشيطان من ورائها أن يوهمك بأنك لم تتب ، أو أن التوبة مستحيلة ، أو أنك لن تقدر عليها ، فيوقعك ذلك في القنوط واليأس وتظن أن باب التوبة قد أغلق دونك .

نسأل الله تعالى أن يعيذنا جميعا من الشيطان الرجيم ، وأن يوفقنا للتوبة النصوح .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 16:28   رقم المشاركة : 36
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شاب فعل جميع المحرمات ويريد التوبة

السؤال

انا شاب فاسق وكافر اريد ان اتوب الى الله كنت افعل جميع المحرمات ولا اصلي والان اريد التوبه فارجوا من الشيخ ان يدلني على طريق التوبة ؟.

الجواب

الحمد لله

( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ )الزمر/53-54 .

لقد وصلني سؤالك وأعجبني فيه حرصك على التوبة والعودة إلى الله بالرغم من فعلك جميع المحرمات كما قلت وعلى رأس ذلك تركك للصلاة ، ومن المهم جداً أن تعلم أيها الشاب الحريص أن باب التوبة مفتوح بالنسبة لك وأن تتأمل جيداً ما هو مذكور في الآيتين السابقتين وأنا سأذكر لك خطوات عملية تبين لك بوضوح كيفية التوبة بإذن الله تعالى :

كلمة التوبة كلمة عظيمة ، لها مدلولات عميقة ، لا كما يظنها الكثيرون ، ألفاظ باللسان ثم الاستمرار على الذنب ، وتأمل قوله تعالى : ( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه ) هود /3 تجد أن التوبة هي أمر زائد على الاستغفار .

ولأن الأمر العظيم لابد له من شروط ، فقد ذكر العلماء شروطاً للتوبة مأخوذة من الآيات والأحاديث ، وهذا ذكر بعضها :

الأول : الإقلاع عن الذنب فوراً .

الثاني : الندم على ما فات .

الثالث : العزم على عدم العودة .

الرابع : إرجاع حقوق من ظلمهم ، أو طلب البراءة منهم .

ولا تنسى أموراً أخرى مهمة في التوبة النصوح ومنها :

الأول : أن يكون ترك الذنب لله لا لشيء آخر ، كعدم القدرة عليه أو على معاودته ، أو خوف كلام الناس مثلاً .

فلا يسمى تائباً من ترك الذنوب لأنها تؤثر على جاهه وسمعته بين الناس ، أو ربما طرد من وظيفته .

ولا يسمى تائباً من ترك الذنوب لحفظ صحته وقوته ، كمن ترك الزنا أو الفاحشة خشية الأمراض الفتاكة المعدية ، أو أنها تضعف جسمه وذاكرته .

ولا يسمى تائباً من ترك أخذ الرشوة لأنه خشي أن يكون معطيها من هيئة مكافحة الرشوة مثلاً .

ولا يسمى تائباً من ترك شرب الخمر وتعاطي المخدرات لإفلاسه .

وكذلك لا يسمى تائباً من عجز عن فعل معصية لأمر خارج عن إرادته ، كالكاذب إذا أصيب بشلل أفقده النطق ، أو الزاني إذا فقد القدرة على الوقاع ، أو السارق إذا أصيب بحادث أفقده أطرافه ، بل لابد لمثل هذا من الندم والإقلاع عن تمني المعصية أو التأسف على فواتها ولمثل هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( الندم توبة ) رواه أحمد وابن ماجه ، صحيح الجامع 6802 .

الثاني : أن تستشعر قبح الذنب وضرره .

وهذا يعني أن التوبة الصحيحة لا يمكن معها الشعور باللذة والسرور حين يتذكر الذنوب الماضية ، أو أن يتمنى العودة لذلك في المستقبل .

وقد ساق ابن القيم رحمه الله في كتابه الداء والدواء والفوائد أضراراً كثيرة للذنوب منها :

حرمان العلم - والوحشة في القلب - وتعسير الأمور - ووهن البدن - وحرمان الطاعة - ومحق البركة - وقلة التوفيق - وضيق الصدر - وتولد السيئات - واعتياد الذنوب - وهوان المذنب على الله - وهوانه على الناس - ولعنة البهائم له - ولباس الذل - والطبع على القلب والدخول تحت اللعنة - ومنع إجابة الدعاء - والفساد في البر والبحر- وانعدام الغيرة - وذهاب الحياء - وزوال النعم - ونزول النقم - والرعب في قلب العاصي - والوقوع في أسر الشيطان - وسوء الخاتمة - وعذاب الآخرة .

وهذه المعرفة لأضرار الذنوب تجعلك تبتعد عن الذنوب بالكلية ، فإن بعض الناس قد يعدل عن معصية إلى معصية أخرى لأسباب منها :

أن يعتقد أن وزنها أخف .

لأن النفس تميل إليها أكثر ، والشهوة فيها أقوى .

لأن ظروف هذه المعصية متيسرة أكثر من غيرها ، بخلاف المعصية التي تحتاج إلى إعداد وتجهيز ، وأسبابها حاضرة متوافرة .

لأن قرناءه وخلطاؤه مقيمون على هذه المعصية ويصعب عليه أن يفارقهم .

لأن الشخص قد تجعل له المعصية المعينة جاهاً ومكانة بين أصحابه فيعز عليه أن يفقد هذه المكانة فيستمر في المعصية .

الثالث : أن تبادر إلى التوبة ، ولذلك فإن تأخير التوبة هو في حد ذاته ذنب يحتاج إلى توبة .

الرابع : استدرك ما فاتك من حق الله إن كان ممكناً ، كإخراج الزكاة التي منعتها في الماضي ولما فيها من حق الفقير كذلك .

الخامس : أن تفارق موضع المعصية إذا كان وجودك فيها قد يوقعك في المعصية مرة أخرى .

السادس : أن تفارق من أعانك على المعصية .

والله يقول : ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) الزخرف /67 . وقرناء السوء سيلعن بعضهم بعضاً يوم القيامة ، ولذلك عليك أيها التائب بمفارقتهم ونبذهم ومقاطعتهم والتحذير منهم إن عجزت عن دعوتهم ولا يستجرينك الشيطان فيزين لك العودة إليهم من باب دعوتهم وأنت تعلم أنك ضعيف لا تقاوم .

وهناك حالات كثيرة رجع فيها أشخاص إلى المعصية بإعادة العلاقات مع قرناء الماضي .

السابع : إتلاف المحرمات الموجودة عندك مثل المسكرات وآلات اللهو كالعود والمزمار ، أو الصور والأفلام المحرمة والقصص الماجنة والتماثيل ، وهكذا فينبغي تكسيرها وإتلافها أو إحراقها .

ومسألة خلع التائب على عتبة الاستقامة جميع ملابس الجاهلية لابد من حصولها ، وكم من قصة كان فيها إبقاء هذه المحرمات عند التائبين سبباً في نكوصهم ورجوعهم عن التوبة وضلالهم بعد الهدى، نسأل الله الثبات .

الثامن : أن تختار من الرفقاء الصالحين من يعينك على نفسك ويكون بديلاً عن رفقاء السوء وأن تحرص على حلق الذكر ومجالس العلم وتملأ وقتك بما يفيد حتى لا يجد الشيطان لديك فراغاً ليذكرك بالماضي .

التاسع : أن تعمد إلى البدن الذي ربيت بالسحت فتصرف طاقته في طاعة الله وتتحرى الحلال حتى ينبت لك لحم طيب .

العاشر : الاستكثار من الحسنات فإن الحسنات يذهبن السيئات

وإذا صدقت مع الله في التوبة فأبشر بانقلاب جميع سيئاتك السابقة إلى حسنات ، قال تعالى : ( والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولايقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاماً ، يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً ، إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماً )

أسأل الله أن ينفعك بهذه الكلمات ، وأن يهدي قلبك فقم الآن وتلفظ بالشهادتين وتطهر وصل كما أمرك الله ، وحافظ على الواجبات واترك المحرمات وسأكون سعيداً بمساعدتك حالما تحتاج إلى أي أمر آخر .

واسأل الله أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى وأن يتوب علينا أجمعين أنه هو التواب الرحيم .

الشيخ محمد صالح المنجد









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 16:33   رقم المشاركة : 37
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الكلام على حديث ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ) .

السؤال :

روى ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له )وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة . أرجو شرح هذا الحديث ؟

، وما المقصود بكلمة حديث حسن ؟


الجواب :

الحمد لله

أولا :

روى ابن ماجة (4250) والطبراني في " المعجم الكبير " (10281) وأبو نعيم في " حلية الأولياء " (4/210) والبيهقي في " السنن " (20561) من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ) ورجاله ثقات ، إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه ، فهو منقطع ، راجع "التهذيب" (5/65) .

