طلب مساعدة في نقد مباديء المذهب الرمزي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الثّقافة والأدب > قسم الطّلبات

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

طلب مساعدة في نقد مباديء المذهب الرمزي

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-01-01, 17:59   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نينا الجزائرية
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية نينا الجزائرية
 

 

 
الأوسمة
وسام احسن عضو 2010 وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










Hot News1

.....................................

.................................]









 


آخر تعديل لوز رشيد 2011-01-02 في 21:25.
قديم 2011-01-02, 02:19   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
أحمد الجمل
عضو متألق
 
الصورة الرمزية أحمد الجمل
 

 

 
الأوسمة
المرتبة الثانية وسام الموضوع المميّز لسنة 2011 
إحصائية العضو










افتراضي

المذهب الرمزي:
إن الرمزية كمذهب أدبي لم يظهر إلا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وإن كانت أصولها الفلسفية أقدم من ذلك بكثير، لا نغالي إذا قلنا إنها تمتد إلى المثالية الأفلاطونية، حيث كان يري أفلاطون أن حقائق العالم المحسوسة لم تعد سوى مجرد رموز للحقيقة المثالية البعيدة. وتعد الرموز من أقوى المذاهب الأدبية العالمية، في انتصارها للشعر الغنائي بعد الرومانسية وتنطلق من كون اللغة عبارة عن رموز للعالم الخارجي والعالم النفسي وتكمن وظيفتها في إثارة الصور الذهنية التي يتلقاها المرء من الخارج أو يجعلها من أشتات الصور العي تستند في وجودها للعالم الخارجي، ومن ثم تصبح وسيلة للإيحاء وليس للنقل المباشر،
وفي إطار ذلك يكمننا القول : إن الرمزية سارت في ثلاثة اتجاهات، اتجاه غيبي يختص بالعالم الذهني، وكيفية إدراكه للعالم الخارجي، واتجاه باطني يختص بكشف عالم اللاوعي والعالم الداخلي للفرد، واتجاه لغوي يكمن في وظيفة اللغة ومقدرتها على التداخل بين الحواس، ومما لا شك فيه أن التفاعل والتداخل قوي جداً بين تلك الاتجاهات [45]، وكما ذكرنا آنفاً إن الرموز تعود إلي مثالية أفلاطون وتلتقي أيضاً مع مثالية "كانت" أما عن مؤسسي الرمزية كمذهب في الأدب فلا يختلف أحدً علي أن"بودلير" و" فرلين" و"مالارميه" أول من أدخل الرمزية في شعره على الشكل و" بودلير" أول من أدخلها على المضمون أما " فرلين" فهو شاعر الرمزية العاطفي " [46] أما إعلان الرمزية كمذهب عالمي في الأدب فكان ذلك في " الثامن عشر " من أيلول 1886م عندما أصدر عشرون كتاباً فرنسياً في جريدة " الفيجارو" الأدبي الفرنسية عن الميلاد الرسمي للمدرسة الرمزية [47].
هذا عن النشأة والبداية، أما عن السمات العامة للمذهب الرمزي كمذهب عالمي، اكتفاء الشاعر بالتلميح عن الأشياء، والاهتمام بالموسيقى وتحرير الشعر من الأوزان التقليدية حتى تتمكن الحركة الموسيقية من مواكبة الدفق الشعوري للفنان [48] وقدم الرمزية نجاحاً بارزاً ًفي الشعر أما علي صعيد السردي فكان نجاحهم محدوداً ولكنهم قدموا قصصاً مسرحيات في غاية الروعة" ومن أبرع من نجحوا في المسرحيات الرمزية "ماترلنك" البلجيكي، وفي القصة "كافكا" التشيكي الذي كان يكتب بالألمانية [49]، ومزج الرمزيون بين الحواس واعتبار الألوان وسيلة للتعبير [50] مع كثرة الغموض، أطلق الرمزية العنان للخيال في الإيحاء لكنهم يؤمنون بالصنعة والإحكام بل وخضعون خواطرهم الأولى إلى التفكير الفني بقصد السيطرة علي ضبابة الشكل.









قديم 2011-01-02, 02:31   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
أحمد الجمل
عضو متألق
 
الصورة الرمزية أحمد الجمل
 

 

 
الأوسمة
المرتبة الثانية وسام الموضوع المميّز لسنة 2011 
إحصائية العضو










افتراضي

المذهب الرمزي


في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي تجمعت عوامل عقدية واجتماعية وفنية وثقافية وتعاونت على إنضاج هذا المذهب في فرنسا على يد جماعة من الشعراء أشهرهم (بولدير) و (رامبو) والعوامل هي :






1- العوامل العقدية فهي الشعور الحاد بالفراغ الروحي الذي يعيشه الفرد الأوربي , والصدمة التي أصيب بها نتيجة إخفاق النزعة العلمية في سد فراغه الروحي وتعويضه عن العقيدة الغائبة , والشطط الذي بلغته الفلسفة الوضعية فقد أمددت هذه الفلسفة الفنون والآداب بتصورات مادية جافة عن الإنسان والحياة , وجعلت الإنسان بنية عضوية تسيرها الغرائز والعقد , وألغت كيانه الروحي وقطعت صلته بالله تعالى , وحولت الحياة إلى مجموعة قواعد وأنظمة بشرية جافة تنظم العلاقات بين الناس تنظيما عقليا ماديا محضا .
2- وأما العوامل الاجتماعية فهي التناقضات التي كان يعيشها رواد الرمزية في مجتمعاتهم فقد أحسوا بالنفور من أنظمتها وقوانينها التي تحول دون تمتعهم برغباتهم الجامحة واتهموها بالتقصير في حرية الإنسان وإرهاقه فتخالفه دون هوادة أو تقصير .

3- وأما العوامل الفنية فهي البحث عن أسلوب فني جديد في التعبير فقد كرهوا رواد الرمزية التعبير المباشر الواضح ونفروا من أساليب الواقعيين وادعوا أنها تعجز عن نقل أحاسيسهم وأن اللغة ذاتها عاجزة عن نقل التجربة الشعورية العميقة ولذلك ينبغي إيجاد مدرسه توحي بأثر هذه التجربة وينقل أثرها إلى القائل .

4- وأما العوامل الثقافية فهي تأثرهم بكتابات الكاتب الأمريكي ( أدجار الان بو ) وأسلوبه الرمزي المتميز وتأثره من جانب أخر بالفكرة التي تتحدث عن عالم المثل , وكان أفلاطون هو أول من صاغ هذه الفكرة في فلسفته.

وقد تعاونت هذه العوامل الأربعة على إخراج المذهب الرمزي إلى حيز الوجود , وكان مثاله الكبير هو الشعر الفرنسي ثم تأثر بها شعراء في بلاد غربية أخرى , وعلى الرغم من ظهور مسرح الرمزية وقصص الرمزية فإن الشعر هو الذي جسد مبادئ الرمزية الغربية وأصولها بشكل كامل .







أهم مبادئ الرمزية :



1- رفض النزعة العليمة والروح الواقعية التي تعلقت في الأدب آنذاك .
2- الهروب من الواقع والتعالي عليه وعدم الاهتمام بمشكلاته السياسية والاجتماعية .
3- البحث عالم مثالي مجهول يشد فراغه الروحي ويعوضه عن غياب العقيدة والتعلق به ومن ثم الإخلاص له .
4- رفض التعبير المباشر والواضح والدعوة إلى التخلي عنها في الإنتاج الأدبي.
5- الاعتماد على أساليب تعبيرية جديدة للإيحاء بالمعنى والأحاسيس مثل تراسل الحواس أي وصف مدركات كل حاسة من الحواس بصفات ومدركات الحاسة الأخرى كأن يسمع المشموم , ويعطي المسموعات ألوانا والمشمومات أنغاما وتصبح المرئيات عاطلة ........ الخ , إضافة إلى استبعاد الصفات المتباعدة لتشخيص كقولهم الضوء الباكي مما يطفي على الصورة شيء من الغموض وكذلك الإكثار من الصور الجزئية وتجميعها حول محور رئيسي بكثافة والخروج على الأوزان والصيغ النحوية .

6- الاهتمام بإيقاع الألفاظ والعلاقة بين الأصوات للإيحاء بالمعنى وربط الشعر بالموسيقى لتوليد أثر الجمال من تناغم الحروف .
7- الاتجاه نحو جمهور خاص ومحدود والتعالي على بقية الشعب .









قديم 2011-01-02, 02:40   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أحمد الجمل
عضو متألق
 
الصورة الرمزية أحمد الجمل
 

 

 
الأوسمة
المرتبة الثانية وسام الموضوع المميّز لسنة 2011 
إحصائية العضو










افتراضي

الرمزية :

لقد انبثقت الرمزية عن نظرية "المُثُل" عند أفلاطون , وهي نظرية تقوم على فكرتين أساسيتين:

أولاهما : إنكار الحقائق المحسوسة التي لا تزيد عن كوْنها صوراً ترمز إلى حقائق مثالية بعيدة عن عالمنا المحسوس .

وثانيتهما : أن عقل الإنسان الظاهر الواعي عقل محدود , وأن الإنسان يملك عقلاً باطناً غير واضح , أرحب من ذلك وأحفل بعشرات المرات .

ولقد آمن الرمزيون بهذه النظرية , ونادَوْا بأن العالم الخارجي الواقعي ليس جديراً بأن يكون مجالاً للشعر على الإطلاق , وأن العقل الواعي غير صالح ؛ لأن يكون مقوماً لهذا الشعر , وحَكماً عليه , ولقد تأثر المذهب الرمزي - إلى حد كبير - بالفيلسوف الفرنسي هنري برجسون , وبالطبيب اليهودي النمساوي سيجموند فرويد , اللذين تحدثا عن العقل الباطن , وقد نادى الرمزيون بنظرية إدراك الأشياء من خلال الحواس الخمس , وقالوا إن الألوان والروائح والأصوات تتداخل وتتجاوب وتتعاون , وبذلك تستطيع الحواس أن تولِّد عند الإنسان وقْعاً نفسياً موحداً .

وقد أدخل بعض الأدباء الإنكليز ضرباً من التجديد , حيث صبغوها بالصبغة الصوفية المنتشرة عندهم , وطفق شعراؤهم يحوِّلون الشعر الرمزي إلى صلاة خاشعة , تنتشي بها النفوس الهائمة . وقد أدت هذه المدرسة الإنكليزية إلى ظهور الكثير من المدارس المنثبقة عن الرمزية , وذلك كالسريالية والتجريدية والتعبيرية .

والسريالية قائمة على غياب العقل وعالم اللاوعي , والتخلص من قيود المنطق المعتادة والعلاقات السببية في التفكير والتعبير , وقد اعتبرت - ضمن وظيفتها الكبرى - التخلص من كل ما يعوق الحرية المطلقة , ويكبح جماح التلقائية في التعبير والإبداع الفنيين , وقد أسسها أندريه بريتون (1896-1966م) .

الرمزية والسريالية تحت مجهر التصور الإسلامي :

عند عرض هذين المذهبين على التصور الإسلامي نجد أنهما قد اختلفا في نظرتيهما إلى الإنسان ؛ إذ ألغيا عقل الإنسان الواعي , بينما نجد الإنسان في التصور الإسلامي مميزاً عن سائر المخلوقات بالعقل , والعقل مناط التكليف , التكليف بأمانة الاستخلاف , فإذا ما ألغينا العقل عند الإنسان يعني هذا أننا أسقطنا عنه التكليف بأمانة الاستخلاف , وبإسقاط التكليف عن الإنسان نلغي كل النظم الاجتماعية التي تحقق للإنسان القيام بمهامها , وفي مقدمتها النظام الأسرى , والسرياليون اعتبروا النظام الأسري والنظم الاجتماعية تعوق الإبداع , وتقف حجر عثرة في طريق المبدعين .

إن إسقاط التكليف عن الإنسان يجعله هو والحيوان سواء , يعيش في إباحية مطلقة , وقد حدد القرآن الكريم موقفه من عالم "اللاوعي" - في سورة الشعراء - إذ يقول (جل شأنه) : {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الغَاوُونَ (224) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وادٍ يَهِيمُونَ (225) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (226) إِلاَّ الَذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيراً وَانتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ(227)} , الغاوون هم الهائمون مع الهوى , لا منهج لهم ولا هدف , وكل من الشعراء وأتباعهم يهيمون في كل وادٍ من وديان الشعور والتصور والقول دون أن يلتزموا بتصور ثابت يخضعون له , وبما أنهم يعيشون في عوالم من صنع خيالهم , ومشاعر يفضلونها على واقع الحياة الذي يعيشون - فهم يقولون ما لا يفعلون ؛ لأنهم يعيشون في عوالم موهومة , وهم بهذا خرجوا عن منهج الإسلام ؛ لأن الإسلام يحب للناس أن يواجهوا حقائق الواقع , ولا يهربوا منها إلى الخيال الموهوم , وقد وصف الله - عز وجل - هذا الصنف من الشعراء بالظالمين .

أثر الرمزية في الأدب العربي :

لقد تأثر كثير من الأدباء بالرمزية , وبعضهم أسرف في استخدامها ؛ لدرجة أنك تشك في ذكائك ومقدرتك على الفهم , وهناك من الأدباء مَن استخدم الرمزية للرمز إلى الله - جل شأنه - وإلى الأنبياء والرسل , ونرى هذا واضحاً في أدب الأستاذ نجيب محفوظ .

الرمزية في أدب الأستاذ نجيب محفوظ :

عند قراءتنا لأدب الأستاذ نجيب محفوظ نجده قد تأثر بالرمزية وبفلسفة هنري برجسون وبالواقعية الاشتراكية والفرويدية والوجودية . ومادمنا بصدد الحديث عن الرمزية فسأتوقف عندها .

من المآخذ التي يؤاخذ عليها الأستاذ نجيب محفوظ أنه رمز - في بعض قصصه - إلى الله بالأب , وسأتوقف عند كتاب جورج طرابيشي "الله في رحلة نجيب محفوظ الرمزية" , واخترت هذا الكتاب بذاته ؛ لأن الأستاذ نجيب محفوظ أقر المؤلف على ما كتبه من تفسيرات لأعماله الرمزية , وذلك في رسالة بعثها له , ونُشرت في الغلاف الخلفي للكتاب , يقول فيها الأديب نجيب محفوظ للمؤلف : "بصراحة .. أعترف لك بصدق بصيرتك وقوة استدلالك , ولك أن تنشر عني بأن تفسيرك للأعمال التي عرضتها هو أصدق التفاسير بالنسبة لمؤلفها".

وهذا يعني أن جميع تفسيرات المؤلف يوافقه عليها الأستاذ نجيب محفوظ .

ويصحبنا جورج طرابيشي في هذه الرحلة إلى "أولاد حارتنا" , و"زعبلاوي" , و"الطريق" , و"الشحاذ" و"ثرثرة فوق النيل" , و"حارة العشاق" , و"حكاية بلا بداية ولا نهاية" ؛ ليبين لنا - من خلال هذه الروايات والقصص - أبعاد الرمزية عند الأستاذ نجيب محفوظ , وأنه رمز فيها إلى الله "بالأب" , وقد بيَّن جورج طرابيشي ما يرمز إليه الأستاذ نجيب محفوظ في شخصيات "أولاد حارتنا" , حيث إن الأستاذ نجيب محفوظ رمز إلى الله بجبلاوي ! {تعالى الله عما يقول علواً كبيراً} , واشتق اسم جبلاوي من (جبَلَ) , أي خلَقَ , ورمز إلى "إبليس" بإدريس ابن جبلاوي من زوجه الحرة , ويرمز إلى أبينا آدم "بأدهم" ابن جبلاوي من زوجه "الأَمَة" , أما أمنا "حواء" فرمز إليها "بأميمة" - وهو تصغير لأم - وأميمة هذه "أَمَة" أيضاً , ورمز إلى الجنة بحديقة بيت جبلاوي , ورمز إلى أنبياء الديانات السماوية الثلاث (اليهودية والنصرانية والإسلام) , فرمز إلى سيدنا موسى - عليه السلام - بجبل , وسماه "جبل" ؛ لأن الله كلَّمه عند جبل سيناء , ورمز إلى سيدنا عيسى - عليه السلام - "برفاعة" , وسماه "رفاعة" ؛ لأن الله رفعه إلى السماء , أما سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - فرمز إليه "بقاسم" , وسماه قاسماً ؛ لأنه يكنّى - عليه الصلاة والسلام - بأبي القاسم ! .

تطرق الأستاذ نجيب محفوظ إلى الخالق - جل شأنه - من خلال قصصه :

مما سبق يتضح لنا أن الأستاذ نجيب محفوظ رمز إلى الخالق - جل شأنه - بالأب , جاعلاً له الزوجة والابن , وهي نظرة مضادة للإسلام ؛ فالله - جل شأنه - {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} [الشورى:11] , وقد نهى - جل شأنه - نهياً صريحاً عن تشبيهه بخلقه , فقال : {فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأَمْثَالَ}[النحل:74] .

إن معرفة الله - في التصور الإسلامي - تتطلب الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه , وبما وصفه به رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - بدون تحريف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تكييف ولا تمثيل , فلا يمثل بصفات خلقه ؛ لأنه - سبحانه وتعالى - لا سَمِيَّ له , ولا كفؤ له , ولا نِدَّ له , ولا يقاس بخلقه , فالرمز إلى الله "بالإنسان" مضاد تماماً للنظرة الإسلامية إلى الخالق - جل شأنه - وتشبيهه "بالأب" منافٍ أيضاً لما جاء في قوله - تعالى - : {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)}[الإخلاص] , وقوله - جل شأنه - في سورة الأنعام [101] {أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ وَخلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} , وقوله - تعالى - في سورة الجن [3] {وَأَنَّهُ تَعَالَى جدُّ رَبِّنَا مَا اتَخذَ صَاحِبَةً وَلا ولَداً} .

وكما يبدو فإن الأستاذ "نجيب محفوظ" قد تأثر بالنظرة النصرانية المحرفة إلى الخالق - جل شأنه - التي تقول بالثالوث : الآب والابن والروح القدس .









قديم 2011-01-02, 02:55   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
أحمد الجمل
عضو متألق
 
الصورة الرمزية أحمد الجمل
 

 

 
الأوسمة
المرتبة الثانية وسام الموضوع المميّز لسنة 2011 
إحصائية العضو










افتراضي

نقد الطريقة الرمزية
وشرح أثرها في أساليب الشعر ومعانيه
مذهب الرمزيين كما أعتقد يشمل أمورا منها إحلال المشبه به مكان المشبه وحذف المشبه في كثير من المواضع، ومنها إدخال تشبيه في تشبيه واستعارة في استعارة وخيال في خيال، وثالثها الاسترسال في وصف الهواجس النفسية من غير تمهيد أو شرح ويرمزون لهذه الهواجس بأشياء تذكرهم بها، ورابعها أنهم قد يشبهون شيئا بشيء آخر وهذا الشيء الثاني يشبهونه بثالث والثالث برابع الخ.

ثم يحذفون كل هذه الأشياء ما عدا المشبه به الرابع فإنهم يبقون لفظه كي يكون رمزا للمشبه الأول. ولا شك أن هذا المذهب يتطلب ذكاء وانتباها وثقافة من الشاعر والقارئ ولكن أصحابه قد نسوا قول بندار الشاعر الإغريقي القديم (على ما أذكر) وقد أراد أن ينصح شعراء عصره: "ابذروا البذر باليد لا بالزمبيل" يعني أن الزراع إذا رمى بذرا كثيرا في مكان واحد فإن النبات الذي ينبت قد يقتل بعضه بعضا، وكذلك الشاعر إذ أدخل الصور الشعرية بعضها في بعض في جملة واحدة أفسد بعضها بعضا. ثم إن الأسلوب قد يتهم بالضعف اللغوي مهما كان صاحب الأسلوب مضطلعا باللغة وذلك لأن أسباب التعلق بهذا المذهب كثيرة وليس السبب واحدا، فمنها :

1- أن الشاعر قد يلجأ إليه عمدا متكثرا بأخيلته وصوره الفنية ناسيا قول بندار الشاعر الإغريقي بالذي سبق ذكره.
2- ومنها الشاعر قد يلجأ إلى هذا المذهب إذا أعوزته الكلمة الصحيحة فيضع الكلمة التي تحضره ولا يعدم وجه شبه بين مدلول الكلمة الأولى ومدلول الكلمة الثانية فتصير الكلمة التي وضعها رمزا للتي لا يذكرها على سبيل وضع المشبه به مكان المشبه.
3- ومنها أن هذا الوضع قد يكون لمرض في مزاج الشاعر يعرفه الأطباء- ففي الحالة الأولى قد يكون الشاعر مضطلعا بأساليب اللغة خبيرا بها ولكنه في أسلوبه يستوي والشاعر غير المطلع لتشابه طريقتهما والنقاد معذورا إذا سوى بينهما.


فالاستكثار من الصور الفنية في الجملة الواحدة باستعمال رموز الشبه يؤدي إلى غموض الصورة العامة كما يؤدي إلى قتل الصور الجزئية بعضها بعضا كما يقتل النبات النبات في المكان الواحد، وأسلوب الشاعر المطلع يختلط بأسلوب الشاعر غير المطلع كما فسرت وما تستدعيه هذه الطريقة يختلط بأسلوب الشاعر غير المطلع كما فسرت ذكاء ولا أفضل انتباها ولا أجل ثقافة. ألا ترى أن حل معميات الكلمات الأفقية والرأسية التي تنشر مسابقاتها في الجرائد والمجلات يستدعي أيضا ذكاء وانتباها وثقافة من القارئ؟ وهذه الطريقة الرمزية تؤدي إلى فتور العاطفة وقلة تأثر القارئ لشعور الشاعر.

إن إكثار الشاعر من قرض الشعر ليس بعيب حتى ولو أدى إلى أن يكون في شعره غير المختار، فإن إجادة الشاعر المكثر وإساءته قد تأتيان منه عفوا أثناء إكثاره وقد يفقد بعض إجادته إذا فقد بعض إكثاره فلا يكون الإكثار مستهجنا إلا إذا دفع الشاعر الصانع لعجلته إلى طريقة الرمزيين أي إلى استعمال كلمة مكان أخرى وعبارة مكان عبارة ثم الاحتجاج لهذا الاستعمال بإيجاد وجه شبه بين الكلمتين أو العبارتين التي حلت إحداهما محل الأخرى على سبيل حذف المشبه وإحلال المشبه به مكانه أو إحلال الرمز مكان الأمر المرموز له. فهذا المذهب إذا قل أتباعه كان حلية تقبل وتستملح إذا قرب وجه الشبه، أما إذا كثر استخدامه وبعد ما بين المشبه به والمشبه المحذوف وما بين الرمز والمرموز له أدى المآخذ التي شرحتها في شرح طريقة الرمزيين، ولا شك أن المكثر العجلان قد يتأثر هذه الطريقة إذا وضع كلمة مكان أخرى أو جملة مكان أخرى. ولكن هذا التأثر قد يكون مرجعه إلى اعتقاد الشاعر أن هذه الطريقة تزيد الأخيلة والصور الفنية في الجملة الواحدة ناسيا أن الصورة تمحو الصورة كما يقتل النبات النبات في المكان الواحد وناسيا أن هذا التكثر بالرموز لا يغنى عن سيل العاطفة المتدفق ولا عن المعنى الهام الأجل. على أن منزلة الشاعر لا تقدر بأن نضع حسانته في كفة ميزان وسيئاته في كفة أخرى ثم نسقط ببعض الحسنات حسنات لا يتغير عنصرها، فمنزلة الشاعر إذا هي منزلة أحسن شعره. هكذا يقيس الدهر أكثر الأمور فيشيد بالحسنات ويقبر السيئات إذا وجد للحسنات مذيعا.

وقد تنشأ السيئات إذا أكثر الشاعر من التجارب كما يصنع الكيميائي وحاول أن يمهد منهجا جديدا وكان جريئا ذاهبا مذهبا بعيدا في هذا الطريق غير المعبد فإن التجارب في الأمر الجديد غير المعروف قد يفشل بعضها كما يحدث في معمل الكيمياء ولكن الشاعر إذا أجاد بسبب جرأته وذهابه مذهبا جديدا كانت إجادته أعظم من إجادة الشاعر المحاكي الذي يتبع الطريق المعروف المملول. وليس من المحتوم أن يفشل الأول في كثير من محاولاته الأولى: ألا ترى أن الكيميائي قد يصيب في أول محاولة؟ وإنما يرجع ذلك إلى استعداد الشاعر وإطلاعه وذكائه وتأنيه حتى يأتيه الشعر بدل أن يسعى هو إلى الشعر، وإنما يسعى الشعر إلى الشاعر في حالات خاصة ليس له سلطان عليها، ولكنها إذا عرضت للشاعر قدحت خياله وذاكرته وحشدت له المعاني والأساليب من غير أن يسعى إليها فتعطيه موضوع قصيدته ومعانيها وصورها الفنية من غير أن يتكلف طريقة الرمزيين اللهم إلا إذا كان مريضا بذلك المرض الذي يغريه بوضع كلمة مكان أخرى وفي هذه الحالة يتبع الطريقة الرمزية حتى في حالات إيحاء العقل الباطني والاندفاع الشعري.

أما أن الشعر الرمزي يجد قراء وأنصارا على غموضه فلأسباب عديدة:

1- أن بعض القراء يكتفي من الشعر بمدلولات بعض الكلمات وبنغمة الوزن: فبعضهم إذا قرأ قصيدة غير مفهومة لم يرعه أنه لا يفهمها ولم يقلل ذلك من لذته فإن لذته في مدلولات وصور بعض الكلمات مثل النجوم والحب والأزهار والحياة. فإذا قرأ كلمة الحياة تصور ما شاء من صور الحياة أو تأثر شعوره بها، وإذا قرأ كلمة الحب ذكر مواقفه وبؤسه ونعيمه، وإذا قرأ كلمة النجوم سامر النجوم وكان حاديا لها في السماوات فيحسن كأن النجوم تسير على توقيعه ويكاد يسمع لها غناء ونغما أثناء رقصها في دوراتها وإذا كلمة الأزهار ناجته بألوانها وشذاها وكأن الحياة لديه زهرة كبيرة كثيرة الألوان أو كأن القصيدة التي يقرؤها زهرة كبيرة من زهرات الحياة والحب ومن كان مثل هذا لا يهمه فهم القصيدة.
2- إن بعض القراء لا يكتفي بمدلولات بعض الألفاظ في القصيدة بل يفهم القصيدة حقا وإن كان لا يفهمها أكثر الناس ولكنه يفهم فيها ما يشاء من المعاني لا ما يعنيه الشاعر ويحسب أن الشاعر يعني ما فهم منها أو لا يهمه ما يعني الشاعر.
3- إن بعض القراء يفهم ما يستقيم فهمه من القصيدة ويحسن الظن بما لا يفهم وما يفهم منها يغريه بهذا الظن الحسن أو قد لا يغريه وإنما يحسن الظن بطبعه.
4- إن بعض القراء كالعباد في معابد القدماء لا يحمدون من الشاعر إلا ما كان غير مفهوم من شعره كالعباد الذين كانوا لا يحمدون كهانة الكاهن إلا إذا كانت غير مفهومة، وهؤلاء القراء يحمدون زمن الشعر أن يكون سرا رهيبا مغلقا محجوبا عن النفوس كسر الحياة وكسر الموت ولا يلتذونه إلا إذا كان كذلك.





5- إن بعض القراء له تلك الملكة وذلك الذكاء والانتباه وغيره من المواهب التي تجعله قادرا على فهم الرموز الشعرية الكثيرة المتداخلة وهؤلاء يلتذون الشعر كما يلتذ قراء المعميات الأفقية والرأسية البحث عن تلك الكلمات التي ذكرت رموزها كما يصنعون في ملء المربعات الخالية البيضاء في مسابقات المجلات. فيستجيد هؤلاء القراء مهارة الشاعر أو عجلته في وضع الكلمات مكان الكلمات كرموز لها على هذه الطريقة المقتضبة.
6- إن بعض القراء لا يفهمون الشعر ولا يحاولون فهمه ولكنهم يخشون أن يتهموا بالبلادة وقلة الثقافة إذا قالوا أنهم لا يفهمون فيدعون فهم ما لا يفهمون.
7- إن للتمجيد والاستحسان عدوى كعدوى البغض أو الود أو الحب أو الاستهجان أو القدح أو التثاؤب، فإذا تثاءب أحد الناس رأيت كثيرين يتئاءبون، وكذلك إذا سرت عدوى التمجيد والاستحسان رأيت كثيرين من القراء قد أصيبوا بعدوى الاستحسان وهم لا يفهمون ما يستحسنون
8- إن بعض الناس يستحسن شعر الشاعر لأنه صديق يثق به في الحياة، وما دام الشاعر موضوع ثقته في معاملات الحياة فإن شعره موضع ثقته أيضا على جهل منه بالشعر. وهذا القياس خطأ منطقي ولكن النفوس مولعة أحيانا بالأخطاء المنطقية بل إن تلك الأخطاء المنطقية تكون في الحياة أحيانا كما تكون التوابل في الطعام صلاحا ولذة فلا يسيغ المرء الحياة إلا بها في تلك الأحايين.
9- إن بعض القراء يزدري الشعر المفهوم إما لأنه يعد وضوحه اتهاما لعقله بالعجز عن فهم العويص الغامض وإما لأنه يضن على الشاعر بأن يحدد معنى شعره ويعد ذلك غرورا منه وكبرا. ومثل هذا القارئ يود أن يشارك الشاعر في تحديد معنى شعره فيعظم القارئ بذلك عند نفسه وهذا لا يستقيم إلا إذا كان الشعر غامضا، أو مثله كمثل الجليس الذي يقطع عليك حديثك كي يوضح لك معنى ما تقول. ولعل قارئ هذا المقال قد لقي من الجلساء من يجاهد ويجالد كي يفعل ذلك ويغضب إذا لم يهيئ له فرصة.
10- إن بعض القراء قد يستولي عليه الملل إذا كان معنى ما يقرأ مفهوما فهو يباعد الملل عن نفسه بالتأمل في رموز الشعر غير المفهوم.
11- إن بعض القراء يرى ضرورة له في الحياة أن يعبر عما تكنه نفسه من الأشجان والهواجس وما يرى من الآراء، فعنده شعور الفنانين وليس عنده قدرتهم على النظم أو النثر، فلا بد له من شاعر أو كاتب يفهم في شعره أو نثره تلك الآراء ويشعر فيه بتلك الأشجان ولا يستقيم له ذلك إلا إذا كان الشعر أو النثر غير مفهوم.
12- إن القارئ قد يكون مصابا بالمرض نفسه الذي يجعل الشاعر أو الناثر يضع الكلمة مكان الأخرى فيستحسن المريض طريقة المريض.
13- قد يكون غموض الشاعر من أجل خطأ منطقي أو انقطاع الصلة المنطقية الصحيحة اللازمة بين أجزاء شعره وهذا كثيرا ما يعرض أيضا للقراء فيفهمون منطق الشاعر على أنه صواب وهو خطأ لأنه يوافق طريقة منطقهم وتفكيرهم.


فالطريقة الرمزية من قديم الزمن يجلها كثير من القراء إذا سرت عدوى التمجيد وقد يقابلها بالعداء في أول الأمر. والشاعر قد يدرك هذه الأسباب وغيرها إما بالغريزة وإما بالتفكير المنظم فيرى في هذه الطريقة منافذ له إلى الجمهور واستحسان الناس وتمجيدهم فيتعمد تأثر هذه الطريقة. وقد يكون هو نفسه كالجمهور ممن تؤثر فيهم هذه العوامل أي قد يكون الشاعر ممن يكتفي بمعاني وصور بعض الألفاظ كالأزهار والنجوم والحب والحياة فلا يهم المعنى العام ويعد هذه الألفاظ ثروة شعرية كبيرة، أو قد يقف الشاعر أمام شعره كالعابد أمام كهانة الكهان، أو قد يكون الشاعر نفسه كالقارئ فيفهم في شعره ما ترتضيه هواجس نفسه لا ما تؤدبه الألفاظ، أو قد يكون الشاعر كبعض أولياء الله الصالحين الذين يقولون كلاما غير مفهوم فيفسره أشياعه كل تفسير يرون فيه سر الحياة وسر الموت ومفتاح مغاليق الكون. وقد يجمع الشاعر بين المكر واللذاجة في اتباع هذه الطريقة كما يجمع الفلاح بين المكر والسذاجة. أما أن الجمهور إذا سرت تحيه عدوى التمجيد يقدس الطريقة الرمزية فأمر يعرفه من درس تاريخ الأديان ورموزها من عهد قدماء المصريين والبابليين والآشوريين والإغريق واليونان والرومان وغيرهم من الأمم القديمة ولعل بعض المسيحيين في العصور المختلفة لم يتأثروا بتعاليم المسيح عليه السلام كما تأثروا برموز فصل من الإنجيل يدعى أبوكالبسApocalyse ولا تحسبن أن الطريقة الرمزية قاصرة على صغار الشعراء ف(جيته Goetae) كان مغرى في بعض مؤلفاته بالرموز، ومن أدباء العصور الحديثة أديب قد أكثر من الطريقة الرمزية حتى ليحار الإنسان فيه فلا يعرف أهو عبقري مفكر كبير أم مشعوذ أم هو الاثنان معا وأعي موريس ميترلنك.
على أنه لا يصح أن نجعل مرجع كل شعر لا يفهمه القارئ إلى الطريقة الرمزية فقد يكون العيب عيب القارئ وقد يكون عيب الناظم وقد يكون عيب كليهما وقد لا يكون هناك عيب في أحدهما.

فالشاعر المثقف والقارئ الذي لا يعرف من الثقافة غير القراءة كيف يلتقيان والشاعر والقارئ إذا اختلفا في مقدار الثقافة أو في نوعها كيف يتفاهمان كل التفاهم والشاعر المفكر الذي يبحث في خفايا النفس والقارئ الذي لا يفكر ولا يقدر أن يبحث في خفايا النفس كيف يتعارفان، أضف إلى ذلك أنه قلما تجد اثنين من الناس يتفقان في طريقة التفكير أو طريقة الشعور كل الاتفاق لاختلاف صفات نفسيهما الموروثة واختلاف اتجاه الذهن وقتا ما. ومن أجل هذه الأسباب اختلط الحابل بالنابل في عصر كثرت وتنوعت فيه الثقافة وصار الرمزيون يحيلون على الثقافة وأنواعها وطرق التفكير والشعور ومقدار العرفان إذا لم يفهم القارئ شعرهم وليس الأمر كما يزعمون في بعض شعرهم إذا صدق زعمهم في بعضه.

وقد يقتفي الشعراء الطريقة الرمزية على اختلاف ثقافتهم فبيننا أستاذ شاعر عبقري وناثر كبير يتعصب للقديم ويزدري الجديد وبعض مؤلفاته لم يؤلف مثلها عربي صميم لأن الصور الفنية والرموز الشعرية في بعضها تتقاتل تقاتلا عنيفا تقاتل النبات في المكان الواحد وهو مضطلع بالأساليب العربية الصحيحة وباللغة الفصيحة ولكن بعض مؤلفاته غير مفهوم بسبب كثرة التشبيهات والاستعارات والصور والرموز الشعرية التي يطمس بعضها بعضا في الجملة الواحدة، وبيننا شاعر آخر عبقري يتعصب للتجديد وهو مكثر يدل إكثاره في موضوعات مختلفة على اضطلاع باللغة ولكنه يكثر من الرموز الشعرية والصور الفنية أحيانا إكثارا قد يغطي على اضطلاعه ويجعل بعض قوله مبهما.

ولا شك أن طريقة الثقافة في الشعر قد تلتقي وطريقة الرمزيين أو تقترب منها وأن اختلفتا في الأصل وذلك لأن بعض الرمزيين مثقفون وإن اختلفت ثقافتهم في النوع والمقدار ولأن الشاعر المثقف لا بد أن يكون كثير الإشارات إلى ظواهر كونية وحيوية وإلى حقائق مادية وإلى حالات نفسية مختلفة، وهذه الإشارات قد تكون شبيهة بالرموز أو الطلاسم عند الجمهور إذا لم يمهد الشاعر لها ويوضحها ما استطاع ولا يصح أن ننصح بترك الثقافة وقصر الشعر على المعاني المعروفة والصور الفنية الموروثة والحالات النفسية الموصوفة المألوفة إلا إذا كان الشعر شعرا خاصا لطبقة غير مثقفة وإلا كان الشعر فقيرا معدوما ميتا لا روح فيه.

أما نصيحتنا فهي أن نصون الثقافة عن أساليب وطرق الرمزيين التي يستخدمها المثقفون وغير المثقفين منهم فلا نضع كلمة أو عبارة مكان أخرى كي تكون رمزا لها ولا أن ندمج الصور الفنية بعضها في بعض في جملة أو بيت واحد متكثرين بذلك من الأخيلة والاستعارات والتشبيهات ومتعجلين في إيجاد وجه شبه بين شيئين على طريقة الرمزيين وينبغي أن نذكر قول بندار الشاعر الإغريقي الذي سبق ذكره ومعناه أن الصور الجزئية إذا ازدحمت في جملة واحدة طمس بعضها بعضا كما يقتل النبات وغطت على العاطفة وعلى قدرة الشاعر اللغوية والفنية؛ وينبغي أن ننبذ الاستنتاج غير المنطقي وأن لا تكون الصلة المنطقية مقطوعة بين أجزاء الكلام وأن نذكر أن المعنى أوضح ما يكون في تلك الأساليب التي يتمصصها ويتذوقها القارئ كما يتمصص الشراب الحلو وقد يلحس شفته ولسانه بعد أن ينطق بها وهذه الأساليب لا تنقاد للشاعر إلا في حالة من حالتين:

الأولى: إذا تأنى الشاعر ورفض أن ينظم الشعر حتى يسعى إليه الشعر، وهذا يكون في حالات خاصة من حالات المزاج لا سلطان له عليها. وهذه الحالات تقدح خياله وذاكرته وتحشد له اطلاعه وتمده بموضوع شعره ومعانيه وعاطفته وقد يكون عقله قبلها غير متجه إلى هذا الموضوع وللعقل الباطني أثر في هذه الحالات، ولا يستقيم العقل الباطني من هذه الحالات إلا إذا كان صاحبه مثقفا خبيرا باللغة وأساليب الفن وبينه وبين العقل الظاهري صلة متينة وهذه طريقة من نالوا شيئا من العبقرية.

الثاني: إذا سعى الشاعر إلى الشعر عمدا بمذكرة وذاكرة قوية مقيدا كل الأساليب العذبة التي يمكنه أن يعبر بها عن معنى من معاني موضوعه مستجمعا تلك المعاني مستعينا بكتب اللغة والأدب والمعجم فيكون مثله مثل من يهيئ أدوات العمارة أمامه قبل أن يبني القصر الفخم، وهذه طريقة أساتذة الصنعة، وقد حدثني أديب توفي إلى رحمة الله أنه زار مرة شاعرا كبيرا توفي أيضا إلى رحمة الله ولم يكن الشاعر في غرفة مكتبه فوجد الزائر القواميس وكتب اللغة مفتوحة ووجد أوراقا قيد بها الشاعر قوافي تناسب معاني منثورة، فدهش الزائر، ثم دخل الشاعر ورأى دهشة زائره فضحك وقال: لا تظن أن هذه الأشياء تغني عن الملكة الشعرية وإنما هي أعوان لها وللذاكرة لإجادة الصنعة وإنما مثلك من رأى أتربة وأحجارا أو أدوات عمارة مبعثرة فساءها منظرها ولو عاد بعد قليل لرأي قصرا منيفا.
وقد يلجأ إلى كل أو إلى بعضه أساتذة الصنعة كما يلجأ إليه من وهب شيئا من العبقرية وكما يلجأ إليه أحيانا من جمع بين الاثنتين وقد يستغني عن ذلك العبقري بما يحشد له من اطلاعه في تلك الحالات النفسية الخاصة التي يتنبه فيها العقل الباطني والتي لا سلطان له عليها والتي تجمع له شتات ذهنه من غير عناء وسعى من قبله.













قديم 2011-01-02, 16:46   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
نينا الجزائرية
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية نينا الجزائرية
 

 

 
الأوسمة
وسام احسن عضو 2010 وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع وسام العضو المميّز في منتديات الخيمة 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك فيك اخي كفاية كذب الله يعطيك ما تتمني










موضوع مغلق

الكلمات الدلالية (Tags)
مبادىء, مساعدة, المذهب, الرمزي


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 21:06

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc