إن القرار الذي أتخذ مؤخرا بالعودة إلى إستيراد الأفراد للسيارات القديمة الأقل من ثلاثة سنوات من أموالهم الخاصة، خطأ فادح.
صحيح أن القرار يفرح بعض المواطنين في إقتناء سيارة ذات جودة وبمواصفات أوروبية حتى وإن كانت قديمة.
إن مثل هكذا قرار يخدم مصالح فرنسا أكثر مما يخدم مصالح الجزائر كبلد.
إن العودة إلى السماح بإستيراد سيارات أقل من ثلاثة سنوات، هو من بين الشروط التي كانت تضعها فرنسا في السعي الجزائر الإنضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، ومن الأسئلة التي كانت تطرحها على الوفد الجزائري المفاوض للإجابة عليها.
إن هذا الإجراء في حالة المضي في تنفيذه.
بالنسبة لفرنسا:
التخلص من السيارات القديمة مقابل أرباح تجنيها من الطرف الأخر، وهي بذلك تجدد حظيرتها للسيارات، وتخفز مصانع السيارات لإنتاج الجديد، ومصانع قطع الغيار لإنتاج المزيد، لحاجة السيارات القديمة أكثر لهذه القطع، وبالتالي يسجل قطاعها لصناعة السيارات نموا، وقطاعها الإقتصادي إنتعاشا.
التقليل من حوادث المرور التي تتسبب فيها السيارات القديمة، وبالتالي من عدد الإصابات الجسمانية.
بالنسبة للجزائر:
إفراغ جيوب بعض الناس من العملة الصعبة، وتنشيط عند الناس حركية شراء العملة وإنعاش السكوار (السوق السوداء للتجارة في العملة).
عرقلة أية صناعة للسيارات، المرتقب الشروع فيها قريبا، إبتداءا بتركيب أم تصنيع سيارات فيات، وعن قريب عودة مصتع رونو للإنتاج بشروط غير تلك من قبل.
الإكثار من حوادث المرور التي تسبب فيها السيارات القديمة (البعض منها تكون قد تعرضت لحوادث وأعيد إصلاحها)، وبالتالي من عدد الإصابات الجسمانية.
أما الطامة الكبرى، والعواقب الوخيمة التي ستنجر من هذا القرار وقد عانت منها البلاد من قبل هو:
فسح المجال لشبكات التزوير والتضخيم للتشكل والنشاط من جديد، هذا الأخطبوط الذي كان يمتدد من خارج الوطن إلى داخله.
وبالتالي إرهاق مصالح الجمارك والأمن والعدالة، بسيارات قديمة تتجاوز أكثر من ثلاث سنوات تم تضخيم سنة أول إستعمالها، وتزوير الوثائق، وإعادة ضرب أرقام لوحة الصانع، وتغيير الأرقام التسلسلية بأخرى.
إسألوا هؤلاء كم عانوا من قبل؟
من النتائج الوخيمة لإستيراد السيارة القديمة.
وعندما تفاقمت هذه الظواهر ، تم إلغاء القرار.
وقد أدرجت حكومة بدوي لتصريف الأعمال قرار العودة إلى إستيراد السيارات القديمة في قانون المالية لسنة 2019.
إلا أن وصول رئيس جديد إلى سدة الحكم، تم العدول عن القرار، بعد أن تمت إقالة وزير الصناعة أنذاك أيت علي فرحات.
بقلم الأستاذ محند زكريني