لكنه ثابت لما له من الشواهد ، ومن ثَمّ حسنه من حسنه من العلماء ، وصححه من صححه منهم .

قال الحافظ في الفتح (13/471) : " سنده حسن " .

وقال ابن مفلح في "الآداب الشرعية " (1/ 87): رجاله كلهم ثقات " .

وقال السخاوي في " المقاصد الحسنة " (ص249): " رجاله ثقات ، بل حسنه شيخنا يعني لشواهده " .

وحسنه السيوطي في " الجامع الصغير " (3386) ، وكذا الألباني في "صحيح الجامع" (3008)، وصححه ابن باز في " مجموع الفتاوى " (10/314) .

وله شاهد من حديث عائشة رواه البيهقي (6640) وإسناده ضعيف .

وله شاهد آخر من حديث ابن عباس عند البيهقي في الشعب (6780) وإسناده واه .

وشاهد رابع من حديث أبي سعد الأنصاري عند أبي نعيم في الحلية (13/398) والطبراني في " الكبير " (775) وإسناده ضعيف .

ثانيا :

ورد الحديث في بعض طرقه ببعض الزيادات الضعيفة ، فمن ذلك رواية ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وإذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب ) فهذه الزيادة ضعيفة .

راجع "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " (615) .

وكذا رواية ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهزئ بربه ، ومن آذى مسلما كان عليه من الأثم مثل منابت النخل ) فهذه الزيادة ضعيفة أيضا .

راجع "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (616) .

وكذا رواية ( الموت غنيمة ، والمعصية مصيبة ، والفقر راحة ، والغنى عقوبة ، والعقل هدية من الله ، والجهل ضلالة ، والظلم ندامة ، والطاعة قرة العين ، والبكاء من خشية الله النجاة من النار ، والضحك هلاك البدن ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ). فهذه الزيادة منكرة .

راجع "سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة" (6526) .

أما رواية ( الندم توبة ، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له ) فرواية ثابتة .

راجع "صحيح الجامع الصغير" (6803) .

ثالثا :

معنى الحديث : أن العبد إذا أذنب ذنبا ثم تاب منه توبة نصوحا وأقلع عنه وندم واستغفر ولم يعد إليه تاب الله عليه ، وعامله معاملة من لم يذنب ، بل وبدل سيئاته حسنات وأحبه وجعله من عباده المتقين ؛ لأنه إنما تاب إلى ربه وأناب لمحبته لله وحرصه على رضاه وخوفه منه ، وتلك صفات المتقين .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وإذا زال الذنب زالت عقوباته وموجباته " .

انتهى من "شرح العمدة" (4/39) .

وقال أيضا :

" التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنَبَ لَهُ ، وَحِينَئِذٍ فَقَدَ دَخَلَ فِيمَنْ يَتَّقِي اللَّهَ فَيَسْتَحِقُّ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا ؛ فَإِنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيُّ الرَّحْمَةِ وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ ، فَكُلُّ مَنْ تَابَ فَلَهُ فَرَجٌ فِي شَرْعِهِ ؛ بِخِلَافِ شَرْعِ مَنْ قَبْلَنَا فَإِنَّ التَّائِبَ مِنْهُمْ كَانَ يُعَاقَبُ بِعُقُوبَاتِ: كَقَتْلِ أَنْفُسِهِمْ وَغَيْرِ ذَلِكَ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (33/ 35) .

وقال ابن القيم رحمه الله :

" ثُمَّ إنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ ؛ فَمَنْ لَقِيَهُ تَائِبًا تَوْبَةً نَصُوحًا لَمْ يُعَذِّبْهُ مِمَّا تَابَ مِنْهُ ، وَهَكَذَا فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا إذَا تَابَ تَوْبَةً نَصُوحًا قَبْلَ رَفْعِهِ إلَى الْإِمَامِ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ فِي أَصَحِّ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ ، فَإِذَا رُفِعَ إلَى الْإِمَامِ لَمْ تُسْقِطْ تَوْبَتُهُ عَنْهُ الْحَدَّ لِئَلَّا يُتَّخَذَ ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى تَعْطِيلِ حُدُودِ اللَّهِ "

انتهى من "إعلام الموقعين" (3/ 115) .

وقال أيضا :

" وَقَدْ ضَمِنَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لِمَنْ تَابَ مِنَ الشِّرْكِ وَقَتْلِ النَّفْسِ وَالزِّنَى، أَنَّهُ يُبَدِّلُ سَيِّئَاتِهِ حَسَنَاتٍ ، وَهَذَا حُكْمٌ عَامٌّ لِكُلِّ تَائِبٍ مِنْ ذَنْبٍ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى : ( قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزُّمَر/ 53 .

فَلَا يَخْرُجُ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ ذَنْبٌ وَاحِدٌ ، وَلَكِنْ هَذَا فِي حَقِّ التَّائِبِينَ خَاصَّةً "

انتهى من "الجواب الكافي" (ص: 165) .

وقال أيضا :

" فإن التائب من الذنب كمن لا ذنب له ، وإذا محي أثر الذنب بالتوبة صار وجوده كعدمه فكأَنه لم يكن "

انتهى من "طريق الهجرتين" (ص: 231) .

وقال القاري رحمه الله :

" اعْلَمْ أَنَّ التَّوْبَةَ إِذَا وُجِدَتْ بِشُرُوطِهَا الْمُعْتَبَرَةِ ، فَلَا شَكَّ فِي قَبُولِهَا وَتَرَتُّبِ الْمَغْفِرَةِ عَلَيْهَا ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ) الشورى/ 25 ، وَلَا يَجُوزُ الْخُلْفُ فِي إِخْبَارِهِ وَوعْدِهِ "

انتهى من "مرقاة المفاتيح" (4/ 1637) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 16:38   رقم المشاركة : 38
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

: من هو المحصن ؟

السؤال:


هل من ماتت زوجته يظل محصنا أو طلقها يبقى محصنا


الجواب :

الحمد لله

أولاً :

المحصن : هو من تزوج وجامع زوجته في نكاح صحيح وهما بالغان عاقلان حران .

فشروط الإحصان إجمالاً :

1. التكليف : أي أن يكون الواطئ عاقلا بالغا .

2 .الحرية .

3 . الوطء في نكاح صحيح .

قال المرداوي رحمه الله في "الإنصاف" (10/172) : " قوله ( والمحصن : من وطئ امرأته في قبلها في نكاح صحيح ) ويكفي تغييب الحشفة أو قدرها ( وهما بالغان عاقلان حران ) هذا المذهب بهذه الشروط " انتهى .

ثانياً :

لا يلزم في إقامة حد الرجم أن يكون - الرجل أو المرأة - متزوجاً حال فعل الزنا ، فمن طلق أو ماتت زوجته بعد الدخول بها ، فإنه محصن إذا توفرت فيه بقية الشروط ، وكذا من طلقت أو مات زوجها ، فإنها محصنة .

جاء في الموسوعة الفقهية (2/227) : " وَمِمَّا تَجْدُرُ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ بَقَاءُ النِّكَاحِ لِبَقَاءِ الْإِحْصَانِ , فَلَوْ نَكَحَ فِي عُمُرِهِ مَرَّةً ثُمَّ طَلَّقَ وَبَقِيَ مُجَرَّدًا , وَزَنَى رُجِمَ " انتهى .

وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله : " ولا يلزم بقاء الزواج لبقاء صفة الاحصان ، فلو تزوج مرة زواجا صحيحا ، ودخل بزوجته ، ثم انتهت العلاقة الزوجية ، ثم زنى وهو غير متزوج فإنه يرجم ، وكذلك المرأة إذا تزوجت ، ثم طلقت فزنت بعد طلاقها ، فإنها تعتبر محصنة وترجم "

انتهى من "فقه السنة" (2/410) .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 16:42   رقم المشاركة : 39
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شروط الإحصان الذي يترتب عليه عقوبة الرجم في الزنا

السؤال

: ما حكم زنى الزوجة المعقودة القران ولم يدخل بها ؟

يعني أنها تزوجت ولا تزال في دار أبيها لم تقم عرساً والزوج لم يلمسها بعد ، أهو الرجم حتى الموت أو الجلد ؟


الجواب :

الحمد لله


الزنا كبيرة عظيمة ، وفاحشة منكرة ، تسلب صاحبها اسم الإيمان ، وتعرضه للعذاب والهوان ، إلا أن يتوب ، قال الله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) الإسراء/32 .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) رواه البخاري (2475) ومسلم (57) ، وقال صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا زَنَى الرَّجُلُ خَرَجَ مِنْهُ الْإِيمَانُ كَانَ عَلَيْهِ كَالظُّلَّةِ ، فَإِذَا انْقَطَعَ رَجَعَ إِلَيْهِ الْإِيمَانُ ) رواه أبو داود (4690) والترمذي (2625) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

وأخبر صلى الله عليه وسلم عن عذاب الزناة في القبر ، وأنهم يعذبون بالنار. رواه البخاري (1320) .

ولقبح هذه الجريمة جعل الله عقوبة من فعلها الرجم حتى الموت إن كان محصنا ، والجلد مائة جلدة إن لم يكن محصنا .
قال الله تعالى في بيان حد الزاني البكر - أي غير المحصن - : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) النور/2 .

أما المحصن فحده الرجم بالحجارة حتى الموت ، كما جاء في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه (1690) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( خُذُوا عَنِّي ، خُذُوا عَنِّي ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا ، الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ ) .

والثيب : هو المحصن ، رجلا كان أو امرأة .

والمحصن : هو الحر البالغ العاقل الذي وطئ في نكاح صحيح .

فلا يحصل الإحصان بمجرد عقد النكاح ولو حصلت معه خلوة ، بغير خلاف بين الفقهاء ، بل لابد من الوطء في القبل .
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (9/41) : " الرجم لا يجب إلا على المحصن بإجماع أهل العلم ، وفي حديث عمر : ( أن الرجم حق على من زنى وقد أحصن ) ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث : ذكر منها : أو زنا بعد إحصان ) .

وللإحصان شروط سبعة :

أحدها :

الوطء في القبل , ولا خلاف في اشتراطه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الثيب بالثيب جلد مائة والرجم) ، والثيابة تحصل بالوطء في القبل , فوجب اعتباره ، ولا خلاف في أن عقد النكاح الخالي عن الوطء , لا يحصل به إحصان ; سواء حصلت فيه خلوة , أو وطء دون الفرج , أو في الدبر , أو لم يحصل شيء من ذلك ; لأن هذا لا تصير به المرأة ثيبا , ولا تخرج به عن حد الأبكار , الذين حدهم جلد مائة وتغريب عام , بمقتضى الخبر ، ولا بد من أن يكون وطئا حصل به تغييب الحشفة في الفرج ; لأن ذلك حد الوطء الذي يتعلق به أحكام الوطء .

الثاني :

أن يكون في نكاح ; لأن النكاح يسمى إحصانا ; بدليل قول الله تعالى : ( والمحصنات من النساء ) ، يعني المتزوجات ، ولا خلاف بين أهل العلم , في أن الزنى , ووطء الشبهة , لا يصير به الواطئ محصنا ، ولا نعلم خلافا في أن التسري [ وطء الأمة ] لا يحصل به الإحصان لواحد منهما ; لكونه ليس بنكاح , ولا تثبت فيه أحكامه .

الثالث :

أن يكون النكاح صحيحا ، وهذا قول أكثر أهل العلم ، منهم عطاء , وقتادة , ومالك , والشافعي , وأصحاب الرأي .

الرابع :

الحرية وهي شرط في قول أهل العلم كلهم , إلا أبا ثور .

الشرط الخامس والسادس : البلوغ والعقل , فلو وطئ وهو صبي أو مجنون , ثم بلغ أو عقل , لم يكن محصنا ، هذا قول أكثر أهل العلم , ومذهب الشافعي .

الشرط السابع : أن يوجد الكمال فيهما جميعا حال الوطء , فيطأ الرجل العاقل الحر امرأة عاقلة حرة ، وهذا قول أبي حنيفة وأصحابه .

وقال مالك : إذا كان أحدهما كاملا صار محصنا , إلا الصبي إذا وطئ الكبيرة , لم يحصنها " انتهى مختصرا .

وينظر : "الموسوعة الفقهية" (2/224) .

وبهذا يُعلم أن الزوجة المعقود عليها إذا زنت قبل أن يطأها زوجها ، فعقوبتها الجلد ، لا الرجم ؛ لأنها لم تحصن بعد .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 16:49   رقم المشاركة : 40
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

القصاص يوم القيامة

السؤال

هل يقتص الكافر المظلوم يوم القيامة من المسلم الظالم له ؟

وهل يقتص الكفار بعضهم من بعض ؟ وهل تقتص البهيمة من الإنسان ؟


الجواب

الحمد لله


العدل هو ميزان الحكم يوم القيامة ، وقد حرَّم الله الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرما ، وهو يعلم سبحانه أن قيام المظالم كائنٌ ولا شك في الدنيا ، بين الخلق كلهم : مؤمنهم وكافرهم ، إنسهم وجنهم ، عاقلهم وجاهلهم ، ولذلك رصد لهم يوما يُقيم فيه الحقوق بموازين الحق والقسط ، فينتصف فيه للمظلوم ، ويعاقب الظالم .

يقول الله عز وجل : ( وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ ) الأنبياء/47

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَقْتَصُّ الْخَلْقُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ، حَتَّى الْجَمَّاءُ مِنْ الْقَرْنَاءِ ، وَحَتَّى الذَّرَّةُ مِنْ الذَّرَّةِ ) رواه أحمد (2/363) وصححه محققو المسند ، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (1967)
فهو قصاص شامل وعام بين جميع الخلائق :

1- يقتص المؤمن المظلوم ممن ظلمه من الخلائق ، مؤمنهم وكافرهم ، إنسهم وجنهم .

عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( إِذَا خَلَصَ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ النَّارِ حُبِسُوا بِقَنْطَرَةٍ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ ، فَيَتَقَاصُّونَ مَظَالِمَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ فِي الدُّنْيَا ، حَتَّى إِذَا نُقُّوا وَهُذِّبُوا أُذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ الْجَنَّةِ ) رواه البخاري (2440)

2- ويقتص الكافر المظلوم أيضا ممن ظلمه من الخلائق : فيقتص من الكافر الظالم ، ويقتص من المسلم الظالم المعتدي ، لعموم حديث أبي هريرة السابق : ( يقتص الخلق بعضهم من بعض ) .

غير أن المسلم لا يعد ظالما للكافر إذا كان الكافر محاربا معتديا ، أما إذا كان ذميا أو معاهدا أو مؤتمنا ، فلا يجوز للمسلم أن يظلمه ولا أن يعتدي عليه ، بل جاء التشديد في أمره في كثير من الآيات والأحاديث ، يقول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة/8

يقول البيضاوي في "تفسيره" (303) :

" لا يحمِلَنَّكم شدة بُغضكم للمشركين على ترك العدل فيهم ، فتعتدوا عليهم بارتكاب ما لا يحل ، كمُثلةٍ وقذفٍ وقتلِ نساءٍ وصِبيةٍ ونقضِ عهدٍ ، تشفياً مما في قلوبكم " انتهى .

ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِدًا أَوْ انْتَقَصَهُ أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه أبو داود (3052) وحسنه ابن حجر في "موافقة الخبر" (2/184) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود"

وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ) رواه البخاري (3166)

وعَنْ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ السُّلَمِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُحِلَّ لَكُمْ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتَ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا بِإِذْنٍ ، وَلَا ضَرْبَ نِسَائِهِمْ ، وَلَا أَكْلَ ثِمَارِهِمْ إِذَا أَعْطَوْكُمْ الَّذِي عَلَيْهِمْ ) رواه أبو داود (3050) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة" (882)

فهذه النصوص تدل على حرمة الاعتداء على الكافر ، وأن ذلك من الظلم الذي حرمه الله تعالى ، وللمظلوم حق عنده سبحانه .

ولذلك كان الصحابة والفقهاء يدركون أن حق الذمي محفوظ عند الله عز وجل ، فلا يجترئ أحد عليه إلا أخذه الله به .
روى القاضي أبو يوسف في "الخراج" (ص/18) أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه كتب إلى عُمَّالِه على الخراج :
" إذا قدمت عليهم فلا تبيعن لهم كسوة ، شتاءً ولا صيفاً

ولا رزقاً يأكلونه ، ولا دابة يعملون عليها ، ولا تضربن أحداً منهم سوطاً واحداً في درهم ، ولا تقمه على رجله في طلب درهم ، ولا تبع لأحد منهم عَرَضاً في شيء من الخراج ، فإنا إنما أَمَرَنا الله أن نأخذ منهم العفو ، فإن أنت خالفت ما أمرتك به يأخذك الله به دوني ، وإن بلغني عنك خلاف ذلك عزلتُك " انتهى .

3- وتقتص الدواب بعضُها من بعض : وهي وإن كانت غير مكلفة ، إلا أن قصاصها قصاص مقابلة واستحقاق ، كي يقام العدل الذي به تقوم السماوات والأرض .

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :

( لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ ) رواه مسلم ( 2582 ) والجلحاء : التي لا قرن لها .

وروى أحمد في "المسند" (5/172) وحسنه المحققون ، وكذا الشيخ الألباني في "السلسلة الصحيحة" تحت حديث رقم (1967) عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا ، وَشَاتَانِ تَقْتَرِنَانِ ، فَنَطَحَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى فَأَجْهَضَتْهَا ، قَالَ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقِيلَ لَهُ : مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : عَجِبْتُ لَهَا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُقَادَنَّ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . أي لَيُقْتَصَّنَّ لها )

يقول النووي في "شرح مسلم" (16/137) :

" وأما القصاص من القرناء للجلحاء فليس هو من قصاص التكليف ، إذ لا تكليف عليها ، بل هو قصاص مقابلة " انتهى .
وجاء في "مرقاة المفاتيح" للشيخ علي القاري (4/761) :

" قال ابن الملك : ... فإن قيل : الشاة غير مكلفة ، فكيف يقتص منها ؟ قلنا : إن الله تعالى فعال لما يريد ، ولا يسأل عما يفعل ، والغرض منه إعلام العباد أن الحقوق لا تضيع ، بل يقتص حق المظلوم من الظالم " . قال القاري : " وهو وجه حسن ، وتوجيه مستحسن ، .. وجملة الأمر أن القضية دالة بطريق المبالغة على كمال العدالة بين كافة المكلفين ، فإنه إذا كان هذا حال الحيوانات الخارجة عن التكليف ، فكيف بذوي العقول من الوضيع والشريف ، والقوي والضعيف ؟ " انتهى .

بل إن الدواب تقتص من بني آدم يوم القيامة :

يقول ابن حجر الهيتمي في "الزواجر" (2/141) :

" فهذا من الدليل على القصاص بين البهائم ، وبينها وبين بني آدم ، حتى الإنسان لو ضرب دابة بغير حق أو جوَّعها ، أو عطَّشها ، أو كلفها فوق طاقتها فإنها تقتص منه يوم القيامة بنظير ما ظلمها أو جوَّعها ، ويدل لذلك حديث الهرة ، وفي الصحيح : ( أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى الْمَرْأَةَ مُعَلَّقَةً فِي النَّارِ وَالْهِرَّةُ تَخْدِشُهَا فِي وَجْهِهَا وَصَدْرِهَا وَتُعَذِّبُهَا كَمَا عَذَّبَتْهَا فِي الدُّنْيَا بِالْحَبْسِ وَالْجُوعِ )

انظر : صحيح البخاري (745) ومسند أحمد (2/159) .

وهذا عام في سائر الحيوانات ... " انتهى .

وجاء في كتاب "بريقة محمودية" (4/126) لأبي سعيد محمد بن محمد الخادمي :

" ويجتنب كل الجهد من حق الحيوان ؛ لانسداد طرق التحليل والإرضاء في الآخرة والأولى ، فإن الفقهاء قالوا : العذاب فيه متعين ، وأمكن عفوه تعالى في نفسه ، لكن حكم شريعته يقتضي عدم العفو ، ولذا حكموا بتعيُّنِ العذاب ، وفي قاضي خان : ومن هذا قالوا : إن خصومة الدابة أشد من خصومة الآدمي على الآدمي " انتهى

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-20, 16:53   رقم المشاركة : 41
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حشر الناس والدواب

السؤال

هل يمكن أن تخبرنا عن هيئة الناس عند البعث ؟

هل سيكونون بملابس أم لا ؟

وهل الحيوانات ستقوم بعد الموت أم لا ؟.


الجواب

الحمد لله


سمى الله تعالى يوم القيامة بيوم الجمع لأن الله يجمع فيه العباد إنسهم وجنهم قال تعالى : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ ) هود / 103 .

وقال تعالى : ( قُلْ إِنَّ الأَوَّلِينَ وَالآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ ) الواقعة / 49-50 . وقال تعالى : ( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (93) لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (94) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ) مريم / 93-95 . وقال تعالى : ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ) الكهف / 47 .

ومما يدخل في هذا الحشر حشر البهائم ، يقول شيخ الإسلام :

وأما البهائم فجميعها يحشرها الله سبحانه كما دل عليه الكتاب والسنة قال تعالى : ( وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ) الأنعام / 38 . وقال تعالى : ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) التكوير / 5 . وقال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِيرٌ ) الشورى / 29 . وحرف ( إذا ) إنما يكون لما يأتي لا محالة والأحاديث في ذلك مشهورة

فإن الله عز وجل يوم القيامة يحشر البهائم ويقتص لبعضها من بعض ثم يقول لها : كوني ترابا فتصير ترابا ، فيقول الكافر حينئذ : ( يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَاباً ) النبأ / 40 . ومن قال إنها لا تحيا فهو مخطئ في ذلك أقبح خطأ ، بل هو ضال أو كافر والله أعلم . اهـ

مجموع الفتاوى 4/248 .

روى أحمد (20534) عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ جَالِسًا ، وَشَاتَانِ تَقْتَرِنَانِ ، فَنَطَحَتْ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى فَأَجْهَضَتْهَا ، قَالَ : فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقِيلَ لَهُ : مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : عَجِبْتُ لَهَا ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُقَادَنَّ لَهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ . أي لَيُقْتَصَّنَّ لها .

قال أحمد شاكر : إسناده حسن متصل اهـ .

وروى مسلم (2582) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ) .

والجلحاء هي التي لا قرن لها .

قال النووي :

هَذَا تَصْرِيح بِحَشْرِ الْبَهَائِم يَوْم الْقِيَامَة ، وَإِعَادَتهَا يَوْم الْقِيَامَة كَمَا يُعَاد أَهْل التَّكْلِيف مِنْ الآدَمِيِّينَ ، وَكَمَا يُعَاد الأَطْفَال وَالْمَجَانِين وَمَنْ لَمْ تَبْلُغهُ دَعْوَة ، وَعَلَى هَذَا تَظَاهَرَتْ دَلَائِل الْقُرْآن وَالسُّنَّة . قَالَ اللَّه تَعَالَى : ( وَإِذَا الْوُحُوش حُشِرَتْ ) وَإِذَا وَرَدَ لَفْظ الشَّرْع ، وَلَمْ يَمْنَع مِنْ إِجْرَائِهِ عَلَى ظَاهِره عَقْل وَلا شَرْع وَجَبَ حَمْله عَلَى ظَاهِره .

قَالَ الْعُلَمَاء : وَلَيْسَ مِنْ شَرْط الْحَشْر وَالإِعَادَة فِي الْقِيَامَة الْمُجَازَاة وَالْعِقَاب وَالثَّوَاب، وَأَمَّا الْقِصَاص مِنْ الْقَرْنَاء لِلْجَلْحَاءِ فَلَيْسَ هُوَ مِنْ قِصَاص التَّكْلِيف إِذْ لا تَكْلِيف عَلَيْهَا , بَلْ هُوَ قِصَاص مُقَابَلَة . وَاَللَّه أَعْلَم اهـ .

ويحشر العباد يوم القيامة حفاة عراة غرلا –أي غير مختونين- عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عنْهمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا ) ثُمَّ قَرَأَ

: ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) وَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ وَإِنَّ أُنَاسًا مِنْ أَصْحَابِي يُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ أَصْحَابِي أَصْحَابِي فَيَقُولُ إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ : ( وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (117) إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ) رواه البخاري 3349 .

وعن عَائِشَةَ رَضِي اللَّه عَنْهَا قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلا ) قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ ! فَقَالَ: ( الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ ) رواه البخاري 6527 .

وجاء في الحديث أن الإنسان يبعث في الثياب التي مات فيها عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا ثُمَّ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ الْمَيِّتَ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا ) رواه أبو داود ( 3114 ) وصححه الألباني في السلسة الصحيحة 1671 .

ولعل هذا الحديث يشكل مع ما قبله من أن العباد يبعثون عراة ، فأجاب العلماء بأجوبة للتوفيق بين الأحاديث فمن أوجه الجمع :

1- أنهم يبعثون فيها ثم تبلى بعد القيام فإذا وافوا الموقف كانوا عراة .

2- أنهم يبعثون عراة ثم إذا كسي الأنبياء والصديقون ومن بعدهم كُسِيَ كلٌّ من جنس ما مات فيه من الثياب .

3- وحمل بعض العلماء هذا الحديث على الشهداء فإنهم هم الذين أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يدفنوا في ثيابهم التي ماتوا فيها . فيبعثون في ثيابهم تمييزاً لهم عن غيرهم .

4- أن المراد بالثياب الأعمال الصالحة كما قال تعالى : ( وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ) وقوله : ( وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ ) والمعنى يبعث المرء على ما مات عليه من عمل إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، يدل عليه حديث جَابِرٍ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقُولُ يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ ) رواه مسلم 2878 وحديث ابْنَ عُمَرَ رَضِي اللَّه عَنْه قال :

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِقَوْمٍ عَذَابًا أَصَابَ الْعَذَابُ مَنْ كَانَ فِيهِمْ ثُمَّ بُعِثُوا عَلَى أَعْمَالِهِمْ ) رواه البخاري 7108 ، ومما يدل عليه حديث ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْه قَالَ : بَيْنَمَا رَجُلٌ وَاقِفٌ بِعَرَفَةَ إِذْ وَقَعَ عَنْ رَاحِلَتِهِ فَوَقَصَتْهُ أَوْ قَالَ فَأَوْقَصَتْهُ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْنِ وَلا تُحَنِّطُوهُ وَلا تُخَمِّرُوا رَأْسَهُ فَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُلَبِّيًا ) رواه البخاري 1265

وعن أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( كُلُّ كَلْمٍ يُكْلَمُهُ الْمُسْلِمُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَكُونُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَهَيْئَتِهَا إِذْ طُعِنَتْ تَفَجَّرُ دَمًا اللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالْعَرْفُ عَرْفُ الْمِسْكِ ) رواه البخاري 237 ، ومن هنا استحب تلقين الميت لا إله إلا الله وذلك لتكون هذه الكلمة الطيبة آخر كلامه من الدنيا وعليها يبعث يوم القيامة .

انظر فتح الباري (11/383) .

ويحشر الناس في ذلك اليوم على أرض أخرى غير هذه الأرض ، ولها خصائص معينة بينتها السنة فعن سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى أَرْضٍ بَيْضَاءَ عَفْرَاءَ كَقُرْصَةِ نَقِيٍّ ) قَالَ سَهْلٌ أَوْ غَيْرُهُ : لَيْسَ فِيهَا مَعْلَمٌ لأَحَد . رواه البخاري 6521 .

والعفراء أي بيضاء تضرب إلى الحمرة قليلا وقيل بيضاء بياضا غير ناصع وقيل خالصة البيضاء .

وقرصة النقي هي القرصة من الدقيق النقي من الغش والنخال .

والله اعلم .


و اخيرا

الحمد لله الذي بفضلة تتم الصالحات

اخوة الاسلام

اكتفي بهذا القدر و لنا عوده
ان قدر الله لنا البقاء و اللقاء

و اسال الله ان يجمعني بكم دائما
علي خير


وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-21, 15:42   رقم المشاركة : 42
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

اخوة الاسلام

أحييكم بتحية الإسلام
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته



شرح حديث : ( مَنْ يتكفل لِي ألا يسأل الناس شيئا وأتكفل لَهُ بِالْجَنَّةِ ؟ )

السؤال :


أسأل عن حديث جاء في صحيح البخاري ، روى أبو ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال ( مَنْ يَكْفُلُ لِي أَنْ لَا يَسْأَلَ النَّاسَ شَيْئًا وَأَتَكَفَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ ) فما الذي يعنيه الحديث ؟

هل سؤال الأب والأم للمساعدة أو المعلم أو الزميل أو صاحب المحل ، هل كل هؤلاء يدخلون ضمن الحديث ؟


الجواب :


الحمد لله

الحديث المذكور لم أجده في صحيح البخاري ، ولم أجد من عزاه إليه ، وفي معناه أحاديث ، منها :

ما رواه مسلم في صحيحه (1043) عن عوف بن مالك الأشجعي قال: " كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعة أو ثمانية أو سبعة ، فقال : ( ألا تبايعون رسول الله ؟ ) ، وكنا حديث عهد ببيعة ، فقلنا : قد بايعناك يا رسول الله ، ثم قال : ( ألا تبايعون رسول الله ؟ ) ، فقلنا : قد بايعناك يا رسول الله ، ثم قال: ( ألا تبايعون رسول الله ؟

) ، قال : فبسطنا أيدينا وقلنا : قد بايعناك يا رسول الله فعلام نبايعك ؟ قال : ( على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً ، والصلوات الخمس ، وتطيعوا ) وأسر كلمة خفية : ( ولا تسألوا الناس شيئاً ) ، فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحداً يناوله إياه ".

وظاهر هذا الحديث أنه عام في كل مسؤول ، لأن قوله صلى الله عليه وسلم : ( شيئا ) غير محدد ولا مخصص ، بل هو نكرة ، ومن المقرر في علم الأصول : أن النكرة في سياق النهي تفيد العموم .

قال النووي في " شرح مسلم " (7/132) :

" فيه التمسك بالعموم ؛ لأنهم نهوا عن السؤال فحملوه على عمومه ، وفيه الحث على التنزيه عن جميع ما يسمى سؤالا وإن كان حقيرا والله أعلم " انتهى .

وترك سؤال الناس مطلقا ، أمر لا يطيقه كل الناس ، لذلك لم يبايع النبي صلى الله عليه وسلم جميع الصحابة عليه ، ولم يأمرهم به ، وقد استنبط بعض العلماء ذلك من إسراره صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة .

قال الأبي في " شرح مسلم " (2/173) :

" الذي يترجح أنها لا ترجع إلى التكليف ، وإلا لوقع بيانها لوجوب التبليغ عليه صلى الله عليه وسلم " انتهى .

قال العيني في " شرح سنن أبي داود " (6/393) :

" قوله : ( وأسر كلمة خفية ) يشبه أن يكون صلى الله عليه وسلم أسر النهي عن السؤال ، ليخص به بعضهم دون بعضه ولا يعمهم بذلك ؛ لأنه لا يمكن العموم ، إذ لا بد من السؤال ، ولا بد من التعفف ، ولا بد من الغنى ، ولا بد من الفقر ، وقد قضى الله تبارك وتعالى بذلك كله ، فلا بد أن ينقسم الخلق إلى الوجهين " انتهى .

وجاء في معنى حديث عوف بن مالك : حديثُ ثوبان رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسم قال : ( مَنْ يَتَقَبَّلُ – وفي رواية يتكفل - لِي بِوَاحِدَةٍ وَأَتَقَبَّلُ لَهُ بِالْجَنَّةِ ؟ " قَالَ : قُلْتُ : أَنَا. قَالَ : ( لَا تَسْأَلِ النَّاسَ شَيْئًا ) فَكَانَ ثَوْبَانُ يَقَعُ سَوْطُهُ وَهُوَ رَاكِبٌ ، فَلَا يَقُولُ لِأَحَدٍ نَاوِلْنِيهِ حَتَّى يَنْزِلَ فَيَتَنَاوَلَهُ . رواه أبو داود (1450) وغيره ، وصححه الألباني .
فهذا ثوبان رضي الله عنه فهم عموم هذا الأمر ، فكان لا يسأل أحدا أن يناوله السوط .

قال الآبادي في " عون المعبود " (5/39) في شرح قوله صلى الله عليه وسلم : ( وأتكفل له بالجنة ) : " أي أوَّلا من غير سابقة عقوبة ، وفيه إشارة إلى بشارة حسن الخاتمة " انتهى .

وقيده بعض أهل العلم بطلب الحاجات من الناس ، أو طلب أموالهم ؛ قال السندي في حاشيته على النسائي (1/564) : " ( لا تسأل الناس شيئا ) أي من مالهم ، وإلا فطلب ماله عليهم لا يضر والله أعلم " انتهى .

فهذه الأحاديث عامة في كل مسؤول ، ومن أراد تحصيل ما فيها من الأجر العظيم ، وهو تكفل النبي صلى الله عليه وسلم له بالجنة ، فليترك سؤال الناس في القليل والكثير ، والجليل والحقير ، وليس ذلك واجبا ، ولكنه من الكمالات ، وليس كل الناس يستطيع فعله .

قال القرطبي في " المفهم " (3/86) :

" وأخذه صلى الله عليه وسلم على أصحابه في البيعة ألا يسألوا أحدا شيئا : حملٌ منه على مكارم الأخلاق ، والترفع عن تحمل منة الخلق ، وتعليم الصبر على مضض الحاجات ، والاستغناء عن الناس ، وعزة النفوس ، ولمَّا أخذهم بذلك التزموه في جميع الأشياء وفي كل الأحوال ، حتى فيما لا تلحق فيه منة ؛ طردا للباب ، وحسما للذرائع " انتهى .

إلا أن ذلك ـ أيضا ـ مقيد بغير حالة الضرورة ، فما لم يضطر المرء إلى سؤاله : لم يسأله ، وما دفعته الضرورة إليه ، فلا حرج عليه في سؤاله .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" مَسْأَلَةُ الْمَخْلُوقِ " مُحَرَّمَةً فِي الْأَصْلِ وَإِنَّمَا أُبِيحَتْ لِلضَّرُورَةِ وَفِي النَّهْيِ عَنْهَا أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ "

انتهى من "مجموع الفتاوى" (10/182) .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-21, 15:48   رقم المشاركة : 43
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

امتحان أهل الفترة في الآخرة ؟

السؤال

سؤالي عن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم : أخرج الإمام أحمد بن حنبل في " مسنده " والبيهقي في كتاب " الاعتقاد " ـ وصححه ـ عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( أربعة يمتحنون يوم القيامة : رجل أصم لا يسمع شيئًا ، ورجل أحمق ، ورجل هرِم ، ورجل مات في فترة ، فأما الأصم

فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا ، وأما الأحمق فيقول : رب لقد جاء الإسلام والصبيان يقذفوني بالبعر ، وأما الهرِم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا ، وأما الذي مات في الفترة فيقول : رب ما أتاني لك رسول ، فيأخذ مواثيقهم ليطيعونه ، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار ، فمن دخلها كانت عليه برداً وسلاماً

ومن لم يدخلها يسحب إليها ) . استفساري : هل يوجد يوم القيامة امتحان ؟

وأنا الذي أعرفه أن يوم القيامة يوم الحساب فقط ، دون امتحان وابتلاء ؟ . والملاحظة الأخرى : امتحانهم يوم القيامة أن يدخلوا على النار هذا امتحان صعب جدًّا لا يخاطب العقل ؛ لأن العقل يدرك أن النار فيها خطورة ، وطبيعي الإنسان يخاف أن يدخلها بعكس امتحان في الدنيا الالتزام في تعاليم الدين الحنيفة .

الجواب

الحمد لله

أولاً:

اختلف العلماء رحمهم الله في أهل الفترة – وهم من عاش في زمن لم يأتهم فيه رسول ، أو كانوا في مكان لم تصلهم فيه الدعوة – ومن في حكمهم – كأطفال المشركين - على أقوال ، وأرجح هذه الأقوال : أنهم يُمتحنون يوم القيامة ، فمن أطاع أمر الله نجا ، ومن عصاه هلك ، وقد جاءت في السنة النبوية أحاديث كثيرة يترجح هذا القول بها ، ومنها ما ذكره الأخ السائل في سؤاله ، وقد استوفاها الإمام ابن كثير في تفسيره

عند قوله تعالى ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً ) الإسراء/من الآية 15 ، فلتنظر هناك لمن أراد الاستزادة والاستفادة ، ومجموع هذه الأحاديث يقوي بعضها بعضاً ، ويشهد أن لهذا القول ما يؤيده من السنَّة النبوية ، وهذا هو الذي ذكره أبو الحسن الأشعري عن أهل السنة والجماعة .

قال الإمام ابن كثير – رحمه الله - :

أحاديث هذا الباب منها ما هو صحيح ، كما قد نص على ذلك غير واحد من أئمة العلماء ، ومنها ما هو حسن ، ومنها ما هو ضعيف يقوَى بالصحيح والحسن ، وإذا كانت أحاديث الباب الواحد متعاضدة على هذا النمط : أفادت الحجة عند الناظر فيها .

" تفسير ابن كثير " ( 5 / 58 ) .

وقال الحافظ ابن حجر – رحمه الله – في سياق بيان الأقوال في المسألة - :

سابعها : أنهم يُمتحنون في الآخرة بأن ترفع لهم نار ، فمن دخلها : كانت عليه برداً وسلاماً ، ومن أَبَى : عُذِّب ، أخرجه البزار من حديث أنس ، وأبي سعيد ، وأخرجه الطبراني من حديث معاذ بن جبل ، وقد صحت مسألة الامتحان في حق المجنون ، ومن مات في الفترة من طرق صحيحة ، وحكى البيهقي في " كتاب الاعتقاد " أنه المذهب الصحيح .

" فتح الباري " ( 3 / 246 ) .

ثانياً:

وقد ردَّ هذا القول بعض أهل العلم – كالإمام ابن عبد البر – وقالوا : إن الآخرة دار جزاء ، وليست دار تكليف ، وليس ثمة أوامر ونواهي في الآخرة ، وأُجيب عن هذا الاعتراض بردود مجملة ، ومفصَّلة ، وقد ردَّ شيخ الإسلام ابن تيمية ، والإمام ابن كثير – وغيرهما – ردوداً مجملة ، وردَّ الإمام ابن القيم ردّاً مفصلاً أوصل وجوه الرد إلى تسعة عشر وجهاً .

أ. أما الردود المجملة : فملخصها : وجود امتحان في القبر ، وفي عرصات القيامة ، وأما كون الآخرة ليست دار تكليف فنعم ، لكن بعد استقرار أهل الجنة في الجنة ، وأهل النار في النار .

1. قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :

والتكليف إنما ينقطع بدخول دار الجزاء وهي الجنة والنار ، وأما عَرَصات القيامة فيمتحنون فيها كما يمتحنون في البرزخ ، فَيُقَالُ لِأَحَدِهِمْ : مَنْ رَبُّك ؟ وَمَا دِينُك ؟ وَمَنْ نَبِيُّك ؟ ، وقال تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ ، وقد ثبت في الصحاح من غير وجه حديث تجلي الله لعباده في الموقف إذا قيل :

( لِيَتَّبِعْ كُلُّ قَوْمٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ؛ فَيَتَّبِعُ الْمُشْرِكُونَ آلِهَتَهُمْ وَيَبْقَى الْمُؤْمِنُونَ فَيَتَجَلَّى لَهُمْ الرَّبُّ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيُنْكِرُونَهُ ثُمَّ يَتَجَلَّى لَهُمْ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَهَا فَيَسْجُدُ لَهُ الْمُؤْمِنُونَ وَتَبْقَى ظُهُورُ الْمُنَافِقِينَ كَقُرُونِ الْبَقَرِ يُرِيدُونَ السُّجُودَ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ، وذكر قوله : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إلَى السُّجُودِ فَلَا يَسْتَطِيعُونَ ) الْآيَةَ .

" مجموع الفتاوى " ( 4 / 303 ، 304 ) .

2. وقال الإمام ابن كثير – رحمه الله -

وقد ذكر الشيخ أبو عمر بن عبد البر النَّمَري بعض ما تقدم من أحاديث الامتحان ، ثم قال : وأحاديث هذا الباب ليست قوية ، ولا تقوم بها حجة ، وأهل العلم ينكرونها ؛ لأن الآخرة دار جزاء ، وليست دار عمل ، ولا ابتلاء ، فكيف يكلَّفون دخول النار وليس ذلك في وسع المخلوقين ، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها ؟! .

وأجاب عن ذلك ببيان قوة الأحاديث الواردة في الباب ، كما نقلناه عنه سابقا ، ثم قال : وأما قوله : " إن الآخرة دار جزاء " : فلا شك أنها دار جزاء ، ولا ينافي التكليف في عرصاتها قبل دخول الجنة أو النار ، كما حكاه الشيخ أبو الحسن الأشعري عن مذهب أهل السنة والجماعة مِن امتحان الأطفال ، وقد قال الله تعالى : ( يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ) ن/42 ، وقد ثبتت السنَّة في الصحاح وغيرها : أن المؤمنين يسجدون لله يوم القيامة ، وأما المنافق : فلا يستطيع ذلك ، ويعود ظهره طبقاً واحداً ، كلما أراد السجود : خَرَّ لقفاه .

وفي الصحيحين في الرجل الذي يكون آخر أهل النار خروجاً منها : أن الله يأخذ عهوده ومواثيقه ألا يسأل غير ما هو فيه ، ويتكرر ذلك مراراً ، ويقول الله تعالى : ( يا ابن آدم ، ما أغدرك ! ) ثم يأذن له في دخول الجنة .

وأما قوله : " وكيف يكلفهم دخول النار وليس ذلك في وسعهم ؟ " : فليس هذا بمانع من صحة الحديث ؛ فإن الله يأمر العباد يوم القيامة بالجواز على الصراط ، وهو جسر على جهنم أحدّ من السيف ، وأدق من الشعرة ، ويمرُّ المؤمنون عليه بحسب أعمالهم ، كالبرق ، وكالريح ، وكأجاويد الخيل والرِّكاب ، ومنهم الساعي ، ومنهم الماشي ، ومنهم من يحبو حبواً ، ومنهم المكدوش على وجهه في النار ، وليس ما ورد في أولئك بأعظم من هذا ، بل هذا أطم ، وأعظم .

وأيضاً : فقد ثبتت السنَّة بأن الدجال يكون معه جنَّة ونار ، وقد أمر الشارع المؤمنين الذين يدركونه أن يشرب أحدهم من الذي يرى أنه نار ، فإنه يكون عليه برداً وسلاماً ، فهذا نظير ذلك .

وأيضاً : فإن الله تعالى قد أمر بني إسرائيل أن يقتلوا أنفسهم ، فقتل بعضهم بعضاً ، حتى قتلوا ـ فيما قيل ـ في غداة واحدة : سبعين ألفاً ، يقتل الرجل أباه ، وأخاه ، وهم في عمايةِ غمامةٍ أرسلها الله عليهم ، وذلك عقوبة لهم على عبادتهم العجل ، وهذا أيضاً شاق على النفوس جدّاً ، لا يتقاصر عما ورد في الحديث المذكور ، والله أعلم . "

تفسير ابن كثير " ( 5 / 58 ) .

ب. وقد فصل ابن القيم رحمه الله وجوه الجواب السابقة ، كما أشرنا إليه ، وزاد فيها وجوها أخرى ، منها :
* أن موجب هذه الأحاديث هو الموافق للقرآن وقواعد الشرع ؛ فهي تفصيل لمَا أخبر به القرآن أنه لا يعذَّب أحد إلا بعد قيام الحجة عليه ، وهؤلاء لم تُقَم عليهم حجة الله في الدنيا ، فلا بُدَّ أن يقيم حجته عليهم ، وأحق المواطن أن تُقام فيه الحجة : يوم يقوم الأشهاد ، وتُسمع الدعاوى ، وتُقام البينات ، ويَختصم الناس بين يدي الرب ، وينطق كلُّ أحدٍ بحجته ومعذرته ، فلا تنفع الظالمين معذرتهم ، وتنفع غيرهم .

* أنه قد صحَّ بذلك القول بها عن جماعة من الصحابة ، ولم يصح عنهم إلا هذا القول ، والقول بأنهم خدَم أهل الجنة : صح عن سلمان ، وفيه حديث مرفوع ، وأحاديث الامتحان : أكثر ، وأصح ، وأشهر .

* أن أمرهم بدخول النار ليس عقوبة لهم ، وكيف يعاقبهم على غير ذنب ؟ وإنما هو امتحان واختبار لهم ، هل يطيعونه أو يعصونه ، فلو أطاعوه ودخلوها : لم تضرهم ، وكانت عليهم برداً وسلاماً ، فلما عصوه وامتنعوا من دخولها :

استوجبوا عقوبةَ مخالفةِ أمرِه ، والملوك قد تمتحن مَن يُظهر طاعتهم هل هو منطوٍ عليها بباطنه ، فيأمرونه بأمرٍ شاقٍّ عليه في الظاهر ، هل يوطِّن نفسه عليه أم لا ، فإن أقدم عليه ووطن نفسه على فعله : أعفوه منه ، وإن امتنع وعصى : ألزموه به ، أو عاقبوه بما هو أشد منه .

وقد أمر الله سبحانه الخليل بذبح ولده ، ولم يكن مراده سوى توطين نفسه على الامتثال والتسليم ، وتقديم محبة الله على محبة الولد ، فلما فعل ذلك : رَفع عنه الأمر بالذبح .

وأما أن ذلك "ليس ذلك في وسع المخلوقين " فقد أجاب عنه ابن القيم من وجهين :

أحدهما : أنه في وسعهم ، وإن كان يشق عليهم ، وهؤلاء عبَّاد النار ، يتهافتون فيها ، ويُلقون أنفسهم فيها ؛ طاعةً للشيطان ، ولم يقولوا " ليس في وسعنا " ، مع تألمهم بها غاية الألم ، فعبَاد الرحمن إذا أمرهم أرحم الراحمين بطاعته باقتحامهم النار : كيف لا يكون في وسعهم ، وهو إنما يأمرهم بذلك لمصلحتهم ومنفعتهم ؟ .

الثاني : أنهم لو وطَّنوا أنفسهم على اتباع طاعته ومرضاته : لكانت عين نعيمهم ، ولم تضرَّهم شيئاً .

قال رحمه الله :

" فالسنَّة ، وأقوال الصحابة ، وموجب قواعد الشرع وأصوله : لا تُردُّ بمثل ذلك ، والله أعلم "

انظر : " أحكام أهل الذمة " ( 2 / 1148 – 1158 ) .

وهذا كلام متين ، فيه بيان المسألة وتجليتها ، ونسأل الله أن يرزقنا العلم النافع ، والعمل الصالح ، وأن يتوفانا على الإيمان .

والله أعلم









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-21, 15:54   رقم المشاركة : 44
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ما هو التنطع المذموم ؟

السؤال


ما معنى التنطع في الإسلام ؟

وهل تغطية الوجه وإعفاء اللحى والالتزام بجميع أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ورفض كل ما هو مستحدث فى الدين يعد تشددا ؟ وما معنى أنه صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ؟


الجواب


الحمد لله


أولا :

الحديث الذي ورد في ذم التنطع جاء عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ . قَالَهَا ثَلَاثًا ) رواه مسلم (2670)

وللعلماء في تفسير " التنطع " و " المتنطعين " عبارات كثيرة ، تتوافق ولا تتعارض ، وكلها تجتمع في معنى واحد ، يرجع إلى التكلف والتشدد فيما لا ينبغي وفي غير موضعه الصحيح. ومن هذه المعاني :

1- الغلو في العبادة والمعاملة ، بحيث يؤدي إلى المشقة الزائدة ، والشريعة لم تأمر إلا بما فيه يسر وسماحة ، ونهت عن التشدد في الدين ، وصور الغلو التي أحدثها الناس في الدين وعدها العلماء من التنطع لا تكاد تحصى بعدد
.
يقول النووي في "شرح مسلم" (16/220) :

" أي : المتعمقون ، الغالون ، المجاوزون الحدود في أقوالهم وأفعالهم " انتهى .

2- الابتداع في الدين ، بتحريم ما لم يحرمه الله ورسوله ، واستحداث صور من العبادات والإلزامات لم تكن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم .

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية – كما في "مجموع الفتاوى" (10/620) - :

" الرهبانيات والعبادات المبتدعة التي لم يشرعها الله ورسوله من جنس تحريمات المشركين وغيرهم ما أحل الله من الطيبات ، ومثل التعمق والتنطع الذي ذمه النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( هلك المتنطعون ) ، وقال : ( لو مد لي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم ) مثل الجوع أو العطش المفرط الذي يضر العقل والجسم ، ويمنع أداء واجبات أو مستحبات أنفع منه

وكذلك الاحتفاء والعري والمشي الذي يضر الإنسان بلا فائدة ، مثل حديث أبي إسرائيل الذي نذر أن يصوم ، وأن يقوم قائما ولا يجلس ، ولا يستظل ، ولا يتكلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مروه فليجلس ، وليستظل ، وليتكلم ، وليتم صومه ) رواه البخاري . وهذا باب واسع " انتهى .

3- التقعر في الكلام ، والتشدق باللسان ، بتكلف الكلمات التي تميل قلوب الناس إليه ، حيث لا معنى ولا مضمون ، ولا فائدة ترجى من تشدقه وتقعره .

فقد أورد ابن أبي الدنيا هذا الحديث في رسالة " الغيبة والنميمة " في باب " ما جاء في ذم التقعر في الكلام " (ص/15) وروى فيه عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِي كُلُّ مُنَافِقٍ عَلِيمِ اللِّسَانِ )

رواه أيضا أحمد في "المسند" (1/22) وحسنه محققو المسند .

وروى فيه أيضا قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ( إن شقاشق الكلام من شقاشق الشيطان )

قال ابن الأثير في "النهاية" (5/164) :

" المُتَنَطِّعون : هم المُتعَمِّقون المُغالون في الكلام ، المتكلِّمون بأقْصَى حُلوقهم . مأخوذ من النِّطَع ، وهو الغارُ الأعْلى من الفَم ، ثم استُعْمِل في كل تَعَمُّق قولاً وفعلا " انتهى .

4- الخوض فيما لا يعني ، والسؤال عما لا ينبغي ، وتكلف البحث فيما لا يغني .

قال الخطابي :

" المتنطع : المتعمق في الشيء ، المتكلف للبحث عنه على مذاهب أهل الكلام الداخلين فيما لا يعنيهم ، الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم "

انتهى . نقلا عن " عون المعبود " (12/235)

ويقول ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (ص/285) :

" المتنطع : هو المتعمق ، البحاث عما لا يعنيه ؛ فإن كثرة البحث والسؤال عن حكم ما لم يذكر في الواجبات ولا في المحرمات ، قد يوجب اعتقاد تحريمه ، أو إيجابه لمشابهته لبعض الواجبات أو المحرمات ، فقبول العافية فيه ، وترك البحث عنه والسؤال خير " انتهى بتصرف. ثم ذكر ابن رجب رحمه الله أمثلة لما ينبغي تجنب البحث فيه من تفاصيل أمور الغيب المجهولة والفروق الفقهية المتكلفة ، والتفريع على المسائل التي يندر وقوعها، ونحوها.

قال الشيخ ابن عثيمين في "شرح رياض الصالحين" (1/416-418) :

" كذلك أيضاً من التشديد في العبادة ، أن يشدد الإنسان على نفسه في الصلاة أو في الصوم أو في غير ذلك مما يسره الله عليه ، فإنه إذا شدد على نفسه فيما يسره الله فهو هالك .

ومن ذلك ما يفعله بعض المرضى - ولا سيما في رمضان - حين يكون الله قد أباح له الفطر وهو مريض ، ويحتاج إلي الأكل والشرب ، ولكنه يشدد على نفسه فيبقى صائماً ، فهذا أيضاً نقول إنه ينطبق عليه الحديث : هلك المتنطعون .
ومن ذلك ما يفعله بعض الطلبة المجتهدين في باب التوحيد ؛ حيث تجدهم إذا مرت بهم الآيات والأحاديث في صفات الرب عز وجل جعلوا ينقبون عنها

ويسألون أسئلة ما كلفوا بها ، ولا درج عليها سلف الأمة من الصحابة والتابعين وأئمة الهدى من بعدهم ، فتجد الواحد ينقب عن أشياء ليست من الأمور التي كلف بها تنطعاً وتشدقاً ، فنحن نقول لهؤلاء : إن كان يسعكم ما وسع الصحابة رضي الله عنهم فأمسكوا ، وإن لم يسعكم فلا وسع الله عليكم ، وثقوا بأنكم ستقعون في شدة وفي حرج وفي قلق ...
ومن ذلك أيضاً ما يفعله بعض الطلبة من إدخال الاحتمالات العقلية في الدلائل اللفظية ؛ فتجده يقول : يحتمل كذا ويحتمل كذا ، حتى تضيع فائدة النص ، وحتى يبقى النص كله مرجوجاً لا يستفاد منه . هذا غلط . خذ بظاهر النصوص ودع عنك هذه الاحتمالات العقلية ، فإننا لو سلطنا الاحتمالات العقلية على الأدلة اللفظية في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما بقى لنا حديث واحد أو آية واحدة يستدل بها الإنسان ، ولأورد عليها كل شيء ، وقد تكون هذه الأمور العقلية وهميات وخيالات من الشيطان ، يلقيها في قلب الإنسان حتى يزعزع عقيدته وإيمانه والعياذ بالله .

ومن ذلك أيضاً ما يفعله بعض المتشددين في الوضوء ، حيث تجده مثلاً يتوضأ ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر ، وهو في عافية من ذلك . أيضاً في الاغتسال من الجنابة ، تجده يتعب تعباً عظيماً عند الاغتسال ، في إدخال الماء في أذنيه ، وفي إدخال الماء في منخريه .

وكل هذا داخل في قول الرسول عليه الصلاة والسلام : ( هلك المتنطعون . هلك المتنطعون . هلك المتنطعون )
فكل من شدد على نفسه في أمر قد وسع الله له فيه فإنه يدخل في هذا الحديث " انتهى باختصار .

ثانيا :

أما الالتزام بشعائر الدين الظاهرة ، والمحافظة على حدود الله ، وامتثال أوامره ، فهذا من واجبات الدين ، وسبيل دخول جنة رب العالمين ، ولا يعدها مِن التنطع إلا مَن يريد التحلل من الشريعة ، والطعن في الأحكام الثابتة ؛ فإن التنطع المذموم هو خروج عن قانون الشريعة وآدابها ، فكيف يكون التزامها ، والتمسك بها ، والعض عليها بالنواجذ تنطعا ؟!!
والحَكَمُ الفصل في ذلك هو الأدلة من الكتاب والسنة

فما جاءت به الأدلة الصحيحة الظاهرة بإيجاب شيء – كغطاء الوجه وإعفاء اللحية – ، أو تحريم شيء – كتحريم المعازف والاختلاط بالنساء ونحوه – فهذا لا يجوز وصفه بالتنطع والتشدد ، إذ يلزم منه اتهام النبي صلى الله عليه وسلم - الذي أمرنا بها - بأنه متنطع !! وحاشاه صلى الله عليه وسلم من ذلك.

أما ما لم تأت به النصوص ، وكان من أحد الأوجه الأربعة السابقة في تفسير التنطع ، فهذا هو ما ينبغي ذمه واجتنابه ، ولا يخلط بينه وبين أحكام الشريعة الظاهرة الثابتة .

ثالثا :

أما حديث عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ : ( مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَيْسَرُ مِنْ الْآخَرِ إِلَّا اخْتَارَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا ، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ ) رواه البخاري (3367) ومسلم (2327)

فلا يعني بوجه من الوجوه التخلي عن الشريعة ، والتقصير في الواجبات ، بل كان النبي صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على تحقيق العبودية لله بجميع لوازمها ، ولكن المراد بقوله ( بين أمرين ) أي من أمور الدنيا التي ليس للشرع فيها أمر أو نهي ، أو من الأمور التي يسع فيها الاختيار من السنن والمستحبات ، أما إذا جاء التكليف بالوجوب أو التحريم فيجب الوقوف عنده من غير تعد ولا تقصير .

يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (6/575) :

" قوله : ( بين أمرين ) أي : من أمور الدنيا ، يدل عليه قوله : ( ما لم يكن إثما ) ؛ لأن أمور الدين لا إثم فيها ، وقوله : ( ما لم يكن إثما ) أي : ما لم يكن الأسهل مقتضيا للإثم ، فإنه حينئذ يختار الأشد . وفي حديث أنس عند الطبراني في الأوسط : ( إلا اختار أيسرهما ما لم يكن لله فيه سخط ) " انتهى .

والله أعلم .









رد مع اقتباس
قديم 2018-03-21, 15:58   رقم المشاركة : 45
معلومات العضو
*عبدالرحمن*
مشرف عـامّ
 
الصورة الرمزية *عبدالرحمن*
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

حديث : ( من اعتمد على عقله ضل )

السؤال

معنى الحديث : ( من اعتمد على ماله قلَّ , ومن اعتمد على عقله ضلَّ , ومن اعتمد على الله فلا يضل ) . فهل هذا يعني أن العقل لا يستخدم في الاجتهاد ؟ ومتى يستخدم العقل في الاجتهاد ؟.

الجواب

الحمد لله

حديث : ( من اعتمد على ماله قلَّ ومن اعتمد على عقله ضلَّ ومن اعتمد على الله فلا يضل )

لم نجده بعد الاطلاع والبحث منسوباً إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ووجدناه في بعض الكتب منسوباً لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه .

والعقل في الإسلام له أهمية كبيرة ، وتكمن أهميته في أمور ، منها :

1. أنه شرط التكليف ، فمن شروط التكليف بالأوامر وترك النواهي أن يكون المكلَّف عاقلاً .

2. أن العقل هو إحدى الضرورات الخمس التي جاءت الشريعة بحفظها والاهتمام بها ، وهي : الدين ، والنفس ، والعقل ، والعرض ، والمال ، ومن تشريعات حفظ العقل في الإسلام تحريم شرب الخمر والمخدرات .

3. أن استعمال الإنسان لعقله استعمالاً صحيحاً يجعله يفهم الآيات والأحاديث على وجهها الصحيح ، وإذا كان كافراً فإن الله تعالى جعل في دينه من الحجج والبراهين ما لا يخفى على عاقل ، لكن من لم يستخدم عقله لم ينتفع بهذه الحجج والبراهين ، لذا سيندم هؤلاء يوم القيامة وسيتمنون لو أنهم استخدموا عقولهم على وجهها الصحيح

قال تعالى : ( وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ . فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لأَصْحَابِ السَّعِيرِ ) الملك/10،11، وليس في الإسلام شيء يخالف العقل الصريح ، بل العقل موافق لما جاء في الشرع ، وإنما ضلَّ أقوام حكَّموا عقولهم هم في نصوص الشرع فضلوا وأضلوا ، أما من استعمل عقله ليفهم ما جاء من نصوص وفق قواعد السلف ومنهجهم فهو المجتهد المأجور .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" فيأخذ المسلمونَ جميعَ دينهم من الاعتقادات , والعبادات , وغير ذلك من كتاب الله , وسنَّةِ رسولِهِ , وما اتفق عليه سلف الأمّة وأئمتها ، وليس ذلك مخالفاً للعقل الصريح ؛ فإنّ ما خالف العقل الصريح فهو باطلٌ .

وليس في الكتاب والسنَّةِ والإجماع باطل ، ولكن فيه ألفاظ قد لا يفهمها بعضُ النَّاس , أو يفهمون منها معنى باطلاً , فالآفةُ منهم , لا من الكتاب والسُّنَّة ؛ فإن الله تعالى قال : ( وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدى وَرَحْمَة وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِين ) " انتهى .

" مجموع الفتاوى " ( 11 / 490 ) .









رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
موسوعه الفقه الاسلامي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 20:35

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc