صفحة خاصة بالتحضير للقانون الإداري و المنازعات الإدارية - الصفحة 2 - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الجامعة و البحث العلمي > منتدى الحقوق و الاستشارات القانونية > قسم خاص بالقضاء

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

صفحة خاصة بالتحضير للقانون الإداري و المنازعات الإدارية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2013-12-13, 18:01   رقم المشاركة : 16
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ملخص: عن القانون الاداري
من المسلم به أن كل مجتمع إنساني مهما صغر حجمه لا يستغني عن قواعد قانونية تنظم شؤونه, فتحدد علاقات الأفراد فيما بينهم, وعلاقاتهم بالسلطة العامة الحاكمة, كما تنظم أجهزة السلطة العامة من حيث تشكيلها وصلاحياتها والعلاقات فيما بينها, فضلا عن تنظيم العلاقة بين السلطة العامة والسلطات الأخرى التي تتواجد معها. فقدتطورت وظائف الدولة من الوظائف التقليدية للدولة الحارسة التي تقتصر مهمتها على الدفاع عن أرض الدولة وتحقيق الأمن والعدالة لأفرادها.. إلى دولة الإدارة التي تسعى جاهدة من أجل تحقيق رفاهية المواطنين ورخائهم في شتى المجالات، مما اقتضى قيامها بمهام جديدة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكل ذلك أدى إلى ازدياد أهمية الدور الذي يقوم به القانون الإداري في الدولةالمعاصرة.

· تعريف القانون الإداري: هو فرع من فروع القانون العام الداخلي, والمكون من مجموعة
القواعد القانونية المنظمة لأعمال السلطة الإدارية والتي تسمى أيضا الإدارةالعامة. إن القانون الإداري يحتوي على القواعد القانونية المنظمة لأعمال السلطة الإدارية أوالإدارة العامة أي انه قانون السلطة الإدارية أو الإدارة العامة, أو بمعنى آخر هوالقانون المنظم لنشاط السلطات الإدارية ووسائلها القانونية والمادية والبشرية وتنظيماتها الإدارية. فالقانون الإداري ينطبق على الهيئات والمرافق الإدارية المركزية واللامركزية عند ممارستها لأنشطتها المتمثلة في الضبط الإداري لتحقيق النظام العام وإدارة المرافق العامة لإشباع الاحتياجات العامة لأفراد المجتمع.
وتعمل السلطات الإدارية لتحقيق أغراضها بوسائل متعددة منها قانونية وهي القرارات والعقود الإدارية ووسائل مادية وهي أموال الدولة العامة والخاصة, ووسائل بشرية وهي الموظفين العموميين. إذا أعمال السلطة العامة أو الإدارة العامة المحكومة بقواعد القانون الإداري تدخل في إطار الوظيفة التنفيذية للدولة ولها معنيان, أحداهما عضوي .شكلي, والآخر مادي. موضوعي.
ويقصد بالمعنى المادي للإدارة العامة النشاط الذي تمارسه السلطة التنفيذية لإشباع الحاجات العامةوإصداراللوائح وتنفيذ القوانين. أما المعنى العضوي ويقصد به مجموع الهيئات والأجهزة الإدارية سواء المركزية منها أو اللامركزية التيتضطلع بمباشرة النشاط الإداري في الدولة لتحقيق غايات السلطات الإدارية. وقد توصلمجموعة كبيرة من فقهاء القانون الإداري لتعريف القانون الإداري من خلال جمع المعنيين الشكلي والموضوعي، ليكون تعريفه مجموع القواعد القانونية المنظمة للهيئات والأجهزة الإدارية في الدولة والتي تمارس نشاطها لتحقيق المصلحةالعامة.
تعريف القانون الإداري نسبي إذا كان التعريف الحديث للقانون الإداري ملما وجامعا مانعا، هذا لا يعني أنه يبعد عن بقية فروع القانون العام الداخلي الأخرى،كالقانون الدستوري، والتشريع المالي، فهو تعريف لايجعله مستقلا كل الاستقلال عن سواه من فروع القانون العام، فليس هناك حدود مستقرة ثابتة بين القانون الإداري وبينالقانون الدستوري، أي أنه يوجد اندماج بين فرعي القانون الدستوري والإداري لا يمكنتنافيه وأن تحديد النظام الحكومي وتعيينه يدخل في احدهما كما يدخل في نطاق الآخر.

· القانونالإداري علم حديث: إنالقانون الإداري هو قانون حديث نسبيا، قد تطور بسرعة فان مختصر القانون الإداري لهوريو يعد الكتاب الرئيسي الذي يمكن الإشارة إليه، وأما المؤلفات التي صدرت فيالقرن التاسع عشر فإنها تتلائم اليوم مع المفهوم العصري للقانون الإداري، والمؤلفونالذين نشروا مؤلفاتهم في ذلك الحين أصبحت قيمتها تاريخية اليوم.
وتجمع الدراسات الفقهية على أن القانون الإداري بمفهومه الضيق ظهر أول مرة في فرنسا فيأعقاب نجاح الثورة الفرنسية، قبل ذلك كانت الدولة مجسدة في شخص الملك وكان مجالنشاطها محدودة في نظام الدولة الحارسة وفي ممارستها لنشاطها كانت الدولة تخضع للقانون الخاص،ثم تطورت في القرن 19 المبادئ المقررة بالقانون العام وسبب هذاالتطور هو التحول الذي ظهر في تدخل الدولة في الشؤون العامة والتوسع الذي بدا في نشاطها في الحياة الإدارية وكان له اثر فعال في أعمالالدولة.

· تطور نظام القضاء الإداري في الجزائر:قبل الاستقلال خضعت الجزائر للتشريعات الفرنسية النافذة وقد عرفت الجزائر كلالتطورات السابقة إذ بمقتضى مرسوم 30-09-1953 أنشأت محاكم إدارية في كل من قسنطينة،وهران، الجزائر وكان يطعن في أحكامها أمام مجلس الدولة الفرنسي بعد الاستقلال صدرفي السلطات الجزائرية القانون رقم 62/153 متضمنا ثلاث مواد قضت باستمرار العملبالتشريعات الفرنسية النافذة إلا ما كان منها منافيا للسيادة الوطنية، و 16-11-1965صدر القانون رقم 65/278 متضمنا إعادة التنظيم القضائي بإنشاء خمسة عشرة (15) مجلساقضائيا ومقررا نقل اختصاصاته من المحاكم الإدارية إلى غرف إدارية للمجالس القضائيةوبذلك يكون هذا الأمر قد وضع حدا لازدواجية الهيئات القضائية على المستوى الأدنى للتنظيم القضائي، ثم إرتفع عدد المجالس بموجب الأمر رقم 74/73 المؤرخ في 12 جويلية 1974 إلى واحد وثلاثين مجلسا قضائيا تماشيا مع التقسيم الإداري الجديد، وقد ساعدعلى تكامل التنظيم القضائي صدور الأمر رقم 66/154 المؤرخ في 08 جوان 166 المتعلقب قانون الإجراءات المدنية الذي وزعت المادتان 07، 274 منه الاختصاص بالفصل فيالمنازعات الإدارية. وقد احتفظ المشرع بنفس عدد المجالس حتى بعد إعادة التقسيم الإقليمي سنة 1984 أصبح عدد الولايات إلى ثمانية وأربعون ولاية، والملاحظ أن ليس هناك توازن بين عدد الولايات وعدد المجالس القضائية وكذلك بين هذه الأخيرة والغرفالإدارية رغم أم المرسوم رقم 90/40 المؤرخ في 22 ديسمبر1990 قد رفع عدد الغرف إلىواحد وثلاثين غرفة وطبقت هذه الهيئات القضائية الجديدة حين فصلها في القضايا الإدارية القواعد والإجراءات التي كانت سارية أمام المحاكم الإدارية السابقة ويعدهذا تكريس الفصل المنازعات. وتجسيدا لفكرة وحدة الهيئات القضائية، وازدواجيةالمنازعات تضمن هذا النظام غرفة إدارية متخصصة بالقضايا التي تكون الإدارة طرفا فيها في ظل وحدة القضاء، أي داخل نفس المجالس القضائية والمجلس القضائي. وعند تتبع التطور التاريخي الذي مر به التنظيم القضائي، يمكن أن نلاحظ أن المشرع الجزائري قدتبنى فكرة القضاء الموحد، مستلهما ذلك من ضرورة تبسيط الإجراءات وتسريع الفصل في القضايا، لتجنب مساوئ القضاء المزدوج الذي يؤدي إلى تنازع في الاختصاص بين الهيئتين القضائيتين، غير أنه لم يأخذ به على إطلاقه وإنما اعتمد حلا وسطا يرتبط بكلاالنظامين واتبع نظاما قضائيا يقوم على وحدة الهيئات وخصص للمنازعات الإدارية غرفة مستقلة وأفرد لها إجراءات وشكليات خاصة أوردها في المواد التي ينص عليها قانون الإجراءات المدنية المتعلقة بإجراءات التقاضي أمام الغرفة الإدارية لدى المجلس القضائي والغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى إلى جانب القواعد الإجرائية المشتركةبينها وبين الغرف العادية المختلفة.

· مسائل القانون الإداري: يتناول القانون الإداري تنظيم السلطة التنفيذية وتحديد الهيئات الإدارية وهي الدولة في القمة ويليها الهيئات الإقليمية ثم المجالس البلديةوالمحلية والقروية ثم المؤسسات العمة، وكل هيئة من هذه الهيئات لها وظائف تقوم بهاومرافق عامة تتولى إدارتها.

· القانون العام والنظام العام: يمكن تعريف النظام العام بأنه كل ما يرتبط بمصلحة عامة تمس النظام الأعلى للمجتمع سواء كانت هذهالمصلحة سياسية مثل أغلب روابط القانون العام أو اجتماعية مثل القوانين الجزائيةوما يتعلق بتكوين الأسرة وحالة الأشخاص المدنية والأهلية أو اقتصادية كالقواعد التيتنص على حماية الملكية والقواعد التي تجعل التنافس حرا أمام الجميع أو خلقية وهيالتي يعبر عنها بقواعد الآداب، فكل ما يتعلق بالقانون الدستوري والحقوق والحرياتالعامة يدخل في النظام العام ولا يصح الاتفاق الذي يرد مخالفا له، وكذلك ما يتعلق بالقانون الإداري فلا يصح لموظف أن يتنازل عن وظيفته لمصلحة شخص آخر كما أنه لايجوزله أن يستغلها، وكذلك النظام القضائي فانه مرتبط أيضا بالنظام العام.




منقول للافادة والاستفادة ****ديدو****









 


رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:02   رقم المشاركة : 17
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ملخص القانون الاداري منقول ****ديدو***

مقدمة عامة
تنقسم القواعد القانونية التي تنظم كل مجتمعإنساني إلى قواعد قانونية تنظم العلاقات التي تنشأ بين الأفراد ، وقد أصطلح علىتسميتها بالقانون الخاص ومن فروعه القانون المدني والقانون التجاري وقانونالمرافعات . أما النوع الأخر من القواعد فينظم العلاقات التي تنشأ بين الدول أو بينالدولة وهيأتها العامة من ناحية والأفراد من ناحية أخرى عندما تظهر الدولة بمظهرالسلطة العامة .
وقد أصطلح على هذا النوع من القواعد القانونية بالقانون العام، ومن فروعه القانون الدولي العام والقانون الدستوري والقانون الإداري والقانونالمالي .
ومن المعروف أن القانون الإداري فرع من فروع القانون العام الداخلي – تمييزاً له عن القانون العام الخارجي الذي ينظم العلاقات بين الدول – والذي يهتمبسلطات الإدارة العامة من ناحية تكوينها ونشاطها وضمان تحقيقها للمصلحة العامة منخلال الإمتيازات الاستثنائية التي تقررها قواعد القانون الإداري .
وعلى ذلك فإنالقانون الإداري يختلف اختلافا جوهريا عن القانون الخاص لاختلاف العلاقات القانونيةالتي يحكمها ، واختلاف الوسائل التي تستخدمها السلطات الإدارية في أدائها لوظيفتهامن الوسائل قانونية ومادية وبشرية .
وقد ساهم التطور الكبير في الظروفالاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، وازدياد نشاط الدولة وتدخلها في هذه المجالاتوعدم كفاءتها بدورها السابق في الحفاظ على الأمن الداخلي والخارجي ، في تضاعف دورالقانون الإداري ومساهمة في وضع الوسائل المناسبة لإدارة دفة نشاط السلطة العامة .
وفي هذه الدراسة نتشرف بتقديم المبادئ العامة التي يقوم عليها القانون الإداري، والذي يمثل المنهج الدراسي للمرحلة الثانية في كليات القانون.
وقد اتبعنا فيهذه الدراسة خطة البحث التالية:-
الباب التمهيدي :طبيعة القانون الإداري .
الباب الأول : التنظيم الإداري .
الباب الثاني : نشاط الإدارة العامة .
الباب الثالث: الوظيفة العامة .
لباب الرابع: القرارات الإدارية .
الباب الخامس:العقود الإدارية .
الباب التمهيدي
طبيعة القانون الإداري

لابد قبل البحث في موضوع القانون الإداري أن نتبين بعض المسائل التي تلقيالضوء على هذا القانون من حيث طبيعته , فنبين التعريف بالقانون الإداري ونشأته فيدولته الأم فرنسا ثم في مصر التي كان لها دور الريادة في العالم العربي وبعد ذلك فيالعراق , ثم نذكر خصائص ومصادر هذا القانون.
ولعل من أهم ما سنبحثه في هذاالباب أساس القانون الإداري ونطاق تطبيقه ومعيار اختصاص القضاء الإداري , ومن خلالهذا الموضوع نبين المعيار الذي نستطيع أن نقرر فيه أن نشاط الإدارة يدخل ضمن نطاقهذا القانون ويختص به القضاء الإداري أم لا .
وعلى ذلك سنقسم هذا الباب إلىفصول خمس :
الفصل الأول : التعريف بالقانون الإداري .
الفصل الثاني : نشأةالقانون الإداري .
الفصل الثالث : خصائص ومصادر القانون الإداري .
الفصلالرابع : أساس القانون الإداري .

الفصل الأول
التعريف بالقانون الإداري

درج أغلب الفقهاء على تعريف القانون الإداري بأنه ذلك الفرع من فروعالقانون العام الداخلي الذي يتضمن القواعد القانونية التي تحكم السلطات الإدارية فيالدولة من حيث تكوينها ونشاطها بوصفها سلطات عامة تملك حقوقاً وامتيازات استثنائيةفي علاقاتها بالأفراد.( )
بينما عرفه آخرون بأنه فرع من فروع القانون العامالذي يحكم الإدارة , أو قانون الإدارة العامة Administration Publique أو قانونالسلطة الإدارية Pouvoir Administratif . ( )
في حين عرفه البعض بأنه القانونالذي يتضمن القواعد التي تحكم إدارة الدولة من حيث تكوينها ونشاطها باعتبارها سلطةعامة . ( )
ونجد هنا أنه من المناسب أن نبين أن القانون يقسم إلى قسمين رئيسيين , قانون عام وقانون خاص , القانون العام هو القانون الذي ينظم نشاط الدولة وسلطاتهاالعامة , ويحكم العلاقات القانونية التي تكون الدولة أو إحدى هيئاتها العامة طرفاًفيها , وتظهر فيها الدولة بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات استثنائية لامقابل لها في علاقات الأفراد .
أما القانون الخاص فينظم نشاط الأفراد ويحكمالعلاقات بينهم أو بينهم وبين الدولة أو إحدى هيئاتها عندما تظهر بمظهر الأفرادالعاديين أي ليس بوصفها سلطة عامة تتمتع بحقوق وامتيازات استثنائية .
ويشتمل كلقسم من هذين القسمين على عدة فروع فيشتمل القانون العام على القانون العام الخارجيويتضمن القانون الدولي العام , والقانون العام الداخلي ويتضمن القانون الدستوريوالقانون الإداري والقانون المالي .
في حين ينقسم القانون الخاص إلى القانونالمدني والقانون التجاري وقانون المرافعات المدينة وغيرها من القوانين الأخرى .
وكما بينا فأن القانون الإداري هو فرع من فروع القانون العام الداخلي يحكم نشاطالإدارة العامة وهو موجود في كل دولة أياً كان مستواها وتطورها الحضاري .
وفيهذا المجال يسود مفهومان للإدارة العامة المفهوم العضوي أو الشكلي, والمفهومالموضوعي أو الوظيفي .
المفهوم العضوي : يهتم بالتكوين الداخلي للإدارة العامة , فيعرف الإدارة العامة بأنها السلطة الإدارية سواء المركزية منها أو اللامركزية , وجميع الهيئات التابعة لها .
بينما يهتم المفهوم الموضوعي بالجانب الوظيفي , فيعرف الإدارة العامة بأنها النشاط أو الوظيفة التي تتولاها الأجهزة الإداريةلإشباع الحاجات العامة.
وتبعاً لذلك فإن القانون الإداري بمعناه العضوي هوالقانون الذي يحكم السلطة الإدارية أو الأجهزة الإدارية في الدولة , بينما يمكنناأن نعرف القانون الإداري بمعناه الموضوعي بأنه القانون الذي يحكم النشاط أو الوظيفةالتي تتولاها الأجهزة الإدارية لتحقيق المصلحة العامة .
وقد اختلف الفقه فيترجيح أحد المفهومين إلا أن الاتجاه الحديث يقوم على الجمع بينهما ويعرف القانونالإداري بأنه : " القانون الذي ينظم الأجهزة والهيئات الإدارية في الدولة , ويحكمالنشاط أو الوظيفة التي تتولاها الأجهزة الإدارية لتحقيق المصلحة العامة " .

علاقة القانون الإداري بفروع القانون الأخرى :
من المهم أن نبيناستقلال القانون الإداري عن فروع القانون الأخرى من خلال بيان علاقته بهذه القوانينوتحديد أوجه الاتفاق والاختلاف بينها ثم بيان علاقته بعلم الإدارة العامة.
1. العلاقة بين القانون الإداري والقانون الدستوري
أوضحنا أن القانون الإداري هوالقانون الذي ينظم الأجهزة والهيئات الإدارية في الدولة , ويحكم النشاط أو الوظيفةالتي تتولاها الأجهزة الإدارية لتحقيق المصلحة العامة .
أما القانون الدستوري : فهو القانون الأعلى والأساس في الدولة , والذي ينظم القواعد القانونية التي تتعلقبنظام الحكم في الدولة والسلطات العامة فيها والعلاقة بينهما وحقوق وحريات الأفراد , والضمانات التي تكفلها .
وعلى هذا فإن القانون الإداري وثيق الصلة بالقانونالدستوري , فإذا كان القانون الإداري يحكم السلطة الإدارية المركزية وغير المركزية , فإن القانون الدستوري هو القانون الأساسي والذي يسمو على كافة القوانين الأخرىالتي يجب أن تتقيد به وتحترم نصوصه .
وبمعنى آخر يضع القانون الدستوري الأحكامالكلية أو العامة للسلطة التنفيذية , بينما يضع القانون الإداري القواعد التفصيليةالتي تكفل تشغيل الأجهزة الإدارية وأدائها لوظيفتها , فالقانون الإداري يكون بذلكامتداداً للقانون الدستوري . ( )
وهو ما أبرزه الفقيه (بارتلمي) في معرض تمييزهبين القانون الإداري والقانون الدستوري فقال : " أن القانون الدستوري يبين لنا كيفشيدت الآلة الحكومية , أما القانون الإداري فيبين كيف تسير هذه الآلة وكيف تقوم كلقطعة منها بوظيفتها " . ( )
وبسبب تداخل كل من القانونين لتعلقهما بالشؤونالداخلية للمجتمع كونهما يمثلان فرعين من فروع القانون العام الداخلي , نجد أنالفقه الإنجليزي لا يفرق بين القانون الدستوري والقانون الإداري ويدرس موضوعاتالقانونين معاً .
ومع أن الفقه الفرنسي في معضمه يميز بينهما , فإن جانباً فيالفقه ذهب إلى انتقاد محاولات التمييز بين القانون الإداري والقانون الإداري , ودعىإلى دراستهما معاً , وتزعم هذا الاتجاه الفقيه دوجي Dugui وجيزJeze , وبوتارBonnaed . ( )
ويمكن إجمال أوجه التمييز بين القانونين بالآتي :-
أ - من حيثالموضوع :- يبحث القانون الدستوري في التنظيم السياسي للدولة من حيث تكوين سلطاتالدولة الثلاث والعلاقة بينهما , في حين يبحث القانون الإداري في أعمال السلطةالتنفيذية الإدارية منها دون الحكومية .
ب- من حيث تدرج القوانين :- يحتلالقانون الدستوري قمة الهرم القانوني في الدولة لأنه يقرر المبادئ الأساسية التي لايمكن أن تتعداها القوانين الأخرى بما فيها القانون الإداري الذي يحكم بعض المسائلالمتفرعة في المبادئ التي أقرها الدستور .

2- علاقة القانون الإداريبالقانون المالي
القانون المالي هو مجموعة القواعد القانونية الخاصة بإدارةالأموال العامة في الدولة, وهو مكمل للقانون الإداري الذي يتعلق بتنظيم الأجهزةوالهيئات الإدارية , ويوضح النظام القانوني الذي يحكم الأموال العامة والحمايةالقانونية المقررة لهذه الأموال , وكيفية الانتفاع بها , ومن موضوعات هذا القانونكل ما يدخل ضمن إعداد الميزانية العامة في الدولة وسياسة وأنواع الضرائب المفروضةوالأشراف والرقابة عليها .
3- علاقة القانون الإداري بعلم الإدارة العامة
يتميز القانون الإداري عن علم الإدارة العامة من حيث زاوية اهتمام كل منهمافالقانون الإداري يبحث في التنظيم القانوني للجهاز الإداري ووظيفة كل عنصر فيعناصره وعلاقته بالأفراد , بينما تبحث الإدارة العامة في النواحي الفنية والتنظيميةللجهاز الإداري ويمكن تعريفها بأنها ذلك العلم الذي يهتم بدراسة تنظيم وتوجيهوتنسيق نشاط المنظمة الإدارية لتحقيق أهدافها العامة على أكمل وجه .
وكما بيناتشتمل الإدارة العامة على مفهومين , مفهوم عضوي , يهتم بدراسة هيكل المنظماتالإدارية وفروعها , دون البحث في طبيعة النشاط الصادر منها , ومفهوم موضوعي يهتمبدراسة النشاط الإداري لهذه المنظمات بصرف النظر عن شكل المنظمة التي صدر النشاطعنها .
ويظهر الاختلاف بين الإدارة العامة والقانون الإداري من خلال طريقةدراسة الموضوع الإداري محل البحث , فالقانون الإداري عندما يبحث في تعريف القرارالإداري فإنه يركز عليه كعمل قانوني صادر بالإرادة المنفردة للسلطة الإدارية ويتضمنأثراً قانونياً , كذلك يبحث في مشروعية القرار الإداري وشروط صحته ونفاذه , وكيفيةالطعن بالإلغاء والتعويض ضد القرارات غير المشروعة .
في حين يعرف علم الإدارةالعامة القرار الإداري في خلال البحث في الكيفية العلمية والواقعية التي صدر علىأساسها القرار وعملية صنعه والمراحل المختلفة التي مرت بها تلك العملية واكتشافالعيوب والمشاكل التي قد تعيق هذه العملية واقتراح سبل إصلاحها . ( )
وفي مجالالوظيفة العامة يبحث القانون الإداري في المركز القانوني للموظف العام وطبيعةعلاقته بالدولة وشروط تعيينه وحقوقه وواجباته والعقوبات التأديبية التي يمكنإيقاعها عليه وضماناته تجاهها , ويبحث في طرق انتهاء علاقته الوظيفية , وما إلى ذلكمن أمور تنظمها في الغالب نصوص قانونية .
أما الإدارة العامة فتبحث الوظيفةالعامة من ناحيتين , الناحية التنظيمية فيدرس علم الإدارة العامة طبيعة الوظيفةالعامة وأسس ترتيب الوظائف العامة , وتحديد اختصاص ومواصفات كل وظيفة .
والناحية البشرية حيث تبحث الإدارة العامة عن أفضل نظام إداري لتطبيقه علىالعاملين في المنظمة الإدارية , وتعرض لطرق اختيارهم ,ووسائل رفع كفاءتهم وتدريبهم , والارتفاع بمستوى أدائهم , كما تهتم الإدارة العامة بالحوافز المادية والمعنويةلموظفي الدولة ودراسة مشاكلهم الوظيفية والنفسية , والبحث في سبل إصلاحها . ( )
ومن الجدير بالذكر أن الإدارة العامة تخضع من حيث الأصل إلى قواعد متميزة عنقواعد القانون الخاص , إلا أنها قد تنزل في أحيان أخرى عن استخدام هذه القواعدفتنزل منزلة الأفراد , وتطبق قواعد لقانون الخاص , والقانون الإداري بمعناه الواسعيعني "قانون الإدارة" أياً كانت القواعد القانونية التي تحكمها قواعد القانون الخاصأم قواعد قانونية متميزة عنها "قواعد القانون العام" , والقانون الإداري بهذاالمعنى موجود في كل مجتمع سواء اخذ بمبدأ الازدواج القانون أم لم يأخذ .
أماالقانون الإداري بمعناه الفني أو الضيق فينحصر دوره بما يطبق على الإدارة من قواعدقانونية متميزة ومغايرة لقواعد القانون الخاص ولا يوجد بهذا المعنى إلا في الدولإلى تأخذ بنظام الازدواج القانوني .
ومع أوجه الاختلاف بين القانون الإداريوالإدارة العامة فإن بينهما الكثير من أوجه التقارب , من حيث أنها يتعلقان بالبحثفي موضوع واحد هو الجهاز الإداري في الدولة وأن انحصرت دراسة كل منها بجانب منجوانبه , حتى أننا نجد أنه في الدول التي لا تأخذ بالازدواج القانوني "النظمالانجلوسكسونية " تشتمل دراسة الإدارة العامة على النواحي القانونية التي يحكمها منحيث الأصل القانون الإداري بالإضافة إلى دراسة الناحية الفنية والتنظيمية .
الفصل الثاني
نشأةالقانون الإداري وتطوره
تعد فرنسا مهد القانون الإداري ومنها انتشر إلى الدولالأخرى , ويرجع الفضل في ظهور هذا القانون إلى عوامل تاريخية تأتي في مقدمتهاالأفكار التي جاءت بها الثورة الفرنسية عام 1789 م , التي قامت على أساس الفصل بينالسلطات، ومن مقتضياته منع المحاكم القضائية القائمة في ذلك الوقت من الفصل فيالمنازعات الإدارية للحفاظ على استقلال الإدارة تجاه السلطة القضائية .
وأدىهذا الاتجاه إلى وجود نظام القضاء المزدوج الذي كان مهداً لنشؤ الازدواج القانونيوظهور القانون الإداري .

المبحث الأول
نشؤ القانون الإداري في فرنسا

كانت سلطات الحكم قبل الثورة الفرنسية مركزة في يد الملك حيث ساد نظامالملكية المطلقة , ولم تكن الدولة تخضع للمساءلة أو الرقابةأمام القضاء بواسطةدعاوى الأفراد , وهي إن تعاملت مع الأفراد خضعت معاملاتها للقانون المدني . ( )
وفي هذه الفترة كانت توجد محاكم قضائية تدعى البرلمانات Parlements أنشئت لتكونممثلة للملك في وظائفه القضائية , وكانت الدعاوى تستأنف أمامها ما لم سند الملك ذلكالاختصاص إلى جهة أخرى , كما وجدت محاكم مختصة ببعض المنازعات الإدارية . ( )
وقد كانت البرلمانات تمارس سيطرة رجعية على الإدارة وتتدخل في شؤونها وتعارضوتعرقل كل حركة إصلاحية ( ) مما حدى برجال الثورة الفرنسية إلى منع المحاكمالقضائية القائمة في ذلك الوقت من الفصل في المنازعات الإدارية للحفاظ على استقلالالإدارة تجاه السلطة القضائية , من خلال تبنيهم لمبدأ الفصل بين السلطات .

1. مرحلة الإدارة القاضية : Administration Juge
تأكيداً لاتجاه الثورةالفرنسية في الفصل بين السلطات صدر قانون 16-24 أغسطس 1790 , الذي نص على إلغاءالمحاكم القضائية ( البرلمانات ) وإنشاء ما يسمى بالإدارة القاضية أو الوزير القاضيكمرحلة أولى قبل إنشاء مجلس الدولة الفرنسي , ومنع القضاء العادي من النظر فيالمنازعات التي تكون الإدارة طرفاً فيها و أصبحت الهيئات الإدارية هي صاحبةالاختصاص في الفصل بهذه المنازعات .
وفي مرحلة الإدارة القاضية كان على الأفراداللجوء إلى الإدارة نفسها للتظلم إليها وتقديم الشكوى , فكانت الإدارة هي الخصموالحكم في الوقت ذاته وكان هذا الأمر مقبولاً إلى حد ما في ذلك الوقت بسبب السمعةالسيئة لقضاء البرلمانات التعسفية .

2. إنشاء مجلس الدولة الفرنسي :
بنشوء مجلس الدولة في 12 ديسمبر 1797 في عهد نابليون بونابرت وضعت اللبنةالأولى للقضاء الإداري الفرنسي مع أن اختصاص المجلس كان أو الأمر استشارياً يتطلبتصديق القنصل .
وفي الوقت ذاته تم إنشاء محاكم أو مجالس الأقاليم Les Conseils de Préfecture التي كانت تصدر أحكاماً لا تحتاج إلى تصديق سلطة إدارية عليا ، إلاأن أحكامها تستأنف أمام مجلس الدولة الذي كانت أحكامه تعرض على القنصل.
فقد كانعمل المجلس يقتصر على فحص المنازعات الإدارية وإعداد مشروعات الأحكام , فلم يكنيملك سلطة القضاء وإصدار الأحكام , ولذا سمى قضاؤه في هذه المرحلة " القضاء المقيد" أو المحجوز Justice Retenue وقد استمرت هذه المرحلة إلى عام 1872 حيث أصبح قضاؤهمفوضاً .

3. مرحلة القضاء المفوض Justice délégúee
في 24مايو 1872 صدر قانون منح مجلس الدولة الفرنسي اختصاص البت نهائياً في المنازعاتالإدارية دون تعقب جهة أخرى .
ومع أن هذا القانون خول المجلس سلطة البت النهائيفي المنازعات الإدارية فإنه أبقي على اختصاص الإدارة القاضية فلا يملك الأفراداللجوء إلى مجلس الدولة إلا في الأحوال التي ينص عليها القانون , وفيما عدا ذلكتختص به الإدارة القاضية , مما أوجد ازدواجاً قضائياً , واستمر هذا الوضع حتى تاريخ 13ديسمبر 1889 عندما قبل مجلس الدولة دعوى قدمها أحد الأفراد مباشرة من دون المرورعلى الإدارة في قضية Cadot وترتب على حكمه فيها أن أصبح مجلس الدولة صاحب الاختصاصالعام في المنازعات الإدارية .
وبسبب تراكم العديد من القضايا أمام مجلس الدولةحدد المشرع اختصاص مجلس الدولة على سبيل الحصر بموجب المرسوم الصادر في 30 سبتمبر 1953 , وأصبحت المحاكم الإدارية التي كانت تسمى مجالس الأقاليم صاحبة الاختصاصالعام في المنازعات الإدارية .
ثم أعقب ذلك بعض المراسيم التي تضمنت الإصلاحاتمنها المراسيم الأربعة الصادرة في 30 يوليو 1963 المتعلقة بتحديد النظام الأساسيللعاملين في المجلس وتنظيمه الداخلي ونشاطه الداخلي , وتم تعديل هذا التنظيم بثلاثةمراسيم أخرى في 26 أغسطس 1975 م , وبمرسوم في 15 يناير 1980 , وآخر في 16 ديسمبر 1987 لإصلاح القضاء الإداري أنشأ بموجبه المحاكم الإدارية الاستئنافية ووسع نطاقالطعن بالنقض أمام مجلس الدولة .
وقد أصبح مجلس الدولة خلال تاريخه الطويل قاضيالمنازعات الإدارية دون منازع, وساهم في إرساء مبادئ القانون الإداري وقواعدهالمتميزة عن قواعد القانون الخاص وابتدع الحلول المناسبة لمقتضيات حسن سير الإدارةالعامة, وأكد على وجود واستقلال القانون الإداري .

المبحث الثاني
نشوءالقانون الإداري في مصر

قبل نشوء مجلس الدولة في مصر عام 1946 لم تعرف مصرالقضاء الإداري , وقد كانت المحاكم المختلطة والأهلية السائدة قبل هذا التاريخ فيالنظام القضائي المصري تطبق بعض القوانين على المنازعات بين الأفراد أو بينهم وبينالإدارة , ولم يكن من بينها القانون الإداري .
وقد ذهب جانب من الفقه الإداريالمصري إلى أن أساس القانون الإداري ومبادئه قد بدأت تظهر من خلال أحكام المحاكمالمختلطة والمحاكم الأهلية , بينما خالف جانب آخر منهم, وذهب إلى أن مبادئ القانونالإداري لم تنشأ حقيقة إلا من خلال أحكام مجلس الدولة بعد أن إنشاؤه عام 1946 . ( )
وكان مجلس الدولة وقت إنشاؤه يتمتع بصلاحيات محددة وبمحكمة قضاء إداري واحدة , ثم ما لبث أن توسعت اختصاصاته إذ صدر القانون رقم 9 لسنة 1949 الذي وسع اختصاصاتهثم أنشأت المحاكم الإدارية بالقانون رقم 147 لسنة 1954 , وبعد ذلك في عام 1955 تمإنشاء المحكمة الإدارية العليا لتكون في قمة القسم القضائي بمجلس الدولة .
ثمصدر القانون رقم 55 لسنة 1959 بشأن تنظيم مجلس الدولة , وقد مر مجلس الدولة بتطوراتعدة حتى صدر القانون الحالي رقم 47 لسنة 1972 وتعديلاته .
ووفقاً لهذا القانونيعد مجلس الدولة هيئة قضائية ملحقة بوزير العدل , ويتكون من رئيس وعدد من نوابالرئيس والمستشارين المساعدين والنواب والمندوبين ومن مندوبين مساعدين .
هذاولم تؤثر تبعية المجلس لوزير العدل في استقلاله في ممارسة وظيفته إذ لا تتعدى هذهالتبعية منح الوزير الأشراف الإداري وضمان حسن سير العمل الوظيفي , وهو ما أكدتهالمادة الأولى من القانون رقم 47 لسنة 1972 " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة " .
ولم يولد المجلس قوياً منذ نشأته فقد كان القضاء الإداري صاحب الولاية العامةفي نظر المنازعات الإدارية وكانت اختصاصات مجلس الدولة محددة على سبيل الحصر فيالقوانين التي سبقت القانون الحالي .
ففي ظل القانون رقم 112 لسنة 1946 والمعدلبالقانون رقم 9 لسنة 1949 كان القضاء العادي ينفرد بنظر دعاوى مسؤولية الإدارة عنأعمالها المادية ويختص بالاشتراك مع المجلس في نظر طلبات التعويض عن القراراتالإدارية ، ويترتب على رفع دعوى التعويض أمام المحاكم العادية وإذا ما رفعت دعوىالإلغاء أو التعويض إلى مجلس الدولة عدم جواز رفع دعوى التعويض أمام المحاكمالعادية فإنه يمتنع رفعها أمام مجلس الدولة .
كما كانت المحاكم العادية تنفردبنظر المنازعات الخاصة بالعقود الإدارية حتى صدور القانون رقم 9 لسنة 1949 الذي منحالمجلس النظر في منازعات عقود الالتزام والأشغال العامة وعقود التوريد بالاشتراك معالمحاكم العادية .
وفي ظل القانونين 165 لسنة 1955 و 55 لسنة 1959 استمرتالمحاكم العادية تنفرد بالنظر في دعوى مسؤولية الإدارة عن أعمالها المادية في الوقتالذي استقل به مجلس الدولة بنظر المنازعات المتعلقة بالتعويض عن القرارات الإداريةوالعقود الإدارية .
وبصدور القانون 47 لسنة 1972 أصبح مجلس الدولة صاحب الولايةالعامة بالنظر في المنازعات الإدارية ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ، فقد ورد فيالمادة 172 من القانون رقم 47 لسنة 1972 " مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة ، ويختصبالفصل في المنازعات الإدارية ، وفي الدعاوى لتأديبية ويحدد اختصاصاته الأخرى " .
وبذلك أصبح مجلس الدولة قاضي القانون العام المختص بالفصل في المنازعاتالإدارية والتأديبية وساهم بإرساء مبادئ القانون الإداري , وكان له دور رائد فيحماية حقوق الأفراد وحرياتهم من عسف الإدارة وإلغاء قراراتها المعيبة والتعويض عنها .

الفصل الثالث
خصائص ومصادر القانون الإداري

نبين في هذاالجزء من الدراسة الخصائص التي يتميز بها القانون الإداري والمصادر التي يستمد منهاأحكامه وذلك في مبحثين .

