اعلم أن العُمْرَ أشبه بخطٍّ ذي بداية ونهاية، وأن السِّنَّ كالنقطة المتحرِّكة فوق هذا الخط في اتجاه واحد من بدايته إلى نهايته. فقد يكون عُمرُك ستين عامًا، وأنت الآن في سنّ الثلاثين، أي إن نقطة السنّ وصلت إلى ثلاثين عامًا. لهذا يُقال إن فلانًا عمره قصير، وفلانًا عمره طويل، وإن "الأعمار بيد الله"، و"إذا كان في العمر بقيَّة"، إلخ، ولا تُستعمل "سِنّ" في أي من هذه المواضع.
كذلك يُقال: "سِنّ المراهقة" و"سِنّ البلوغ" و"سِنّ الرُّشد" و"سِنّ الصِّبا" و"سِنّ الزواج" و"سِنّ اليأس" و"سِنّ الكهولة"، إلخ. ولا تُستعمل عُمر في أي من هذه المواضع.
وكذلك نقول في الاستفهام: "كم كانت سِنُّك عندما تَخرَّجت؟"، ولا نقول: "كم كان عُمرُك عندما تَخرَّجت".
ونقول: "لقد بلغتُ من العمر أربعين عامًا"، ولا نقول: "بلغتُ من السِّنِّ أربعين عامًا".
...
حكى المبرِّد في "سير أعلام النبلاء" عن رجل أراد أن يسألَ هشام الفوطي عن عمره، فقال: كم تعُدّ من السنين؟
قال: من واحد إلى أكثر من ألف.
قال: لم أُرِدْ هذا، كم لك من السِّنّ؟
قال: اثنتان وثلاثون سنًّا.
قال: كم لك من السنين؟
قال: ما هي لي، كلها لله.
قال: فما سِنُّك؟ قال: عَظْم.
قال: فابن كَمْ أنت؟
قال: ابن أم وأب.
قال: فكم أتى عليك؟
قال: لو أتى عليّ شيء لقتلني.
قال: ويحك! فكيف أقول؟!
قال: قل: كم مضى من عمرك؟
...
ملحوظة أخيرة: العُمْر مذكَّر، والسِّنّ مؤنَّثة، سواء عنيت بها ما بلغت من العمر، أو السّن الموجودة في الفم، أو سِنّ القلم.