روسيا تحاول تحييد المختبرات البيولوجية الأميركية في أوكرانيا.. فما هي قصتها؟

[الزمزوم]

روسيا تحاول تحييد المختبرات البيولوجية الأميركية في أوكرانيا.. فما هي قصتها؟

لماذا تحاول القوات الروسية تحييد المختبرات البيولوجية الأميركية المنتشرة في أوكرانيا خلال عمليتها العسكرية، وما هي طبيعة عمل هذه المختبرات؟

تقوم الولايات المتحدة بإنشاء العشرات من المختبرات البيولوجية في العديد من البلدان، تحت مسميات وذرائع مختلفة، بينها الأبحاث الطبية، لكنّ دولاً أخرى تكشف معلومات عن هذه المختبرات تجعلها تصنّف في خانة "التهديد".

إحدى الدول الأكثر استضافة لهذه المختبرات هي أوكرانيا، إذ يشير العديد من الوثائق والتحقيقات إلى أن واشنطن تنشر العشرات من المختبرات البيولوجية والكيميائية على أراضيها، وخاصة على الحدود مع روسيا.

ومع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الأسبوع الفائت، تزايد الحديث عن خطر التسرّب الإشعاعي أو البيولوجي من محطة تشرنوبيل النووية ومن المختبرات البيولوجية الأميركية. ووفق محلل الميادين للشؤون الأمنية والعسكرية شارل أبي نادر، فإن القوات الروسية حاولت خلال عمليتها العسكرية "تحييد هذه المختبرات" من خلال مناورات وصفها بـ"الحساسة".

واعتبرت وسائل إعلام غربية أن أحد الأهداف الأسياسية للعملية الروسية العسكرية هو تدمير هذه المختبرات، في حين قال مدير برنامج "الحد من التهديد التعاوني الأميركي"، روبرت بوب، إن العمليات العسكرية الروسية تضع سلسلة المختبرات البيولوجية الأميركية المنتشرة في أوكرانيا في خطر، مشيراً إلى أنها تحتوي على "مسببات أمراض خطيرة"، مؤكداً في الوقت نفسه أن "عمل المختبرات سلمي".

روسيا والصين: المختبرات البيولوجية الأميركية تهدّد أمننا القومي

تشترك روسيا والصين في الرأي بشأن عمل المختبرات البيولوجية الأميركية، وكانتا قد عبّرتا مراراً عن قلقهما إزائها. كما تعتبر كل من روسيا والصين أن واشنطن تحاول إخفاء الطبيعة الحقيقية لأنشطة هذه المختبرات، وأنها "تشكل تهديداً للأمن القومي للبلدين، وتضر بأمن المناطق المعنية".

خلال العام الماضي، أكد مصدر مطلّع في موسكو، لوكالة "نوفوستي" الإخبارية الروسية، وجود مختبرات أميركية للأبحاث البيولوجية في أوكرانيا وجورجيا، المحاذيتين لروسيا.

سكرتير مجلس الأمن الروسي، نيقولاي باتروشيف، ذكر خلال عام 2019 أن الولايات المتحدة أقامت أكثر من 200 مختبر بيولوجي في مختلف بلدان العالم، بما في ذلك في بعض الدول المجاورة لروسيا، وفي مقدمتها جورجيا وأوكرانيا.

وقالت وكالات إعلام روسية إن العلماء العسكريين، تحت الغطاء الدبلوماسي، يختبرون فيروسات مصطنعة في مختبرات البنتاغون في 25 دولة، مشيرةً إلى أن "مئات الآلاف من الناس يصابون بانتظام بالتهابات، ويعانون من مسبّبات الأمراض والأمراض الخطيرة، ومن بين الدول التي فيها المختبرات جورجيا وكازاخستان وأوزبكستان وأرمينيا".

أيضاً، اتهمت الصين الولايات المتحدة بإقامة 16 مختبراً على الأراضي الأوكرانية تقوم بأبحاث علمية "غير شفافة وخطرة"، مطالبةً واشنطن بتقديم توضيحات في هذا الشأن. كما أكد نائب المندوب الصيني في الأمم المتحدة، غنغ شوانغ، في وقت سابق، أن "النشاط البيولوجي لأميركا وحلفائها في أكثر من 200 مختبر خارج الأراضي الأميركية يشكل مخاطر جسيمة على أمن روسيا والصين".

وقال غنغ شوانغ في حينها: "تشير روسيا والصين إلى النشاط البيولوجي العسكري للولايات المتحدة وحلفائها خارج أراضيها... هذه المختبرات تعمل بطريقة مبهمة وغير شفافة، وتثير مخاوف وتساؤلات من المجتمع الدولي يشأن إذا ما كان هذا يتماشى مع اتفاقية الأسلحة البيولوجية".

وفي أيار/ مايو 2020، نقل موقع "الأنباء الأوكرانية" عن وزارة الصحة في أوكرانيا أن الولايات المتحدة أقامت 8 مختبرات لحفظ جراثيم بالغة الخطورة، وذلك بذريعة ضرورة منع تطوير أسلحة بيولوجية. وكشفت وسائل إعلام أن وكالة الدفاع المعنية بخفض التهديدات لدى البنتاغون قدمت مساعدات مالية لهذه المنشآت.

ولا تقدم الولايات المتحدة معلومات جوهرية عن نشاط مختبراتها البيولوجية، ما يثير تساؤلات ومخاوف الدول الإقليمية.

وفي هذا الإطار، نشرت الصحافية البلغارية ديلانا غيتاندجيفا، خلال عام 2019، تحقيقاً يشير إلى أن الجيش الأميركي ينتج الفيروسات القاتلة والبكتيريا والسموم.

وكانت شبكة الميادين أنتجت فيلماً وثائقياً بالتعاون مع الصحافية البلغارية ديلانا غيتاندجيفا، عام 2018، يتضمن وثائق مسرّبة بين السفارة الأميركية ووزارة الصحة الجورجية، وخرائط تظهر توزيع المعامل والمختبرات البيولوجية الأميركية حول الدول المستهدفة، أبرزها روسيا، والصين، وإيران، وهذه المختبرات تنتشر في أكثر من 25 بلداً حول العالم.

الولايات المتحدة: المختبرات البيولوجية تهدف إلى مواجهة خطر تفشّي الأمراض

لا تنفي الولايات المتحدة نشرها لهذه المختبرات، لكنها تزعم أن هذا الجهد هو جزء من البرنامج التعاوني للحد من خطر برامج أسلحة الدمار الشامل، وفق وثيقة تنشرها سفارة واشنطن في أوكرانيا على موقعها.

وتزعم الوثيقة أن "برنامج الحد من التهديدات البيولوجية ينجز من خلال تطوير ثقافة إدارة المخاطر البيولوجية شراكات بحثية دولية، وقدرة الشركاء على تعزيز تدابير الأمن البيولوجي والسلامة البيولوجية والمراقبة الحيوية".

ويتم تمويل برنامج المختبرات الحيوية الأميركي من قبل وكالة "dtra" العسكرية، بموجب برنامج بلغت ميزانيته 2.1 مليار دولار عام 2019، ويشمل برنامج التعاون البيولوجي المشترك مع بلدان الاتحاد السوفياتي السابق (جورجيا وأوكرانيا) والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا وأفريقيا.

منفّذو البرامج العسكرية "dtra" هم شركات خاصة، لا تخضع للمساءلة المباشرة أمام الكونغرس، ويمكنها التحايل على القانون بسبب عدم وجود مراقبة مباشرة. ويتمتع الموظفون المدنيون أيضاً بالحصانة الدبلوماسية، رغم أن هؤلاء الأشخاص ليسوا دبلوماسيين. وبالتالي، يمكن للشركات الخاصة أن تعمل نيابة عن الحكومة الأميركية تحت غطاء دبلوماسي، من دون مراقبة مباشرة من قبل الدولة المضيفة، مثل جورجيا وأوكرانيا.

المصدر: الميادين