لا يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِن جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّهُ قَالَ: « لاَ يُلْدَغُ الْمُؤْمِنُ مِنْ جُحْرٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ » (1).
شرح المفردات(2):
(اللَّدْغ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَة وَالْغَيْن الْمُعْجَمَة مَا يَكُون مِنْ ذَوَات السَّمُوم ، وَاللَّذْع بِالذَّالِ الْمُعْجَمَة وَالْعَيْن الْمُهْمَلَة مَا يَكُون مِنْ النَّار. قَالَ الْخَطَّابِيُّ: قَوْله : ( لَا يُلْدَغ ) هَذَا لَفْظه خَبَر وَمَعْنَاهُ أَمْر ، أَيْ لِيَكُنْ الْمُؤْمِن حَازِمًا حَذِرًا لَا يُؤْتَى مِنْ نَاحِيَة الْغَفْلَة فَيُخْدَع مَرَّة بَعْد أُخْرَى ، وَقَدْ يَكُون ذَلِكَ فِي أَمْر الدِّين كَمَا يَكُون فِي أَمْر الدُّنْيَا وَهُوَ أَوْلَاهُمَا بِالْحَذَرِ.
من فوائد الحديث(3):
1- قَالَ النووي : سَبَب الْحَدِيث أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسَرَ أَبَا عَزَّة الشَّاعِر يَوْم بَدْر ، فَمَنَّ عَلَيْهِ ، وَعَاهَدَهُ أَلَّا يُحَرِّض عَلَيْهِ وَلَا يَهْجُوهُ ، وَأَطْلَقَهُ فَلَحِقَ بِقَوْمِهِ ، ثُمَّ رَجَعَ إِلَى التَّحْرِيض وَالْهِجَاء ، ثُمَّ أَسَرَهُ يَوْم أُحُد ، فَسَأَلَهُ الْمَنّ ، فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمُؤْمِن لَا يُلْدَغ مِنْ جُحْر مَرَّتَيْنِ "وأمر به فقتل.(4)
2- أَنَّهُ يَنْبَغِي لِمَنْ نَالَهُ الضَّرَر مِنْ جِهَة أَنْ يَتَجَنَّبهَا لِئَلَّا يَقَعَ فِيهَا ثَانِيَة.
3- على المؤمن أن يكون حذراً في أموره، فلا يمكن أحداً أن يخدعه مرتين؛ فإذا خدعه إنسان مرة وأوقعه في أمر يسوؤه فعليه أن يحذر منه حتى لا يخدعه مرة أخرى، ويدخل في ذلك ما فيه ضرر ديني و ما فيه ضرر دنيوي.
(1) رواه البخاري برقم 83، ومسلم برقم 7690.
(2) فتح الباري لابن حجر (17 / 320).
(3) ينظر: المرجع السابق.
(4) ينظر: المرجع السابق، و شرح النووي على مسلم - (9 / 381).