قال محمود شاكر رحمه الله:
" إن العار أن يقضي الشاب من أول نشأته إلى آخر خروجه من دراسته -أعوامًا طوالًا يدرس في أثنائها تاريخ نابليون وأمته، وفلانًا وفلانًا من أفذاذ الأمم الغربية، وهو لا يعرف من ماضي أمته العربية إلَّا نتفًا تذهب مع الأيام. هذا الماضي الذي يصوره الذين يتعرضون للتاريخ من مستشرقين يقولون غير ما يعلمون أو يقولون فيما لا يعلمون، أو عربٍ قد فسدت قلوبهم على تاريخهم فهم يستقيدون لآراء عن تاريخهم كلها بهتانٌ وتدليس. هذا الماضي الذي يصورون في صورة مسخٍ تاريخى هائل قد خرج على الدنيا كما يخرج الوباء ثم انقشع عنها فأعقبها صحة وعافية أو كما يقولون! !
إلَّا أن الضلالات التي أحاطت بالتاريخ العربي والإسلامي لهي من أسوإ الضلالات وأشدها وأعصاها على العلاج. فإذا لم يتنبه العرب والمسلمون إلى تاريخهم تنبه المريد إلى ما يريد انماثوا في الأمم ذات الهمم كما ينماث الملح في الماء وأضحوْا بددًا لا يجتمع لهم شمل ولا يؤول آخرهم إلى مجد أول يلوذ به أو يستعصم."
جمهرة مقالاته ص700
بترقيم الشاملة الحديثة
موافق للمطبوع