ليلة تاريخية في الجزائر إثر فوز كروي ثمين قرّب الفريق القومي من المونديال

[المعزلدين الله]

ليلة تاريخية في الجزائر إثر فوز كروي ثمين قرّب الفريق القومي من المونديال





الجزائر ـ القدس العربي ـ من كمال زايت ـ عاشت الجزائر ليلة استثنائية كانت بألوان المنتخب القومي لكرة القدم الذي حقق فوزا ثمينا على نظيره الزامبي برسم التصفيات المؤهلة لكأسي العالم وإفريقيا، فـ"الخضر" أضحوا على مقربة من التأهل للمونديال والفرحة كانت عارمة بكل شوارع وأحياء المدن الجزائرية حتى الخيوط الأولى من الفجر.

بمجرد أن أعلن الحكم الموريسي نهاية المباراة التي جمعت المنتخب الجزائري بنظيره الزامبي، بدأت الاحتفالات بهذا الفوز الثمين والصعب في آن واحد، فالترقب ظل قائما حتى الثانية الأخيرة من عمر المباراة، وكم كانت الدقائق الأخيرة صعبة على الجزائريين سواء الذين تنقلوا إلى الملعب أو الذين تابعوا المباراة عبر شاشات التلفزيون.

الشوارع التي كانت مقفرة وقت المباراة عجزت بعد ذلك عن استقبال الأمواج البشرية التي انفجرت فرحا وسعادة بالفوز الذي يعزز حظوظ المنتخب الوطني في التأهل لنهائيات كأس العالم، والذي يعقد في المقابل أوضاع المنتخب المصري الذي تبخرت فرحته بالفوز على رواندا، وخاب أمله في تعثر أشبال المدرب رابح سعدان الذي كان أسعد رجل في الجزائر الليلة قبل الماضية.

وقد تسبب العدد الكبير من السيارات التي خرجت إلى الشوارع في طوابير لا تنتهي وفي انسداد معظم الطرق، الأمر الذي جعل الشرطة التي تحسبت لهذا الأمر تطبق مخططا يقضي بغلق وإعادة فتح مداخل ومخارج العاصمة بطريقة مدروسة ومحسوبة، بشكل يسمح بإبعاد الأنصار إلى خارج قلب العاصمة.

الفرحة كانت عارمة والجزائريون خرجوا بكثرة رجالا ونساء وشيوخا وأطفال، فنشوة الفوز وحدتهم وجعلتهم يتناسون مشاكلهم اليومية وفي مقدمتها غلاء الأسعار وتدهور القدرة الشرائية التي تجلت أكثر في شهر رمضان، ومشاهد الفرحة التي عاشتها الجزائر أمس قلما شوهدت مثلها منذ الاستقلال.

وقد رفع الأنصار عدة شعارات في مقدمتها الشعار الشهير "وان، تو، ثري، فيفا لالجيري"، الذي يذكر بأمجاد المنتخب الوطني في كأس العالم بأسبانيا عام 1982، والفوز التاريخي على ألمانيا. كما رفعوا شعارات أخرى مثل "الجيش والشعب.. معك يا سعدان"، إضافة إلى شعار "عرس في الجزائر وجنازة في القاهرة".
المواطنون الذين تحدث إليهم عبروا عن فرحتهم بالانتصار، مؤكدين على أن هذا الفريق الوطني يمثل الاستفاقة التي كانت الكرة الجزائرية تنتظرها منذ عام 1986 تاريخ آخر مشاركة في نهائيات كأس العالم.

كما قالوا بأن التنافس مع المنتخب المصري سيبقى إلى آخر لحظة، وإن كانوا شبه متأكدين أن تأشيرة التأهل لمونديال جوهانسبورغ ستكون من نصيب "الخضر" الذين صنعوا فرحة الملايين، مع تمنياتهم للفراعنة بتجريب حظهم في تصفيات "مونديال 2014".

الجزائر ـ زامبيا لم تكن مجرد مباراة كرة قدم، لأن السياسة كانت على الخط، ووزير الشباب والرياضة الهاشمي جيار حضر المباراة ولم يستطع البقاء جالسا خلال الدقائق الأخيرة، وكان يقفز فرحا مثل الطفل الصغير بمجرد الإعلان عن صافرة النهاية، لأنه كان يعلم بأن مصيره ومصير حكومته وربما مصير نظام حكم معلق بهذه المباراة.

هذا الوزير سيكون بالتأكيد محل حسد وغيرة من زملائه، لأنه الوحيد الذي سيدخل جلسات الاستماع أو المحاسبة مع الرئيس بوتفليقة ورأسه مرفوع، بدليل أنه وعد مباشرة بعد انتهاء المقابلة أن وزارته ستخصص إمكانيات أكبر في المستقبل للفريق الوطني، حتى يواصل مشواره في تصفيات ونهائيات كأسي إفريقيا والعالم إن كتب له التأهل.

المنتخب الجزائري بدأ يثير الاهتمام، وبدأت كبرى الشركات الأجنبية تعرض تمويله، وفي مقدمتها شركة "بوما" العالمية للألبسة والعتاد الرياضي التي وقعت عقدا مع الاتحاد الجزائري قيمته 1.1 مليون يورو، ليتخلص الخضر علامة "لوكوك سبورتيف" الفرنسية التي لم يعد أي من الأندية أو الفرق الكبيرة ترتدي ملابسها، إضافة إلى عشرات العقود التي تم التوقيع عليها مع شركات محلية.

ورغم نشوة الفرحة إلا أن أعصاب الجزائريين ستظل مشدودة إلى آخر لحظة، في انتظار المباراة القادمة أمام رواندا، التي تبدو سهلة نسبيا، نظرا لأن المنتخب الرواندي هو الحلقة الأضعف في هذه المجموعة، ولا يزال يقبع في ذيل الترتيب بنقطة واحدة، قبل المواجهة الأخيرة في مصر بين المنتخبين الجزائري والمصري، إذ يستعد آلاف الجزائريين للسفر والاحتفال بالتأهل في المحروسة.