المبحث الأول
خصائص القانون الإداري
يتميزالقانون الإداري ببعض الخصائص منها أنه قانون سريع التطور ، وقانون غير مقنن , وأنهمن صنع القضاء .
أولاً : قانون سريع التطور .
يستم القانون الإداري بأنهقانون يتطور بسرعة تفوق التطور الاعتيادي في القوانين الأخرى ولعل ذلك يرجع إلىطبيعة المواضيع التي يعالجها ، فقواعد القانون الخاص تتميز بالثبات والاستقرار ،وقد ثمر فترة طويلة قبل أن ينالها التعديل أو التغيير ، ويعود ذلك إلى أن العلاقاتالتي ينظمها القانون الخاص بفروعه المختلفة " قانون مدني ، قانون تجاري ، قانونمرافعات " تتعلق بقواعد عامة تتطلب قدراً من الاستقرار مع ترك الحرية للأفراد منتسيير الأمور الأخرى ذات الطابع المتغير في حدود القواعد العامة المنصوص عليها علىعكس القانون الإداري الذي يعالج مواضيع ذات طبيعة خاصة لتعلقها بالمصلحة العامةوحسن تسيير وإدارة المرافق العامة وجانب من أحكامه غير مستمدة من نصوص تشريعيةوإنما من أحكام القضاء وخاصة القضاء الإداري الذي يتميز بأنه قضاء يبتدع الحلولللمنازعات الإدارية ولا يتقيد بأحكام القانون الخاص إنما يسعى إلى خلق ما يتلائم معظروف كل منازعة على حده تماشياً مع سرعة تطور العمل الإداري ومقتضيات سير المرافقالعامة .
ولعل من أسباب سرعة تطور القانون الإداري أنه يتأثر بالعواملالاقتصادية والاجتماعية والسياسية في الدولة وهي عوامل متغيرة باستمرار وغير مستقرةنسبياً ، فاتساع نشاط الدولة ونزعتها التدخلية وانتشار الحروب والازمات الاقتصاديةوظهور المرافق العامة الاقتصادية , وما إلى ذلك من ظواهر اقتصادية وسياسية وإدارية، وضرورة استيعاب القانون الإداري لهذه المتغيرات ومواجهتها أدى بالضرورة إلىالتطور المستمر في أحكامه .

ثانياً : قانون من صنع القضاء .
يتميزالقانون الإداري أيضاً بأنه قانون قضائي نشأ عن طريق المبادئ والقواعد الإداريةالتي خلقها القضاء ، وقد ساعد على ذلك عدم تقنين أغلب قواعد القانون الإداري فكانلابد للقضاء أن ينهض بهذه المهمة من خلال وضع أسسه ونظرياته .
وإذا كان التشريعينهض في الحقيقة ببعض مواضيع القانون الإداري خاصة ما يتعلق ببعض النصوص الدستوريةوالتشريعية واللائحية التي تحكم جوانب مهمة من علاقات الإدارية العامة مثل قانونالخدمة المدنية ولائحة العقود الإدارية ، فأن التشريع لا زال قاصراً عن مجالات أخرىكثيرة من قبل قواعد القرار الإداري وقواعد المسؤولية الإدارية وشروط الطعن بالإلغاء , وما إلى ذلك من مجالات لازال القضاء يمثل المصدر الرسمي الرئيس لأحكامه .
وقدكشف مجلس الدولة الفرنسي عن النظريات والمبادئ الأساسية التي يقوم عليها القانونالإداري وأستلم عنه القضاء الإداري في مصر العديد من أحكامه ، حتى أصبح دور المشرعفي كثير من الأحيان مقتصراً على تسجيل ما توصل إليه القضاء الإداري من أحكام . ( )
ودور القضاء الإداري في هذا المجال كان متميزاً عن دور القضاء العادي ، الذيينحصر بتطبيق القانون على المنازعة دون أن يتعداه لخلق الحلول المناسبة التي تتفقمع طبيعة منازعات القانون الإداري ، الأمر الذي أضفى على قواعد القانون الإداريالطابع العملي الذي يتماشى مع ظروف واحتياجات المرافق العامة ومقتضيات سيرها الحسنوتطورها المستمر .
ومع ذلك يتقيد القضاء في أداء مهامه وابتداعه لمبادئ وقواعدالقانون الإداري يعدم مخالفة النصوص التشريعية القائمة على أساس أن القضاء أنمايعبر عن إرادة مفترضة للمشرع , أما إذا أفصح عن إرادته تلك بنصوص تشريعية فأنهيلتزم بتطبيق تلك النصوص في أحكامه . ( )

ثالثاً : قانون غير مقنن .
يقصد بالتقنين أن يصدر المشرع مجموعة تشريعية تضم المبادئ والقواعد العامةوالتفصيلية المتعلقة بفرع من فروع القانون كما هو الحال في مدونة القانون المدني أومدونة قانون العقوبات .
ولا يخفى ما لتدوين القواعد العامة والتفصيلة لقانون مامن أهمية من حيث إضفائه الثبات والاستقرار على نصوص التشريع وسهولة الرجوع إلىأحكامه .
وقد نشأ القانون الإداري في فتره انتشرت فيها حركة التقنين في أعقابالثورة الفرنسية وتم تدوين قواعد القانون المدني في مدونة نابليون . ( )
إلا أنالقانون الإداري لم تشمله هذه الحركة رغم رسوخ مبادئه واكتمال نظرياته ويرجع عدمتقنينه إلى سرعة تطوره وتفرع وسعة مجالاته مما يجعل من الصعوبة جمع أحكامه في مدونهواحدة خاصة وان أحكامه في الغالب ذات طبيعة قضائية ، ولا يخفى ما في أحكام القضاءالإداري من مرونة تتأثر بالواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي السائد في المجتمع .
وإذا كان عدم التقنين يعني عدم جمع إحكام القانون الإداري في مجموعة أو مدونةواحدة فإن ذلك لا ينفي وجود تقنينات جزئية لبعض موضوعات القانون الإداري ، من ذلكوجود تشريعات خاصة بالموظفين وتشريعات خاصة بنزع الملكية للمنفعة العامة وقوانينخاصة بالتنظيم الإداري أو القضاء الإداري إلى غير ذلك من مواضيع يتعذر جمعها فيتقنين شامل .

المبحث الثاني
مصادر القانون الإداري
تشتمل مصادرالقانون الإداري على مصادر القانون بصورة عامة ، وهي عادة أربعة مصادر " التشريع – العرف – القضاء – الفقه " .
وإذا كان التشريع والعرف يعدان المصدران الرسميانللقوانين الأخرى ، بينما يمثل القضاء والفقه المصدران التفسيريان للقواعد القانونية، فإن القانون الإداري يمنح القضاء دوراً هاماً , بل يعده أهم مصادر القانونالإداري على الإطلاق ، ويكون مع التشريع والعرف مصدراً رسمياً للقانون الإداري , بينما يبقى الفقه مصدراً تفسيراً له .
وفيما يلي نعرض لهذه المصادر وبشيء منالتفصيل .
أولاً : التشريع .
يقصد بالتشريع كمصدر للقانون الإداري مجموعةالقواعد القانونية المكتوبة الصادرة من السلطة المختصة في الدولة ، وقد تكون هذهالسلطة سلطة تأسيسة فيكون التشريع دستورياً، أما إذا كانت السلطة تشريعية فيكونالتشريع عادياً ويطلق عليه اصطلاح القانون ، وأخيراً إذا كانت هذه السلطة تنفيذيةفإننا نكون أمام ما يمكن تسميته بالتشريعات الفرعية أو اللوائح ، ويتميز التشريع عنغير من المصادر الأخرى بوضوحه وتحديده وسهولة تعديله .
1. التشريع الدستوري :-
تعد التشريعات الدستورية المصدر الأساسي والرسمي للقانون الإداري ، وتقعالتشريعات الدستورية الدستورية في قمة الهرم القانوني ، وتسمو على القواعدالقانوينة الأخرى جميعاً ، فهي تحدد شكل الدولة ونظام الحكم فيها وعلاقتهابالمواطنين ، وتتضمن التشريعات الدستورية بعض الموضوعات المتعلقة بالقانون الإداري، كتنظيم الجهاز الإداري في الدولة ونشاطه وحقوق الأفراد وحرياتهم .
ويتوجب علىالإدارة بوصفها جهاز السلطة التنفيذية أن تلتزم بالمبادئ التي جاء بها الدستور ولايحق لها مخالفتها وإلا عدت أعمالها مخالفة لمبدأ المشروعية مما يعرضها للإلغاءوالتعويض عما تسببه من أضرار .
والقواعد الدستورية يقصد بها مجموعة القواعدالمكتوبة في وثيقة أو عدة وثائق دستورية فحسب فمن الممكن أن تكون تلك القواعد غيرمكتوبة في ظل دستور عرفي يتمتع بسمو القواعد الدستورية المكتوبة ذاتها .
كذلكتتمتع إعلانات الحقوق ما تضمنته هذه الإعلانات في حقوق وحريات الأفراد بقوة النصوصالدستورية فلا يجوز مخالفتها .

2. التشريع العادي .
يأتي التشريعالعادي أو القانون بالمرتبة الثانية بعد الدستور ، من حيث التدرج التشريعي باعتبارهصادراً من الهيئة التشريعية المعبرة عن الإرادة العامة وهي صاحبة الاختصاص في ذلك .
والإدارة بوصفها السلطة التنفيذية تخضع لأحكام القوانين فإذا خالفت حكم القانونأو صدر عمل إداري استناداً إلى قانون غير دستوري وجب إلغاء ذلك العمل . ( )
3. التشريع الفرعي أو اللوائح .
يطلق على القواعد القانوينة التي تصدرها السلطةالتنفيذية التشريع الفرعي ، وتسمى في مصر اللوائح الإدارية ، وهي قواعد عامة مجردةواجبة الاحترام تلي التشريع العادي في مرتبتها في سلم التدرج القانوني , وتخضعلرقابة القضاء الإداري على أعمال الإدارة باعتبارها قرارات إدارية يجب أن تكونمتفقة مع القانون .

أ / اللوائح التنفيذية :
تصدر الوزارات بصفتهاالهيئة لتنفيذية في الدوله اللوائح التنفيذية المتعلقة بتنفيذ القوانين الصادرة عنالسلطه التشريعيه لتوضيح ما يكتنفها من غموض وتسهيل تطبيقها .
ب/ اللوائحالتنظيمية .
تمارس الاداره أيضاً اختصاص إصدار اللوائح التنظيمية التي تتعدىتنفيذ القوانين إلى تنظيم بعض الأمور التي يتطرق إليها القانون فتقترب وظيفتها منالتشريع , ومن ذلك قيامها بما يتعلق بتنظيم الجهات الإدارية ونظام العمل بهاوشؤونها الإدارية والمالية , وهو من صميم عملا الوزاره بصفتها المختصة بتنظيمالجهاز الإداري في الدولة .
ج/ اللوائح الضبطية أو البوليسية .
تختص الهيئةالتنفيذية بإصدار لوائح الضبط الإداري المتعلقة بالمحافظة على الأمن العام والصحةالعامة والسكنية العامة من ذلك اللوائح الخاصة بمكافحة الضوضاء أو غلق المحالالمضرة بالصحة العامة .
د/ اللوائح التفويضية .
تصدر الهيئة التنفيذية هذاالنوع من اللوائح بتفويض من الهيئة التشريعية التي يمثلها البرلمان في العراق فيموضوعات تدخل أصلاً ضمن اختصاصه ، ومن ذلك اختصاصها بإصدار اللوائح الخاصة بإنشاءوتنظيم المؤسسات والهيئات والمصالح والشركات العامة لممارسة الاختصاصات ذات الطبيعةالاستراتيجية وتحديد أهدافها واختصاصاتها .
ه/ لوائح الضرورة .
تصادفالهيئة التنفيذية في بعض الأوقات ظروفاً استثنائية تجبرها على إصدار لوائح إداريةتضمن حماية النظام العام وحسن سير المرافق العامة لتعذر صدروها من الهيئة التشريعيةالمختصة فعلاً بإصدارها ، لغيبتها أو لحصولها في غير فترة انعقادها على أن تعرض علىالهيئة التشريعية خلال مدة معينة لكي تقرها .
ثانياً : العرف :-
العرفالإداري هو مجموعة القواعد التي درجت الإدارة على إتباعها في أداء وظيفتها في مجالمعين من نشاطها وتستمر فتصبح ملزمة لها ، وتعد مخالفتها مخالفة للمشروعية وتؤدي إلىأبطال تصرفاتها بالطرق المقررة قانوناً .
ويأتي العرف الإداري في مرتبة أدني منمرتبة القواعد القانونية المكتوبة مما يستلزم إلا يخالف نصاً من نصوص القانون فهومصدر تكميلي للقانون يفسر ويكمل ما نقص منه ولكي يصبح سلوك الإدارة عرفاً إدارياً ومصدراً من مصادر القانون الإداري ، يجب أن يتوافر فيه ركنان : ركن مادي و ركن معنوي .

1. الركن المادي :
ويتمثل الركن المادي باعتياد جهة الإدارة علىإتباع سلوك معين في نشاط معين وقد يكون هذا الاعتياد ايجابياً يظهر في صورة القيامبعمل ، كما يمكن أن يكون سلبياً في صورة الامتناع عن القيام بعمل ما ،على أن يكونهذا العمل أو الامتناع بشكل ثابت ومستقر ويتكرر في الحالات المماثلة بشرط أن يمضىالزمن الكافي لاستقراره ، وتقدير ما إذا كانت هذه المدة كافيه لوجود العرف من عدمهأمر مرجعه إلى القضاء .

2. الركن المعنوي :
أما الركن المعنوي فهواعتقاد الإدارة والأفراد بإلزامية القاعدة المتبعة وضرورة احترامها وعدم مخالفتهاواعتبار ذلك مخالفة قانونية تتطلب الجزاء ، وبهذا المعنى تكون القرارات الإداريةالتي تصدر مخالفة للعرف الإداري غير مشروعة وعرضه للإلغاء إذا طعن في مشروعيتهاأمام القضاء .
إلى جانب ذلك يجب أن يكون العرف الإداري عاماً تطبقه الإدارةبشكل منتظم ومستمر بلا انقطاع في جميع الحالات المماثلة وان يكون مشروعاً وغيرمخالف لنص قانوني أو لائحي .
ومن الجدير بالذكر أن التزام الإدارة باحترامالعرف لا يحرمها من أمكان تعديله أو تغييره نهائياً إذا اقتضت ذلك المصلحة العامةفالإدارة تملك تنظيم القاعدة التي يحكمها العرف بيد أن قيام العرف الجديد يتطلبتوفر الركنين السابقين فلا يتكون بمجرد مخالفة الإدارة للعرف المطبق . ( )
أماإذا خالفت الإدارة العرف في حالة فردية خاصة دون أن تستهدف تعديله أو تغييره بدافعالمصلحة العامة فإن قرارها أو إجراءها المخالف للعرف يكون باطلاً لمخالفته مبدأالمشروعية . ( )
ومع ذلك فأن دور العرف كمصدر رسمي للقانون الإداري أقل أهميةمن المصادر الرسمية أخرى لصعوبة الاستدلال على القاعدة العرفية من جهة , ولأنالإدارة في الغالب تلجأ إلى اللوائح كوسيلة لتنظيم نشاطها الإداري من جهة أخرى .
ثالثاً : القضاء .
الأصل في وظيفة القاضي تطبيق القوانين والفصل فيالمنازعات المعروضة أمامه ، وهو ملزم قانوناً بالفصل في المنازعة الداخلة فياختصاصه وإلا اعتبر منكراً للعدالة ، لذلك رسم المشرع للقاضي الأسلوب الذي يسلكهلفض المنازعة إذا لم يجد في القواعد القانونية حلاً للمنازعة .
وعلى ذلك لا يعدالقضاء مصدراً رسمياً للقانون لدوره المتعلق بتطبيق النصوص التشريعية وتفسيرهاوإزالة غموضها وإزالة التعارض المحتمل بينها ، ولا يتعدى القاضي هذا الأمر ليصل إلىحد خلق قواعد قانونية خارج نصوص التشريع . ( )
إلا أن الطبيعة الخاصة لقواعدالقانون الإداري من حيث عدم تقنينه وظروف نشأته وتعدد مجالات نشاطه ، أدى إلى أنيتجاوز القضاء الإداري دور القضاء العادي ليتماشى مع متطلبات الحياة الإدارية فيعمدإلى خلق مبادئ وأحكام القانون الإداري ،
فيصبح القضاء مصدر رسمي للقانون الإداري بل من أهم مصادرها الرسمية ، ويتعدى دوره التشريع في كثير من الأحيان .
وتتميز أحكام القضاء الإداري بعدم خضوعها للقانون المدني ، فالقاضي الإداري إذا لم يجد في المبادئ القانونية القائمة نصاً ينطبق على النزاع المعروض عليه يتولى بنفسه إنشاء القواعد اللازمة لذلك دون أن يكون مقيداً بقواعد القانون المدني .
ومن جانب آخر أن أحكام القضاء العادي ذات حجية نسبية تقتصر على أطراف النزاع وموضوعه ولهذا تحدد قيمتها بوصفها مصدراً تفسيراً على النقيض من أحكام القضاء الإداري التي تتميز بكونها حجة على الكافة .
وفي ذلك يتبين أن للقضاء دوراً إنشائياً كبيراً في مجال القانون الإداري ومن ثم فهو يشكل مصدراً رئيسياً من مصادر المشروعية .
رابعاً : المبادئ العامة للقانون .
تعد المبادئ العامة للقانون مصدراً مهماً من مصادر القانون الإداري ويقصد بالمبادئ العامة للقانون تلك المبادئ التي لا تستند إلى نص مكتوب ، وإنما يكون مصدرها القضاء وهي تختلف عن المبادئ القانونية التي يكون مصدرها التشريع . ( )
وقد لجأ القضاء الإداري إلى المبادئ العامة للقانون للفصل في العديد من المنازعات الإدارية لعدم تقنين قواعد القانون الإداري .
وتستمد أغلب هذه المبادئ من الطبيعة المتميزة للحياة الإدارية , كمبدأ دوام استمرار سير المرافق العامة بانتظام واطراد ، والمساواة بين المنتفعين بخدمات المرافق العامة ، ونظرية الظروف الاستثنائية , أو تستمد في فكرة العدل والمنطق والتي بمقتضاها مارس القضاء الإداري رقابته على الوجود المادي للوقائع وصحة التكييف القانوني لها وضرورة التناسب بين جسامة الذنب الإداري والعقوبة المقررة لها . ( )
والقضاء الإداري بهذا المعنى لا يخلق المبادئ العامة للقانون إنما يقتصر دوره على كشفها والتحقيق من وجودها في الضمير القانوني للأمة ، ولذلك فمن الواجب على الإدارة والقضاء احترامها والتقيد بها باعتبارها قواعد ملزمة شأنها في ذلك شأن القواعد المكتوبة .










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:03   رقم المشاركة : 18
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أساس القانون الإداري منقول للافادة و الاستفادة ***ديدو***

سعى الفقه والقضاء نحو إيجاد أساس أو فكرة عامة تصلح أنتكون دعامة تقوم عليها مبادئ ونظريات القانون الإداري وتحديد المعيار المميزلموضوعاته عن موضوعات القوانين الأخرى .
وإذا كان القانون الإداري في معناهالتقليدي قد نشأ في ظل النظام القضائي المزدوج فإن البحث عن أساس القانون الإدارييساهم بالإضافة إلى بيان الأساس النظري والفني لأحكام ومبادئ القانون الإداري , إلىوضع الأسس الكفيلة بتعيين الاختصاص بين القضاء الإداري والقضاء المدني خاصة وقد فشلالمشرع في تحديد معاني أو موضوع المنازعة الإدارية وإعداد قائمة باختصاص القضاءالإداري , لعدم تمكنه من التنبؤ مسبقاً بمختلف المنازعات ذات الطبيعة الإدارية ،كما أن القضاء الإداري لم يعد جهة قضاء استثنائي كما نشاء ابتداءً إنما أصبح نظامقضائي موزاي لنظام القضاء المدني وله أهميته وأصالته .
وعلى ذلك كان لابد منوضع معيار ثابت ومستقر لتحديد أساس القانون الإداري ، وظهر في هذا المجال عدةنظريات أو معايير رغم تعددها لم تعش طويلاً إنما راح بعضها يغلب على بعض تباعاًواندماج بعضها بالبعض الآخر لسد ما انكشف فيها من نقص أو قصور .
وسنعرض فيمايلي لأهم هذه المعايير …
المبحث الأول
معيار أعمال السلطة وأعمال الإدارة

يقوم هذا المعيار على أساس تقسيم أعمال الإدارة إلى صنفين أعمال سلطة Acte d’autorite وهي الأعمال التي تظهر فيها الإدارة بمظهر السلطة العامة وتتمتع بحقالأمر والنهي وهذا النوع من الأعمال تحكمه قواعد القانون الإداري ويخضع لاختصاصالقضاء الإداري .
وأعمال الإدارة العادية Actte de gestion وهي الأعمال التيتباشرها الإدارة بذات الأساليب التي يلجأ إليها الأفراد وفي نفس ظروفهم , وتحكمهاقواعد القانون الخاص ويختص بها القضاء العادي لأنها لا تتصف بطابع السلطة .
وقدسادت هذه النظرية حتى نهاية القرن التاسع عشر وكان من أنصارها الفقيه لافيرير Laferrlere وبارتلمي Berthelemy ( ) ، واعتمد القضاء الفرنسي عليها فترة من الزمنأساساً وحيداً للقانون الإداري .
إلا أن القضاء الإداري لم يلبث أن هجر هذاالمعيار بفعل الانتقادات الموجه إليه ، وكان النقد الأساسي يتمثل في أنه ضيق إلى حدكبير من نطاق القانون الإداري ومن اختصاصات القضاء الإداري ، فطبقاً لهذه النظريةتقتصر أعمال السلطة على القرارات الإدارية والأوامر التي تصدرها سلطات الضبطالإداري لحفظ النظام العام ، وتستبعد من نطاق تطبيقها جميع الأعمال الأخرى من قبيلالعقود الإدارية وأعمال الإدارة المادية .
كما أن هذا المعيار وبالرغم منبساطته ووضوحه صعب التطبيق في الواقع أو ليس من السهل التمييز بين أعمال السلطةوتصرفات الإدارة العادية نظراً لطبيعته وتداخل النشاط الإداري .
المبحث الثاني
معيار المرفق العام
ظهر هذا المعيار وتبلور ابتداءً من الربع الأخير منالقرن التاسع عشر ، وأصبح الفكرة الأساسية التي اعتمدت عليها أحكام مجلس الدولةالفرنسي ومحكمة التنازع كأساس للقانون الإداري ومعيار لاختصاص القضاء الإداري ،وكان حكم روتشليد Rotchild الصادر عام 1855 وديكستر Dekester الصادر عام 1861 منالأحكام الأولى في تقرير هذه الفكرة.
إلا أن حكم بلانكو Blanco الصادر عام 1873يمثل في نظر الفقه والقضاء حجر الزاوية في نظرية المرفق العام Theorie de Service Public وتتخلص وقائع هذا الحكم في انه صدمت عربة صغيرة تتبع مصنع تبغ بوردو طفلةفأوقعتها وجرحتها , فرفع والد الطفلة النزاع إلى القضاء العادي طالباً التعويض منالدولة باعتبارها مسؤولة مدنياً عن الخطاء الذي ارتكبه عمال المصنع التابع لها , إلا أن محكمة التنازع قررت أن الجهة المختصة بالنظر في النزاع هي القضاء الإداريوليس القضاء العادي , وقضى بأنه " لا تختص المحاكم العادية أطلاقاً بنظر الدعاوىالمقامة ضد الإدارة بسبب المرافق العامة أياً كان موضوعها , حتى لو كانت تستهدفقيام القضاء العادي بمجرد الحكم عليها بمبالغ مالية تعويضاً عن الأضرار الناشئة عنعملياتها دون إلغاء أو تعديل أو تفسير قرارات الإدارة " .
ومن جانب آخر قرر هذاالحكم قواعد جديدة تحكم المسؤولية عن الأضرار التي تسببها المرافق العامة فورد " ومن حيث أن مسؤولية الدولة عن الأضرار التي تسببها للأفراد بفعل الأشخاص الذينتستخدمهم في المرفق العام لا يمكن أن تحكمها المبادئ التي يقررها التقنين المدنيلتنظيم الروابط بين الفراد بعضهم وبعض ، وأن هذه المسؤولية ليست عامة ولا مطلقة ،بل لها قواعدها الخاصة التي تتغير تبعاً لحاجات المرفق , ولضرورة التوفيق بين حقوقالدولة والحقوق الخاصة " . ( )
وتطبيقاً لهذه النظرية فإن أساس القانون الإداريواختصاص القضاء الإداري ، إنما يتعلق بكل نشاط تديره الدولة أو تهيمن على إدارتهويستهدف تحقيق المصلحة العامة .
والمرفق العام بهذا المعنى هو النشاط الذيتتولاه الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى مباشرة أو تعهد به إلى جهة أخرى تحتإشرافها ومراقبتها وتوجيهها وذلك لإشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقاً للصالح العام . ( )
وقد عزز هذا الاتجاه أن وضع العميد (ديجي) Duguit لأسس نظريته عن المرافقالعامة التي كان لها شأن كبير بين نظريات القانون الإداري حتى باتت تقوم على اعتبارالمرفق العام ومقتضيات سيره المبرر الوحيد لوجود نظام قانوني خارج عن المألوف فيقواعد القانون الخاص .
وقد تجاوزت هذه النظرية الانتقادات التي وجهت لمعيارالتفرقة بين أعمال السلطة وأعمال الإدارة العادية ، فشملت جميع نشاطات الإدارةالمتصلة مباشرة بالمرافق العامة التي يحكمها القانون الإداري .
ويختص القضاءالإداري في نظر المنازعات الناشئة عنها من قبيل القارات والعقود الإدارية والأعمالالمادية سواء أصدرت عن الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى التابعة لها , ما دامتتستهدف من هذه الأعمال إشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقاً للصالح العام .
معضرورة الإشارة إلى استثنائين محدودين في هذا المجال يتعلق الأول بإدارة الدولة أوالأشخاص التابعة لها لأموالها الخاصة فلا تكون في نكون في هذه الحالة أمام مرفق عام , أما الاستثناء الأخر فيتعلق بعدول الإدارة عن استعمال وسائل القانون العامواستعمالها قواعد القانون الخاص في إدارة نشاط من نشاطاتها وفي هاتين الحالتين تطبققواعد القانون الخاص, ويختص القضاء العادي بنظر المنازعات الناشئة عنها .
وقدأيد جانب كبير من فقهاء القانون الإداري هذه النظرية كأساس للقانون الإداري الذيأصبح يسمى " قانون المرافق العامة " وأطلق على أنصارها " مدرسة المرافق العامة " .
ومن أبرز فقهاء هذه المدرسة تيسيه Teissier , ديجي Duguit , وبونار Bonnard وجيز Jeze .

أزمة نظرية المرفق العام
رغم النجاح الكبير الذي حققته هذهالنظرية كأساس للقانون الإداري ومبادئه وأحكامه ومعياراً لتحديد اختصاصات القضاءالإداري , واحتلالها مركز الصدارة بين النظريات الأخرى خلال الربع الأخير من القرنالتاسع عشر وبدايات العشرين , لم تلبث أن تراجعت بفعل تطور الحياة الإدارية , والتغييرات التي طرأت في القواعد التي قامت عليها فكرة المرافق العامة , بتأثير منسياسة الاقتصاد الموجه والمبادئ الاشتراكية وزيادة تدخل الدولة في النشاط الاقتصاديوالاجتماعي وما رافق ذلك من ظهور المرافق الاقتصادية والاجتماعية والصناعيةوالمرافق المهنية المختلفة . ( )
ومن الأسباب الأخرى لتراجع نظرية المرفق العامكما اصطلح على تسميتها ظهور مرافق عامة ذات نفع عام يديرها الأفراد أو الأشخاصالمعنوية الخاصة .
وأدت هذه التطورات مجتمعة إلى صعوبة تحديد مضمون المرفقالعام , مما دعى الفقه والقضاء إلى البحث عن معيار آخر للقانون الإداري , إلا أنهمع ما أصاب هذه النظرية من نقد بقيت أحكام مجلس الدولة الفرنسي تؤكد دور المرفقالعام كأساس للقانون الإداري إلا أن هذا الدور لم يعد كافياً أو حجر زاوية كما كانفي تحديد نطاق تطبيق القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري .
المبحث الثالث
معيارالسلطة العامة وأمتياراتها

إزاء الانتقادات الموجة إلى معيار المرفق العام , طرح جانب من الفقه معياراً آخر بديل عنه هو معيار السلطة العامة , ومقتضاه أنفكرة السلطة , هي الأقدر في تحديد نطاق تطبيق القانون الإداري ونطاق اختصاص القضاءالإداري ، ذلك أن العنصر المهم في نظام القانون الإداري المميز له عن القانون الخاصلا يتعلق بالأهداف أو الغايات التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها المتمثلة بالمنفعةالعامة كما ذهبت نظرية أو معيار المرفق العام، وإنما يقوم على أساس الوسائل التيتستعملها الإدارة في سبيل تحقيق تلك الأهداف، فإذا كانت هذه الوسائل تتميز بسلطاتوامتيازات استثنائية لا نظير لها في علاقات الأفراد، كنا أمام نشاط يحكمه القانونالإداري ويختص بالمنازعات الناشئة عنه القضاء الإداري .( )
وقد أسس هذا المعيارالعميد موريس هوريو Hauriou الذي أنشاء مدرسة مناهضة لمدرسة المرفق العام أطلقعليها " مدرسة السلطة العامة " ، ومبادئ هذه النظرية متميزة عن نظرية السلطة العامةالتقليدية والتي تفرق بين أعمال السلطة وأعمال الإدارة العادية .
فنظرية السلطةالعامة كما ذهب هوريو لا تتعلق بالأوامر والنواهي إنما تشمل كل نشاط إداري تمارسهالإدارة مع استعمالها لوسائل القانون العام غير المألوفة في القانون الخاص .
ومن الجدير بالذكر أن " هوريو " لم ينكر فكرة المرفق العام ، إنما جعلها ثانويةبالمقارنة مع دور السلطة العامة كأساس للقانون الإداري ومعيار لتحديد اختصاص القضاءالإداري , فهو غلب عنصر الوسائل التي تستخدمها الإدارة على عنصر الغاية أو الهدف.( )
المبحث الرابع
معيار المنفعة العامة
نادى بهذه الفكرة الأستاذ مارسيلفالين Waline الذي كان من أشد المدافعين عن معيار المرفق العام ثم تخلى عنه تحتتأثير الأزمة التي مر بها هذا المعيار ، واقترح محله فكرة المنفعة العامة .
وتقوم هذه الفكرة على أن أساس القانون الإداري ومعيار اختصاص القضاء الإداريإنما يقوم على تحقيق المنفعة العامة والمصلحة العامة ، فالنشاط الإداري يستهدفتحقيق النفع العام وهو ما يميزه عن النشاط الخاص . ( )
وقد اعتمد فالين فيتأسيس نظريته على حكم مجلس الدولة في قضية بلدية مونسيجور Commune de Monsegur الصادر في 10/6/1921 وتتلخص وقائع القضية أنه وقع حادث لصغير حرج في كنيسة مونسيجوربسقوط حوض " ماء مقدس " تسبب فيه بتعلقه واثنين من زملائه به ، مما أصابه بعاهةمستديمة تمثلت بقطع ساقه ، وقد حصل والد الطفل على حكم من مجلس الإقليم بإلزامالبلدية المسئولة عن صيانة الكنيسة بالتعويض ، وقد استئنفت البلدية هذا الحكم منناحية أنه منذ عام 1905 لم تعد البلدية مسؤولة عن دور العبادة لانفصال الدين عنالدولة بقانون 9/9/1905 ولم تعد الكنائس منذ هذا التاريخ مرافق عامة ، وبالتالي لاتدخل دعوى التعويض في اختصاص القضاء الإداري .
غير أن مجلس الدولة لم يأخذ بهذاالدفع وأسس قضائه على أنه وأن لم تعد مرافق العبادة مرفقاً عاماً منذ انفصال الدينعن الدولة ، فإن ترك الكنائس تحت تصرف المؤمنين والمكلفين بإقامة شعائر العبادةلممارسة ديانتهم إنما يكون تنفيذاً لغرض ذي نفع عام . ( )
وفكرة المنفعة العامةهذه أكثر اتساعاً من فكرة المرفق العام إلا أنها لم تسلم من النقد الشديد من حيث أنجل عمل الدولة إنما يتعلق بتحقيق المنفعة العامة أو المصلحة العامة .
كما أنتحقيق النفع العام ليس حكراً على الدولة وأجهزتها الإدارية ، وإنما قد يساهمالأفراد في تحقيقها وذلك من خلال المؤسسات والمشروعات الخاصة ذات النفع العام وهيمشاريع تخضع لأحكام القانون الخاص ويختص القضاء العادي بالمنازعات الناشئة عنها .
لذلك لم تعش هذه الفكرة طويلاً ولم تصلح أساساً للقانون الإداري ومعياراًلتحديد اختصاص القضاء الإداري لسعتها وعدم تحديدها وسرعان ما تخلى عنها فالين نفسهواتجه نحو معيار آخر .
المبحث الخامس
معيار السلطة العامة الحديث
حاولجانب من الفقه إحياء فكرة السلطة العامة وتجديدها لتصلح أساساً وحيداً للقانونالإداري ومعياراً لتحديد اختصاص القضاء الإداري ، ومن هؤلاء الأستاذ جورج فيدل George Vedel الذي ذهب إلى أن فكرة السلطة العامة لا تعني فقط استخدام الإدارةلامتيازات وسلطات القانون العام باعتبارها سلطة آمره ، وإنما تشمل أيضاً القيودالتي تحد من حرية الإدارة وتفرض عليها التزامات أشد من الالتزامات المفروضة علىالأفراد في ظل القانون الخاص .( )
ومن هذه القيود عدم أمكان تعاقد الإدارة إلابإتباع إجراءات وشروط معينة لا نظير لها في القانون الخاص ، كأتباعها أسلوبالمناقصات أو المزايدات عند اختيار المتعاقد معها .
ومن ثم لا يكفي اتصال نشاطالإدارة بمرفق عام حتى تكون بصدد تطبيق القانون الإداري إنما يجب أن تكون لإدارة قداستخدمت في نشاطها امتيازات وسلطات استثنائية لا مثيل لها في القانون الخاص أوالتزمت بقيود وحدود غير مألوفة في هذا القانون ، وفي الحالتين يختص القضاء الإداريبالمنازعات الناشئة عن مباشرة هذا النشاط .
وعلى عكس ذلك يختص القضاء العاديويطبق القانون الخاص على كل نشاط تؤديه الإدارة مستخدمة أساليب مشابهة لتلك التييستخدمها الأفراد أو لا تتضمن امتيازات أو شروط استثنائية .
وقد صادف هذاالمعيار نجاحاً وقبولاً في الفقه والقضاء الإداريين وانحاز إليه فالين بعد أن تخلىعن معيار المرفق العام وبعده معيار النفع العام .

المبحث السادس
معيارالجمع بين المرفق العام والسلطة العامة

إزاء الانتقادات الموجهة لكل معيارمن المعايير السابقة وعجزها في أن تكون أساساً وحيداً للقانون الإداري ومعياراًلتحديد اختصاص القضاء الإداري ، لم يعد الفقه والقضاء يتمسكان بفكره واحدة , واتجهانحو الجمع بين فكرتي السلطة العامة والمرفق العام .
وفي هذا المجال حاولالأستاذ De Laubadere تجديد معيار المرفق العام بعد ما أصابه من تفكك نتيجة الأزماتالتي تعرض لها وذلك عن طريق الجمع بين فكرتي المرفق العام والسلطة العامة ، لكنهجعل الأولوية للمرفق العام ، ثم يأتي استخدام أساليب القانون العام في المرتبةالثانية لسد الفراغ في المجالات التي عجز معيار المرفق العام عن القيام بدوره فيها . ( )
بينما ذهب الأستاذ شابي Chapus إلى تغليب فكرة السلطة العامة على فكرةالمرفق العام فقال أنه يجب أن لا نعتقد أن معيار الشروط المخالفة " السلطة العامة " دائماً معياراً مساعداً ، فالمعيار المأخوذ من الموضوع هو دائماً معيار مبدأ ، ففيكثير من الأحيان يفضل القاضي استخدام معيار الشرط غير المألوف وهذا يكون أسهل أومناسباً أكثر . ( )
وعلى هذا الأساس فإن المرفق العام وأن كان عنصراً مهماً فيتحديد أساس القانون الإداري إلا أنه لا يكفي لأداء هذا الدور بعد أن أتضح سعةمفهومة وعدم اقتصاره على المرافق الإدارية فظهرت فكرة المعيار المزدوج التي أيدهاجانب كبير من الفقه وأخذ بها القضاء الإداري في فرنسا في أغلب أحكامه . ( )
وعلى ذلك فإن أساس القانون الإداري لا يرجع لمعيار واحد من المعايير السابقة , إنما يجب الجمع بين المعياريين المهمين المرفق العام والسلطة العامة ، ومن ثم ليكونالعمل إدارياً وخاضعاً للقانون الإداري واختصاص القضاء الإداري ، يجب أولاً أن يكونعملاً إدارياً أو نشاطاً متعلقاً بمرفق عام " نظرية المرفق العام " .
وثانياً : أن تكون الإدارة في هذا النشاط قد استخدمت امتيازات أو وسائل وسلطات استثنائية وغيرمألوفة في القانون الخاص " نظرية السلطة العامة " ـ مع ضرورة التنبيه أن السلطةالعامة لا تبرز من خلال الامتيازات الممنوحة للإدارة حسب وإنما تشمل القيودالاستثنائية المفروضة عليها في أحيان أخرى .

الباب الأول
التنظيمالإداري

نبحث في هذا المجال من الدراسة موضوع التنظيم الإداري الذي نبينفيه الوسائل التي تؤدي من خلالها الإدارة وظيفتها التنفيذية وتستدعي الدراسة البحثفي الأشخاص المعنوية العامة باعتبارها الأداة التي تجمع السلطات الإدارية في إطارها، ومن ثم البحث في الأساليب الرئيسية المتبعة في هذا التنظيم وفقاً لما يسمى بأسلوبالمركزية الإدارية وأسلوب اللامركزية الإدارية .

الفصل الأول
الأشخاصالمعنوية العامة

يتمتع الإنسان منذ ولادته بالشخصية القانونية التي تمكنهمن اكتساب الحقوق وتحمله بالالتزامات لأداء دوره في المجتمع وأداء رسالته ، والأصلأن الشخصية القانونية نسبت للإنسان فقط إلا أن عجز الإنسان عن النهوض بكافة متطلباتالمجتمع لانتهاء شخصيته بالوفاة وحاجة المجتمع إلى دوام استمرار مرافقه ، كان لابدمن منح الأهلية القانونية لأشخاص أخرى ، فظهرت نظرية الشخصية المعنوية ومقتضاها منحالقانون الشخصية القانونية إلى جانب الإنسان الذي بات يطلق عليه الشخص الطبيعي إلىنوعين من التجمعات : مجموعة من الأفراد أو مجموعة من الأموال تهدف لتحقيق هدف معينويكون كيان ذاتي مستقل عن الأفراد المكونين لها يسمح بتحقيق هدفها ، وأطلق عليهااصطلاح الشخصية المعنوية الاعتبارية .
وعلى ذلك يمكن تعريف الشخص المعنوي بأنهمجموعة من الأموال أو الأشخاص تستهدف تحقيق هدف معين اعترف لها القانون بالشخصيةالقانونية .

المبحث الأول
أنواع الأشخاص المعنوية

يوجود نوعينرئيسيين من الأشخاص المعنوية هي : الأشخاص المعنية العامة ، والأشخاص المعنويةالخاصة ، مع ما تتمتع به الأشخاص المعنوية الخاصة من أهمية في نطاق القانون الخاصفتظهر بشكل الشركات والمؤسسات والجمعيات التي تنشأ بمبادرات الأفراد لتحقيق الربحأحياناً وتحقيق النفع العام أو المصلحة العامة في أحيان أخرى.
و الشخصيةالمعنوية العامة تحتل أهمية أكبر بكثير في نطاق القانون العام الذي لا يعرف غير هذاالنوع من الأشخاص المعنوية رغم أن نظرية الشخصية المعنوية نشأت في ظل القانون الخاص . وقد درج الفقه والقضاء على تقسيم الأشخاص المعنوية العامة إلى ثلاث أنواع :
أولاً : الأشخاص المعنوية الإقليمية
وهي الأشخاص المعنوية أو الاعتباريةالتي يتعلق اختصاصها في نطاق جغرافي منعين من الدولة وهي تشمل الدولة والوحداتالمحلية الأخرى.
1- الدولة
وهي أهم الأشخاص المعنوية على الإطلاق ولهذا فقد ورد النص عليها في القانون المدني على أن الدولة هي أول الأشخاص الاعتبارية .
والدولة هي الشخص المعنوي العام الذي تتفرع عنه الأشخاص المعنوية الأخرى وهي التي تمنح الشخصية المعنوية الخاصة للأفراد والهيئات الخاصة وتمارس الرقابة عليها .
والدولة باعتبارها شخص معنوي عام تشمل سلطات الدولة الثلاث : السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ، باعتبارها شخص معنوي واحد . إلا أن هذه الوحدة في شخصية الدولة لم تكن أمراً مسلماً به فقد اختلف الفقه في شأنها .
فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الاعتراف بالشخصية المعنوية العامة للدولة يقتصر على مجال معين من نشاط الدولة وهو الحقوق المادية والتصرفات التي تندرج في القانون الخاص ، أما بالنسبة لتصرفات الدولة التي تحمل طابع السلطة وامتيازاتها فما هي إلا اختصاصات يمارسها ممثلوا الدولة في الحدود التي رسمها القانون تحقيقاً للمصلحة العامة.
ولعل الدافع وراء تبني هذا الرأي الخشية من تعسف الدولة وجورها على الحريات العامة إذا ما اعتبرت تصرفات الدولة حقاً من حقوقها , بينما ذهب رأي آخر إلى ثنائية شخصية الدولة ، فتكون شخصاً معنوياً خاصاً إذا ما تصرفت في مجال الحقوق المالية أو الحقوق الخاصة المشابهة لتصرفات الأفراد وينطبق عليها القانون الخاص وتعتبر شخصاً معنوياً عاماً إذا قامت بعمل بدخل في ضمن نطاق السلطة العامة وهنا تخضع تصرفاتها لأحكام القانون العام .( )
إلا أن هذه الآراء لم تلبث أن انتهت ، وأصبح الرأي السائد فقهاً وقضاءً أن شخصية الدولة وحدة لا تتجزأ وهي تشمل جميع تصرفات الدولة وأعمال الخاصة منها والتي تتسم بطابع السلطة العامة . وهو رأي يتماشى مع المنطق القانوني السليم .
2- الوحدات المحلية المحافظات .
وترتبط فكرة الأشخاص المعنوية العامة المحلية بالديمقراطية التي تسمح لكل إقليم من أقاليم الدولة أن يدير شؤونه المحلية من خلال ممثليه من سكان الإقليم في المحافظات.
ثانياً : الأشخاص الاعتبارية العامة المرفقية
ويطلق عليها أيضاً ألا مركزية المصلحة أو المرفقية ، وتنشأ لتحقيق مصالح عامة للأفراد تحت رقابة الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية التابعة لها . وتسمى هذه الأشخاص بالهيئات العامة أو المؤسسات أو الشركات العامة .
وقد لجأ المشرع إلى إنشاء هذه الأشخاص لتباشر أدارة المرافق العامة التي تتطلب نوعاً من الاستقلال الفني عن الحكومة المركزية ضمان فاعلية وكفاءة الإدارة . وتختلف هذه الأشخاص عن الأشخاص الاعتبارية الإقليمية في أنها مقيدة بالهدف الذي أنشأت من أجله، في حين تكون الأخيرة مقيدة بالحدود الجغرافية للإقليم الذي تمثله .
وحيث أن الأشخاص الاعتبارية المرفقية تهدف إلى تحقيق أغراض متنوعة منها ما هو إداري أو اجتماعي أو اقتصادي ، فإن هذا الاختلاف يقود إلى اختلاف أنظمتها القانونية حسب النشاط الذي تتولاه ، أما الأشخاص الإقليمية فالقاعدة العامة أنها تتمتع بذات التنظيم القانوني .
كذلك تفترق الأشخاص الاعتبارية المرفقية عن الأشخاص الاعتبارية الإقليمية في أن الأخيرة تقوم على فكرة الديمقراطية التي تؤكد حق سكان الوحدات المحلية بإدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم ، بينما تقوم فكرة الشخصية الاعتبارية المرفقية على ضرورة ضمان الكفاءة الإدارية وحسن إدارة المرافق العامة ذات الطابع الفني ولا علاقة للديمقراطية في ذلك . كما هو الحال في الجامعات والهيئة العامة للمياه والهيئة العامة للإذاعة .
ثالثاً : الأشخاص المعنوية المهنية
بسبب التطور المستمر في مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مختلف الدول وتأثير هذا التطور على القانون الإداري وأحكامه ظهرت فكرة جديدة لأشخاص معنوية أخرى تتمثل في المنظمات والاتحادات ذات الطابع المهني ، تتولى إدارة مرافق عامة ينشأها المشرع لتحقيق مصالح عامة ، ومن ذلك الاتحاد العام لطلبة الجماهيرية واتحاد الأدباء والكتاب والمؤتمر المهني للمعلمين . وتتمتع هذه الأشخاص بالاستقلال ولها إصدار اللوائح الخاصة بتأديب أعضائها وممارسة المهنة التي تشرف عليها .
المبحث الثاني
النتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية

اذا اعترف بالشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعي ، وذلك في الحدود التي قررها القانون .
فيكون لها :
1- الذمة المالية المستقلة :
يتمتع الشخص المعنوي العام ، بذمة مالية مستقلة عن ميزانية الدولة ولها الحق في الاحتفاظ بالفائض من إيراداتها ، كما أنها تتحمل نفقاتها ، والذمة المالية للشخص المعنوي مستقلة عن الذمة المالية للأشخاص المكونين له .
2- الأهلية القانونية :
يتمتع الشخص المعنوي العام بأهلية قانونية في الحدود التي رسمها القانون تمكنه من اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات ، غير أن هذه الأهلية أضيق نطاقاً من أهلية الشخص الطبيعي فهي مقيدة بممارسة التصرفات القانونية التي تدخل في ميدان نشاطه وتخصصه ، ومفيدة كذلك بحدود الهدف الذي يسعى الشخص الاعتباري العام لتحقيقه . وهذه الشخصية القانونية مستقلة عن شخصية الأعضاء المكونين بالشخص الاعتباري العام ويباشرها عنه من يمثلونه من أشخاص طبيعيتين .
3- حق التقاضي :
للشخص المعنوي العام أهلية التقاضي ، فله مقاضاة الغير ، كما يكون من حق الغير أن يقاضيه ، كما يجوز أن تقاضي الأشخاص المعنوية بعضها ببعض ، ويباشر هذا الحق عن الشخص المعنوي العام أشخاص طبيعيتين يمثلونه أو ينوبون عنه ويعبرون عن إرادته في التقاضي
4- موطن مستقل :
للشخص الاعتباري موطن خاص به يختلف عن موطن الأشخاص المكونين له ، وهو عادة المقر أو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته ، فقد بينت المادة 53/2 من القانون المدني أن " يعتبر موطنه المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته .. " . وللموطن أهمية خاصة بالنسبة للشخص الاعتباري فيجب إعلان الأوراق الرسمية والقضائية إليه فيه و يتم تحديد المحكمة المختصة بالنظر بالدعاوي التي ترفع ضده.
5- تمارس الأشخاص المعنوية العامة جانباً من سلطة الدولة باعتبارها من أشخاص القانون العام فتتمتع بامتيازات السلطة التي يقررها القانون للجهات الإدارية فتعتبر قراراتها إدارية ، ويجوز تنفيذها جبراً دون الالتجاء إلى القضاء ، كذلك تملك حق نزع الملكية للمنفعة العامة أو الاستيلاء المباشر كما يجوز لها إبرام العقود الإدارية ، وحيث توجد هذه السلطة توجد مسؤولية الشخص المعنوي عن أفعاله الضارة التي قد يتسبب بها موظفيه .
6- المال الذي تملكه الأشخاص المعنوية العامة يعتبر مالاً عاماً إذا كان مخصصاً للمنفعة العامة ، وبذلك فهو يحظى بالحماية المقررة للمال العام ، ومع ذلك يمكن أن تملك الأشخاص المعنوية العامة أموالاً أخرى خاصة تعد جزءاً من الدومين الخاص ولا تعتبر أموالاً عامة وتخضع لأحكام القانون الخاص .
7- موظفو الأشخاص المعنوية العامة يعدون موظفين عامين ويرتبطون بعلاقة تنظيمية مع الشخص المعنوي إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، ولا يمنع ذلك من أن يكون لبعض الأشخاص المعنوية نظام خاص لموظفيها ولوائح خاصة بتأديبهم .
8- لا يترتب على منح الشخصية المعنوية العامة الاستقلال التام عن الدولة إذ تخضع هذه الأشخاص لنظام "الوصاية الإدارية" التي تمارسها السلطة المركزية في الدولة لضمان احترام هذه الأشخاص للقانون والسياسة العامة للدولة وعدم تجاوز الغرض الذي من أجله أ نشأت هذه المرافق .
9- نتيجة لتمتع الشخص المعنوي العام بامتيازات السلطة العامة وبالتالي اعتباره شخصاً من أشخاص القانون العام ، فإن القضاء الإداري يكون هو المختص في نظر المنازعات الناشئة عن ممارسة نشاطه ، ويخضع كذلك للقيود التي يفرضها القانون الإدراي من ضرورة إتباع إجراءات خاصة في التعاقد أو الطعون في القرارات الصادرة منه وغير ذلك من أمور تفرضها الطبيعة الخاصة بنظام القانون العام .

نهاية الشخص المعنوي العام
الدولة باعتبارها أهم الأشخاص المعنوية العامة تنقضي شخصيتها بزوال أو فقد ركن من أركانها التي تقوم عليها كما لو تفتت إلى عدة دول أو اندمجت بدولة أخرى أو فقدانها لإقليمها أو انعدام السلطة السياسية بسبب الفوضى .
أما الأشخاص المعنوية الإقليمية فتنتهي بذات الأداة التي نشأت بها ، كما لو صدر قانون يعيد تقسيم الوحدات المحلية فيلغي بعض الأشخاص المعنوية الإقليمية ويستحدث غيرها أو يدمجها في بعضها .
أما إذا صدر قانون بحل مجلس إدارة الشخص المعنوي فيظل الشخص المعنوي قائماً حتى يتم اختيار الشخص الجديد .
وتنقضي الشخصية المعنوية المرفقية والمهنية بإلغائها أو حلها بذات طريقة إنشائها أو باندماجها بشخص معنوي مرفقي آخر .
وعند نهاية الشخص المعنوي العام أيا كانت صورته تنتقل أمواله إلى الجهة التي حددها القانون أو القرار الصادر بإلغائه أو حله ، وإلا فإن هذه الأموال تنتقل إلى الجهة التي يتبعها هذا الشخص .










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:27   رقم المشاركة : 19
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

أساس القانون الإداري منقول للافادة و الاستفادة ***ديدو***

سعى الفقه والقضاء نحو إيجاد أساس أو فكرة عامة تصلح أنتكون دعامة تقوم عليها مبادئ ونظريات القانون الإداري وتحديد المعيار المميزلموضوعاته عن موضوعات القوانين الأخرى .
وإذا كان القانون الإداري في معناهالتقليدي قد نشأ في ظل النظام القضائي المزدوج فإن البحث عن أساس القانون الإدارييساهم بالإضافة إلى بيان الأساس النظري والفني لأحكام ومبادئ القانون الإداري , إلىوضع الأسس الكفيلة بتعيين الاختصاص بين القضاء الإداري والقضاء المدني خاصة وقد فشلالمشرع في تحديد معاني أو موضوع المنازعة الإدارية وإعداد قائمة باختصاص القضاءالإداري , لعدم تمكنه من التنبؤ مسبقاً بمختلف المنازعات ذات الطبيعة الإدارية ،كما أن القضاء الإداري لم يعد جهة قضاء استثنائي كما نشاء ابتداءً إنما أصبح نظامقضائي موزاي لنظام القضاء المدني وله أهميته وأصالته .
وعلى ذلك كان لابد منوضع معيار ثابت ومستقر لتحديد أساس القانون الإداري ، وظهر في هذا المجال عدةنظريات أو معايير رغم تعددها لم تعش طويلاً إنما راح بعضها يغلب على بعض تباعاًواندماج بعضها بالبعض الآخر لسد ما انكشف فيها من نقص أو قصور .
وسنعرض فيمايلي لأهم هذه المعايير …
المبحث الأول
معيار أعمال السلطة وأعمال الإدارة

يقوم هذا المعيار على أساس تقسيم أعمال الإدارة إلى صنفين أعمال سلطة Acte d’autorite وهي الأعمال التي تظهر فيها الإدارة بمظهر السلطة العامة وتتمتع بحقالأمر والنهي وهذا النوع من الأعمال تحكمه قواعد القانون الإداري ويخضع لاختصاصالقضاء الإداري .
وأعمال الإدارة العادية Actte de gestion وهي الأعمال التيتباشرها الإدارة بذات الأساليب التي يلجأ إليها الأفراد وفي نفس ظروفهم , وتحكمهاقواعد القانون الخاص ويختص بها القضاء العادي لأنها لا تتصف بطابع السلطة .
وقدسادت هذه النظرية حتى نهاية القرن التاسع عشر وكان من أنصارها الفقيه لافيرير Laferrlere وبارتلمي Berthelemy ( ) ، واعتمد القضاء الفرنسي عليها فترة من الزمنأساساً وحيداً للقانون الإداري .
إلا أن القضاء الإداري لم يلبث أن هجر هذاالمعيار بفعل الانتقادات الموجه إليه ، وكان النقد الأساسي يتمثل في أنه ضيق إلى حدكبير من نطاق القانون الإداري ومن اختصاصات القضاء الإداري ، فطبقاً لهذه النظريةتقتصر أعمال السلطة على القرارات الإدارية والأوامر التي تصدرها سلطات الضبطالإداري لحفظ النظام العام ، وتستبعد من نطاق تطبيقها جميع الأعمال الأخرى من قبيلالعقود الإدارية وأعمال الإدارة المادية .
كما أن هذا المعيار وبالرغم منبساطته ووضوحه صعب التطبيق في الواقع أو ليس من السهل التمييز بين أعمال السلطةوتصرفات الإدارة العادية نظراً لطبيعته وتداخل النشاط الإداري .
المبحث الثاني
معيار المرفق العام
ظهر هذا المعيار وتبلور ابتداءً من الربع الأخير منالقرن التاسع عشر ، وأصبح الفكرة الأساسية التي اعتمدت عليها أحكام مجلس الدولةالفرنسي ومحكمة التنازع كأساس للقانون الإداري ومعيار لاختصاص القضاء الإداري ،وكان حكم روتشليد Rotchild الصادر عام 1855 وديكستر Dekester الصادر عام 1861 منالأحكام الأولى في تقرير هذه الفكرة.
إلا أن حكم بلانكو Blanco الصادر عام 1873يمثل في نظر الفقه والقضاء حجر الزاوية في نظرية المرفق العام Theorie de Service Public وتتخلص وقائع هذا الحكم في انه صدمت عربة صغيرة تتبع مصنع تبغ بوردو طفلةفأوقعتها وجرحتها , فرفع والد الطفلة النزاع إلى القضاء العادي طالباً التعويض منالدولة باعتبارها مسؤولة مدنياً عن الخطاء الذي ارتكبه عمال المصنع التابع لها , إلا أن محكمة التنازع قررت أن الجهة المختصة بالنظر في النزاع هي القضاء الإداريوليس القضاء العادي , وقضى بأنه " لا تختص المحاكم العادية أطلاقاً بنظر الدعاوىالمقامة ضد الإدارة بسبب المرافق العامة أياً كان موضوعها , حتى لو كانت تستهدفقيام القضاء العادي بمجرد الحكم عليها بمبالغ مالية تعويضاً عن الأضرار الناشئة عنعملياتها دون إلغاء أو تعديل أو تفسير قرارات الإدارة " .
ومن جانب آخر قرر هذاالحكم قواعد جديدة تحكم المسؤولية عن الأضرار التي تسببها المرافق العامة فورد " ومن حيث أن مسؤولية الدولة عن الأضرار التي تسببها للأفراد بفعل الأشخاص الذينتستخدمهم في المرفق العام لا يمكن أن تحكمها المبادئ التي يقررها التقنين المدنيلتنظيم الروابط بين الفراد بعضهم وبعض ، وأن هذه المسؤولية ليست عامة ولا مطلقة ،بل لها قواعدها الخاصة التي تتغير تبعاً لحاجات المرفق , ولضرورة التوفيق بين حقوقالدولة والحقوق الخاصة " . ( )
وتطبيقاً لهذه النظرية فإن أساس القانون الإداريواختصاص القضاء الإداري ، إنما يتعلق بكل نشاط تديره الدولة أو تهيمن على إدارتهويستهدف تحقيق المصلحة العامة .
والمرفق العام بهذا المعنى هو النشاط الذيتتولاه الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى مباشرة أو تعهد به إلى جهة أخرى تحتإشرافها ومراقبتها وتوجيهها وذلك لإشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقاً للصالح العام . ( )
وقد عزز هذا الاتجاه أن وضع العميد (ديجي) Duguit لأسس نظريته عن المرافقالعامة التي كان لها شأن كبير بين نظريات القانون الإداري حتى باتت تقوم على اعتبارالمرفق العام ومقتضيات سيره المبرر الوحيد لوجود نظام قانوني خارج عن المألوف فيقواعد القانون الخاص .
وقد تجاوزت هذه النظرية الانتقادات التي وجهت لمعيارالتفرقة بين أعمال السلطة وأعمال الإدارة العادية ، فشملت جميع نشاطات الإدارةالمتصلة مباشرة بالمرافق العامة التي يحكمها القانون الإداري .
ويختص القضاءالإداري في نظر المنازعات الناشئة عنها من قبيل القارات والعقود الإدارية والأعمالالمادية سواء أصدرت عن الدولة أو الأشخاص العامة الأخرى التابعة لها , ما دامتتستهدف من هذه الأعمال إشباع حاجات ذات نفع عام تحقيقاً للصالح العام .
معضرورة الإشارة إلى استثنائين محدودين في هذا المجال يتعلق الأول بإدارة الدولة أوالأشخاص التابعة لها لأموالها الخاصة فلا تكون في نكون في هذه الحالة أمام مرفق عام , أما الاستثناء الأخر فيتعلق بعدول الإدارة عن استعمال وسائل القانون العامواستعمالها قواعد القانون الخاص في إدارة نشاط من نشاطاتها وفي هاتين الحالتين تطبققواعد القانون الخاص, ويختص القضاء العادي بنظر المنازعات الناشئة عنها .
وقدأيد جانب كبير من فقهاء القانون الإداري هذه النظرية كأساس للقانون الإداري الذيأصبح يسمى " قانون المرافق العامة " وأطلق على أنصارها " مدرسة المرافق العامة " .
ومن أبرز فقهاء هذه المدرسة تيسيه Teissier , ديجي Duguit , وبونار Bonnard وجيز Jeze .

أزمة نظرية المرفق العام
رغم النجاح الكبير الذي حققته هذهالنظرية كأساس للقانون الإداري ومبادئه وأحكامه ومعياراً لتحديد اختصاصات القضاءالإداري , واحتلالها مركز الصدارة بين النظريات الأخرى خلال الربع الأخير من القرنالتاسع عشر وبدايات العشرين , لم تلبث أن تراجعت بفعل تطور الحياة الإدارية , والتغييرات التي طرأت في القواعد التي قامت عليها فكرة المرافق العامة , بتأثير منسياسة الاقتصاد الموجه والمبادئ الاشتراكية وزيادة تدخل الدولة في النشاط الاقتصاديوالاجتماعي وما رافق ذلك من ظهور المرافق الاقتصادية والاجتماعية والصناعيةوالمرافق المهنية المختلفة . ( )
ومن الأسباب الأخرى لتراجع نظرية المرفق العامكما اصطلح على تسميتها ظهور مرافق عامة ذات نفع عام يديرها الأفراد أو الأشخاصالمعنوية الخاصة .
وأدت هذه التطورات مجتمعة إلى صعوبة تحديد مضمون المرفقالعام , مما دعى الفقه والقضاء إلى البحث عن معيار آخر للقانون الإداري , إلا أنهمع ما أصاب هذه النظرية من نقد بقيت أحكام مجلس الدولة الفرنسي تؤكد دور المرفقالعام كأساس للقانون الإداري إلا أن هذا الدور لم يعد كافياً أو حجر زاوية كما كانفي تحديد نطاق تطبيق القانون الإداري واختصاص القضاء الإداري .
المبحث الثالث
معيارالسلطة العامة وأمتياراتها

إزاء الانتقادات الموجة إلى معيار المرفق العام , طرح جانب من الفقه معياراً آخر بديل عنه هو معيار السلطة العامة , ومقتضاه أنفكرة السلطة , هي الأقدر في تحديد نطاق تطبيق القانون الإداري ونطاق اختصاص القضاءالإداري ، ذلك أن العنصر المهم في نظام القانون الإداري المميز له عن القانون الخاصلا يتعلق بالأهداف أو الغايات التي تسعى الإدارة إلى تحقيقها المتمثلة بالمنفعةالعامة كما ذهبت نظرية أو معيار المرفق العام، وإنما يقوم على أساس الوسائل التيتستعملها الإدارة في سبيل تحقيق تلك الأهداف، فإذا كانت هذه الوسائل تتميز بسلطاتوامتيازات استثنائية لا نظير لها في علاقات الأفراد، كنا أمام نشاط يحكمه القانونالإداري ويختص بالمنازعات الناشئة عنه القضاء الإداري .( )
وقد أسس هذا المعيارالعميد موريس هوريو Hauriou الذي أنشاء مدرسة مناهضة لمدرسة المرفق العام أطلقعليها " مدرسة السلطة العامة " ، ومبادئ هذه النظرية متميزة عن نظرية السلطة العامةالتقليدية والتي تفرق بين أعمال السلطة وأعمال الإدارة العادية .
فنظرية السلطةالعامة كما ذهب هوريو لا تتعلق بالأوامر والنواهي إنما تشمل كل نشاط إداري تمارسهالإدارة مع استعمالها لوسائل القانون العام غير المألوفة في القانون الخاص .
ومن الجدير بالذكر أن " هوريو " لم ينكر فكرة المرفق العام ، إنما جعلها ثانويةبالمقارنة مع دور السلطة العامة كأساس للقانون الإداري ومعيار لتحديد اختصاص القضاءالإداري , فهو غلب عنصر الوسائل التي تستخدمها الإدارة على عنصر الغاية أو الهدف.( )
المبحث الرابع
معيار المنفعة العامة
نادى بهذه الفكرة الأستاذ مارسيلفالين Waline الذي كان من أشد المدافعين عن معيار المرفق العام ثم تخلى عنه تحتتأثير الأزمة التي مر بها هذا المعيار ، واقترح محله فكرة المنفعة العامة .
وتقوم هذه الفكرة على أن أساس القانون الإداري ومعيار اختصاص القضاء الإداريإنما يقوم على تحقيق المنفعة العامة والمصلحة العامة ، فالنشاط الإداري يستهدفتحقيق النفع العام وهو ما يميزه عن النشاط الخاص . ( )
وقد اعتمد فالين فيتأسيس نظريته على حكم مجلس الدولة في قضية بلدية مونسيجور Commune de Monsegur الصادر في 10/6/1921 وتتلخص وقائع القضية أنه وقع حادث لصغير حرج في كنيسة مونسيجوربسقوط حوض " ماء مقدس " تسبب فيه بتعلقه واثنين من زملائه به ، مما أصابه بعاهةمستديمة تمثلت بقطع ساقه ، وقد حصل والد الطفل على حكم من مجلس الإقليم بإلزامالبلدية المسئولة عن صيانة الكنيسة بالتعويض ، وقد استئنفت البلدية هذا الحكم منناحية أنه منذ عام 1905 لم تعد البلدية مسؤولة عن دور العبادة لانفصال الدين عنالدولة بقانون 9/9/1905 ولم تعد الكنائس منذ هذا التاريخ مرافق عامة ، وبالتالي لاتدخل دعوى التعويض في اختصاص القضاء الإداري .
غير أن مجلس الدولة لم يأخذ بهذاالدفع وأسس قضائه على أنه وأن لم تعد مرافق العبادة مرفقاً عاماً منذ انفصال الدينعن الدولة ، فإن ترك الكنائس تحت تصرف المؤمنين والمكلفين بإقامة شعائر العبادةلممارسة ديانتهم إنما يكون تنفيذاً لغرض ذي نفع عام . ( )
وفكرة المنفعة العامةهذه أكثر اتساعاً من فكرة المرفق العام إلا أنها لم تسلم من النقد الشديد من حيث أنجل عمل الدولة إنما يتعلق بتحقيق المنفعة العامة أو المصلحة العامة .
كما أنتحقيق النفع العام ليس حكراً على الدولة وأجهزتها الإدارية ، وإنما قد يساهمالأفراد في تحقيقها وذلك من خلال المؤسسات والمشروعات الخاصة ذات النفع العام وهيمشاريع تخضع لأحكام القانون الخاص ويختص القضاء العادي بالمنازعات الناشئة عنها .
لذلك لم تعش هذه الفكرة طويلاً ولم تصلح أساساً للقانون الإداري ومعياراًلتحديد اختصاص القضاء الإداري لسعتها وعدم تحديدها وسرعان ما تخلى عنها فالين نفسهواتجه نحو معيار آخر .
المبحث الخامس
معيار السلطة العامة الحديث
حاولجانب من الفقه إحياء فكرة السلطة العامة وتجديدها لتصلح أساساً وحيداً للقانونالإداري ومعياراً لتحديد اختصاص القضاء الإداري ، ومن هؤلاء الأستاذ جورج فيدل George Vedel الذي ذهب إلى أن فكرة السلطة العامة لا تعني فقط استخدام الإدارةلامتيازات وسلطات القانون العام باعتبارها سلطة آمره ، وإنما تشمل أيضاً القيودالتي تحد من حرية الإدارة وتفرض عليها التزامات أشد من الالتزامات المفروضة علىالأفراد في ظل القانون الخاص .( )
ومن هذه القيود عدم أمكان تعاقد الإدارة إلابإتباع إجراءات وشروط معينة لا نظير لها في القانون الخاص ، كأتباعها أسلوبالمناقصات أو المزايدات عند اختيار المتعاقد معها .
ومن ثم لا يكفي اتصال نشاطالإدارة بمرفق عام حتى تكون بصدد تطبيق القانون الإداري إنما يجب أن تكون لإدارة قداستخدمت في نشاطها امتيازات وسلطات استثنائية لا مثيل لها في القانون الخاص أوالتزمت بقيود وحدود غير مألوفة في هذا القانون ، وفي الحالتين يختص القضاء الإداريبالمنازعات الناشئة عن مباشرة هذا النشاط .
وعلى عكس ذلك يختص القضاء العاديويطبق القانون الخاص على كل نشاط تؤديه الإدارة مستخدمة أساليب مشابهة لتلك التييستخدمها الأفراد أو لا تتضمن امتيازات أو شروط استثنائية .
وقد صادف هذاالمعيار نجاحاً وقبولاً في الفقه والقضاء الإداريين وانحاز إليه فالين بعد أن تخلىعن معيار المرفق العام وبعده معيار النفع العام .

المبحث السادس
معيارالجمع بين المرفق العام والسلطة العامة

إزاء الانتقادات الموجهة لكل معيارمن المعايير السابقة وعجزها في أن تكون أساساً وحيداً للقانون الإداري ومعياراًلتحديد اختصاص القضاء الإداري ، لم يعد الفقه والقضاء يتمسكان بفكره واحدة , واتجهانحو الجمع بين فكرتي السلطة العامة والمرفق العام .
وفي هذا المجال حاولالأستاذ De Laubadere تجديد معيار المرفق العام بعد ما أصابه من تفكك نتيجة الأزماتالتي تعرض لها وذلك عن طريق الجمع بين فكرتي المرفق العام والسلطة العامة ، لكنهجعل الأولوية للمرفق العام ، ثم يأتي استخدام أساليب القانون العام في المرتبةالثانية لسد الفراغ في المجالات التي عجز معيار المرفق العام عن القيام بدوره فيها . ( )
بينما ذهب الأستاذ شابي Chapus إلى تغليب فكرة السلطة العامة على فكرةالمرفق العام فقال أنه يجب أن لا نعتقد أن معيار الشروط المخالفة " السلطة العامة " دائماً معياراً مساعداً ، فالمعيار المأخوذ من الموضوع هو دائماً معيار مبدأ ، ففيكثير من الأحيان يفضل القاضي استخدام معيار الشرط غير المألوف وهذا يكون أسهل أومناسباً أكثر . ( )
وعلى هذا الأساس فإن المرفق العام وأن كان عنصراً مهماً فيتحديد أساس القانون الإداري إلا أنه لا يكفي لأداء هذا الدور بعد أن أتضح سعةمفهومة وعدم اقتصاره على المرافق الإدارية فظهرت فكرة المعيار المزدوج التي أيدهاجانب كبير من الفقه وأخذ بها القضاء الإداري في فرنسا في أغلب أحكامه . ( )
وعلى ذلك فإن أساس القانون الإداري لا يرجع لمعيار واحد من المعايير السابقة , إنما يجب الجمع بين المعياريين المهمين المرفق العام والسلطة العامة ، ومن ثم ليكونالعمل إدارياً وخاضعاً للقانون الإداري واختصاص القضاء الإداري ، يجب أولاً أن يكونعملاً إدارياً أو نشاطاً متعلقاً بمرفق عام " نظرية المرفق العام " .
وثانياً : أن تكون الإدارة في هذا النشاط قد استخدمت امتيازات أو وسائل وسلطات استثنائية وغيرمألوفة في القانون الخاص " نظرية السلطة العامة " ـ مع ضرورة التنبيه أن السلطةالعامة لا تبرز من خلال الامتيازات الممنوحة للإدارة حسب وإنما تشمل القيودالاستثنائية المفروضة عليها في أحيان أخرى .

الباب الأول
التنظيمالإداري

نبحث في هذا المجال من الدراسة موضوع التنظيم الإداري الذي نبينفيه الوسائل التي تؤدي من خلالها الإدارة وظيفتها التنفيذية وتستدعي الدراسة البحثفي الأشخاص المعنوية العامة باعتبارها الأداة التي تجمع السلطات الإدارية في إطارها، ومن ثم البحث في الأساليب الرئيسية المتبعة في هذا التنظيم وفقاً لما يسمى بأسلوبالمركزية الإدارية وأسلوب اللامركزية الإدارية .

الفصل الأول
الأشخاصالمعنوية العامة

يتمتع الإنسان منذ ولادته بالشخصية القانونية التي تمكنهمن اكتساب الحقوق وتحمله بالالتزامات لأداء دوره في المجتمع وأداء رسالته ، والأصلأن الشخصية القانونية نسبت للإنسان فقط إلا أن عجز الإنسان عن النهوض بكافة متطلباتالمجتمع لانتهاء شخصيته بالوفاة وحاجة المجتمع إلى دوام استمرار مرافقه ، كان لابدمن منح الأهلية القانونية لأشخاص أخرى ، فظهرت نظرية الشخصية المعنوية ومقتضاها منحالقانون الشخصية القانونية إلى جانب الإنسان الذي بات يطلق عليه الشخص الطبيعي إلىنوعين من التجمعات : مجموعة من الأفراد أو مجموعة من الأموال تهدف لتحقيق هدف معينويكون كيان ذاتي مستقل عن الأفراد المكونين لها يسمح بتحقيق هدفها ، وأطلق عليهااصطلاح الشخصية المعنوية الاعتبارية .
وعلى ذلك يمكن تعريف الشخص المعنوي بأنهمجموعة من الأموال أو الأشخاص تستهدف تحقيق هدف معين اعترف لها القانون بالشخصيةالقانونية .

المبحث الأول
أنواع الأشخاص المعنوية

يوجود نوعينرئيسيين من الأشخاص المعنوية هي : الأشخاص المعنية العامة ، والأشخاص المعنويةالخاصة ، مع ما تتمتع به الأشخاص المعنوية الخاصة من أهمية في نطاق القانون الخاصفتظهر بشكل الشركات والمؤسسات والجمعيات التي تنشأ بمبادرات الأفراد لتحقيق الربحأحياناً وتحقيق النفع العام أو المصلحة العامة في أحيان أخرى.
و الشخصيةالمعنوية العامة تحتل أهمية أكبر بكثير في نطاق القانون العام الذي لا يعرف غير هذاالنوع من الأشخاص المعنوية رغم أن نظرية الشخصية المعنوية نشأت في ظل القانون الخاص . وقد درج الفقه والقضاء على تقسيم الأشخاص المعنوية العامة إلى ثلاث أنواع :
أولاً : الأشخاص المعنوية الإقليمية
وهي الأشخاص المعنوية أو الاعتباريةالتي يتعلق اختصاصها في نطاق جغرافي منعين من الدولة وهي تشمل الدولة والوحداتالمحلية الأخرى.
1- الدولة
وهي أهم الأشخاص المعنوية على الإطلاق ولهذا فقد ورد النص عليها في القانون المدني على أن الدولة هي أول الأشخاص الاعتبارية .
والدولة هي الشخص المعنوي العام الذي تتفرع عنه الأشخاص المعنوية الأخرى وهي التي تمنح الشخصية المعنوية الخاصة للأفراد والهيئات الخاصة وتمارس الرقابة عليها .
والدولة باعتبارها شخص معنوي عام تشمل سلطات الدولة الثلاث : السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ، باعتبارها شخص معنوي واحد . إلا أن هذه الوحدة في شخصية الدولة لم تكن أمراً مسلماً به فقد اختلف الفقه في شأنها .
فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الاعتراف بالشخصية المعنوية العامة للدولة يقتصر على مجال معين من نشاط الدولة وهو الحقوق المادية والتصرفات التي تندرج في القانون الخاص ، أما بالنسبة لتصرفات الدولة التي تحمل طابع السلطة وامتيازاتها فما هي إلا اختصاصات يمارسها ممثلوا الدولة في الحدود التي رسمها القانون تحقيقاً للمصلحة العامة.
ولعل الدافع وراء تبني هذا الرأي الخشية من تعسف الدولة وجورها على الحريات العامة إذا ما اعتبرت تصرفات الدولة حقاً من حقوقها , بينما ذهب رأي آخر إلى ثنائية شخصية الدولة ، فتكون شخصاً معنوياً خاصاً إذا ما تصرفت في مجال الحقوق المالية أو الحقوق الخاصة المشابهة لتصرفات الأفراد وينطبق عليها القانون الخاص وتعتبر شخصاً معنوياً عاماً إذا قامت بعمل بدخل في ضمن نطاق السلطة العامة وهنا تخضع تصرفاتها لأحكام القانون العام .( )
إلا أن هذه الآراء لم تلبث أن انتهت ، وأصبح الرأي السائد فقهاً وقضاءً أن شخصية الدولة وحدة لا تتجزأ وهي تشمل جميع تصرفات الدولة وأعمال الخاصة منها والتي تتسم بطابع السلطة العامة . وهو رأي يتماشى مع المنطق القانوني السليم .
2- الوحدات المحلية المحافظات .
وترتبط فكرة الأشخاص المعنوية العامة المحلية بالديمقراطية التي تسمح لكل إقليم من أقاليم الدولة أن يدير شؤونه المحلية من خلال ممثليه من سكان الإقليم في المحافظات.
ثانياً : الأشخاص الاعتبارية العامة المرفقية
ويطلق عليها أيضاً ألا مركزية المصلحة أو المرفقية ، وتنشأ لتحقيق مصالح عامة للأفراد تحت رقابة الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية التابعة لها . وتسمى هذه الأشخاص بالهيئات العامة أو المؤسسات أو الشركات العامة .
وقد لجأ المشرع إلى إنشاء هذه الأشخاص لتباشر أدارة المرافق العامة التي تتطلب نوعاً من الاستقلال الفني عن الحكومة المركزية ضمان فاعلية وكفاءة الإدارة . وتختلف هذه الأشخاص عن الأشخاص الاعتبارية الإقليمية في أنها مقيدة بالهدف الذي أنشأت من أجله، في حين تكون الأخيرة مقيدة بالحدود الجغرافية للإقليم الذي تمثله .
وحيث أن الأشخاص الاعتبارية المرفقية تهدف إلى تحقيق أغراض متنوعة منها ما هو إداري أو اجتماعي أو اقتصادي ، فإن هذا الاختلاف يقود إلى اختلاف أنظمتها القانونية حسب النشاط الذي تتولاه ، أما الأشخاص الإقليمية فالقاعدة العامة أنها تتمتع بذات التنظيم القانوني .
كذلك تفترق الأشخاص الاعتبارية المرفقية عن الأشخاص الاعتبارية الإقليمية في أن الأخيرة تقوم على فكرة الديمقراطية التي تؤكد حق سكان الوحدات المحلية بإدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم ، بينما تقوم فكرة الشخصية الاعتبارية المرفقية على ضرورة ضمان الكفاءة الإدارية وحسن إدارة المرافق العامة ذات الطابع الفني ولا علاقة للديمقراطية في ذلك . كما هو الحال في الجامعات والهيئة العامة للمياه والهيئة العامة للإذاعة .
ثالثاً : الأشخاص المعنوية المهنية
بسبب التطور المستمر في مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مختلف الدول وتأثير هذا التطور على القانون الإداري وأحكامه ظهرت فكرة جديدة لأشخاص معنوية أخرى تتمثل في المنظمات والاتحادات ذات الطابع المهني ، تتولى إدارة مرافق عامة ينشأها المشرع لتحقيق مصالح عامة ، ومن ذلك الاتحاد العام لطلبة الجماهيرية واتحاد الأدباء والكتاب والمؤتمر المهني للمعلمين . وتتمتع هذه الأشخاص بالاستقلال ولها إصدار اللوائح الخاصة بتأديب أعضائها وممارسة المهنة التي تشرف عليها .
المبحث الثاني
النتائج المترتبة على منح الشخصية المعنوية

اذا اعترف بالشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعي ، وذلك في الحدود التي قررها القانون .
فيكون لها :
1- الذمة المالية المستقلة :
يتمتع الشخص المعنوي العام ، بذمة مالية مستقلة عن ميزانية الدولة ولها الحق في الاحتفاظ بالفائض من إيراداتها ، كما أنها تتحمل نفقاتها ، والذمة المالية للشخص المعنوي مستقلة عن الذمة المالية للأشخاص المكونين له .
2- الأهلية القانونية :
يتمتع الشخص المعنوي العام بأهلية قانونية في الحدود التي رسمها القانون تمكنه من اكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات ، غير أن هذه الأهلية أضيق نطاقاً من أهلية الشخص الطبيعي فهي مقيدة بممارسة التصرفات القانونية التي تدخل في ميدان نشاطه وتخصصه ، ومفيدة كذلك بحدود الهدف الذي يسعى الشخص الاعتباري العام لتحقيقه . وهذه الشخصية القانونية مستقلة عن شخصية الأعضاء المكونين بالشخص الاعتباري العام ويباشرها عنه من يمثلونه من أشخاص طبيعيتين .
3- حق التقاضي :
للشخص المعنوي العام أهلية التقاضي ، فله مقاضاة الغير ، كما يكون من حق الغير أن يقاضيه ، كما يجوز أن تقاضي الأشخاص المعنوية بعضها ببعض ، ويباشر هذا الحق عن الشخص المعنوي العام أشخاص طبيعيتين يمثلونه أو ينوبون عنه ويعبرون عن إرادته في التقاضي
4- موطن مستقل :
للشخص الاعتباري موطن خاص به يختلف عن موطن الأشخاص المكونين له ، وهو عادة المقر أو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته ، فقد بينت المادة 53/2 من القانون المدني أن " يعتبر موطنه المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته .. " . وللموطن أهمية خاصة بالنسبة للشخص الاعتباري فيجب إعلان الأوراق الرسمية والقضائية إليه فيه و يتم تحديد المحكمة المختصة بالنظر بالدعاوي التي ترفع ضده.
5- تمارس الأشخاص المعنوية العامة جانباً من سلطة الدولة باعتبارها من أشخاص القانون العام فتتمتع بامتيازات السلطة التي يقررها القانون للجهات الإدارية فتعتبر قراراتها إدارية ، ويجوز تنفيذها جبراً دون الالتجاء إلى القضاء ، كذلك تملك حق نزع الملكية للمنفعة العامة أو الاستيلاء المباشر كما يجوز لها إبرام العقود الإدارية ، وحيث توجد هذه السلطة توجد مسؤولية الشخص المعنوي عن أفعاله الضارة التي قد يتسبب بها موظفيه .
6- المال الذي تملكه الأشخاص المعنوية العامة يعتبر مالاً عاماً إذا كان مخصصاً للمنفعة العامة ، وبذلك فهو يحظى بالحماية المقررة للمال العام ، ومع ذلك يمكن أن تملك الأشخاص المعنوية العامة أموالاً أخرى خاصة تعد جزءاً من الدومين الخاص ولا تعتبر أموالاً عامة وتخضع لأحكام القانون الخاص .
7- موظفو الأشخاص المعنوية العامة يعدون موظفين عامين ويرتبطون بعلاقة تنظيمية مع الشخص المعنوي إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، ولا يمنع ذلك من أن يكون لبعض الأشخاص المعنوية نظام خاص لموظفيها ولوائح خاصة بتأديبهم .
8- لا يترتب على منح الشخصية المعنوية العامة الاستقلال التام عن الدولة إذ تخضع هذه الأشخاص لنظام "الوصاية الإدارية" التي تمارسها السلطة المركزية في الدولة لضمان احترام هذه الأشخاص للقانون والسياسة العامة للدولة وعدم تجاوز الغرض الذي من أجله أ نشأت هذه المرافق .
9- نتيجة لتمتع الشخص المعنوي العام بامتيازات السلطة العامة وبالتالي اعتباره شخصاً من أشخاص القانون العام ، فإن القضاء الإداري يكون هو المختص في نظر المنازعات الناشئة عن ممارسة نشاطه ، ويخضع كذلك للقيود التي يفرضها القانون الإدراي من ضرورة إتباع إجراءات خاصة في التعاقد أو الطعون في القرارات الصادرة منه وغير ذلك من أمور تفرضها الطبيعة الخاصة بنظام القانون العام .

نهاية الشخص المعنوي العام
الدولة باعتبارها أهم الأشخاص المعنوية العامة تنقضي شخصيتها بزوال أو فقد ركن من أركانها التي تقوم عليها كما لو تفتت إلى عدة دول أو اندمجت بدولة أخرى أو فقدانها لإقليمها أو انعدام السلطة السياسية بسبب الفوضى .
أما الأشخاص المعنوية الإقليمية فتنتهي بذات الأداة التي نشأت بها ، كما لو صدر قانون يعيد تقسيم الوحدات المحلية فيلغي بعض الأشخاص المعنوية الإقليمية ويستحدث غيرها أو يدمجها في بعضها .
أما إذا صدر قانون بحل مجلس إدارة الشخص المعنوي فيظل الشخص المعنوي قائماً حتى يتم اختيار الشخص الجديد .
وتنقضي الشخصية المعنوية المرفقية والمهنية بإلغائها أو حلها بذات طريقة إنشائها أو باندماجها بشخص معنوي مرفقي آخر .
وعند نهاية الشخص المعنوي العام أيا كانت صورته تنتقل أمواله إلى الجهة التي حددها القانون أو القرار الصادر بإلغائه أو حله ، وإلا فإن هذه الأموال تنتقل إلى الجهة التي يتبعها هذا الشخص .










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:32   رقم المشاركة : 20
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

ملخص: عن القانون الاداري منقول ***ديدو****

من المسلم به أن كل مجتمع إنساني مهما صغر حجمه لا يستغني عن قواعد قانونية تنظم شؤونه, فتحدد علاقات الأفراد فيما بينهم, وعلاقاتهم بالسلطة العامة الحاكمة, كما تنظم أجهزة السلطة العامة من حيث تشكيلها وصلاحياتها والعلاقات فيما بينها, فضلا عن تنظيم العلاقة بين السلطة العامة والسلطات الأخرى التي تتواجد معها. فقدتطورت وظائف الدولة من الوظائف التقليدية للدولة الحارسة التي تقتصر مهمتها على الدفاع عن أرض الدولة وتحقيق الأمن والعدالة لأفرادها.. إلى دولة الإدارة التي تسعى جاهدة من أجل تحقيق رفاهية المواطنين ورخائهم في شتى المجالات، مما اقتضى قيامها بمهام جديدة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكل ذلك أدى إلى ازدياد أهمية الدور الذي يقوم به القانون الإداري في الدولةالمعاصرة.

· تعريف القانون الإداري: هو فرع من فروع القانون العام الداخلي, والمكون من مجموعة
القواعد القانونية المنظمة لأعمال السلطة الإدارية والتي تسمى أيضا الإدارةالعامة. إن القانون الإداري يحتوي على القواعد القانونية المنظمة لأعمال السلطة الإدارية أوالإدارة العامة أي انه قانون السلطة الإدارية أو الإدارة العامة, أو بمعنى آخر هوالقانون المنظم لنشاط السلطات الإدارية ووسائلها القانونية والمادية والبشرية وتنظيماتها الإدارية. فالقانون الإداري ينطبق على الهيئات والمرافق الإدارية المركزية واللامركزية عند ممارستها لأنشطتها المتمثلة في الضبط الإداري لتحقيق النظام العام وإدارة المرافق العامة لإشباع الاحتياجات العامة لأفراد المجتمع.
وتعمل السلطات الإدارية لتحقيق أغراضها بوسائل متعددة منها قانونية وهي القرارات والعقود الإدارية ووسائل مادية وهي أموال الدولة العامة والخاصة, ووسائل بشرية وهي الموظفين العموميين. إذا أعمال السلطة العامة أو الإدارة العامة المحكومة بقواعد القانون الإداري تدخل في إطار الوظيفة التنفيذية للدولة ولها معنيان, أحداهما عضوي .شكلي, والآخر مادي. موضوعي.
ويقصد بالمعنى المادي للإدارة العامة النشاط الذي تمارسه السلطة التنفيذية لإشباع الحاجات العامةوإصداراللوائح وتنفيذ القوانين. أما المعنى العضوي ويقصد به مجموع الهيئات والأجهزة الإدارية سواء المركزية منها أو اللامركزية التيتضطلع بمباشرة النشاط الإداري في الدولة لتحقيق غايات السلطات الإدارية. وقد توصلمجموعة كبيرة من فقهاء القانون الإداري لتعريف القانون الإداري من خلال جمع المعنيين الشكلي والموضوعي، ليكون تعريفه مجموع القواعد القانونية المنظمة للهيئات والأجهزة الإدارية في الدولة والتي تمارس نشاطها لتحقيق المصلحةالعامة.
تعريف القانون الإداري نسبي إذا كان التعريف الحديث للقانون الإداري ملما وجامعا مانعا، هذا لا يعني أنه يبعد عن بقية فروع القانون العام الداخلي الأخرى،كالقانون الدستوري، والتشريع المالي، فهو تعريف لايجعله مستقلا كل الاستقلال عن سواه من فروع القانون العام، فليس هناك حدود مستقرة ثابتة بين القانون الإداري وبينالقانون الدستوري، أي أنه يوجد اندماج بين فرعي القانون الدستوري والإداري لا يمكنتنافيه وأن تحديد النظام الحكومي وتعيينه يدخل في احدهما كما يدخل في نطاق الآخر.

· القانونالإداري علم حديث: إنالقانون الإداري هو قانون حديث نسبيا، قد تطور بسرعة فان مختصر القانون الإداري لهوريو يعد الكتاب الرئيسي الذي يمكن الإشارة إليه، وأما المؤلفات التي صدرت فيالقرن التاسع عشر فإنها تتلائم اليوم مع المفهوم العصري للقانون الإداري، والمؤلفونالذين نشروا مؤلفاتهم في ذلك الحين أصبحت قيمتها تاريخية اليوم.
وتجمع الدراسات الفقهية على أن القانون الإداري بمفهومه الضيق ظهر أول مرة في فرنسا فيأعقاب نجاح الثورة الفرنسية، قبل ذلك كانت الدولة مجسدة في شخص الملك وكان مجالنشاطها محدودة في نظام الدولة الحارسة وفي ممارستها لنشاطها كانت الدولة تخضع للقانون الخاص،ثم تطورت في القرن 19 المبادئ المقررة بالقانون العام وسبب هذاالتطور هو التحول الذي ظهر في تدخل الدولة في الشؤون العامة والتوسع الذي بدا في نشاطها في الحياة الإدارية وكان له اثر فعال في أعمالالدولة.

· تطور نظام القضاء الإداري في الجزائر:قبل الاستقلال خضعت الجزائر للتشريعات الفرنسية النافذة وقد عرفت الجزائر كلالتطورات السابقة إذ بمقتضى مرسوم 30-09-1953 أنشأت محاكم إدارية في كل من قسنطينة،وهران، الجزائر وكان يطعن في أحكامها أمام مجلس الدولة الفرنسي بعد الاستقلال صدرفي السلطات الجزائرية القانون رقم 62/153 متضمنا ثلاث مواد قضت باستمرار العملبالتشريعات الفرنسية النافذة إلا ما كان منها منافيا للسيادة الوطنية، و 16-11-1965صدر القانون رقم 65/278 متضمنا إعادة التنظيم القضائي بإنشاء خمسة عشرة (15) مجلساقضائيا ومقررا نقل اختصاصاته من المحاكم الإدارية إلى غرف إدارية للمجالس القضائيةوبذلك يكون هذا الأمر قد وضع حدا لازدواجية الهيئات القضائية على المستوى الأدنى للتنظيم القضائي، ثم إرتفع عدد المجالس بموجب الأمر رقم 74/73 المؤرخ في 12 جويلية 1974 إلى واحد وثلاثين مجلسا قضائيا تماشيا مع التقسيم الإداري الجديد، وقد ساعدعلى تكامل التنظيم القضائي صدور الأمر رقم 66/154 المؤرخ في 08 جوان 166 المتعلقب قانون الإجراءات المدنية الذي وزعت المادتان 07، 274 منه الاختصاص بالفصل فيالمنازعات الإدارية. وقد احتفظ المشرع بنفس عدد المجالس حتى بعد إعادة التقسيم الإقليمي سنة 1984 أصبح عدد الولايات إلى ثمانية وأربعون ولاية، والملاحظ أن ليس هناك توازن بين عدد الولايات وعدد المجالس القضائية وكذلك بين هذه الأخيرة والغرفالإدارية رغم أم المرسوم رقم 90/40 المؤرخ في 22 ديسمبر1990 قد رفع عدد الغرف إلىواحد وثلاثين غرفة وطبقت هذه الهيئات القضائية الجديدة حين فصلها في القضايا الإدارية القواعد والإجراءات التي كانت سارية أمام المحاكم الإدارية السابقة ويعدهذا تكريس الفصل المنازعات. وتجسيدا لفكرة وحدة الهيئات القضائية، وازدواجيةالمنازعات تضمن هذا النظام غرفة إدارية متخصصة بالقضايا التي تكون الإدارة طرفا فيها في ظل وحدة القضاء، أي داخل نفس المجالس القضائية والمجلس القضائي. وعند تتبع التطور التاريخي الذي مر به التنظيم القضائي، يمكن أن نلاحظ أن المشرع الجزائري قدتبنى فكرة القضاء الموحد، مستلهما ذلك من ضرورة تبسيط الإجراءات وتسريع الفصل في القضايا، لتجنب مساوئ القضاء المزدوج الذي يؤدي إلى تنازع في الاختصاص بين الهيئتين القضائيتين، غير أنه لم يأخذ به على إطلاقه وإنما اعتمد حلا وسطا يرتبط بكلاالنظامين واتبع نظاما قضائيا يقوم على وحدة الهيئات وخصص للمنازعات الإدارية غرفة مستقلة وأفرد لها إجراءات وشكليات خاصة أوردها في المواد التي ينص عليها قانون الإجراءات المدنية المتعلقة بإجراءات التقاضي أمام الغرفة الإدارية لدى المجلس القضائي والغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى إلى جانب القواعد الإجرائية المشتركةبينها وبين الغرف العادية المختلفة.

· مسائل القانون الإداري: يتناول القانون الإداري تنظيم السلطة التنفيذية وتحديد الهيئات الإدارية وهي الدولة في القمة ويليها الهيئات الإقليمية ثم المجالس البلديةوالمحلية والقروية ثم المؤسسات العمة، وكل هيئة من هذه الهيئات لها وظائف تقوم بهاومرافق عامة تتولى إدارتها.

· القانون العام والنظام العام: يمكن تعريف النظام العام بأنه كل ما يرتبط بمصلحة عامة تمس النظام الأعلى للمجتمع سواء كانت هذهالمصلحة سياسية مثل أغلب روابط القانون العام أو اجتماعية مثل القوانين الجزائيةوما يتعلق بتكوين الأسرة وحالة الأشخاص المدنية والأهلية أو اقتصادية كالقواعد التيتنص على حماية الملكية والقواعد التي تجعل التنافس حرا أمام الجميع أو خلقية وهيالتي يعبر عنها بقواعد الآداب، فكل ما يتعلق بالقانون الدستوري والحقوق والحرياتالعامة يدخل في النظام العام ولا يصح الاتفاق الذي يرد مخالفا له، وكذلك ما يتعلق بالقانون الإداري فلا يصح لموظف أن يتنازل عن وظيفته لمصلحة شخص آخر كما أنه لايجوزله أن يستغلها، وكذلك النظام القضائي فانه مرتبط أيضا بالنظام العام.










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:41   رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الشخصـــــية القانونية الإعتبارية (المعنوية)

تعتبر فكرة الشخصية القانونية المعنوية مدخلا هاما لدراسة القانون الإداري ، بالنظر للدور الذي لعبته في جمع أطراف قانونية طبيعية فردية تشترك في الأهداف و تختلف في المهام والموارد والجهود ، كما أنها قامت بدور أكبر من حيث رعايتها المتواصلة والدائمة لمصالح الفرد بإزاحتها للكثير من المشاكل التي تسببت في تعطل المصالح أو انقضائها لقلة موارد الفرد منعزلا أو لقصر عمره أو محدودية طاقاته ، فهي بذلك أرست مفاهيم قوية على أسس صلبة ساهمت بشكل كبير في تحصين الدولة من زوالها بزوال القائمين عليها ، بل وتجاوزته إلى عزل مفاهيم سياسية وصفات أتسمت عبر العصور بالأزلية و الشخصنة المتعلقتين بالنظام السياسي و الحكام لترفع الكثير من المفاهيم السياسية والقانونية كالسيادة والسلطة العامة إلى مصاف التأصيل في فكرة الدولة ملحقة إياها بالصفة الاعتبارية الخالدة بخلود الفرد .

وتجلى دور فكرة الشخصية القانونية المعنوية أكثر في التنظيم الإداري لما كان لها من أثر إيجابي على سير المؤسسة الإدارية حيث تحددت أقاليم السلطة والإختصاص داخل التنظيم بين وحداته و خارجه ممثلا في علاقة التنظيم الإداري بالتنظيمات الأخرى داخل ذات الدولة أو خراجها. فقد منحت الفكرة للفرد أطرا من خلالها يتحرك بنشاطه لصالحها وباسمها و هو ما ادى إلى اتساع المبدأ الجماعي للفرد مقننا و مضبوط .

تعريف الشخصية المعنوية :

إن الشخصية المعنوي هي شخصية ناجمة عن بناء فكري أي من نسج الخيال إعترف لها المشرع بالوجود نظريا و جعلها موضوعا أو محلا للحق ، و يمكن تعريفها قانونا كالتالي :
يعرفها البعض على أنها كيان له أجهزة خاصة و ذمة مالية .
و هناك من يعرفها على أنها مجموعة من الأشخاص تستهدف غرضا مشتركا أو مجموعةمن الأموال ترصد لمدة زمنية محددة لتحقيق غرض معين ، بحيث تكون هذه المجموعة من الاشخاص المكونين لها مستقلين عن العناصر المالية لها ، أي أن تكون لها أهلية قانونية لإكتساب الحقوق و تحمل الإلتزامات ، و أن تكون لهذه المجموعة من الأشخاص أو الأموال مصلحة جماعية مشتركة مستقلة عن المصالح الذاتية الفردية لأفراد المجموعة .
و يعرفها آخرون على أنها مجموعات من الأشخاص و الأموال ، التي نظرا لخصوصية أهدافها و مصالحها ، يمكنها القيام بنشاط مستقل أي مميز عن الأفراد الذين يكونون هذه المجموعات ، فيتعلق الأمر مثلا بالدولة و البلديات...
كما تعرف كذلك بانها كل مجموعة من الاشخاص أو الأموال تقوم لتحقيق غرض معين ، و يمنحها القانون الشخصية لتحقيق ذلك.
و هناك من عرفها على أنها مجموعة من الأشخاص أو الأموال ترمي إلى تحقيق غرض معين ، و تمنح الشخصية القانونية بالقدر اللازم لتحقيق هذا الغرض .
و يجدر بالذكر أن اصطلاح الأشخاص الاعتبارية يعني صراحة أنها تكتسب الشخصية القانونية حكما أي بنص القانون الذي اعتبرها كذلك وفي نفس الوقت يعني ضمنا انها ليست أشخاصا طبيعية وإنما يمنحها المشرع تلك الصفة القانونية الاعتبارية لكي تتمكن من أن تمارس حقوقا وتلتزم بواجبات في سبيل تحقيق أغراض اجتماعية معتبرة سواء للمجتمع كله او لطائفة من طوائفه .
و لفكرة الشخصية المعنوية ثلاث عناصر جوهرية لابد من توافرها ،وهي :
- وجود مجموعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال في ظل تنظيم معين يحقق ترابط و وحدة و أهداف هذه المجموعة ، و هذا ما يسمى بعنصر الديمومة .
- وجود غرض مشترك تسعى إلى تحقيقه هذه المجموعة .
- الإعتراف بها من قبل المشرع.


تكييف طبيعة فكرة الشخصية المعنوية :
إن فكرة الشخصية المعنوية لم تحظى بقبول و تأييد جميع الفقهاء ، فمنهم رفض وجود هذه الفكرة من أساسها ، و منهم من أكد وجودها، و حتى من إعترف بوجدها إختلف مع غير في مسألة تكييف طبيعة هذه الفكرة، و لكل حججه في ذلك .
فمن الفقهاء من رفض هذه الفكرة ، و على رأسم Leon DUGUIT و Gaston JEZE ، فحسب هؤلاء الفقهاء القانونيين، إن الشخص المعنوي هو أحد المفاهيم الميتافيزيقة ، فالشخص المعنوي لا وجود له من الناحية الواقعية ، هناك فقط أشخاص طبيعية ، فقد ذهب دوجيي إلى حد القول بصريح العبارة " لم أرتشف قط فنجان قهوة مع شخص معنوي" .
فأصحاب هذا الإتجاه يرى أنه لا فائدة ترجى من الإعتراف بفكرة الشخصية المعنوية و ليس لها أي اساس أو قيمة في عالم القانون و أنه يمكن الإستغناء عنها بالإعتماد على أفكار و نظريات قانونية أخرى كبدائل لها مثل فكرة الملكية المشتركة و فكرة التضامن الإجتماعي و المراكز القانونية .
غير ان غالبية الفقه أنكر ما ذهبت إليه هذه النظرية المنكرة لوجود فكرة الشخصية المعنوية ، و حجتهم في ذلك أنه لو كان الشخص الطبيعي هو الوحيد الذي يمكن القبول به كمحل للحق ، لما أمكن على الإطلاق تفسير بعض ظواهر الحياة القانونية ، فحسب هؤلاء مثلا يوجد في الدولة عنصر ثابت لا و دائم لا يؤثر فيه تغير الحكام و تبدلهم ، أي تغير الحكام لا يؤدي إلى تغيير الدولة بحد ذاتها ، فحتى يتحقق عنصر الديمومة لا بد من الاخذ بفكرة الشخص المعنوي .
و هذا ما أكده الأستاذ J.L. AUBERT بقوله : " إن وجود الشخصية المعنوية و طبيعتها لم تصبح اليوم محل نقاش ، لأن الحياة القانونية اليوم ، حقيقة جعلت من الأشخاص المعنوية شركاء يوميين للأشخاص الطبعيين ".
L’existence et la nature des personnes morales ne sont guerres discutées aujourd’hui. Il est vrai que la vie juridique quotidienne fait des personnes les partenaires habituels des personnes physiques

معايير التمييز بين الاشخاص المعنوية العامة و الأشخاص المعنوية العامة :


هناك عدة معيير للتفرقة بين ما هو شخص معنوي خاص و ما هو شخص معنوي عام ، يمكن إجمال أهما فيما يلي :
فكرة المنشأة العامة :فإذا كان هذا الشخص من إنشاء الدولة فهو شخص عام و إذا كان من إنشاء الأفراد فهو منشأة خاصة .
غير أن هذا المعيار لا يحقق التفرقة لأن هناك أشخاص معنوية تتدخل الدولة في إنشائها و لكنها لا تعد شخصا معنويا عاما مثل الجمعيات ، كما أن هناك أشخاص معنوية خاصة تنشأها الدولة مثل الشركات ذات رأسمال مختلط عام و خاص .
فكرة الهدف : وفقا لهذا المعيار فإن الأشخاص المعنوية العامة تستهدف تحقيق المنفعة العامة ، أما الأشخاص المعنوية الخاصة فهي تستهدف تحقيق المصلحة الخاصة .
غير أن هذا المعيار يبقى رغم وجاهته غير جامع مانع ، لأن هناك أشخاص معنوية خاصة تستهدف تحقيق المصلحة العامة مثل المشروعات الخاصة ذات النفع العام كالمدارس الخاصة .
معيار طبيعة النشاط : وفقا لهذا المعيار فإن الشخص المعنوي العام هو الشخص الذي يقوم بنشاط عام ، بينما الشخص المعنوي الخاص يقوم بنشاط خاص .
غير أن هذا المعيار يبقى في الواقع غير دقيق نظرا لكون أشخاصا معنوية عامة تقوم باعمال ذات طبيعة خاصة.
معيار الانضمام الإجباري : الأشخاص المعنوية العامة هي التي يكون الإنضمام إليها إجباري أي ملزما ، أما الأشخاص المعنوية الخاصة يكون إختياريا .
غير أن هذه المعايير جميعها تبيقى عاجزة إلى حد ما عن التفرقة بين الشخص المعنوي العام و الشخص المعنوي الخاص، و يبقى المعيار الراحج في التمييز بينهما يتمثل في المعيار المركب أو المزدوج ، و الذي يقوم على عنصرين ، هما :
- عنصر ذاتي ، يتمثل في إرادة المشرع التي تتضمنها النصوص القانونية المنشئة للشخص المعنوي المراد تحديد طبيعته ، فالوقوف على إرادة المشرع و الكشف عنها يساعد على تحديد نوعية الشخص المعنوي ، هل هو عام أم خاص .
- عنصر موضوعي ، يتكون من المعايير الستة السابق الإشارة إليها كدلائل على نوعية الشخص المعنوي هل هو عام أم خاص .

أنواع الأشخــــــاص الإدارية المعنوية :

يوجود نوعين رئيسيين من الأشخاص المعنوية هي : الأشخاص المعنوية العامة ، والأشخاص المعنوية الخاصة، مع ما تتمتع به الأشخاص المعنوية الخاصة من أهمية في نطاق القانون الخاص فتظهر بشكل الشركات والمؤسسات و الجمعيات التي تنشأ
بمبادرات الأفراد لتحقيق الربح أحياناً وتحقيق النفع العام أو المصلحة العامة في أحيان أخرى.
و الشخصية المعنوية العامة تحتل أهمية أكبر بكثير في نطاق القانون العام الذي لا يعرف غير هذا النوع من الأشخاص المعنوية رغم أن نظرية الشخصية المعنوية نشأت في ظل القانون الخاص .
و قد درج الفقه والقضاء على تقسيم الأشخاص المعنوية العامة إلى ثلاث أنواع :
أولاً : الأشخاص المعنوية الإقليمية
و هي الأشخاص المعنوية أو الاعتبارية التي يتعلق اختصاصها في نطاق جغرافي معين من الدولة وهي تشمل الدولة والوحدات المحلية الأخرى كالولاية و البلدية .
1- الدولة : و هي أهم الأشخاص المعنوية على الإطلاق ولهذا فقد ورد النص عليها في القانون المدني على أن الدولة هي أول الأشخاص الاعتبارية و هي الشخص المعنوي العام الذي تتفرع عنه الأشخاص المعنوية الأخرى وهي التي تمنح الشخصية المعنوية الخاصة للأفراد والهيئات الخاصة وتمارس الرقابة عليها .
و الدولة باعتبارها شخص معنوي عام تشمل سلطات الدولة الثلاث : السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ، باعتبارها شخص معنوي واحد . إلا أن هذه الوحدة في شخصية الدولة لم تكن أمراً مسلماً به فقد اختلف الفقه في شأنها .
فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الاعتراف بالشخصية المعنوية العامة للدولة يقتصر على مجال معين من نشاط الدولة وهو الحقوق المادية والتصرفات التي تندرج في القانون الخاص ، أما بالنسبة لتصرفات الدولة التي تحمل طابع السلطة وامتيازاتها فما هي إلا اختصاصات يمارسها ممثلوا الدولة في الحدود التي رسمها القانون تحقيقاً للمصلحة العامة و لعل الدافع وراء تبني هذا الرأي الخشية من تعسف الدولة وجورها على الحريات العامة إذا ما اعتبرت تصرفات الدولة حقاً من حقوقها , بينما ذهب رأي آخر إلى ثنائية شخصية الدولة ، فتكون شخصاً معنوياً خاصاً إذا ما تصرفت في مجال الحقوق المالية أو الحقوق الخاصة المشابهة لتصرفات الأفراد وينطبق عليها القانون الخاص وتعتبر شخصاً معنوياً عاماً إذا قامت بعمل بدخل في ضمن نطاق السلطة العامة وهنا تخضع تصرفاتها لأحكام القانون العام .
إلا أن هذه الآراء لم تلبث أن انتهت ، وأصبح الرأي السائد فقهاً وقضاءً أن شخصية الدولة وحدة لا تتجزأ وهي تشمل جميع تصرفات الدولة و أعمال الخاصة منها و التي تتسم بطابع السلطة العامة و هو رأي يتماشى مع المنطق القانوني السليم .
2- الوحدات الإقليمية و المحلية : ترتبط فكرة الأشخاص المعنوية العامة المحلية بالديمقراطية التي تسمح لكل إقليم من أقاليم الدولة أن يدير شؤونه المحلية من خلال ممثليه من سكان الإقليم في الولاية و البلدية .

ثانياً : الأشخاص الاعتبارية العامة المرفقية
يطلق عليها أيضاً الإعتبارية الفنية أو المصلحية ، وتنشأ لتحقيق مصالح عامة للأفراد تحت رقابة الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية التابعة لها، و تسمى هذه الأشخاص بالهيئات أو المؤسسات العامة قد لجأ المشرع إلى إنشاء هذه الأشخاص لتباشر إدارة المرافق العامة التي تتطلب نوعاً من الاستقلال الفني عن الحكومة المركزية لضمان فاعلية وكفاءة الإدارة ، و تختلف هذه الأشخاص عن الأشخاص الاعتبارية الإقليمية في أنها مقيدة بالهدف الذي أنشأت من أجله، في حين تكون الأخيرة مقيدة بالحدود الجغرافية للإقليم الذي تمثله حيث أن الأشخاص الاعتبارية المرفقية تهدف إلى تحقيق أغراض متنوعة منها ما هو إداري أو اجتماعي أو اقتصادي، فإن هذا الاختلاف يقود إلى اختلاف أنظمتها القانونية حسب النشاط الذي تتولاه ، أما الأشخاص الإقليمية فالقاعدة العامة أنها تتمتع بذات التنظيم القانوني .
كذلك تفترق الأشخاص الاعتبارية المرفقية عن الأشخاص الاعتبارية الإقليمية في أن الأخيرة تقوم على فكرة الديمقراطية التي تؤكد حق سكان الوحدات المحلية بإدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم ، بينما تقوم فكرة الشخصية الاعتبارية المرفقية على ضرورة ضمان الكفاءة الإدارية وحسن إدارة المرافق العامة ذات الطابع الفني ولا علاقة للديمقراطية في ذلك ، كما هو الحال في الجامعات و المستشفيات.

ثالثاً : الأشخاص المعنوية المهنية
بسبب التطور المستمر في مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مختلف الدول وتأثير هذا التطور على القانون الإداري وأحكامه ظهرت فكرة جديدة لأشخاص معنوية أخرى تتمثل في المنظمات والاتحادات ذات الطابع المهني ، تتولى إدارة مرافق عامة ينشأها المشرع لتحقيق مصالح عامة ، ومن ذلك الاتحاد الأدباء والكتاب ، تتمتع هذه الأشخاص بالاستقلال ولها إصدار اللوائح الخاصة بتأديب أعضائها وممارسة المهنة التي تشرف عليها .


تعريف القــــــــــــــرار الإداري:


نال موضوع القرار الإداري عناية الكثير من الفقهاء , كما أسهم القضاء الإداري في الكشف عن الكثير من ملامحه , و رغم اختلاف تعريفات الفقه و القضاء للقرار الإداري من حيث الألفاظ فأنه ينم عن مضمون واحد . فقد عرفه العميد " دوجي " بأنه كل عمل إداري يصدر بقصد تعديل الأوضاع القانونية كما هي قائمة وقت صدوره أو كما تكون في لحظة مستقبلة معينة و عرفه " بونار " بأنه كل عمل إداري يحدث تغييراً في الأوضاع القانونية القائمة و عرفه " رفيرو " بأنه العمل الذي بواسطته تقوم الإدارة باستعمال سلطتها في تعديل المراكز القانونية بإرادتها المنفردة.
أما في الفقه العربي , فقد عرفه الدكتور " سامي جمال الدين " بأنه تعبير عن الإرادة المنفردة لسلطة إدارية بقصد أحداث أثر قانوني معين ، و جاء في تعريف الدكتور " ماجد راغب الحلو " بأن القرار الإداري هو إفصاح عن إرادة منفردة يصدر عن سلطة إدارية ويرتب آثاراً قانونية و يتضح من هذا التعريف أن هناك عدة شروط يجب توافرها لنكون أمام قرار إداري وهي:
- أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية .
- أن يصدر بالإرادة المنفردة للإدارة .
- ترتيب القرار لأثار قانونية .

أولاً : أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية :
يشترط في القرار الإداري أن يصدر من سلطة إدارية وطنية سواء أكانت داخل حدود الدولة أو خارجها من دون النظر إلى مركزية السلطة أو عدم مركزيتها , والعبرة في تحديد ما إذا كانت الجهة التي أصدرت القرار وطنية أم لا ليس بجنسية أعضائها , وإنما بمصدر السلطة التي تستمد منها ولاية إصدار القرار و لكي نكون أمام قرار إداري ينبغي أن يصدر هذا القرار من شخص عام له الصفة الإدارية وقت إصداره ولا عبرة بتغير صفته بعد ذلك , وهو ما يميز القرار الإداري عن الأعمال التشريعية والقضائية .

ثانياً : صدور القرار بالإدارة المنفردة للإدارة .
يجب أن يصدر القرار من جانب الإدارة وحدها , وهو ما يميز القرار الإداري عن العقد الإداري الذي يصدر باتفاق أرادتين سواء أكانت هاتين الإرادتين لشخصين من أشخاص القانون العام أو كان أحدها لشخص من أشخاص القانون الخاص ، و القول بضرورة أن يكون العمل الإداري صادراً من جانب الإدارة وحدها ليكتسب صفة القرار الإداري لا يعني أنه يجب أن يصدر من فرد واحد , فقد يشترك في تكوينه أكثر من فرد كل منهم يعمل في مرحلة من مراحل تكوينه لأن الجميع يعملون لحساب جهة إدارية واحدة .

ثالثاً : ترتيب القـــــــــــــرار لآثار قانونية .
لكي يكون القرار إدارياً يجب أن يرتب آثاراً قانونية وذلك بإنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني معين , فإذا لم يترتب على العمل الإداري ذلك فإنه لا يعد قراراً إدارياً .
لهذا نجد القضاء الإداري الفرنسي يشترط في القرار المطعون فيه بالإلغاء أن ينتج ضرراً برافع الدعوى . ومن ثم تكون له مصلحة في إلغاء هذا القرار ويتطلب توفر عنصرين أساسين للقول بوجود مصلحة للطاعن هما :
1. وجوب تولد آثار قانونية عن القرار المطعون فيه , ومن ثم يجب استبعاد القرارات التي لا يحدث آثاراً قانونية من نطاق دعوى الإلغاء.
2. أن يحمل القرار قابلية أحداث آثار قانونية بنفسه .
بناءً على ذلك فإن الأعمال التمهيدية و التقارير و المذكرات التحضرية التي تسبق اتخاذ القرار لا تعد قرارات إدارية لعدم تحقق هذين العنصرين .


عناصــــر القرار الإداري:
يقوم القرار الإداري على عناصر أساسية إذا لم يستوفها يكون معيباً أو غير مشروع , وقد درج الفقه والقضاء على أنه يلزم أن يتوافر للقرار الإداري باعتباره عملاً قانونياً خمس عناصر لينتج آثاره ويكون صحيحاً هي : الاختصاص , الشكل , السبب , المحل , الغاية .

أولاً : الاختصـاص : أن توزيع الاختصاصات بين الجهات الإدارية من الأفكار الأساسية التي يقوم عليها نظام القانون العام ويراعى فيها مصلحة الإدارة التي تستدعي أن يتم تقسيم العمل حتى يتفرغ كل موظف لأداء المهام المناطة به على أفضل وجه , كما أن قواعد الاختصاص تحقق مصلحة الأفراد من حيث أنه يسهل توجه الأفراد إلى أقسام الإدارة المختلفة ويساهم في تحديد المسؤولية الناتجة عن ممارسة الإدارة لوظيفتها و يقصد بالاختصاص القدرة على مباشرة عمل إداري معين أو تحديد مجموعة الأعمال والتصرفات التي يكون للإدارة أن تمارسها قانوناً وعلى وجه يعتد به ، و القاعدة أن يتم تحديد اختصاصات كل عضو إداري بموجب القوانين والأنظمة ولا يجوز تجاوز هذه الاختصاصات و إلا اعتبر القرار الصادر من هذا العضو باطلاً .
و قواعد الاختصاص تتعلق بالنظام العام , لذلك لا يجوز لصاحب الاختصاص أن يتفق مع الأفراد على تعديل تلك القواعد , و إلا فإن القرار الصادر مخالفاً لهذه القواعد يكون معيباً بعيب عدم الاختصاص , ويكون لصاحب الشأن أن يطعن بهذا العيب أمام القضاء الإداري بدعوى الإلغاء ولا يسقط الدفع بهذا العيب بالدخول في موضوع الدعوى, ويجوز إبداؤه في أي مرحلة من مراحلها , وعلى القاضي أن يحكم بعدم الاختصاص تلقائياً لو لم يثيره طالب الإلغاء . و القواعد القانونية المتعلقة بالاختصاص يمكن حصرها بالعناصر الآتية : قواعد الاختصاص من حيث الأشخاص، و من حيث الموضوع و من حيث المكان و من حيث الزمان .

ثانيـاً : الشكــل : الشكل هو المظهر الخارجي أو الإجراءات التي تعبر بها الإدارة عن إرادتها الملزمة للأفراد ، و الأصل أن الإدارة غير ملزمة بأن تعبر عن إرادتها بشكل معين إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك , وفي هذه الحالة يجب أن يتخذ القرار الشكلية المقررة لصدوره, كأن يشترط القانون ضرورة أن يكون القرار مكتوباً , أو استشارة جهة متخصصة قبل إصداره أو تسبيبه إلى غير ذلك من أشكال أخرى و قد درج القضاء الإداري على التمييز بين ما إذا كانت المخالفة في الشكل والإجراءات قد تعلقت بالشروط الجوهرية التي تمس مصالح الأفراد وبين ما إذا كانت المخالفة متعلقة بشروط غير جوهرية لا يترتب على إهدارها مساس بمصالحهم ويترتب البطلان بالنسبة للنوع الأول دون النوع الثاني .

ثالثاً : السبــب : سبب القرار الإداري هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تسبق القرار و تدفع الإدارة لإصداره , فالسبب عنصر خارجي موضوعي يبرر للإدارة التدخل بإصدار القرار وليس عنصراً نفسياً داخلياً لدى من إصدر القرار
فالأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها استناداً إلى قرينة المشروعية التي تفترض أن قرارات الإدارة تصدر بناءً على سبب مشروع و على صاحب الشأن إثبات العكس, أما إذا أفصحت الإدارة عن هذا السبب من تلقاء ذاتها فإنه يجب أن يكون صحيحاً وحقيقياً ، و قد استقر القضاء على ضرورة توفر شرطين في سبب القرار الإداري :
1. أن يكون سبب القرار قائماً وموجوداً حتى تاريخ اتخاذ القرار , ويتفرع من هذا الشرط ضرورتان الأولى أن تكون الحالة الواقعية أو القانونية موجودة فعلاً و إلا كان القرار الإداري معيباً في سببه , و الثاني يجب أن يستمر وجودها حتى صدور القرار فإذا وجدت الظروف الموضوعية لإصدار القرار إلا أنها زالت قبل إصداره فإن القرار يكون معيباً في سببه وصدر في هذه الحالة , كذلك لا يعتد بالسبب الذي لم يكن موجوداً قبل إصدار القرار إلا أنه تحقق بعد ذلك , وأن جاز يكون مبرراً لصدور قرار جديد .
2. أن يكون السبب مشروعاً , وتظهر أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة للإدارة , عندما يحدد المشرع أسباباً معينة يجب أن تستند إليها الإدارة في لإصدار بعض قراراتها , فإذا استندت الإدارة في إصدار قرارها إلى أسباب غير تلك التي حددها المشرع فإن قراراها يكون مستحقاً للإلغاء لعدم مشروعية سببه.( ) بل أن القضاء الإداري درج على أنه حتى في مجال السلطة التقديرية لا يكفي أن يكون السبب موجوداً بل يجب أن يكون صحيحاً ومبرراً لإصدار القرار الإداري و قد تطورت رقابة القضاء على ركن السبب في القرار الإداري من الرقابة على الوجود المادي للوقائع إلى رقابة الوصف القانوني لها إلى أن وصلت إلى مجال الملائمة أو التناسب :
1. الرقابة على وجود الوقائع : هي أول درجات الرقابة القضائية على ركن السبب في القرار الإداري , فإذا تبين أن القرار المطعون فيه لا يقوم على سبب يبرره فأنه يكون جديراً بالإلغاء لانتفاء الواقعة التي استند عليها , أما إذا صدر القرار بالاستناد إلى سبب تبين أنه غير صحيح أو وهمي و ظهر من أوراق الدعوى أن هناك أسباب أخرى صحيحة فأنه يمكن حمل القرار على تلك الأسباب .
2. الرقابة على تكييف الوقائع : هنا تمتد الرقابة لتشمل الوصف القانوني للوقائع التي استندت إليها الإدارة في إصدار قرارها فإذا تبين أن الإدارة أخطأت في تكييفها القانوني لهذه الوقائع فأنه يحكم بإلغاء القرار الإداري لوجود عيب في سببه , بمعنى أنه إذا تحقق القاضي من وجود الوقائع المادية التي استندت إليها الإدارة في إصدار قرارها يتنقل للبحث فيما إذا كانت تلك الوقائع تؤدي منطقياً إلى القرار المتخذ .
3. الرقابة على ملائمة القرار للوقائع : الأصل أن لا تمتد رقابة القضاء الإداري لتشمل البحث في مدى تناسب الوقائع مع القرار الصادر بناءً عليها , لأن تقدير أهمية الوقائع وخطورتها مسألة تدخل ضمن نطاق السلطة التقديرية للإدارة .
إلا أن القضاء الإداري في فرنسا و مصر أخذ يراقب الملائمة بين السبب و القرار المبني عليه لا سيما إذا كانت الملائمة شرطاً من شروط المشروعية وخاصة فيما يتعلق بالقرارات المتعلقة بالحريات العامة ، ثم امتدت الرقابة على الملائمة لتشمل ميدان القرارات التأديبية .

رابعاً : المحـل : يقصد بمحل القرار الإداري الأثر القانوني الحال و المباشر الذي يحدثه القرار مباشرة سواء بإنشاء مركز قانوني أو تعديله أو إنهائه ، و يجب أن يكون محل القرار ممكناً وجائزاً من الناحية القانونية , فإذا كان القرار معيباً في فحواه أو مضمونه بأن كان الأثر القانوني المترتب على القرار غير جائز أو مخالف للقانون أياً كان مصدره دستورياً أو تشريعياً أو لائحياً أو عرفاً أو مبادئ عامة للقانون , ففي هذه الحالات يكون غير مشروع ويكون القرار بالتالي باطلاً .

خامسـاً : الغاية : يقصد بالغاية من القرار الإداري الهدف الذي يسعى هذا القرار إلى تحقيقه , والغاية عنصر نفسي داخلي لدى مصدر القرار , فالهدف من إصدار قرار بتعيين موظف هو لتحقيق استمرار سير العمل في المرفق الذي تم تعيينه فيه , والهدف من إصدار قرارات الضبط الإداري هو حماية النظام العام بعناصره الثلاث السكينة العامة , والصحة العامة , و الأمن العام ، و يمكن تحديد الغاية من القرار الإداري وفقاً لثلاثة اعتبارات :
1. الأشكال التي تؤثر في مشروعية القرار الإداري : لا يمكن أن نحصر الأشكال والإجراءات التي يترتب على مخالفتها بطلان القرار الإداري إلا أن المستقر في الفقه والقضاء الإداري أن أهم هذه الشكليات تتعلق بشكل القرار ذاته , وتسبيبه والإجراءات التمهيدية السابقة على إصداره , والأشكال المقررة لحماية مصالح المخاطبين بالقرار أو التي تؤثر في الضمانات المقرر للأفراد في مواجهة الإدارة .
2. الأشكال التي لا تؤثر في مشروعية القرار الإداري : في المستقر في القضاء الإداري أنه لا يترتب البطلان على كل مخالفة للشكليات دون النظر إلى طبيعة هذه المخالفة فقد أطرد القضاء على التمييز بين الأشكال الجوهرية و الأشكال الثانوية أو غير الجوهرية ورتب البطلان على الأولى دون الثانية ، و التمييز بين أشكال الجوهرية والأشكال غير الجوهرية مسألة تقديرية تتقرر في ضوء النصوص القانونية و رأي المحكمة, و بصورة عامة يكون الإجراء جوهرياً إذا وصفه القانون صراحة بذلك , أو إذا رتب البطلان كجزاء على مخالفته , أما إذا صمت القانون فإن الإجراء يعد جوهرياً إذا كان له أثر حاسم , و بعكس ذلك فإنه يعد أجراء ثانوياُ و من ثم فإن تجاهله لا يعد عيباً يؤثر في مشروعية ذلك القرار ، و قد استقر القضاء الإداري على أن الإجراءات الثانوية والتي لا يترتب على مخالفتها بطلان القرار الإداري على نوعين : النوع الأول يتمثل في الأشكال والإجراءات المقررة لمصلحة الإدارة , أما النوع الثاني فيتعلق بالأشكال والإجراءات الثانوية التي لا تؤثر في مضمون القرار كإغفال الإدارة ذكر النصوص القانونية التي كانت الأساس في إصداره .
1. أن يكون سبب القرار قائماً وموجوداً حتى تاريخ اتخاذ القرار , ويتفرع من هذا الشرط ضرورتان الأولى أن تكون الحالة الواقعية أو القانونية موجودة فعلاً و إلا كان القرار الإداري معيباً في سببه , و الثاني يجب أن يستمر وجودها حتى صدور القرار فإذا وجدت الظروف الموضوعية لإصدار القرار إلا أنها زالت قبل إصداره فإن القرار يكون معيباً في سببه وصدر في هذه الحالة , كذلك لا يعتد بالسبب الذي لم يكن موجوداً قبل إصدار القرار إلا أنه تحقق بعد ذلك , وأن جاز يكون مبرراً لصدور قرار جديد .
2. أن يكون السبب مشروعاً , وتظهر أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة للإدارة , عندما يحدد المشرع أسباباً معينة يجب أن تستند إليها الإدارة في لإصدار بعض قراراتها , فإذا استندت الإدارة في إصدار قرارها إلى أسباب غير تلك التي حددها المشرع فإن قراراها يكون مستحقاً للإلغاء لعدم مشروعية سببه. بل أن القضاء الإداري درج على أنه حتى في مجال السلطة التقديرية لا يكفي أن يكون السبب موجوداً بل يجب أن يكون صحيحاً ومبرراً لإصدار القرار الإداري و قد تطورت رقابة القضاء على ركن السبب في القرار الإداري من الرقابة على الوجود المادي للوقائع إلى رقابة الوصف القانوني لها إلى أن وصلت إلى مجال الملائمة أو التناسب :
1. الرقابة على وجود الوقائع : هي أول درجات الرقابة القضائية على ركن السبب في القرار الإداري , فإذا تبين أن القرار المطعون فيه لا يقوم على سبب يبرره فأنه يكون جديراً بالإلغاء لانتفاء الواقعة التي استند عليها , أما إذا صدر القرار بالاستناد إلى سبب تبين أنه غير صحيح أو وهمي و ظهر من أوراق الدعوى أن هناك أسباب أخرى صحيحة فأنه يمكن حمل القرار على تلك الأسباب .
2. الرقابة على تكييف الوقائع : هنا تمتد الرقابة لتشمل الوصف القانوني للوقائع التي استندت إليها الإدارة في إصدار قرارها فإذا تبين أن الإدارة أخطأت في تكييفها القانوني لهذه الوقائع فأنه يحكم بإلغاء القرار الإداري لوجود عيب في سببه , بمعنى أنه إذا تحقق القاضي من وجود الوقائع المادية التي استندت إليها الإدارة في إصدار قرارها يتنقل للبحث فيما إذا كانت تلك الوقائع تؤدي منطقياً إلى القرار المتخذ .
3. الرقابة على ملائمة القرار للوقائع : الأصل أن لا تمتد رقابة القضاء الإداري لتشمل البحث في مدى تناسب الوقائع مع القرار الصادر بناءً عليها , لأن تقدير أهمية الوقائع وخطورتها مسألة تدخل ضمن نطاق السلطة التقديرية للإدارة .
1. استهداف المصلحة العامة.
2. احترم قاعدة تخصيص الأهداف.
3. احترام الإجراءات المقررة.

تصنيف القـــــــرارات الإدارية:

تنقسم القرارات الإدارية إلى أنواع متعددة حسب الزاوية التي ينظر منها إلى القرار أو حسب الأساس الذي يقوم عليه التقسيم ، فمن حيث التكوين توجد قرارات بسيطة وأخرى مركبة ومن حيث أثرها تقسم إلى قرارات منشئة وقرارات كاشفة ومن زاوية رقابة القضاء توجد قرارات خاضعة لرقابة القضاء وقرارات لا تخضع لرقابة القضاء وفي حيث نفاذها في مواجهة الأفراد تقسم إلى قرارات نافذة في حق الأفراد وأخرى غير نافذة في حقهم وأخيراً من حيث مدى القرارات وعموميتها توجد قرارات فردية وأخرى تنظيمية :

أولا : القرارات الإدارية من حيث التكوين (قرارات بسيطة وقرارات مركبة )
تنقسم القرارات الإدارية من هذه الجهة إلى قسمين
القسم الأول: القرارات البسيطة أو المستقلة وهي تلك القرارات التي تتميز بكيان مستقل وتستند إلي عملية قانونية واحده غير مرتبطة بعمل قانوني أخر كالقرار الصادر بتعين موظف أو ترقيته أو نقلة وهي الصورة الأكثر شيوعاً في القرارات الإداري .
القسم الثاني : فيسمى بالقرارات المركبة وهي تلك القرارات التي تدخل في عملية قانونية مركبة تتم من عدة مراحل ومن هذه القرارات قرار نزع الملكية للمنفعة العامة وقرار إرساء المزاد أو أجراء المناقصة في العقود الإدارية فالقرار الإداري الصادر بنزع الملكية للمنفعة العامة تصاحبه أعمال إدارية أخرى قد تكون سابقة أو معاصرة أو لاحقه له وتتم على مراحل متعددة تبدأ بتقرير المنفعة العامة للعقار موضوع نزع الملكية ثم أعداد كشوف الحصر لها وأخيراً صدور قرار نقل الملكية أو تقرير المنفعة العامة .
تظهر أهمية هذا التقسيم في أن القرارات البسيطة يمكن الطعن فيها بالإلغاء باعتبارها قرارات إدارية نهائيه أما في حالة القرارات المركبة فلا يجوز الطعن بالقرارات التمهيدية أو التحضيرية التي تتطلب تصديق جهات إدارية أخرى ولا يمكن الطعن بالإلغاء إلا بالقرار الإداري النهائي نتاج العملية المركبة و مع ذلك فقد سمح القضاء الإداري بفصل القرار الإداري الذي يساهم في عملية مركبة وفق ما يسمي بالأعمال القابلة للانفصال وقبل الطعن فيها بصفة مستقلة وبشروط معينة .
فقد استقر القضاء الإداري في فرنسا على أن القرارات الإدارية السابقة على أبرام العقد أو الممهدة لانعقاده مثل قرارات لجان فحص العطاءات ولجان البث في العطاءات وقرار استبعاد احد المتقدمين وقرار إرساء المزايدة أو إلغائها هي قرارات إدارية مستقلة عن العقد يجوز الطعن بها بدعوى الإلغاء وسمحت نظرية الأعمال الإدارية المنفصلة لمن له مصلحة من الغير أن يطعن بالإلغاء في هذه القرارات أما المتعاقدون فليس لهم أن يطعنوا في هذه القرارات إلا أمام قاضي العقد وعلى أساس دعوى القضاء الكامل .

ثانيا : القرارات الإدارية من حيث آثارها (قرارات منشئة وقرارات كاشفة )
يمكن تقسيم القرار الإدارية من حيث طبيعة آثارها إلى قسمين :
القسم الاول : قرارات منشئة وهي القرارات التي يترتب عليها أنشاء مراكز قانونية جديدة أو أحداث تغيير في المراكز القانونية القائمة تعديلاً أو إلغاء , كالقرار الصادر بتعيين موظف عام أو فصله أو معاقبته.
القسم الثاني : من القرارات فيسمى بالقرارات الكاشفة ويقصد بها القرارات التي لا تحدث مركزاً قانونياً جديداً وإنما تقرر حالة موجودة أو تكشف عن مركز قانوني قائم مسبقاً , مثل القرار الصادر بفصل موظف لصدور حكم ضده بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو القرار الذي يتضمن تأكيد أو تفسير قرار سابق دون أن يضيف إليه ، و يتبين من ذلك أن أثر القرارات الكشافة ينحصر في إثبات وتقرير حالة موجودة من قبل ولا يتعدى ذلك إلى أنشاء مراكز قانونية جديدة .
و تبدو أهمية التفرقة بين القرارات الإدارية الكشافة والقرارات الإدارية المنشئة في أمرين :

ثالثا : القرارات الإدارية من حيث رقابة القضاء (قرارات تخضع للرقابة وقرارات لا تخضع للرقابة )
تنقسم القرارات الإدارية من زاوية خضوعها لرقابة القضاء , إلى قرارات تخضع لرقابة القضاء وهذا هو الأصل , وقرارات لا تخضع لرقابة القضاء وهي القرارات المتعلقة بأعمال السيادة أو تلك التي منعت التشريعات الطعن فيها أمام القضاء .
- القرارات الخاضعة لرقابة القضاء .
تعد رقابة القضاء على أعمال الإدارة أهم وأجدى صور الرقابة والأكثر ضماناً لحقوق الأفراد وحرياتهم لما تتميز به الرقابة القضائية من استقلال وما تتمتع به أحكام القضاء من قوة وحجية تلزم الجميع بتنفيذها و احترامها ، و الأصل أن تخضع جميع القرارات الإدارية النهائية لرقابة القضاء أعمالاً لمبدأ المشروعية , ومن المستقر وجود نوعين من نظم الرقابة القضائية على أعمال الإدارة الأول يسمى القضاء الموحد , أما الثاني فيسمى نظام القضاء المزدوج .

و مع ذلك فقد وجه النقد إلى هذا النظام من حيث أنه يقضي على الاستقلال الواجب للإدارة بتوجيهه الأوامر إليها بما يعيق أدائها لأعمالها , مما يدفع الإدارة إلى استصدار التشريعات التي تمنع الطعن في قراراتها , ولا يخفي ما لهذا من أضرار بحقوق الأفراد وحرياتهم ، و من جانب آخر يؤدي هذا النظام إلى تقرير مبدأ المسؤولية الشخصية للموظفين مما يدفعهم إلى الخشية من أداء عملهم بالوجه المطلوب خوفاً من المساءلة .

- القرارات غير خاضعة لرقابة القضاء .
القرارات الإدارية التي لا تخضع لرقابة القضاء تتمثل في صنفين الأول يتعلق بأعمال السيادة أو الأعمال الحكومية , أما الثاني فيشمل القرارات الإدارية التي يحصنها المشرع من رقابة القضاء لاعتبارات خاصة .

رابعا : القرارات الإدارية من حيث نفاذها في مواجهة الأفراد (قرارات نافذة وقرارات غير نافذة )
تنقسم القرارات الإدارية من حيث أثرها بالنسبة للأفراد إلى قرارات ملزمة للأفراد ونافذة بحقهم ،وعليهم احترامها و إذا قصروا في ذلك اجبروا على التنفيذ ، وهذا الأصل في القرارات الإدارية و قرارات إدارية يقتصر أثرها على الإدارة و تسمي الإجراءات الداخلية و منها المنشورات والتعليمات على اختلاف أنواعها وتعليمات شارحة ،أو آمره أو ناصحه أو مقرره ومؤكده و هذا النوع من القرارات غير نافذ في حق الأفراد وغير ملزم لهم ،ولا يحتج بها عليهم ، بل ان من القضاء من أنكر على التعليمات صفتها القانونية وأعتبرها من قبيل الاعمال المادية معللين ذلك بانها موجهة من الرؤساء الاداريين الى موظفين وليس من الواجب على هؤلاء إطاعتها ولا يمكن إلزامهم بها الا بطريق غير مباشر عن طريق العقوبات التأديبية ، بيد ان هذا القول لا يمكن الاعتداد به لان مخالفة التعليمات بنتج عنها بطبيعة الحال التهديد بالمساس بالمركز الشخص للموظف ونعتقد ان هذا كاف لاضفاء طابع العمل القانوني على التعليمات ، الا ان ما يميز هذا النوع من القرارات هو انها غير موجهه للافراد ولا ترتب أثار قانوني في مواجهتهم لانها تخاطب الموظفين فقط ، و يترتب على هذا التقييم ان الاجراءات الداخلية أو التعليمات لا يمكن ان تكون موضوعا لدعوى الإلغاء ،فلا يقبل من الافراد الطعن بالإلغاء ضدها لانها غير نافذة في مواجهتهم،كما انه لا يقبل من الموظف الذي تخاطبه هذه القرارات الطعن فيها بالإلغاء لانه يقع على عاتقه أطاعتها والعمل بها و إلا تعرض للعقوبات التأديبية .
1. أن القرارات المنشئة ترتب آثارها منذ صدورها أما القرارات الكاشفة فترجع آثارها إلى التاريخ الذي ولدت فيه الآثار القانونية التي كشف عنها القرار , إلا أن ذلك لا يعتبر إخلالاً بمبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية , لأن أثر القرارات الكاشفة فوري إذ تكشف عن العمل القانوني المنشئ للمركز القانوني محل القرار الكاشف .
2. القرارات الكاشفة يجوز للإدارة سحبها دون التقيد بميعاد محدد مطلقاً , أما القرارات الإدارية المنشئة فإن سحبها يكون مقيد بميعاد الطعن بالإلغاء .

1. نظام القضاء الموحد : في هذا النظام من القضاء تنحصر الرقابة القضائية في نطاق ضيق من جانب القضاء , يتمثل في التعويض عن الأضرار التي قد تنتج من جراء تطبيق القرارات الإدارية ، و يسود هذا النظام في إنكلترا والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأخرى , ومقتضاه أن تختص جهة قضائية واحدة بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أنفسهم أو بينهم وبين الإدارة أو بين الهيئات الإدارية نفسها ، و هذا النظام يتميز بأنه أكثر اتفاقاً مع مبدأ المشروعة إذ يخضع الأفراد والإدارة إلى قضاء واحد وقانون واحد مما لا يسمح بمنح الإدارة أي امتيازات في مواجهة الأفراد ، بالإضافة إلى اليسر في إجراءات التقاضي إذا ما قورنت بأسلوب توزيع الاختصاصات القضائية بين القضاء العادي والإداري في نظام القضاء المزدوج .

2. نظام القضاء المزدوج : يقوم هذا النظام على أساس وجود جهتين قضائيتين مستقلتين, جهة القضاء العادي و تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الإدارة عندما تتصرف كشخص من أشخاص القانون الخاص , ويطبق القضاء على هذا النزاع أحكام القانون الخاص ، و جهة القضاء الإداري تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد والإدارة عندما تظهر الأخيرة بصفتها صاحبة السلطة وتتمتع بامتيازات لا يتمتع بها الأفراد ويطبق القضاء الإداري على المنازعة قواعد القانون العام ، و وفقاً لهذا النظام تخضع جميع القرارات الإدارية لرقابة القضاء الإداري إلغاءً وتعويضاً , إلا في استثناءات معينة تتعلق بأعمال السيادة والقرارات التي حصنها المشرع من رقابة القضاء .

منقول ***ديدو***










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:42   رقم المشاركة : 22
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

دروس في القانون الإداري
ألقيت بالمدرسة الوطنية للضرائب
- القليعة-
إعداد و تقديم /
الأستــاذ رواب جمــال

الجزء الأول


المحور الأول : الأشخاص المعنوية
يتمتع الإنسان منذ ولادته بالشخصية القانونية التي تمكنه من اكتساب الحقوق وتحمله بالالتزامات لأداء دوره في المجتمع وأداء رسالته، والأصل أن الشخصية القانونية نسبت للإنسان فقط إلا أن عجز الإنسان عن النهوض بكافة متطلبات الحياة في المجتمع لانتهاء شخصيته بالوفاة وحاجة المجتمع إلى دوام استمرار مرافقه ، لذلك كان لابد من منح الأهلية القانونية لأشخاص أخرى ، فظهرت نظرية الشخصية المعنوية التي مفادها منح القانون الشخصية القانونية -إلى جانب الإنسان الذي بات يطلق عليه الشخص الطبيعي- إلى نوعين من التجمعات : مجموعة من الأفراد أو مجموعة من الأموال تهدف لتحقيق هدف معين يكون له كيان ذاتي مستقل عن الأفراد المكونين لها يسمح بتحقيق هدفها ، وأطلق عليها اصطلاح الشخصية المعنوية الاعتبارية .
إن دراسة فكرة الشخصية المعنوية لها أهمية كبيرة في نطاق القانون الإداري من منطلق الدور الذي تلعبه هذه الفكرة في التظيم الإداري ، إذ أن فكرة الشخصية القانونية لم تعد تقتصر على الإنسان فحسب بل شملت الشخص المعنوي ليصبح هو الآخر شخص من أشخاص القانون ، و تتضح أكثر أهمية دراسة فكرة الشخصية المعنوية من حيث :
- إن فكرة الشخصية المعنوية تسمح بتجميع شتات الجهود و الأموال و توحيدها و توجيهها نحو هدف مشترك يعجز المجهود الفردي للإنسان على تحقيقه لقصر عمره و محدوديته أو لقلة موارده .
- إن فكرة الشخصية المعنوية هي من أسس و حقق ديمومة الدولة كشخص معنوي عام مهما تغير نظامها السياسي و تعاقب الحكام عليها .
- إن فكرة الشخصية المعنوية لعبت دورا سياسيا و قانونيا هاما في عزل فكرة السيادة و فكرة السلطة العامة عن الأشخاص و ذوات الحكام و إلحاقهما بفكرة الدولة كشخص معنوي عام و أصيل .
- كما أن لفكرة الشخصية المعنوية أهمية فنية و قانونية كبيرة في نطاق التنظيم الإداري ، حيث تظهر هذه الأهمية في زاويتين:
* تتجلى الأهمية الفنية لفكرة الشخصية المعنوية في عملية التنظيم الإداري ، بحيث تعتبر الوسيلة الفنية الناجعة في عملية تقسيم الأجهزة و الوحدات الإدارية المكونة للنظام الإداري ، و كذلك وسيلة لتوزيع إختصاصات السلطة الإدارية ، إقليميا و مصلحيا ، و كذلك تحديد العلاقات فيما بينها .
*تلعب فكرة الشخصية المعنوية دورا قانونيا هاما في نطاق التظيم الإداري ، إذ بهذه الفكرة أمكن القيام بمختلف الوظائف الإدارية بواسطة أشخاص طبعيين ( موظفي الدولة) بإسم الإدارة و لحسابها ، فتعتبر هذه الأعمال أعمال الأشخاص الإدارية رغم أنها أنجزت بواسطة أشخاص طبعيين .

تعريف الشخصية المعنوية :
إن الشخصية المعنوي هي شخصية ناجمة عن بناء فكري أي من نسج الخيال إعترف لها المشرع بالوجود نظريا و جعلها موضوعا أو محلا للحق ، و يمكن تعريفها قانونا كالتالي :
يعرفها البعض على أنها كيان له أجهزة خاصة و ذمة مالية .
و هناك من يعرفها على أنها مجموعة من الأشخاص تستهدف غرضا مشتركا أو مجموعة من الأموال ترصد لمدة زمنية محددة لتحقيق غرض معين ، بحيث تكون هذه المجموعة من الاشخاص المكونين لها مستقلين عن العناصر المالية لها ، أي أن تكون لها أهلية قانونية لإكتساب الحقوق و تحمل الإلتزامات ، و أن تكون لهذه المجموعة من الأشخاص أو الأموال مصلحة جماعية مشتركة مستقلة عن المصالح الذاتية الفردية لأفراد المجموعة .
و يعرفها آخرون على أنها مجموعات من الأشخاص و الأموال ، التي نظرا لخصوصية أهدافها و مصالحها ، يمكنها القيام بنشاط مستقل أي مميز عن الأفراد الذين يكونون هذه المجموعات ، فيتعلق الأمر مثلا بالدولة و البلديات...
كما تعرف كذلك بانها كل مجموعة من الاشخاص أو الأموال تقم لتحقيق غرض معين ، و يمنحها القانون الشخصية لتحقيق ذلك.
و هناك من عرفها على أنها مجموعة من الأشخاص أو الأموال ترمي إلى تحقيق غرض معين ، و تمنح الشخصية القانونية بالقدر اللازم لتحقيق هذا الغرض .
و يجدر بالذكر أن اصطلاح الأشخاص الاعتبارية يعني صراحة أنها تكتسب الشخصية القانونية حكما أي بنص القانون الذي اعتبرها كذلك وفي نفس الوقت يعني ضمنا انها ليست أشخاصا طبيعية وإنما يمنحها المشرع تلك الصفة القانونية الاعتبارية لكي تتمكن من أن تمارس حقوقا وتلتزم بواجبات في سبيل تحقيق أغراض اجتماعية معتبرة سواء للمجتمع كله او لطائفة من طوائفه .
و لفكرة الشخصية المعنوية ثلاث عناصر جوهرية لابد من توافرها ،وهي :
- وجود مجموعة من الأشخاص أو مجموعة من الأموال في ظل تنظيم معين يحقق ترابط و وحدة و أهداف هذه المجموعة ، و هذا ما يسمى بعنصر الديمومة .
- وجود غرض مشترك تسعى إلى تحقيقه هذه المجموعة .
- الإعتراف بها من قبل المشرع .
تكييف طبيعة فكرة الشخصية المعنوية :
إن فكرة الشخصية المعنوية لم تحظى بقبول و تأييد جميع الفقهاء ، فمنهم رفض وجود هذه الفكرة من أساسها ، و منهم من أكد وجودها، و حتى من إعترف بوجدها إختلف مع غير في مسألة تكييف طبيعة هذه الفكرة، و لكل حججه في ذلك .
فمن الفقهاء من رفض هذه الفكرة ، و على رأسم Leon DUGUIT و Gaston JEZE ، فحسب هؤلاء الفقهاء ، إن الشخص المعنوي هو أحد المفاهيم الميتافيزيقة ، فالشخص المعنوي لا وجود له من الناحية الواقعية ، هناك فقط أشخاص طبيعية ، فقد ذهب دوجيي إلى حد القول بصريح العبارة " لم أرتشف قط فنجان قهوة مع شخص معنوي" .
فأصحاب هذا الإتجاه يرى أنه لا فائدة ترجى من الإعتراف بفكرة الشخصية المعنوية و ليس لها أي اساس أو قيمة في عالم القانون و أنه يمكن الإستغناء عنها بالإعتماد على أفكار و نظريات قانونية أخرى كبدائل لها مثل فكرة الملكية المشتركة و فكرة التضامن الإجتماعي و المراكز القانونية .
غير ان غالبية الفقه أنكر ما ذهبت إليه هذه النظرية المنكرة لوجود فكرة الشخصية المعنوية ، و حجتهم في ذلك أنه لو كان الشخص الطبيعي هو الوحيد الذي يمكن القبول به كمحل للحق ، لما أمكن على الإطلاق تفسير بعض ظواهر الحياة القانونية ، فحسب هؤلاء مثلا يوجد في الدولة عنصر ثابت لا و دائم لا يؤثر فيه تغير الحكام و تبدلهم ، أي تغير الحكام لا يؤدي إلى تغيير الدولة بحد ذاتها ، فحتى يتحقق عنصر الديمومة لا بد من الاخذ بفكرة الشخص المعنوي .
و هذا ما أكده الأستاذ J.L. AUBERT بقوله : " إن وجود الشخصية المعنوية و طبيعتها لم تصبح اليوم محل نقاش ، لأن الحياة القانونية اليوم ، حقيقة جعلت من الأشخاص المعنوية شركاء يوميين للأشخاص الطبعيين ".
L’existence et la nature des personnes morales ne sont guerres discutées aujourd’hui. Il est vrai que la vie juridique quotidienne fait des personnes les partenaires habituels des personnes physiques . . .
و نشير هنا أنه و إن كان هذا هو الموقف السائد ، أي المؤيد لوجود الشخصية المعنوية إلا أنه ثار نقاش فقهي حاد حول تكييف طبيعة فكرة الشخصية المعنوية ، فذهب رجال الفقه في ذلك في إتجاهات مختلفة نوجزها في ما يلي :
1- نظرية الوهم الشرعي أو الإفتراض القانوني La théorie de la fiction سافيني ، بونار ،كابتان ... ).
يرى أصحاب هذه النظرية أن فكرة الشخصية المعنوية ما هي في حقيقة الأمر إلا مجرد إفتراض قانوني مخالف للواقع لجأ إليها المشرع كحيلة قانونية لتمكين التجمعات و الهيئات من تحقيق أهدافها ، عن طريق إفتراض الشخصية القانونية لها حتى تتحقق لها أهلية إكتساب الحقوق و تحمل الإلتزامات ، فتعتبر مجازا شخصا من أشخاص القانون .
أساس هذه النظرية :يستند انصار هذا الإتجاه إلى أن الشخصية القانونية الحقيقية ملازمة للشخص الطبيعي ( الإنسان ) فحسب من منطلق وجوده المادي الفيزيولوجي و ما يتمتع به من ملكات و قدرات عقلية و إرادية ، أما الشخص المعنوي فهو مجاز و إفتراض قانوني عكس الشخص الطبيعي ، الذي يبقى كإستثناء مخالف للأصل و الحقيقة يجب إقرار وجوده في نطاق ضيق و بالقدر اللازم لتحقيق الغرض من وجوده .
نقد الإتجاه :يؤخذ على هذه النظرية أنها عجزت عن تفسير كيفية وجود الشخصية القانونهية للدولة ، فإذا كانت فكرة الشخصية المعنوية هي مجرد مجاز و إفتراض قانوني وضعه المشرع بالتالي فهي مجرد منحة من المشرع تبقى مرهونة بإرادة مشرع الدولة ، فمن إذن منح الشخصية القانونية للدولة مادامت هي من يتحكم في منح الشخصية القانونية ؟
و نظرا لوجاهة هذا النقد رد أصحاب الغتجاه على ذلك بالقول أن الدولة هي الشخص المعنوي الوحخيد الاصيل و الحقيقي ، حيث توجد شخصيتها القانونية بمجرد توافر أركانها ، اما الاشخاص المعنوية الأخرى في مجرد مجاز و إفتراض قانوني .
كما أن هذه النظرية تبرر لإطلاق سلطان الدولة في التحكم في مصير الجماعات و التجمعات بشكل يسيئ إلى تكوينها و دورها .
كما أن ربط فكرة الشخصية المعنوية بالإرادة الذاتية يؤدي إلى تقرير عدم مسؤولية الأشخاص المعنوية مدنيا و جزائيا.
2- نظرية الشخصية الحقيقة أو نظرية الوجود الحقيقي La théorie de la réalité de la personne morale :
يري أصحاب هذا الإتجاه و على رأسهم GIERKE أن فكرة الشخصية المعنوية هي حقيقة قانونية واقعية موجودة شأنها شأن الشخصية الطبيعية و ليست مجازا أو أو إفتراضا أو حيلة .
أساس هذه النظرية : تقوم هذه النظرية على اساس يتكون من حجتين ، ذلك أن أنصار هذه النظرية إنقسموا إلى فريقين بهذا الخصوص .
- يرى الفريق الأول أن الشخص المعنوي شأنه شأن الشخص الطبيعي له إرادة ذاتية مستقلة وقائمة بذاتها تكونت له من نتاج تجمع إرادات الأفراد الذين يكونون الشخص المعنوي ، فكلما حصل إتفاق بين أعضاء المجموعة حول مسالة معينة من نطاق هدف المجموعة شكل هذا الإتفاق أو الرأي المشترك الإرادة الذاتية للشخص المعنوي ، بالتالي متى تكونت هذه الإرادة الذاتية نقول أننا أمام شخص معنوي موجود كحقيقة قانونية .
- نظرا لمغالات الفريق الأول في تشبيه الشخص المعنوي بالشخص الطبيعي ، ظهر فريق آخر يرى بأن الأساس الذي تقوم عليه الشخصية المعنوية ليس الإرادة الجماعية بل أن المصلحة هي الاساس و هي جوهر الحق الذي جعل من الشخص المعنوي محلا للحق.
نقد الإتجاه : ما يؤخذ على هذا الإتجاه ككل هو أنه لما جعل الشخصية المعنوية حقيقة لا مجاز و نفى عنها وصف منحة من الدولة، أي جعل منها حالة واقعية تفرض نفسها على المشرع الذي ما عليه سوى الإعتراف بها ، من شأنه أن يعبد الطريق أمام إنشاء العديد من الأشخاص المعنوية دون حاجة لإنتظار موافقة من المشرع .
نظرية الحقيقة التقنية La théorie de la réalité technique :
بإختصار ، يستلهم أصحاب هذه النظرية و على رأسهم MICHOUD أفكارهم من النظريتين السابقتين ، فوفق منظور هذا الإتجاه ، أن الشخصية المعنوية تمثل فعلا حقيقة ، إلا أنها ليست حقيقة مجسدة ، فالمصالح الجماعية و الجماعات ليس لها نفس طبيعة الشخص الطبيعي ، أنها تفترض فقط الإعتراف القانوني أي القابلية لأن تكون موضوعا للحق، فلشخص المعنوي ليس وهما قانونيا بل هو حقيقة نابعة من المجتمع و من التقنية القانونية و يرى غالبية رجال القانون أن هذه النظرية هي الاقرب للإقناع .
كنتيجة لما سبق قوله نقول أن الموقف الأكثر واقعية و الاقرب للمنطق القانوني يكمن إعتبار أن الإعتراف بالشخصية القانونية له هدف دقيق ألا و هو الإعتراف ببعض النتائج منها الإعتراف بكل الحقوق بإستثناء ما تعلق منها بالشخص الطبيعي .
موقف المشرع الجزائري :
تنص المادة 49 من التقنين المدني الجزائري على ما يلي :
" الأشخاص الإعتبارية هي :
- الدولة ، الولاية ، البلدية ،
- المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري ،
- الشركات المدنية و التجارية ،
- الجمعيات و المؤسسات ،
- الوقف ،
- كل مجموعة من الأشخاص أو أموال يمنحها القانون شخصية قانونية ، "
و تنص المادة 51 من التقنين المدني الجزائري على ما يلي :" يعين القانون الشروط التي يجب توافرها لتأسيس مؤسسات الدولة و المنشآت الإقتصادية و الإجتماعية و المجموعات مثل الجمعيات و التعاونيات و غكتسابها الشخصية القانونية أو فقدها ".
من خلال إستقرائنا لهذه النصوص و غيرها في القانون الجزائري نجده يعترف صراحة بفكرة الشخصية المعنوية نظرا لأهميتها القصوى و الفعالة و دورها الكبير كأدات فنية و قانونية في التنظيم الإداري الجزائري و يبدوا من مضمون النصين السابقين ، و كذا من طريقة الصياغة و العبارات المستعملة مثل إستعمال مصطلح "الأشخاص الإعتبارية" و كذلك "كل مجموعة من الأشخاص أو أموال يمنحها القانون شخصية قانونية" بالإضافة إلى عبارة "يعين القانون" ، أن المشرع الجزائري يميل للأخذ بنظرية المجاز أو الإفتراض القانوني في تكييف طبيعة فكرة الشخصية المعنوية.
نتائج فكرة الشخصية المعنوية :
يترتب على وجود الشخص المعنوي و الإعتراف به من قبل المشرع عدة نتائج ، كما يترتب على الإعتراف بالشخصية المعنوية العامة لبعض الوحدات و الأجهزة و المجموعات الإدارية نتائج خاصة لاشخاص القانون الإداري .
النتائج العامة لمنح فكرة الشخصية المعنوية :
يترتب على منح الشخصية المعنوية و الإعتراف بها نتائج حددتها المادة 50 من التقنين المدني الجزائري بنصها على ما يلي :
" يتمتع الشخص الإعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان ، و ذلك في الحدود التي يقررها القانون .
يكون لها خصوصا :
- ذمة مالية .
- أهلية في الحدود التي يعينها عقد إنشائها أو التي يقررها القانون .
- موطن و هو المكان الذي يوجد فيه مركز إدارته .
- الشركات التي مركزها الرئيسي في الخارج و لها نشاط في الجزائر يعتبر مركزها ، في نظر القانون الداخلي في الجزائر .
- نائب يعبر عن إرادتها .
- حق التقاضي ."
إذا اعترف بالشخص الاعتباري يتمتع بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازماً لصفة الإنسان الطبيعي ، وذلك في الحدود التي قررها القانون فيكون لها ، ذمة مالية و أهلية قانونية و حق التقاضي و موطن مستقل كنتائج عامة .
النتائج الخاصة لمنح فكرة الشخصية المعنوية :
إن من بين النتائج الخاصة التي تنجم عن تمتع الوحدات و الهيئات الإدارية بالشخصية المعنوية يمكن إجمالها في الآتي :
- إن تمتع المؤسسات و المجموعات الإدارية بالشخصية المعنوية و تمتعها بإستقلالها الذاتي عن الدولة ، لا يعني أنها مستقلة إستقلالا كاملا في مواجهة الدولة بل إن إستقلالها مقيد الحدود في النطاق الذي رسمه المشرع لهذا الإستقلال في القانون المنشئ لهذه الهيئة أو الوحدة الإدارية ، بحيث تضل خاضعة لرقابة الدولة و إشرافها عن طريق نظام الوصاية.
- إن منح الشخصية المعنوية لبعض الهيئات و الاجهزة الإدارية يؤدي إلى تجزئة السلطة الإدارية و تفتيتها و توزيع مظاهر السلطة العامة و إمتيازاتها بين الدولة و هذه الأجهزة و الهيئات و الحدات اللامركزية المستقلة .
- إن موظفي الأشخاص المعنوية موظفون أو عمال عامون بعلاقة تنظيمية مع الشخص المعنوي إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك، ولا يمنع ذلك من أن يكون لبعض الأشخاص المعنوية نظام خاص لموظفيها ولوائح خاصة بتأديبهم .
- تعتبر أموال الأشخاص المعنوية الإدارية هي أموال تسير بأسلوب الإدارة العامة عن طريق القانون العام و تتمتع بحماية خاصة تسمى بحماية المال العام .
- تمارس الأشخاص المعنوية العامة جانباً من سلطة الدولة باعتبارها من أشخاص القانون العام فتتمتع بامتيازات السلطة التي يقررها القانون للجهات الإدارية فتعتبر قراراتها إدارية ، ويجوز تنفيذها جبراً دون الالتجاء إلى القضاء ، كذلك تملك حق نزع الملكية للمنفعة العامة أو الاستيلاء المباشر كما يجوز لها إبرام العقود الإدارية ، وحيث توجد هذه السلطة توجد مسؤولية الشخص المعنوي عن أفعاله الضارة التي قد يتسبب بها موظفيه .
- نتيجة لتمتع الشخص المعنوي العام بامتيازات السلطة العامة وبالتالي اعتباره شخصاً من أشخاص القانون العام ، فإن القضاء الإداري يكون هو المختص في نظر المنازعات الناشئة عن ممارسة نشاطه ، ويخضع كذلك للقيود التي يفرضها القانون الإدراي من ضرورة إتباع إجراءات خاصة في التعاقد أو الطعون في القرارات الصادرة منه وغير ذلك من أمور تفرضها الطبيعة الخاصة بنظام القانون العام .
أنواع الأشخاص المعنوية :
من خلال نص المادة 49 من التقنين المدني الجزائري ، نلاحظ أنها عددت أنواع الأشخاص المعنوية في النظام القانوني الجزائري و هي الدولة ، الولاية ، البلدية ، المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري ، الشركات المدنية و التجارية ، الجمعيات و المؤسسات ، الوقف ، كل مجموعة من الأشخاص أو أموال يمنحها القانون شخصية قانونية .نستنج من العبارة الأخيرة لنص المادة 49 أن المشرع الجزائري أورد في هذا النص الأشخاص المعنوية على سبيل الميثال لا الحصر .
التمييز بين الاشخاص المعنوية العامة و الأشخاص المعنوية الخاصة :
تنقسم الاشخاص المعنوية تقسيما رئيسيا إلى أشخاص معنوية عامة يحكمها القانون العام مثل الدولة و الولاية و البلدية و المؤسسات العمومية ذات الطابع الإداري كالمستشفيات ، و أشخاص معنوية خاصة يحكمها القانون الخاص مثل الشركات المدنية و التجارية و الجمعيات و المؤسسات و الوقف .
و تبقى أهم مشكلة تواجه الدارس في هذا السياق تتمثل في إيجاد معيار دقيق للتفرقة بين الأشخاص المعنوية العامة و الأشخاص المعنوية الخاصة كما تظهر أهمية هذا التمييز فيما يلي :
- إن تحديد طبيعة الشخص المعنوي كونه شخصا معنويا خاصا أو عاما لها أهميتها في تحديد طبيعة النظام القانوني الذي ينظم أحكامها و نشاطها .
- إن التمييز بين الأشخاص المعنوية الخاصة و العامة له أهميته في تحديد طبيعة الأعمال و التصرفات و كذلك تحديد طبيعة أموال و موظفي الأشخاص الإدارية .
معايير التمييز بين الاشخاص المعنوية العامة و الأشخاص المعنوية العامة :
هناك عدة معيير للتفرقة بين ما هو شخص معنوي خاص و ما هو شخص معنوي عام ، يمكن إجمال أهما فيما يلي :
فكرة المنشأة العامة :فإذا كان هذا الشخص من إنشاء الدولة فهو شخص عام و إذا كان من إنشاء الأفراد فهو منشأة خاصة .
غير أن هذا المعيار لا يحقق التفرقة لأن هناك أشخاص معنوية تتدخل الدولة في إنشائها و لكنها لا تعد شخصا معنويا عاما مثل الجمعيات ، كما أن هناك أشخاص معنوية خاصة تنشأها الدولة مثل الشركات ذات رأسمال مختلط عام و خاص .
فكرة الهدف :وفقا لهذا المعيار فإن الأشخاص المعنوية العامة تستهدف تحقيق المنفعة العامة ، أما الأشخاص المعنوية الخاصة فهي تستهدف تحقيق المصلحة الخاصة .
غير أن هذا المعيار يبقى رغم وجاهته غير جامع مانع ، لأن هناك أشخاص معنوية خاصة تستهدف تحقيق المصلحة العامة مثل المشروعات الخاصة ذات النفع العام كالمدارس الخاصة .
معيار طبيعة النشاط :وفقا لهذا المعيار فإن الشخص المعنوي العام هو الشخص الذي يقوم بنشاط عام ، بينما الشخص المعنوي الخاص يقوم بنشاط خاص .
غير أن هذا المعيار يبقى في الواقع غير دقيق نظرا لكون أشخاصا معنوية عامة تقوم باعمال ذات طبيعة خاصة.
معيار الانضمام الإجباري :الأشخاص المعنوية العامة هي التي يكون الإنضمام إليها إجباري أي ملزما ، أما الأشخاص المعنوية الخاصة يكون إختياريا .
غير أن هذه المعايير جميعها تبيقى عاجزة إلى حد ما عن التفرقة بين الشخص المعنوي العام و الشخص المعنوي الخاص، و يبقى المعيار الراحج في التمييز بينهما يتمثل في المعيار المركب أو المزدوج ، و الذي يقوم على عنصرين ، هما :
- عنصر ذاتي ، يتمثل في إرادة المشرع التي تتضمنها النصوص القانونية المنشئة للشخص المعنوي المراد تحديد طبيعته ، فالوقوف على إرادة المشرع و الكشف عنها يساعد على تحديد نوعية الشخص المعنوي ، هل هو عام أم خاص .
- عنصر موضوعي ، يتكون من المعايير الستة السابق الإشارة إليها كدلائل على نوعية الشخص المعنوي هل هو عام أم خاص .
أنواع الأشخاص الإدارية المعنوية :
يوجود نوعين رئيسيين من الأشخاص المعنوية هي : الأشخاص المعنوية العامة ، والأشخاص المعنوية الخاصة، مع ما تتمتع به الأشخاص المعنوية الخاصة من أهمية في نطاق القانون الخاص فتظهر بشكل الشركات والمؤسسات و الجمعيات التي تنشأ
بمبادرات الأفراد لتحقيق الربح أحياناً وتحقيق النفع العام أو المصلحة العامة في أحيان أخرى.
و الشخصية المعنوية العامة تحتل أهمية أكبر بكثير في نطاق القانون العام الذي لا يعرف غير هذا النوع من الأشخاص المعنوية رغم أن نظرية الشخصية المعنوية نشأت في ظل القانون الخاص .
و قد درج الفقه والقضاء على تقسيم الأشخاص المعنوية العامة إلى ثلاث أنواع :
أولاً : الأشخاص المعنوية الإقليمية
و هي الأشخاص المعنوية أو الاعتبارية التي يتعلق اختصاصها في نطاق جغرافي معين من الدولة وهي تشمل الدولة والوحدات المحلية الأخرى كالولاية و البلدية .
1- الدولة : و هي أهم الأشخاص المعنوية على الإطلاق ولهذا فقد ورد النص عليها في القانون المدني على أن الدولة هي أول الأشخاص الاعتبارية و هي الشخص المعنوي العام الذي تتفرع عنه الأشخاص المعنوية الأخرى وهي التي تمنح الشخصية المعنوية الخاصة للأفراد والهيئات الخاصة وتمارس الرقابة عليها .
و الدولة باعتبارها شخص معنوي عام تشمل سلطات الدولة الثلاث : السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ، باعتبارها شخص معنوي واحد . إلا أن هذه الوحدة في شخصية الدولة لم تكن أمراً مسلماً به فقد اختلف الفقه في شأنها .
فقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الاعتراف بالشخصية المعنوية العامة للدولة يقتصر على مجال معين من نشاط الدولة وهو الحقوق المادية والتصرفات التي تندرج في القانون الخاص ، أما بالنسبة لتصرفات الدولة التي تحمل طابع السلطة وامتيازاتها فما هي إلا اختصاصات يمارسها ممثلوا الدولة في الحدود التي رسمها القانون تحقيقاً للمصلحة العامة و لعل الدافع وراء تبني هذا الرأي الخشية من تعسف الدولة وجورها على الحريات العامة إذا ما اعتبرت تصرفات الدولة حقاً من حقوقها , بينما ذهب رأي آخر إلى ثنائية شخصية الدولة ، فتكون شخصاً معنوياً خاصاً إذا ما تصرفت في مجال الحقوق المالية أو الحقوق الخاصة المشابهة لتصرفات الأفراد وينطبق عليها القانون الخاص وتعتبر شخصاً معنوياً عاماً إذا قامت بعمل بدخل في ضمن نطاق السلطة العامة وهنا تخضع تصرفاتها لأحكام القانون العام .
إلا أن هذه الآراء لم تلبث أن انتهت ، وأصبح الرأي السائد فقهاً وقضاءً أن شخصية الدولة وحدة لا تتجزأ وهي تشمل جميع تصرفات الدولة و أعمال الخاصة منها و التي تتسم بطابع السلطة العامة و هو رأي يتماشى مع المنطق القانوني السليم .
2- الوحدات الإقليمية و المحلية : ترتبط فكرة الأشخاص المعنوية العامة المحلية بالديمقراطية التي تسمح لكل إقليم من أقاليم الدولة أن يدير شؤونه المحلية من خلال ممثليه من سكان الإقليم في الولاية و البلدية
...................../ منقول










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:44   رقم المشاركة : 23
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجزء الثاني:

ثانياً : الأشخاص الاعتبارية العامة المرفقية
يطلق عليها أيضاً الإعتبارية الفنية أو المصلحية ، وتنشأ لتحقيق مصالح عامة للأفراد تحت رقابة الدولة أو أحد الأشخاص المعنوية التابعة لها، و تسمى هذه الأشخاص بالهيئات أو المؤسسات العامة قد لجأ المشرع إلى إنشاء هذه الأشخاص لتباشر إدارة المرافق العامة التي تتطلب نوعاً من الاستقلال الفني عن الحكومة المركزية لضمان فاعلية وكفاءة الإدارة ، و تختلف هذه الأشخاص عن الأشخاص الاعتبارية الإقليمية في أنها مقيدة بالهدف الذي أنشأت من أجله، في حين تكون الأخيرة مقيدة بالحدود الجغرافية للإقليم الذي تمثله حيث أن الأشخاص الاعتبارية المرفقية تهدف إلى تحقيق أغراض متنوعة منها ما هو إداري أو اجتماعي أو اقتصادي، فإن هذا الاختلاف يقود إلى اختلاف أنظمتها القانونية حسب النشاط الذي تتولاه ، أما الأشخاص الإقليمية فالقاعدة العامة أنها تتمتع بذات التنظيم القانوني .
كذلك تفترق الأشخاص الاعتبارية المرفقية عن الأشخاص الاعتبارية الإقليمية في أن الأخيرة تقوم على فكرة الديمقراطية التي تؤكد حق سكان الوحدات المحلية بإدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم ، بينما تقوم فكرة الشخصية الاعتبارية المرفقية على ضرورة ضمان الكفاءة الإدارية وحسن إدارة المرافق العامة ذات الطابع الفني ولا علاقة للديمقراطية في ذلك ، كما هو الحال في الجامعات و المستشفيات.
ثالثاً : الأشخاص المعنوية المهنية
بسبب التطور المستمر في مناحي الحياة الاجتماعية والاقتصادية في مختلف الدول وتأثير هذا التطور على القانون الإداري وأحكامه ظهرت فكرة جديدة لأشخاص معنوية أخرى تتمثل في المنظمات والاتحادات ذات الطابع المهني ، تتولى إدارة مرافق عامة ينشأها المشرع لتحقيق مصالح عامة ، ومن ذلك الاتحاد الأدباء والكتاب ، تتمتع هذه الأشخاص بالاستقلال ولها إصدار اللوائح الخاصة بتأديب أعضائها وممارسة المهنة التي تشرف عليها .

المحور الثاني : أساليب التنظيم الإداري
تنتهج الدول المختلفة أسلوبين في تنظيمها الإداري هما :
المركزية الإدارية و اللامركزية الإدارية ، الذان يشكلان المظهران المتعارضان للاسلوب الذي تسير عليه الإدارة ، بحيث تأخذ الدول بقدر من هذا المظهر أو ذاك وفقا لظروفها السياسية و الإجتماعية الخاصة بها كما أن نسبة المزج و الخلط بين كل من النظامية وفقا للظروف المختلفة و تغيراتها، بحيث يتجه الأسلوب الأول و الأقدم في الظهور نحو حصر الوظيفة الإدارية في أيدي السلطة التنفيذية وحدها في العاصمة دون وجود سلطات إدارية أخرى مستقلة عنها ، بينما يتجه أسلوب اللامركزية الإدارية نحو توزيع الوظيفة الإدارية ومشاركة هيئات وسلطات لامركزية ، و فيما يلي سنتناول بالدراسة المركزية الإدارية ثم اللامركزية الإدارية وذلك في مبحثين .

المبحث الأول
المركزية الإدارية
المركزية الإدارية هي أول النظم التي اتبعتها الدول في الحكم والإدارة ، وتقوم المركزية على أساس التوحيد و عدم التجزئة ، وفي المجال الإداري يقصد بها توحيد النشاط الإداري أو الوظيفة الإدارية و حصرها في يد السلطات الإدارية المركزية أي في يد السلطة التنفيذية الموجودة في العاصمة ، تقوم السلطة التنفيذية في هذا النظام بالسيطرة على جميع الوظائف الإدارية من توجيه و تخطيط و رقابة و تنسيق ، وما على السلطة الدنيا في هذا النظام إلا الإلتزام بالقرارات التي تصدر عن السلطة العليا و ما يساعد على ذلك الترتيب الذي يسود السلطة التنفيذية و تقسيم الموظفين رؤساء ومرؤوسين إلى درجات يعلو بعضها بعضاً في سلم إداري منتظم ، يخضع كل مرؤوس فيه لرئيسه خضوعاً تاماً فينفذ أوامره و يعمل تحت إمرته و إشرافه و بتوجيهاته .
و نشير هنا انه لا تعني المركزية أن تقوم السلطة التنفيذية في العاصمة بجميع الأعمال في أنحاء الدولة ، بل تقتضي وجود فروع لهذه السلطة تكون تابعة للسلطة المركزية في العاصمة ومرتبطة بها في مباشرة وظيفتها غير أن هذه الفروع لا تتمتع في ذلك بأي قدر من الاستقلال .
أولا : أركان المركزية الإدارية
تقوم المركزية الإدارية على ثلاثة أركان هي : تركيز الوظيفة الإدارية في يد سلطات الإدارة المركزية (الحكومة) ، التدرج الهرمي الإداري ، السلطة الرئاسية .
- تركيز و حصر سلطة الوظيفة الإدارية في يد الإدارة المركزية
إن من مقومات النظام الإداري المركزي هو حصر و تجميع الوظيفة الإدارية و تركيزها في يد السلطة الإدارية المركزية في
الدولة ، بمعنى أنه تتركز في هذا النظام سلطة مباشرة الوظيفة الإدارية في يد السلطة التنفيذية بالعاصمة بحيث تتركز فيها سلطة اتخاذ القرارات و تسيير المرافق العامة ، و تعاونها في ذلك الهيئات التابعة لها في الأقاليم الأخرى تحت إشراف و رقابة السلطة المركزية، بحيث لا توجد في هذا النظام أشخاص معنوية عامة محلية أو مرفقية مستقلة عن السلطة المركزية .
- التدرج الهرمي الإداري
إن فكرة التدرج الهرمي الإداري تعني أن يأخذ الجهاز الإداري أو هيكل النظام الإداري في الدولة و المتكون من مجموعة من الأجهزة و الوحدات الإدارية المختلفة أن يأخذ شكل أو هيئة مثلث أو هرم مترابط و متتابع الدرجات و المستويات و الطبقات بحيث ترتبط كل درجة من هذا السلم الإداري بالدرجة التي تليها مباشرة برابطة و علاقة قانونية هي رابطة السلطة الإدارية ، بمعنى أن يقوم النظام المركزي على أساس التدرج الهرمي في الجهاز الإداري ومقتضاه أن يخضع موظفي الحكومة المركزية بشكل متدرج و متصاعد ، تكون الدرجات الدنيا تابعة للأعلى منها تحت قمة الجهاز الإداري وهو الوزير .
و للسلطات العليا حق إصدار الأوامر والتعليمات للجهات الدنيا ويخضع كل مرؤوس خضوعاً تاماً ، ويتجه مجال الطاعة في داخل النظام المركزي إلى درجة كبيرة فالرئيس يباشر رقابة سابقة ولاحقة على أعمال المرؤوس كما أن للرئيس صلاحية تعديل القرارات الصادرة من مرؤوسيه وإلغائها بالشكل الذي يراه مناسباً .
لهذه الدرجات تكون ما يسمى بنظام التسلسل الإداري الذي يبين التمايز بين طبقتي الرؤساء والمرؤوسين ويبرز علاقة التبعية والسلطة الرئاسية .
- السلطة الرئاسية :
تعرف السلطة الرئاسية على أنها القوة التي تحرك السلم الإداري الذي يقوم عليه النظام الإداري المركزي ، و مفهومها في علم الإدارة العامة و القانون الإداري هو حق و سلطة إستعمال قوة الأمر و النهي من أعلى أي من طرف الرئيس الإداري المباشر و المختص ، و واجب الطاعة و الخضوع و التبعية من طرف المرؤوس المباشر لهذا الرئيس .
تعتبر السلطة الرئاسية ضمانه معترف بها للرؤساء الإداريين ينضمها القانون فيوفر وحدة العمل وفعاليته واستمراريته، فهي الوجه المقابل للتبعية الإدارية بحيث تتقرر بدون نص و بشكل طبيعي ، غير أنها من جانب آخر ترتب مسؤولية الرئيس عن أعمال مرؤوسية ، بالتالي عدم إمكانية تهربه من هذه المسؤولية و السلطة الرئاسية من أهم ركائز النظام المركزي ، إلا أنها سلطة ليست مطلقة وليست على درجة واحدة من القوة فهي تتأثر بصاحب السلطة و مركزه في السلم الإداري و بنوع الوظيفة التي يمارسها ،و هي الرئاسية تتحلل إلى مجموعة من الاختصاصات بعضها يتعلق بشخص المرؤوس والآخر منها يتعلق بأعماله :
أ- سلطة الرئيس على شخص مرؤوسيه
تتضمن سلطة الرئيس على أشخاص مرؤوسه الكثير من الاختصاصات و الصلاحيات منها ما يتعلق بسلطته في التعيين و الاختيار ، و سلطته في تكليف مرؤوسيه بأعمال معينة ، بالإضافة إلى سلطة نقل الموظف وترقيته و سلطة التأديب التي قد تصل إلى حد العزل أو حرمان من بعض الحقوق و المزايا الوظيفية ، و كل ذلك طبعا في حدود ما يسمح به القانون .
ب- سلطة الرئيس على أعمال مرؤوسيه
تشمل هذه السلطة في حق الرئيس في توجيه مرؤوسيه عن طريق إصدار الأوامر و التعليمات و التوجيهات إليهم قبل ممارسة أعمالهم و سلطة مراقبة تنفيذهم لهذه الأعمال و التعقيب عليها وتشمل هذه السلطات .
1- سلطة الأمر :
يملك الرئيس إصدار الأوامر والتعليمات ، ويعتبر اختصاصه هذا من أهم مميزات السلطة الرئاسية ، ذلك أن إصدار الأوامر عمل قيادي له أهمية كبرى في سير الأعمال الإدارية ، و بصفة عامة نجد أن السلطة الرئاسية تتصف أساساً بأنها سلطة آمره
لكونها تقوم على إصدار أوامر ملزمة للمرؤوسين .
2- سلطة الرقابة و التعقيب
وسيلة الرئيس في رقابته على مرؤوسيه تكمن في التقارير التي يقدمها الموظفين عن أعمالهم بصورة دورية أو بواسطة التقارير التي يضعها المفتشون ويطلعون السلطة الرئاسية عليها ، و قد يمارسها كذلك عن طريق الشكاوي التي يقدمها إليه الأفراد الذين أصابهم الضرر نتيجة تصرفات مرؤوسيه .
ثانيا :صور المركزية الإدارية : تتخذ المركزية الإدارية من الناحية العملية صورتان : التركيز الإداري وعدم التركيز الإداري
-أولاً : التركيز الإداري
هي الصورة البدائية للمركزية الإدارية ، ويطلق عليها أيضاً المركزية المتطرفة أو الوزارية أو المكثفة معناها أن تتركز سلطة اتخاذ القرارات في كل الشؤون الإدارية بيد السلطة الإدارية المركزية و المتمثلة في الوزراء على مستوى العاصة العاصمة ، بحيث لا يكون لأية سلطة أخرى حق تقرير أي أمر من الأمور ، إنما يتعين على كافة الموظفين في الأقاليم الرجوع إلى الإدارة المركزية المختصة لإصدار القرار و ينحصر دور الموظفين في الجهاز الإداري في تقديم المقترحات والآراء في المساءل المطروحة عليهم و انتظار ما ما تقرره الإدارة المركزية بشأنها ، وتنفيذ هذه القرارات ، لا شك أن هذه الصورة من التركيز الشديد تضر بمصالح الأفراد وتعرقل عمل الإدارة فمن غير المتصور أن تتخذ جهة إدارية واحدة كافة القرارات في كل أنحاء الدولة وتكون هذه القرارات ملائمة ومناسبة لظروف العمل الإداري و توفر حلاً لمشاكل الأفراد ، لذلك هجرت أغلب الدول هذه الصورة من المركزية الإدارية نحو الصورة المعتدلة للمركزية الإدارية و هي عدم التركيز الإداري .
- عدم التركيز الإداري
يطلق على هذه الصورة من المركزية الإدارية، أللاوزارية أو المركزية المعتدلة أو المخففة و مقتضاها تخفيف العبء عن الحكومة و الإدراة المركزية بتخويل بعض الموظفين في الأقاليم المختلفة سلطة البت في بعض الأمور ذات الطابع المحلي دون الحاجة للرجوع للوزير المختص في العاصمة .
إلا أن هذه الصورة من المركزية لا تعني استقلال هؤلاء الموظفين عن الإدارة المركزية ، فهم خاضعون لسلطتها الرئاسية ولها أن تصدر إليهم القرارات الملزمة و لها أن تعدلها أو تلغيها ، وكل ما في الأمر أن عدم التركيز الإداري يخفف من العبء على الوزارات والإدارات المركزية من خلال بعض القرارات الإدارية التي يمكن أن تتخذ من ممثلي الوزراء في الأقاليم بدلا من أن تتخذ من الوزراء أنفسهم و من ثم يختلف عدم التركيز الإداري عن اللامركزية الإدارية إذ تتعدد السلطات الإدارية في اللامركزية الإدارية نظراً لتعدد الأشخاص المعنوية ، وتختص كل سلطة بجانب من الوظيفة الإِدارية في الدولة ، حيث يتم توزيع الاختصاصات على هذا الأساس.
و على أي حال فإن هذه الصورة من المركزية أفضل من التركيز الإداري وهي مرحلة انتقال صوب نظام اللامركزية الإدارية ، وهي الصورة الباقية في إطار نظام المركزية الإدارية و لعل من أبرز وسائل تحقيق عدم التركيز الإداري نظام تفويض الاختصاص ، الذي سنتناوله في هذا الجزء من الدراسة .
ثالثا : تفويض الاختصاص
تستلزم ضرورات العمل الإداري وحسن سير المرافق العامة أن يفوض بعض الموظفين المختصين بعض أعمالهم إلى موظفين آخرين غالباً ما يكونون مرؤوسين بالنسبة لهم ، و يقصد بالتفويض أن يعهد صاحب الاختصاص بممارسة جزء من اختصاصاته إلى أحد مرؤوسيه ، بشرط أن يسمح القانون بمنح هذا التفويض و أن تكون ممارسة الاختصاص المفوض تحت رقابة الرئيس الإداري صاحب الاختصاص الأصيل .
للتفويض مزايا عدة فهو من جانب يخفف العبء عن الرئيس صاحب الاختصاص الأصيل ، فهو يقوم بنقل جزء من اختصاصه في مسألة معينة إلى أحد مرؤوسيه أو جهة أو هيئة ما ، و يؤدي من جانب آخر إلى تحقيق السرعة والمرونة في أداء الأعمال مما يسهل على الأفراد قضاء مصالحهم ويدرب المرؤوسين على القيام بأعمال الرؤساء، فينمي فيهم الثقة والقدرة على القيادة.
- شروط التفويض
للتفويض شروط أوردها الفقه و القضاء، يجب مراعاتها حتى يكون التفويض صحيحاً هي :
1- التفويض لا يكون إلا بنص ، يلزم حتى يكون التفويض صحيحاً أن يسمح القانون بالتفويض ، فإذا منح القانون الاختصاص إلى جهة معينة ليس لهذه الجهة التنازل عن هذا الاختصاص أو تفويضه إلى سلطة أخرى إلا إذا أجاز القانون ذلك.
2- التفويض يجب أن يكون جزئياً ، فلا يجوز أن يفوض الرئيس الإداري جميع اختصاصاته لأن هذا يعد تنازلاً من الرئيس عن مزاولة جميع أعماله التي أسندها إليه القانون .
3- يبقى الرئيس المفوض مسؤولاً عن الأعمال التي فوضها بالإضافة إلى مسؤولية المفوض إليه ، تطبيقاً لمبدأ أن التفويض في السلطة لا تفويض في المسؤولية .
و المرؤوس المفوض إليه لا يسأل عن تصرفاته بشأن السلطات المفوضة إليه إلا أمام رئيسه المباشر الذي قام بالتفويض و لا تنصرف المسؤولية إلى أعلى منه و فقاً لمبدأ وحدة الرئاسة و الأمر .
4- لا يجوز للمفوض إليه أن يفوض غيره ، فالتفويض لا يتم إلا لمرة واحدة، ومخالفة هذه القاعدة تجعل القرار الإداري الصادر من المفوض إليه الثاني معيباً بعدم الاختصاص .
5- التفويض مؤقت و قابل للرجوع فيه من جانب الرئيس لأن الأصل هو عدم التفويض و الاستثناء هو التفويض.
و تثار بشأن التفويض مشكلة سلطة الجهة المفوضة " بكسرلواو " على اختصاصات المفوض إليه " المرؤوس" فهل للسلطة صاحبة الاختصاص الأصلي أن تلغي قرارات السلطة المفوض إليها .
ذهب جانب من الفقهاء إلى عدم السماح بتوجيه تعليمات إلى المرؤوسين تتعلق بالاختصاص المفوض إليهم على أساس أن الموظف الذي قام بالتفويض لا يعتبر رئيسياً إدارياً بالنسبة للقرارات الصادرة طبقاً للتفويض على أساس أن المرؤوس يعتبر كأنه الرئيس نفسه وعندئذ فإن قراراته واجبة الاحترام.
بينما ذهب جانب آخر من الفقهاء إلى أن الأصيل يبقى له الحق في التعقيب على القرارات الصادرة عن المفوض إليه إذا كان الأخير مرؤوساً له ، لأن التفويض لا يقطع العلاقة الرئاسية بين الرئيس والمرؤوس ولا يحول دون ممارسة الرئيس لاختصاصه في التوجيه والرقابة السابقة واللاحقة على أعمال مرؤؤس.
و قد يحصل بعض الخلط بين التفويض والحلول لأن الاثنين يساهمان في تسهيل سير العمل الإداري وضمان سير المرافق العامة بانتظام واطراد كما أن كل منهما يعني ممارسة أحد الموظفين لاختصاصات موظف آخر .
إلا أن هناك الكثير من أوجه الاختلاف بين الحلول والتفويض فالحلول يكون في حالة غياب صاحب الاختصاص الأصيل أياً كان سبب الغياب اختيارياً كما في حالة الإجازة أو إجبارياً كما في حال المرض فيحل محل الموظف في ممارسة هذه الاختصاصات من حدده المشرع. أما في حالة التفويض فإن الرئيس المفوض يكون حاظراً وليس غائباً .
كما أن التفويض يتحقق بقرار يصدر من الرئيس المفوض إلى المفوض إليه في حين لابد للحلول أن يقترن بنص وأن تكون أسبابه صحيحة ويصبح الحلول مستحيلاً إذا لم ينظمه المشرع .
وفي تفويض الاختصاص يأخذ القرار الصادر درجة المفوض إليه ، أما في الحلول فتكون القرارات الصادرة في مرتبة قرارات الأصيل الغائب .
و في التفويض يكون الرئيس المفوض مسؤولاً عن أخطاء المفوض إليه لأن الرئيس يمارس الرقابة الرئاسية على المفوض إليه بينما لا يكون الأصيل الغائب مسؤولاً عن أخطاء من حل محله لأنه لا يملك أي سلطة رئاسية بالنسبة لتصرفات الأخير ولأن مصدر سلطته القانون وليس الأصيل وحيث توجد السلطة توجد المسؤولية .
و من الملاحظ أن تفويض الاختصاص لا يعدو أن يكون تخفيفاً عن كاهل الرؤساء ومساعدتهم في تسيير أعمالهم وهذا الغرض لا يجعل المرؤوس ممارساً لاختصاص مانع للتعقيب والرقابة ، ونرى أنه لا مانع من قيام الرئيس المفوض بمراجعة قرارات مرؤوسيه وتوجيههم من خلال إصدار الأوامر والتعليمات التي تتعلق بالاختصاص المفوض ليطمئن إلى سلامة العمل من الناحية القانونية ، خاصة وإن مسؤولية الرئيس المفوض تبقى قائمة عما قام بتفويضه من اختصاص ، لأن لا تفويض في المسؤولية كما بينا سابقاً . منقول



................/................










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:45   رقم المشاركة : 24
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجزء الثالث:

- أنواع التفويض : التفويض على نوعين " تفويض اختصاص و تفويض توقيع " :
1- تفويض الاختصاص :
هذا النوع من التفويض ينقل السلطة بأكملها إلى المفوض إليه ، وهذا يمنع الأصيل المفوض من ممارسة الاختصاص الذي تم تفويضه أثناء سريان التفويض و في هذه الصورة من التفويض تكون قرارات المفوض إليه في نطاق التفويض منسوبه إلى المفوض إليه و تأخذ مرتبة درجته الوظيفية ، و يوجه تفويض الاختصاص إلى المفوض إليه بصفتة لا بشخصه فلا ينتهي التفويض بشغل موظف آخر لوظيفة المفوض إليه.
2-تفويض التوقيع :
و هو تفويض شخصي يأخذ بعين الاعتبار شخصية المفوض إليه ، فهو ينطوي على ثقة الرئيس به ومن ثم فهو ينتهي بتغير المفوض أو المفوض إليه ، كما أن هذا التفويض يسمح للمفوض إليه بممارسة الاختصاصات المفوضة باسم السلطة " بكسرالولو " ولا يمنع ذلك من ممارسة الرئيس المفوض ذات الاختصاص رغم التفويض كما أن القرارات الصادرة في نطاق التفويض تأخذ مرتبة قرارات السلطة المفوضة .
3- التفويض والحلول :
يقتصر بالحلول أن يصبح صاحب الاختصاص الأصيل عاجزاً لسبب من الأسباب عن ممارسة اختصاصه كأن يصاب بعجز دائم أو بمرض أو غيره ، فيحل محله في مباشرة كافة اختصاصاته موظف آخر حدده القانون سلفاً، و قد يحصل الحلول بان تحل إحدى الجهات الإدارية محل جهة إدارية أخرى
رابعا : تقييم المركزية الإدارية
درج بعض الفقهاء على إبراز مزايا النظام المركزي بينما ذهب البعض نحو إبراز عيوبه ، ونعرض فيما يلي أهم تلك المزايا والعيوب
- مزايا المركزية الإدارية :-
1- النظام المركزي يقوي سلطة الدولة ويساعدها في تثبيت نفوذها في كافة أنحاء الدولة ، ولا شك أن هذا النظام له ما يبرره في الدول الناشئة حديثاً ، والتي تحتاج لتقوية و تدعيم لوحدتها.
2- يؤدي تطبيق نظام المركزية الإدارية إلى تحقيق وحدة أسلوب و نمط الوظيفة الإدارية في الدولة كما يؤدي إلى ثبات و إستقرار الإجراءات الإدارية و دقتها كما يساهم هذا النظام في القضاء على سبب من أسباب ظاهرة البيروقراطية المتمثل في كثرة الإجراءات
3- تحقيق العدل و المساواة في المجتمع لإشراف الحكومة المركزية على المرافق العامة و نظرتها الشمولية البعيدة عن المصالح المحلية.
4- المركزية أسلوب ضروري لإدارة المرافق العامة السيادية أو القومية التي لا يتعلق نشاطها بفئة معينة أو إقليم معين كمرفق الأمن أو الدفاع أو المواصلات .
5- المركزية تؤدي إلى توحيد النظم و الإجراءات المتبعة في كافة أنحاء الدولة كونها تتأتى من مصدر واحد ، مما يمكن الموظفين من الإلمام بكافة الأوامر و التعليمات اللازمة لتنفيذ الوظيفة الإدارية .
6- يؤدي نظام المركزية الإدارية إلى تحقيق الإقتصاد و توفير في الأموال و موارد الدولة و يساعد على عدم الإسراف و التبذير في الإنفاق العام .
- عيوب المركزية الإدارية :-
1- يؤدي هذا النظام إلى إشغال الإدارة المركزية أو الوزراء بمسائل قليلة الأهمية على حساب المهام الأكثر أهمية في رسم السياسة العامة لوزاراتهم .
2- المركزية تؤدي إلى زيادة الروتين والبطء في اتخاذ القرارات الإدارية المناسبة وفي الوقت المناسب ، لاستئثار السلطة المركزية بسلطة اتخاذ كافة القرارات في الدولة وبعد مصدر القرار في أكثر الأوقات عن الأماكن المراد تطبيق القرار فيها ، وغالباً ما تأتي هذه القرارات غير متلائمة مع طبيعة المشكلات المراد حلها .
3- المركزية الإدارية لا تتماشى مع المبادئ الديمقراطية القائلة بضرورة أن تدار الوحدات المحلية من خلال سكان هذه الوحدات عن طريق مجالس منتخبة من بينهم .
4- المركزية الإدارية وبسبب تركز السلطة بيد الوزراء وفئة قليلة من الرؤساء والإداريين في العاصمة تؤدي إلى قتل روح المثابرة والإبداع لدى الموظفين الآخرين لأن دورهم ينحصر بتنفيذ الأوامر والتعليمات الصادرة من السلطة المركزية ، وعدم مشاركتهم فيها .
- السلطة الإدارية المركزية في النظام الإداري الجزائري :
تتمثل السلطات الإدارية المركزية الجزائرية التي لها الصفة القانونية لإتخاذ القرارات الإدارية النهائية بخصوص مسائل الوظيفة الإدارية بإسم و لحساب الدولة الجزائرية تتمثل في رئيس الجمهورية في حدود إختصاصاته و وظائفه الإدارية فقط يعاونه في ذلك أجهزة تنفيذية و إستشارية تابعة له و خاضعة لسلطاته الرئاسية المباشرة و تتمثل تلك الهيئات في رئاسة الجمهورية و رئاسة الحكومة و الوزاراء كل في حدود إختصاصات وضائفه الوزارية و يساعد كل وزير في إختصاصاته المركزية أجهزة إدارية و إستشارية و تنفيذية تابعة له و خاضعة لسلطاته الرئاسية كما تتمثل سلطات الإدارة المركزية الجزائرية في الولاة في حدود إختصاصاتهم الإدارية المركزية .
- سلطات و إختصاصات رئيس الجمهورية الإدارية :
يعتبر رئيس الجمهورية رئيس السلطة التنفيذية يموجب الدساتير الصادرة إلى حد الآن ، ذلك أن النظام السياسي الجزائري كان نظاما دستوريا مغلقا في ظل دستور 1963 و دستور 1976 و نظاما شبه رئاسي في ظل دستور 1989 و دستور 1996 ، و عليه فرئيس الجمهورية في نطاق وظائفه و إختصاصاته الإدارية يعد الرئيس الإداري الأعلى في بناء و هيكل النظام الإداري الجزائري إذ يملك حق و سلطة إصدار القرارات الإدارية الباتة و النهائية بإسم الدولة الجزائرية و لحسابها تكون نافذة على مستوى كل الإقليم الجزائري .
إختصاصات و وظائف رئيس الجمهورية :
يقوم رئيس الجمهورية في النظام الدستوري الجزائري بمهام و مسؤوليات كبرى ، إذ يملك صفة و سلطة إصدار القرارات
الإدارية التنظيمية العامة و القرارات الإدارية الفردية لما يتعلق الأمر بالوظيفة الإدارية و في جميع الموضوعات الإدارية و ذلك في نطاق الإختصاصات الإدارية المقررة له بنص الدستور و العرف الدستوري و تتمثل هذه الإختصاصات في :
1- الوظيفة الإدارية التنظيمية :
إن رئيس الجمهورية مسؤول عن القيام بالسلطة و الوظيفة التنظيمية للنظام الإدارية الجزائري بإعتباره القائد الإداري للوظيفة التنفيذية في الدولة فهو المسؤول عن إنشاء الأجهزة و المؤسسات و المرافق الإدارية المركزية في الدولة و تحديد إختصاصاتها و نظامها القانوني و تحديد علاقاتها القانونية المختلفة سواء فيما بينها أو بين المواطنين و الدولة كما يضطلع رئيس الجمهورية بإصدار القرارات التنظيمية التي يصدرها في شكل مراسيم أو لوائح إدارية لتنفيذ القوانين .
2- سلطة و وظيفة التعيين :
من إختصاصات و سلطات رئيس الجمهورية الإدارية ، سلطة التعيين للموظفين السامين المدنيين منهم و العسكريين و ذلك بواسطة مراسيم ، فرئيس الجمهورية في النظام الجزائري هو الذي يحوز الصفة القانونية لإستعمال سلطة تعيين كبار الموظفين.
3- وظيفة حفظ النظام العام و الأمن العام و الصحة العامة و الآداب العامة في الدولة :
و هذا الإختصاص مقرر في النظام الجزائري مثل النظام الفرنسي بموجب العرف الدستوري فرئيس الجمهورية تبعا لذلك يحوز الصفة القانونية في إستعمال سلطة إصدار القرارات الإدارية التنظيمية المتعلقة بمرفق و وظيفة حفظ النظام العام و هي ما يعرف بالضبط الإداري أو البوليس الإداري .
4- وظيفة التنسيق :
يعتبر رئيس الجمهورية المسؤول المختص بإقامت و تتحقيق عملية تنسيق أعمال الوظيفة الإدارية على المستوى المركزي الأعلى للإدارة العامة الجزائرية .
الأجهزة و وحدات الإدارية المساعدة لرئيس الجمهورية :
يساعد رئيس الجمهورية في آداء مهامه بصفته الرئيس الأعلى للإدارة المركزية ، وحدات إدارية تابعة و مساعدة له كما أن هناك هيئات إستشارية تساعده في القيام بمهامه من بينها الوزراء فالوزير بإعتباره عضوا من أعضاء السلطة التنفيذية المسؤولة عن الوظيفة التنفيذية صفتان :
- الصفة السياسية :بإعتباره عضوا في مجلس الوزراء أو مجلس الحكومة .
- الصفة الإدارية :بإعتباره عضوا إداريا لأنه الرئيس الإداري لمجموعة المرافق و المؤسسات و الأجهزة الإدارية المكونة للوزارة التي يشرف عليها فالوزير يعد الرئيس الإداري الأصيل ، و صاحب الإختصاص العام في شؤون الوظيفة الإدارية المتعلقة بتسيير وزارته و له سلطة إتخاذ القرارات الإدارية و التصرفات و كافة الأعمال القانونية و المادية بإسم و لحساب الدولة في نطاق الإختصاص الوظيفي للوزارة التي يشرف عليها .
إختصاصات و وظائف الوزير من الناحية الإدارية :
- يقوم في نطاق الإختصاص الوظيفي لوزارته بالتنظيم الداخلي للوزارة و ضمان حسن سيرها و هو في سبيل ذلك مخول بإصدار القرارات الإدارية التنظيمية و كافة إجراءات التنظيم الدخلي .
- الوزير هو الرئيس الإداري المركزي المختص و صاحب الصفة القانونية في ممارسة السلطة الرئاسية .

المبحث الثاني
اللامركزية الإدارية
يقوم هذا النظام على أساس توزيع الوظيفة الإدارية بين الحكومية المركزية في العاصمة وبين أشخاص الإدارة المحلية في الأقاليم
التي تتمتع بالشخصية المعنوية المستقلة ، مع خضوعها لرقابة و إشارف الإدارة أو الحكومة المركزية و ذلك في إطار ما يعرف بالرقابة الوصائية .
ففي هذا النظام تتمتع السلطات المحلية بقدر من الاستقلال في ممارسة اختصاصاتها بحيث تحتفظ الإدارة المركزية بإدارة بعض المرافق العامة السيادية أو القومية و تمنح الأشخاص المعنوية المحلية سلطة إنشاء و إدارة بعض المرافق العامة ذات الطابع المحلي.
بالتالي تظهر في هذا النظام إلى جانب الدولة أو الإدارة المركزية أشخاص معنوية محلية أو مرفقية يطلق عليها بالإدارة اللامركزية أو السلطات الإدارية اللامركزية.
أولا : صور اللامركزية الإدارية : هناك صورتان أساسيتان للامركزية الإدارية " اللامركزية المحلية أو الإقليمية ، واللامركزية المصلحية أو المرفقية " .
- اللامركزية الإقليمية أو المحلية:
معناها أن تمنح السلطات المركزية إلى جزء من إقليم الدولة جانبا من اختصاصاتها في إدارة المرافق و المصالح المحلية بعد منحها الشخصية المعنوية و الاستقلال المالي و الإداري تستند هذه الصورة إلى فكرة الديمقراطية التي تقتضي إعطاء سكان الوحدات المحلية الحق في مباشرة شؤونهم و تسيير مرافقهم بأنفسهم عن طريق مجالس منتخبة منهم .
تقوم اللامركزية الإقليمية أو المحلية على ثلاث أركان :
1- وجود مصالح محلية أو إقليمية متميزة :
يجب من خلال النظام اللامركزي أن تكون هناك مصالح و حاجيات خاصة ببعض المناطق الجهوية يحسن ترك أمر إشباعها إلى أبناء كل منطقة و في جانب ذلك هناك بعض المرافق تمثل مصالح وطنية أي على مستوى الدولة .
إن وجود مجموعة مصالح جماعية جماعية مشتركة و مترابطة متميزة عن مجموعة المصالح العامة الوطنية محددة في نطاق واضح إقليميا إذ ترتكز سياسة اللامركزية على توزيع متزن للصلاحيات و المهام حسب تقسيم منطقي للمسؤولية داخل نطاق وحدة الدولة فعلى البلديات و الولايات حل مشاكلها الخاصة بها و على السلطة المركزية البت في القضايا ذات الأهمية الوطنية و من هنا ينبغي لللامركزية أن تخول الولايات و البلديات كامل الصلاحيات لحل المشاكل ذات المصلحة المحلية و الجهوية التي بإمكانها حلها و تشمل هذه الصلاحيات الميادين المختلفة و المشرع ( البرلمان )هو المختص الوحيد لتحديد نطاق و حجم المصالح الإقليمية و المصالح الوطنية و هو الذي يحدد العلاقة بين هذه المصالح المختلفة .
بمعنى يتم منح الشخصية المعنوية للوحدات المحلية لإعتبارات إقليمية أو محلية ،لأنه من الأفضل أن تباشرها هيئات محلية معينة مع إسناد إدارتها إلى سكان هذه الوحدات أنفسهم ، و يتم تحديد اختصاصات الهيئات المحلية بقانون و لا يتم الانتقاص منها إلا بقانون آخر ، وهي تشمل مرافق متنوعة و تتضمن كافة الخدمات التي تقدم كمرفق الصحة و التعليم و الكهرباء و الماء و غيرها .
2- يتولى سكان الوحدات المحلية إدارة هذه المرافق :
يجب أن يتولى سكان الوحدات المحلية إدارة هذا النوع من المرافق بأنفسهم و ان يتم ذلك باختيار السلطات المحلية من هؤلاء السكان و ليس عن طريق الحكومة أو الإدارة المركزية ... ويذهب أغلب الفقهاء إلى ضرورة أن يتم اختيار أعضاء المجالس المحلية عن طريق الانتخابات تأكيداً لمبدأ لديمقراطية حيث ذهب الأستاذ penoit إلى القول بأن اللامركزية هي الديمقراطية كأعضاء المجالس الشعبية البلدية ، و إذا كان الإنتخاب هو الأصل فإنه ليس هناك مانع من مشاركة أعضاء معينين ضمن هذه المجالس لتوفير عناصر ذات خبرة و كفاءة مثل الوالي بشرط أن تبقى الأغلبية للعناصر المنتخبة ،خاصة و إن الانتخاب يتطلب قدر كبير من الوعي والثقافة مما لا يتوفر غالباً في سكان الوحدات المحلية .

3- استقلال الوحدات المحلية :
إذا كان من الضروري أن يكون اختيار أعضاء المجالس المحلية عن طريق سكان هذه الوحدات فإن الأكثر أهمية أن تستقل الهيئات اللامركزية في مباشرة عملها عن السلطة المركزية ، فالمرافق اللامركزية لا تخضع لسلطة رئاسة أعلى ، إلا أن ذلك لا يعني الاستقلال التام للهيئات المحلية عن السلطات المركزية ، فالأمر لا يعدو أن يكون الاختلاف حول مدى الرقابة التي تمارسها السلطات المركزية على الهيئات المحلية في النظم اللامركزية إذ لابد من تمتع هذه الهيئات باستقلال كافٍ في أدائها لنشاطها ، و قد أطلق الفقهاء على الرقابة التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات اللامركزية الوصاية الإدارية.
- اللامركزية المرفقية:
يجد المشرع في أحيان كثيرة أنه من الضروري أن يمنح بعض المشاريع و المرافق و المصالح العامة الشخصية المعنوية و قدر من الاستقلال عن الإدارة المركزية مع خضوعها لإشرافها ، كمرفق البريد و الكهرباء و الإذاعة ... ، لتسهيل ممارستها لنشاطاتها بعيداً عن التعقيدات الإدارية .
فتمارس اللامركزية المرفقية نشاطاً واحداً أو أنشطة متجانسة كما هو الحال في الهيئات والمؤسسات العامة على عكس اللامركزية المحلية التي تدير العديد من المرافق أو الأنشطة غير المتجانسة ، و لا يستند هذا الأسلوب على فكرة الديمقراطية إنما هي فكرة فنية تتصل بكفاءة إدارة المرفق و على ذلك ليس هناك حاجة للأخذ بأسلوب الانتخابات في اختيار رؤساء أو أعضاء مجالس إدارة هذه الهيئات العامة و ينبغي الحرص دائما على أنً تكون ممارسة هذه المؤسسات لنشاطها ضمن الحدود و الاختصاصات التي أجازها و لا يمكن مباشرة نشاط آخر أو التوسيع من اختصاصاتها .
ثانيا : تقييم اللامركزية الإدارية
نظام اللامركزية الإدارية له الكثير من المزايا إلا أن من الفقهاء من أبرز له بعض العيوب وهو ما نبينه في هذه الدراسة:
- مزايا اللامركزية الإدارية :
1- يؤكد المبادئ الديمقراطية في الإدارة ، لأنه يهدف إلى اشتراك الشعب في اتخاذ القرارات وإدارة المرافق العامة المحلية .
2- يخفف العبء عن الإدارة المركزية ، إذ أن توزيع الوظيفة الإدارية بين الإدارة المركزية والهيئات المحلية أو المرفقية يتيح للإدارة المركزية التفرغ لأداء المهام الأكثر أهمية في رسم السياسة العامة وإدارة المرافق القومية .
3- النظام اللامركزي أقدر على مواجهة الأزمات والخروج منها . سيما وأن الموظفين في الأقاليم أكثر خبرة من غيرهم في مواجهة الظروف والأزمات المحلية كالثورات واختلال الأمن ، لما تعودوا عليه وتدربوا على مواجهته وعدم انتظارهم تعليمات السلطة المركزية التي غالباً ما تأتي متأخرة .
4- تحقيق العدالة في توزيع حصيلة الضرائب وتوفير الخدمات في كافة أرجاء الدولة ، على عكس المركزية الإدارية حيث تحظى العاصمة والمدن الكبرى بعناية أكبر على حساب المدن والأقاليم الأخرى .
5- تقدم اللامركزية الإدارية حلاً لكثير من المشاكل الإدارية والبطء والروتين والتأخر في اتخاذ القرارات الإدارية وتوفر أيسر السبل في تفهم احتياجات المصالح المحلية وأقدر على رعايتها .
- عيوب اللامركزية الإدارية :-
1- يؤدي هذا النظام إلى المساس بوحدة الدولة من خلال توزيع الوظيفة الإدارية بين الوزارات والهيئات المحلية .
2- قد ينشأ صراع بين الهيئات اللامركزية والسلطة المركزية لتمتع الاثنين بالشخصية المعنوية ولأن الهيئات المحلية غالباً ما تقدم المصالح المحلية على المصلحة العامة .
3- غالباً ما تكون الهيئات اللامركزية أقل خبرة ودراية من السلطة المركزية ومن ثم فهي أكثر إسرافاً في الإنفاق بالمقارنة مع الإدارة المركزية .
ولا شك أن هذه الانتقادات مبالغ فيها إلى حد كبير ويمكن علاجها عن طريق الرقابة أو الوصايا الإدارية التي تمارسها السلطة المركزية على الهيئات اللامركزية والتي تضمن وحدة الدولة وترسم الحدود التي لا تتجاوزها تلك الهيئات وفي جانب آخر يمكن سد النقص في خبرة الهيئات اللامركزية من خلال التدريب ومعاونة الحكومة المركزية مما يقلل من فرص الإسراف في النفقات والأضرار بخزينة الدولة.
ويؤكد ذلك أن اغلب الدول تتجه اليوم نحو الأخذ بأسلوب اللامركزية الإدارية على اعتبار أنه الأسلوب الأمثل للتنظيم الإداري .
ثالثا : الوصاية الإدارية
أطلق جانب من الفقه على الرقابة التي تمارسها السلطات المركزية على الهيئات اللامركزية مصطلح الوصاية الإدارية إلا إن هذا المصطلح منتقد عند جانب آخر من الفقهاء ويرون أن يستبدل بمصطلح الرقابة الإدارية و ذلك لوجود اختلاف بين المراد بالوصاية في القانون الخاص ، وبين الوصاية الإدارية في القانون العام، فالأولى تتعلق بحماية الأفراد ناقصي الأهلية أما الوصايا الإدارية فتترتب على الهيئات المحلية، وهذه الهيئات تتمتع بأهلية كاملة بصفتها شخصية معنوية معتبرة .
و نرى إزاء هذا الاختلاف البين أن مصطلح الرقابة الإدارية هو الأجدر على وصف العلاقة بين السلطة المركزية والهيئات المحلية ، فهو وسيلة فنية تقوم على أساس و في إطار مبدأ وحدة الدولة الدستورية و السياسية و من ثم يتحتم وجود نظام الرقابة الوصائية الإدارية التي تمارسها الإدارة المركزية في حدود القانون فقط و ذلك من أجل الحفاظ على وحدة الدولة الدستورية و السياسية من مخاطر الخروج عنها و تعريض كيان الدولة للإنهيار .
فإذا كان النظام الإداري اللامركزي يقوم على أساس تفرغ الهيئات الإدارية اللامركزية بتسيير الشؤون اليومية اللازمة لإشباع الحاجات العامة المحلية للمواطنين كما يحقق المصلحة العامة في كافة المجالات و من ثم كان حتما و جود نظام الرقابة الإدارية الوصائية من أجل ضمان الحفاظ على شرعية أعمال و تصرفات الأجهزة و السلطات الإدارية اللامركزية و عدم خروجها و تناقضها مع المصلحة العليا للدولة و مقتضيات المرافق السيادية ، كما تستهدف الرقابة الإدارية الوصائية على الهيئات و السلطات الإدارية المركزية ضمان الحفاظ على إقامت و تحقيق التوازن و التوفيق بين المصلحة العامة الوطنية و بين المصالح العامة الجهوية و المحلية على أن لا يؤدي ذلك إلى إعطاء أي إستقلال ذاتي للجماعات المحلية .
التمييز بين الوصاية الإدارية والسلطة الرئاسية
الرقابة الإدارية في النظام اللامركزي تختلف عن السلطة الرئاسية التي تعتبر أحد عناصر المركزية الإدارية , فالسلطة الرئاسية كما سبقت الإشارة علاقة التبعية والتدرج الرئاسي بين الموظف ورئيسه . أما في النظام اللامركزي فإن الموظفين في الدوائر والهيئات المحلية لا يدينون بالطاعة لأوامر السلطة المركزية على خلاف الأمر في السلطة الرئاسية ، لأن هذه الهيئات تتمتع بشخصية معنوية تجعلها بمنأى عن الخضوع التام لتوجيهات السلطة المركزية ، ولكنها لا تتخلى عن الرقابة اللاحقة التي تمارسها على أعمال الهيئات المحلية .
ولا يمكن اعتبار هذا الاستقلال منحه من الهيئات المركزية بل هو استقلال مصدره القانون أو الدستور ويقود هذا الاستقلال إلى أعضاء الرئيس الذي يملك الوصايا من المسؤولية المترتبة من جراء تنفيذ المرؤوس لتوجيهاته إلا المرؤوس لتوجيهاته غلا في الأحوال التي يحددها القانون.
كما تختلف ( الوصاية الإدارية ) عن السلطة الرئاسية في أنه لا يجوز للسلطة المركزية تعديل القرارات التي تصدرها الهيئات المحلية وكل ما تملكه توافق عليها بحالتها أو ترفضها.
فإن حاولت السلطة المركزية فرض رئاستها على المرافق اللامركزية بالتعرض لقراراتها بالتعديل أو إلغائها في غير الحدود القانونية كان لهذه الأخيرة الاعتراض على ذلك .
وفي ذلك ورد في حكم لمحكمة القضاء الإداري المصري " إن من المسلم به فقهاً وقضاء إن علاقة الحكومة المركزية بالمجالس البلدية والقروية إن هي إلا وصاية إدارية وليست سلطة رئاسية ، وبناء على ذلك فإن الأصل إن وزير الشؤون البلدية والقروية لا يملك بالنسبة لقرارات هذا المجلس سوى التصديق عليها كما هي ، أو عدم التصديق عليها كما هي ، دون أن يكون له حق تعديل هذه القرارات".
وأخيراً فإن سلطة الوصايا تملك الحلول محل الوحدات المحلية عندما تهمل الأخيرة في ممارسة اختصاصاتها أو تخل بالتزاماتها فترفض اتخاذ إجراء معين كان الواجب عليها طبقاً للقوانين واللوائح ، حتى لا يتعطل سير المرافق العامة تحل السلطة المركزية محل الوحدات اللامركزية لتتخذ الإجراء المطلوب وذلك باسم الوحدات اللامركزية ولحسابها.
لخطورة هذه السلطة وحتى لا تتعسف السلطة المركزية في ممارسة حق الحلول ، درج القضاء على القول بضرورة وجود نص قانوني صريح يلزم الوحدة اللامركزية بالقيام بالعمل أو بإجراء التصرف وامتناعها عن ذلك ، وقيام السلطة الوصايا بتوجيه إنذار مكتوب إلى الوحدة اللامركزية الممتنعة تدعوها إلى وجوب القيام بالعمل أو الإجراء الذي يفرضه القانون



.............../................
منقول










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:46   رقم المشاركة : 25
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجزء الرابع:


طبيعة نظام الرقابة الإدارية الوصائية :
تتميز الرقابة الإدارية الوصائية بأنها رقابة مشروعية فقط ، أي أن تحديد نطاق هذه الرقابة و أهدافها و وسائلها و إجراءاتها و السلطات الإدارية المختصة من القيام بها لابد أن يتم بواسطة القوانين و النصوص التي تتمثل في النظام الإداري لاسيما التشريعات المنشئة و المنظمة للهيئات و الوحدات الإدارية اللامركزية الإقليمية مثل قانون البلدية و قانون الولاية و ذلك تطبيقا لقاعدة " لا وصاية إلا بنص " .
إن السلطات الإدارية المركزية التي تختص في الرقابة الإدارية الوصائية على الهيئات و المؤسسات الإدارية المركزية لا بد أن تكون محددة على سبيل الحصر في القانون ، و هكذا تحدد التشريعات المتعلقة بتنظيم العلاقة بين السلطات الإدارية المركزية و السلطات اللامركزية في النظام الإداري الجزائري تحددها و تحصرها في رئيس الجمهورية ، الوةزراء كل في حدود إختصاص وزارته ، و الولاة، كما أن الإمتيازات و وسائل الرقابة الإدارية الوصائية محددة على سبيل الحصر في القوانين المنشئة لهذه الهيئات فلا يجوز للسلطات الإدارية المركزية الوصية أن تستخدم و سائل أخرى للرقابة غير تلك الوسائل المحددة في القوانين.
إن معنى الرقابة الوصائية هخي رقابة شرعية فقط عكس الرقابة الإدارية الرئاسية التي هي رقابة فعلية ، كما تمتاز الرقابة الإدارية الوصائية بأنها رقابة إستثنائية تمارس في حدود النص القانوني فقط لأن الهيئات اللامركزية مستقلة عن السلطات المركزية و ذلك عن طريق منحها الشخصية القانونية و ينتج من هذه الميزة للرقابة الإدارية الوصائية النتائج التالية :
- عدم جواز التوسع في تفسير النصوص القانونية المنظمة للرقابة الإدارية الوصائية .
- عدم جواز تدخل السلطات الإدارية المركزية في شؤون الهيئات و المؤسسات الإدارية المركزية .
- عدم جواز حلول السلطات الإدارية المركزية الوصية محل السلطات اللامركزية في القيام بأعمالها و لذلك لا يجوز للسلطات الإدارية المركزية الوصية أن تعدل بالزيادة أو بالنقصان في القرارات أو التصرفات القانونية الصادرة من السلطات الإدارية اللامركزية وقت التصديق عليها في الحالات التي يشترط ضرورة الحصول على مصادقة السلطات الإدارية المركزية .
إن نفاذ و سريان القرارت الإدارية و العقود الإدارية و كافة التصرفات القانونية الصادرة من السلطات الإدارية اللامركزية المختصةن أو بطلانها يكون من تاريخ إصدارها من هذه السلطات الإدارية اللامركزية لا من تاريخ المصادقة عليها .
مظاهر سلطات و إمتيازات رقابة الوصاية الإدارية :
تتمتع السلطات الإدارية المركزية الوصائية ببعض الإمتيازات منها :
- قد تكون هذه الرقابة على اشخاص بعض الأعضاء القائمين بإدارة الإدارة اللامركزية مثل تعيين بعض أعضائها أو نقلهم و الرقابة على أعمالهم و أبرز مثال على ذلك في النظام الإداري الجزائري هو مركز الوالي و المديرين التنفيذيين على مستوى الولاية .
- حق السلطات الإدارية المركزية في دعوة المجالس الشعبية المسيرة للهيئات و المؤسسات الإدارية اللامركزية إلى دورات إستثنائية غير عادية .
- حق سلطة الإدارة المركزية الوطنية في حل المجالس الشعبية المنتخبة المكونة لهيئة و إدارة المؤسسات اللامركزية و ذلك في حدود القانون فقط .
- حق و سلطة الإدارة المركزية في تقرير و صرف إعتمادات مالية لصالح الهيئات و المؤسسات الإدارية اللامركزية في حالة عجزها عن تغطية نفقاتها اللازمة لإشباع الحاجات العامة المحلية .
- حق و سلطة الإدارة المركزية في الإطلاع الدائم و المستمر على أعمال و تصرفات المؤسسات الإدارية اللامركزية بإنتظام كما يجب عليها رفع محاضر جلساتها و مداولاتها إلى السلطات المركزية للإطلاع عليها .

المحور الثالث : الأعمال الإدارية
للقيام بالوظيفة العامة للدولة المتمثلة في إقامة و تحقيق النظام الاجتماعي الذي يتحقق عن طريق تنظيم الحياة العامة للمجتمع و حماية كيان الجماعة و ضمان إستمراريتها و توفير السلام الاجتماعي ، و للقيام بكل ذلك ينبغي تقسيم الوظيفة و تجزئتها على أساس مبدأ التخصص الوظيفي و الاستقلال العضوي فتقسم إلى الوظائف التالية :
- وظيفة تنفيذية و تقوم بها السلطة التنفيذية .
- وظيفة تشريعية و تقوم بها السلطة التشريعية .
- وظيفة قضائية و تقوم بها السلطة القضائية .
- وظيفة سياسية و تقوم بها السلطة السياسية في الدولة .
و تشمل الوظيفة التنفيذية على الوظيفة الحكومية و الوظيفة الإدارية ، و نظرا لصعوبة التمييز بينهما نظرا لتداخلهما و تشابكهما فغنه يمكن إبراز المعالم الرئيسة بين الوظيفية ، فتنحصر الوظيفة الحكومية بما يتعلق بمجال القيادة و التوجيه و رسم و خطط السياسة العامة و تحديد الأهداف و المبادئ العامة و تنظيم العلاقات بين السلطات و الهيئات العامة في الدولة و العلاقات الخارجية ، و تقوم بهذه الوظيفة الحكومة التي تعلو و تراس السلطة الإدارية التي تقوم بالوظيفة الإدارية التي تتركز في تطبيق و تنفيذ السياسة و الخطة العامة و إنجاز الأهداف المرسومة و تطبيق القوانين و تحقيق الصالح العام ، و السلطة التفيذية بصدد قيامها بوظيفتها قد تأتي أعمالا إدارية مختلفة قد تكون أعمالا إدارية مادية و قد تكون أعمالا إدارية قانونية :
الأعمال الإدارية المادية و الأعمال الإدارية القانونية :
الأعمال الإدارية المادية : هي مجموعة الأعمال التي تقوم بها السلطة الإدارية بصدد القيام بوظيفتها الإدارية دون أن تقصد إحداث أثر قانوني عليها ، ميثال ذلك هدم منزل آيل للسقوط ، و الأعمال الفنية التي يقوم بها موظفوا الدولة مثل البناء و غيره و كذلك التعليم . . . و تنفيذ الاوامر و القرارات المختلفة أو جر سيارة متوقفة في الطريق العام .
الأعمال الإدارية القانونية : هي تلك الاعمال التي تقوم بها الإدارة و هي تقصد من خلالها إحداث أثار قانونية من إنشاء أو تعديل أو إلغاء مراكز قانونية معينة عامة أو خاصة كانت ، و تنقسم هذه الاعمال إلى نوعين :
1- أعمال إدارية قانونية إنفرادية : أي الأعمال القانونية الصادرة من الإدارة وحدها و بإرادتها المنفردة و هي القرارات الإدارية .
2- الأعمال القانونية الإدارية القانونية الإتفاقية أو الرضائية : هي الأعمال القانونية الصادرة بناء على إتفاق و تبادل الرضا بين جهة الإدارة كطرف و الطرف الآخر شخص قانوني طبيعي او معنوي خاص أو عام .

الفصل الأول
تمييز القرار الإداري عن أعمال الدولة الأخرى
تمارس الدولة وفقاً لمبدأ الفصل بين السلطات ثلاث مهام أو وظائف هي الوظيفة التشريعية والوظيفة القضائية والوظيفة التنفيذية , فالوظيفة التشريعية تتضمن مهمة وضع القواعد السلوكية العامة والمجردة وتختص بممارستها السلطة التشريعية , أما الوظيفة القضائية فتتضمن الفصل في المنازعات وتختص بها السلطة القضائية .
أما الوظيفة لتنفيذية فتختص بها السلطة التنفيذية التي تمارس أعمال مختلفة منها الأعمال المادية كبناء المنشآت العامة وتعبيد الطرق أو بناء الجسور , كما تصدر أعمالاً قانونية وهذه الأخيرة منها ما يصدر بإرادتها المنفردة دون مشاركة الأفراد وهذه القرارات الإدارية , ومنها الأعمال القانونية التعاقدية التي تصدر باتفاق أرادتين .
ومن ثم فإن تمييز القرار الإداري ليس بالأمر السهل , فالفصل بين السلطات لا يعني الفصل التام إذ تقتصر كل هيئة على ممارسة وظيفة خاصة , إنما تمارس بعض الأعمال الداخلة أصلا في نشاط الهيئات الأخرى .
فالسلطة التشريعية تمارس عملاً إدارياً عندما تصدر الميزانية والسلطة التنفيذية قد تفصل في خصومة عن طريق المجالس الإدارية ذات الاختصاص القضائي , بينما يمارس القضاء بعض الاختصاصات الإدارية المتعلقة بموظفي الهيئات القضائية فضلاً عن وظيفته الأصلية في الفصل في المنازعات .
لذلك كان من الواجب تمييز القرار الإداري عن أعمال السلطة التشريعية والسلطة القضائية , ثم نبحث في تمييز القرار الإداري عن العمل المادي .
القرارات الإدارية والأعمال التشريعية
القرارات الإدارية تقبل الطعن بالإلغاء أمام القضاء الإداري وعلى العكس من ذلك فإن القوانين لا يمكن الطعن فيها إلا بالطريق الدستوري المقرر .
ويتردد الفقه الحديث بين معيارين لتحديد صفة العمل تشريعية أم إدارية :
اولاً : المعيـار الشكلي : وفقاً للمعيار الشكلي أو العضوي يتم الرجوع إلى الهيئة التي أصدرت العمل أو الإجراءات التي اتبعت في إصداره دون النظر إلى موضوعه فإذا كان العمل صادراً من السلطة التشريعية فهو عمل تشريعي , أما إذا كان صادراً من أحدى الهيئات الإدارية بوصفها فرعاً من فروع السلطة التنفيذية فهو عمل إداري ومن ثم يمكن تعريف العمل الإداري وفق هذا المعيار بأنه كل عمل صادر من فرد أو هيئة تابعة للإدارة أثناء أداء وظيفتها .
فهذا المعيار يقف عند صفة القائم بالعمل دون أن يتعدى ذلك إلى طبيعة العمل ذاته , وهو معيار سهل التطبيق لو التزمت كل سلطة بممارسة نشاطها وأخذت بمبدأ الفصل التام بين السلطات , إلا أن طبيعة العمل تقتضي في أحيان كثيرة وجد نوع من التداخل والتعاون بين السلطات مما دعى بالفقه إلى البحث عن معيار آخر للتمييز بين القرارات الإدارية والأعمال التشريعية .
ثانياً : المعيـار الموضوعي : يعتمد المعيار الموضوعي على طبيعة العمل وموضوعه بصرف النظر عن الجهة التي أصدرته أو الإجراءات التي اتبعت في إصداره فإذا تمثل العمل في قاعدة عامة مجردة فأنشأ مركزاً قانونياً عاماً اعتبر عملاً تشريعياً أما إذا تجسد في قرار فردي يخص فرداً أو أفراداً معينين بذواتهم فأنشأ مركزاً قانونياً خاصاً اعتبر عملاً إدارياً وينقد أنصار هذا الاتجاه المعيار الشكلي لأنه يقف عند الشكليات وعدم الاهتمام بطبيعة العمل وجوهره , ويأتي في مقدمة أنصار الاتجاه الموضوعي الفقيه دوجي وبونار وجيز ويؤمن هؤلاء الفقهاء بأن القانون يقوم على فكرتين أساسيتين هما فكرتا المراكز القانونية والأعمال القانونية :
1. المراكز القانونية : وهي الحالة التي يوجد فيها الفرد أزاء القانون وتقسم إلى قسمين :
أ- المراكز القانونية العامة أو الموضوعية : وهو كل مركز يكون محتواه واحد بالنسبة لطائفة معينة من الأفراد , فترسم حدوده ومعالمه قواعد مجردة متماثلة لجميع من يشغلون هذا المركز ومثله مركز الموظف العام في القانون العام والرجل المتزوج في القانون الخاص .
ب- المراكز القانونية الشخصية أو الفردية : وهي المراكز التي يحدد محتواها بالنسبة لكل فرد على حده , وهي بهذا تختلف من شخص إلى آخر ولا يمكن أن يحدد القانون مقدماً هذه المراكز لأنها تتميز بـأنها خاصة وذاتية ومثله مركز الدائن أو المدين في القانون الخاص ومركز المتعاقد مع الإدارة في القانون العام .
2. الأعمال القانونية : وتمتاز بأنها متغيرة ومتطورة بحسب الحاجة ويتم هذا التغيير أما بإرادة المشرع أو بإرادة شاغلها ويقسم " دوجي " هذه الأعمال إلى ثلاثة أقسام :
أ- أعمال مشرعة : وهي كل عمل قانوني ينشئ أو يعدل أو يلغى مركزاً قانونياً عاماً أو موضوعياً من هذه الأعمال القوانين المشرعة واللوائح والأنظمة , والتي تتضمن قواعد تنظيمية عامة وغير شخصية .
ب- أعمال شخصية أو ذاتية : وهي الأعمال القانونية التي تنشئ أو تتعلق بمراكز شخصية لا يمكن تعديلها إلا بإرادة أطرافه وأوضح مثال على هذه الأعمال العقود .
ج- أعمال شرطية : وهي الأعمال الصادرة بصدد فرد معين وتسند إليه مركزاً عاماً , فهي تجسيد لقاعدة عامة على حالة أو واقعة فردية , ومثاله في القانون العام قرار التعيين في وظيفة عامة , فهذا القرار يعد عملاً شرطياً لأنه لا ينشئ للموظف مركزاً شخصياً , لأن هذا المركز كان قائماً وسابقاً على قرارا التعيين . وبهذا المعنى فإن العمل التشريعي عند " دوجي " هو الذي يتضمن قاعدة عامة موضوعية " قوانين أو اللوائح " بغض النظر عن الهيئة أو الإجراءات المتبعة لإصداره , في حين يعد إدارياً إذا اتسم بطابع الفردية وهذا يصدق على القرارات والأعمال الفردية والأعمال الشرطية .
ويبدو أن المشرع والقضاء الفرنسيان يأخذان بالمعيار الشكلي فالأصل أن لا يقبل الطعن بالإلغاء ضد أعمال السلطة التشريعية سواء في القوانين أو القرارات الصادرة من البرلمان , واعتمد المشرع على ذلك في الأمر الصادر في 31/7/1945 المنظم لمجلس الدولة, إذ نص على أن محل الطعن بسبب تجاوز السلطة هو الأعمال الصادرة من السلطات الإدارية المختلفة .
إلا أن القضاء الفرنسي لجأ في بعض الحالات إلى الأخذ بالمعيار الموضوعي للتمييز بين الأعمال الإدارية والأعمال التشريعية قابلاً الطعن بالإلغاء في أعمال البرلمان المتعلقة بتسيير الهيئة التشريعية كاللوائح الداخلية للبرلمان والقرارات الصادرة بتعيين موظفيه , لا سيما بعد صدور الأمر النظامي في 17/11/1958 الذي سمح لموظفي المجالس برفع المنازعات ذات الطابع الفردي إلى القضاء الإداري وهو الاتجاه الذي اعتمده القضاء الإداري المصري فهو وأن اعتمد المعيار الشكلي قاعدة عامة في الكثير من أحكامه إلا انه اعتبر في أحكام أخرى القرارات الصادرة من مجلس الشعب بإسقاط عضوية أحد أعضاءه عملاً إدارياً يقبل الطعن فيه بالإلغاء .
القرارات الإدارية والأعمال القضائية
يشترك القضاء مع الإدارة في سعيهما الحثيث نحو تطبيق القانون وتنفيذه على الحالات الفردية , فهما ينقلان حكم القانون من العمومية والتجريد إلى الخصوصية والواقعية وذلك بتطبيقه على الحالات الفردية ويظهر التشابه بينهما أيضا في أن الإدارة شأنها شأن القضاء تسهم في معظم الأحيان بوظيفة الفصل في المنازعات من خلال نظرها في تظلمات الأفراد وفي الحالتين يكون القرار الإداري الصادر من الإدارة والحكم القضائي الصادر من السلطة القضائية أداة لتنفيذ القانون .
ومع هذا التقارب سعى الفقه والقضاء إلى إيجاد معيار للتمييز بين العمل القضائي والعمل الإداري لخطورة النتائج المترتبة على الخلط بينهما , فالقرارات الإدارية يجوز بصورة عامة إلغاؤها وتعديلها وسحبها , أما الأحكام القضائية فطرق الطعن فيها محددة تشريعياً على سبيل الحصر .
وبرزت في مجال التمييز بين القرارات الإدارية والأعمال القضائية نظريات عدة يمكن حصرها في ضمن معيارين:
أولاً : المعيــار الشكلي : يقوم هذا المعيار على أساس أن العمل الإداري هو ذلك العمل أو القرار الذي يصدر عن فرد أو هيئة تابعة لجهة الإدارة بصرف النظر عن مضمون وطبيعة العمل أو القرار ذاته, بينما يعد العمل قضائياً إذا صدر عن جهة منحها القانون ولاية القضاء وفقاً لإجراءات معينة , بصرف النظر عن مضمون وطبيعة العمل وهذا المعيار منتقد من حيث أنه ليس جل الأعمال القضائية أحكاماً , بل أن منها ما يعد أعمالاً إدارية بطبيعتها , ومن جانب آخر نجد أن المشرع كثيراً ما يخول الجهات الإدارية سلطة الفصل في بعض المنازعات فيكون لهذه الجهات اختصاص قضائي وعلى هذا الأساس فإن المعيار الشكلي لا يكفي لتمييز الأعمال الإدارية عن الأحكام القضائية .
ثانياً : المعيار الموضوعي : المعيار الموضوعي أو المادي يقوم على أساس النظر في موضوع وطبيعة العمل نفسه دون اعتبار بالسلطة التي أصدرته , واعتمد هذا المعيار عناصر عدة يتم من خلالها التوصل إلى طبيعة ومضمون العمل , فيكون العمل قضائياً , إذ تضمن على " أدعاء بمخالفة القانون , وحل قانوني للمسألة المطروحة يصاغ في تقرير , وقرار هو النتيجة الحتمية للتقرير الذي انتهي إليه القاضي " في حين يكون العمل إدارياً إذا صدر من سلطة تتمتع باختصاص تقديري وليس من سلطة تتمتع باختصاص مقيد كما في أحكام القضاء , وأن يصدر بشكل تلقائي وليس بناءً على طلب من الأفراد وأن يكون الغرض من العمل إشباع حاجات عامة .
ولا شك أن هذه العناصر لا تكفي لتمييز الأعمال الإدارية عن أعمال القضاء , لأن الكثير من قرارات الإدارة إنما يصدر عن اختصاص مقيد , وكثيراً منها لا يصدر إلا بطلب من الأفراد والإدارة عندما تفصل في المنازعات باعتبارها جهة ذات اختصاص قضائي إنما يقترب نشاطها من نشاط القضاء ويهدف إلى حماية النظام القانوني للدولة .
إزاء ذلك نشأ معيار مختلط يقوم على أساس المزج بين المعيارين الشكلي والموضوعي إذ ينظر إلى طبيعة العمل من ناحية , والشكل الذي يظهر فيه العمل والإجراءات المتبعة لصدوره من ناحية أخرى .
والمتتبع لأحكام مجلس الدولة في فرنسا يجد أنه يأخذ في الغالب بالمعيار الشكلي لتمييز العمل القضائي عن القرار الإداري إلا أنه يتجه في بعض الأحيان إلى المعيار الموضوعي فهو يمزج بين المعيارين الشكلي والموضوعي لأن العمل القضائي الذي لا يعد قراراً إدارياً ولا يخضع للطعن أمام القضاء الإداري لا يشمل حتماً كل ما يصدر عن الجهة القضائية ,يبدو أن القضاء الإداري المصري قد واكب هذا الاتجاه فقد قضت محكمة القضاء الإداري : " أن شراح القانون العام قد اختلفوا في وضع معايير التفرقة بين القرار الإداري والقرار القضائي فمنهم من أخذ بالمعيار الشكلي , ويتضمن أن القرار القضائي هو الذي يصدر من جهة منحها القانون ولاية القضاء , ومنهم من أخذ بالمعيار الموضوعي وهو ينتهي إلى أن القرار القضائي هو الذي يصدر في خصومة لبيان حكم القانون فيها و بينما رأى آخرون أن يؤخذ بالمعيارين معاً – الشكلي والموضوعي – وقد اتجه القضاء في فرنسا ثم في مصر إلى هذا الرأي الأخير وعلى أن الراجح هو الأخذ بالمعيارين معاً مع بعض الضوابط , وبيان ذلك أن القرار القضائي يفترق عن القرار الإداري في أن الأول يصدر من هيئة قد استمدت ولاية القضاء من قانون محدد لاختصاصها مبين لإجراءاتها وما إذا كان ما تصدره من أحكام نهائياً أو قابلاً للطعن مع بيان الهيئات التي تفصل في الطعن في الحالة الثانية وأن يكون هذا القرار حاسماً في خصومة , أي في نزاع بين طرفين مع بيان القواعد التي تطبق عليه ووجه الفصل فيه".
القرارات الإدارية والأعمال المادية
العمل المادي مجرد واقعة مادية غير مؤثرة في المراكز القانونية التي تتصل بها, فإذا كان وجود الأثر القانوني هو معيار القرارات الإدارية , فإن غيبة هذا الأثر تصبح هي معيار الأعمال المادية والأعمال المادية أما أن تكون أفعالاً إرادية أرادتها الإدارة وتدخلت لتحقيقها , مثل الإجراءات التنفيذية التي لا تسمو لمرتبة القرار الإداري كهدم المنازل الآيلة للسقوط تنفيذاً لقرار الإدارة بالهدم وقد تكون أفعالاً غير إرادية تقع بطريق الخطأ والإهمال مثل حوادث السير التي يسببها أحد موظفي الإدارة .
والأعمال المادية لا تعتبر من قبيل الأعمال القانونية الإدارية لأنها لا ترتب آثاراً قانونية مباشرة وتخرج هذه الأعمال عن نطاق الطعن بالإلغاء أمام القضاء الإداري وقد قضت المحكمة الإدارية العليا في مصر بأن : " محل العمل المادي الذي لا يختص به القضاء الإداري يكون دائماً واقعة مادية أو أجراء مثبتاً لها دون أن يقصد به تحقيق آثار قانونية إلا ما كان منها وليد إرادة المشرع مباشرة لا أرادة جهة الإدارة " .
وبهذا يتميز محل العمل القانوني عن العمل المادي الذي يكون دائماً نتيجة مادية واقعية " وعلى الرغم من ذلك فإن عدم اعتبار العمل المادي قراراً إدارياً وأن كان يمنع الطعن فيه بالإلغاء , فأنه يصح أن يكون محلاً لمنازعة إدارية تمس مصالح الأفراد فيكون محلاً لطلب التعويض على أساس دعوى القضاء الكامل ومن المستقر في القضاء الإداري أن كل قرار لم يصدر عن أرادة الإدارة في أحداث أثر قانوني سلبياً كان أن إيجابياً لا يعد قراراً أدارياً صالحاً للطعن فيه بالإلغاء ولا يعدو أن يكون أجراءً تنفيذياً أو عملاً مادياً .

منقول ***ديدو***
.............../...............










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:48   رقم المشاركة : 26
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

الجزء الخامس :


الفصل الثاني :
تعرثف القرار الإداري و تحديد عناصره

المبحث الأول
تعريف القرار الإداري
نال موضوع القرار الإداري عناية الكثير من الفقهاء , كما أسهم القضاء الإداري في الكشف عن الكثير من ملامحه , و رغم اختلاف تعريفات الفقه و القضاء للقرار الإداري من حيث الألفاظ فأنه ينم عن مضمون واحد . فقد عرفه العميد " دوجي " بأنه كل عمل إداري يصدر بقصد تعديل الأوضاع القانونية كما هي قائمة وقت صدوره أو كما تكون في لحظة مستقبلة معينة و عرفه " بونار " بأنه كل عمل إداري يحدث تغييراً في الأوضاع القانونية القائمة و عرفه " رفيرو " بأنه العمل الذي بواسطته تقوم الإدارة باستعمال سلطتها في تعديل المراكز القانونية بإرادتها المنفردة.
أما في الفقه العربي , فقد عرفه الدكتور " سامي جمال الدين " بأنه تعبير عن الإرادة المنفردة لسلطة إدارية بقصد أحداث أثر قانوني معين ، و جاء في تعريف الدكتور " ماجد راغب الحلو " بأن القرار الإداري هو إفصاح عن إرادة منفردة يصدر عن سلطة إدارية ويرتب آثاراً قانونية و يتضح من هذا التعريف أن هناك عدة شروط يجب توافرها لنكون أمام قرار إداري وهي:
- أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية .
- أن يصدر بالإرادة المنفردة للإدارة .
- ترتيب القرار لأثار قانونية .
أولاً : أن يصدر القرار من سلطة إدارية وطنية :
يشترط في القرار الإداري أن يصدر من سلطة إدارية وطنية سواء أكانت داخل حدود الدولة أو خارجها من دون النظر إلى مركزية السلطة أو عدم مركزيتها , والعبرة في تحديد ما إذا كانت الجهة التي أصدرت القرار وطنية أم لا ليس بجنسية أعضائها , وإنما بمصدر السلطة التي تستمد منها ولاية إصدار القرار و لكي نكون أمام قرار إداري ينبغي أن يصدر هذا القرار من شخص عام له الصفة الإدارية وقت إصداره ولا عبرة بتغير صفته بعد ذلك , وهو ما يميز القرار الإداري عن الأعمال التشريعية والقضائية ك
ثانياً : صدور القرار بالإدارة المنفردة للإدارة .
يجب أن يصدر القرار من جانب الإدارة وحدها , وهو ما يميز القرار الإداري عن العقد الإداري الذي يصدر باتفاق أرادتين سواء أكانت هاتين الإرادتين لشخصين من أشخاص القانون العام أو كان أحدها لشخص من أشخاص القانون الخاص ، و القول بضرورة أن يكون العمل الإداري صادراً من جانب الإدارة وحدها ليكتسب صفة القرار الإداري لا يعني أنه يجب أن يصدر من فرد واحد , فقد يشترك في تكوينه أكثر من فرد كل منهم يعمل في مرحلة من مراحل تكوينه لأن الجميع يعملون لحساب جهة إدارية واحدة .
ثالثاً : ترتيب القرار لآثار قانونية .
لكي يكون القرار إدارياً يجب أن يرتب آثاراً قانونية وذلك بإنشاء أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني معين , فإذا لم يترتب على العمل الإداري ذلك فإنه لا يعد قراراً إدارياً .
لهذا نجد القضاء الإداري الفرنسي يشترط في القرار المطعون فيه بالإلغاء أن ينتج ضرراً برافع الدعوى . ومن ثم تكون له مصلحة في إلغاء هذا القرار ويتطلب توفر عنصرين أساسين للقول بوجود مصلحة للطاعن هما :
1. وجوب تولد آثار قانونية عن القرار المطعون فيه , ومن ثم يجب استبعاد القرارات التي لا يحدث آثاراً قانونية من نطاق دعوى الإلغاء.
2. أن يحمل القرار قابلية أحداث آثار قانونية بنفسه .
بناءً على ذلك فإن الأعمال التمهيدية و التقارير و المذكرات التحضرية التي تسبق اتخاذ القرار لا تعد قرارات إدارية لعدم تحقق هذين العنصرين .

المبحث الثاني
عناصر القرار الإداري
يقوم القرار الإداري على عناصر أساسية إذا لم يستوفها يكون معيباً أو غير مشروع , وقد درج الفقه والقضاء على أنه يلزم أن يتوافر للقرار الإداري باعتباره عملاً قانونياً خمس عناصر لينتج آثاره ويكون صحيحاً هي : الاختصاص , الشكل , السبب , المحل , الغاية .
أولاً : الاختصـاص : أن توزيع الاختصاصات بين الجهات الإدارية من الأفكار الأساسية التي يقوم عليها نظام القانون العام ويراعى فيها مصلحة الإدارة التي تستدعي أن يتم تقسيم العمل حتى يتفرغ كل موظف لأداء المهام المناطة به على أفضل وجه , كما أن قواعد الاختصاص تحقق مصلحة الأفراد من حيث أنه يسهل توجه الأفراد إلى أقسام الإدارة المختلفة ويساهم في تحديد المسؤولية الناتجة عن ممارسة الإدارة لوظيفتها و يقصد بالاختصاص القدرة على مباشرة عمل إداري معين أو تحديد مجموعة الأعمال والتصرفات التي يكون للإدارة أن تمارسها قانوناً وعلى وجه يعتد به ، و القاعدة أن يتم تحديد اختصاصات كل عضو إداري بموجب القوانين والأنظمة ولا يجوز تجاوز هذه الاختصاصات و إلا اعتبر القرار الصادر من هذا العضو باطلاً .
و قواعد الاختصاص تتعلق بالنظام العام , لذلك لا يجوز لصاحب الاختصاص أن يتفق مع الأفراد على تعديل تلك القواعد , و إلا فإن القرار الصادر مخالفاً لهذه القواعد يكون معيباً بعيب عدم الاختصاص , ويكون لصاحب الشأن أن يطعن بهذا العيب أمام القضاء الإداري بدعوى الإلغاء ولا يسقط الدفع بهذا العيب بالدخول في موضوع الدعوى, ويجوز إبداؤه في أي مرحلة من مراحلها , وعلى القاضي أن يحكم بعدم الاختصاص تلقائياً لو لم يثيره طالب الإلغاء . و القواعد القانونية المتعلقة بالاختصاص يمكن حصرها بالعناصر الآتية : قواعد الاختصاص من حيث الأشخاص، و من حيث الموضوع و من حيث المكان و من حيث الزمان .
ثانيـاً : الشكــل : الشكل هو المظهر الخارجي أو الإجراءات التي تعبر بها الإدارة عن إرادتها الملزمة للأفراد ، و الأصل أن الإدارة غير ملزمة بأن تعبر عن إرادتها بشكل معين إلا إذا نص القانون على خلاف ذلك , وفي هذه الحالة يجب أن يتخذ القرار الشكلية المقررة لصدوره, كأن يشترط القانون ضرورة أن يكون القرار مكتوباً , أو استشارة جهة متخصصة قبل إصداره أو تسبيبه إلى غير ذلك من أشكال أخرى و قد درج القضاء الإداري على التمييز بين ما إذا كانت المخالفة في الشكل والإجراءات قد تعلقت بالشروط الجوهرية التي تمس مصالح الأفراد وبين ما إذا كانت المخالفة متعلقة بشروط غير جوهرية لا يترتب على إهدارها مساس بمصالحهم ويترتب البطلان بالنسبة للنوع الأول دون النوع الثاني .
1. الأشكال التي تؤثر في مشروعية القرار الإداري : لا يمكن أن نحصر الأشكال والإجراءات التي يترتب على مخالفتها بطلان القرار الإداري إلا أن المستقر في الفقه والقضاء الإداري أن أهم هذه الشكليات تتعلق بشكل القرار ذاته , وتسبيبه والإجراءات التمهيدية السابقة على إصداره , والأشكال المقررة لحماية مصالح المخاطبين بالقرار أو التي تؤثر في الضمانات المقرر للأفراد في مواجهة الإدارة .
2. الأشكال التي لا تؤثر في مشروعية القرار الإداري : في المستقر في القضاء الإداري أنه لا يترتب البطلان على كل مخالفة للشكليات دون النظر إلى طبيعة هذه المخالفة فقد أطرد القضاء على التمييز بين الأشكال الجوهرية و الأشكال الثانوية أو غير الجوهرية ورتب البطلان على الأولى دون الثانية ، و التمييز بين أشكال الجوهرية والأشكال غير الجوهرية مسألة تقديرية تتقرر في ضوء النصوص القانونية و رأي المحكمة, و بصورة عامة يكون الإجراء جوهرياً إذا وصفه القانون صراحة بذلك , أو إذا رتب البطلان كجزاء على مخالفته , أما إذا صمت القانون فإن الإجراء يعد جوهرياً إذا كان له أثر حاسم , و بعكس ذلك فإنه يعد أجراء ثانوياُ و من ثم فإن تجاهله لا يعد عيباً يؤثر في مشروعية ذلك القرار ، و قد استقر القضاء الإداري على أن الإجراءات الثانوية والتي لا يترتب على مخالفتها بطلان القرار الإداري على نوعين : النوع الأول يتمثل في الأشكال والإجراءات المقررة لمصلحة الإدارة , أما النوع الثاني فيتعلق بالأشكال والإجراءات الثانوية التي لا تؤثر في مضمون القرار كإغفال الإدارة ذكر النصوص القانونية التي كانت الأساس في إصداره .
ثالثاً : السبــب : سبب القرار الإداري هو الحالة الواقعية أو القانونية التي تسبق القرار و تدفع الإدارة لإصداره , فالسبب عنصر خارجي موضوعي يبرر للإدارة التدخل بإصدار القرار وليس عنصراً نفسياً داخلياً لدى من إصدر القرار .
فالأصل أن الإدارة غير ملزمة بتسبيب قراراتها استناداً إلى قرينة المشروعية التي تفترض أن قرارات الإدارة تصدر بناءً على سبب مشروع و على صاحب الشأن إثبات العكس, أما إذا أفصحت الإدارة عن هذا السبب من تلقاء ذاتها فإنه يجب أن يكون صحيحاً وحقيقياً ، و قد استقر القضاء على ضرورة توفر شرطين في سبب القرار الإداري :
1. أن يكون سبب القرار قائماً وموجوداً حتى تاريخ اتخاذ القرار , ويتفرع من هذا الشرط ضرورتان الأولى أن تكون الحالة الواقعية أو القانونية موجودة فعلاً و إلا كان القرار الإداري معيباً في سببه , و الثاني يجب أن يستمر وجودها حتى صدور القرار فإذا وجدت الظروف الموضوعية لإصدار القرار إلا أنها زالت قبل إصداره فإن القرار يكون معيباً في سببه وصدر في هذه الحالة , كذلك لا يعتد بالسبب الذي لم يكن موجوداً قبل إصدار القرار إلا أنه تحقق بعد ذلك , وأن جاز يكون مبرراً لصدور قرار جديد .
2. أن يكون السبب مشروعاً , وتظهر أهمية هذا الشرط في حالة السلطة المقيدة للإدارة , عندما يحدد المشرع أسباباً معينة يجب أن تستند إليها الإدارة في لإصدار بعض قراراتها , فإذا استندت الإدارة في إصدار قرارها إلى أسباب غير تلك التي حددها المشرع فإن قراراها يكون مستحقاً للإلغاء لعدم مشروعية سببه.( ) بل أن القضاء الإداري درج على أنه حتى في مجال السلطة التقديرية لا يكفي أن يكون السبب موجوداً بل يجب أن يكون صحيحاً ومبرراً لإصدار القرار الإداري و قد تطورت رقابة القضاء على ركن السبب في القرار الإداري من الرقابة على الوجود المادي للوقائع إلى رقابة الوصف القانوني لها إلى أن وصلت إلى مجال الملائمة أو التناسب :
1. الرقابة على وجود الوقائع : هي أول درجات الرقابة القضائية على ركن السبب في القرار الإداري , فإذا تبين أن القرار المطعون فيه لا يقوم على سبب يبرره فأنه يكون جديراً بالإلغاء لانتفاء الواقعة التي استند عليها , أما إذا صدر القرار بالاستناد إلى سبب تبين أنه غير صحيح أو وهمي و ظهر من أوراق الدعوى أن هناك أسباب أخرى صحيحة فأنه يمكن حمل القرار على تلك الأسباب .
2. الرقابة على تكييف الوقائع : هنا تمتد الرقابة لتشمل الوصف القانوني للوقائع التي استندت إليها الإدارة في إصدار قرارها فإذا تبين أن الإدارة أخطأت في تكييفها القانوني لهذه الوقائع فأنه يحكم بإلغاء القرار الإداري لوجود عيب في سببه , بمعنى أنه إذا تحقق القاضي من وجود الوقائع المادية التي استندت إليها الإدارة في إصدار قرارها يتنقل للبحث فيما إذا كانت تلك الوقائع تؤدي منطقياً إلى القرار المتخذ .
3. الرقابة على ملائمة القرار للوقائع : الأصل أن لا تمتد رقابة القضاء الإداري لتشمل البحث في مدى تناسب الوقائع مع القرار الصادر بناءً عليها , لأن تقدير أهمية الوقائع وخطورتها مسألة تدخل ضمن نطاق السلطة التقديرية للإدارة .
إلا أن القضاء الإداري في فرنسا و مصر أخذ يراقب الملائمة بين السبب و القرار المبني عليه لا سيما إذا كانت الملائمة شرطاً من شروط المشروعية وخاصة فيما يتعلق بالقرارات المتعلقة بالحريات العامة ، ثم امتدت الرقابة على الملائمة لتشمل ميدان القرارات التأديبية .
رابعاً : المحـل : يقصد بمحل القرار الإداري الأثر القانوني الحال و المباشر الذي يحدثه القرار مباشرة سواء بإنشاء مركز قانوني أو تعديله أو إنهائه ، و يجب أن يكون محل القرار ممكناً وجائزاً من الناحية القانونية , فإذا كان القرار معيباً في فحواه أو مضمونه بأن كان الأثر القانوني المترتب على القرار غير جائز أو مخالف للقانون أياً كان مصدره دستورياً أو تشريعياً أو لائحياً أو عرفاً أو مبادئ عامة للقانون , ففي هذه الحالات يكون غير مشروع ويكون القرار بالتالي باطلاً .
خامسـاً : الغاية .
يقصد بالغاية من القرار الإداري الهدف الذي يسعى هذا القرار إلى تحقيقه , والغاية عنصر نفسي داخلي لدى مصدر القرار , فالهدف من إصدار قرار بتعيين موظف هو لتحقيق استمرار سير العمل في المرفق الذي تم تعيينه فيه , والهدف من إصدار قرارات الضبط الإداري هو حماية النظام العام بعناصره الثلاث السكينة العامة , والصحة العامة , و الأمن العام ، و يمكن تحديد الغاية من القرار الإداري وفقاً لثلاثة اعتبارات :
1. استهداف المصلحة العامة
2. احترم قاعدة تخصيص الأهداف
3. احترام الإجراءات المقررة

الفصل الثالث
تصنيف القرارات الإدارية
تنقسم القرارات الإدارية إلى أنواع متعددة حسب الزاوية التي ينظر منها إلى القرار أو حسب الأساس الذي يقوم عليه التقسيم ، فمن حيث التكوين توجد قرارات بسيطة وأخرى مركبة ومن حيث أثرها تقسم إلى قرارات منشئة وقرارات كاشفة ومن زاوية رقابة القضاء توجد قرارات خاضعة لرقابة القضاء وقرارات لا تخضع لرقابة القضاء وفي حيث نفاذها في مواجهة الأفراد تقسم إلى قرارات نافذة في حق الأفراد وأخرى غير نافذة في حقهم وأخيراً من حيث مدى القرارات وعموميتها توجد قرارات فردية وأخرى تنظيمية
أولا : القرارات الإدارية من حيث التكوين (قرارات بسيطة وقرارات مركبة )
تنقسم القرارات الإدارية من هذه الجهة إلى قسمين الأول القرارات البسيطة أو المستقلة وهي تلك القرارات التي تتميز بكيان مستقل وتستند إلي عملية قانونية واحده غير مرتبطة بعمل قانوني أخر كالقرار الصادر بتعين موظف أو ترقيته أو نقلة وهي الصورة الأكثر شيوعاً في القرارات الإداري .
أما النوع أو القسم الثاني فيسمى بالقرارات المركبة وهي تلك القرارات التي تدخل في عملية قانونية مركبة تتم من عدة مراحل ومن هذه القرارات قرار نزع الملكية للمنفعة العامة وقرار إرساء المزاد أو أجراء المناقصة في العقود الإدارية فالقرار الإداري الصادر بنزع الملكية للمنفعة العامة تصاحبه أعمال إدارية أخرى قد تكون سابقة أو معاصرة أو لاحقه له وتتم على مراحل متعددة تبدأ بتقرير المنفعة العامة للعقار موضوع نزع الملكية ثم أعداد كشوف الحصر لها وأخيراً صدور قرار نقل الملكية أو تقرير المنفعة العامة .
تظهر أهمية هذا التقسيم في أن القرارات البسيطة يمكن الطعن فيها بالإلغاء باعتبارها قرارات إدارية نهائيه أما في حالة القرارات المركبة فلا يجوز الطعن بالقرارات التمهيدية أو التحضيرية التي تتطلب تصديق جهات إدارية أخرى ولا يمكن الطعن بالإلغاء إلا بالقرار الإداري النهائي نتاج العملية المركبة و مع ذلك فقد سمح القضاء الإداري بفصل القرار الإداري الذي يساهم في عملية مركبة وفق ما يسمي بالأعمال القابلة للانفصال وقبل الطعن فيها بصفة مستقلة وبشروط معينة .
فقد استقر القضاء الإداري في فرنسا على أن القرارات الإدارية السابقة على أبرام العقد أو الممهدة لانعقاده مثل قرارات لجان فحص العطاءات ولجان البث في العطاءات وقرار استبعاد احد المتقدمين وقرار إرساء المزايدة أو إلغائها هي قرارات إدارية مستقلة عن العقد يجوز الطعن بها بدعوى الإلغاء وسمحت نظرية الأعمال الإدارية المنفصلة لمن له مصلحة من الغير أن يطعن بالإلغاء في هذه القرارات أما المتعاقدون فليس لهم أن يطعنوا في هذه القرارات إلا أمام قاضي العقد وعلى أساس دعوى القضاء الكامل .
ثانيا : القرارات الإدارية من حيث آثارها (قرارات منشئة وقرارات كاشفة )
يمكن تقسيم القرار الإدارية من حيث طبيعة آثارها إلى قسمين : قرارات منشئة وهي القرارات التي يترتب عليها أنشاء مراكز قانونية جديدة أو أحداث تغيير في المراكز القانونية القائمة تعديلاً أو إلغاء , كالقرار الصادر بتعيين موظف عام أو فصله أو معاقبته.
أما القسم الثاني من القرارات فيسمى بالقرارات الكاشفة ويقصد بها القرارات التي لا تحدث مركزاً قانونياً جديداً وإنما تقرر حالة موجودة أو تكشف عن مركز قانوني قائم مسبقاً , مثل القرار الصادر بفصل موظف لصدور حكم ضده بعقوبة جنائية أو بعقوبة مقيدة للحرية في جريمة مخلة بالشرف أو القرار الذي يتضمن تأكيد أو تفسير قرار سابق دون أن يضيف إليه ، و يتبين من ذلك أن أثر القرارات الكشافة ينحصر في إثبات وتقرير حالة موجودة من قبل ولا يتعدى ذلك إلى أنشاء مراكز قانونية جديدة .
و تبدو أهمية التفرقة بين القرارات الإدارية الكشافة والقرارات الإدارية المنشئة في أمرين :
1. أن القرارات المنشئة ترتب آثارها منذ صدورها أما القرارات الكاشفة فترجع آثارها إلى التاريخ الذي ولدت فيه الآثار القانونية التي كشف عنها القرار , إلا أن ذلك لا يعتبر إخلالاً بمبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية , لأن أثر القرارات الكاشفة فوري إذ تكشف عن العمل القانوني المنشئ للمركز القانوني محل القرار الكاشف .
2. القرارات الكاشفة يجوز للإدارة سحبها دون التقيد بميعاد محدد مطلقاً , أما القرارات الإدارية المنشئة فإن سحبها يكون مقيد بميعاد الطعن بالإلغاء .
ثالثا : القرارات الإدارية من حيث رقابة القضاء (قرارات تخضع للرقابة وقرارات لا تخضع للرقابة )
تنقسم القرارات الإدارية من زاوية خضوعها لرقابة القضاء , إلى قرارات تخضع لرقابة القضاء وهذا هو الأصل , وقرارات لا تخضع لرقابة القضاء وهي القرارات المتعلقة بأعمال السيادة أو تلك التي منعت التشريعات الطعن فيها أمام القضاء .
- القرارات الخاضعة لرقابة القضاء .
تعد رقابة القضاء على أعمال الإدارة أهم وأجدى صور الرقابة والأكثر ضماناً لحقوق الأفراد وحرياتهم لما تتميز به الرقابة القضائية من استقلال وما تتمتع به أحكام القضاء من قوة وحجية تلزم الجميع بتنفيذها و احترامها ، و الأصل أن تخضع جميع القرارات الإدارية النهائية لرقابة القضاء أعمالاً لمبدأ المشروعية , ومن المستقر وجود نوعين من نظم الرقابة القضائية على أعمال الإدارة الأول يسمى القضاء الموحد , أما الثاني فيسمى نظام القضاء المزدوج .
1. نظام القضاء الموحد : في هذا النظام من القضاء تنحصر الرقابة القضائية في نطاق ضيق من جانب القضاء , يتمثل في التعويض عن الأضرار التي قد تنتج من جراء تطبيق القرارات الإدارية ، و يسود هذا النظام في إنكلترا والولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الأخرى , ومقتضاه أن تختص جهة قضائية واحدة بالنظر في جميع المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أنفسهم أو بينهم وبين الإدارة أو بين الهيئات الإدارية نفسها ، و هذا النظام يتميز بأنه أكثر اتفاقاً مع مبدأ المشروعة إذ يخضع الأفراد والإدارة إلى قضاء واحد وقانون واحد مما لا يسمح بمنح الإدارة أي امتيازات في مواجهة الأفراد ، بالإضافة إلى اليسر في إجراءات التقاضي إذا ما قورنت بأسلوب توزيع الاختصاصات القضائية بين القضاء العادي والإداري في نظام القضاء المزدوج .
و مع ذلك فقد وجه النقد إلى هذا النظام من حيث أنه يقضي على الاستقلال الواجب للإدارة بتوجيهه الأوامر إليها بما يعيق أدائها لأعمالها , مما يدفع الإدارة إلى استصدار التشريعات التي تمنع الطعن في قراراتها , ولا يخفي ما لهذا من أضرار بحقوق الأفراد وحرياتهم ، و من جانب آخر يؤدي هذا النظام إلى تقرير مبدأ المسؤولية الشخصية للموظفين مما يدفعهم إلى الخشية من أداء عملهم بالوجه المطلوب خوفاً من المساءلة .
2. نظام القضاء المزدوج : يقوم هذا النظام على أساس وجود جهتين قضائيتين مستقلتين, جهة القضاء العادي و تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد أو بينهم وبين الإدارة عندما تتصرف كشخص من أشخاص القانون الخاص , ويطبق القضاء على هذا النزاع أحكام القانون الخاص ، و جهة القضاء الإداري تختص بالفصل في المنازعات التي تنشأ بين الأفراد والإدارة عندما تظهر الأخيرة بصفتها صاحبة السلطة وتتمتع بامتيازات لا يتمتع بها الأفراد ويطبق القضاء الإداري على المنازعة قواعد القانون العام ، و وفقاً لهذا النظام تخضع جميع القرارات الإدارية لرقابة القضاء الإداري إلغاءً وتعويضاً , إلا في استثناءات معينة تتعلق بأعمال السيادة والقرارات التي حصنها المشرع من رقابة القضاء .
- القرارات غير خاضعة لرقابة القضاء .
القرارات الإدارية التي لا تخضع لرقابة القضاء تتمثل في صنفين الأول يتعلق بأعمال السيادة أو الأعمال الحكومية , أما الثاني فيشمل القرارات الإدارية التي يحصنها المشرع من رقابة القضاء لاعتبارات خاصة .
رابعا : القرارات الإدارية من حيث نفاذها في مواجهة الأفراد (قرارات نافذة وقرارات غير نافذة )
تنقسم القرارات الإدارية من حيث أثرها بالنسبة للأفراد إلى قرارات ملزمة للأفراد ونافذة بحقهم ،وعليهم احترامها و إذا قصروا في ذلك اجبروا على التنفيذ ، وهذا الأصل في القرارات الإدارية و قرارات إدارية يقتصر أثرها على الإدارة و تسمي الإجراءات الداخلية و منها المنشورات والتعليمات على اختلاف أنواعها وتعليمات شارحة ،أو آمره أو ناصحه أو مقرره ومؤكده و هذا النوع من القرارات غير نافذ في حق الأفراد وغير ملزم لهم ،ولا يحتج بها عليهم ، بل ان من القضاء من أنكر على التعليمات صفتها القانونية وأعتبرها من قبيل الاعمال المادية معللين ذلك بانها موجهة من الرؤساء الاداريين الى موظفين وليس من الواجب على هؤلاء إطاعتها ولا يمكن إلزامهم بها الا بطريق غير مباشر عن طريق العقوبات التأديبية ، بيد ان هذا القول لا يمكن الاعتداد به لان مخالفة التعليمات بنتج عنها بطبيعة الحال التهديد بالمساس بالمركز الشخص للموظف ونعتقد ان هذا كاف لاضفاء طابع العمل القانوني على التعليمات ، الا ان ما يميز هذا النوع من القرارات هو انها غير موجهه للافراد ولا ترتب أثار قانوني في مواجهتهم لانها تخاطب الموظفين فقط ، و يترتب على هذا التقييم ان الاجراءات الداخلية أو التعليمات لا يمكن ان تكون موضوعا لدعوى الإلغاء ،فلا يقبل من الافراد الطعن بالإلغاء ضدها لانها غير نافذة في مواجهتهم،كما انه لا يقبل من الموظف الذي تخاطبه هذه القرارات الطعن فيها بالإلغاء لانه يقع على عاتقه أطاعتها والعمل بها و إلا تعرض للعقوبات التأديبية .


منقول***ديدو****

اضغط هنا لمشاهدة الجزء القسم الثاني من المحاضرات










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:51   رقم المشاركة : 27
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

شروط قبول دعوى الإلغاءhttps://www.droit-dz.com/forum/showthread.php?t=1252










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:52   رقم المشاركة : 28
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

منهجية التعليق على القرار القضائي
ويتكون من قسمين :
أولا :مقدمة وفيها
1- تحديد الوقائع المادية أو القانونية
2-استخراج الاجراءات الادارية أو القضائية
3-استخراج الادعاءات حرفيا من منطوق القرار
4-استخراج الاشكالية المطروحة في القرار القضائي
5-عرض للخطة المناسبة لمناقشة الاشكالية
ثانيا:مرحلة التحليل ويتم فيها مناقشة
خطة البحث استنادا على ماورد في القرار مع الاستعانة
با المواد القانونية المتعلقة بالموضوع وبالاجتهادات
القضائية والآراء الفقهية ذات الصلة
منقول**ديدو***










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:53   رقم المشاركة : 29
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

منهجية التعليق على القرار القضائي
ويتكون من قسمين :
أولا :مقدمة وفيها
1- تحديد الوقائع المادية أو القانونية
2-استخراج الاجراءات الادارية أو القضائية
3-استخراج الادعاءات حرفيا من منطوق القرار
4-استخراج الاشكالية المطروحة في القرار القضائي
5-عرض للخطة المناسبة لمناقشة الاشكالية
ثانيا:مرحلة التحليل ويتم فيها مناقشة
خطة البحث استنادا على ماورد في القرار مع الاستعانة
با المواد القانونية المتعلقة بالموضوع وبالاجتهادات
القضائية والآراء الفقهية ذات الصلة
منقول**ديدو***










رد مع اقتباس
قديم 2013-12-13, 18:54   رقم المشاركة : 30
معلومات العضو
الأخت نونو23
عضو مبـدع
 
الصورة الرمزية الأخت نونو23
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

تنقسم عملية التعليق على النصوص القانونية مرحلتين
أولا: مقدمةويتم فيها
1 --- تحديد موقع النص القانوني والظروف التي صدر فيها
2- التحليل الشكلي للنص ويتضمن مايلي :
التحليل اللغوي
التحليل المنطقي
التحليل النخوي
3- التحليل الموضوعي للنص ويتضمن استخراج الفكرة العامة وتحديد الأفكار الأساسية
4 -طرح الاشكالية موضوع النص
5 - عرض خطة مناسبة لمناقشة الاشكالية على أن تكون الخطة من جزئين في شكل مطلبين أو مبحثين أو فصلين
2 --- مرحلة التحليل :ويتم فيها مناقشة الخطة باستخدام
المادة المعرفية المتعلقة بالموضوع وبالاستناد الى الآراء
الفقهية والأحكام القضائية ذات الصلة










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
للقانون, المنازعات, الإداري, الإدارية, بالتحضير, خاصة, صفحة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 14:45

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc