المؤلفات والمصنفات في الفقه المالكي - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > قسم الفقه و أصوله

قسم الفقه و أصوله تعرض فيه جميع ما يتعلق بالمسائل الفقهية أو الأصولية و تندرج تحتها المقاصد الاسلامية ..

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

المؤلفات والمصنفات في الفقه المالكي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-03-18, 13:31   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ناشر الخير
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي المؤلفات والمصنفات في الفقه المالكي

رغم الاتفاق المجمل على الأصول الاعتقادية والعبادية بين أهل السنة إلا أنهم قد اختلفوا في مسائل فقهية، تبعاً لحيثيات تتعلق بفهم مدلولات النصوص ودرجتها من حيث القوة والضعف والتخصيص والإطلاق والتقييد والترجيح والتأويل عند المستدل، ومن حيث بلوغها وصدورها...
فنشأت عن ذلك جملة من المذاهب داخل إطار أهل السنة، قام على تأسيسها كوكبة من علماء السلف، منهم: أبو حنيفة النعمان وسفيان الثوري بالكوفة، ومالك بن أنس وسفيان بن عيينة بالحجاز، والشافعي والليث بن سعد بمصر، وأحمد بن حنبل وأبو ثور ببغداد... لقد خط كل من هؤلاء الأعلام منهجاً في دائرته انتشرت آراء فقهية واجتهادات مذهبية أطَّرتها الحجج الاستدلالية والبراهين العقلية التي يقيمها أهل كل مذهب تسويغاً لما ذهبوا إليه. ويقاس مستوى الصواب لدى كل مذهب ومتانة احتجاجه حسب تعلقه بالنصوص ومدى استناد منهجه إلى منهاج النبوة، فتميز كل مذهب عن غيره بخصائص ومصطلحات ومؤلفات وسمات ومفردات لم تكن لدى المذاهب الأخرى.
وقد عُدَّ المذهب المالكي الذي يُنسَب إلى مؤسسه إمام دار الهجرة مالك بن أنس؛ أحد أهم هذه المذاهب.
فجاء الفقه المالكي متنوعاً في المسلك، قادراً على الاستيعاب، مواكباً للنوازل في شمولية وحيوية، وأنجبت عبقريات فقهاء المالكية مدونات وتآليف تسلك في مسايرتها للوقائع دروباً شتى وأساليب مختلفة، قادت إلى إيجاد فقه حي، يقوم على دراسة الأدلة واستقراء النصوص، وذلك ما سأحاول إيضاحه بالأمثلة من خلال تقديم نبذة موجزة عن بعض أمهات مصنفات الفقه المالكي وأصوله، منذ النشأة إلى نهاية القرن الثامن الهجري حسب التسلسل التاريخي، منتهجاً سبيل التعريف بالكتاب من حيث مؤلفه وموضوعه ومنهجه وقيمته العلمية بما يتناسب مع المقال.

1 - الموطأ: يعدُّ الموطأ من أوائل الكتب التي صُنِّفت، حيث جمعه مالك بن أنس فضمَّنه الأحاديث النبوية وبعضاً من آثار الصحابة - رضوان الله عليهم - خاصة الفتاوى العمرية، مع ما استنبطه هو من فقه وما كان له من آراء واجتهادات. وقد احتوى الموطأ على نحــو (1843) حــديثاً ما بين مرفوع وموقوف ومقطوع، وزَّعها الإمام مالك على (61) كتاباً، احتوت على (803) أبواب.
لقد كان الإمام مالك متحرياً في الرواية منتقياً للرجال فتبوأ (مُوَطَّؤُه) مكانة مرموقة ومنزلة رفيعة. قال عنه الإمام الشافعي: «ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك»، وفي رواية «أكثر صواباً» وفي رواية أخرى «أنفع»[1]. وقال عنه الإمام البخاري: «أصح الأسانيد كلها: مالك عن نافع عن ابن عمر»[2]. وقال عنه القاضي أبو بكر ابن العربي: «الموطأ هو الأصل واللباب، وكتاب البخاري هو الأصل الثاني في هذا الباب، وعليهما بنى الجميع كمسلم والترمذي»[3]. وقد أوردت ذكر كتاب الموطأ هنا رغم تصنيفه في أمهات كتب الحديث؛ لقناعتي أنه وإن كان أصلاً حديثياً فهو أيضاً كتاب فقه من الدرجة الأولى.

2 - المدوَّنة: لقد صنَّف عبد السلام بن سعيد التنوخي الملقب سحنون والمتوفَّى عام 240 هـ «المدوَّنة الكبرى» في فقه الإمام مالك، الذي لم تخرج عن إطاره قيد أنملة.
قال الإمام الذهبي: «وأصل (المدوَّنة) أسئلة سألها أسد بن الفرات لابن القاسم، فلما ارتحل سحنون بها، عرضها على ابن القاسم فأصلح فيها كثيراً وأسقط، ثم رتَّبها وبوَّبها، واحتجَّ لكثيرٍ من مسائلها بالآثار، من مروياته»[4]. بدأ سحنون مدونته بمسائل العبادات، وأتبعها بأحكام الأطعمة فالأَيْمان والنذور، ثم الأحكام المتعلقة بالأسرة ومسائل العتق والمواريث، لينتقل بعد ذلك إلى أحكام المعاملات فالأقضية والشهادات، ثم اختتمها بالحدود والجنايات. وقد اعتنى فيها كثيراً بمسائل الاستدلال؛ فكان يذيِّل كل باب بما يسنده من نصوص الوحيين. وأما المدونة من حيث الأهمية فقد قال عنها ابن رشــد الجــد: «.. حصَّلت أصل علم المالكيين، وهي مقدمة على غيرها من الدواوين بعد مــوطأ مالك - رحمه الله -..»[5]، و «المدونة أشرف ما أُلِّف في الفقه من الدواوين، وهي أصل المذهب وعمدته»[6].

3 - المستخرَجة أو العتبية: نسبة إلى مؤلفها فقيه الأندلس محمد بن عبد العزيز العتبي القرطبي المتوفَّى سنة 254هـ، وقد رتَّبها مؤلفها حسب السماعات عن مالك وتلامذته على نمط المسانيد الحديثية، واستشهد فيها كثيراً بالقرآن والسنة، فاستوعبت أغلب مسائل الفقه، وصارت من أهم مراجعه لدى المالكية؛ حيث وقع عليها الاعتماد من أعلام المالكية؛ كابن رشد وغيره، وعوَّلوا عليها كثيراً، حتى قال عنها ابن حزم: «لها - أي: المستخرجة - بأفريقية القدر العالي، والطيران الحثيث»[7]، ومن المعلوم أن ابن رشد الجد قد محَّصها وجمع رواياتها وهذَّبها في كتابه (البيان والتحصيل) فارتفع شأنها وعلت منزلتها.

4 - التفريع أو الجلاب: نسبة إلى مؤلف أبي القاسم عبيد الله بن الحسين بن الحسن بن الجلاب البصري المتوفَّى سنة (378 هـ). لقد مشى ابن الجلاب في ترتيب كتابه على نمط من سبقوه، فبدأه بالعبادات فأحكام الأطعمة والأنكحة، ثم أتبع ذلك بالمعاملات فالجراح والديات والحدود والقضاء والمواريث، وجعل خاتمته كتاباً عن الأخلاق والآداب. ويُعدّ (التفريع) من أهم مراجع الفقه المالكي، يقول الإمام القرافي: «وقد آثرتُ أن أجمع بين الكتب الخمسة التي عكف عليها المالكيون شرقاً وغرباً، حتى لا يفوت أحداً من الناس مطلب ولا يعوزه أرب»[8]. ومن المعلوم أن الخمسة التي قصدها القرافي هي: المدونة، والجواهر، والتلقين، والجلاب والرسالة. ولم يهتم ابن الجلاب كثيراً بالاستدلال، بل كان جلُّ اعتماده على آراء المالكية.

5 - الرسالة: لأبي محمد عبد الله بن أبي زيد القيرواني المتوفَّى سنة (386 هـ). ولقد استهل ابن أبي زيد رسالته هذه بمقدمة عرض فيها عقيدة السلف بشكل مختصر مفيد، ثم أتبعها بجملة الأحكام الفقهية المتعلقة بالعبادات وأحكام الأسرة، ليردفها بأحكام الدماء والأقضية والشهادات والفرائض وملخص عن أحكام المسائل، واختتم كتابه ببستان من الأخلاق والآداب، فجمع بين الأصول والفروع في كتاب واحد وهو أمر قلما يفعله المؤلِّفون.
أما عن أهميتها فيكفي ما قاله أحمد النفراوي: «قَدْ كَثُرَ اشْتِغَالُ النَّاسِ بِرِسَالَةِ الْإِمَامِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْـمُلَقَّبَةِ بِبَاكُورَةِ السَّعْدِ وَ بـ: (زُبْدَةِ الْـمَذْهَبِ)؛ لِمَا ظَهَرَ فِي الْخَافِقَيْنِ مِنْ أَثَرِهَا وَبَرَكَتِهَا»[9]. ورغم أن ابن أبي زيد لم يعتنِ كثيراً بالاستدلال مراعاة للاختصار إلا أن رسالته تبوأت مكانة سامقة لدى المالكية وغيرهم؛ لسبقها في جمعها العقائد والفقه والأخلاق.

6 - النوادر والزيادات على ما في المدونة من غيرها من الأمهات: للمؤلف السابق نفسه. ولقد رتب أبو محمد ابن أبي زيد القيرواني كتابه هذا بشكل مختلف عن رسالته المذكورة آنفاً؛ حيث استهلَّه بمقدمة عن الاجتهاد، أتبعها بدواعي تأليفه وأسانيده فيه، ليدخل بعد ذلك إلى موضوع العبادات مقدِّماً الصوم على الزكاة، فأحكام العتق والأسرة، فالبيوع والدعاوى والبينات والشهادات والرهون والإكراه والاستحقاق، فبقية المعاملات التي ختمها بأحكام القضاء في البنيان. والملاحظ أن اهتمامه كبير بالأدلة حيث يصدِّر بها مباحث كتابه الذي يعد من أهم كتب المالكية، يقول عنه القاضي عياض: «له كتاب النوادر والزيادات على المدونة مشهور أزيد من مائة جزء، وكتاب مختصر المدونة مشهور، وعلى كتابيه هذين المعول بالمغرب في التفقه»[10]، وقال عنه ابن خلدون: «جمع ابن أبي زيد جميع ما في الأمهات من المسائل والخلاف والأقوال في كتاب النوادر، فاشتمل على جميع أقوال المذاهب، وفروع الأمهات كلها في هذا الكتاب»[11].

7 - عيون الأدلة في مسائل الخلاف بين فقهاء الأمصار: لعلي بن عمر بن أحمد البغدادي المالكي أبي الحسن المعروف بابن القصار المتوفَّى سنة (397هـ). ويعد هذا الكتاب من أجلِّ كتب الفقه المقارن قدراً وأقدمها تصنيفاً وأكثرها تأصيلاً وأقواها حجة في الاستدلال للمالكية، قال عنه ابن فرحون: «لا يعرف للمالكيين كتاب في الخلاف أكبر منه»[12]. ولقد سلك ابن القصار سبيل عرض أقوال علماء المذاهب مستهلاً إياهاً برأي المالكية مبيناً دليلهم فيما ذهبوا إليه، ومنتقداً ومفنداً رأي من خالفهم.

8 - الإشــراف علـــى مســائـــل الخــلاف: للقــاضــي عبد الوهاب بن علي بن نصر الثعلبي البغدادي المالكي أبي محمد المتوفَّى سنة (422 هـ). ولقد استهل القاضي كتابه بالعبادات ثم أتبعها بالبيوع فالحبس، وأردف ذلك بالجنايات والحدود والأيمان والنذور والأطعمة فالجهاد والأقضية والشهادات والعتق، وختم بالوصايا والفرائض. ويعد (الإشراف) من أهم كتب المالكية في الفقه المقارن، حيث انتهج صاحبه مناقشة الأدلة والآراء داخل المذهب وخارجه وطفق يقارن بينها ويرجح.

9 - التلقين: للمؤلف السابق نفسه القاضي عبد الوهاب، وقد بدأ مؤلفه هذا بأحكام العبادات وأتبعها بالأنكحة والمعاملات، ثم الجنايات فالردة والبغاة، فالحدود والقذف وسب النبي - صلى الله عليه وسلم - والعتق والشهادات والتداعي والوقف والهبة، وختم كتابه بالوصايا والفرائض. وفي هذا الكتاب كثيراً ما جنح المؤلف إلى الاستدلال أثناء مناقشته آراء الأئمة، وهو ما جعله من أجود المختصرات الفقهية؛ خاصة أنه جمع بين التقعيد وسلاسة الأسلوب.

10 - الجامع لمسائل المدونة والمختلطة وزياداتها ونظائرها وشرح لما أشكل منها: لمؤلفه أبي بكر محمد بن عبد الله بن يونس الصقلي المتوفَّى (451 هـ)، أحد الأربعة الذين اعتمد الشيخ خليل ترجيحاتهم في مختصره. ويعد كتابه هذا جامعاً لمسائل المدونة والنوادر، ويعد من أهم كتب المالكية، وعليه اعتمد مَنْ بعدَه، وكان يسمى مصحف المذهب لصحة مسائله ووثوق صاحبه، يقول عنه النابغة الغلاوي في نظمه الطليحية:
واعتمدوا الجامع لابن يونس
وكان يدعى مصحفاً لكن نسي[13]
والملاحظ أن اهتمام ابن يونس بالأدلة في كتابه هذا كبير؛ حيث طفق يصدِّر بها مباحثه.

11 - التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد: لمؤلفه الحافظ أبي عمر يوسف بن عبد البر النمري، المتوفَّى (463 هـ). والتمهيد وإن صنِّف على أنه من أعرق كتب الشروح الحديثية فإنه كذلك من أكثر الكتب الفقهية أصالة وشمولية، كما هو شأن أصله «الموطأ». ورتَّب ابن عبد البر كتابه ترتيب المسانيد فجاء مبوباً بطريقة الإسناد على أسماء شيوخ الإمام مالك، فجمع أحاديث كل راوٍ في مسند على حدة معتمداً في ترتيبهم على حروف المعجم، وترجم للرواة وخرج الأحاديث وشرحها لغوياً وفقهياً، وذكر آراء أهل العلم والفقه، وربط بين فروع المالكية وأصولها من الموطأ وقارنها بما ذهب إليه غيرهم من الأصول والفروع والآراء، ورجح ما رآه أقوى من حيث الدليل. ولم يعرف التاريخ الإسلامي موسوعة حديثية أحسن من التمهيد، وذلك ما تضمنته شهادات العلماء في مختلف العصور. يقول ابن حزم: «كتاب التمهيد لصاحبه أبي عمر يوسف بن عبد البر لا أعرف في فقه الحديث مثله فضلاً عن أحسن منه»[14].

12 - الكافي في فقه أهل المدينة: لمؤلفه أبي عمر بن عبد البر المتقدم. وبخلاف ترتيبه للتمهيد رتَّب ابن عبد البر كتابه (الكافي) على ما جرى عليه عرف أغلب الفقهاء، حيث استهله بالعبادات فأحكام الأسرة، وأتبعها بمباحث المعاملات، وأردف تلك بمسائل من القضاء والعتق والصدقات والهبات والمواريث والجنايات، وجعل خاتمة كتابه باباً جامعاً لآداب المسلم وأخلاقه، وقد اقتصر ابن عبد البر في هذا الكتاب على ما يسد عوز المفتي، فلم يتجاوز جمع المسائل التي هي أصول وأمهات لما يبنى عليها من الفروع، وإن تعرض للآراء المختلفة في المذهب ورجح ما رآه أرجح. وهو من التصانيف الجليلة في فروع المذهب؛ لاعتماد مؤلفه فيه على دواوين المذهب المالكي الموثوق بها.

13 - المقدمات الممهدات لبيان ما اقتضته رسوم المدونة من الأحكام الشرعيات والتحصيلات المحكمات لأمهات مسائلها المشكلات: لمؤلفه أبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد المعروف بالجد المتوفَّى سنة (520 هـ)، وهو بِدْع من التأليف، يحتوي على دراسات وتأملات فقيهٍ مالكي بلغ رتبة الاجتهاد عن جدارة، وهذا الكتاب عبارة عن مقدمات كان المصنف يوردها عند استفتاح كتب المدونة، لتكون مدخلاً إليها[15]، وهو من أمهات كتب المذهب المعتمدة التي اعتنت بالاستدلال للآراء الفقهية لدى المالكية، بل هو في واقع الأمر تأصيل لمسائل المدونة.

14 - البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل للمسائل المستخرجة من الأسمعة العتبية: للمؤلف المتقدم نفسه. وعلى خلاف ما درج عليه العتبي في ترتيبه كتابه على السماعات جاء ترتيب ابن رشد لكتابه طبقاً لتسلسل الأبواب الفقهية، بدءاً من الطهارة.. والصيد.. والحج، والاستبراء، والتجارة إلى أرض الحرب، والتضمين، والأنكحة، والمعاملات.. والأقضية.. والديون.. والجوائح، والمساقاة، والحبس والفرائض والوصايا، والعتق والوديعة والعارية، والمغارسة، والجنايات والحدود، ثم ختم مؤلَّفه بكتاب جمع فيه مسائل متفرقة[16]. وعلى عكس ما فعل المؤلف من كثرة الاستدلال بالوحيين في مقدماته وممهداته لم يعتن بذلك في كتابه هذا، معتذراً بما قام به هناك[17]. ويعد البيان والتحصيل أضخم الشروح الفقهية لكتب المالكية، وقد حاز مكانة عالية لدى فقهاء المالكية لشرحه مسائل العتبية كافة ومقارنتها بمسائل المدونة[18].

15 - بداية المجتهد ونهاية المقتصد: لمؤلفه أبي الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن رشد المعروف بالحفيد المتوفَّى سنة (595 هـ)، وقد رتَّبه وَفْق ما درج عليه الفقهاء من تقديم العبادات فالأنكحة فالمعاملات، سوى أنه ختمه بالأقضية. ولا يخفى اهتمام ابن رشد في كتابه هذا بالأدلة، حيث يقول: «فإن غرضي من هذا الكتاب أن أثبت لنفسي على وجه التذكرة من مسائل الأحكام المتفق عليها والمختلف فيها بأدلتها والتنبيه على نكت الخلاف فيها ما يجري مجرى الأصول والقواعد لما عسى أن يرد على المجتهد من المسائل المسكوت عنها في الشرع»[19]. ولقد تبوأ كتاب (بداية المجتهد) مكانة سامقة بين المراجع الأصيلة التي اهتمت بالخلاف العالي داخل منظومة الفقه عامة والمقارن خاصة لا على مستوى المالكية فحسب، بل نال الكتاب حظوة كبيرة لدى المذاهب الفقهية الأخرى. يقول ابن فرحون متحدثاً عن صاحبنا ابن رشد: «له تآليف جليلة الفائدة، منها: كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه، ذكر فيه أسباب الخلاف وعِلَل ووجه الخلاف، فأفاد وأمتع به، ولا يعلم في وقته أنفع منه ولا أحسن سياقاً»[20].

16 - الذخيرة في الفقه: لمؤلفه شهاب الدين أبي العباس أحمد بن إدريس القرافي المتوفَّى سنة (684 هـ)، وقد استهله بمقدمتين؛ أولاهما: في فضل العلم، والثانية: في القواعد الأصولية والفقهية، وهي المسماة بـ (تنقيح الفصول)، وتعد اختصاراً لكتاب المحصول للرازي، بعد ذلك بدأ القرافي في ترتيب كتابه طبقاً لما دأب عليه المؤلفون، غير أنه وزعه أرباعاً؛ عبادات، ومعاملات، وأقضية، وجنايات. ثم ختمه بجامع أطَّر فيه المسائل التي لم تستوعبها الأرباع السابقة[21]. وقد اهتم فيه كثيراً بنصب الأدلة من الكتاب والسنة ترجيحاً واختياراً بكل مرونة وإنصاف وموضوعية، وقد صرَّح بذلك قائلاً: «وقد آثرت التنبيه على مذهب المخالفين لنا من الأئمة الثلاثة في كثير من المسائل تكميلاً للفائدة، ومزيداً في الاطلاع، فإن الحق ليس محصوراً في جهة، فيعلم الفقيه أي المذهبين أقرب للتقوى وأعلق بالسبب الأقوى»[22]. ويعد كتاب (الذخيرة) موسوعة إسلامية ثرة جمعت بين الأصول والفقه وقواعده بعبارة جزلة وأسلوب سلس وحجة بالغة، يقول عنه ابن فرحون: «ألَّف كتباً مفيدة انعقد على كمالها لسان الإجماع وتشنفت بسماعها الأسماع، منها: كتاب الذخيرة في الفقه من أجلِّ كتب المالكية»[23].

17 - القوانين الفقهية: لمؤلفه أبي القاسم محمد بن أحمد بن عبد الله بن جزي الكلبي الغرناطي المتوفَّى سنة (741 هـ)، وقد رتَّبه ترتيب ابن أبي زيد لرسالته، مستهلاً إياه بمقدمة في العقائد، وأورد بعدها قسم العبادات، ثم قسم المعاملات التي ابتدأها بالأنكحة، فالبيوع والأقضية، والدماء والحدود والعتق، ثم أردف ذلك بكتاب الفرائض والوصايا، واختتم كتابه بجامع في السير والآداب والأخلاق الإسلامية. ويعد الكتاب - الذي تناول فيه ابن جزي المسائل الفقهية من خلال مائتي باب - ملخصاً للمذهب المالكي مع نوع من المقارنة بالمذهبين الحنفي والشافعي وإشارات نادرة إلى المذهب الحنبلي ومذهب الظاهرية مركِّزاً على الخلاف العالي[24]. ورغم الأهمية الكبرى للكتاب إلا أن صاحبه لم يهتم بالاستدلال لمسائل الفقه التي يوردها من الوحيين، وإنما اكتفى بالإشارة إلى مدى اتفاق الفقهاء أو اختلافهم فيها، وهي منقصة لولاها لكان الكتاب من أروع ما أُلِّف؛ لجمعه بين الاختصار واستيعاب أغلب المسائل وسهولة العبارة وحسن الترتيب.

18 - المختصر: لمؤلفه أبي المودة خليل بن إسحاق بن موسى بن شعيب الجندي المتوفَّى سنة (767 هـ)، وهو مختصر في فروع الفقه المالكي رتَّبه مؤلفه وَفْق ما درج عليه الفقهاء؛ حيث بدأه بالعبادات وأتبعها بالمعاملات، ثم القضاء فالمواريث، وقد حوى قرابة مائتي ألف مسألة فقهية بين منطوق ومفهوم[25]. ويعد هذا الكتاب منذ تأليفه العمدة عند المالكية، وذلك لاختصاره واستيعابه مع صغر حجمه، فناهزت شروحه وحواشيه المائة، ولقي من العناية ما لم يحظ به كتاب غيره لدى المالكية. يقول محمد بن غازي: «إن مختصر الشيخ العلامة خليل بن إسحاق من أفضل نفائس الأعلاق، وأحق ما رمق بالأحداق، وصرفت له همم الحذاق؛ إذ هو عظيم الجدوى، بليغ الفحوى، مبين لما به الفتوى...»[26]. ورغم هذه الهالة الضخمة للكتاب وقيمته الفقهية المذهبية الكبيرة إلا أنه يكاد يخلو من ذكر الله - تعالى - وأحرى أن يكون فيه استدلال بالقرآن أو السنة، وهي منقصة مخلة لا شك أنها قلَّلت من فائدته العلمية.


والخلاصة أن المؤلفات الفقهية لدى السادة المالكية انبنت في الأصل على تجميع تلامذة مالك لما ذهب إليه مالك من استدلالات وفتاوى وآراء، كما فعل ابن القاسم وأشهب وابن وهب، وهو الأمر الذي جسَّده سحنون في مدونته وابن حبيب في واضحته وابن المواز في موازيته... ثم ما فتئ مَنْ بعدَهم أن خرجوا من تلك الدائرة، فشرحوا بعضاً من الكتب المذكورة وهذَّبوه، واختصروا بعضاً آخر وأصَّلوه وقارنوه بمدونات وكتب المذاهب الأخرى، كما مر بنا مع النوادر والزيادات لابن أبي زيد، وابن يونس في الجامع لمسائل المدونة، وابن عبد البر في التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد. وقد اتسمت الفترة التي امتدت من مرحلة الـتأسيس إلى نهاية القرن الثامن بالارتباط بالوحيين والمرونة والانفتاح والبعد عن التعصب بشكل عام، خاصة خلال القرون من الرابع إلى السابع.









 


رد مع اقتباس
قديم 2011-03-28, 10:58   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
fatimazahra2011
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية fatimazahra2011
 

 

 
الأوسمة
وسام التألق  في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2011-03-31, 23:55   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
medamine54
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي

شكرالا جزيلا










رد مع اقتباس
قديم 2011-04-01, 07:11   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
زكرياء1409
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا وبارك فيك
رحم الله علماء المسلمين وجزاهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء









رد مع اقتباس
قديم 2011-04-01, 21:50   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
بلقاسمي1991
عضو مميّز
 
الصورة الرمزية بلقاسمي1991
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك وجعلها في ميزان حسناتك










رد مع اقتباس
قديم 2011-04-04, 07:55   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الهامل الهامل
عضو نشيط
 
إحصائية العضو










افتراضي

مكتبة الفقه المالكي للتحميل والكثير من الكتب
https://www.4shared.com/account/dir/8...M/sharing.html










رد مع اقتباس
قديم 2011-04-04, 15:50   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
الفارس الجدَّاوي
عضو متألق
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم:
شكرا جزيلا لك على المعلومة.










رد مع اقتباس
قديم 2011-04-05, 08:43   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
sabrina9
عضو مجتهـد
 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2011-04-05, 09:45   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
لقاء الجنة
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية لقاء الجنة
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2011-04-15, 22:18   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
popa71
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

وفيك بارك الله أخي ونفع بك










رد مع اقتباس
قديم 2011-04-23, 08:41   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
*ابو محمد الجزائري*
مشرف سابق
 
الأوسمة
المرتبة الاولى 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-24, 22:51   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
alexandar
عضو مميّز
 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2011-05-29, 17:24   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
سفير النوايا الحسنة
عضو مميّز
 
الأوسمة
وسام ثاني أفضل مشارك في الدورة 
إحصائية العضو










افتراضي










رد مع اقتباس
قديم 2011-06-26, 23:26   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
meca307
عضو مشارك
 
إحصائية العضو










افتراضي

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

بارك الله فيك و جزاك ألف خير










رد مع اقتباس
قديم 2011-07-13, 12:09   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
مَحمد باي
عضو فعّال
 
الصورة الرمزية مَحمد باي
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ـــــــــــ










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
المالكي, المؤلفات, الفقه, والمصنفات


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 01:51

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc