مالك بن نبي والصحوة الإسلامية المعاصرة في الجزائر - منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب

العودة   منتديات الجلفة لكل الجزائريين و العرب > منتديات الدين الإسلامي الحنيف > القسم الاسلامي العام

القسم الاسلامي العام للمواضيع الإسلامية العامة كالآداب و الأخلاق الاسلامية ...

في حال وجود أي مواضيع أو ردود مُخالفة من قبل الأعضاء، يُرجى الإبلاغ عنها فورًا باستخدام أيقونة تقرير عن مشاركة سيئة ( تقرير عن مشاركة سيئة )، و الموجودة أسفل كل مشاركة .

آخر المواضيع

مالك بن نبي والصحوة الإسلامية المعاصرة في الجزائر

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 2011-11-07, 18:32   رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
الأمير
مُؤسِّس الموقع
 
الصورة الرمزية الأمير
 

 

 
الأوسمة
وسام الامير المميز المدير المثالي 
إحصائية العضو










B11 مالك بن نبي والصحوة الإسلامية المعاصرة في الجزائر

مالك بن نبي والصحوة الإسلامية المعاصرة في الجزائر
بقلم: يوسف بوعجيلة


معظم الذين تناولوا مالك بن نبي رحمه الله ركزوا على الجوانب الفكرية والنظرية في شخصية هذا المفكر الكبير الذي يشكل علامة بارزة في تاريخ المسلمين في القرن العشرين، وتكاد تخلو الدراسات والمقالات من ذكر جوانب أخرى لا تقل إشراقا في شخصية هذا الرجل الذي رفض أن يوجه أصابع الاتهام لجهة أخرى خارج دائرة الذات الإسلامية التي أصابتها الغثائية القاتلة للأمم والحضارات.

إن أي عارف بالساحة الجزائرية يدرك وزن العلامة مالك بن نبي رحمه الله كأحد رواد الفكر الإسلامي المعاصر، الذي اعتبر جوهر المشكلة التي يتخبط فيها المسلمين منذ عصر ما بعد الموحدين هي مشكلة الحضارة، وليست مشكلة جزئية محدودة، سواء كانت اقتصادية، أو سياسية، أو تربوية سلوكية، أو حتى عقائدية، وإنما شاملة لجوانب الحياة المختلفة.

وقد أجمع الدارسون والمتتبعون لجذور العمل الإسلامي المعاصر في الجزائر أن مالك بن نبي ليس فقط باعثَ الخط الإسلامي المعاصر وملهمه على مستوى المفاهيم والأفكار ونظرية التغيير ولكن أيضا كمفكر عملي أدرك أن خط التغيير الحضاري المنشود لا يتأتى إلا بتكوين نخبة متميزة ومتشبعة برؤية التغيير السننية فعمل بكل إخلاص على تجسيد هذا المعنى عندما باشر إلى تنظيم ندوات فكرية في بيته أواسط الستينات والتي تشكل الزاوية التاريخية التأسيسية للعمل الإسلامي المعاصر في جزائر ما بعد الاستقلال.
والغرض من هذه المقاربة التأريخية السريعة ليس الإلمام بمختلف المنعطفات التاريخية التي مر بها العمل الإسلامي في الجزائر ولكن الوقوف باقتضاب عند محطة مالك بن نبي رحمه الله كأحد الرواد المتميزين وكأحد المفكرين العمليين، الذين تركوا بصماتهم واضحة في صفحة الشعب الجزائري المسلم إلى جانب رواد جمعية العلماء الاماجد وقادة الثورة التحريرية الأبطال.


بين الأمير عبد القادر وابن باديس
كان الغزو الاستعماري الفرنسي زلزالا عنيفا أحاط بالشعب الجزائري المسلم من كل جانب وسقطت دولة العثمانيين بسرعة مذهلة تركت جموع الجزائريين دون حماية. وعلى الرغم من خطورة الموقف وانعدام الإمكانيات وضعف الأمة عموما لم يجد الشعب المنكوب سوى القيادات الشعبية التي انطلقت بسرعة لتنقذ الموقف وترفع راية الجهاد وعلى رأسها الأمير عبد القادر بن محي الدين الجزائري، الذي استمر حاملا لواء الجهاد وأسس دولته المستقلة طيلة 17 سنة (1832- 1847). وأهمية تجربة الأمير عبد القادر رحمه الله وحضورها في الذاكرة الجماعية للصحوة الإسلامية المعاصرة نابعة من العوامل التالية:
أولا إنها أطول مقاومة منظمة لجيش الاحتلال وثانيا لان الأمير استطاع ان يؤسس الدولة الجزائرية المستقلة عن الإدارة الفرنسية الإستعمارية وهي تجربة مهمة في سياق التراكم التاريخي لخبرة المجتمع الجزائري وأخيرا لان آلامي قاد المقاومة باسم الإسلام واعتبر مقاومته للاستعمار جهادا في سبيل الله، لأن الإسلام هو الإطار المنهجي الوحيد القادر على تعبئة عموم الشعب.
واستمرت المقاومة الشعبية طيلة القرن التاسع عشر وإن كانت شلت كلها في إحراز نصر حقيقي أمام المستعمر الفرنسي بسبب عدم تكافئ الإمكانات الحضارية ولكن شكلت رصيدا معنويا هائلا تم استثماره لاحقا. ففي 1845 انطلقت ثورة بو معزة في جبال الظهرة وبعدها بسنة ثورة بو زيان في بسكرة والأوراس والحضنة وثورة محمد الحاج المقراني وثورة الشعانبة وغيرها من الصفحات المجيدة. واستمرت هذه الثورات حتى مطلع القرن العشرين ولكن كانت دائما نتائجها متماثلة بسبب التفاوت الكبير في القدرات الحضارية. ثم كان التحول نحو العمل السياسي والثقافي بعد أن أدركت قيادات المجتمع أن التفاوت الحضاري لا يمكن التغلب عليه إلا بتغيير العالم الثقافي للمجتمع مصداقا لقوله تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" وهذه الآية الكريمة كانت القاعدة الذهبية للحركة الإصلاحية التي استلمت مشعل التغيير مطلع القرن العشرين كما يقول مالك بن نبي رحمه الله.
وفي آواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين انتشرت الأفكار الإصلاحية لكبار المصلحين أمثال جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا ومحمد بن عبد الوهاب وقد تأثر قطاع من الجزائريين المثقفين بهذه النزعة الإصلاحية وعلى رأسهم رواد جمعية العلماء المسلمين الجزائرين أمثال العلامة ابن باديس والبشير الإبراهيمي ومبارك الميلي والطيب العقبي والعربي التبسي وغيرهم من الأعلام عليهم الرحمة والرضوان.
وكان تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في 5 مايو 1931 وقبل ذلك حزب نجمة شمال افريقيا إيذانا بان الشعب الجزائري قد أخذ زمام المبادرة بيديه. في بيانها التأسيسي ركزت جمعية العلماء على كونها جمعية ذات طابع أخلاقي لمحاربة الآفات الاجتماعية وتسعى إلى فتح المدارس والنوادي والجمعيات. ونجحت نجاحا باهرا ومنقطع النظير ففي ظرف سنتين أصبح لها حضور فعلي في كل مدن الجزائر المعروفة في ذلك الوقت. ولا يسعنا المقام للحديث أكثر عن جمعية العلماء ولنكتفي فقط بذكر مقتطفات من تقرير الحاكم الفرنسي المؤرخ في 16 فبراير 1933 الذي يشير إلى تخوف الإدارة الفرنسية من نمو نشاط العلماء.:"ليس من المقبول التسامح مع الدعاية التي تختفي وراء الإسلام للتستر على توجهات سرية، ولذلك أطلب منكم – والخطاب موجه لرجال الشرطة الفرنسية- مراقبة كل الاجتماعات والمحاضرات التي تنظمها جمعية العلماء برئاسة ابن باديس". وبالفعل فقد تم التضييق على أنشطة العلماء وتوقيف بعض منابرها الإعلامية في 1934 مما أدى إلى مسيرات شعبية احتجاجية في كل من تلمسان وقسنطينة والتي ضمت 5 ألف إلى 10 ألف متظاهر على التوالي.
ثم كانت ثورة التحرير المجيدة التي انطلقت في الفاتح نوفمبر 1954 والتي انتهت باستقلال الجزائر في 5 يوليو 1961.

الاستقلال المصادر
في الواقع العنوان أعلاه أخذناه من كتاب الزعيم فرحات عباس رحمه الله وهو يعكس الأزمة الرهيبة التي صاحبت نشوء الدولة الجزائرية الحديثة بعد ليل الاستعمار الطويل.
ولدت الدولة الجزائرية بعملية جراحية قيصرية عن الجسد الاستعماري، وولدت سلطة دولة الاستقلال في بحر من التنافس الشديد بين قادة الثورة. هذه السلطة ولدت مأزومة ومختنقة بتناقضاتها الداخلية الناتجة عن تنافس مختلف الزمر ومراكز القوى داخل الثورة لاستيلاء على مقاليد الحكم، وعلى الأقل الحصول على أكبر قدر من المنافع و الامتيازات المرافقة للحكم.
ولقد عارض كبار جمعية العلماء وعلى رأسهم الشيخ البشير الإبراهيمي التوجه العام الذي سارت عليه الدولة الجزائرية المستقلة حديثا وعبر عن ذلك في بيان مشهور كتبه في 16 ابريل 1964 في ذكرى وفاة العلامة ابن باديس محتجا عن الوجهة التي اتخذتها الدولة اليافعة مما كلفه وضعه في الاقامة الجبرية من طرف نظام أحمد بن بلة.


جمعية القيم الإسلامية
كانت تلك هي الأجواء التي أعقبت الاستقلال، وشعر كثير من الاطراف والمجاهدين بخيبة الأمل، مما دفعهم للتفكير في مسارات تاريخية جديدة لإحداث النقلة النوعية المنشودة بدل الإنشداد إلى النموذج الإشتراكي الذي تبنته السلطة بعد الاستقلال دون وعي تاريخي راسخ، وإنما لمجرد مسايرة الموجة العالمية والتيار السائد.
ففي يناير/جانفي 1964 بادر نخبة من الشباب والمجاهدين بتأسيس جمعية القيم الإسلامية والتي اعتبروها بمثابة إحياء وامتداد لرسالة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، برئاسة المرحوم الشيخ الهاشمي تيجاني طيب الله ثراه (توفي قبل بضعة أشهر فقط). وأسست هذه الجمعية مجلة بالفرنسية سميت التهذيب الإسلامي. وكان من أبرز أعضائها الدكتور الخالدي أحد أصدقاء مالك بن نبي، والشيخ عباسي مدني، والدكتور عمار طالبي وثلة من الرجال الذين كان لهم دور بارز فيما بعد. ومن أهداف هذه الجمعية هي الدعوة إلى القيم الإسلامية الرشيدة، وقد رسمت لنفسها طريق نشر الفضائل الإسلامية، وتقديم الدراسات الإجتماعية والإقتصادية والثقافية على ضوء العقيدة الإسلامية.
بيد أن هذه الجمعية سرعان ما توقيف نشاطها في سبتمبر 1966 من طرف السلطة بعد أن أصدرت بيانا تحتج فيه على إقدام حكومة مصر على إعدام سيد قطب رحمه الله، وتم تسليم هذا البيان الاحتجاجي إلى السفارة المصرية في الجزائر.


الندوات الفكرية في بيت مالك بن نبي
ولقد عاد أستاذ الجيل مالك بن نبي رحمه الله إلى أرض الوطن قادما من القاهرة، وأصبح المدير العام للتعليم العالي، وهو منصب آنذاك يعد بمرتبة منصب الوزير حاليا. وفي 1966 شرع في إقامة ندوات ببيته يختار فيها نخبة من الطلبة والمهتمين ويقومون بطرح بعض القضايا ومناقشتها بما فتح الله عليه، مركزا على تمرين الطلبة التحليل والمعالجة المنهجية للأفكار والأطروحات المعاصرة، ونقد مختلف التيارات التغريبية الزاحفة على المجتمع. وقد ركز مالك بن نبي رحمه الله على فئة الجامعيين لما تملكه من سطوة ونفوذ معنوي وأدبي على القطاعات الشعبية وخصوصا في بلد مثل الجزائر خرج منهك القوى من حرب استنزاف رهيبة دامت سنوات. فطلاب الجامعة في ذلك الوقت كانوا يعتبرون محركي المجتمع بكل المقاييس.
وفي نفس الفترة انطلقت دروس وحلقات شرعية في المسجد الكبير في الجزائر العاصمة، وبدأ الجامعيون يحضرون هذه الدروس ويكتشفون جزءا مهما من شخصيتهم الوطنية وتراثهم الإسلامي.


مالك بن نبي وتأسيس مسجد الجامعة
يعد تأسيس مسجد الجامعة المركزية محطة تاريخية هامة في انطلاق الحركة الإسلامية المعاصرة. وتتضافر الروايات التاريخية الشفهية على أن فكرة مسجد الجامعة كانت من بنات أفكار مالك بن نبي رحمه الله، حيث وجه الشباب الذين كانوا ملتفين حوله أواخر الستينات إلى ضرورة العمل داخل الجامعة وفتح مسجد هناك.. وبعد أن حاول الشباب ذلك والتقوا بالمسئولين اقترحوا عليهم بناء مسجد خارج الجامعة يكون أوسع وأكبر.. ففرحوا بهذا الاقتراح وعادوا مهللين لمالك بن نبي.. ولكنه قال لهم، وهو المتبصر بقضايا التغيير ويعرف الثغور التي أوتيت منها أمة الإسلام عندما انحرفت نخبتها وأصبحت علمانية جاهلة بدينها.. قال لهم كلمة تكتب بماء الذهب:" جحر في الجامعة خير لكم من قصر خارجها"..
وقد تأسس بالفعل هذا المسجد وافتتح في سبتمبر 1968 وقد قام بتأسيسه مجموعة من رواد ندوة مالك بن نبي رحمه الله نذكر منهم الأساتذة الفضلاء، عبد العزيز بوليفة (الذي كان طالب صيدلة)، محمد جاب الله (الطب)، عبد القادر حميتو، وعبد الوهاب حمودة حفظهم الله وغيرهم من الرواد الأوائل.
وفي نفس السنة أي 1968 عاد أوائل الطلبة الجزائريين الذين درسوا في الولايات المتحدة الأمريكية، نذكر منهم الدكتور عبد الحميد بن شيكو (دكتوراه في الفيزياء)، والدكتور محمد بوجلخة (دكتوراه في الرياضيات). وقد اكتسب هؤلاء العائدين تجارب ثرية في الغرب خصوصا إذا علمنا أنهما من مؤسسي اتحاد الطلبة المسلمين في أمريكا الشمالية وأعطوا بخبرتهم الإدارية دفعا للجهود الدعوية العفوية غير المنتظمة في صيغتها الأولى مع مالك بن نبي. وقد كان دور هؤلاء بارزا أيضا بحكم مناصبهم الجامعية التي حصلوا عليها باعتبار أنهم من أوائل إطارات الدولة الجزائرية المستقلة.



ملتقى التعرف على الفكر الإسلامي
وبعد بضعة أشهر أي في ديسمبر 1968 أقيم الملتقى الأول للتعرف على الفكر الإسلامي في ثانوية عمارة رشيد (ابن عكنون) بسعي من الأستاذ رشيد بن عيسى. وقد شارك فيه نخبة من المفكرين والأساتذة الذين استجابوا لدعوة مالك بن نبي لما يملكه من رصيد وروابط ثقافية، رغم محدودية الإمكانات آنذاك.
وفي السنة الموالية أي 1971 استولت الحكومة على ملتقى التعرف على الفكر الإسلامي، ورغم ان العملية كانت مبنية على حسابات سلطوية ضيقة حتى لا تسمح بوجود منابر مؤثرة يشارك فيها كبار المفكرين والعلماء من مختلف أرجاء العالم الإسلامي، ولكن كان ذلك الاستيلاء منحة ربانية لأن ملتقى التعرف على الفكر الإسلامي أصبح الجزء الأساسي من برنامج وزارة الشؤون الدينية ومحور نشاطها السنوي، بقيادة الوزير الراحل ملود قاسم آيت بلقاسم رحمة الله عليه الذي أعطى دفعا لمشروع الملتقى، لأن إمكانيات الدولة تفوق إمكانيات الأفراد مهما كانوا مخلصين في خدمة قضيتهم.
ولقد استمر هذا اللقاء السنوي الوطني ما يزيد عن عشرين سنة إلى أن تم توقيفه مطلع التسعينات، لأن رؤوس العلمانيين اعتبروه مؤسسة شعبية إسلامية ممولة من خزينة الدولة وخدمت التيار الإسلامي، وليس خطاب السلطة الديني.
وجهد وزير الشؤون الدينية والأوقاف، آيت بلقاسم نايت بلقاسم رحمه الله وجزاه عن الشعب الجزائري خير الجزاء، في حشد الإمكانيات والميزانية الضخمة لإنجاح هذا الملتقى سنويا، وطبع أعماله وتوزيعها بالدينار الرمزي تعميما للفائدة على جمهور الشباب الذين فاتهم حضور أشغال الملتقى مباشرة. وقد ضم له نخبة من رواد مجسد الجامعة المركزية إلى وزارة الشؤون الدينية، الذين كانوا يشتغلون في لجنة الملتقى ويقومون بتحضير أشغاله وتنظيم لقاءاته سنويا. وكان لهذا الملتقى فضلا عن النشاط الرسمي، نشاطات موازية ليلية في الأحياء الجامعية والثانويات والمساجد والقاعات العامة. وهذا الملتقى المبارك الذي بدأ مبادرة محدودة ومتواضعة مع مالك بن نبي رحمه الله، أصبح من أشهر الملتقيات العالمية ويحاضر فيه كبار العلماء والدعاة والفلاسفة والمستشرقيين، ويتمتع جمهور الحاضرين بمطارحات مختلفة بروح علمية سامية.
وفي هذا الملتقى تعرف شباب الجزائر وربما قبل غيرهم من الشباب في كثير من بلاد المسلمين بجمهور الدعاة والعلماء الذي سجلوا أسماءهم في النصف الثاني من القرن العشرين. ومن فاته حضور الجلسات أو بعدت عليه الشقة فما عليه سوى انتظار كتب الملتقى التي تطبع فيها أعماله، ويتم توزيعها على المكتبات العامة ومكتبات الثانويات والجامعات والمساجد، فعمت الفائدة وكثر النفع وانتشرت الصحوة الواعية في مختلف الأرجاء. والمتابع المنصف يستطيع أن يلمس أثر ذلك الملتقى وتلك المحاضرات والجلسات الطيبة مع الدعاة والمشايخ وكذلك مع أساتذة الفكر والفلسفة وكبار المستشرقين، أمثال المستشرقة الألمانية الفاضلة زغريد هونكه صاحبة شمس الله تسطع على الغرب، والفيلسوف البارع رجاء جارودي، والعلامة أبو الحسن الندوي، والمشايخ الدعاة القرضاوي والغزالي والبوطي.. والأساتذة نور الدايم حاطوم، وعبد العزيز الحبحابي، وأبو السعود وغيرهم من الأساتذة والمشائخ والدعاة واللغوين والشعراء والمستشرقين وأساتذة الفلسفة..
وأثر هذا الملتقى السنوي كان عظيما أيضا باعتبار أنه ملتقى متنقل من مدينة إلى أخرى ومن عاصمة ولاية إلى أخرى، بحيث أن أهم المدن الجزائرية قد احتضنت أشغاله على الأقل مرة واحدة، وعلى كل شخص أن يتصور الأثر البالغ لمثل هذا الحشد من الدعاة والمشايخ الذين يستمروا بقاءهم لأزيد من أسبوع وكثير من شباب المدن المجاورة يقومون باستضافة الدعاة والعلماء إلى مدنهم وقراهم ومداشرهم، في أجواء احتفالية ربانية ساهمت في إنضاج الصحوة الإسلامية وتحويلها إلى حالة شعبية جماهيرية.
ومن الإنجازات التاريخية بمقاييس تلك الفترة التي تحققت هي بث محاضرات ملتقى التعرف على الفكر الإسلامي على شاشة التلفزيون لفترة قد تصل لنصف سنة وهذا أسبوعيا، تعرض فيها العديد من المحاضرات وقد كان التلفزيون أهم وسائل التثقيف في تلك السنوات، وكانت عملية البث التلفزيوني لمحاضرات الملتقى بمثابة جامعة شعبية.

معرض للكتاب الإسلامي
ومرة ثالثة أيضا وباقتراح من مالك بن نبي رحمه الله ينظم مسجد الجامعة لأول مرة سنة 1971 معرضا للكتاب الإسلامي في الحي الجامعي لبن عكنون بالجزائر العاصمة، وكان ذلك إيذانا ببداية انتشار الثقافة الإسلامية وتعرف الشباب على الخطاب الإسلامي، وفي نفس الوقت دخول البعد التنظيمي الواعي بنفسه بشكل أكثر دقة وتخطيط. كما قام مسجد الجامعة بتأسيس مجلة فرنسية بعنوان ما ذا أعرف عن الإسلام؟ (Que sais-je de l’islam) وبالرغم من أن أعدادها لم تتجاوز العشرين عددا ولكن لم يكن يخل بيت من بيوت رواد الحركة الإسلامية من تلك الأعداد التي بارك الله فيها. ونفس السنة شهدت بعث العمل الإسلامي في الجنوب الجزائري عن طريق رواد مسجد الجامعة، وبدأت عملية فتح المساجد في الثانويات التي كانت بمثابة الجامعات في أيامنا هذه، بما كانت تزخر به من جدية وحيوية وديناميكية في أنشطة الشباب ومعارض فكرية ولوحات تعريفية بالالتزام الإسلامي. كما أن مسجد الجامعة في ذلك الوقت المبكر من الوعي الإسلامي والالتزام الحركي لم يهمل البعد العالمي في مناشطه وسجل حضوره منذ 1972 بإظهار الاهتمام بقضايا الأمة الإسلامية. فلقد شهدت تلك السنة النزاع المسلح بين باكستان والهند فقام مسجد الجامعة، وهو الغطاء التنظيمي/الإداري الذي كان ينشط من خلاله هؤلاء الرواد الأوائل بمساندة باكستان وجمع التبرعات وتسليمها للسفير الباكستاني بـالجـزائـر.
كما انطلقت الهيئة المشرفة على مسجد الجامعة في تنظيم الورشات الثقافية والعلمية أثناء العطل الجامعية في الأرياف والمدن المختلفة والتي يقوم بتأطيرها كوادر الجامعة، والشباب الملتفين حول المساجد الجامعية ومساجد المعاهد المتخصصة.. وكان يقوم بمهام محو الأمية وتقديم الخدمات الطبية وغيرها من المناشط العامة التي كان لها تأثير كبير في الأوساط الشعبية في تلك السنوات المتميزة بالبراءة، وسلامة فطرة الناس وإقبالهم الشديد على التدين والالتزام بمجرد فهمهم الفكرة الإسلامية، واستيعابهم لأبجديات التغيير الإسلامي الهادئ.



حرق مسجد الجامعة
وبالرغم من هذا النهج السلمي بدأت المضايقات من بعض فلول اليسار وتعرض مسجد الجامعة المركزية في العاصمة في بداية 1973 إلى الحرق، حيث ألتهبت النيران في القاعة المخصصة للنساء، و بدؤوا بحرق مصاحف وضعت على الطاولة و ذلك قبل السادسة صباحا، و لكن رعاية الله حالت دون مقصدهم، فلم يلتهب كل المسجد..
وكتب الراحل بن نبي على اثر هذا الحدث افتتاحية مؤثرة في مجلة "ماذا أعرف عن الإسلام" الفرنسية رقم 9 (Qsji) تحت عنوان " الكتاب المحفوظ" وبعد أن ذكر تكفل المولى تبارك وتعالى بحفظ لكتابه، أضاف يقول: "إن حرق بعض المصاحف، في مسجد الجامعة، من طرف مجنون أم مجرم مسير، يعتبر أمرا جزئيا و مبتذلا (banal) إذا أرجعناه إلى السلسلة التاريخية لكل المحاولات التي استهدفت القرآن، التي فشلت كلها.. لم تفشل فقط، و لكن من منظور آخر، فهي نافعة بحيث تعتبر تحديا للضمير الإسلامي، و نتيجة ذلك فإن طلبة مسجد الجامعة، بدلا من أن يصيحوا و يتباكوا، فقد نظموا أسبوع القرآن الكريم (بالحي الجامعي بالقبة ENS) ابتدأ بصلاة الجمعة بالجامعة، صلاة جمعت عددا غفيرا لم ير قبل هذا الحدث.
والأستاذ مالك بن نبي نفسه لم يسلم من المضايقات، بل تعرض إلى اعتداء سنة 1973 حيث تعرض له إثنين أو ثلاثة فضربوه قرب منزله حتى أغمي عليه وتركوه مرميا في الطريق دامي الوجه، فاقد الوعي، لولا رحمة الله به أن جاء بعض الناس و ذهبوا به إلى المستشفى. وبعد هذا الإعتداء الغادر نـُظمت مداومة في بيته من أجل حمايته، فكان الطلبة يتناوبون على حراسته في بيته، وفي احدى الليالي بينما كان الطلاب المداومون على حراسته يدرسون الكهرباء و بالأخص المحولات الطاقوية، قال لهم رحمه الله: " إن وظيفة المسلم تجاه مجتمعه هي مثل وظيفة المحول، يمكن تحويل طاقة كامنة في القرآن ويبعثها في النفوس في المجتمع".
وبعد مرض دام بضعة أشهر توفاه الأجل عليه رحمة الله، وصليت عليه صلاة الجنازة في المسجد الذي أسسه، مسجد الجامعة يوم 31 أكتوبر 1973، و تبعه عدد غفير من المسلمين إلى مقبرة سيدي امحمد..
كتب عنه الأستاذ رشيد بن عيسى كلمات تأبينية نشرت في العدد العاشر من المجلة يقول فيها: "كان لمالك بن نبي إيمان الغزالي، و الإتساع الثقافي لابن خلدون و التوتر البروميتي لجمال الدين الأفغاني، و عزم حسن البنا. ينتمي مالك إلى سلسلة المفكرين و المجددين مثل رشيد رضا، و محمد إقبال و ابن باديس، حيث كان تلميذهم و موصلا لجهدهم.
وفي فراش مرضه في المستشفى، حينما استفاق قليلا، أخبرته بأن العرب قد انتصروا على أنفسهم وعلى عدوهم في حرب بدر 1393 المسماة بحرب رمضان 1973 (أي ضد اليهود)، فأجابني باطمئنانه المعهود و بكل يقين: "سنتغلب عليهم".
وجدت في يوميات مالك بن نبي الشخصية كلمات كتبها قبل وفاته بعنوان "إني أحيي نهايتي...". جاء فيها: "إني أشعر أكثر فأكثر، في هذه السنة التاسعة و الستين من حياتي بشعور ارتياح- و إني كرجل على ظهره حمل ثقيل، يشكر المولى تعالى أن وفقه على نقل الحمل أبعد و أطول ما يمكن، و لكنه يتنتظر وقت وضعه. إن حياتي كانت ثقيلة الحمل، وقرب السبعين من عمري فإني أستشف نهايتي بارتياح...." رحمه الله برحمته الواسعة.
توفي مالك بن نبي بعد أن وضع أسس البناء وقد نمت الدعوة وأصبحت واعية بنفسها أكثر وتدرك مهامها بأوضح سبيل وطريق.

تم إدراج هذا المقال بمناسبة الذكرى الـ 38 لوفاته
المصدر








 


رد مع اقتباس
قديم 2011-11-07, 20:46   رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
باهي جمال
مفتش التسيير المالي والمادي
 
الأوسمة
المشرف المميز 
إحصائية العضو










افتراضي

مالك بن نبي له فضل كبير في الصحوة الاسلامية بصفة خاصة وقد الف العديد من الكتب خاصة التي تتناول شروط النهضة والحضارة ومقوماتها وترك لنا مكتبة عامرة من اهم محتوياتها مايلي

كتاب : شروط النهضة..(مالك بن نبي) .........................
تلخيص كتاب شروط النهضة لمالك بن نبي.......................
كتاب : الظاهرة القرآنية..(مالك بن نبي)............................
كتاب : مشكلات الحضارة: المسلم في عالم الاقتصاد..(مالك بن نبي)
كتاب : مشكلات الحضارة في مهب المعركة..(مالك بن نبي).........
كتاب : مشكلات الحضارة: القضايا الكبرى..(مالك بن نبي)...........
كتاب : مشكلات الحضارة: وجهة العالم الاسلامي..(مالك بن نبي)...
كتاب : مشكلات الحضارة: تأملات..(مالك بن نبي) ..................
كتاب : مشكلات الحضارة: مشكلة الثقافة..(مالك بن نبي) ...........
كتاب : مشكلات الحضارة: بين الرشاد والتيه..(مالك بن نبي)..........
كتاب : مشكلات الحضارة: فكرة الإفريقية الآسيوية ..(مالك بن نبي)
كتاب : مشكلة الأفكار في العالم الاسلامي..(مالك بن نبي) ........
كتاب : مشكلات الحضارة: ميلاد مجتمع ..(مالك بن نبي) .........
كتاب : مشكلات الحضارة: ميلاد مجتمع لمالك بن نبي ..(قراءة وتلخيص للكتاب)










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-07, 21:18   رقم المشاركة : 3
معلومات العضو
رَكان
مشرف عـامّ
 
الأوسمة
المشرف المميز **وسام تقدير** وسام المشرف المميّز لسنة 2011 وسام التميز وسام الحضور المميز في منتدى الأسرة و المجتمع 
إحصائية العضو










افتراضي

وإنه لحصاد السنين أيها الفاضل..
لم آت على المقالة كلها ..سأتابع ما تبقى لاحقا...
شدني جزء من مقال مررت به على صفحة بجريدة الفجر على ما أعتقد..وكان مضمونه..

ماليزيا تطبق فكر مالك بن نبي والجزائر لا تزال في تبعية للخارج
من جهته، أشار الدكتور ياسين طيب، إلى غياب الرقابة الاقتصادية وسلطة الدولة، ما خلف أزمة قد تتحول إلى زلزال يهدد الأمن القومي، ودعا إلى ضرورة تبني النظام المصرفي الإسلامي للخروج من دائرة "الربا" الحرام، والتعامل بهذا النمط الذي دعا إليه سابقا

مالك بن نبي
"إلا أن الجهل وراء عدم تطبيقه محليا"، يضيف ذات المتحدث، الذي قال إن الجزائر أدركت مؤخرا أن العولمة لا تفيدها ولابد من تطبيق فكر بن نبي مثلما طبقته ماليزيا ونجحت في ذلك ونادت إليه الدول الصناعية خلال قمة العشرين بسيول. وهو ذات رأي رئيس الحكومة السابق، أحمد بن بيتور، الذي أكد على بُعد السلوك التكنولوجي الذي غيّر باقي القطاعات مثلما غيرت الصناعة سابقا تفكير العالم، لذلك نشبت أزمة تدفع الجزائر ثمنها غاليا، لعدم تحكمها في هذه التكنولوجيات.
ـــــــــــــــ

دمتَ أيها الشهم ودام عطاؤك ولاحرمنا طيّب تواجدك ..









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-07, 21:46   رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله في الأمير و قد سبقني الأخ عمر الإشارة إلى فكر مالك بن بني الذي استفادت منه ماليزيا و ليس هذا فقط في الوقت الذي لا يعرف حتى الجامعيين مالك بن نبي رحمة الله عليه تخصص جامعة تل أبيب باسرائيل جناح خاص لكل كتب مالك بن نبي سبحان الله، و سبقني أيضا الأخ جمال التذكير بالكتب القيمة التي تركها و التي أعتز أني املكها كلها في مكتبتي الخاصة
قد يجهل الكثير أن مالك بن نبي رحمه الله كان له الفضل بعد الله في فتح أول مصلى و مسجد في جامعة الجزائر في نهاية الستينات و بداية السبيعات و أول من تحجب على يديه أول طالبات جامعيات

هذا بالضبط ما كتبته منذ عام في هذا المنتدى عن مالك بن نبي رحمه الله

اقتباس:
مع مالك بن نبي

يجهل الكثير قيمة مالك بن نبي-رحمه الله- العلمية و الفكرية و كيف سطع و مازال يسطع نجمه في الحراك الحضاري بإعتباره أسس المنهج الرشيد للتغيير الإجتماعي و البعث الحضاري من وحي الشريعة الإسلامية ،و لعل كتابه شروط النهضة دليل على ذلك و الظاهرة القرآنية حجة أخرى فلا نستغرب إذن تخصيص جناح خاص لكتبه اللامعة في جامعات تل أبيب بإسرائيل ..
لكن الذي أستوقفني حقا و أنا أقرأ لهذا المفكر هو تعرفي عن قرب عن مالك بن نبي الإنسان و ذلك لما قرأت مذكراته الشخصية التي جاءت في كتابه المعنون "مذكرات شاهد على القرن "،كان إعجابي كبير بل شديد بشخصية هذا المفكر الذي كانت له مميزات أخلاقيه و سلوكية منذ الصغر فكان يتميز بالعاطفة و شدة الحساسية لدرجة أنه كان لا يتمالك نفسه عن البكاء عندما يستمع لذكريات جدته عن الحج .إضافة إلى تقديسه لقيمة والديه ..
و كان رحمه الله ذا همة عالية و طموح جدا فقد فكر في الهجرة إلى السعودية و إقامة مشروع للاستفادة من الطاقة الشمسية على قلة إمكاناته و فقره .إضافة لحبه لطلب العلم حتى أنه كان يسهر في حل تمارين الرياضيات للثالثة صباحا..
و لعل هذا الأمر أثر في خصائصه الذهنية و العقلية فكان يحب الدقة و الاستدلال و يدعوا إلى ضبط المصطلحات و المفاهيم.
و لعل ما أعجبني في سيرته الذاتية أنه كان كثير المطالعة شديد الشغف بها يحب القراءة في كل شيء فكان يقرأ بالفرنسية و العربية إضافته إلى حفظه القرآن الكريم ...
و الحقيقة كم أتالم عندما أتذكر هذا الرجل و كم قصرنا في حقه لأن حقه علينا أن نهتم بفكره من خلال دراسات يمكن تحويلها لمشاريع علمية و عملية و لعل ما قصرنا فيه نجح فيه من عرفوا قدر هذا الرجل في أندونيسيا و ماليزيا عندما ركزوا على الإهتمام بالفرد كما دعى إلى ذلك دائما مالك بن نبي و لننظر الفرق بيننا و بينهم ...









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-07, 22:01   رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
الأمير
مُؤسِّس الموقع
 
الصورة الرمزية الأمير
 

 

 
الأوسمة
وسام الامير المميز المدير المثالي 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة باهي جمال مشاهدة المشاركة
مالك بن نبي له فضل كبير في الصحوة الاسلامية بصفة خاصة وقد الف العديد من الكتب خاصة التي تتناول شروط النهضة والحضارة ومقوماتها وترك لنا مكتبة عامرة من اهم محتوياتها مايلي

كتاب : شروط النهضة..(مالك بن نبي) .........................
تلخيص كتاب شروط النهضة لمالك بن نبي.......................
كتاب : الظاهرة القرآنية..(مالك بن نبي)............................
كتاب : مشكلات الحضارة: المسلم في عالم الاقتصاد..(مالك بن نبي)
كتاب : مشكلات الحضارة في مهب المعركة..(مالك بن نبي).........
كتاب : مشكلات الحضارة: القضايا الكبرى..(مالك بن نبي)...........
كتاب : مشكلات الحضارة: وجهة العالم الاسلامي..(مالك بن نبي)...
كتاب : مشكلات الحضارة: تأملات..(مالك بن نبي) ..................
كتاب : مشكلات الحضارة: مشكلة الثقافة..(مالك بن نبي) ...........
كتاب : مشكلات الحضارة: بين الرشاد والتيه..(مالك بن نبي)..........
كتاب : مشكلات الحضارة: فكرة الإفريقية الآسيوية ..(مالك بن نبي)
كتاب : مشكلة الأفكار في العالم الاسلامي..(مالك بن نبي) ........
كتاب : مشكلات الحضارة: ميلاد مجتمع ..(مالك بن نبي) .........
كتاب : مشكلات الحضارة: ميلاد مجتمع لمالك بن نبي ..(قراءة وتلخيص للكتاب)
بارك الله فيك أخي جمال

للمفكر الإسلامي كتاب جديد تم طبعه مؤخراً تحت عنوان: العفن pourriture،
أول ما كتبه مالك بن نبي عن سيرته الذاتية من حيث الفترة الزمنية قبل مذكراته "الطالب" و "الكاتب"....



اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عُمر مشاهدة المشاركة

ماليزيا تطبق فكر مالك بن نبي والجزائر لا تزال في تبعية للخارج
جزاك الله خيرا أخي عمر


و لمزيد من الفائدة حول هذه النقطة، و خلال الملتقى الدولي الأول حول فكر مالك بن نبي، الذي عقده المجلس الإسلامي الأعلى أيام 18، 19، 20 من أكتوبر 2003 اعترف المحاضرون القادمون من ماليزيا بدور أفكار مالك بن نبي في تحقيق ازدهار هذا النمر الأسيوي، فقد استوعبتها النخبة هناك وسعت إلى تجسيدها قدر الإمكان.
ويقول محمد نور منوطي مدير معهد إسلامي في ماليزيا :سمع مهاتير بن محمد رئيس الوزراء بمالك بن نبي وبأفكاره عن طريق أنور إبراهيم، فأمر بنشر فكره باللغة الانجليزية


فيما
يقول د.عثمان شهاب (أندونيسي مقيم بماليزيا) : الآن في ماليزيا، في جامعة "مالايا"، يعتبر مالك بن نبي من أهم المراجع الدراسية وخاصة في مادة الفكر الإسلامي المعاصر.



المشكلة أن شبابنا يعرفون خصوصيات اللاعبين و الفنانين بالتفاصيل المملّة، و لا يعرفون أسماء علماءهم و مفكريهم



قال فيه الدكتور محمد المبارك العميد السابق لكلية دمشق :


أنا لا أقول إنه "نبي" ، لكني أقول أنه ينهل من نفحات النبوة ويتابع الحقيقة الخالدة









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-07, 22:15   رقم المشاركة : 6
معلومات العضو
الأمير
مُؤسِّس الموقع
 
الصورة الرمزية الأمير
 

 

 
الأوسمة
وسام الامير المميز المدير المثالي 
إحصائية العضو










افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محبة الحبيب مشاهدة المشاركة
بارك الله في الأمير و قد سبقني الأخ عمر الإشارة إلى فكر مالك بن بني الذي استفادت منه ماليزيا و ليس هذا فقط في الوقت الذي لا يعرف حتى الجامعيين مالك بن نبي رحمة الله عليه تخصص جامعة تل أبيب باسرائيل جناح خاص لكل كتب مالك بن نبي سبحان الله، و سبقني أيضا الأخ جمال التذكير بالكتب القيمة التي تركها و التي أعتز أني املكها كلها في مكتبتي الخاصة
قد يجهل الكثير أن مالك بن نبي رحمه الله كان له الفضل بعد الله في فتح أول مصلى و مسجد في جامعة الجزائر في نهاية الستينات و بداية السبيعات و أول من تحجب على يديه أول طالبات جامعيات

هذا بالضبط ما كتبته منذ عام في هذا المنتدى عن مالك بن نبي رحمه الله

بارك الله فيك الأخت محبة الحبيب

هذا ما نسعى له في منتديات الجلفة، بالتعريف بعلماء و مفكري هذا الثغر من الأمة الإسلامية، مثل الشيخ عبد الحميد بن باديس رائد النهظة، و الأمير عبد القادر مؤسس الدولة الجزائرية الحديثة ...

و لقد كان لي مقال في السنة الأولى للمنتدى لما تفضلتِ به الآن حول تأسيس أول مسجد ، و
ظهور الحجاب في الجامعة الجزائرية بتأثير من الأستاذ مالك بن نبي

مالك بن نبي : في ذكرى تأسيس أوّل مسجد بالجامعة الجزائرية

بارك الله فيكم على المتابعة









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-07, 22:40   رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

تزخر الجزائر بحمد الله و منته بالكثير من العلماء الأقطاب الذين تركوا أثرا جليلا في مسار الدعوة الإسلامية فإصافة لما ذكرت :
الشيخ أحمد حماني الذي لا يضاهيه أحد في الفقه المالكي ليس فقط في الجزائر بل العالم الإسلامي و هذا بشهادة كبار العلماء
نتمنى ان نرى مثل هذه المواضيع الهادفة و المهمة التي تعرف بمثل هؤلاء

بارك الله فيك و نتمنى تثبيت الموضوع حتى تعم الفائدة أكثر









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-07, 23:06   رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
الأمير
مُؤسِّس الموقع
 
الصورة الرمزية الأمير
 

 

 
الأوسمة
وسام الامير المميز المدير المثالي 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيك أخي عمر على تثبيت الموضوع، و جزاكم الله خيراً على الردود










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-07, 23:54   رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
أبوطه الجزائري
عضو محترف
 
الصورة الرمزية أبوطه الجزائري
 

 

 
إحصائية العضو










افتراضي

جزاك الله خيرا ...

رحم الله علماء المسلمين و رواد نهضتنا الأكارم

==============

إن أمام كل مجتمع غاية, فهو يندفع في تقدمه إما إلى الحضارة وإما إلى الانهيار

 كل تفكير في مشكلة الإنسان هو في النهاية تفكير في مشكلة الحضارة

 ليست المشكلة أن نعلِّم المسلم عقيدة هو يملكها،

وإنما المهم أن نرد إلى هذه العقيدة

فاعليتها، وقوتها الإيجابية، وتأثيرها الاجتماعي


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مالك بن نبي رحمه الله










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-08, 06:29   رقم المشاركة : 10
معلومات العضو
مشكاة الهدى
رحمها الله
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم

عيدكم مبارك وشكرا على الموضوع المفكر مالك ابن نبي لا يختلف اثنان انه كبير في في عالم الفكر لكنه ضغير في وطنه
يكرم مطربون هواة ولا يسمع به احد اليس هذا انحطاطا نحو الدرك الاسفل
انه مدرسة فكرية وفيلسوف ومشروع حضاري

اريد ان اساهم باضافة للموضوع بعد اذن صاحب النص من اجل الاثراء
كتاب الظاهرة القرانية الذي يعتبر من اهم كتب الفكر الاسلامي لست مختصة او مؤهلة للنقد لكن اعجبني ما قرات منه



يقع الكتاب الَّذي ألَّفه مالكٌ بن نبي في فرنسا - وباللغة الفرنسية - في 328 ورقة ، وهو إحدى منشورات " دار فكر " الَّتي قامت بنشر أغلب مؤلَّفاتِ المفكِّر رحمه الله .

قام بتقديم الطبعة الفرنسية للكتاب الدكتور الشيخ محمَّد عبد الله دراز - رحمه الله - أستاذ في الأزهر الشريف ، وقام اللواء الغنِّي عن التعريف الأستاذ / محمود محمَّد شاكر إلى تقديم فصلٍ في إعجاز القرآن في 33 صفحة مشوقة تناول فيها - رحمه الله - الإعجاز في القرآن الكريم وفصَّل فيه كثيرًا ، لكنَّه خالف مالك بن نبيّ حين ارتكز الأخير على نظرية المستشرق " مرجليوث " الَّتي أصبحت فيما بعد قضية طه حسين في كتابه " في الشعر الجاهلي " وارتكز على أثرها في العقل الحديث ، وخرج منها إلى نتيجة وجوب التعديل بروية وحكمة في المنهج القديم للتفسير الَّذي يقوم - حسب رأي مالك - على الموازنة بين أسلوب القرآن الكريم وأسلوب الشعر الجاهلي .

مع العلم أنَّ مالكًا كان من أشدِّ معارضي فكرة " مرجليوث " ، لكنَّه كان يرغب باستحداث نهجٍ جديدٍ يوافق العقل الحديث في تفسير القرآن .
فنحن - كما يقول مالك : " منذ وقتٍ طويل لم نعد نملك في أذواقنا عبقرية اللغة العربية ، ليمكننا أن نستنبط من موازنةٍ أدبية نتيجةً عادلة حكيمة ، ومنذ وقتٍ طويل تكتفي عقائدنا في هذا الباب بالتقليد الَّذي لا يتفق وعقول المتعلقين بالموضوعية " .

وعلى الرغم من هذه المخالفة إلاَّ أنَّ الأستاذ محمود قد أبلغ الثناء على الكتاب في مقدمته حيث قال :

" هذا كتاب ( الظاهرة القرآنية )
وكفى ، فليس عدلاً أن أقدِّم كتابًا هو يُقدِّم نفسه إلى قارئه . وبحسب أخي الأستاذ مالك بن نبيّ وبحسب كتابه أن يُشار إليه ، وإنَّه لعسيرٌ أن أقدِّم كتابًا هو نهجٌ مستقل ، أحسبه لم يسبقه كتابٌ مثله من قبل . وهو منهجٌ متكامل يفسره تطبيق أصوله ، كما يفسِّره حرص قارئه على تأمُّل مناحيه . "


.
.

يقول مالكٌ :
" لم يُتح لهذا الكتاب أن يرى النور في صورته الكاملة ، فالواقع أنَّنا قد أعدنا تأليف أصوله الَّتي أُحرقت في ظروفٍ خاصَّة . وهو كما هو الآن ، لا يكفي في علاج فكرتنا الأولى عن المشكلة القرآنية ، فإنَّ الموضوع يتطلَّب عملاً شاقًا طويل الأنفاس ، ومراجع ذات أهميَّة قصوى "

يبدأ كتاب " الظاهرة القرآنية " بالحديث عن الظاهرة الدينية والمذهب الغيبي والمذهب المادي كمقدمةٍ عقلانية لما سيتمُّ عرضه بعد ذلك .

ثمَّ يبدأ بالحديث عن الحركة النبويَّة ومبدأ النبوَّة وادِّعاء النبوَّة والأنبياء ويتناول النبي " أرمياء " الَّذي ذُكر في كتب بني إسرائيل وقدَّم مالكٌ في فلسفةٍ عميقةٍ ومدهشة الظاهرة النفسية عند أرمياء .

ثمَّ يحدُّثنا بن نبي عن أصول الإسلام في دراسة نقدية لا تغفل - كما يقول - أهمية فحص الوثائق المدونة أو التاريخيَّة الَّتي يمكن أن تلقي ضوءًا على الظاهرة القرآنية .

ويقوده الحديث عن أصول إلى الإسلام إلى إفراد مساحةٍ كبيرة من كتابه للحديث عن نبي الإسلام محمَّدٍ صلى الله عليه وسلَّم فيتناول حياته ثمَّ يعرج إلى الحديث عن الوحي واقتناع النبي صلى الله عليه وسلَّم بنبوته .

وفي بقية صفحات الكتاب ، نجد عناوين لافتة ومهمَّة وجديرة بالتمحيص والقراءة بتعمَّق ، مثل الصورة الأدبية في القرآن والعلاقة بينه وبين الكتاب المقدَّس والقمية الإجتماعية لأفكار القرآن ، والعديد من القضايا المهمَّة الَّتي لا يسعنا في حديثٍ ضيِّقٍ أن نتحدَّث عنها كلها .


وكتاب " الظاهرة القرآنية " متميُّزٌ في طرحه الَّذي يخاطب العقل والقلب معًا في مزجٍ فريدٍ لا يقدره إلاَّ متمكِّنٌ فلسفي من الروح الإنسانية .

فأنا كـ " مسلمة " حين قرأتُ هذا الكتاب ، اكتشفتُ جهلاً عميقًا في ما أؤمن به في قراري وأعترف به كليًا في ذاتي ، نحن نؤمن لأنَّنا " تعوَّدنا " ذلك ! ، تعوَّدنا أن نصلِّي ونقرأ القرآن ونحفظ سيرة محمَّدٍ صلى الله عليه وسلَّم ، مالكٌ يخاطب عقولنا بلغة قلوبنا ، يحدثنا كيف اقتنع صلى الله عليه وسلَّم بنبوته ، يشرح لنا المنهج الغيبي والمنهج المادِّي وظاهرة النبوة وأصول الإسلام بعقلٍ فريدٍ جمع بين دراسة الماديات والتعمُّق في دراسة الروح .

وأجزم بأنَّ الكتاب يخاطب في ثناياه أشدَّ الملحدين حُمقًا ، فهو لا يقدِّم العقيدة الإسلامية كمسلَّماتٍ يؤمن بها القلب تحت عمىً عقلي ، بل كـ حقائق يتشربها القلب تحت إشرافٍ عقلي ! .

قرأتُ " الظاهرة القرآنية " أكثر من مرَّة ، وفي كلِّ مرَّةٍ أعيد قراءته فيها أشعر بأنَّني أقرأ كتابًا مختلفًا ، في كلِّ سطرٍ وفي كلِّ كلمة يقدِّم لنا مالكٌ " حياةً " بمجملها وليس مجرَّد كلمات ! .

.
.

ربَّما يكون أكثر ما شدَّني في كتاب مالكٍ وأوَّل ما قرأته فيه هو مقارنة فريدة وذكية بين آيات سورة يوسف في القرآن الكريم ، وبين ذات القصَّة في التوراة ، محاولاً تبيين أوجه الشبه والإختلاف بين الكتاب السماوي الَّذي تعهد الله بحفظه ، وبين الكتاب السماوي الَّذي تنقلته أيدِ اليهود المحرِّفة .
لكنَّه لم يغفل أبدًا الجانب السماوي الباقي في هذه الكتب والخالد بين ثناياها .

وعلى الرغم من أنَّ مالكًا كان فيلسوفًا مؤمنًا بأنَّ العقول الراكدة مثل الماء الآسن ، إلاَّ أنَّه أفرد صفحاتٍ في كتابه تحت عنوان :" ما لا مجال للعقل فيه " وضع تحتها كمثال فواتح السور وقال :
" ... ولكنَّ أكثر المفسرين تعقلاً واعتدالاً هم أولئك الَّذين يقولون في حالٍ كهذه بكلِّ تواضع : (( الله أعلم )) . "
معترفًا - وهذا الإعتراف يندر أن يصدر عن فيلسوف - بمحدودية العقل البشري وضيق إدراكه .

.
.

أجزم بأنَّ كلَّ الَّذين تحدَّثوا عن هذا الكتاب لم يوفوه حقه ، ولم يرفعوه منزلته ، فالبحار مهما بلغت به الخبرة لن يستطيع أن يصف لك البحر الَّذي قطعه في سفره ، فكيف إذا كان بحَّارًا جاهلاً مثلي ، وكيف إذا كان البحر كتابًا خالدًا مثل " الظاهرة القرآنية " ؟!.

إنَّما أردتُ أن أعرِّف ولو بشكلٍ بسيطٍ عن أعظم الكتب الَّتي قرأتها ، لأعظم المفكرين الَّذين عرفتهم :
مالك بن نبي


للامانة مازلت لم انهي قراءة الكتاب عندما اكملله ساضع رابط تحميله لمن يريد ذلك
سلامي لجميع الاعضاء وشكر وامتنان لصاحب الموضوع










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-08, 09:12   رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي منقول للفائدة

بين محمد الغزالي ومالك بن نبي:
عبد الباقي صلاي



قبل نصف قرن من الزمان صاغ الشيخ محمد الغزالي رحمه الله معادلة جبرية اعتبرت فيما بعد من أفضل المعادلات الجبرية التي فسّرت الواقع الحياتي للعرب المسلمين، وتتمثل هذه المعادلة الجبرية تحديدا في: العرب ناقص الإسلام يساوون صفرا. بعبارة أخرى إن العرب من دون الإسلام هم مجرد قيمة صفرية، إذا جاز لنا أن نقول بأن للصفر قيمة، أي لا يمثلون شيئا من حيث القيمة في ميزان الحضارة، أو الثقل في ميزان العلم في حال ما أبعدوا الإسلام عن حياتهم.

فالشيخ محمد الغزالي رحمه الله - وقد توفي إثر سكتة قلبية في مهرجان جندارية الثقافي الذي ينظم كل سنة في المملكة العربية السعودية، وسبب هذه السكتة القلبية أنه طلب أن يرد على صمويل هنتنغتون صاحب ما يسمى بصدام الحضارات عندما انغمس مع بعض من يسمونهم «المنظرون العالميون» في قلب الحقائق ولما وجد الشيخ أن لا أحد يلتفت نحوه، أخذ الكلمة وبمجرد أن بدأ الحديث خر مغشيا ليفارق الحياة بعد ذلك- من خلال هذه المعادلة الجبرية اعتبر أن الإسلام هو الجامع للعرب، وهو القادر على أن يذيب كل الفوارق ويزيل كل الحواجز.

وكان رحمه الله كلما سئل عن العرب ومستقبلهم إلا وصاح بأن لا مستقبل لهم إلا في كنف الإسلام، لأن الإسلام هو من أعطاهم قيمة حضارية بين الأمم الأخرى، وهو من وحدهم بعد أن كانوا قبائل تتناحر من أجل بعير ومن أجل امرأة ومن أجل غمز وهمز شاعر.

لأن العرب قبل الإسلام كانوا مجرد مجموعات من الأفراد لا يجتمعون إلا ليتفرقوا، ولا يتفقون إلا لينفضوا على وقع المشاحنات والضغائن، ولما جاء الإسلام جمع كلمتهم وأعطاهم طابعا على أنهم بإمكانهم أن يكونوا جنسا مغايرا يعلم الدنيا كيف تبنى الأمة وكيف تكون الحضارة.

وكما حرص الغزالي على رسم المنهاج الذي يتوجب على المسلمين أن يكونوا ضمنه، شدد على أن ما خذل الدين الإسلامي سوى أهله، بحيث قال:" إن هذه الأمة عبء على الدين وعائق أمام انطلاقه".

وقبل الشيخ محمد الغزالي صاغ المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله- الذي تخرج من كلية الهندسة كمهندس كهربائي في فرنسا ورغم ذلك لم يشتغل في تخصصه، وعندما سئل عن ذلك أجاب بأن الهندسة الكهربائية لا تفيد الأمة في الوقت الحالي، بل الذي يفيدها هو فكر نير يضيء لها الطريق في دجى الليل الذي طال- معادلة جبرية هو الآخر، وإن كانت تختلف في الجوهر لكنها تتفق مضمونا مع المعادلة الجبرية للشيخ محمد الغزالي رحمه الله.

وكان مالك بن نبي كما كان الشيخ محمد الغزالي قد أخذها من الواقع الحياتي للأمة العربية الإسلامية، هذه المعادلة تعرف بالمعادلة الحضارية، أو ما يسميها مالك بن نبي أيضا بمكونات الحضارة وهي العناصر الثلاثة، الإنسان، الزمن، والتراب.

فمن خلال هذه العناصر الثلاثة تتكون الحضارة بكل تفرعاتها، وغياب أي عنصر من هذه العناصر هو إخلال بالتوازن المطلوب لبناء الحضارة.
ومالك بن نبي لا يعتبر هذه المعادلة تخص أمة دون أخرى، فهو عندما صاغها أو ربط عناصرها بعضها ببعض، لم يقل إنها تخص أمة العرب والمسلمين، أو تخص أمة دون أخرى، ولكن اعتبرها أي المعادلة الحضارية، كمعادلة تدخل في سياق عام من أجل بناء الحضارة.

لكن أعطى في النهاية إجابة السؤال، ومن أحق بهذه المعادلة وأولى، وكان طبيعيا أن يكون المسلمون الذين يملكون ذخرا عظيما لو استغلوه فيما ينفعهم لكفاهم ذل السؤال، والتسقط على أبواب الحضارات الأخرى.

كما يرى مالك بن نبي أن التآلف لا يكفي إذا لم يأت عامل خارجي آخر يمارس دور المركب لهذه العناصر من أجل بلوغ الغاية المرجو ة، هذا العامل الخارجي هو في حقيقة الأمر لازم، ويعزوه مالك بن نبي إلى عنصر العقيدة الدينية.

والتأكيد على عنصر الدين في تمتين التآلف بين العناصر الثلاثة: الإنسان، الزمن، التراب، من أجل بناء الحضارة - الشق المادي من الثقافة- أو ذلك الهدف المنشود آنف الذكر. وبغير الدين والعقيدة الدينية فإن تلاقي هذه العناصر الثلاثة لا جدوى منه، وستظل على الحالة الذر ذرية التشتتية، أو هو مجرد لا شيء.وفي هذا يقول مالك بن نبي::" إننا لكي نتوصل إلى التركيب الضروري حلا للمشكلة الإسلامية، أعني مزج الإنسان، والتراب، والوقت-الزمن-، يجب أن يتوافر لدينا مؤثر الدين الذي يغير النفس الإسلامية... والدين وحده هو الذي يمنح الإنسان هذه القوة، فقد أمد بها أولئك الحفاة العراة من بدو الصحراء الذين اتبعوا هدي محمد صلى الله عليه وسلم. وبهذه القوة وحدها يشعر المسلم- على الرغم من فاقته وعريه الآن- بثروته الخالدة التي لا يدري من أمر استخدامها شيئا". ويسمي مالك بن نبي هذا المؤثر الديني بالمركب الحضاري، وهو بمثابة الحرارة اللازمة لكي تتحد ذرتا الأوكسجين والهيدروجين لتكوين جزيء الماء.يقول مالك بن نبي: "ومن المعلوم أن جزيرة العرب مثلا لم يكن بها قبل نزول القرآن إلا شعب بدوي، يعيش في صحراء مجدبة يذهب وقته هباء لا ينتفع به، لذلك فقد كانت العوامل الثلاثة: الإنسان، التراب، والوقت راكدة خامدة، وبعبارة أصح مكدسة لا تؤدي دورا ما في التاريخ، حتى إذا ما تجلت الروح بغار حراء- كما تجلت من قبل بالوادي المقدس، أو بمياه الأردن- نشأت من بين هذه العناصر الثلاثة المكدسة حضارة جديدة، فكأنما ولدتها كلمة "اقرأ" التي أدهشت النبي الأمي وأثارت معه العالم.فمن تلك اللحظة وثبت القبائل العربية على مسرح التاريخ، حيث ظلت قرونا طوالا تحمل للعالم حضارة جديدة، وتقوده إلى التمدن والرقي ومما هو جدير بالاعتبار أن هذه الوثبة لم تكن من صنع السياسيين ولا العلماء الفطاحل، بل كانت بين أناس يتسمون بالبساطة، ورجال لا يزالون في بداوتهم، غير أن أنظارهم توجهت في تلك اللحظات إلى ما وراء أفق الأرض أو إلى ما وراء الأفق القريب، فتجلت لهم آيات في أنفسهم وتراءت لهم أنوارها في الآفاق.

نعم إنه لمن الغريب أن يتحول هؤلاء البسطاء ذوو الحياة الراكدة، عندما مستهم شرارة الروح، إلى دعاة إسلاميين، تتمثل فيهم خلاصة الحضارة الجديدة وأن يدفعوا بروحها وثبة واحدة، إلى تلك القمة الخلقية الرفيعة التي انتشرت منها حياة فكرية واسعة متجددة نقلت من علوم الأولين ما نقلت، وأدخلت علوما جديدة، حتى إذا بلغت درجة معينة، انحدرت القيم الفكرية التي أنتجتها دمشق وبغداد وقرطبة وسمرقند".

إذا ما حاولنا الإحاطة بما قاله الشيخ محمد الغزالي ومالك بن نبي رحمهما الله، نصل إلى مصب حضاري واحد، وهو إلزامية الدين الذي هو الإسلام من دون أي شيء آخر.
ومادفع مالك بن نبي رغم تكوينه الأكاديمي التقني الصرف إلى دخول المعترك الحضاري الخاص بعالم الأفكار، وبعده الشيخ محمد الغزالي هو الجمود الذي اتسمت به الأمة الإسلامية واتجاهها من غير أن تدري نحو مشارب مفاهيمية مسمومة أخرى، تدعي أنها البديل الأوفر للمعتقد الديني.

ومن يحاول أن يجعل مقارنة صريحة بين فكر الشيخ محمد الغزالي وفكر مالك بن نبي يجد أن الرجلين عاشا ينهلان من معين واحد، وعاشا يتأملان سكون وحركة هذه الأمة من عدة زوايا، ورغم أن تكوين كل واحد مخالف للآخر، بيد أن المحصلة كانت تتجه نحو تحريك المادة الرمادية للعرب المسلمين الذين لم يفهموا بعد أنهم من حيث القيمة لا يمثلون شيئا عندما أداروا ظهورهم للإسلام، وتنكروا لمبادئه النيرة.

وإذا كان الشيخ محمد الغزالي اعتمد على ما كان يترجم له للغة العربية بحكم جهله باللغات الأجنبية، فإن مالك بن نبي كان يكتب باللغة الفرنسية ويترجم له إلى اللغة العربية، وهنا يكمن التكامل الحقيقي، أو ما يمكن أن يسمى بالمعادلة المعرفية الفكرية التي يخشاها أذناب الاستعمار في الداخل، ويموت غيظا منها أحفاد غورو واللمبي، وعملاء نظرية سايكس بيكو، وتابعو بوش وبلير.


منقول للأهمية









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-08, 09:19   رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
محبة الحبيب
مشرف سابق
 
الصورة الرمزية محبة الحبيب
 

 

 
الأوسمة
وسام أفضل مشرف 
إحصائية العضو










افتراضي

و هذه بعض كتب مالك بن نبي للفائدة





الظاهرة القرآنية
https://www.4shared.com/file/67737931..._____.html?s=1





القضايا الكبرى
https://www.4shared.com/file/65331559...__-__.html?s=1





شروط النهضة
https://www.4shared.com/file/65331988...__-__.html?s=1





مشكلة الثقافة
https://www.4shared.com/file/65331993...__-__.html?s=1





وجهة العالم الإسلامي
https://www.4shared.com/file/35268150..._____.html?s=1

مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي
https://www.4shared.com/file/65331996..._____.html?s=1





بين الرشاد والتيه
https://www.4shared.com/file/35263305..._____.html?s=1





تأملات
https://www.4shared.com/file/65331990...___-_.html?s=1


في مهب المعركة
https://www.4shared.com/file/35266132..._____.html?s=1






الفكرة الأفريقية الآسيوية


https://www.4shared.com/file/35265715..._____.html?s=1

المسلم في عالم الاقتصاد
https://www.4shared.com/file/35263008..._____.html?s=1









رد مع اقتباس
قديم 2011-11-08, 11:27   رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
مشكاة الهدى
رحمها الله
 
إحصائية العضو










افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الظاهرة القرانية لمالك بن نبي

كتاب مثير وغير عادي في آن معاً، صح عزم مؤلفه على معاناة دراسته دراسة الحريص المتغلغل، وهَدَف من خلاله إلى بيان انفصال الظاهرة القرآنية عن الظاهرة النبوية. إنه كتاب "الظاهرة القرآنية" للأستاذ مالك بن نبي، فماذا عن مضمون الكتاب؟


لعل أهم ما يبين قيمة هذا الكتاب وأهميته، ما ذكره الأستاذ محمود شاكر في مقدمة تقديمه لهذا الكتاب، حيث قال رحمه الله: "فليس عدلاً أن أقدم كتاباً، هو يقدم نفسه إلى قارئه...وإنه لعسير أن أقدم كتاباً هو نهج مستقل. أحسبه لم يسبقه كتاب مثله من قبل. وهو منهج متكامل يفسره تطبيق أصوله. كما يفسره حرص قارئه على تأمل مناحيه".


تقديم الكتاب


جاء تقديم الشيخ محمود شاكر لهذا الكتاب ليضفي على الكتاب قيمة فوق قيمته الحقيقة، وقد انصب تقديم الشيخ شاكر على قضيتين أساسيتين:


الأولى: قضية الشعر الجاهلي التي أثارها طه حسين ، والتي تركت في العقل الحديث أثراً لا يمحى إلا بعد جهد جهيد. وقد بين الشيخ باختصار القول الفصل في هذه القضية.


والثانية: حقيقة الإعجاز القرآني، حيث قرر الشيخ شاكر أن معرفة (إعجاز القرآن) أمر لا غنى عنه لمسلم ولا لدارس، وأن القرآن المعجز هو البرهان القاطع على صحة النبوة، أما صحة النبوة فليست برهاناً على إعجاز القرآن.


والشيء المهم الذي يقرره الشيخ شاكر بهذا الصدد أن وجه الإعجاز القرآني إنما كان من جهة أن القرآن طلب من العرب - الذين نزل بلغتهم القرآن - أن يستبينوا في نظمه وبيانه انفكاكه من نظم البشر وبيانهم، من وجه يحسم القضاء بأنه كلام رب العالمين.

فكرة الكتاب


يذكر مالك أنه هدفه من هذا الكتاب دراسة الظاهرة القرآنية وفق منهج تحليلي، يبين من خلاله مباينة الظاهرة النبوية للظاهرة القرآنية، ليصل في النهاية إلى أن القرآن من عند الله، وليس من عند محمد صلى الله عليه وسلم.

وهذا المنهج الذي يسلكه مالك لدراسة الظاهرة القرآنية، يحقق من الناحية العملية - بحسب مالك - هدفاً مزدوجاً: الأول: أنه يتيح للشباب المسلم فرصة التأمل الناضج للدين. الثاني: أنه يقترح إصلاحاً مناسباً للمنهج القديم في تفسير القرآن.


وقد استهل مالك دراسته للظاهرة القرآنية بمدخل فصل فيه محنة العقل الحديث في العالم الإسلامي، بين من خلاله افتتان العقل المسلم بالتقدم العلمي الذي أحرزه الغرب، ودور المستشرقين في التمهيد لهذا الانبهار، ومما قاله بهذا الصدد: إن الأعمال الأدبية لهؤلاء المستشرقين، قد بلغت درجة خطيرة من الإشعاع، لا نكاد نتصورها" .
وهذا الإشعاع - بحسب مالك - كان من أعظم الأسباب وأبعدها خطراً في "العقل" الحديث، الذي يريد أن يدرك الظاهرة القرآنية إدراكاً يرضى عنه، ويطمئن إليه. وفي هذا السياق، ينتقد مالك بشدة ما ذكره المستشرق مرجليوث عن الشعر الجاهلي.


فصول الكتاب


تضمن الكتاب بين دفتيه عشرة فصول، خصص المؤلف الفصل الأول (الظاهرة الدينية) للحديث عن طبيعة الظاهرة الدينية. وكان الهدف من هذا الفصل المقارنة بين المذهب الغيبي، الذي يعتبر الدين للإنسان ظاهرة أصلية في طبيعته، ومكون أساس في بناء الحضارة. والمذهب المادي الذي يعتبر الدين مجرد عارض تاريخي للثقافة الإنسانية.


الفصل الثاني (الحركة النبوية) تحدث فيه المؤلف عن مبدأ النبوة، وخصائص النبوة. وبيَّن من خلال الفصل الطبيعة البشرية والنفسية لظاهرة النبوة عموماً.


الفصل الثالث (أصول الإسلام) تحدث فيه مالك عن مصادر دين الإسلام، وقرر في هذا الفصل نقطتين رئيستين:

الأولى: أن الإسلام هو الدين الوحيد بين جميع الأديان الذي ثبتت مصادره منذ البداية، على الأقل فيما يختص في القرآن.


والثانية: أن القرآن خلال تاريخه لم يتعرض لأدنى تحريف أو تبديل، وليست هذه حال العهدين القديم والجديد .

الفصل الرابع (الرسول)، في هذا الفصل يقرر مالك أنه لا يمكن الاستغناء في دراسة الظاهرة القرآنية عن معرفة الذات المحمدية، ومن هنا عكف على دراسة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بدءاً بطفولته، ومروراً بزواجه بخديجة رضي الله عنها، وصولاً إلى بعثته والوحي إليه.


الفصل الخامس (كيفية الوحي)، سعى مالك في هذا الفصل إلى تميز السمات الخاصة بمحمد صلى الله عليه وسلم؛ لكي يتوصل من خلال ذلك إلى أن ظاهرة الوحي خارجة عن شخصه، وأنها ليست ظاهرة ذاتية، كما ذهب لذلك كثير من المستشرقين. ثم يحدد معنى الوحي بأنه: "المعرفة التلقائية والمطلقة لموضوع لا يشغل التفكير، وغير قابل للتفكير".


الفصل السادس (اقتناعه الشخصي)، يحاول مالك من خلال هذا الفصل أن يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم من ظاهرة الوحي، كان بحاجة إلى التثبت من مقياسين يدعم بهما اقتناعه: مقياس ظاهري للتحقق من وقوع الظاهرة، وهذا مقياس ذاتي محض، يقتصر على ملاحظته وجود الوحي خارج الإطار الشخصي. ومقياس عقلي لمناقشتها، وهذا مقياس موضوعي، يقوم على المقارنة الواقعية بين الوحي المنزل، وما ورد من تفاصيل محددة في كتب اليهود والنصارى.


الفصل السابع (مقام الذات المحمدية في ظاهرة الوحي)، ينطلق المؤلف في معالجته لظاهرة الوحي من منهج تحليلي، فيحلل خطاب جبريل للرسول، بقوله: { اقرأ } (العلق:1)، وجوابه صلى الله عليه وسلم: ( ما أنا بقارئ ). ويخلص المؤلف من معالجته لهذا الفصل أن الظاهرة القرآنية مفاصلة تماماً ومنفصلة عن الظاهرة النبوية؛ وبالتالي فثمة فصل قاطع بين الذات المحمدية، والوحي القرآني.


الفصل الثامن (الرسالة)، في هذا الفصل يدفع المؤلف قول الذين يريدون أن يفسروا الظاهرة القرآنية وفق نظرية (اللاشعور).


الفصل التاسع (الخصائص الظاهرية للوحي)، هذا الفصل من أهم فصول الكتاب وأطولها، وقد عالجه المؤلف وفق العناوين التالية: (التنجيم، الوحدة الكمية، مثال على الوحدة التشريعية، مثال على الوحدة التاريخية، الصورة الأدبية للقرآن، مضمون الرسالة، العلاقة بين القرآن والكتاب المقدس، ما وراء الطبيعة، أخرويات، كونيات، أخلاق، اجتماع، تاريخ الوحدانية).


يؤكد مالك أن الوحي من حيث كونه ظاهرة تمتد في حدود الزمن، يتميز بخاصتين ظاهرتين هامتين: تنجيم الوحي. ووحدته الكمية.


يقصد مالك بـ (تنجيم) الوحي نزوله على دفعات وفترات. وهو يقرر بهذا الصدد أن القرآن لو نزل جملة واحدة، لتحول سريعاً إلى كلمة مقدسة خامدة، وإلى فكرة ميتة، وإلى مجرد وثيقة دينية، لا مصدراً يبعث الحياة في حضارة وليدة. وفوق ذلك فهو يرى أن الحركة التاريخية والاجتماعية والروحية التي نهض بأعبائها الإسلام، لا سر لها إلا في هذا التنجيم.


ويقصد بـ (الوحدة الكمية) أن آياته تنزل لمعالجة موضوع معين ومحدد. يقول في بيان هذا المعنى: "فكل وحي مستقل يضم وحدة جديدة إلى المجموعة القرآنية".


وحول العلاقة بين القرآن والكتاب المقدس، يذكر مالك أن القرآن على الرغم من أنه يعلن بكل وضوح التشابه والقرابة إلى الكتب السابقة، فإنه يحتفظ بصورته الخاصة في كل فصل من فصول الفكرة التوحيدية .

وفي المبحث المتعلق بالحديث عن ما وراء الطبيعة، يؤكد مالك أن الإسلام يعرض عقيدته الغيبية الخاصة بطريقة أكثر مطابقة للعقل، وأكثر تدقيقاً، وفي اتجاه أكثر روحية.


ومن أهم الوقفات التي يقف عندها مالك في هذا الفصل مسألة العلاقة بين القرآن والكتاب المقدس، ولتوضيح هذه العلاقة يقارن المؤلف بين قصة يوسف عليه السلام، كما وردت في القرآن، وكما وردت في العهد القديم. ويخلص من خلال هذه المقارنة إلى أن رواية القرآن تنغمر باستمرار في مناخ روحاني، نشعر به في مواقف وكلام الشخصيات التي تحرك المشهد القرآني. وأيضاً فإن نتيجة هذه المقارنة تدفع فرضين اثنين: الأول: وجود تأثير يهودي مسيحي في الوسط الجاهلي. ثانيهما: كون النبي صلى الله عليه وسلم تلقى تعليماً مباشراً عن الكتب السابقة.


الفصل العاشر (موضوعات ومواقف قرآنية)، هذا الفصل خصصه مالك لبحث ما يميز القرآن عن عبقرية الإنسان، وتضمن العناوين التالية: (إرهاص القرآن، ما لا مجال للعقل فيه، فواتح السور، المناقضات، الموافقات، المجاز القرآني، القيمة الاجتماعية لأفكار القرآن).


ومن أهم الأفكار التي قررها مالك في هذا الفصل، أن الدين في ضوء القرآن يبدو ظاهرة كونية، تحكم فكر الإنسان وحضارته، كما تحكم الجاذبية المادة، وتتحكم في تطورها.


ملاحظات نقدية


على الرغم من أهمية موضوع الكتاب والأفكار التي تضمنها، فإن ذلك لا يمنعنا من أن نسجل بعض الملاحظات حول هذا الكتاب.


أولها: ما ذكره الشيخ شاكر في تقديمه للكتاب، من أن مدخل الدراسة التي صدر به مالك كتابه وبعض فصول الكتاب، يوهم بأن الغرض من الكتاب تثبيت قواعد في (إعجاز القرآن). والحق أن منهج مالك في تأليفه هذا دال على أن هدفه إثبات صحة دليل النبوة، وصدق دليل الوحي، وأنه كلام الله لا كلام البشر. وليس هذا هو (إعجاز القرآن)، بل هو أقرب إلى أن يكون باباً من (علم التوحيد)، استطاع مالك أن يبلغ فيه غايات بعيدة، قصر عنها أكثر من كتب من المحدثين وغير المحدثين.


ثانيها: أن مالكاً اعتبر أن المشكلة في فهم الإعجاز القرآني مرده إلى منهج التفسير القائم على أساس المقارنة مع الشعر الجاهلي، والصواب - كما قال الشيخ شاكر - أن الشعر الجاهلي هو الأساس الذي يبنى عليه الحديث عن مسألة (إعجاز القرآن)، كما ينبغي أن يواجهها العقل الحديث، وليس أساس هذه المشكلة هو تفسير القرآن على المنهج القديم.


وأيَّا ما كان الأمر، فإن هذه الملاحظات لا تقلل من شأن هذا الكتاب، بل على العكس من ذلك، تدفع به إلى دائرة الاهتمام والضوء في ظل ظروف أصبحت فيه الحملة على القرآن وأهله مكشوفة على المستويات كافة .

وعلى الجملة، فإن قيمة الكتاب - من وجهة نظرنا - تبدو من جهتين:


الأولى: التقديم النقدي للكتاب، الذي قام به الشيخ محمود شاكر .


الثانية: تفسير الظاهرة القرآنية على أساس يُقنع العقل الحديث.


أخيراً


فإن الكتاب يحتاج إلى جهد غير عادي من قارئه، وخاصة ممن ليس له سابق عهد في قراءة كتب مالك رحمه الله. ومنشأ هذا أمران:

أحدهما: أن لغة مالك غير مألوفة للقارئ العادي، ولا تخلو من بعض الصعوبة.

ثانيهما: أن مالكاً لا يكتب بالعربية، وإنما يكتب بالفرنسية، ثم يُترجم المترجمون ما يكتب من أفكار. ولا شك أن الترجمة تشوش فكرة الكاتب أحياناً، وربما تفسدها، أو على الأقل لا تعبر تماماً عما يريد كاتب الأصل قوله .

الكتاب صدرت طبعته الأولى بالفرنسية 1946، وصدرت طبعته العربية الأولى 1958، وقام بترجمته عبد الصبور شاهين . وصدرت طبعته العربية الثانية 1961. وصدرت له منذ عهد غير بعيد طبعة جديدة عن دار الفكر بدمشق. وتزيد صفحات الكتاب على الثلاثمائة صفحة










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-08, 12:18   رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
مبْدِعَـﮧْ حَتَّى فِي ـأَخْطَآْئِي
عضو ماسي
 
الصورة الرمزية مبْدِعَـﮧْ حَتَّى فِي ـأَخْطَآْئِي
 

 

 
الأوسمة
وسام الوفاء 
إحصائية العضو










Icon24

السَّلَـآمُ ع ـلَيْكُم ~

بَـآأاإرَك الرَّحْمن فِيـكُـم وَ زَآاإأد

تَحِ ـيَّآتِي

،










رد مع اقتباس
قديم 2011-11-09, 21:06   رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
الأمير
مُؤسِّس الموقع
 
الصورة الرمزية الأمير
 

 

 
الأوسمة
وسام الامير المميز المدير المثالي 
إحصائية العضو










افتراضي

بارك الله فيكم جميعاً على التدخل و إثراء الموضوع....

و بهذا الصدد سيكون لنا وقفات بحول الله تعالى مع أفذاذ هذا الثغر الإسلامي، نعرج على مؤلفاتهم و ننفض الغبار عن الكنوز التي أريد لها أن تظل تحت أديم الأرض ليستفيد بها غيرنا.... و ماتهميشنا لعلماء ومشائخ بلدنا الحبيب بأبعد منا

الكلمة الحكمة ضالة المؤمن حيث وجدها فهو أحق بها










رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدلالية (Tags)
مالك, المعاصرة, الجزائر, الإسلامية, والزينة


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

الساعة الآن 19:33

المشاركات المنشورة تعبر عن وجهة نظر صاحبها فقط، ولا تُعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر إدارة المنتدى
المنتدى غير مسؤول عن أي إتفاق تجاري بين الأعضاء... فعلى الجميع تحمّل المسؤولية


2006-2024 © www.djelfa.info جميع الحقوق محفوظة - الجلفة إنفو (خ. ب. س)

Powered by vBulletin .Copyright آ© 2018 vBulletin Solutions, Inc